Thursday, September 12, 2019

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة السابعة عشر .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة السابعة عشر .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة السابعة عشر .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي لجامعها عبدالله المسافر بالله

12 - The Wisdom of the Heart in the Word of Shu'aib 

الفقرة السابعة عشر :
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134هـ:
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  وأما أصحاب النظر وأرباب الفكر من القدماء والمتكلمين في كلامهم في النفس وماهيتها، فما منهم من عثر على حقيقتها، ولا يعطيها النظر الفكري أبدا.
فمن طلب العلم بها من طريق النظر الفكري فقد استسمن ذا ورم ونفخ في غير ضرم.
لا جرم أنهم من «الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا».
فمن طلب الأمر من غير طريقه فما ظفر بتحقيقه، وما أحسن ما قال الله تعالى في حق العالم وتبدله مع الأنفاس.
«في خلق جديد» في عين واحدة، فقال في حق طائفة، بل أكثر العالم، «بل هم في لبس من خلق جديد». فلا يعرفون تجديد الأمر مع الأنفاس.
لكن قد عثرت عليه الأشاعرة في بعض الموجودات وهي الأعراض، وعثرت عليه الحسبانية  في العالم كله. وجهلهم أهل النظر بأجمعهم.
ولكن أخطأ الفريقان: أما خطأ الحسبانية فبكونهم ما عثروا مع قولهم بالتبدل في العالم بأسره على أحدية عين الجوهر الذي قبل هذه الصورة ولا يوجد إلا بها كما لا تعقل إلا به. فلو قالوا بذلك فازوا بدرجة التحقيق في الأمر. (
 
قال رضي الله عنه : ( وأما أصحاب النظر وأرباب الفكر من القدماء والمتكلمين في كلامهم في النفس وماهيتها، فما منهم من عثر على حقيقتها، ولا يعطيها النظر الفكري أبدا. فمن طلب العلم بها من طريق النظر الفكري فقد استسمن ذا ورم ونفخ في غير ضرم. لا جرم أنهم من «الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا». فمن طلب الأمر من غير طريقه فما ظفر بتحقيقه، وما أحسن ما قال الله تعالى في حق العالم وتبدله مع الأنفاس. «في خلق جديد» في عين واحدة، فقال في حق طائفة، بل أكثر العالم، «بل هم في لبس من خلق جديد». فلا يعرفون تجديد الأمر مع الأنفاس. لكن قد عثرت عليه الأشاعرة في بعض الموجودات وهي الأعراض، وعثرت عليه الحسبانية في العالم كله. وجهلهم أهل النظر بأجمعهم. ولكن أخطأ الفريقان: أما خطأ الحسبانية فبكونهم ما عثروا مع قولهم بالتبدل في العالم بأسره على أحدية عين الجوهر الذي قبل هذه الصورة ولا يوجد إلا بها كما لا تعقل إلا به. فلو قالوا بذلك فازوا بدرجة التحقيق في الأمر. )

(وأما أصحاب النظر) العقلي (وارباب الفكر من) الفلاسفة (القدماء المتكلمين)، أي علماء الكلام (في كلامهم)، أي بحثهم (في النفس) الناطقة الإنسانية (و) بیان (ماهيتها فما منهم من)، أي أحد (عثر)، أي اطلع (على حقيقتها)، أي النفس (ولا يعطيها)، أي حقيقة النفس (النظر الفكري أبدا)، إلا بطريق الحدس والتخمين والظن والتوهم.
ولهذا اختلف الخائضون في ذلك على نحو ألف، قول و قال جدنا ابن جماعة رحمه الله تعالى : وليس فيها قول صحيح بل هي قياسات وتخيلات عقلية (فمن طلب العلم بها)، أي بالنفس الناطقة (من طريق النظر الفكري) كما هو شأن حكماء الفلاسفة والمتكلمين وغيرهم (فقد استسمن ذا)، أي صاحب (ورم)، أي ظنه سمينة وحسب ورمه سمنة (ونفخ في غير ضرم)، أي نار موقدة، وهذا مثل مشهور يضرب لمن يطلب الشيء من غير موضعه.
(لا جرم)، أي قطعة (أنهم)، أي هؤلاء الطالبين معرفة النفس من نظرهم الفكري (من) جملة القوم ("الذين ضل")، أي خسر ("سعيهم")، أي طلبهم للمعرفة النفسانية الموصلة إلى المعرفة الربانية المترتب عليها سعادة الدارين والنجاة الأبدية
("في الحياة الدنيا")، فخرجوا من الدنيا ولم يظفروا من مطلوبهم بطائل، ولا حصل الهم من المقصود المهم حاصل ("وهم يحسبون")، أي يظنون ("أنهم يحسنون صنعا")، لأنهم خالفوا طريق الأنبياء عليهم السلام بالنظر بنور الإيمان والتأدب في العلم والعمل بآداب الإسلام والإذعان.
والمسلمون منهم خاضوا في معاني الكتاب والسنة بأنظارهم العقلية وأفكارهم الوهمية، وجعلوا الحق الواحد مذاهب كثيرة ، وقد خطأ بعضهم بعضا .
(فمن طلب الأمر من غير طريقه) كمن يطلب معرفة النفس الناطقة من طريق النظر العقلي (فما ظفر بحقيقته)، أي تحقيق ذلك الأمر، والتبس عليهم الحق المبين بملابس الأغيار من العالمين .
(وما أحسن ما قال الله) تعالى (في حق هذا العالم) الحادث (وتبدله)، أي تغيره بمحوه في كل آن وإثبات مثله كأنه هو (مع) تکرار (الأنفاس) الخارجة من أجواف جميع الحيوان والداخلة عليها (في خلق)، أي تخليق وإيجاد وتقدير من الله تعالی (جدید) غير الخلق الأول الذي كان في النفس الأول، ويكون في النفس الثاني والثالث كذلك.
وهكذا جميع ذلك (في عين واحدة ) وجودية حقيقة مطلقة تتبدل عليها تلك العوالم كلها في نفس وتمضي وتأتي غيرها، وهي لا تتبدل ولا تتغير أصلا، وهي على ما كانت عليه في الأزل.
فقال تعالى (في حق طائفة) أنكروا المعاد والمحشر واستبعدوه (بل) في حق أكثر العالم من الناس الغافلين عن أذواق العارفین ("بل هم في لبس")، أي التباس ("من خلق")، أي مخلوق أو تخلیق ("جديد") غير ما يرونه في أول ما يرون (فلا يعرفون تجديد الأمر) في نفسه (مع الأنفاس) فهو غيره في كل نفس.
(لكن قد عثرت)، أي اطلعت (عليه)، أي على هذا الخلق الجديد المتبدل مع الأنفاس (الأشاعرة) من علماء الكلام وهم جماعة أبي الحسن الأشعري من أهل السنة (في بعض الموجودات) من العالم (وهي الأعراض) جمع عرض بالتحريك وهو ما لا قيام له بنفسه عندهم، بل قيامه بالجسم والجسم عندهم خلاف العرض لأنه الذي له قيام بنفسه، يعني تحيزه ليس تابعة لتحيز شيء آخر، والعرض الذي تحيزه تابع لتحيز غيره وهو الجسم.
(و عثرت)، أي اطلعت (عليه)، أي على الخلق الجديد المذكور وتبدله مع الأنفاس الفرقة (الحسبانية)، أي المنسوبون إلى الحسبان وهو الظن والتوهم (في العالم كله) ويقال لهم: السوفسطائية فإن سوفسطا اسم للحكمة الموهومة والعلم المزخرف لأن «سوفا » معناه العلم والحكمة واسطا، معناه المزخرف والغلظ ، ومنه اشتقت السفسطة كما اشتقت الفلسفة من «فيلا سوفا»، أي محب الحكم .
وهذه الفرقة أنواع؛ منهم من ينكر حقائق الأشياء ويزعم أنها أوهام و خيالات باطلة وهم العنادية.
ومنهم من ينكر ثبوتها ويزعم أنها تابعة للاعتقادات، حتى إن اعتقدنا الشيء جوهرا فجوهرا أو عرض فعرض أو حادثا فحادث أو قديما فقديم وهم العندية ، ومنهم من ينكر العلم بثبوت شيء واللاثبوتية ويزعم أنه شال وشك في أنه شاك، وهلم جرا، وهم اللاأدرية نسبة إلى لا أدري.
(وجهلهم)، أي الحسبانية (أهل النظر) من المتكلمين والفلاسفة (بأجمعهم) حيث نفوا حقائق الأشياء ولم يعترفوا بثبوت شيء منها أصلا (ولكن أخطا الفريقان)، أي الأشاعرة والحسبانية (وأما خطأ الحسبانية فبكونهم)، أي بسبب أنهم
(ما عثروا)، أي اطلعوا (مع قولهم) الحق (بالتبدل) والتغير والتجدد (في) جميع أجزاء العالم بأسره من المحسوسات والمعقولات (على أحدية عين الجوهر) الفرد الذي هو ليس بمركب ولا متحيز ولا قائم بغيره أصلا (المعقول) من حيث دلالة الأشياء كلها عليه لضرورة صدورها عنه وقيامها به (الذي قبل الظهور في الحس والعقل بجميع هذه الصور المحسوسة والمعقولة .
(ولا يوجد) عند العقول وأفكارها (إلا بها)، أي بتلك الصور (كما لا تعقل) تلك الصور في الظاهر والباطن (إلا به)، لأنه مصدرها وقيومها .
(لو قالوا)، أي الحسبانية (بذلك)، أي بوجود عين ذلك الجوهر المذكور (فازوا بدرجة التحقيق في) معرفة (الأمر) الإلهي وشاركوا أهل الله تعالى في نيل السعادة بالمعرفة الإلهية.
ولكنهم نفوا الكل ولم يثبتوا معلوما ليثبت به مجهول، فلا سبيل إلى مناظرتهم، والجدال معهم محال، بل الطريق كما قال بعض علماء الكلام تعذيبهم بالنار ليعترفوا أو يحترقوا.

