Thursday, September 12, 2019

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة الرابعة.موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة الرابعة.موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة الرابعة .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي لجامعها عبدالله المسافر بالله

12 - The Wisdom of the Heart in the Word of Shu'aib 

الفقرة الرابعة :
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( ثم لتعلم أن الحق تعالى كما ثبت في الصحيح يتحول في الصور عند التجلي، وأن الحق تعالى إذا وسعه القلب لا يسع معه غيره من المخلوقات فكأنه يملؤه.
ومعنى هذا أنه إذا نظر إلى الحق عند تجليه له لا يمكن أن ينظر معه إلى غيره.
وقلب العارف من السعة كما قال أبو يزيد البسطامي «لو أن العرش و ما حواه مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس به».
وقال الجنيد في هذا المعنى: إن المحدث إذا قرن بالقديم لم يبق له أثر، وقلب يسع القديم كيف يحس بالمحدث موجودا. )

قال رضي الله عنه :  (ثم لتعلم أن الحق تعالى كما ثبت في الصحيح يتحول في الصور عند التجلي، وأن الحق تعالى إذا وسعه القلب لا يسع معه غيره من المخلوقات فكأنه يملؤه. ومعنى هذا أنه إذا نظر إلى الحق عند تجليه له لا يمكن أن ينظر معه إلى غيره. وقلب العارف من السعة كما قال أبو يزيد البسطامي «لو أن العرش و ما حواه مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس به». وقال الجنيد في هذا المعنى: إن المحدث إذا قرن بالقديم لم يبق له أثر، وقلب يسع القديم كيف يحس بالمحدث موجودا. )

قال رضي الله عنه : (ثم لنعلم) أيها السالك (أن الحق تعالی كما ثبت في الحديث الصحيح) عن رسول الله كما ذكرناه فيما مر (يتحول) يوم القيامة (في الصور) المختلفة (عند التجلي)، أي الانكشاف لأهل المحشر (و) لتعلم (أن الحق تعالى إذا وسعه القلب) العارف به (لا يسع غيره من جميع المخلوقات)، لأنها كلها صور تجلياته سبحانه التي لا محيص للعارف عنها في حال رؤيته تعالى، فهي من ضرورات التجليات الإلهية مع أنها عدم محض والوجود هو المشهود منها.
(فکانه)، أي الحق تعالى (يملأه)، أي القلب فكيفما توجه رأى صورة نجليه سبحانه كما قال تعالى : " فأينما تولوا فثم وجه الله" [البقرة: 115]. 
قال رضي الله عنه : (ومعنى هذا)، أي كون القلب لا يسع غير الحق تعالی (أنه)، أي القلب (إذا نظر إلى الحق) تعالی (عند نجليه)، أي انکشافه (له) بنوع من صور الانكشاف في الحس أو العقل (لا يمكن) القلب (أن ينظر معه)، أي مع الحق تعالى (إلى غيره)، أي غير الحق تعالی أصلا ، لأنه لا غير معه تعالی عند تجليه له .
قال رضي الله عنه : (وقلب العارف) بالله تعالى (من) جهة (السعة كما)، أي كالوصف الذي (قال أبو يزيد البسطامي) قدس الله سره (لو أن العرش) العظيم الذي هو أكبر الأجسام (وما حواه)، أي العرش من جميع العوالم المختلفة في الدنيا والآخرة (مائة ألف ألف) بالتكرار (مرة) وأكثر من ذلك (في زاوية)، أي ناحية (من زوايا)، أي نواحي (قلب العارف) بالله تعالى (ما أحس) قلب العارف (به).
أي بذلك العرش ومائة ألف ألف مرة مثله، وذلك لأن القلب إذا عرف الحق تعالى، وتحقق أنه الوجود المطلق الذي كل موجود بالنسبة إليه عدم صرف.
فكيف يدرك ما دام كذلك معدوما من الأشياء في الحس أو العقل، إلا إذا غفل عن ذلك الوجود المطلق المذكور، وفي حالة الغفلة ليس هو بعارف.
قال رضي الله عنه : (وقال الجنيد) البغدادي قدس الله سره (في) مثل (هذا المعنى المذكور (إن) الشيء (المحدث إذا قرن بالقديم)، أي اعتبر مقابلا له ومنسوبة إليه (لم يبق له)، أي لذلك الشيء المحدث (أثر)، ولا عين واضمحل بالكلية، لأن الوجود الذي ذلك الشيء ظاهر به هو مقدار ما انكشف من وجود القديم سبحانه، ولا وجود لذلك الشيء من نفسه أصلا.
قال رضي الله عنه : (وقلب يسع القديم) سبحانه من حيث رؤية نفسه ظاهرا بانکشاف نور وجوده له (كيف يحس)، أي يدري (بالمحدث) من الأشياء (موجودا) ولا وجود في شهوده إلا القديم.


شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( ثم لتعلم أن الحق تعالى كما ثبت في الصحيح يتحول في الصور عند التجلي، وأن الحق تعالى إذا وسعه القلب لا يسع معه غيره من المخلوقات فكأنه يملؤه.
ومعنى هذا أنه إذا نظر إلى الحق عند تجليه له لا يمكن أن ينظر معه إلى غيره.
وقلب العارف من السعة كما قال أبو يزيد البسطامي «لو أن العرش و ما حواه مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس به».
وقال الجنيد في هذا المعنى: إن المحدث إذا قرن بالقديم لم يبق له أثر، وقلب يسع القديم كيف يحس بالمحدث موجودا. )

قال رضي الله عنه : (ثم ليعلم أن الحق تعالى كما ثبت في الخبر الصحيح بتحول في الصور عند التجلي) لأهل الحشر في يوم القيامة (و) تتعلم (أن الحق) تعالى (إذا وسعه القلب لا يسعه) أي لا يسع القلب (معه) أي مع الحق (غيره) أي غير الحق (من المخلوقات) بيان لغير الحق.
قال رضي الله عنه : (فكأنه يملاه) أي فكان الحق يملأ القلب (ومعنى هذا) القول (أنه) أي القلب (إذا نظر إلى الحق عند تجليه له لا يمكن للقلب (معه) أي مع نظره إلى الحق (أن ينظر) معه (إلى غيره) الغيوية الغير عن نظره بسبب نظره إلى الحق عند تجلي الحق فلا يمنع ذلك التجلي وجود الغير مع الحق في القلب .
وإنما يمنع نظره إلى الغير فكانت الغيرية مسلوبة في نظره لظهور الحق له في كل شيء فما نظر إلى شيء إلا والحق يظهر له فيه وفي الحقيقة لا يسع نظر القلب إذا نظر إلى الحق مع الحق أو غير الحق .
قال رضي الله عنه : (وقلب العارف من السعة كما) أي مثل الذي (قال أبو يزيد البسطامي لو أن العرش وما حواه) أي مع ما اشتمل عليه (مائة ألف ألف مرة) أي بحيث لا يعد ولا يحصى إلا الله (في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس به) لأن القلب يسع تجليات غير متنامية والعرش وما حواه على أي وجه يفرض يكون متناهيا والقلب الواسع بتجليات غير متناهية غير متناه فكيف يحس المتناهي الوجود في زاويته لكون نظر ذلك العارف إلى الحق لا إلى الغير.
""أضاف المحقق : هو عمر بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله البسطامي (475 - 562 هـ) (ضياء الذين) محدث،صوفي، مفسر، فقيه، أديب ، من آثاره: لقطات العقول، أدب المريض والعائد، مزاليق العزلة.""
(وقال الجنيد في هذا المعنى) أي في معنى ما قال أبو يزيد (أن المحدث إذا قرن بالقديم) أي إذا تجلى القديم للحادث (لم يبق له أثر) من الوجود لفناء وجود الحادث عند تجلى الذات القديمة له بالصفة القديمة وهذا التجلي لا يكون إلا بالقلب واسع للقديم .
""أضاف المحقق : الجنيد بن محمد بن الجنيد البغدادي الخراز (279 هـ - 910 م) (أبو القاسم) الهوني من علماء الدين مولده ومنشأه ووفاته في بغداد، كان يعرف بالقواريري نسبة إلى عمله بالقوارير، وعرف أيضا بالخزاز لأنه كان يعمل بالخز، قال أحدهما: حريره ما رأت عيناي مثله، الكتبة يحضرون مجلسه لألفاظه والشعراء لفصاحته والمتكلمون لمعانيه. وهو أول من تكلم بعلم التوحيد في بغداد.""
قال رضي الله عنه : (وقلب يسع القديم كيف يحس بالمحدث) قوله : (موجودا) حال من المحدث

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( ثم لتعلم أن الحق تعالى كما ثبت في الصحيح يتحول في الصور عند التجلي، وأن الحق تعالى إذا وسعه القلب لا يسع معه غيره من المخلوقات فكأنه يملؤه.
ومعنى هذا أنه إذا نظر إلى الحق عند تجليه له لا يمكن أن ينظر معه إلى غيره.
وقلب العارف من السعة كما قال أبو يزيد البسطامي «لو أن العرش و ما حواه مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس به».
وقال الجنيد في هذا المعنى: إن المحدث إذا قرن بالقديم لم يبق له أثر، وقلب يسع القديم كيف يحس بالمحدث موجودا. )

