Thursday, September 12, 2019

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة الثانية عشر .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة الثانية عشر .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة الثانية عشر .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي لجامعها عبدالله المسافر بالله

12 - The Wisdom of the Heart in the Word of Shu'aib 

الفقرة الثانية عشر:
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  هذا حظ من عرف الحق من التجلي والشهود في عين الجمع، فهو قوله «لمن كان له قلب» يتنوع في تقليبه.
وأما أهل الإيمان وهم المقلدة الذين قلدوا الأنبياء والرسل فيما أخبروا به عن الحق، لا من قلد أصحاب الأفكار والمتأولين الأخبار الواردة بحملها على أدلتهم العقلية، فهؤلاء الذين قلدوا الرسل صلوات الله عليهم وسلامه هم المرادون بقوله تعالى «أو ألقى السمع» لما وردت به الأخبار الإلهية على ألسنة الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، وهو يعني هذا الذي ألقى السمع شهيد ينبه على حضرة الخيال واستعمالها، وهو قوله عليه السلام في الإحسان «أن تعبد الله كأنك تراه»، والله في قبلة المصلي، فلذلك هو شهيد. )

قال الشيخ رضي الله عنه: (هذا حظ من عرف الحق من التجلي والشهود في عين الجمع، فهو قوله «لمن كان له قلب» يتنوع في تقليبه.  وأما أهل الإيمان وهم المقلدة الذين قلدوا الأنبياء والرسل فيما أخبروا به عن الحق، لا من قلد أصحاب الأفكار والمتأولين الأخبار الواردة بحملها على أدلتهم العقلية، فهؤلاء الذين قلدوا الرسل صلوات الله عليهم وسلامه هم المرادون بقوله تعالى «أو ألقى السمع» لما وردت به الأخبار الإلهية على ألسنة الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، وهو يعني هذا الذي ألقى السمع شهيد ينبه على حضرة الخيال واستعمالها، وهو قوله عليه السلام في الإحسان «أن تعبد الله كأنك تراه»، والله في قبلة المصلي، فلذلك هو شهيد. )

(هذا) الأمر المذكور (حظ)، أي نصيب (من عرف الحق) تعالى (من طريق التجلي) أو الانكشاف الإلهي (والشهود) العياني للقائمين (في عين الجمع) الحقيقي الموروث للأولياء عن الأنبياء والمرسلين بحسب المتابعة وكمال الاقتداء في الظاهر والباطن عن صدق وإخلاص.
(فهو)، أي ما ذكر معنى قوله تعالى (ولمن كان له قله) وذلك القلب (بتنوع في تقليبه) أنواع كثيرة فيتبدل له رب الحق تعالى بالتجلي عليه في صور مختلفة يعرفه بها كلها فلا ينكره في شيء منها أصلا في الدنيا والآخرة.
(وأما أهل الإيمان)، أي التصديق بوجود الله تعالى من غير شهود ولا كشف فهم المقلدة) جمع مقلد (الذين قلدوا)، أي اتبعوا (الأنبياء والرسل) عليهم الصلاة والسلام (فيما)، أي في جميع ما (أخبروا به عن الحق) تعالى من الأوصاف والأسماء والأمور المغيبة من أخبار الأمم قبل يوم القيامة وأحوال الموت والقبر والقيامة (لا) أهل الإيمان (من قلد)، أي اتبع (أصحاب الأفكار) المتحكمين بأفكارهم على معاني ما ورد عن الحق تعالى (و المتأولين)، أي عارفين معاني (الأخبار الواردة)، عن الحق تعالى في الكتاب والسنة عما يريده الله تعالى منها مما هو غيب عنا (بحملها على أدلتهم) العقلية بحسب ما تقتضيه مما فهموه بأفكارهم (فهولاء)، أي أهل الإيمان (الذين) هم قد (قلدوا)، أي اتبعوا (الرسل صلوات الله عليهم) مصدقين بجميع ما ورد عنهم من الأخبار الإلهية والنبوة على حسب ما يعلمه الله تعالى من ذلك وتعلمه أنبياؤه ورسله علیهم السلام لا على حسب ما يفهمونه بعقولهم وأفكارهم.
(هم المرادون بقوله) عز وجل في الآية المذكورة سابقة أن في ذلك "لذكرى "لمن كان له قلب" (أو ألقى السمع)، أي سمعه (لما وردت به الأخبار الإلهية) المذكورة (على ألسنة) جمع لسان (الأنبياء عليهم السلام وهو يعني هذا) الإنسان (الذي ألقي)، أي أمال وطرح مصغية (السمع) منه لما ذكر ("شهيد")، أي مشاهد لما ألقى السمع وإن لم يكن عارفا به.

( ينبه) سبحانه بذلك (على حضرة الخيال) المقيدة للمطلق (وعلی) جواز استعمالها في معرفة المطلق للضرورة، إذ لا يمكن الممكن المفيد أن يعرف الواجب المطلق إلا مفيدة بقيود من طرفه لا من طرف الواجب، فيعرف الواجب المطلق بذلك ويعرف أنه ما عرفه إلا بما منه لا بما من الواجب المطلق.
ويعرف أنه عرف الواجب المطلق من وجه ما منه وما عرف الواجب المطلق من وجه ما من الواجب المطلق، فالواجب المطلق عنده موصوف بأنه الظاهر له من وجه ما منه ، والباطن عنه من وجه ما هو الواجب المطلق عليه في نفسه.
فهو مشاهد له من حيث ما هو ظاهر له، وعاجز عنه من وجه ما هو باطن عنه، ولهذا ورد عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه كان يقول من حيث الظهور : اما رأيت شيئا إلا ورأيت الله فيها، وكان يقول من حيث البطون «العجز عن درك الإدراك إدراك»
(وهو)، أي هذا المعنى المذكور (معنى قوله)، أي النبي (عليه السلام) في بيان مقام (الإحسان).
فالإحسان (أن تعبد الله) تعالى بأن تأتي بكل ما أمرك به سبحانه بأمر قطعي أو ظني، وتنتهي عن كل ما نهاك عنه تعالی بنهي قطعي أو ظني على حسب ما اقتضاه اجتهادك أو اجتهاد إمامك في الظاهر والباطن.
والحال أنك (كأنك)، أي مثل أنك (تراه)، أي تنظره سبحانه، فإن من كان ممكنا لا يرى الواجب إلا برؤية ممكنة مقتضية لصورة من طرف الرائي وصورة من طرف المرئي تحول بينه وبين الواجب .
فيصير كأنه يراه لا أنه يراه، فإن الرؤية شرطها عدم الحجاب بين الرائي والمرئي وهنا الصورتان حجابان بينهما، وقد يراه في صورة نفسه فيكون حجاب واحد بينهما وقد تضاف الرؤية بوجه غيبي أتم عند الرائي إلى الظاهر بصورة الرائي للظاهر بصورة المرئي ويكون الرائي و المرئي واحدة والصورة بينهما فارقة مميزة للحضرتين.
وهو قوله: «وإن لم تكن تراه فإنه يراك»، أي فإن لم تكن تراه ، لأنه عينك التي تبصر بها فإنه يراك بعينك التي ترى بها نفسك فإنك مرئي لا رائي وهو رائي لا مرئي (و) قوله صلى الله عليه وسلم : (الله في قبلة المصلي).
""أضاف المحقق :  يشير إلى قوله : "إذا كان أحدكم يصلي فلا يبصق قبل وجهه فإن الله قبل وجهه إذا صلى"  رواه البخاري ورواه مسلم ورواه غيرهما""