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  وأما أصحاب النظر وأرباب الفكر من القدماء والمتكلمين في كلامهم في النفس وماهيتها، فما منهم من عثر على حقيقتها، ولا يعطيها النظر الفكري أبدا.
فمن طلب العلم بها من طريق النظر الفكري فقد استسمن ذا ورم ونفخ في غير ضرم.
لا جرم أنهم من «الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا».
فمن طلب الأمر من غير طريقه فما ظفر بتحقيقه، وما أحسن ما قال الله تعالى في حق العالم وتبدله مع الأنفاس.
«في خلق جديد» في عين واحدة، فقال في حق طائفة، بل أكثر العالم، «بل هم في لبس من خلق جديد». فلا يعرفون تجديد الأمر مع الأنفاس.
لكن قد عثرت عليه الأشاعرة في بعض الموجودات وهي الأعراض، وعثرت عليه الحسبانية  في العالم كله. وجهلهم أهل النظر بأجمعهم.
ولكن أخطأ الفريقان: أما خطأ الحسبانية فبكونهم ما عثروا مع قولهم بالتبدل في العالم بأسره على أحدية عين الجوهر الذي قبل هذه الصورة ولا يوجد إلا بها كما لا تعقل إلا به. فلو قالوا بذلك فازوا بدرجة التحقيق في الأمر. (
 
قال رضي الله عنه : (وأما أصحاب النظر وأرباب الفكر من القدماء والمتكلمين في كلامهم في) معرفة (النفس وماهيتها فما منهم من عثر) أي فليس أحد منهم اطلع (على حقيقتها ولا يعطيها) أي ولا يعطي معرفة النفس لأحد .
قال رضي الله عنه : (النظر الفكري ابدا فمن طلب العلم بها) أي بماهية النفس (من طريق النظر الفكري فقد استسمن) أي طلب حصول سمان (ذا ورم ونفخ في غير ضرم) أي نفخ في غير ما يوقد به النار وهما ضرب مثل يستعمل في طلب حصول أمر من غير طريقه .
(لا جرم أنهم) أي الذين طلبوا معرفة النفس من طريق النظر كانوا (من الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون) أي يظنون (أنهم يحسنون صنعا) أي يفعلون فعلا حسنة .
(فمن طلب الأمر من غير طريقة فما ظفر بتحقيقه) أي فما وصل حقيقة ذلك الأمر وهذا كله إظهار المرتبة أهل النظر في العلم.

ولما فرغ عن بيان تقلبات القلب وأحواله شرع في تبدلات العالم لكونه نوعا من التقليب وقال: قال رضي الله عنه : (وما أحسن ما قال الله تعالى في حق العالم وتبدله مع الأنفاس في خلق جديد في عين واحدة فقال في حق طائفة بل) في حق (أكثر العالم) بفتح اللام (بل هم في لبس من خلق جديد فلا يعرفون تجديد الأمر مع الأنفاس)، وهم المحجوبون بتشابه الصور عليهم (ولكن قد عثرت عليه) أي على تجديد الخلق أو على تبدل العالم (الأشاعرة في بعض الموجودات وفي الإعراض) 
فإنهم قالوا: العرض لا يبقى زمانين (وعثرت عليه) أي على التبدل (الحسبانية) وهم السوفسطائية (في العالم كله وجهلهم) أي جهل الجسمانية من التجهيل (أهل النظر بأجمعهم) مع أنهم علموا الأمر في ذلك على ما هو عليه في نفسه
قال رضي الله عنه : (ولكن أخطأ الفريقان أما أخطاء الحسبانية فبكونهم ما عثروا مع قولهم في التبدل في العالم بأسره على أحدية عين الجوهر المعقول الذي قبل هذه الصورة ولا يوجد) ذلك الجوهر المعقول في الخارج .
(إلا بها) أي إلا بتلك الصورة (كما لا تعقل) تلك الصورة (إلا به) أي بالجوهر (فلو قالوا بذلك) أي بأحدية عين الجوهر (فازوا بدرجة التحقيق في الأمر) فإنهم حينئذ كانوا من العارفين الأمر على ما هو عليه .

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  وأما أصحاب النظر وأرباب الفكر من القدماء والمتكلمين في كلامهم في النفس وماهيتها، فما منهم من عثر على حقيقتها، ولا يعطيها النظر الفكري أبدا.
فمن طلب العلم بها من طريق النظر الفكري فقد استسمن ذا ورم ونفخ في غير ضرم.
لا جرم أنهم من «الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا».
فمن طلب الأمر من غير طريقه فما ظفر بتحقيقه، وما أحسن ما قال الله تعالى في حق العالم وتبدله مع الأنفاس.
«في خلق جديد» في عين واحدة، فقال في حق طائفة، بل أكثر العالم، «بل هم في لبس من خلق جديد». فلا يعرفون تجديد الأمر مع الأنفاس.
لكن قد عثرت عليه الأشاعرة في بعض الموجودات وهي الأعراض، وعثرت عليه الحسبانية  في العالم كله.
وجهلهم أهل النظر بأجمعهم.
ولكن أخطأ الفريقان: أما خطأ الحسبانية فبكونهم ما عثروا مع قولهم بالتبدل في العالم بأسره على أحدية عين الجوهر الذي قبل هذه الصورة ولا يوجد إلا بها كما لا تعقل إلا به. فلو قالوا بذلك فازوا بدرجة التحقيق في الأمر. (

قال رضي الله عنه : (  وأما أصحاب النظر وأرباب الفكر من القدماء والمتكلمين في كلامهم في النفس وماهيتها، فما منهم من عثر على حقيقتها، ولا يعطيها النظر الفكري أبدا.  فمن طلب العلم بها من طريق النظر الفكري فقد استسمن ذا ورم ونفخ في غير ضرم. لا جرم أنهم من «الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا». فمن طلب الأمر من غير طريقه فما ظفر بتحقيقه، وما أحسن ما قال الله تعالى في حق العالم وتبدله مع الأنفاس. «في خلق جديد» في عين واحدة، فقال في حق طائفة، بل أكثر العالم، «بل هم في لبس من خلق جديد». فلا يعرفون تجديد الأمر مع الأنفاس. لكن قد عثرت عليه الأشاعرة في بعض الموجودات وهي الأعراض، وعثرت عليه الحسبانية  في العالم كله. وجهلهم أهل النظر بأجمعهم. ولكن أخطأ الفريقان: أما خطأ الحسبانية فبكونهم ما عثروا مع قولهم بالتبدل في العالم بأسره على أحدية عين الجوهر الذي قبل هذه الصورة ولا يوجد إلا بها كما لا تعقل إلا به.  فلو قالوا بذلك فازوا بدرجة التحقيق في الأمر. (
 
إن بعض العباد ينكشف له على حكم معتقده فيها، فيتحول الظن علما، فهذا فيه تجوز، لأنه إذا اعتقد ما لا يراه يستحيل أن يكون الرؤية مثله سواء، بل لا بد من مخالفة ما حتى يبدو له من الله ما لم يكن يحتسب. 
ثم ذكر أن الترقي قد يكون للإنسان وهو لا يشعر به وهذا لا شك فيه ، بشهود الوحدانية بالتدريج وهو لا يشعر فيظن أنه لم يفتح له.
 ثم مثل شهود الكثرة في العين الواحدة بأخذ حد الهيولى في كل صورة ، صورة من صورها وهو تمثیل حسن، لكن في مدارك الأفكار.
ثم قال: فمن عرف نفسه بهذه المعرفة فقد عرف ربه، فإنه على صورته خلقه، بل هو عين هويته وصورة حقيقته ثم شرع في أن النفس ما عثر أحد من علماء الرسوم على معرفتها إلا الإلهيون من الأنبياء والصوفية خاصة. 
قال: ولا سبيل إلى معرفة النفس بطريق النظر الفكري، ثم ذكر أن الناس كل نفس يتجددون "هم في لبس من خلق جديد" [ق: 15] فهم لا يشعرون بالتجدد وهم فيه، لأنهم أوتوا به متشابها والأشباه أغيار.
قال: وما عثر أحد على تجدد الأمر كله في العالم من أرباب النظر.

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  وأما أصحاب النظر وأرباب الفكر من القدماء والمتكلمين في كلامهم في النفس وماهيتها، فما منهم من عثر على حقيقتها، ولا يعطيها النظر الفكري أبدا.
فمن طلب العلم بها من طريق النظر الفكري فقد استسمن ذا ورم ونفخ في غير ضرم.
لا جرم أنهم من «الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا».
فمن طلب الأمر من غير طريقه فما ظفر بتحقيقه، وما أحسن ما قال الله تعالى في حق العالم وتبدله مع الأنفاس.
«في خلق جديد» في عين واحدة، فقال في حق طائفة، بل أكثر العالم، «بل هم في لبس من خلق جديد». فلا يعرفون تجديد الأمر مع الأنفاس.
لكن قد عثرت عليه الأشاعرة في بعض الموجودات وهي الأعراض، وعثرت عليه الحسبانية  في العالم كله.
وجهلهم أهل النظر بأجمعهم.
ولكن أخطأ الفريقان: أما خطأ الحسبانية فبكونهم ما عثروا مع قولهم بالتبدل في العالم بأسره على أحدية عين الجوهر الذي قبل هذه الصورة ولا يوجد إلا بها كما لا تعقل إلا به. فلو قالوا بذلك فازوا بدرجة التحقيق في الأمر. (
 
قال رضي الله عنه : "وأمّا أصحاب النظر وأرباب الفكر - من القدماء والمتكلَّمين في كلامهم في النفس وماهيتها - فما منهم من عثر على حقيقتها ، ولا يعطيها النظر الفكري أبدا ، فمن طلب العلم بها من طريق النظر الفكري ، فقد استسمن ذا ورم ، ونفخ في غير ضرم ، لا جرم أنّهم من " الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ في الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً ".