قال رضي الله عنه : ( ثم لتعلم أن الحق تعالى كما ثبت في الصحيح يتحول في الصور عند التجلي، وأن الحق تعالى إذا وسعه القلب لا يسع معه غيره من المخلوقات فكأنه يملؤه.
ومعنى هذا أنه إذا نظر إلى الحق عند تجليه له لا يمكن أن ينظر معه إلى غيره.  وقلب العارف من السعة كما قال أبو يزيد البسطامي «لو أن العرش و ما حواه مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس به». وقال الجنيد في هذا المعنى: إن المحدث إذا قرن بالقديم لم يبق له أثر، وقلب يسع القديم كيف يحس بالمحدث موجودا.
)

صرح الشيخ رضي الله عنه، أن التجلي الاعتقادي يجيء على قدر القلب المعتقد لأنه لا يتجاوز العقيدة، فإن تحولت العقيدة تحول التجلي وأشار إلى أن التجلي الغيبي هو يعطي الاستعداد، فإذا ورد التجلي ورد على حكم الاستعداد. 
قال: وهو التجلي الذاتي.
وقد ذكر هنا كلاما ظاهرا لا يحتاج إلى شرح والحق فيه: أن للحق تعالی وجود خارجي وغير خارجي وأما الخلق فإنه مفروض بالذهن في مراتب وجود الحق أو هو عين مراتب وجوده تعالی.   و الباقي ظاهر

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( ثم لتعلم أن الحق تعالى كما ثبت في الصحيح يتحول في الصور عند التجلي، وأن الحق تعالى إذا وسعه القلب لا يسع معه غيره من المخلوقات فكأنه يملؤه.
ومعنى هذا أنه إذا نظر إلى الحق عند تجليه له لا يمكن أن ينظر معه إلى غيره.
وقلب العارف من السعة كما قال أبو يزيد البسطامي «لو أن العرش و ما حواه مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس به».
وقال الجنيد في هذا المعنى: إن المحدث إذا قرن بالقديم لم يبق له أثر، وقلب يسع القديم كيف يحس بالمحدث موجودا. )

قال رضي الله عنه : « ثمّ لتعلم أنّ الله تعالى كما ثبت في الصحيح يتحوّل في الصور عند التجلَّي . وأنّ الحق تعالى إذا وسعه القلب ، لا يسع معه غيره من المخلوقات ،
فكأنّه يملؤه ،ومعنى هذا أنّه إذا نظر إلى الحق عند تجلَّيه له ، لا يمكن أن ينظر معه إلى غيره" 
يشير رضي الله عنه : إلى أنّ أحدية الحق الذي لا يقتضي معيّة غيره تقتضي بأن لا يتعلَّق النظر القلبي عند التجلَّي إلَّا به لا غير .

قال رضي الله عنه : " وقلب العارف من السعة كما قال أبو يزيد البسطاميّ سلام الله عليه : لو أنّ العرش وما حواه مائة ألف ألف مرّة في زاوية من زوايا قلب العارف ، ما أحسّ به .
وقال الجنيد رضي الله عنه : في هذا المعنى : المحدث إذا قرن بالقديم لم يبق له أثر ، وقلب يسع القديم كيف يحسّ بالمحدث موجودا ؟!."
يشير رضي الله عنه : إلى أن لا وجود للمحدث من دون الله ولا معه ، لعدم الإثنينية في مقام وحدته .

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( ثم لتعلم أن الحق تعالى كما ثبت في الصحيح يتحول في الصور عند التجلي، وأن الحق تعالى إذا وسعه القلب لا يسع معه غيره من المخلوقات فكأنه يملؤه.
ومعنى هذا أنه إذا نظر إلى الحق عند تجليه له لا يمكن أن ينظر معه إلى غيره.
وقلب العارف من السعة كما قال أبو يزيد البسطامي «لو أن العرش و ما حواه مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس به».
وقال الجنيد في هذا المعنى: إن المحدث إذا قرن بالقديم لم يبق له أثر، وقلب يسع القديم كيف يحس بالمحدث موجودا. )