وفي رواية الترمذي: «وإن الله أمركم بالصلاة، فإذا صليتم فلا تلتفتوا فإن الله ينصب وجهه لوجه عبده فى صلاته ما لم يلتفت … الحديث ".
ورواه أبو داود في سننه وابن حبان في صحيحه وفي الإيمان لابن مندة ونيل الأوطار للشوكاني وصحيح الترمذي للألباني ورواه غيرهما
تلتفتوا فإن الله عز وجل ينصب وجهه لوجه عبده فى صلاته ما لم يلتفت».
ومعنى ذلك مقابلة العبد للصورة التي في نفسه يرى ربه تعالی تجلى عليه فيها فيعبد الله تعالی بصلاته وهو كأنه يراه .
وقوله : ينصب وجهه فإن تلك الصورة شيء. 
وقد قال تعالى : "كل شيء هالك إلا وجهه" [القصص: 88] 
والوجه هو الحقيقة الإلهية الوجودية المحضة المنزهة عن جميع القيود الحسية والعقلية .
(فلذلك)، أي لكونه يستعمل حضرة الخيال في وقت عبادة ربه فيعبده سبحانه وهو متصور له كأنه يراه من غير حصوله في صورة (هو)، أي من ألقى سمعه (شهید)، أي مشاهد للحق تعالی سواء عرف أو لم يعرف فإن عرف كان من القسم الأول الذين هم أهل التجلي والشهود في عين الجمع وإن لم يعرف كان من أهل الإيمان المقلدين للأنبياء و المرسلين فيما جاءوا به من رب العالمين .

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  هذا حظ من عرف الحق من التجلي والشهود في عين الجمع، فهو قوله «لمن كان له قلب» يتنوع في تقليبه.
وأما أهل الإيمان وهم المقلدة الذين قلدوا الأنبياء والرسل فيما أخبروا به عن الحق، لا من قلد أصحاب الأفكار والمتأولين الأخبار الواردة بحملها على أدلتهم العقلية، فهؤلاء الذين قلدوا الرسل صلوات الله عليهم وسلامه هم المرادون بقوله تعالى «أو ألقى السمع» لما وردت به الأخبار الإلهية على ألسنة الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، وهو يعني هذا الذي ألقى السمع شهيد ينبه على حضرة الخيال واستعمالها، وهو قوله عليه السلام في الإحسان «أن تعبد الله كأنك تراه»، والله في قبلة المصلي، فلذلك هو شهيد. )

قال رضي الله عنه : (وهذا) أي علم تقليب الحق في الصور المتنوعة عند التجليات (حظ) أي نصيب (من عرف الحق من التجلي والشهود). قوله : (في عين الجمع) يتعلق بعرف أي عرف الحق في عين الجمع من مشاهدة تقليبات نفسه في الصور لا حظ من عرف  الحق، بالنظر العقلي .
قال رضي الله عنه : (فهو) أي الحظ المذكور وهو المراد من (قوله لمن كان له قلب يتنوع في تقليبه) أي في تقليب الحق في الصور أو في تقليب نفسه في الصور .
فالمراد من قوله : "لمن كان له قلب"  الأنبياء والرسل عليهم السلام والأولياء وهم أهل القلوب .
هذا هو أهل الإيمان الذي تخلصوا عن قيد التقليد ونالوا درجة التحقيق في الإيمان وهم المسمى بأهل الحقيقة عند الصوفيين .
قال رضي الله عنه : (وأما أهل الإيمان وهم المقلدة الذين قلدوا الأنبياء والرسل عليهم السلام فيما أخبروا به عن الحق) 
وقوله : (لا من قلد أصحاب الأفكار) توبيخ للفلاسفة ومن قلدهم فالمراد بأصحاب الأفكار الفلاسفة قوله : (و) لا من قلد (المتأولين الأخبار الواردة بحملها على أدلتهم العقلية) توبيخ للمعتزلة ومن تابعهم حيث لم يعدهم من أهل الإيمان ولا فرق بين متأول النصوص ومنكره عنده في أنه ليس من أهل الإيمان .
هذا إذا عارض النص الأدلة العقلية ، وأما إذا تعارضت النصوص فالتأويل الشرعي واجب توفيقا لأحكام الشرعية .
فتأويل أهل السنة بعض الأحكام على مقتضى الشرع و تأويل المعتزلة على مقتضى العقل فما قلدوا الأنبياء عليهم السلام من الفرق إلا أهل السنة .
قوله رضي الله عنه  : (فهؤلاء الذين فقدوا الرسل) عليهم السلام جواب أما (هم المرادون بقوله: " إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (37) سوة ق"
قوله رضي الله عنه  : "أو القى السمع") وإلقاء السمع القبول (لما وردت به الإختبارات الإلهية على السنة الأنبياء عليهم السلام) من غير التفات إلى الأدلة العقلية .
قال رضي الله عنه : (وهو يعني هو الذي ألقى السمع) للإخبارات الإلهية ("وهو شهيد") أي شاهد ومؤمن بتقليب الحق في الصور بسبب إلقاء سمعه للإخبارات الإلهية لأنه عارف من تقليب نفسه في الصور تقليب الحق في الصور يسمونه أهل الله مؤمنا.
فمن لم يكن فمن كله له قلب أو ممن ألقى السمع فليس بمؤمن عند أهل الله .
فإيمان صاحب القلب إيمان عيني وإيمان صاحب السمع إيمان بالغيب المطلق بما هو الأمر عليه في نفسه .
قال الإمام علي رضي الله عنه : "لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا" 
مع أنه مكشوف الغطاء لكن مراده إخبار عن هذا المقام فمن تفرق عن أهل السنة والجماعة فليس بمؤمن عندهم لعدم نصيبهم من هذه الآية.
بل نصيبهم من قوله : "إذ تبرأ الذين أتبعوا من الذين اتبعوا"
(ينبه) الحق بقوله أو ألقى السمع وهو شهيد (علی حضرة الخيال) وهي قوة من القوى الإنسانية التي تظهر فيها الصور الخيالية (و) على (استعمالها) فإن إلقاء السمع يدل على استعمال حضرة الخيال فهذا التنبيه من الله أمر باستعمال القوة الخيالية ونهى عن استعمال القوة المفكرة .
فإن من استعمل القوة الفكرية يسد عليه باب الكشف لذلك منع أهل الله عن الطالب الاشتغال بظواهر العلوم التي تحصل عن استعمال القوة النظرية وجعل مشغولا بالذكر لتسكين المفكرة عن حركاتها .