قال العبد اعلم : أنّ حقيقة النفوس كلَّها من النفس الواحدة التي هي نفس الحق ، وأمّا صور النفوس فإنّها تجلَّيات نورية في النفس الرحماني ، تنفّس الحق بها عن الصور الجسمانية الطبيعية ، فإن كانت - أعني النفس - جزئية ، فهي صورة من صور النفس الكلية الواحدة الرحمانية متفرّجة في مادّة نفسية نورية رحمانية .
وإن كانت نفسا كلية من النفوس للإنسان الكامل ، فهي عين نفس الحق ظهرت في مرتبة حقيقة هذا العبد على نحو من الصورة ، ونفس الحق الإنسانية الواحدة هي التي خلقت منها النفوس كلَّها ، فقبلت في الصورة الذكورة والأنوثة من حيث حقيقتها ، الذاتيتين لها ، وهما الفعل والانفعال .
قال : " خَلَقَكُمْ من نَفْسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها وَبَثَّ مِنْهُما رِجالًا كَثِيراً وَنِساءً " فتلك النفس الواحدة - التي خلقنا منها ، ومنها خلق زوجها - هي نفس الحق التي يحذّركم منها ، وقد أمرنا أن نجعلها وقاية لربّنا في معرفتنا بها .
ونجعل الربّ وقاية لها عن كل ما يخاف ويحذر ممّا يذمّ ويحمد ، ونضيف المحامد كلَّها إلى النفس من كونها عين نفس الحق ، ونضيف المذامّ كلَّها إليها كذلك من كونها نفسا .
فإنّها ذات جهتين تقبل النسبة إلينا من كونها صور حقائقها الذاتية التي هي عينها ، فهي كثيرة لا تتناهى صور جزئيّاتها ، وكذلك تقبل النسبة إلى الحق من كونها نفس الحق الظاهرة في نفسه من مقامي قرب الفرائض والنوافل التي لها من جهتيها ، فإنّ الحق هو عين هويّتنا من كونه عين سمعنا وبصرنا ويدنا ورجلنا وسائر قوانا ، وعين نفوسنا وأعياننا ، ونحن صورة التي نقول على ألسنتنا ، فنحن لسانه الذي يقول : سمع الله لمن حمده ، فنحن من هذا الوجه عين سمعه وبصره ولسانه ، فنحن بحسبه من هذا الوجه ، ومن الوجه الآخر هو ظاهرنا كما ذكرنا .

فإذا ظهر بنا لنا ، فنحن وقايته عن الكثرة المشهودة في أحديته العينية ، إذ نحن الأعضاء والجوارح .
وإن ظهر هو في أحدية عينه ، فنحن باطنه وهو عين قوانا وأعضائنا ونفوسنا ولمّا كانت للنفس هذه السعة ، فهي من حيث توحّدها وأحديتها نفس الحق .
ومن حيث نسبها وشعبها غير المتناهية عيننا ، فمتى عرفناها بهذه السعة ، عرفناها عين الحق حقّ معرفتها .
وتحقّقنا بحقيقتها في قوله : « من عرف نفسه فقد عرف ربّه » فإنّ هذه النفس الواحدة من حيث هويتها الغيبية الواحدة هي نفس الحق ، ومن حيث أنانيّاتها وإنيّاتها الفرقانية نحن ، فإنّ لها إنّيات متعدّدة غير متناهية من حيث شخصياتها ، وهي صور نسب الهوية النفسية النفسية الرحمانية أو الأنانية كالأينية الظاهرة الطاهرة للهوية الباطنية ، والظاهر ظاهر الباطن وبالعكس .
فإن ظهرت النفس في تعيّنها بالهوية الواحدة ، استغرقتنا في هويتها الواحدة ، فكنّا باطنها مستهلكين فيها ، فنحن فيها حينئذ هي ، لا نحن .
وإن ظهرت النفس في صور إنيّاتها ، ظهرنا وكانت هي هويّتنا الباطنة ، فتحقّقت الوقاية لها من جهتها ، فعرفت واحدة كثيرة ، واحدة من حيث العين ، كثيرة من حيث الأين والبين ، والله بأحدية جمعه يقرب الأين ، ويرفع البين ، ويقرّ بذلك العين .
وأمّا تعيّنها فمن حيث أحدية الجمع النفسي الرحماني الذي به نفّس الحق عن حقائقنا العينية عن الكونه العدمية التي كنّا غيبا فيها ، وهي العدمية النسبية من حيث أعياننا ، فتنفّس الحق من قبلنا وحيثيتنا ، ومن جهة أعياننا المستهلكة نفّس بذلك النفس الرحماني عنّا من ضيق كان قائما بحقائقنا في الاستهلاك ، تحت قهر الأحدية ، فأوجد أعياننا بعين نفسه ونفس نفسه الذي رحمنا به ونفّس عنّا ، فنفوسنا من حيث الحقيقة والعين نفس الحق ، ومن حيث تعيّناتها بشخصياتها أنفاسه الرحمانية المتعيّنة في حقائقنا وأعياننا ، فظهرنا بنفس الحق في نفس الحق .
فافهم إن كنت نفسهم ، والله الملهم .
وأمّا المتفلسفة من حكماء الرسوم والأفكار ، قديما وحديثا ، فما تحقّقوا بحقيقتها ،

ولم يبلغ علمهم منها إلَّا إلى التعريف الرسمي من حيث صورتها الحجابية ، فتكلَّموا في صورها وقواها وكيفية تعلَّقها بالبدن ، وأنّها جوهر أو عرض ، وداخل البدن أو خارجه ، أو لا داخل ولا خارج ، دخولا وخروجا جسمانيّين ، فقد يصدق عليها كلّ ذلك من حيث المعنى .
فإنّ الجسم والقوى الجسمانية من كونها محالّ ظهور قوى النفس وحقائقها ومظاهرها ، فما هي خارجة عنها ، ولكن ما خاض أحد في بيان حقيقتها وإنّيتها وهويّتها وعينها وغيبها وحقيقتها وخليقتها وعبوديّتها وربوبيّتها ، وكل منهم بذل جهده وأقام قصده ، والكلّ مصيب من وجه ، مخطئ من وجه ، وإن طلبت التحقّق بها بموجب الكشف والشهود ، فعليك بشرح الغرّاء التائيّة لنا ، وهي ألف بيت نظمناها في علم الحقيقة واستقصينا فيها القول على النفس وأسرارها ، فإن ظفرت بها ظفرت بعلمها إن شاء الله تعالى .

قال رضي الله عنه : « فمن طلب الأمر من غير طريقه ، فما ظفر بتحقيقه ، وما أحسن ما قال الله تعالى في حق العالم وتبدّله مع الأنفاس في خلق جديد في عين واحدة ، فقال في حق طائفة بل أكثر العالم " بَلْ هُمْ في لَبْسٍ من خَلْقٍ جَدِيدٍ " فلا يعرفون تجديد الأمر مع الأنفاس .
لكن قد عثرت عليه الأشاعرة في بعض الموجودات وهي الأعراض ، وعثرت عليه الحسبانية في العالم كلَّه ، وجهّلهم أهل النظر أجمعين . ولكن أخطأ الفريقان :  أمّا خطأ الحسبانية فبكونهم ما عثروا مع قولهم بالتبدّل في العالم بأسره على أحدية عين الجوهر المعقول الذي قبل هذه الصورة ولا يوجد إلَّا بها كما لا تعقل إلَّا به . فلو قالوا بذلك فازوا بدرجة التحقيق في الأمر . "
قال العبد اعلم : أنّ صور العالم على ما عرّف عند الجمهور من أهل الحجاب :
بأنّه سوى الحق وغيره وهي أغيار بعضها للبعض ظاهر موجود مشهود ، والحق عندهم مغيب مفقود لا يعلم بالحقيقة والإحاطة ، وغير مشهود بما عرّفوا وعرفوا من الشهود .

وأمّا عند العارف المحقّق الكامل ، والمحنّك الفاضل ، فالحق هو الموجود المشهود بكل شهود في كل وجود ، والعالم متوهّم مفقود .
وأنّه مجموع أسامي موضوعة على كثرة متوهّمة أو متعقّلة وهي في الوجود والشهود واحدة ، فهي كثرة متوهّمة في جوهر واحد موجود مشهود .
ومع كونها متوهّمة فإنّها مضمحلَّة في أحدية العين .
وإنّما العالم جوهر واحد هو مجموع أعراض توحّدت فتجوهرت جوهرا واحدا تتراءى فيه صور لا تتناهى أبدا ، فهذه الصور - من حيث إنّها تراء وتظاهر وتمثّل - لا تحقّق لها بنفسها ، بل بجوهرها وفيه .
فهي أعراض جمعت إلى جوهر واحد وصارت جوهرا واحدا أو هي جوهر واحد لا حقيقة في الحقيقة إلَّا له ، وإذا كان العالم مجموع أعراض ، فإنّ الأعراض لا تبقى زمانين ، والجوهر المشار إليه يتبدّل فيه الأعراض ، وهو يتقلَّب فيها ، ولا يتبدّل ولا يتغيّر .
وبيان كون العالم مجموع أعراض :
أنّ العالم لا يخلو من أن يكون جوهرا ، أو عرضا ، أو مجموع جواهر وأعراض ، أو لا يكون واحدا منها ، لا جائز أن لا يكون شيئا منها ، وإلَّا فهو لا شيء ولا وجود له ، وانحصر الأمر في هذا التقسيم لانحصار الأمر بين الوجود والعدم .
ثم نقول : لا جائز أن يكون جوهرا لا عرض فيه ، لعدم وجود جوهر بلا عرض وعدم تحقّق هيولى بلا صورة .
ولأنّا نقول أيضا : إن كان الجوهر ما يقوم بذاته ولا يكون موجودا في موضوع ، بل موجودا لا في موضوع .
فالعلم إذن ليس بجوهر ، لأنّه لا قيام ولا وجود له من ذاته ، بل قيامه بوجود مستفاد من الحق ، فليس العالم ولا شيء من العالم بجوهر قائم بذاته .
وأيضا فإنّ الجوهرية أمر اعتباري في ذات الجوهر وماهيته ، ولا تحقّق للجوهرية إلَّا بالجوهر ولا تعيّن للجوهر إلَّا بالجوهرية المعقولة ، وهو كون الجوهر موجودا لا في موضوع ، وهذا أمر اعتباري ، والأمور الاعتبارية لا وجود لها إلَّا في الاعتبار والعقل أو الذهن ، والوجود أيضا على ما عرّفوا في عرفهم الخاصّ عرض ، ولا يشهد أيضا من العالم إلَّا الصور والأضواء والسطوح والأبعاد وهي أعراض ، فبطل أن يكون العالم جوهرا أو جوهرا بلا أعراض ، والحسّ والعقل يشهدان بذلك .

