Thursday, September 12, 2019

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة الحادية عشر .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة الحادية عشر .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة الحادية عشر .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي لجامعها عبدالله المسافر بالله

12 - The Wisdom of the Heart in the Word of Shu'aib 

الفقرة الحادية عشر:
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (فنفى الحق النصرة عن آلهة الاعتقادات على انفراد كل معتقد على حدته، والمنصور المجموع، والناصر المجموع. فالحق عند العارف هو المعروف الذي لا ينكر. فأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة.
فلهذا قال «لمن كان له قلب» فعلم تقلب الحق في الصور بتقليبه في الأشكال.
فمن نفسه عرف نفسه، وليست نفسه بغير لهوية الحق، ولا شيء من الكون مما هو كائن ويكون بغير لهوية الحق، بل هو عين الهوية.
فهو العارف والعالم والمقر في هذه الصورة، وهو الذي لا عارف ولا عالم، وهو المنكر في هذه الصورة الأخرى. )
 
قال رضي الله عنه : ( فنفى الحق النصرة عن آلهة الاعتقادات على انفراد كل معتقد على حدته، والمنصور المجموع، والناصر المجموع.  فالحق عند العارف هو المعروف الذي لا ينكر. فأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة. فلهذا قال «لمن كان له قلب» فعلم تقلب الحق في الصور بتقليبه في الأشكال. فمن نفسه عرف نفسه، وليست نفسه بغير لهوية الحق، ولا شيء من الكون مما هو كائن ويكون بغير لهوية الحق، بل هو عين الهوية. فهو العارف والعالم والمقر في هذه الصورة، وهو الذي لا عارف ولا عالم، وهو المنكر في هذه الصورة الأخرى.)

قال رضي الله عنه : (فنفى الحق) سبحانه (النصرة) في المعتقدين (عن آلهة الاعتقادات) المتخيلة في النفوس (على) حسب (انفراد كل معتقد) لإله (على حدته فالمنصور) من الآلهة المعتقدة (المجموع والناصر) من المعتقدين للآلهة المعتقدة (المجموع) فكل معتقد ينصر إلهه لا إله غيره، وإلهه عنده منصور لا عند غيره، وآلهة الاعتقادات لا نصرة لها أصلا.
فالحق سبحانه (عند العارف) به (هو المعروف) عند كل أحد (الذي لا بنکر)، أي لا ينكره أحد أصلا من حيث هو الحق الموجود سبحانه، وإن أنكره من أنكره من حيث ما هو صورة محسوسة أو معقولة.
فإن هذا توهم في المعروف ما هو المعروف، ولهذا يصف الواصف باعتبار توهمه فيقول: حضر ، ويقول : غاب ، ويقول : كبر ، ويقول : صغر إلى غير ذلك. 
والمعروف عند الموصوف بجميع ذلك توهمة فيه على ما هو عليه لم يتغير (فأهل المعروف)، أي المتحققون به (في الدنيا) عن كشف وشهود (هم أهل المعروف في الآخرة)، أيضا كما أن أهل المنكر في الدنيا وهم أهل الصور المتجددة محسوسة كانت أو معقولة هم أهل المنكر في الآخرة أيضا .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"أهل المعروف في الدنيا أهل المعروف في الآخرة، وأن أهل المنكر في الدنيا هم أهل المنكر في الآخرة" رواه الطبراني عن سليمان وعن ابن عباس رضي الله عنهم. والبيهقي وابن أبي شيبة وغيرهما.

وفي رواية الطبراني أيضا عن أبي أمامة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم  :" إن أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة وأن أول أهل الجنة دخولا الجنة أهل المعروف".
قال رضي الله عنه : (فلهذا قال) تعالى في الآية السابقة ("لمن كان له قلب" فعلم ) صاحب ذلك القلب (تقليب الحق) سبحانه (في الصور) المختلفة المعقولة والمحسوسة (بتقليبه)، أي تقليب صاحب ذلك القلب (في الأشكال) والهيئات المسماة أحوا له، فكلما انقلب إلى شكل وحال وهيئة انقلب الحق عنده في صورة له هي عين ذلك الشكل والحال والهيئة التي فيها .
وصور كل ما تقتضيه تلك الصور من الصور المحسوسة والمعقولة. وهكذا الأمر دائما في الدنيا والآخرة
قال رضي الله عنه : (فمن نفسه)، أي نفس ذلك العارف وتقليب قلبه في الأشكال المختلفة (عرف نفسه)، فكان عارفة ومعروفة (وليست نفسه) التي عرفها بها ذلك العارف (بغير هوية الحق) تعالی فقد عرف الحق بالحق.
وهوية الحق كناية عن حقيقته التي هي الوجود المطلق بالإطلاق الحقيقي الظاهر بتلك الشؤون المسماة صورة وأشكالا وأحوالا وأعمالا وأقوالا وأفعالا إلى غير ذلك من الألقاب الشرعية والعرفية.
قال رضي الله عنه : (ولا شيء) أيضا (من) جميع (الكون)، أي هذا العالم الحادث (مما هو كائن) في الحال ويكون في المستقبل إلى ما لا نهاية له (بغير هوية الحق سبحانه، أي حقيقته أيضا كما ذكرنا (بل هو)، أي جميع ذلك (عين الهوية) المذكورة.
قال رضي الله عنه : (فهو)، أي ذلك الذي عرف نفسه بنفسه بل عرف ربه بربه (العارف بنفسه و بربه (و) هو (العالم) أيضا بكل ما سواه (و) هو (المقر) بالحق المتجلي له (في هذه الصورة) التي هو فيها وفي كل صورة أيضا (وهو الذي لا عارف) أبيض (ولا عالم) من جميع الناس (وهو المنكر) للتجلي الإلهي في (هذه الصورة الأخرى)، لأنه مقربه في صورة المنجلي عليه بها في نفسه عند العارف هو وكل عارف وكل جاهل وكل مقر وكل منكر.