قال رضي الله عنه : (وهو) أي معنى قوله: "أو ألقى السمع وهو شهيد" معنى (قوله عليه السلام في الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه).
وقال في حديث آخر (والله في قبلة المصلي) الذي يصلي كأنه يراه.
(فلذلك) أي فلكون الحق في قبلة ذلك المصلي (هو) أي المصلي الذي يصلي ، يصلي بالحضور (شهيد) للحق فمن لم يصل الله كأنه يراه فهو ليس بمصلي ، فليس بشهيد للحق لذلك قالوا: لا صلاة إلا بالحضور.


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  هذا حظ من عرف الحق من التجلي والشهود في عين الجمع، فهو قوله «لمن كان له قلب» يتنوع في تقليبه.
وأما أهل الإيمان وهم المقلدة الذين قلدوا الأنبياء والرسل فيما أخبروا به عن الحق، لا من قلد أصحاب الأفكار والمتأولين الأخبار الواردة بحملها على أدلتهم العقلية، فهؤلاء الذين قلدوا الرسل صلوات الله عليهم وسلامه هم المرادون بقوله تعالى «أو ألقى السمع» لما وردت به الأخبار الإلهية على ألسنة الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، وهو يعني هذا الذي ألقى السمع شهيد ينبه على حضرة الخيال واستعمالها، وهو قوله عليه السلام في الإحسان «أن تعبد الله كأنك تراه»، والله في قبلة المصلي، فلذلك هو شهيد. )

قال رضي الله عنه : (  هذا حظ من عرف الحق من التجلي والشهود في عين الجمع، فهو قوله «لمن كان له قلب» يتنوع في تقليبه. وأما أهل الإيمان وهم المقلدة الذين قلدوا الأنبياء والرسل فيما أخبروا به عن الحق، لا من قلد أصحاب الأفكار والمتأولين الأخبار الواردة بحملها على أدلتهم العقلية، فهؤلاء الذين قلدوا الرسل صلوات الله عليهم وسلامه هم المرادون بقوله تعالى «أو ألقى السمع» لما وردت به الأخبار الإلهية على ألسنة الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، وهو يعني هذا الذي ألقى السمع شهيد ينبه على حضرة الخيال واستعمالها، وهو قوله عليه السلام في الإحسان «أن تعبد الله كأنك تراه»، والله في قبلة المصلي، فلذلك هو شهيد. )

فقال: لأن إله صاحب هذا المعتقد مثلا ما له حكم في إله المعتقد الآخر بل الخلف بينهم قائم.
وأيضا فإذا نصر المعتقد مذهبه، فربه الخاص به لا ينصره، لأنه رب وهمي لا حقيقة له، فلا يكون لنصرة مذهبه أثر ظاهر ينقطع به النزاع وكذلك المقاوم له ولا يزال النزاع قائما .
ولذلك قال: يكفر بعضهم بعضا، ويلعن بعضهم بعضا وما لهم من ناصرین، فذكر أنه لا ناصر لهم فقد نفيه الحق تعالى النصرة عن آلهة الاعتقادات.
قال: فالحق عند العارف المعروف الذي لا ينكر ولا يتنكر في نفس الأمر. 
قال: ومن دون العارفين هم المؤمنون وهم الذين قيل فيهم أو ألقي السمع وهو شهيد وليس من هؤلاء مقلدوا أصحاب الرأي الذي نزلوا الأخبار الإلهي إلى مراتب أدلتهم النظرية.
فإن تقليد أوليك ليس هو تقليدا للأنبياء عليهم السلام، ولا هم أتباع الأنبياء، ويوم القيامة يتبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا، والرسل، عليهم السلام، لا يتبرؤون من أتباعهم الذين اتبعوهم.

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  هذا حظ من عرف الحق من التجلي والشهود في عين الجمع، فهو قوله «لمن كان له قلب» يتنوع في تقليبه.
وأما أهل الإيمان وهم المقلدة الذين قلدوا الأنبياء والرسل فيما أخبروا به عن الحق، لا من قلد أصحاب الأفكار والمتأولين الأخبار الواردة بحملها على أدلتهم العقلية، فهؤلاء الذين قلدوا الرسل صلوات الله عليهم وسلامه هم المرادون بقوله تعالى «أو ألقى السمع» لما وردت به الأخبار الإلهية على ألسنة الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، وهو يعني هذا الذي ألقى السمع شهيد ينبه على حضرة الخيال واستعمالها، وهو قوله عليه السلام في الإحسان «أن تعبد الله كأنك تراه»، والله في قبلة المصلي، فلذلك هو شهيد. )

قال رضي الله عنه : (هذا حظَّ من عرف الحق من التجلَّي ، والشهود في عين الجمع ، وهو قوله : " لِمَنْ كانَ لَه ُ قَلْبٌ " يتقلَّب في تقليبه . وأمّا أهل الإيمان فهم المقلَّدة الذين قلَّدوا الأنبياء والرسل ، فيما أخبروا به عن الحق ، لا من قلَّد أصحاب الأفكار والمتأوّلين للأخبار الواردة بحملها على أدلَّتهم العقلية ، فهؤلاء الذين قلَّدوا الرسل عليهم السّلام هم المرادون بقوله : " أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ " لما وردت به الأخبار الإلهية على ألسنة الأنبياء و " هُوَ " يعني هذا الذي ألقى السمع "شَهِيدٌ " ينبّه على حضرة الخيال واستعمالها ، وهو قوله عليه السّلام في الإحسان :  "أن تعبد الله كأنّك تراه " والله في قبلة المصلَّي ، فلذلك هو شهيد ).
قال العبد  اعلم : أنّ الشهود قد يكون بمعنى الحضور بالمشهود ، وقد يكون بمعنى الرؤية والشهود للمبصر بالبصر ، وقد يكون للحقائق بالبصائر ، وقد يكون بأحدية جمع البصائر بالأبصار .
وللشهود مراتب : فقد يشهد التجلَّي في حضرة الخيال ، وقد يكون المشهود ممثّلا في عالم الحسّ ، كما مثّلت الجنّة للرسول في عرض الحائط ، وكتمثّل جبرئيل عليه السّلام في صورة دحية والبشر السويّ المذكور في القرآن .
وتحريض الرسول على تمثيل الحق في حضرة الخيال ، بقوله صلى الله عليه وسلم حكاية عن الله في الثناء على العالمين العابدين له : « قد مثّلوني في أعينهم » إنّما هو إرشاد وترقية لهمّة العارف ، أن يرى ويشهد الحقائق والمعاني ظاهرة كفاحا ، فإنّ في قوّة الحقيقة الإنسانية ذلك ، فاعرفه .