ولا جائز أيضا أن يكون مجموع أعراض وجواهر ، فإنّ القائم بنفسه وحقيقته لا في موضوع آخر هو الوجود الحق المطلق ، فإنّه المتحقّق بنفسه لنفسه حقيقة لا بغيره ولا في غيره ، وهو يتعالى عن أن يكون جوهر العالم أو يقوم به عرض أو جزءا من مجموع .

وإذا صحّ أنّه ليس بجوهر أو جواهر بلا أعراض ولا قائما بذاته في ذاته ولا مجموعا من جواهر وأعراض ، لزم أن يكون مجموع أعراض ، وإذا كان العالم مجموع أعراض فإنّه يتبدّل برمّته وكلَّيته في نفس ، ولأن لا ينقسم من الزمان ، ولا يشعر بذلك ، للطافة الحجاب وهو تشابه الصور والأمثال .

وأيضا فإنّ العالم ممكن الوجود على كل حال أو واجبة لا بذاته ، بل بالواجب بالذات ، وامتنع امتناع وجوده بالإجماع ، فلزم أن يكون إمّا ممكنا أو واجبا .

لا جائز أن يكون واجبا بذاته ، فإنّه الحق ، فلو كان واجبا بالواجب بذاته ، فقيامه إذا بالواجب بالذات لا بنفسه ، وإن كان ممكنا فلا وجود له إلَّا بالمرجّح ولا تحقّق له إلَّا بالوجود المستفاد من الموجد المرجّح .
فهو إذن بدون ذلك غير موجود ، بل هو معدوم في عينه ، إذ لم يكن ، فهو لعينه عدمي يطلب العدم الأصلي لعينه ، ولكنّ الموجد المرجّح يوالي ويواصل بنور الوجود وإفاضته عليه ، ويوجده مع الآنات ، فتتجدّد الصور والأعراض ، والصور والأشكال من الوجود المطلق للحق ، ولا يفيض من الحق إلَّا الحق ، فيتحقّق به ما لا تحقّق له في عينه ، فيوجد هذه الأعراض والصور في هذه العين الواحدة التي هي كالمراة لهذه الصور المترائية فيه تماثيل وتمثّلات بها.
 فلو شعر الذين شعروا بما شعروا من تبدّل المجموع وهم السوفسطائية المسمّون حسبانية ، أنّ وراء هذه التبدّلات والأبدال ، والتمثّلات والأمثال حقيقة حق لا يتبدّل عن مقتضى ذاته ، ولكن من شأنه الظهور بهذه الصور عند التجلَّي والتعيّن ، وأنّه عين الوجود الحق ، لكانوا من أهل العثور على حقيقة الأمر .
ولكنّهم شعروا بالتبدّل في مجموع العالم ، ثم لم يثبتوا فتزلزلوا ونفوا الحقيقة .
فقالوا : وإذ صحّ تبدّل العالم وتغيّره جملة وتفصيلا ، فلا حقيقة له .
فلو ثبتوا وأثبتوا الحقيقة الأحدية الثابتة القابلة لهذه الصور العرضية لا من خارج ، بل من عينه ، وأنّها لا تقدح الكثرة العرضية والتعيّن والتجدّد في حقيقة هذه العين الأحدية ، لفازوا بالحق .

 شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  وأما أصحاب النظر وأرباب الفكر من القدماء والمتكلمين في كلامهم في النفس وماهيتها، فما منهم من عثر على حقيقتها، ولا يعطيها النظر الفكري أبدا.
فمن طلب العلم بها من طريق النظر الفكري فقد استسمن ذا ورم ونفخ في غير ضرم.
لا جرم أنهم من «الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا».
فمن طلب الأمر من غير طريقه فما ظفر بتحقيقه، وما أحسن ما قال الله تعالى في حق العالم وتبدله مع الأنفاس.
«في خلق جديد» في عين واحدة، فقال في حق طائفة، بل أكثر العالم، «بل هم في لبس من خلق جديد». فلا يعرفون تجديد الأمر مع الأنفاس.
لكن قد عثرت عليه الأشاعرة في بعض الموجودات وهي الأعراض، وعثرت عليه الحسبانية  في العالم كله.
وجهلهم أهل النظر بأجمعهم.
ولكن أخطأ الفريقان: أما خطأ الحسبانية فبكونهم ما عثروا مع قولهم بالتبدل في العالم بأسره على أحدية عين الجوهر الذي قبل هذه الصورة ولا يوجد إلا بها كما لا تعقل إلا به. فلو قالوا بذلك فازوا بدرجة التحقيق في الأمر. (
 
قال رضي الله عنه : "ولهذا ما عثر أحد من العلماء على معرفة النفس وحقيقتها إلا الإلهيون من الرسل ، والأكابر من الصوفية ، وأصحاب النظر وأرباب الفكر من القدماء والمتكلمين في كلامهم في النفس وماهيتها ، فما منهم من عثر على حقيقتها ولا يعطيها النظر الفكري أبدا " لكون الفكر محجوبا بالتقييد كما ذكر
قال رضي الله عنه : " فمن طلب العلم بها من طريق النظر الفكري فقد استسمن ذا ورم ونفخ في غير ضرم ، لا جرم أنهم من الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ، فمن طلب الأمر من غير طريقه فما ظفر بتحقيقه " هذا ظاهر .
""
أضاف بالي زادة :  ( ولهذا ) أي ولأجل أن حقيقة النفس عين هوية الحق اهـ. ""

قال رضي الله عنه :" ما أحسن ما قال الله تعالى في حق العالم وتبدله مع الأنفاس في خلق جديد في عين واحدة ، فقال في حق طائفة بل أكثر العالم – " بَلْ هُمْ في لَبْسٍ من خَلْقٍ جَدِيدٍ " - فلا يعرفون تجديد الأمر على الأنفاس "
الطائفة المقول في حقهم هذا هم أهل النظر وتبدل العالم مع الأنفاس وكونه على الأنفاس في خلق جديد ، مع أن العين الواحدة التي هي حقيقة الحق بحالها هو أن العالم بمجموعه متغير أبدا ، وكل متغير يتبدل بعينه مع الآنات فيكون في كل آن متعينا غير المتعين الذي هو في الآن الآخر مع أن العين الواحدة التي يطرأ عليها هذه التغيرات بحالها ، فالعين الواحدة هي حقيقة الحق المتعينة بالتعين الأول ، ومجموع الصور أعراض طارئة مبتدأة متبدلة في كل آن وهم لا يعرفون حقيقة ذلك ، فهم في لبس من هذا التجدد الدائم في الكل ، فالحق مشهود دائما في هذه التجليات المتعاقبة ، والعالم مفقود أبدا لفنائه في كل طرفة وحدوثه في صورة أخرى .
"" أضاف بالي زادة :  ولما فرغ من بيان تقلبات القلب وأحواله شرع في تبدلات معالم لكونه نوعا من التقلب فقال ( وما أحسن ما قال الله ) اهـ بالى زادة.  ""

قال رضي الله عنه : " لكن عثرت عليه الأشاعرة في بعض الموجودات وهي الأعراض وعثرت عليه الحسبانية في العالم كله وجهلهم أهل النظر بأجمعهم ولكن أخطأ الفريقان أما خطأ الحسبانية فبكونهم ما عثروا مع قولهم بالتبدل في العالم بأسره على أحدية عين الجوهر المعقول الذي قبل هذه الصورة ولا يوجد إلا بها كما لا تعقل إلا به ، فلو قالوا بذلك فازوا بدرجة التحقيق في الأمر"
الحسبانية : السوفسطائية ، ومذهبهم أن العالم يتبدل مع الآنات ، لكنهم ما أثبتوا الحقيقة الأحدية التي هي وجه الحق بالحقيقة وهي التي تتبدل عليها صور العالم ، فغابوا عن الحق وتجلياته الغير المتناهية ، والحقيقة مع التعين الأول اللازم للعلم بذاته ، هي عين الجوهر المعقول الذي قبل هذه الصورة المسماة عالما ، وهو المسمى بالعقل الأول وأم الكتاب ، وهو روح العالم فلا يوجد العالم إلا به ، وتأنيث الضمير وتذكيره في بها وبه باعتبار العين والجوهر .