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (فنفى الحق النصرة عن آلهة الاعتقادات على انفراد كل معتقد على حدته، والمنصور المجموع، والناصر المجموع. فالحق عند العارف هو المعروف الذي لا ينكر. فأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة.
فلهذا قال «لمن كان له قلب» فعلم تقلب الحق في الصور بتقليبه في الأشكال.
فمن نفسه عرف نفسه، وليست نفسه بغير لهوية الحق، ولا شيء من الكون مما هو كائن ويكون بغير لهوية الحق، بل هو عين الهوية.
فهو العارف والعالم والمقر في هذه الصورة، وهو الذي لا عارف ولا عالم، وهو المنكر في هذه الصورة الأخرى. )
 
قال رضي الله عنه : (فنفي الحق النصرة عن آلهة) أصحاب (الاعتقادات على انفراد كل معتقد على حدته) بقوله فما لهم من ناصرين أي لا ينصر إله كل واحد من المعتقدين لمعتقديه.
والحال أن كل واحد من المعتقدين ينصر آلهة.
وهذه الآية وإن كانت في حق الكفار لكنها إشارة إلى أحوال أصحاب الاعتقادات يعني كما أن الكفار لا ينصر لهم إلههم الذي في اعتقادهم في رفع العذاب عنهم في الآخرة كذلك إله المعتقد لا ينصره في الدنيا في دفع المكاره عنه.
(والمنصور) الثابت بالنص الإلهي وهو أن تنصروا الله (المجموع) أي الحضرة الجمعية الأسمائية لا المنفرد (والناصر) الثابت بالنص وهو ينصركم الله (المجموع) أي تلك الحضرة يعني أن تنصروا الله في مظهر ينصركم الله في مظهر.
فهذه الحضرة الجامعة ناصر ومنصور في المظاهر وهو رب الأرباب رب أصحاب القلوب فنفى الحق النصرة عن الأرباب المتفرقة التي في اعتقادات أصحاب العقول وأثبت النصرة للاسم الجامع لاسم الله الذي في قلوب العارفين.
كما قال : "ما وسعني أرضي ولا سمائي ووسعني قلب عبد المؤمن التقي النقي" فظهر أن أهل الحجاب لا ينصرون الله بل ينصرون ما في اعتقادهم تعالى عن ذلك علوا كبيرا .
ولا يأتون ما أمر الله بهم من النصرة وهم لا يشعرون بذلك.
قال رضي الله عنه : (فالحق عند العارف هو المعروف الذي لا ينكر فأهل المعروف في الدنيا لهم) الذين عرفوا الحق في الدنيا في صور تجلیانه.
قال رضي الله عنه : (هم أهل المعروف في الآخرة) إذا تحول في الصور عند التجلي فلا ينكرونه فيها (فلهذا) أي فلأجل كون أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة.
(قال) إن في ذلك لذكرى ("لمن كان له قلب") فإن من لم يكن أهل القلب لم يكن أهل المعروف بخلاف أهل العقل فإنه لا يتقلب في الصور فلم يعلم تقليب الحق في الصور فينكر الحق إذا تجلى وظهر له على خلاف اعتقاده.
قال رضي الله عنه : (فعلم) القلب (تقليب الحق في الصور بتقليبه) أي بتقليب نفسه (في الإشكال فمن نفسه عرف نفسه)
أي فمن علم تقليب نفسه في الصور عرف تقليب ذات الحق في الصور والضمير في نفسه الثاني يجوز أن يرجع إلهه الحق وإلى العارف الثاني أظهر .
فلما أتم الكلام في هذا المقام في مراتب الكثرة شرع في بيان الوحدة بقوله: 
قال رضي الله عنه : (وليست نفسه بغير) أي وليست نفس العارف مغايرة (لهوية الحق) من حيث الوجود والأحدية (ولا شيء من الكون) أي من الموجودات أيضا (مما هو كائن ويكون بغير لهوية الحق بل هو) أي الموجود (عين الهوية) الإلهية .
قال رضي الله عنه : (فهو) أي الحق (العارف والعالم والمقر في هذه الصورة) أي في صورة زيد أو عمرو مثلا .
(وهو الذي لا عارف ولا عالم وهو المنكر في هذه الصورة الأخرى) يعني كل ما ظهر في المراتب المتعينة مستندة إلى الحق تعالی من حيث الحقيقة لأنه موجه الأشياء كلها من الذوات والصفات والأفعال .
وأما من حيث التعين فالأفعال مستندة إلى من ظهرت عنه فالعالم في الصورة الزيدية هو الحق من حيث الحقيقة أنه خالق زید مع جميع أوصافه وأفعاله .
ومن حيث التعين العالم هو زيد لا الحق فعين زيد هو عين الحق من حيث أحدية الوجود وغيره من حيث التعين المشخص له فزيد عمرو فزيد ليس بعمرو .
فإن من ظهر بالصورة الزيدية هو الذي ظهر بالصورة العمروية فزيد عمرو بهذا الوجه وليس بعمرو بالتعين .
هكذا نسبتك مع الحق وما ميزك عن الحق إلا إمكانك وما ميز الحق عنك إلا وجوبه الذاتي.
وأما سائر الحقائق الكلية العلم والحياة والقدرة و غير ذلك فإنها تقضي الشمول بحقيقته على الواجب والممكن فلا يتصور نميز الشيء بالنسبة إليها على ما هو شأن الأمور الكلية .
فكل شيء واحد بحسب الأمور الكلية

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (فنفى الحق النصرة عن آلهة الاعتقادات على انفراد كل معتقد على حدته، والمنصور المجموع، والناصر المجموع. فالحق عند العارف هو المعروف الذي لا ينكر. فأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة.
فلهذا قال «لمن كان له قلب» فعلم تقلب الحق في الصور بتقليبه في الأشكال.
فمن نفسه عرف نفسه، وليست نفسه بغير لهوية الحق، ولا شيء من الكون مما هو كائن ويكون بغير لهوية الحق، بل هو عين الهوية.
فهو العارف والعالم والمقر في هذه الصورة، وهو الذي لا عارف ولا عالم، وهو المنكر في هذه الصورة الأخرى. )
 