وقوله : « كأنّك تراه » استحضار لصورة المعبود بموجب المعتقد ، فإذا قوي الاستحضار وغلب الحال ، كان المعلوم مشهودا بالبصيرة ، وإذا كمل الشهود كان مشهودا بأحدية جمع البصر والبصيرة .
كما أشرنا إليه في الغرّاء الداليّة لنا :
ومتّحد أبصارنا ببصائر   ....    لإبصار وجه الحق حقا حدائد
" فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ " .
وهذا أكمل ما في مقام الشهود ، أن يشهد الحق كما يشهد الحق نفسه ، يعني شهود الحق نفسه في نفسه بنفسه وبه فيه ، فافهم فإذا تحقّق العبد بهذا المقام ، فهو الشاهد وهو المشهود ، وذلك أوّل مراتب الولاية ، فهذا المشاهد الشاهد وليّ الله والله وليّه .

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  هذا حظ من عرف الحق من التجلي والشهود في عين الجمع، فهو قوله «لمن كان له قلب» يتنوع في تقليبه.
وأما أهل الإيمان وهم المقلدة الذين قلدوا الأنبياء والرسل فيما أخبروا به عن الحق، لا من قلد أصحاب الأفكار والمتأولين الأخبار الواردة بحملها على أدلتهم العقلية، فهؤلاء الذين قلدوا الرسل صلوات الله عليهم وسلامه هم المرادون بقوله تعالى «أو ألقى السمع» لما وردت به الأخبار الإلهية على ألسنة الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، وهو يعني هذا الذي ألقى السمع شهيد ينبه على حضرة الخيال واستعمالها، وهو قوله عليه السلام في الإحسان «أن تعبد الله كأنك تراه»، والله في قبلة المصلي، فلذلك هو شهيد. )

قال رضي الله عنه : ( فهذا حظ من عرف الحق من التجلي والشهود في عين الجمع ) أي علم القلب الذي عرف الحق بالحق من نفسه التي هي عين هوية الحق ، حظ من عرف الحق بطريق التجلي والشهود في عين الجمع لا بالفكر والبرهان ، كما هو طريق العقلاء من أصحاب الاعتقادات ، فإن البرهان لا يعطى كون الحق عين كل شيء من الأشياء المتضادة.

قال رضي الله عنه : ( فهو قوله :" لِمَنْ كانَ لَه قَلْبٌ " يتنوع في تقليبه ) أي فذلك العالم والحظ لمن كان له قلب يتنوع بتنوع التجليات ، ويتقلب في قوالبها كما ذكر .

قال رضي الله عنه : "وأما أهل الإيمان فهم المقلدة الذين قلدوا الأنبياء والرسل فيما أخبروا به عن الحق ، لا من قلد أصحاب الأفكار والمتأولين الأخبار الواردة بحملها على أدلتها العقلية ، فهؤلاء الذين قلدوا الرسل صلى الله عليهم وسلَّم هم المرادون بقوله "أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ" لما وردت به الأخبار الإلهية على سنة الأنبياء ، وهو يعنى هذا الذي ألقى السمع شهيد ينبه على حضرة الخيال واستعمالها ، وهو قوله عليه الصلاة والسلام في الإحسان « أن تعبد الله كأنك تراه » والله في قبلة المصلى فلذلك هو شهيد " .
أي أهل الإيمان الذين قلدوا الرسل عليهم الصلاة والسلام لا الذين قلدوا العقلاء ، هم المرادون بقوله – " أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ " - لما ورد من القرآن والخبر وهو شهيد ، أي حاضر بقلبه على حضرة الخيال ، فإن الشهود قد يكون بمعنى الحضور وقد يكون بمعنى الرؤية والبصر بالمبصرات ، وقد يكون بالتجلي الخيالي والتمثل في الحس من حضرة الخيال ، وقد يكون بالبصائر للحقائق ، وقد يكون بأحدية جمع البصائر والأبصار ، وقد يكون بعين الحق للحضرة الإلهية من قوله « كنت سمعه وبصره » .

"" أضاف بالي زادة :   فإن إلقاء السمع يدل على استعمال حضرة الخيال والنهى عن استعمال القوة المفكرة ، وهو أي معنى قوله : " أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وهُوَ شَهِيدٌ " معنى قوله « الإحسان أن تعبد الله » اهـ بالى""  .

وقد يكون بمعنى شهود الحق ذاته بذاته وهو شهود أهل الولاية ، والمراد هنا الشهود في الحضرة الخيالية للتمثل الحسي ، كما مثلت الجنة لرسول الله صلى الله عليه وسلَّم في عرض الحائط ، ومثل جبريل في صورة دحية وفي صورة البشر السوىّ لمريم .
يعنى وهو عند إلقاء السمع حاضرة ما تمثل رسول الله صلى الله عليه وسلَّم باستعمال القوة الخيالية في حضرتها .
أو شاهد ما تمثل فيها إن قدر ، وهو أي شهوده أو استعمال القوة الخيالية قوله عليه الصلاة والسلام ، أي مثل قوله « أن تعبد الله

كأنك تراه « في صورة المعتقد الذي عندك ، وقوله : والله في قبلة المصلى كذلك ، فذلك الحضور الخيالي هو شهيد ، فإذا قوى الاستحضار الخيالي وغلب الحال صار الشهود الخيالي مشهودا بالبصيرة ، فإذا صار أقوى وأكمل كان مشهودا بأحدية جمع البصر والبصيرة ، والنهاية مقام الولاية وهو شهود الحق ذاته بذاته فيكون الشاهد عين المشهود


مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  هذا حظ من عرف الحق من التجلي والشهود في عين الجمع، فهو قوله «لمن كان له قلب» يتنوع في تقليبه.
وأما أهل الإيمان وهم المقلدة الذين قلدوا الأنبياء والرسل فيما أخبروا به عن الحق، لا من قلد أصحاب الأفكار والمتأولين الأخبار الواردة بحملها على أدلتهم العقلية، فهؤلاء الذين قلدوا الرسل صلوات الله عليهم وسلامه هم المرادون بقوله تعالى «أو ألقى السمع» لما وردت به الأخبار الإلهية على ألسنة الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، وهو يعني هذا الذي ألقى السمع شهيد ينبه على حضرة الخيال واستعمالها، وهو قوله عليه السلام في الإحسان «أن تعبد الله كأنك تراه»، والله في قبلة المصلي، فلذلك هو شهيد. )