"" أضاف بالي زادة :  أي على تجديد الخلق وتبدل العالم الأشاعرة ، فإنهم قالوا : العرض لا يبقى زمانين ، وجهلهم أهل النظر من التجهيل : أي الحسبانية مع أنهم علموا الأمر في ذلك على ما هو عليه اهـ بالى . فخطأ الحسبانية في أمر واحد والأشاعرة في أمرين اهـ بالى زادة . ""

وبالحقيقة هي المرآة الأولى التي ظهر وجه الحق فيها ، ولولا ذات الحق لما وجدت ، ولكن لما كان هذا الجوهر معقولا غير مشهود إلا لمن غيبه شهادة ، كان الحق مشهودا في العالم وهو كالمرآة الثانية في التحقيق والمرآة الأولى بالنسبة إلى أهل البصر .
 كما أن روحه هي المرآة الأولى لأهل البصيرة ، وكما لا توجد صور العالم إلا بذلك الجوهر فكذلك لا يعقل إلا به لأنه العاقل والمعقول .
فلو عرفت الحسبانية تلك الحقيقة لفازوا بدرجة التحقيق في معرفته وأما الأشاعرة فلم يعرفوا حقيقة العالم ، وأن العالم ليس إلا مجموع هذه الصور التي يسمونها أعراضا ، وأثبتوا جواهر ليست بشيء ولا وجود لها ، وغفلوا عن العين الواحدة الظاهرة في هذه الصور وحقيقتها التي هي هوية الحق ، فذهبوا إلى تبدل الأعراض في الآنات ، فظهر خطأ الفريقين من أهل هذا الشأن .

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  وأما أصحاب النظر وأرباب الفكر من القدماء والمتكلمين في كلامهم في النفس وماهيتها، فما منهم من عثر على حقيقتها، ولا يعطيها النظر الفكري أبدا.
فمن طلب العلم بها من طريق النظر الفكري فقد استسمن ذا ورم ونفخ في غير ضرم.
لا جرم أنهم من «الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا».
فمن طلب الأمر من غير طريقه فما ظفر بتحقيقه، وما أحسن ما قال الله تعالى في حق العالم وتبدله مع الأنفاس.
«في خلق جديد» في عين واحدة، فقال في حق طائفة، بل أكثر العالم، «بل هم في لبس من خلق جديد». فلا يعرفون تجديد الأمر مع الأنفاس.
لكن قد عثرت عليه الأشاعرة في بعض الموجودات وهي الأعراض، وعثرت عليه الحسبانية  في العالم كله.  وجهلهم أهل النظر بأجمعهم.
ولكن أخطأ الفريقان: أما خطأ الحسبانية فبكونهم ما عثروا مع قولهم بالتبدل في العالم بأسره على أحدية عين الجوهر الذي قبل هذه الصورة ولا يوجد إلا بها كما لا تعقل إلا به.  فلو قالوا بذلك فازوا بدرجة التحقيق في الأمر. (
 
قال رضي الله عنه :  (وأما أصحاب النظر وأرباب الفكر من القدماء والمتكلمين في كلامهم في النفس وماهيتها ، فما منهم من عثر على حقيقتها ، ولا يعطيها النظر الفكري أبدا . )
لما بينا من أنه جسماني منغمس في الظلمات ، عاجز عن رفع الوهم والشبهات .
( فمن طلب العلم بها ) أي ، بماهية النفس وحقيقتها . ( من طريق النظر الفكري ، فقد استسمن ذا ورم ونفخ في غير ضرم . ) ( الضرم ) ما به يوقد النار .

قال رضي الله عنه : (لا جرم أنهم من "الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا " . فمن طلب الأمر من غير طريقه ، فما ظفر بتحقيقه . ) كله ظاهر .

قال رضي الله عنه : (وما أحسن ما قال الله في حق العالم وتبدله من الأنفاس في خلق جديد في عين واحدة . فقال في حق طائفة ، بل أكثر أهل العالم : "بل هم في لبس من خلق جديد "
.
فلا يعرفون تجديد الأمر مع الأنفاس . )
لما كان كلامه رضي الله عنه  في الحكمة القلبية وبيان تقلبات القلب في عوالمه ، وكان العالم أيضا لا يزال متقلبا في الصور ، ذكر أنه في كل آن ونفس يتبدل صورة على العين الواحدة التي هي الجوهر ، واستشهد بقوله تعالى : " بل هم في لبس من خلق جديد ".
ولما كان هذا التبديل نوعا من أنواع القيامة - كما مر بيانه في المقدمات - وأهل النظر لم يشعروا بهذا ، جعلهم بمثابة المنكرين بقوله : ( فقال في حق طائفة ) وهم أهل النظر . ثم عم بقوله : ( بل أكثر العالم ) . أي ، قال في حق أكثر العالم ، وهم المحجوبون كلهم . وما التبس عليهم ذلك إلا بمشابهة الصور .

قال رضي الله عنه : ( لكن قد عثرت عليه الأشاعرة في بعض الموجودات وهي الأعراض . ) لأنهم ذهبوا أن العرض لا يبقى زمانين . 
قال رضي الله عنه :  (وعثرت عليه (الحسبانية) في العالم كله . وجهلهم أهل النظر بأجمعهم.)
( الحسبانية )
هم المسماة عند أهل النظر ب‍ ( السوفسطائية )

قال رضي الله عنه : (ولكن أخطأ الفريقان : أما خطأ الحسبانية فبكونهم ما عثروا مع قولهم بالتبدل في العالم بأسره على أحدية عين الجوهر المعقول الذي قبل هذه الصور ولا يوجد إلا بها.) أي ، ولا يوجد ذلك الجوهر في الخارج إلا بتلك الصور .
( كما لا تعقل إلا به ) أي ، كما لا تعقل تلك الصورة إلا بالجوهر ، يعنى ، كما لا يعقل كل واحد من الموجودات عند التعريف إلا بالجوهر .
( فلو قالوا بذلك ) أي ، بأن الجوهر شئ واحد يطرأ عليه صور العالم كله ، فتصير موجودات متعينة متكثرة .
وذلك الجوهر هو عين الحق الذي بتجليه حصل العالم . ( فازوا بدرجة التحقيق في الأمر ) لأنهم حينئذ كانوا عارفين بالأمر على ما هو عليه .

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ
:
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  وأما أصحاب النظر وأرباب الفكر من القدماء والمتكلمين في كلامهم في النفس وماهيتها، فما منهم من عثر على حقيقتها، ولا يعطيها النظر الفكري أبدا.
فمن طلب العلم بها من طريق النظر الفكري فقد استسمن ذا ورم ونفخ في غير ضرم.
لا جرم أنهم من «الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا».
فمن طلب الأمر من غير طريقه فما ظفر بتحقيقه، وما أحسن ما قال الله تعالى في حق العالم وتبدله مع الأنفاس.
«في خلق جديد» في عين واحدة، فقال في حق طائفة، بل أكثر العالم، «بل هم في لبس من خلق جديد». فلا يعرفون تجديد الأمر مع الأنفاس.
لكن قد عثرت عليه الأشاعرة في بعض الموجودات وهي الأعراض، وعثرت عليه الحسبانية  في العالم كله. وجهلهم أهل النظر بأجمعهم.
ولكن أخطأ الفريقان: أما خطأ الحسبانية فبكونهم ما عثروا مع قولهم بالتبدل في العالم بأسره على أحدية عين الجوهر الذي قبل هذه الصورة ولا يوجد إلا بها كما لا تعقل إلا به. فلو قالوا بذلك فازوا بدرجة التحقيق في الأمر. (
 
قال رضي الله عنه : (وأما أصحاب النظر وأرباب الفكر من القدماء والمتكلمين في كلامهم في النفس وماهيتها، فما منهم من عثر على حقيقتها، ولا يعطيها النظر الفكري أبدا.) 
وأما أصحاب النظر في المعقولات المحضة، (وأرباب الفكر) الجامعين بين المعقولات والأدلة النقلية (من القدماء) أي: الفلاسفة القابلين بتنزيه الحق والنفس، المانعين من تصورهما بصورة، (والمتكلمين) القابلين بجسميتها من ظواهر النصوص.
فهم في كلامهم في حد (النفس) وحقيقتها (فما منهم من عثر على حقيقتها) الجامعة، كيف (ولا يعطيه النظر الفكري) لمنعه من الجمع بين المتقابلين (أبدا)، حتى منعوا في المجردات التصور بصورة لاختصاصها عندهم بالماديات.

قال رضي الله عنه : (فمن طلب العلم بها من طريق النظر الفكري فقد استسمن ذا ورم ونفخ في غير ضرم. لا جرم أنهم من «الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا». فمن طلب الأمر من غير طريقه فما ظفر بتحقيقه، وما أحسن ما قال الله تعالى في حق العالم وتبدله مع الأنفاس. «في خلق جديد» في عين واحدة، فقال في حق طائفة، بل أكثر العالم، «بل هم في لبس من خلق جديد». فلا يعرفون تجديد الأمر مع الأنفاس. لكن قد عثرت عليه الأشاعرة في بعض الموجودات وهي الأعراض، وعثرت عليه الحسبانية  في العالم كله. وجهلهم أهل النظر بأجمعهم. ولكن أخطأ الفريقان: أما خطأ الحسبانية فبكونهم ما عثروا مع قولهم بالتبدل في العالم بأسره على أحدية عين الجوهر الذي قبل هذه الصورة ولا يوجد إلا بها كما لا تعقل إلا به. فلو قالوا بذلك فازوا بدرجة التحقيق في الأمر.)