قال رضي الله عنه : (فنفى الحق النصرة عن آلهة الاعتقادات على انفراد كل معتقد على حدته، والمنصور المجموع، والناصر المجموع. فالحق عند العارف هو المعروف الذي لا ينكر. فأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة. فلهذا قال «لمن كان له قلب» فعلم تقلب الحق في الصور بتقليبه في الأشكال.  فمن نفسه عرف نفسه، وليست نفسه بغير لهوية الحق، ولا شيء من الكون مما هو كائن ويكون بغير لهوية الحق، بل هو عين الهوية.  فهو العارف والعالم والمقر في هذه الصورة، وهو الذي لا عارف ولا عالم، وهو المنكر في هذه الصورة الأخرى. )
 
فقال: لأن إله صاحب هذا المعتقد مثلا ما له حكم في إله المعتقد الآخر بل الخلف بينهم قائم.
وأيضا فإذا نصر المعتقد مذهبه، فربه الخاص به لا ينصره، لأنه رب وهمي لا حقيقة له، فلا يكون لنصرة مذهبه أثر ظاهر ينقطع به النزاع وكذلك المقاوم له ولا يزال النزاع قائما .
ولذلك قال: يكفر بعضهم بعضا، ويلعن بعضهم بعضا وما لهم من ناصرین، فذكر أنه لا ناصر لهم فقد نفيه الحق تعالى النصرة عن آلهة الاعتقادات.
قال: فالحق عند العارف المعروف الذي لا ينكر ولا يتنكر في نفس الأمر. 
قال: ومن دون العارفين هم المؤمنون وهم الذين قيل فيهم أو ألقي السمع وهو شهيد وليس من هؤلاء مقلدوا أصحاب الرأي الذي نزلوا الأخبار الإلهي إلى مراتب أدلتهم النظرية.
فإن تقليد أوليك ليس هو تقليدا للأنبياء عليهم السلام، ولا هم أتباع الأنبياء، ويوم القيامة يتبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا، والرسل، عليهم السلام، لا يتبرؤون من أتباعهم الذين اتبعوهم.

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (فنفى الحق النصرة عن آلهة الاعتقادات على انفراد كل معتقد على حدته، والمنصور المجموع، والناصر المجموع. فالحق عند العارف هو المعروف الذي لا ينكر. فأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة.
فلهذا قال «لمن كان له قلب» فعلم تقلب الحق في الصور بتقليبه في الأشكال.
فمن نفسه عرف نفسه، وليست نفسه بغير لهوية الحق، ولا شيء من الكون مما هو كائن ويكون بغير لهوية الحق، بل هو عين الهوية.
فهو العارف والعالم والمقر في هذه الصورة، وهو الذي لا عارف ولا عالم، وهو المنكر في هذه الصورة الأخرى. )

قال رضي الله عنه : (يعني : فيهم ومنهم . « فنفى الحق النصرة عن آلهة الاعتقادات على انفراد كل معتقد على حدته ، والمنصور المجموع ، والناصر المجموع ").
يشير رضي الله عنه : إلى أنّ النصّ الوارد بنفي النصرة وارد بنفيها عن كل واحد من أهل الاعتقادات على انفراد نصرة المجموع بقوله : « وَما لَهُمْ من ناصِرِينَ » ولكنّه ما نفى نصرة كلّ واحد لمعتقده ، فالكلّ منصور بنصرة كل واحد واحد من المعتقدين معتقده ، وكذلك كل واحد ناصر لمعتقده لا للكلّ ، فما لكل واحد منهم من ناصرين ، بل ناصر واحد هو هو لا غير .

قال رضي الله عنه : « فالحق عند العارف هو المعروف الذي لا ينكر فأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة " .
يعني رضي الله عنه : أهل الله الذين هم أهله في الدنيا هم أهل الله في الآخرة وهم الذين لا ينكرون الحق في أيّ صورة تجلَّى من صور تجلَّياته الاعتقادية والإشهادية .

قال رضي الله عنه : ( فلهذا قال : « لمن كان له قلب » يعلم تقلَّب الحق في الصور بتقليبه في الأشكال ، فمن نفسه عرف نفسه ، وليست نفسه بغير لهوية الحق ، ولا شيء من الكون - ممّا هو كائن ويكون - بغير لهوية الحق بل هو عين الهوية ) .
يعني : أنّ الحق الواحد الأحد الذي لا موجود على الحقيقة ولا مشهود في الوجود إلَّا هو ،
فما ثمّ ما يقال فيه : إنّه غير الهوية ، وإلَّا لزم تحقّق الاثنينية في الحقيقة وهي واحدة وحدة حقيقية ، هذا خلف .

قال رضي الله عنه : ( فهو العارف والعالم والمقرّ في هذه الصورة ، وهو الذي لا عارف ولا عالم ، وهو المنكر في هذه الصورة الأخرى ، هذا حظَّ من عرف الحق من التجلَّي ) .
يشير - رضي الله عنه - إلى أنّ المعرفة الحاصلة لأهل التجلَّي من التجلَّي بالمتجلَّي تقتضي أن يكون إقراره وإنكاره بحسب اعتقاده وبحسب ما تجلَّى له المتجلَّي في صورة اعتقاده ، والعارف هو الذي يعرف الحق بحقيقته ويعرف تجلَّي الحق له بالحق ، وهو العالم إذ لا معلوم ولا معروف على الحقيقة إلَّا الحق.
 