قال رضي الله عنه :  ( هذا حظ من عرف الحق من التجلي والشهود في عين الجمع . ) أي ، هذا العلم الذي حصل للقلب من نفسه وعرف الحق وتقلباته في الصور من عين تقلباته في العوالم ، حظ من شاهد مقام الجمع من التجلي الإلهي ، وعرف الحق فيه ، لاحظ لأهل العقل وأصحاب الفكر المحجوبين عنه وعن تجلياته وتقلباته في الصور .
( فهو قوله : " لمن كان له قلب " . يتنوع في تقليبه . ) أي ، هذا الحظ المذكور من العلم والمعرفة والشهود والتجلي .
هو المعنى من قوله : ( لمن كان له قلب ) .
ويؤيده ما بعده من قوله : ( هم المرادون بقوله : " أو ألقى السمع وهو شهيد" .)
أي ، المعنى من قوله : ( لمن كان له قلب ) . صاحب الشهود .
والمعنى بقوله : ( أو ألقى السمع ) المقلدون للرسل .
( فهو ) مبتدأ ، و ( قوله ) قائم مقام الخبر . و ( يتنوع ) صفة ( للقلب ) .
وضمير قوله : ( في تقليبه ) يجوز أن يعود إلى ( الحق ) . أي ، في تقليب الحق إياه .
ويجوز أن يعود إلى ( القلب ) . أي ، في تقليبه نفسه في الصور .
قال الشيخ رضي الله عنه : (وأما أهل الإيمان وهم المقلدة الذين قلدوا الأنبياء والرسل ، عليهم السلام  والصلاة ، فيما أخبروا به عن الحق ، لا من قلد أصحاب الأفكار والمتأولين للأخبار الواردة بحملها على أدلتهم العقلية ، فهؤلاء الذين قلدوا الرسل ، صلوات الله عليهم ، هم المرادون بقوله : "أو ألقى السمع " لما وردت به الأخبار الإلهية على ألسنة الأنبياء ، عليهم الصلاة والسلام . )
أي ، وأما نصيب أهل الايمان والمقلدين للأنبياء والأولياء من هذه الآية ، قوله تعالى : "أو ألقى السمع وهو شهيد " .
فإن ( إلقاء السمع ) إنما يكون عند القبول لما جاء به الأنبياء والرسل من غير طلب دليل عقلي . ولما كان أصحاب الأفكار والمتأولين للأخبار على ما يقتضيه طريق عقولهم على نهج غير موصل لما هو في نفس الأمر من الحقائق.
قال : ( لا من قلد أصحاب الأفكار ) لأن المتبوع إذا كان جاهلا بما هو الأمر عليه ، فالتابع أولى
به . ( وهو ، يعنى هذا الذي ألقى السمع ، شهيد . ) أي ، المؤمن الذي ألقى السمع بالأخبار الإلهية ، شهيد .
و ( للشهيد ) معنيان :
أحدهما ، حاضر . أي ، حاضر مراقب لما يبلغه الأنبياء من الأخبار النازلة عليهم .
وثانيهما ، شاهد .
و ( للشهود ) مراتب :
إحديها ، الرؤية بالبصر .
وثانيها ، الرؤية بالبصيرة في عالم الخيال .
وثالثها ، الرؤية بالبصر والبصيرة معا .
ورابعها ، الإدراك الحقيقي للحقائق مجردة عن الصور الحسية . وكل منها بعين نفسه أو ربه .
والمراد هنا كلا المعنيين : الحضور ، والرؤية في عالم الخيال .
أما الحضور ، فإنه لو لم يكن حاضرا أو مراقبا ، لا يحصل له الرؤية المثالية .
فالذي يلقى سمعه ، يكون مشاهدا للأشياء في حضرة الخيال ، ويكون مؤمنا لما في باقي الحضرات .
لذلك قال رضي الله عنه  : ( ينبه على حضرة الخيال واستعمالها . ) أي ، الحق ينبه بهذا القول على حضرة الخيال ، إذ أول ما ينكشف للمؤمن حضرة الخيال ، وهو المثال المقيد ، ثم يسرى إلى المثال المطلق الذي هو عالم الأرواح . كما مر بيانه .
وكذلك ينبه على الوصول إلى هذا المقام ، وهو المراد بقوله : ( واستعمالها ) . أي ، واستعمال الحضرة الخيالية .
وهي القوة التي فيها تظهر الصور الخيالية ، واستعمالها إنما يكون بالتجرد التام والتوجه الكلى
بالقلب إلى العالم العلوي ، من غير اتباع العقل واستعمال للمفكرة .
فإنه كما يتحرك ، ينفتح له طريق الفكر وينسد عليه باب الكشف ، بل يتوجه توجها تاما عند تسكين المفكرة عن حركاتها بالذكر
.
قال الشيخ رضي الله عنه : (وهو قوله ، عليه السلام ، في الإحسان : " أن تعبد الله كأنك تراه ". "والله في قبلة المصلى" . فلذلك هو شهيد . )
( هو ) عائد إلى ( الاستعمال ) . أو ( الشهود ) . أي ، ذلك الاستعمال ، أو الشهود ، كقوله ، عليه السلام ، في الإحسان : " أن تعبد الله كأنك تراه " . أي ، بمراقبة تامة وتوجه كلي ، كأنك مشاهد للحق ، لأن مثل هذه المراقبة تفتح أبواب الغيوب ، فتحصل هذه الرؤية العيانية ، فيرتفع حكم ، كأن الذي كان يقوم مقام المشاهدة .
وقوله : " والله في قبلة المصلى " هذا أيضا حديث آخر صحيح ، فإن كان المصلى ممن تكحل عينه بنور الحق واحتد بصره ، فيراه رؤية العين ، وإلا فينبغي أن يراقب بجمعية تامة ، ليكون كأنه يراه .
وقوله : "فلذلك هو شهيد " أي ، فلكون الحق في قبلة المصلى بصلاة الحضور والمراقبة ، هو شهيد للحق ، مشاهدا لوجهه الكريم في قبلته .
ومن يكمل استعداده ويقوى كشفه ، شاهد الحق في جميع الجهات ، فإنه فيها كلها ، كما
قال : "أينما تولوا فثم وجه الله " .