قال رضي الله عنه : (فمن طلب العلم بها) أي: بحقيقة النفس (من طريق النظر الفكري، فقد) غلط غلطا شبيها بالصواب كمن (استسمن ذا ورم) إذ الدليل العقلي، وإن استوعب التقسيمات فلا يخلوا عن نقص أو مناقضة أو معارضة غالبا أي: أورام ويظن أنها سمن؛ بل أفحش منه وهو كمن (نفخ في غير ضرم)، إذ يظن أنه بتدقيق النظر يحصل اليقين وترتفع الشبهات، ولا يحصل ولا ترتفع إلا بنور البصيرة التي هي بمنزلة النار في المصباح، (لا جرم أنهم من "من الذين ضل سعيهم")  [الكهف:14] .
في ترتيب المقدمات، وتكثيرها، وتحريرها، وتقرير الشبهات وحلها في الحياة الدنيا قبل الوصول إلى كشف الغطاء، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا بتحرير المقدمات وتکثيرها، وإيراد الشبهات ورفعها، وتدقيق النظر في ذلك، نعم إنما يقع ذلك فيما يدرك بالعقل، ولا يتوقف على الكشف.
قال رضي الله عنه : (فمن طلب الأمر من غير طريقه) كطلب الألوان باللمس، ولذة الجماع بالقياس على لذة السكر (فما ظفر بتحقيقه)، ولا طريق إلى معرفة النفس سوى الكشف.
لقوله تعالى: "وما أوتيتم من العلم إلا قليلا" [الإسراء: 85]، عقيب السؤال عن الروح وكأنه
أراد العلم الحاصل عن النظر، فإن اليقين فيه قليل؛ فافهم، فإنه مزلة للقدم.
ثم أشار إلى أن تبدل الصور لا يختص بالرب والنفس وسائر المحردات؛ بل يعم الأجسام والأعراض، فقال: (وما أحسن ما قال الله تعالى في حق) جميع (العالم) الذي يرى أجسامه، و بعض أعراضها مستقرة، والكل في تبدله مع (تبدله مع الأنفاس) أي: الآيات فتكون كل صورة من صوره ("لفي خلق جديد") مع كونه (في عين واحدة).
 كما يقال : زيد شابا هو زيد طفلا وشيكا، ولونه اليوم هو لونه أمس وغدا، (فقال: في حق طائفة) بالقصد الأول وهم منكرو البعث.
من أجل أن الأمر الجديد كيف يكون عين ما فني (بل أكثر العالم) بطريق الإشارة؛ لقولهم: تبقى الأجسام وبعض الأعراض .
قال رضي الله عنه : ("بل هم في لبس من خلق جديد" [ق:15]، فلا يعرفون تجديد الأمر) أي: فيض الوجود عليها (مع الأنفاس) إذ الأصل في الممکنات العدم، فلو انقطع عنها الفيض لحظة؛ عادت إلى أصلها؛ لكن التبس عليهم الأمر لعدم تخلل زمان العدم بين الفيضين فلم يغيروا عليه.
(ولكن قد عثرت عليه الأشاعرة) أصحاب أبي الحسن الأشعري أول من قرر دلائل السنة بعد غلبة البدعة (في بعض الموجودات، وهي الأعراض)، فمنعوا بقائها زمانين، وجعلوا بقاء ما يتوهم بقاؤه بتجدد الأمثال.
قال رضي الله عنه : (وعثرت عليه الحسبانية) أي: السفسطائية (في العالم كله)، حيث جعلوا لكل صورا خیالية، فكأنها عندهم أعراض قائمة بالخيال.
فلو قالوا: بتبدل الأعراض لزمهم القول بتبدل الكل، (وجهلهم أصحاب النظر بأجمعهم) لإنكارهم ما يجزم القول العقل بثبوته من الضروريات والمحسوسات، ولا يتشكك فيها بالتشکیکات.
قال رضي الله عنه : (ولكن أخطأ الفريقان: أما خطأ الحسبانية) قدمهم في الخطأ وآخرهم في الإصابة (فبكونهم ما عثروا مع قولهم بالتبدل) أي: مع ما لزمهم من القول بتبدل الصور (في العالم بأسره على أحدية عين الجوهر الذي قبل هذه الصور) المعقولة أي: المتخيلة، وجعلهم إياها قائمة بالخيال لا يفيدهم.
إذ (لا يوجد) تلك الصور الخيالية، وذلك الخيال الذي وهموا قيامهما به (إلا بها) أي: بتلك العين الواحدة.
لأن الكل ممكن لا وجود له في نفسه، وإنما هو من إشراق نور الوجود الحق عليه، (كما لا تعقل) العين الواحدة (إلا به) أي: بالعالم إذ لا بد أولا من الاستدلال بالعالم عليه كما مر.
فلو قالوا أي: الحسبانية (بذلك) أي: بكون الكل صورا خيالية قائمة بالعين الواحدة (فازوا بدرجة التحقيق)، إذ هو مذهب الصوفية بعينه، ولا يلزمهم إنكار ما يجزم العقل بثبوته بالضرورة؛ لأنهم يقولون بثبوتها، لكن لا بأنفسها بل بالعين الواحدة.
ولا يتأتى ذلك للحسبانية فغرقوا في هوة الضلال بإنكارهم العين الواحدة فصاروا أخس الطوائف وأجهلهم.

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  وأما أصحاب النظر وأرباب الفكر من القدماء والمتكلمين في كلامهم في النفس وماهيتها، فما منهم من عثر على حقيقتها، ولا يعطيها النظر الفكري أبدا.
فمن طلب العلم بها من طريق النظر الفكري فقد استسمن ذا ورم ونفخ في غير ضرم.
لا جرم أنهم من «الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا».
فمن طلب الأمر من غير طريقه فما ظفر بتحقيقه، وما أحسن ما قال الله تعالى في حق العالم وتبدله مع الأنفاس.
«في خلق جديد» في عين واحدة، فقال في حق طائفة، بل أكثر العالم، «بل هم في لبس من خلق جديد». فلا يعرفون تجديد الأمر مع الأنفاس.
لكن قد عثرت عليه الأشاعرة في بعض الموجودات وهي الأعراض، وعثرت عليه الحسبانية  في العالم كله. وجهلهم أهل النظر بأجمعهم.
ولكن أخطأ الفريقان: أما خطأ الحسبانية فبكونهم ما عثروا مع قولهم بالتبدل في العالم بأسره على أحدية عين الجوهر الذي قبل هذه الصورة ولا يوجد إلا بها كما لا تعقل إلا به. فلو قالوا بذلك فازوا بدرجة التحقيق في الأمر. (
 
قال رضي الله عنه :  (وأمّا أصحاب النظر وأرباب الفكر من القدماء والمتكلَّمين في كلامهم في النفس وماهيّتها ، فما منهم من عثر على حقيقتها ) فإنّ الحقائق لا يمكن أن يوصل إليها بطريقهم ذلك ( ولا يعطيها النظر الفكري أبدا ) .

قال رضي الله عنه :  ( فمن طلب العلم بها من طريق النظر الفكري فقد استسمن ذا ورم ) وذلك حيث أخذ الحاصل من النظر - يعني التفصيل الانبساطي الذي يزول سريعا بأدنى شبهة - بمنزلة الانشراح العلمي والانبساط الذوقي ، الزائد أبدا بازدياد الأغذية الروحانيّة الذوقيّة .
( ونفخ في غير ضرم) وذلك حيث يتوجّه إلى استحصال الحقائق العلميّة واستنتاج اللطائف الذوقيّة من العلوم الحاصلة من النظر مما يشبه اليقين ، فإنّ ذلك التوجّه مما لا يفيد من اليقين شيئا ، ولا يحصل علما ولا نورا ، فإنّه إنّما يقول لسان الاستعداد الفطري له .
ما قاله ابن الفارض :
أتيت بيوتا لم تنل من ظهورها  ..... وأبوابها عن قرع مثلك سدّت 
قال رضي الله عنه :  ( لا جرم أنّهم من الذين " ضَلَّ سَعْيُهُمْ في الْحَياةِ الدُّنْيا "  ) التي هي مادّة الحياة الحقيقيّة الأبديّة ، وتحصيل موادّها ( " وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً" )   ، فمن طلب الأمر من غير طريقه فما ظفر بتحقيقه ) .
ضرورة أنّ الموصل إنّما هو الطريق القويم والصراط المستقيم ، فإذا أعرض عنه وسلك مسالك التعمّلات والتسبّبات الجعليّة ، لا يمكن له الظفر به أصلا ، كما قيل :
ونهج سبيلي واضح لمن اهتدى   ....   ولكنّما الأهواء عمّت ، فأعمت

العالم في حدوث دائم
قال رضي الله عنه :  (وما أحسن ما قال الله تعالى في حقّ العالم وتبدّله مع الأنفاس في خلق جديد في عين واحدة ) وما أطرف دلالته على الكثرة المشهودة في العين الواحدة.
( فقال في حقّ طائفة - بل أكثر العالم – " بَلْ هُمْ في لَبْسٍ من خَلْقٍ جَدِيدٍ " ) .
فإنّه يدلّ على أنّ تلبّس العالم في ملابس الخلقيّة وظهوره في صورة الأثر ، والفعل متجدّد حسب تجدّد الآنات والأنفاس ، إذ الخلق خروج القابل إلى الفعل على ما لا يخفى على أهله .

قال رضي الله عنه :  ( فلا يعرفون تجديد الأمر مع الأنفاس ، لكن قد عثرت عليه الأشاعرة في بعض الموجودات - وهي الأعراض - وعثرت عليه الحسبانيّة في العالم كلَّه ) وهم المسمّاة بالسوفسطائيّة الذين يذهبون إلى تبدّل العالم وعدم تقرّره بحال .
( وجهّلهم أهل النظر بأجمعهم ، ولكن أخطأ الفريقان) :
أمّا خطاء الحسبانيّة فبكونهم ما عثروا مع قولهم بالتبدّل في العالم بأثره على أحديّة عين الجوهر) المعقول ( الذي قبل هذه الصور ، ولا يوجد ) ذلك الجوهر ( إلَّا بها ، كما لا تعقل ) تلك الصور ( إلَّا به ) ضرورة امتناع قيام الصور بذواتها ، كظهور الموادّ بدونها .