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (فنفى الحق النصرة عن آلهة الاعتقادات على انفراد كل معتقد على حدته، والمنصور المجموع، والناصر المجموع. فالحق عند العارف هو المعروف الذي لا ينكر. فأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة.
فلهذا قال «لمن كان له قلب» فعلم تقلب الحق في الصور بتقليبه في الأشكال.
فمن نفسه عرف نفسه، وليست نفسه بغير لهوية الحق، ولا شيء من الكون مما هو كائن ويكون بغير لهوية الحق، بل هو عين الهوية.
فهو العارف والعالم والمقر في هذه الصورة، وهو الذي لا عارف ولا عالم، وهو المنكر في هذه الصورة الأخرى. )
 
قال رضي الله عنه : " فنفى الحق النصرة عن آلهة الاعتقادات على انفراد كل معتقد على حدته ، فالمنصور المجموع والناصر المجموع " .
فالمنصور مجموع المعتقدات كل من معتقده ، والناصر مجموع المعتقدين كل معتقده ، فالكل واحد منهم من ناصرين  ( فالحق عند العارف هو المعروف الذي ينكر فأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة ) يعنى أن الحق عند العارف في أي صورة تجلى من صور تجلياته الاعتقادية والوجودية هو المعروف الذي لا ينكره ، فأهل الله الذين يعرفونه في الدنيا هم أهل الله الذين يعرفونه في الآخرة في جميع المشاهد .
"" أضاف بالي زادة :  قوله (والمنصور) الثابت بالنص الإلهي وهو "إِنْ تَنْصُرُوا الله" (المجموع) أي الحضرة الجمعية الأسمائية لا المنفرد (والناصر) الثابت بالنص وهو "يَنْصُرْكُمُ الله " (المجموع) أي تلك الحضرة ، يعنى إن تنصروا الله في مظهر ينصركم الله في مظهر ، فهذه الحضرة الجامعة ناصر ومنصور في المظاهر ، وهو رب الأرباب رب أصحاب القلوب ، فنفى الحق النصرة عن الأرباب المتفرقة التي في اعتقادات أصحاب العقول ، وأثبت النصرة للاسم الجامع الذي في قلوب العارفين اهـ بالى
.
(فمن نفسه عرف نفسه) أي فمن علم تقليب نفسه في الصور (عرف تقليب) ذات (الحق في الصور ) فلما أتم الكلام في هذا المقام في مراتب الكثرة شرع في الوحدة بقوله ( وليست نفسه بغير ) اهـ بالى . ""

قال رضي الله عنه : " فلهذا قال : لمن كان له قلب ، فعلم تقليب الحق في الصور بتقليبه في الأشكال ، فمن نفسه عرف نفسه وليست نفسه بغير لهوية الحق ، ولا شيء من الكون مما هو كائن ويكون بغير الهوية الحق بل هو عين الهوية "
قد علمت أن القلب دائما يتقلب في تقاليب صور العالمين وحقائقها ، فمن تقلبه في الأشكال علم تقليب الحق في الصور ولهذا لا يكون محل المعرفة الإلهية في الوجود إلا القلب ، لأن ما عداه من الروح وغيره له مقام معلوم ، فمن نفسه عرف نفسه لأن نفسه ليست غير الحق والباقي ظاهر.

قال رضي الله عنه : " فهو العارف والعالم والمقر في هذه الصورة ، وهو الذي لا عارف ولا عالم وهو المنكر في هذه الصورة الأخرى " .
أي في الصورة التي يعرف عليها وتجليه من معتقده ، فإنه يحصر الحق في صورة معتقده وينكر ما سواه ، وليس العارف والمنكر غيره .

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (فنفى الحق النصرة عن آلهة الاعتقادات على انفراد كل معتقد على حدته، والمنصور المجموع، والناصر المجموع. فالحق عند العارف هو المعروف الذي لا ينكر.  فأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة.
فلهذا قال «لمن كان له قلب» فعلم تقلب الحق في الصور بتقليبه في الأشكال.
فمن نفسه عرف نفسه، وليست نفسه بغير لهوية الحق، ولا شيء من الكون مما هو كائن ويكون بغير لهوية الحق، بل هو عين الهوية.
فهو العارف والعالم والمقر في هذه الصورة، وهو الذي لا عارف ولا عالم، وهو المنكر في هذه الصورة الأخرى. )
 
قال الشيخ رضي الله عنه : (فنفى الحق النصرة عن آلهة الاعتقادات على انفراد كل معتقد على حدته . )
أي ، نفى الحق عنها النصرة على انفراد كل منها ، إذ لا يقدر أن ينصر كل منها لكل معتقد على حدته . ف‍ ( عن ) متعلق ب‍ ( نفى ) . و ( على ) ب‍ ( النصرة ) . وإضافة ( الانفراد ) إلى ( الكل ) إضافة المصدر إلى مفعوله .
( والمنصور المجموع ، والناصر المجموع . ) وفي بعض النسخ :
( فالمنصور ) . ب‍ ( الفاء ) . و ( المجموع ) في قوله : ( والمنصور المجموع ) يجوز أن
يحمل بمجموع الآلهة .
وفي قوله : ( والناصر المجموع ) لمجموع المعتقدين ، لينصر كل منهم إلهه الذي يعتقده . ويجوز أن يحمل بمجموع المعتقد وإلهه المجعول في الأول ، وبمجموع المعتقد وإلهه الحقيقي في الثاني .
ومعناه : والحال أن المنصور مجموع المعتقد ، وإلهه الذي يعتقده ، إذ الرب الحاكم عليه ينصره، وهو ينصر معتقده .
و ( الناصر ) أيضا المجموع ، وهو الرب الحاكم على المعتقد وعين المعتقد . فإن نصرة الرب من الباطن لا يظهر في الظاهر إلا بمظهره ، وهو عين العبد .
( فالحق عند العارف هو المعروف الذي لا ينكر ) كما قال رضي الله عنه في فتوحاته :
( الآمرون بالمعروف هم الآمرون بالحق ) . أي ، فالحق عند العارف هو الذي يظهر
في صور تجلياته ، ويعرف فيها ولا ينكر ، لأنه يعرف أن لا غير في الوجود ، فصور الموجودات ظاهرا وباطنا كلها صورته ، فهو المعروف الذي لا ينكر .
( عند العارف . فأهل المعروف في الآخرة . ) أي ، إذا كان الحق المعروف الذي لا ينكر ، فأهل المعروف هم العارفون الذين عرفوا الحق في صور تجلياته ، وصار الحق معروفهم في الدنيا ، وهم الذين يتصفون في الآخرة أيضا بأنهم أهل المعروف ، فإنهم يعرفونه أيضا في صور يتحول فيها ، ولا ينكرونه أبدا .