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  هذا حظ من عرف الحق من التجلي والشهود في عين الجمع، فهو قوله «لمن كان له قلب» يتنوع في تقليبه.
وأما أهل الإيمان وهم المقلدة الذين قلدوا الأنبياء والرسل فيما أخبروا به عن الحق، لا من قلد أصحاب الأفكار والمتأولين الأخبار الواردة بحملها على أدلتهم العقلية، فهؤلاء الذين قلدوا الرسل صلوات الله عليهم وسلامه هم المرادون بقوله تعالى «أو ألقى السمع» لما وردت به الأخبار الإلهية على ألسنة الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، وهو يعني هذا الذي ألقى السمع شهيد ينبه على حضرة الخيال واستعمالها، وهو قوله عليه السلام في الإحسان «أن تعبد الله كأنك تراه»، والله في قبلة المصلي، فلذلك هو شهيد. )

قال رضي الله عنه :  (هذا حظ من عرف الحق من التجلي والشهود في عين الجمع، فهو قوله «لمن كان له قلب» يتنوع في تقليبه.) 
(وهذا) أي: معرفة تقلب الحق في الصور المختلفة في التجليين (حظ من عرف الحق من التجلي) الشهودي، وليس وذلك من التجلي الواحد إلا عند الشهود في عين الجمع) وهو رؤية الكل عن هوية الحق، أي: تعیناته بالصور المختلفة، فهذا الشهود كالجنس المحيط بالأنواع المختلفة، فيختص بالقلب.
 (فهو) ما دل عليه قوله تعالى: "لمن كان له, قلب" [ق:37])؛ لأنه في قابلية الصور الجنس في قبول الفصول المنوعة (يتنوع في تقليبه) الصور على نفسه.
"" أضاف المحقق : قال الشيخ روزبهان: وقال بعضهم: للقلوب مراتب، فقلوب في قبضة الحق مأسورة وبكشفه مسرورة، وقلوب المحبين إليه والهة، فقلوب طائرة بالشوق إليه، وقلوب هاجت بالشغف هيمائا، أو قلوب اعتقدت فيه الأمال، وقلوب إلى ربها ناظرة، وقلوب تبكي من الفراق وشدة الاشتياق.
وقلوب ضاقت في دار الفناء وسمت إلى دار البقاء، وقلوب خاطبها في سرها، فزال عنها مرارة الأوجاع.
وقلوب سارت إليه بهمتها، وقلوب صعدت إليه بعزائم صدقها، وقلوب تقدمت بخدمته في الخلوات، وقلوب مرت في الهدايات، وابتغت من الله العناية، وقلوب شربت بكأس الوداد فاستوحشت من جميع العباد.
وقلوب ساقت في الطريق إليه، وقلوب انقطعت بالكلية إليه، فهذه مراتب القلوب في السلوك والقصد فهو متبع قصده.  ""

قال رضي الله عنه : ( وأما أهل الإيمان وهم المقلدة الذين قلدوا الأنبياء والرسل فيما أخبروا به عن الحق، لا من قلد أصحاب الأفكار والمتأولين الأخبار الواردة بحملها على أدلتهم العقلية، فهؤلاء الذين قلدوا الرسل صلوات الله عليهم وسلامه هم المرادون بقوله تعالى «أو ألقى السمع» لما وردت به الأخبار الإلهية على ألسنة الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، وهو يعني هذا الذي ألقى السمع شهيد ينبه على حضرة الخيال واستعمالها، وهو قوله عليه السلام في الإحسان «أن تعبد الله كأنك تراه»، والله في قبلة المصلي، فلذلك هو شهيد.)
ثم أشار إلى بيان من "أو ألقى الشمع وهو شهيد" .
فقال: (وأما أهل الإيمان) بطريق الصوفية؛ فهم المرادون بقوله: "أو ألقي السمع"، حذف الخبر بقرينة ما بعده (وهم المقلدة) لقصورهم عن بلوغ حد المشاهدة ولم يقتصروا، وأعلى تقليد الصوفية على خلاف الشرع، بل هم (الذين قلدوا الأنبياء والرسل عليهم السلام) الذين قولهم أقوى من دلائل أرباب النظر؛ لأن لهم دلائل عقلية نافية عن شوائب الوهم والخيال مؤيدة بالمعجزات، ودلائل أرباب النظر ليست كذلك.
فلذا قال: (لا من قلد أصحاب الأفكار) المتعارضة وإن كانوا من المتباركين الأخيار مع أن ظواهرها قريبة لتأويلات أهل الكشف مؤيدة بالدلائل أيضا، نافية عن شوائب الأوهام والخيالات، (بحملها على) مقتضى (أدلتهم العقلية)، وإن كانت لا تخلو عن شوائب الأوهام والخيالات، فيئولون حديث التحول في الصور بظهور الملك بإذن الله ببعض تلك الصور من غير حاجة إلى ذلك، إذ التنزيه في الذات لا ينافي الظهور بالصور المختلفة، كما أنا نعلم أن جبريل ليس على صورة دحية في نفسه، وقد ظهر بها في بعض الأوقات.
(فهؤلاء الذين قلدوا الرسل عليهم السلام) في أقوالهم الصوفية؛ فلم يتأولوا حديث التحول في الصور يوم القيامة وآيات التشبيه، وإخباره بالتأويلات البعيدة عن ظواهرها (هم المرادون بقوله تعالى :"أو ألقى السمع") من يغر بتأويل بعيد (لما وردت به الأخبار الإلهية على ألسنة الرسل عليهم السلام) سواء رفعوها إلى الله تعالى إذ لا يلقون إلى العوام الذين لا يطلعون على التأويلات البعيدة ما يضلونهم به عن الحق الضلال البعيد.
ثم أشار إلى أن معنى قوله صلى الله عليه وسلم : "وهو شهيد" هو استحضار الحق بصورة متخيلة، وهو ولما توهم رجوعه إلى صاحب القلب لكونه المشاهد بالحقيقة، وهو مخل لورود النص في حق ملقي السمع، (وهو) مقلد ليس بصاحب مشاهدة حقيقية.
فسره بقوله: (يعني هذا الذي ألقى السمع شهید)، لم يرد به المشاهدة الحقيقة لاختصاصها بصاحب القلب.
بل (ينبه على) مشاهدة (حضرة الخيال)، وهي استحضارها للحق بصورة متخيلة، وعلى (استعمالها) أي: طلب العمل من هذه الحضرة أي: جواز ذلك لئلا يعجز العامي عن استحضار معبوده في العبادة، مع أنه لا بد منه لكن بشرط ألا يتقيد بها بل يقول لها هي بالله، ويلتزم ذكر ليس كمثله شيء باعتبار ذاته وصفاته في نفس الأمر لنا تقليد الرسل وإلا معوذ منه.
(وهو) أي: الدليل على جواز استعمال هذه الحضرة (قوله صلى الله عليه وسلم في الإحسان) الذي هو من أعلى درجات أهل الإيمان بالتقليد المذكور ("أن تعبد الله كأنك تراه") رواه البخاري ومسلم.
إذ قوله: "كأنك" تدل على التمثيل الذي لا يكون بدون التخيل، وكذلك قوله الة لمن اتصف بالصلاة إلى القبلة، (والله في قبلة المصلي)، وليس في القبلة إلا بحسب التحيل وإلا فهو منزه عن الجهات.
(فلذلك) أي: فلجواز التخيل بالشرط المذكور (هو) أي: التحيل (شهید) أي: نازل منزلة من شاهد الحق بقلبه عند تجليه الشهود كما يشير إليه قوله: كأنك تراه وجعله إحسانا.
ثم أشار إلى أن مقلد أرباب النظر العقلي لا يكون ما في السمع، وإن كان من تقلد به قد قبل الأخبار الإلهية بالتأويلات البعيدة عن ظواهرها.