وفي عبارته هاهنا لطيفة وهي أنّ عدم العثور على الشيء والعلم به لا يقال له الخطأ في عرف ، لأنّ الخطأ من الجهل المركَّب ، وهو بسيط ، فنبّه على أنّ إطلاق الخطأ على الحسبانيّة باعتبار عدم العثور هاهنا ، حيث أنّهم جهلوا ما هو المبدء الأولى لهذا العثور والملزوم البيّن له ، وهو قولهم بتبدّل العالم في الصور ، وذهابهم إليه ، مع لزومه البيّن لما يتبدّل ذلك الصور عليه .
وبيّن أن القول بالملزوم البيّن مع عدم العثور على لازمه البين ، ذلك هو الجهل المركَّب عند التحقيق ، فإنّه يستلزم عدم العلم بالملزوم مع اعتقاد علمه به .

قال رضي الله عنه :  (فلو قالوا بذلك فازوا بدرجة التحقيق في الأمر ) .

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  وأما أصحاب النظر وأرباب الفكر من القدماء والمتكلمين في كلامهم في النفس وماهيتها، فما منهم من عثر على حقيقتها، ولا يعطيها النظر الفكري أبدا.
فمن طلب العلم بها من طريق النظر الفكري فقد استسمن ذا ورم ونفخ في غير ضرم.
لا جرم أنهم من «الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا».
فمن طلب الأمر من غير طريقه فما ظفر بتحقيقه، وما أحسن ما قال الله تعالى في حق العالم وتبدله مع الأنفاس.
«في خلق جديد» في عين واحدة، فقال في حق طائفة، بل أكثر العالم، «بل هم في لبس من خلق جديد». فلا يعرفون تجديد الأمر مع الأنفاس.
لكن قد عثرت عليه الأشاعرة في بعض الموجودات وهي الأعراض، وعثرت عليه الحسبانية  في العالم كله. وجهلهم أهل النظر بأجمعهم.
ولكن أخطأ الفريقان: أما خطأ الحسبانية فبكونهم ما عثروا مع قولهم بالتبدل في العالم بأسره على أحدية عين الجوهر الذي قبل هذه الصورة ولا يوجد إلا بها كما لا تعقل إلا به. فلو قالوا بذلك فازوا بدرجة التحقيق في الأمر. (
 
قال رضي الله عنه :  (وأما أصحاب النظر وأرباب الفكر من القدماء والمتكلمين في كلامهم في النفس وماهيتها، فما منهم من عثر على حقيقتها، ولا يعطيها النظر الفكري أبدا. فمن طلب العلم بها من طريق النظر الفكري فقد استسمن ذا ورم ونفخ في غير ضرم. لا جرم أنهم من «الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا». فمن طلب الأمر من غير طريقه فما ظفر بتحقيقه، وما أحسن ما قال الله تعالى في حق العالم وتبدله مع الأنفاس. «في خلق جديد» في عين واحدة، فقال في حق طائفة، بل أكثر العالم، «بل هم في لبس من خلق جديد». فلا يعرفون تجديد الأمر مع الأنفاس. لكن قد عثرت عليه الأشاعرة في بعض الموجودات وهي الأعراض، وعثرت عليه الحسبانية  في العالم كله. وجهلهم أهل النظر بأجمعهم.)

قال الشيخ رضي الله عنه :  (وأما أصحاب النظر وأرباب الفكر من) الحكماء (القدماء والمتكلمين في كلامهم في النفس وماهيتها فما منهم من عثر على حقيقتها ولا يعطيها)، أي لا يعطى حقيقتها والعثور عليها (النظر الفكري أبدأ . فمن طلب العلم بها)، أي بماهية النفس وحقيقتها
قال الشيخ رضي الله عنه :  (من طريق النظر الفكري فقد استسمن ذا ورم ونفخ في غير ضرم لا جرم أنهم من و الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا ) التي هي مادة الحياة الحقيقية الأبدية الأخروية ("وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا" [الكهف: 104) فمن طلب الأمر من غير طريقه فما ظفر بتحقيقه).
وبما انجر كلام الشيخ رضي الله عنه إلى أن العالم كثرة مشهودة في عين واحدة .
فقال رضي الله عنه  : (وما أحسن ما قال الله في حق العالم وتبدله مع الأنفاس في خلق جديد في عين واحدة فقال : في حق طائفة) وهم أهل النظر (بل أكثر العالم) فإنهم محجوبون عن ذلك التشابه الصور .
قال الشيخ رضي الله عنه :  (بل هم في لبس من خلق جديد فلا يعرفون تحديد الأمر)، أي أمر وجود العالم (مع الأنفاس، لكن قد عثرت عليه الأشاعرة في بعض الموجودات وهي الأعراض) فإنهم ذهبوا إلى أن العرض لا يبقى زمانین (وعثرت عليه الحسبانية في العالم كله) جواهره وأعراضه وهم المسماة بالسوفسطائية الذين يذهبون إلى تبدل العالم وعدم تقرره بحال
(وجهلهم)، أي الحسبانية (أهل النظر بأجمعهم).

قال رضي الله عنه : (ولكن أخطأ الفريقان: أما خطأ الحسبانية فبكونهم ما عثروا مع قولهم بالتبدل في العالم بأسره على أحدية عين الجوهر الذي قبل هذه الصورة ولا يوجد إلا بها كما لا تعقل إلا به. فلو قالوا بذلك فازوا بدرجة التحقيق في الأمر. )
(ولكن أخطأ الفريقان. أما خطأ الحسبانية فلكونهم ما عثروا مع قولهم بالتبدل في العالم بأسره على أحدية عين الجوهر المعقول)، أي المدرك بالعقل لا بالحواس (الذي قبل هذه الصور)، أي صورة العالم (ولا يوجد) ذلك الجوهر (إلا بها) إلا بهذه الصورة في الحس الباطن.
وهو عالم المثال المطلق والمقيد والحس الظاهر أي عالم الشهادة المدرك بالحواس الخمس الظاهرة، وليس المراد أن ذلك الجوهر بدون تلك الصور غير موجود في نفسه بل هو موجود في العقل فقط (كما لا تعقل)، تلك الصورة (إلا به)، أي بذلك الجوهر لأنه داخل في حدها .

فإن قلت: عدم العثور على الشيء من مقول الجهل البسيط والخطأ إنما يكون من الجهل المركب.
قلنا: كأنهم حيث لم يعثروا على أحدية عين قابلة تلك الصورة المنبدلة الغير المنقررة أعتقدوا أنها ظاهرة بأنفسها لا في جوهر واحد العين وذلك جهل مرکب يسلتزم الخطأ (فلو قالوا بذلك)، أي بأن الجوهر شيء واحد يطرأ عليه صورة العالم كله فتصير موجودات معينة متكبرة .
وذلك الجوهر عین الحق الذي بتجليه واحد العائم (فازوا بدرجة التحقيق في الأمر) لأنهم حينئذ كانوا عارفين بالأمر على ما هو عليه .

المواقف الروحية والفيوضات السبوحية شرح الأمير عبد القادر الجزائري 1300هـ:
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  وأما أصحاب النظر وأرباب الفكر من القدماء والمتكلمين في كلامهم في النفس وماهيتها، فما منهم من عثر على حقيقتها، ولا يعطيها النظر الفكري أبدا.
فمن طلب العلم بها من طريق النظر الفكري فقد استسمن ذا ورم ونفخ في غير ضرم.
لا جرم أنهم من «الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا».
فمن طلب الأمر من غير طريقه فما ظفر بتحقيقه، وما أحسن ما قال الله تعالى في حق العالم وتبدله مع الأنفاس.
«في خلق جديد» في عين واحدة، فقال في حق طائفة، بل أكثر العالم، «بل هم في لبس من خلق جديد». فلا يعرفون تجديد الأمر مع الأنفاس.
لكن قد عثرت عليه الأشاعرة في بعض الموجودات وهي الأعراض، وعثرت عليه الحسبانية  في العالم كله. وجهلهم أهل النظر بأجمعهم.
ولكن أخطأ الفريقان: أما خطأ الحسبانية فبكونهم ما عثروا مع قولهم بالتبدل في العالم بأسره على أحدية عين الجوهر الذي قبل هذه الصورة ولا يوجد إلا بها كما لا تعقل إلا به. فلو قالوا بذلك فازوا بدرجة التحقيق في الأمر. (

قال الشيخ رضي الله عنه :  (وأما أصحاب النظر العلي و أرباب الفكر من الحكماء القدماء والعلماء المتكلمين في كلامهم بالنظر العقلي ودليلهم الفكري على معرفة النفس الإنسانية وماهيتها، فما منهم من عثر على حقيقتها. )
فإنهم طلبوا الأمر من فصه ، وأرادوا معرفتها من طريق النظر العقلي ونصبه، وحيث كانت العقول متباينة متفاوتة.
لا جرم أنهم فيها باختلاف أقوالهم في الرب سبحانه وتعالى :
فقال قوم : النفس الإنسانية جوهر فرد متحيز. 
وقال آخرون: هي جسم لطیف متشبث بالجسم متخلله. 
وقال قوم : هي جوهر محدث قائم بنفسه غير متحيز. 
وقال قوم: النفس الإنسانية عرض إلى غير هذا. 
وقد انتهت أقوالهم في النفس الإنسانية إلى نحو ألف قول على ما ذكره بعض العلماء المطلعين.