قال الشيخ رضي الله عنه : (فلهذا قال : "لمن كان له قلب" أي ، لكون أهل المعروف في الدنيا أهل المعروف في الآخرة ).
قال : " لمن كان له قلب " . ولم يقل : لمن كان له عقل .
لأن صاحب القلب يتقلب في الصور بحسب العوالم الخمسة الكلية ، ومن تقليبه فيها يعرف تقليب الحق في الصور ، فيعبده فيها ، ولا ينكره في صورة من الصور .
وهذا معنى قوله : ( فعلم تقلب الحق في الصور بتقليبه في الأشكال ، فمن نفسه عرف
نفسه . ) أي ، علم القلب تقليب الحق في الصور المتنوعة وتجلياته المختلفة بواسطة تقلباته الحق في صور العوالم الكلية والحضرات الأصلية .
وإذا كان كذلك ، فالقلب العارف من نفسه وذاته عرف نفس الحق وذاته .
كما قال صلى الله عليه وسلم : "من عرف نفسه فقد عرف ربه " . أو العارف من نفسه
عرف نفسه ، ليكون هو العارف والمعروف . والأول أنسب .

قال الشيخ رضي الله عنه : (وليست نفسه بغير لهوية الحق ، ولا شئ من الكون مما هو كائن ويكون بغير لهوية الحق ، بل هو عين الهوية . فهو العارف والعالم والمقر في هذه الصورة ، وهو الذي لا عارف ولا عالم وهو المنكر في هذه الصورة الأخرى . )
لما تكلم في مراتب الكثرة  بلسانه ، شرع يتكلم في الوحدة ومعناه أن نفس العارف ليست مغائرة لهوية الحق ، فلا شئ من الموجودات أيضا مغائر لها ، لأن الهوية الإلهية هي التي ظهرت
في هذه الصور كلها ، فهو العارف والعالم والمقر في صور أهل العلم والعرفان  والإيمان ، وهو الذي لا يعرف ولا يعلم وينكر في صور المحجوبين والجهلة  والكفرة .

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ
:
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (فنفى الحق النصرة عن آلهة الاعتقادات على انفراد كل معتقد على حدته، والمنصور المجموع، والناصر المجموع. فالحق عند العارف هو المعروف الذي لا ينكر. فأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة.
فلهذا قال «لمن كان له قلب» فعلم تقلب الحق في الصور بتقليبه في الأشكال.
فمن نفسه عرف نفسه، وليست نفسه بغير لهوية الحق، ولا شيء من الكون مما هو كائن ويكون بغير لهوية الحق، بل هو عين الهوية.
فهو العارف والعالم والمقر في هذه الصورة، وهو الذي لا عارف ولا عالم، وهو المنكر في هذه الصورة الأخرى. )
 
قال رضي الله عنه :  (فنفى الحق النصرة عن آلهة الاعتقادات على انفراد كل معتقد على حدته، والمنصور المجموع، والناصر المجموع. فالحق عند العارف هو المعروف الذي لا ينكر. فأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة. فلهذا قال «لمن كان له قلب» فعلم تقلب الحق في الصور بتقليبه في الأشكال. فمن نفسه عرف نفسه، وليست نفسه بغير لهوية الحق، ولا شيء من الكون مما هو كائن ويكون بغير لهوية الحق، بل هو عين الهوية. فهو العارف والعالم والمقر في هذه الصورة، وهو الذي لا عارف ولا عالم، وهو المنكر في هذه الصورة الأخرى.)

(فنفى الحق النصرة عن آلهة الاعتقادات)، وإن كانت تفيض على أربابها ما يقوي اعتقاداتهم فيها. لكن لا يسمى نصرا ما لم يؤثر في الغير، وهم لا يؤثرون بها في اعتقاد خصومهم.
بحيث يكون (لكل معتقد) حجة قاطعة على إثبات معتقداتهم في اعتقاد أنفسهم؛ فمن اعترف بجميع تلك الوجوه نصره الله، ويجامع على خصمه في قلبه، وإن دفعه عن قلبه لتوهمة الكفر فيه نصره لنفسه، (فالمنصور المجموع والناصر المجموع) إذ له حكم في كل معتقد.
ولذلك يمكن للعارف إلزام كل معتقد ما هو الحق في الواقع في القلب، وإن دفعه عنه، وأنكر عليه بلسانه وكفره، "إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا" [غافر : 51]، وهم أهل المعرفة المؤمنون بجميع ما ورد به الشرع من التنزيه والتشبيه، فالجمع بينهما باعتبار الظهور بهما.
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فالحق عند العارف هو المعروف الذي لا ينكر) لو ورد الشرع به، فقد ورد بجميع الوجود، واعترفوا بالجميع وعرفوه عن شهود، (فأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة)، وهم محققو الصوفية لكمال إيمانهم وعرفانهم، فهم يرونه في جميع تلك الوجوه من غير إنكار، فيفوزون بفوائد التجليات الغير المتناهية.
(وهذا) أي: ولوجود أهل المعروف في الدنيا (قال: "لمن كان له قلب") [ق: 37] قد تقلب في أشكال مختلفة مع وحدته وتجرده عنها، (فعلم تقلب الحق في الصور) عند تجليه مع تجرده عن الصور، ووحدته (بتقلبه في الأشكال)؛ لأن معرفته منوطة بمعرفة النفس، والمراد به القلب على ما هو مصطلح الحكماء سمو القلب بالنفس الناطقة، لكنه لا يعرف الحق من حيث هو ذاته، وإنما يعرفه من حيث هو متجلي في قلبه، وقلبه متصور بصورته.
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فمن نفسه) إنما (عرف نفسه)، ولكن يقال: إنه عرف الحق؛ لأنه (ليست نفسه) التي عرفها بتجلی الحق فيها التجلي الشهودي (بغير هوية الحق) أي: لعينه فيها بالصورة المعينة، وليس له بهذا القدر دعوى الإلهية لنفسه إذ لا شيء من الكون مما هو كائن في الماضي وانقطع، ويكون في المستقبل، وليس الآن بغير هوية الحق.
أي: لتعينه في ذلك بصورة مخصوصة في التجلي الغيبي أيضا، ولا يتصور ذلك إذ لا مألوه حينئذ بعموم التجلي الغيبي، كل دائم الوجود ومتقطعه أولا وآخرا.
وإذا كان كل ما في الكون (عين هويته) الظاهرة فيهم؛ فلا بد من القول بظهوره في صور مختلفة في التجلي الغيبي، وينقاس على التجلي الشهودي.
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فهو العارف) بالشهود (في هذه الصورة) الكاملة التي طابقت بحسب الإمكان ذا الصورة (وهو الذي لا عارف، ولا عالم، وهو المنكر) لتجليه في الصور المختلفة إذا تجلى (في هذه الصورة الأخرى) القاصرة، وإنما يتجلى فيها بظهوره في الصور مع نزاهته عنها في نفسه، والظهور يقتضي الإقرار والنزاهة الإنكار، ولا يكفر صاحب الإنكار؛ لأنه ناظر إلى النزاهة، ولا صاحب الإقرار لأنه ناظر إلى الظهور.
وإنما لم يقل: ولا مقر؛ لأنه أعم من المنکر الذي هو أدنى، والمقصود ثباته لا ثبات المتوسط، فلذا لم يقل: وهو الذي ليس كذلك لصدقه على المتوسط الذي فيه شيء من ذلك دون شيء.


شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (فنفى الحق النصرة عن آلهة الاعتقادات على انفراد كل معتقد على حدته، والمنصور المجموع، والناصر المجموع. فالحق عند العارف هو المعروف الذي لا ينكر. فأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة.
فلهذا قال «لمن كان له قلب» فعلم تقلب الحق في الصور بتقليبه في الأشكال.
فمن نفسه عرف نفسه، وليست نفسه بغير لهوية الحق، ولا شيء من الكون مما هو كائن ويكون بغير لهوية الحق، بل هو عين الهوية.
فهو العارف والعالم والمقر في هذه الصورة، وهو الذي لا عارف ولا عالم، وهو المنكر في هذه الصورة الأخرى. )
 
قال رضي الله عنه :  (فنفى الحقّ النصرة عن آلهة الاعتقادات ، على انفراد كلّ معتقد على حدته ، فالمنصور المجموع ) ضرورة أنّه هو الذي له الناصرون .
( والناصر ) الذي يصلح لأن ينصر هو ( المجموع ) .
قال رضي الله عنه :  ( فالحقّ عند العارف هو المعروف الذي لا ينكر ) بوجه ، وبهذه النسبة يقال لأهله : العارف ، ( فأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة ) أي من له أهليّة عرفان الحقّ في موطن الصور عند تقلَّبه فيها ، بحيث لا يتغيّر وجه معروفيّته من ذلك التقلَّبات ، فهو الذي له أهليّة عرفانه في موطن المعاني عند تقلَّبه فيها .

قال رضي الله عنه :  ( فلهذا قال : " لِمَنْ كانَ لَه ُ قَلْبٌ "فعلم تقليب الحقّ في الصور بتقليبه في الأشكال ) باطنا في متخيّلته ومتفكَّرته ، وظاهرا في أشكاله وأوضاعه عند النموّ والذبول .
قال رضي الله عنه :  (فمن نفسه عرف نفسه ، وليست نفسه بغير لهويّة الحقّ ، ولا شيء من الكون - مما هو كائن ويكون - بغير لهويّة الحقّ ، بل هو عين الهويّة ) ، إذ هو الظاهر وهو الباطن .

قال رضي الله عنه :  ( فهو العارف والعالم ، والمقرّ في هذه الصورة ، وهو الذي لا عارف ولا عالم ، وهو المنكر في هذه الصورة الأخرى ) .

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (فنفى الحق النصرة عن آلهة الاعتقادات على انفراد كل معتقد على حدته، والمنصور المجموع، والناصر المجموع. فالحق عند العارف هو المعروف الذي لا ينكر. فأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة.
فلهذا قال «لمن كان له قلب» فعلم تقلب الحق في الصور بتقليبه في الأشكال.
فمن نفسه عرف نفسه، وليست نفسه بغير لهوية الحق، ولا شيء من الكون مما هو كائن ويكون بغير لهوية الحق، بل هو عين الهوية.
فهو العارف والعالم والمقر في هذه الصورة، وهو الذي لا عارف ولا عالم، وهو المنكر في هذه الصورة الأخرى. )
 
قال رضي الله عنه :  (فنفى الحق النصرة عن آلهة الاعتقادات على انفراد كل معتقد على حدته، والمنصور المجموع، والناصر المجموع. فالحق عند العارف هو المعروف الذي لا ينكر.
فأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة. فلهذا قال «لمن كان له قلب»)
فنفى الحق سبحانه) في قوله تعالى : "وما لهم من ناصرين"  (النصرة)، أي نصرة المعتدين عن آلهة الاعتقادات على طريقة (انفراد كل معتقد) واختصاصه (على حدته) بننی نصرة إلهه المجعول في اعتقاده، أي في نصرة كل إنه مجعول لمن جعله إلها في اعتقاده (والمنصور).
وفي بعض النسخ فالمنصور أي ما يكون منصور على تقدیر بعدم النصرة (المجموع) المفهوم من ضمير الجمع أعني هم في قوله : 
فما لهم وهم المعتقدون أصحاب آلهة الاعتقادات (والناصر) أيضا على ذلك التقدير (المجموع) المفهوم من صيغة جمع اسم الفاعل في قوله "من ناصرين"  وهم آلهة الاعتقادات.
ولما بين أن الحق سبحانه عند أصحاب الاعتقادات الجزئية معروف عندهم في صور اعتقاداتهم منكر لهم فيما عداها أراد أن يشير إلى حال العارف .
فقال رضي الله عنه  : (فالحق عند العارف) الذي عرف الحق بتقلب قنبه في أنواع الصور و الصفات (هو المعروف الذي لا بنکر) في صورة من الصور ، لأنه يعرف أن لا غير في الوجود وصور الموجودات كلها ظاهرا وباطنا كلها صورته.
فهو لا ينكر عبيده بوجه من الوجوه (فأهل المعروف في الدنيا)، أي الذين لهم أهلية معرفة الحق في مواطن الدنيا في صور تجلياته (هم أهل المعروف في الآخرة)، أي هم الذين يعرفونه في الآخرة في صور يتحول فيها لا ينكرونه أبدا .
قال الشيخ رضي الله عنه :  (ولهذا)، أي الاختصاص معرفة الحق في جميع الصور في الدنيا والآخرة بحيث لا ينكر العارف الناتج معرفته عن تقلب قلبه (قال تعالى "لمن كان له قلب" ) فإنه قد تقلب قلبه في الأشكال .