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  هذا حظ من عرف الحق من التجلي والشهود في عين الجمع، فهو قوله «لمن كان له قلب» يتنوع في تقليبه.
وأما أهل الإيمان وهم المقلدة الذين قلدوا الأنبياء والرسل فيما أخبروا به عن الحق، لا من قلد أصحاب الأفكار والمتأولين الأخبار الواردة بحملها على أدلتهم العقلية، فهؤلاء الذين قلدوا الرسل صلوات الله عليهم وسلامه هم المرادون بقوله تعالى «أو ألقى السمع» لما وردت به الأخبار الإلهية على ألسنة الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، وهو يعني هذا الذي ألقى السمع شهيد ينبه على حضرة الخيال واستعمالها، وهو قوله عليه السلام في الإحسان «أن تعبد الله كأنك تراه»، والله في قبلة المصلي، فلذلك هو شهيد. )

مقلدو الرسل عليهم السّلام
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( هذا حظَّ من عرف الحقّ من التجلَّي والشهود في عين الجمع ، فهو قوله  رضي الله عنه  : " لِمَنْ كانَ لَه ُ قَلْبٌ " يتنوّع في تقليبه ، وأمّا أهل الإيمان ) العقدي ( فهم المقلَّدة الذين قلَّدوا الأنبياء والرسل فيما أخبروا به عن الحقّ ) وهم أهل إلقاء السمع على ما ورد : " أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ " [ 50 / 37 ] .
( لا من قلَّد أصحاب الأفكار والمتأوّلين للأخبار الواردة ) الكاشفة عن الحقّ كشفا مبينا ( بحملها على أدلَّتهم العقليّة ) وارتكاب احتمالاتها البعيدة .
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فهؤلاء الذين قلَّدوا الرسل - صلوات الله عليهم - هم المرادون بقوله :رضي الله عنه : " أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ " لما وردت به الأخبار الإلهيّة على ألسنة الأنبياء عليهم السّلام ، وهو يعني هذا الذي يلقى السمع وهو شهيد ، ينبّه على حضرة الخيال واستعمالها ) فإنّه باستعمال القوّة الخياليّة يتمثّل الصور ويحضر ، وحينئذ يصدق الشهود .
( و ) ذلك التنبيه .
( هو قوله عليه السّلام في الإحسان : « أن تعبد الله كأنّك تراه » ) فإنّ الحضرة المشبهة بالمرئيّة هي حضرة الخيال ليست إلَّا .
وكذلك قوله رضي الله عنه  : ( والله في قبلة المصلَّي ) حيث عيّن الجهة التي لذات الصورة ليست إلَّا ( فلذلك " هُوَ شَهِيدٌ " ) .
وملخّص هذا الكلام أنّه إنّما يختصّ بتذكَّر ما في الكتاب :
من كان له قلب يتقلَّب في شؤونه - وهو مقام اولي التنزيه ، وليس كمثله شيء - أو كان ممن ألقى السمع لأرباب القلوب وهو شهيد لما ألقى إليه شهادة صاحب حضرة الحيال - وهو مقام اولي التشبيه ، وهو السميع البصير .

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  هذا حظ من عرف الحق من التجلي والشهود في عين الجمع، فهو قوله «لمن كان له قلب» يتنوع في تقليبه.
وأما أهل الإيمان وهم المقلدة الذين قلدوا الأنبياء والرسل فيما أخبروا به عن الحق، لا من قلد أصحاب الأفكار والمتأولين الأخبار الواردة بحملها على أدلتهم العقلية، فهؤلاء الذين قلدوا الرسل صلوات الله عليهم وسلامه هم المرادون بقوله تعالى «أو ألقى السمع» لما وردت به الأخبار الإلهية على ألسنة الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، وهو يعني هذا الذي ألقى السمع شهيد ينبه على حضرة الخيال واستعمالها، وهو قوله عليه السلام في الإحسان «أن تعبد الله كأنك تراه»، والله في قبلة المصلي، فلذلك هو شهيد. )

قال رضي الله عنه :  (هذا حظ من عرف الحق من التجلي والشهود في عين الجمع، فهو قوله «لمن كان له قلب» يتنوع في تقليبه. وأما أهل الإيمان وهم المقلدة الذين قلدوا الأنبياء والرسل فيما أخبروا به عن الحق، لا من قلد أصحاب الأفكار والمتأولين الأخبار الواردة بحملها على أدلتهم العقلية، فهؤلاء الذين قلدوا الرسل صلوات الله عليهم وسلامه هم المرادون بقوله تعالى «أو ألقى السمع» لما وردت به الأخبار الإلهية على ألسنة الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، وهو يعني هذا الذي ألقى السمع شهيد ينبه على حضرة الخيال واستعمالها، )
قال الشيخ رضي الله عنه :  (حظ من عرف الحق من التجلي والشهود)، أي من تجليه في الصور وشهوده فيها حال كونه مستقر (في عين) مقام (الجمع) بحيث لا تشغله صور التفرقة عن شهوده (فهو) من يشير إليه (قوله : "لمن كان له قلب") يتنوع في تقليبه .

قال رضي الله عنه :  (وأما أهل الإيمان) الاعتقادي الذين لم يعرفوا الحق من التجلي والشهود (فهم المقلدة الذين قلدوا الأنبياء والرسل فيما أخبروا به عن الحق) من غير طلب دليل عقلي (لا من قلد أصحاب الأفكار والمتأولين للأخبار الواردة) الكاشفة عن الحق کشفا مبينا (بحملها على أدلتهم العقلية) بارتكاب احتمالاتها البعيدة .