قال رضي الله عنه :  (ولا يعطيها النظر الفكري أبدا. فمن طلب العلم بها من طريق النظر الفكري فقد استسمن ذا ورم ونفخ في غير ضرم. لا جرم أنهم من «الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا». فمن طلب الأمر من غير طريقه فما ظفر بتحقيقه)

وما أصاب أحد منهم لأنهم طلبوا معرفتها بالنظر والاستدلال وإقامة البراهين العقلية والأقيسة الفكرية، ومعرفة النفس الناطقة الروح لا يعطيها النظر الفكري أبدا ، لأن حقيقتها فوق طور العقل.
وإنما یکاشف بذلك القلب السليم، ثم يفيض على العقل.
فليس للعقل فيما فوق طوره إلا القبول لما انكشف له، فمن طلب الوصول إلى العلم بها والحصول على حقيقتها من طريق النظر الفكري وأعرض عن طريق التصفية وجلاء مرأة القلب فقد أخطأ الطريق، إذ لا طريق إلى معرفة النفس الإنسانية إلا الكشف.
فهو كما قيل في المثل السائر : قد استسمن ذا ورم، أي رأي شخصا أو حيوانا منتفخ الجسم متورمه. فتوهم أن الورم سمن.
ونفخ في غير ضرم، أي رأي رمادا فتوهم أن في باطنه نارا فنفخ فيه فتبدد الرماد، وما وجد نارا، مثل يضرب لمن توهم الأمر على غير حقيقته التي هو عليها . 
لا جرم لا محالة ولا بد أنه من الذين ضل : ضاع وبطل سعيهم في الحياة الدنيا ، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا لإعجابهم بأنفسهم واعتقادهم أنهم مصیبون في سعيهم. 
والآية وإن وردت في الكفار فلمن ضيع نفائس أوقاته فيما لا يحصل به على مطلوبه ولا يظفر ولا يفوز بمرغوبه نصیب منها. 
فإن الله تعالی خلق العالم بقوله وقدرته ورتب المسببات على أسبابها بحكمته، وبين طرق الوصول إلى كل مطلوب بفضله ورحمته. 
فمن طلب الأمر المقصود بالحصول عليه من غير طريقه وسببه ، الذي وضعه العليم الحكيم، فما فاز بالمرغوب ولا ظفر بحقيقة الأمر المطلوب، سنة الله التي قد خلت في عباده :"فلن يجد إن الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا" [فاطر : 43].
قول سيدنا رضي الله عنه : (وما أحسن ما قال الله في حق العالم وتبدله مع الأنفاس في خلق جديد في عين واحدة، فقال في حق طائفة ، بل أكثر العالم: " بل هم في لبس من خلق جديد" [ق: 10]. فلا يعرفون تجديد الأمر مع الأنفاس. لكن قد عثرت عليه الأشاعرة في بعض الموجودات وهي الأعراض، وعثرت عليه الشبانية في العالم كله وجهلهم أهل النظر بأجمعهم، ولكن أخطأ الفريقان : أما خطأ الحسبانية  فلكونهم ما عثروا مع قولهم بالتبدل في العالم بأسره على أحدية الجوهر المعقول الذي قبل هذه الصور، ولا يوجد إلا بها كما لا تعقل إلا به. فلو قالوا بذلك فازوا بدرجة التحقيق في الأمر. )

"" الحسبانية بضم الحاء أو بکسرها كما في شرح عبد الرزاق القاشاني وهم السوفسطائية حسبما ذكره شراح فصوص الحكم وحسبما يذكره الأمير عبد القادر صاحب المواقف لاحقا، ما عدا القيصري الذي ضبطها به الجسمانية من الجسم ""
يقول رضي الله عنه : وما أحسن وأوضح وأبين مما قال الله جل جلاله في حق العالم، وهو كل ما سوى الله تعالى من تبدله وتحوله وتغيره مع الأنفاس في خلق جديد. 
وقولنا مع الأنفاس تجوز والا فعين الإعدام عين الإيجاد. 
فعين كل شخص في العالم تتجدد في كل نفس لا بد من ذلك، فلا يزال الحق فاعلا في الممكنات الوجود، وأما ما ينعدم فإنما ينعدم بذاته، وكل شيء في الوجود الإمكاني لا يثبت أكثر من آن واحد. 
فلا تبقي أفلاك ولا أملاك ولا أرواح ولا عناصر ولا ما تولد منها إلا ويتغير ويتجدد في كل نفس في عين واحدة. 
وهي جوهر العالم المسمي بالهباء وبحقيقة الحقائق وبالبرزخ وبالخيال الحقيقي وبالعما وغير ذلك، كما تقدم - فالعالم كله واحد بالجوهر، ولو هلكت ذرة من العالم من حيث الجوهر لهلك العالم جميعه. 
وهذا الجوهر بان مع تبدل ما قام به من العالم، إذا هما عين النفس، والنفس باطن المتنفس، فقال تعالى في حق طائفة، بل أكثر العالم، وهم المنكرون لتجلي الحق تعالى بكل صورة في العالم في كل نفس بعدم وإيجاد في ذلك النفس. 
بل هم في لبس خلط وشبهة من خلق، مع إيجاد جديد مستأنف في كل نفس. 
ولو صح بقاء ممكن ما نفسا واحدا لاستغني ذلك الممكن عن الحق تعالى في ذلك النفس، وهذا محال ، فالمنكرون لتجديد كل صورة في العالم لا يعرفون تجديد، الأمر الإلهي الذي كلمح البصر، أو هو أقرب مع الأنفاس. 
لكن فرقة من متكلمي أهل السنة اهتدت إلى الخلق الجديد في بعض العالم، فهي قد عثرت عليه عقلا لا کشفا.
وهم الأشاعرة أتباع علي بن إسماعيل الأشعري، من ذرية أبي موسى الأشعري الصحابي المشهور رضي الله عنهما فإنهم قالوا بالخلق الجديد في بعض الموجودات، وهي الأعراض، والعرض كل ما لا يقوم بنفسه.
قال الأشعري ومتبعوه من محققي الأشاعرة : العرض لا يبقى زمانين فهو يتجدد في كل آن. واستدلوا على ذلك بوجوه منها لو بقيت الأعراض لكانت باقية ببقاء. 
والبقاء عرض، فيلزم قيام العرض بالعرض وهو محال عند المتكلمين. 
ومنها قالوا السبب المحوج إلى المؤثر هو الحدوث، وشرط بقاء الجوهر هو العرض، ولما كان هو متجددا دائما محتاجا إلى المؤثر كان الجوهر أيضا حال بقائه محتاجا إلى ذلك المؤثر بواسطة احتياج شرطه إليه. 
ووافقهم النظام والكعبي والنجار من المعتزلة، وخالفهم سائر المعتزلة وبعض أهل السنة. 
حتى قال سعد الدين التفتازاني رحمه الله : القول بأن العرض لا يبقى زمانين مكابرة في المحسوس، وقد عثرت أيضا عليه الحسبانية في العالم كله فقالوا بالخلق الجديد ووافقهم على ذلك بعض قدماء المعتزلة.
وهذه الطائفة الملقبة بالحسبانية، ما رأينا لهذا اللقب ذكرا فيما أطلعنا عليه من كتب المتكلمين المصنفين في الملل والنحل، وإنما المعروف السوفسطائية ، وذكروا منهم ثلاث فرق: اللاأدرية والعنادية والعندية . 
فمنهم القادح في الضرورات، والقادح في المعقولات، والقادح في الحسيات ، والقادح في البديهيات. 
ولكن قد قيل إن كل غالط سوفسطائي فيما غلط فيه . 
والمنقول عن المتكلمين أن النظام والكعبي والنجار هم الذين قالوا الأجسام کالأعراض غير باقية فهي تتجدد حالا حالا. 
وسيدنا الشيخ رضي الله عنه :  أعلم وأكثر اطلاعا، ولما قالت الحسبانية ومن وافقهم بالخلق الجديد في العالم كله اطلعوا على ذلك عقلا لا کشفا، وعثروا عليه استدلالا، جهلهم أهل النظر بأجمعهم، وردو أدلتهم ونسبوهم إلى عدم العقل. 
ولكن قد أخطأ الفريقان القائلون بتجدد العالم كله وهم الحسبانية. 
وأما خطأ الحسبانية ومن وافقهم : فبكونهم ما عثروا ولا أطلعوا مع قولهم بالتبدل واعتقادهم ذلك في العالم بأسره على أحدية عين الجوهر المعقول المتقدم ذكره. 

فإنه الجوهر المنزه عن الكثرة المختلفة في حقيقته، وهو الذي قبل هذه الصور المكثرة المختلفة من أول صورة خلقها الله إلى آخر صورة، ولا آخر لصور الممكنات. 
ولا يوجد في الحس والعقل إلا بها، فإنه معقول من حيث حقیقته ، فلا يوجد في الحس ولا في العقل إلا بصور المحسوسات والمعقولات، ولا في الخيال إلا بالمتخيلات، وهو في حد ذاته لا يوصف بوجود ولا عدم ولا حدود ولا قدم، لأنه معقول. 
كما أن صور العالم بأجمعة لا تعقل إلا به فهو حقيقتها، وهو كالظرف والمحل لها.
فلولا هذا الجوهر ما عرف العالم، ولولا صور العالم ما عرف هذا الجوهر، فلو أن الحسبانية ومن وافقهم قالوا بذلك الجوهر الذي قال به أهل الله أهل الكشف والوجود لفازوا وظفروا بدرجة التحقيق في هذا الأمر الإلهي، الذي قبل صور العالم بأسره مع وحدته ، كما فاز أهل الله بدرجة التحقيق في هذا الأمر. 
لا يقال الحسبانية من طوائف الفلاسفة، وقد أثبتوا جوهر الهيولى، وقالوا إنه جوهر معقول بسيط بلا کمية ولا كيفية لا توجد صورة بدونه ولا وجود له بدون صورة إلى ما قالوا في أوصافه، لأنا نقول جوهر الهيولي الذي أثبته الفلاسفة مرتبته دون الطبيعة. 
وأول ما ظهر فيه من الصور صورة الجسم الكل.
والجوهر الذي قال به أهل الله فوق الكلى فيه ظهرت صور الأرواح المهيمة و صورة العقل الأول وصورة النفس الكلية والطبيعة والهيولى التي أثبتتها الحكماء، فهو غير جوهر الهيولى، وإن اتفق الجوهر ان في بعض الصفات.
.

واتساب

No comments:

Post a Comment