قال رضي الله عنه : (فعلم تقلب الحق في الصور بتقليبه في الأشكال. فمن نفسه عرف نفسه، وليست نفسه بغير لهوية الحق، ولا شيء من الكون مما هو كائن ويكون بغير لهوية الحق، بل هو عين الهوية. فهو العارف والعالم والمقر في هذه الصورة، وهو الذي لا عارف ولا عالم، وهو المنكر في هذه الصورة الأخرى.)
قال الشيخ رضي الله عنه : (فعلم تقليب الحق في الصور بتقليبه في الأشكال فمن نفسه عرف نفسه)، أي نفس الحق (وليست نفسه بغير هوية الحق) السارية في الكل دنيا وأخرى .
قال رضي الله عنه : (ولا شيء من الكون مما هو كائن ويكون بغير لهوية الحق بل هو عين الهوية. فهو العارف والعالم والمقر في هذه الصورة وهو الذي لا عارف ولا عالم وهو المنكر في الصورة الأخرى هذا)، أي هذا النوع من المعرفة الذي لا يعقبه نكرة .

المواقف الروحية والفيوضات السبوحية شرح الأمير عبد القادر الجزائري 1300 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (فنفى الحق النصرة عن آلهة الاعتقادات على انفراد كل معتقد على حدته، والمنصور المجموع، والناصر المجموع. فالحق عند العارف هو المعروف الذي لا ينكر. فأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة.
فلهذا قال «لمن كان له قلب» فعلم تقلب الحق في الصور بتقليبه في الأشكال.
فمن نفسه عرف نفسه، وليست نفسه بغير لهوية الحق، ولا شيء من الكون مما هو كائن ويكون بغير لهوية الحق، بل هو عين الهوية.
فهو العارف والعالم والمقر في هذه الصورة، وهو الذي لا عارف ولا عالم، وهو المنكر في هذه الصورة الأخرى. )
وإن كانت تلك الصور مظاهر الأسماء إلهية جزئية، لما جاء أمر ربك ورب محمد صلى الله عليه وسلم  .وهي الحضرة الربية الكلية الجامعة للأرباب كلها.
فنفى الحق النصرة عن آلهة الاعتقادات المقيدة الجزئية كلها، يعني على انفراد كل إله مقید معتقد على حدته وانفراده، فإن المنصور من المعتقدين هو المجموع، وهم الذين اعتقدوا إطلاق إلههم ولم يقيدوه بمعتقد دون معتقد، فما حصروه في اعتقادهم خاصة. 
كما أن الناصر المجموع، وهي الحضرة الإلهية الجامعة، فلهذا كل من كان صحيح التصور لإلهه وتوجه إليه في أمر تسرع إليه الإجابة والحصول على المراد من نبي وولي غالبا . 
بخلاف غيرهم من أصحاب الاعتقادات المقيدة من أهل النظر العقلي. 
وأنظر قصة فخر الدين الرازي رحمه الله .
مطلب:
قال الشيخ الأكبر : أخبرني الرشيد الفرغاني رحمه الله عن فخر الدين شيخه بن الخطيب الرازي، عالم زمانه، أن السلطان حبسه وعزم على قتله، وما له شافع عنده مقبول.
قال : فطمعت أن أجمع همي في أمري أن يخلصني من يد السلطان، لما انقطعت بي الأسباب، وحصل اليأس من كل ما سوى الله، فما تخلص لي ذلك، لما يرد على من النسبة النظرية في إثبات الله، الذي ربطت معتقدي به، إلى أن جمعت همتي وكليتي على الإله الذي تعتقده العامة.
ورميت من نفسي نظري وأدلتي، ولم أجد في نفسي شبهة تقدح عندي فيه، وأخلصت إليه التوجه بكلي، فدعوته في التخلص. 
فما أصبح إلا وقد أفرج الله عني وأخرجني من السجن ، ومراده بالإله الذي تعتقده العامة، هو الإله الذي جاء وصفه في الكتاب والسنة، وهو غير مقيد ولا محصور، كما هو عقيدة عامة المؤمنين بأنه تعالى : "ليس كمثله شيء"  [الشورى: 11]
مع قبولهم الصفات السمعية التي لم تقبلها العقول، مع عدم التأويل لها، لا الإله الذي يعتقده أهل النظر ، وفخر الدين منهم. 
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فالحق عند العارف هو المعروف الذي لا ينكر. فأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة.)
وما نفعه إلهه، فالحق تعالى وتقدس هو، المعروف الذي لا ينكر في أي صورة تجلی من صور العالم أعلى وأدنى من العرش إلى الذر عند العارفین به تعالى، فإنها لا توجد صورة لا تكون هوية الحق تعالى باطنها سارية فيها. 
فالعارف لا يرى صورة إلا يرى الله قبلها، أو بعدها أو معها أو فيها، على اختلاف المشاهد، فإن الله عز وجل في كل شيء وجها
خاصا، هو تعالی حق ذلك الشيء، وذلك الشي حق بذلك الوجه. فأهل الحق تعالى المعروف لهم في الدنيا، المشهود عندهم في كل شيء، من غير حلول ولا اتحاد ولا امتزاج.
هم أهل الحق تعالى في الآخرة، المعروف لهم، فلا ينكرونه في شيء من تجلياته في الآخرة حين ينكره ويتعوذ منه من لم يعرفه في الدنيا بالإطلاق وعموم التجلي والظهور. 
أشار سيدنا رضي الله عنه بقوله : (فأهل المعروف في الدنيا إلى آخره ... إلى معنى الحديث الذي خرجه الطبراني على طريق أهل الإشارة، أنه صلى الله عليه وسلم  قال : "أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة وإن أهل المنكر في الدنيا هم أهل المنكر في الآخرة". رواه الحاكم في المستدرك و البخاري في الأدب المفرد  وإتحاف المهرة لابن حجر العسقلاني  والطبراني في المعجم الكبير والصغير والهيثمي في مجمع الزوائد والبيهقي في السنن الكبرى وشعب الإيمان وابن أبي شيبة في مصنفه.
والأهل لغة، الأقارب وأهل الله هذا المقربون منه القرب المعنوي لمعرفته وطاعته ، كما ورد : "الأقربون أولى بالمعروف ".
أي الأقربون إلى الله أولى به، وهو المعروف الذي لا ينكر .