قال رضي الله عنه :  (فهؤلاء الذين قلدوا الرسل صلوات الله عليهم) حق التقليد (هم المرادون بقوله: "أو ألقى السمع" لما وردت)، أي الاستماع ما وردت (به الأخبار الإلهية على ألسنة الأنبياء عليهم السلام وهو يعني هذا الذي يلقى السمع شهيد).
أي حاضر بما يسمعه مراقب له في حضرة خياله (ينبه) ، أي هذا القول أو الحق سبحانه بهذا القول (على حضرة الخيال واستعمالها) في حضار صورة ما سمعه يعني ينبغي لملقي السمع أن يجهد في إحضار ما يسمعه في خياله لعله يفوز بالتجليات المثالية لا أن يكون صاحب تنك التجليات بالفعل وإلا بقي بعض مقلدة الأنبياء خارجة عن هذا الحكم.
ووجه التشبيه أن الشهود كما قال الشيخ المؤلف رضي الله عنه في اصطلاحاته الخاصة هو الرؤية بالبصر .
وههنا وإن لم يكن المراد بالشهود الرؤية البصرية لكن ينبغي أن يراد به ما يشابهها، كما قال المشابهة وهو مشاهدة الصور المتمثلة في حضرة الخيال ليس إلا.

قال رضي الله عنه : ( وهو قوله عليه السلام في الإحسان «أن تعبد الله كأنك تراه»، والله في قبلة المصلي، فلذلك هو شهيد.)
قال الشيخ رضي الله عنه : (وهو قوله عليه السلام في الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه)، أي حال كونه كالمرني بالبصر لك أو حال كونك كالرائي بالبصر به في صورة المعتقد عندك (وقوله) عليه السلام (الله في قبلة المصلي) فإن الكائن في جهة لا بد له من صورة .
(ولذلك) الشهود الخيالي (فهو)، أي كل واحد صاحب الإحسان والمصلي (شهيد) الحق سبحانه مشاهد له.

المواقف الروحية والفيوضات السبوحية شرح الأمير عبد القادر الجزائري 1300 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  هذا حظ من عرف الحق من التجلي والشهود في عين الجمع، فهو قوله «لمن كان له قلب» يتنوع في تقليبه.
وأما أهل الإيمان وهم المقلدة الذين قلدوا الأنبياء والرسل فيما أخبروا به عن الحق، لا من قلد أصحاب الأفكار والمتأولين الأخبار الواردة بحملها على أدلتهم العقلية، فهؤلاء الذين قلدوا الرسل صلوات الله عليهم وسلامه هم المرادون بقوله تعالى «أو ألقى السمع» لما وردت به الأخبار الإلهية على ألسنة الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، وهو يعني هذا الذي ألقى السمع شهيد ينبه على حضرة الخيال واستعمالها، وهو قوله عليه السلام في الإحسان «أن تعبد الله كأنك تراه»، والله في قبلة المصلي، فلذلك هو شهيد. )
ثم اعلم أن سيدنا رضي الله عنه غاير بين العالم والعارف، إذ العطف يقتضي المغايرة.
لأن العالم عند سيدنا أعلى مرتبة من المعارف، وإن كان العلم والمعرفة في الحد والحقيقة على السواء في كشف الشيء على ما هو عليه ، حيث أنه تعالى أثني بالعلم على من اختصه من عباده أكثر مما أثنى على العارفين. 
فالعارف لا يرى إلا حقا وخلقا. 
والعالم يرى حقا وخلقا في خلق فيرى ثلاثة .
وهذا المذكور في الأسرار الربانية والمشاهد الإلهية حظ من عرف الحق جل جلاله  من طريق التجلي والشهود في عين الجمع بين الظاهر والباطن.
فهو معنى قوله : "لمن كان له قلب" [ق: 37]. 
ثم اعلم أن العلماء بالله أربعة أصناف:
1 -  صنف ما لهم علم بالله إلا من طريق النظر الفكري، وهم القائلون بالسلوب "الصفات والأفعال السلبية" المانعون لتجلي الحق تعالى في الصور، القائلون بالتنزيه المحض. 
2 - وصنف ما لهم علم بالله إلا من طريق التجلي، وهم القائلون بالثبوت والحدود التابعة، وهم أهل وحدة الشهود.
3 - وصنف يحدث لهم علم بالله بين الشهود والنظر فلا يبقون مع الصور في التجلي، ولا يصلون إلى معرفة هذه الذات الظاهرة بهذه الصور في عين الناظرين.
4 - وصنف ليس واحدا من هذه الثلاثة، ولا يخرج عن جميعهم وهو الذي يعلم أن الله 
تعالى قابل لكل معتقد في العالم من حيث عين الوجود، فإنه قضى وحكم ألا يعبد إلا إياه.
وهذا الصنف ينقسم إلى صنفين: 
صنف يقول عین الحق هو المتجلي في صور الممکنات. 
وصنف يقول أحكام الممکنات هم الصور الظاهرة في عين الوجود الحق. 
وكل قال ما هو الحق والكامل من جمع بين الشهودين، والعارفون بالله من طريق التجلي والشهود متفاضلون متفاوتون، فأكملهم وأعلاهم الذي لا يوجد عارف غيره إلا مجازا من كان يشهد الحق في مقام الجمع.
وهو الذي يشاهد ربه علما وحالا، ويشاهد الخلق حالا لا علما، لأن المعلوم معدوم، هذا شرب فازداد صحوا وغاب فازداد حضورا فلا فرقه يحجبه عن جمعه ولا جمعه يحجبه عن فرقه.

قول سیدنا رضي الله عنه : (وأما أهل الإيمان وهم المقلدة الذين قلدوا الأنبياء والرسل فيما أخبروا به عن الحق)، لا من قلد أصحاب الأفكار والمتأولين للأخبار الواردة بحملها على أدلتهم العقلية، فهؤلاء الذين قلدوا الرسل صلوات الله وسلامه عليهم هم المرادون بقوله :"ألقى السمع" [ق: 37] .
لما وردت به الأخبار الإلهية على السنة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام - وهو يعني هذا الذي "ألقى السمع" [ق: ۳۷] شهيد ينبه على حضرة الخيال واستعمالها ، وهو قوله عليه الصلاة والسلام في الإحسان: "أن تعبد الله كأنك تراها".
(والله في قبلة المصلى، فلذلك هو شهيد.)
فالشهود أعم من الرؤية، فإن الشهود ما يمسكه الإنسان من شاهد الحق الذي اعتقده وربط قلبه عليه، فالشهود لا بد أن يتقدمه علم أو اعتقاد بالمشهود، إذ لا يشهد الإنسان إلا ما علم أو اعتقد. 
فلهذا يكون في الشهود الإقرار والإنكار ولا يكون في الرؤية إلا الإقرار. 
فإن المشاهد إذا رأى مشهوده على غير الصورة التي علمها أو أعتقدها، وقيده بها أنكره. 
.

واتساب

No comments:

Post a Comment