تنبيه:
إن العارفين لا يمنعون أهل النظر والفكر عن نظرهم، لأن ذلك هو مرتبتهم وإنما يمنعون العمل بما ينتجه الفكر من التلبيس، فإنه ما من علم من العلوم الظنية إلا ويجوز أن ينال العلم اليقيني به من طريق الكشف، ولهذا جعل المحققون من الصوفية أفلاطون الحكيم من العلماء بالله ، لأنه خرج بنظره مخرج الكشف، فما كرهه من کرهه من أهل الإسلام إلا لنسبته إلى الفلسفة لجهلهم بمدلول هذه اللفظة.

تقول سیدنا رضي الله عنه : (فلهذا قال : "لمن كان له قلب" [ق: 37] يعلم تقليب الحق في الصور بتقليبه في الأشكال، فمن نفسه عرف نفسه، وليست نفسه بغير الهوية الحق، ولا شيء من الكون مما هو كائن ويكون بغير لهوية الحق، بل هو عين الهوية. فهو العارف والعالم والمقر في هذه الصورة، وهو الذي لا عارف ولا عالم وهو المنكر في هذه الصورة الأخرى)
يقول رضي الله عنه
فلهذا، أي لكون العقل قيدا فيحصر الأمر الإلهي في نعت واحد. والحقيقة تأبى الحصر.
 قال تعالى على طريق الإشارة : "إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب " [ق: 37] .
وما قال تعالى لمن كان له عقل، لأن علم صاحب القلب السليم العارف بالله و بتجلياته فوق علم صاحب العقل.
فإنه جاهل بالتجليات، بل يمنع تقليب الحق في الصور، وهي الشؤون التي هو تعالى فيها كل يوم. 
علم صاحب القلب تقليب الحق في الصور بتقليبه هو في الأشكال والأحوال، حيث عرف العارف أنه مخلوق عاجز لا حركة له من ذاته ، وأن هذا التقليب حصل له من غيره، وليس إلا الحق تعالى فتقليب الحق في الصور سبب في تقليب العيد في الأشكال. 
فما عرف العبد العارف الحق تعالى إلا من معرفته نفسه، ولذا ورد: «من عرف نفسه عرف ربه» .
فمعرفته النفس سلم إلى معرفة الحق. لأن نفس العارف الإنسانية المقيدة هي النفس الإلهية المطلقة، فمن معرفته نفسه المقيدة عرف نفسه المطلقة . 
وليست نفسه المقيدة بغير هوية الحق السارية في النفس الإنسانية ولا سريان، وليس سريان الهوية خاصا بالنفس الإنسانية، بل لا شيء من الكون، وهو الداخل تحت قوله تعالى : "كن" [البقرة: 117] مما هو كائن في الماضي والحال من الممكنات، أو يكون في المستقبل، فإنها لا نهاية لتكوينها بغير هوية الحق السارية، فلا شيء بغير هوية الحق السارية ، بل هو عينها لا غيرها. 
ولما كانت هوية الحق عين صورة الإنسان كان الحق هو العارف والعالم من كل صورة ينسب إليها المعرفة والعلم به تعالى، وهو المقر بالربوبية، في هذه الصورة التي حصل الإقرار منها، لأن المتجلي والمتجلى له عين واحدة في صورتين مختلفتين، وهو الذي لا عارف ولا عالم، وهو المنكر في هذه الصورة الأخرى.
 وكذلك إذا ظهر لعارف فهو ظاهر لنفسه، لأن ذلك العارف وجه من وجوهه.
وإذا بطن عمن بطن من الجاهلين فهو باطن عن نفسه، لأن ذلك الجاهل مظهر من مظاهره. 
وحيث كانت الصورة هي أحكام الأعيان الثابتة فلا تبالي بما تنسب إليها من العلم والجهل وغير ذلك. 
ثم اعلم أن سيدنا رضي الله عنه غاير بين العالم والعارف، إذ العطف يقتضي المغايرة.
لأن العالم عند سيدنا أعلى مرتبة من المعارف، وإن كان العلم والمعرفة في الحد والحقيقة على السواء في كشف الشيء على ما هو عليه ، حيث أنه تعالى أثني بالعلم على من اختصه من عباده أكثر مما أثنى على العارفين. 
فالعارف لا يرى إلا حقا وخلقا. 
والعالم يرى حقا وخلقا في خلق فيرى ثلاثة .
وهذا المذكور في الأسرار الربانية والمشاهد الإلهية حظ من عرف الحق جل جلاله  من طريق التجلي والشهود في عين الجمع بين الظاهر والباطن.
فهو معنى قوله : "لمن كان له قلب" [ق: 37]. 
.

    
واتساب

No comments:

Post a Comment