قال الشيخ رضي الله عنه : "ثم لتعلم أن الحق تعالى كما ثبت في الصحيح يتحول في الصور عند التجلي ، وأن الحق تعالى إذا وسعه القلب لا يسع معه غيره من المخلوقات فكأنه يملأه ، ومعنى هذا أنه إذا نظر إلى الحق عند تجليه له لا يمكن أن ينظر إلى غيره معه ".
 يعنى أن الحق المتجلى المتحول في الصور إذا تجلى للقلب بصورة الأحدية لا يبقى معه شيء ، إذ الأحدية الذاتية تقتضي أن لا يكون معه شيء فلا ينظر القلب حينئذ إلا به ولا يرى إلا إياه فلا يحس بنفسه ولا بغيره
"" أضاف بالي زادة :  ( فيثبت من هذا الوجه ) وهو اعتباره من حيث الأسماء والصفات ( إن رحمته وسعت كل شيء ) اسما كان أو عينا ( فوسعت الحق ) لأنه عين الأسماء من وجه ، فكان الحق مرحوما من حيث الأسماء ، وليس مرحوما بحسب الذات ، فثبت بلسان الخصوص كونه راحما ومرحوما بهذا الوجه اهـ بالى .
( هذا مضى ) أي تم الكلام في القلب والرحمة فوسعتهما اهـ
 ( لا يمكن أن ينظر إلى غيره ) لغيبوبة الغير عن نظره بسبب نظره إلى الحق عند التجلي ، فلا يمنع ذلك التجلي وجود الغير مع الحق في القلب ، وإنما يمنع  نظره إلى الغير وكانت الغيرية مسلوبة في نظره لظهور الحق له في كل شيء ، فما نظر إلى الشيء إلا والحق يظهر له فيه ، وفي الحقيقة لا يسمع نظر القلب إذا نظر إلى الحق مع الحق غير الحق اهـ.
 لأن القلب يسع تجليات غير متناهية ، والعرش وما حواه يكون متناهيا ، فكيف يحس المتناهي الموجود في زاويته أهـ بالي زادة  ""

قال رضي الله عنه : "وقلب العارف من السعة كما قال أبو يزيد البسطامي : لو أن العرش وما حواه مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس به .وقال الجنيد في هذا المعنى : إن المحدث إذا قرن بالقديم لم يبق له أثر ،والقلب يسع القديم كيف يحس بالمحدث موجودا".
 هذا معلوم مما مر ، فإن الحق إذا تجلى تحقق قوله – " كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَه " - فلا شيء معه .
"" أضاف بالي زادة :  (إن المحدث إذا قرن ) أي إذا تجلى القديم الحادث لم يبق له أثر لفناء وجود الحادث عند القديم اهـ
( فإنه لا يفضل ) حتى يسع في القلب غيرها معها فيسعها ويضيق غيرها اهـ بالى .
فحينئذ يتبع التجلي المتجلى له فهذا بالنسبة إلى الفيض المقدس فالمراد بقوله ( وهذا عكس ما تشير ) إعلام منه باختصاص إظهار هذا المعنى بنفسه بالتفرد فيه اهـ. ""


مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( ثم لتعلم أن الحق تعالى كما ثبت في الصحيح يتحول في الصور عند التجلي، وأن الحق تعالى إذا وسعه القلب لا يسع معه غيره من المخلوقات فكأنه يملؤه.
ومعنى هذا أنه إذا نظر إلى الحق عند تجليه له لا يمكن أن ينظر معه إلى غيره.
وقلب العارف من السعة كما قال أبو يزيد البسطامي «لو أن العرش و ما حواه مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس به».
وقال الجنيد في هذا المعنى: إن المحدث إذا قرن بالقديم لم يبق له أثر، وقلب يسع القديم كيف يحس بالمحدث موجودا. )

قال رضي الله عنه : (ثم ، لتعلم أن الحق تعالى ، كما ثبت في الصحيح ، يتحول في الصور عند التجلي ، فإن الحق تعالى إذا وسعه القلب ، لا يسعه معه غيره من المخلوقات ، فكأنه يملأه ) .
يريد أن يبين اتساع القلب ويؤمي إيماء لطيفا إلى أصل يستند تقلب  القلب إليه ، وهو التحول الإلهي في صور تجلياته ، كما ثبت في الحديث .
ولما كان التجلي بحسب استعداد المتجلى له ، فالقلب الذي يسع الحق  لا يكون إلا لمن له استعداد جميع التجليات الإلهية الذاتية والأسمائية ، وإذا وسعه ، لا يسع معه غيره من المخلوقات - وذلك إما لفناء غير الحق عند تجليه في نظر المتجلى له ، كما إذا تجلى بالأحدية ، فإن الكثرة تضمحل وتفنى عنده فالمتجلى له لا يشعر لنفسه فضلا على غيره ولا يرى ذاته أيضا إلا عين الحق حينئذ ، أو لاختفاء الأغيار عند ظهور أنوار الحق في نظر المتجلى له ، كاختفاء الكواكب عند طلوع الشمس مع بقاء أعيانها - ولما كانت السعة مقتضية للإثنينية - إذ لا يقال :
الشئ يسع نفسه - فسر بالمعنى الثاني : ( ومعنى هذا ) أي ،
ومعنى قولنا : ( إذا وسعه القلب ، لا يسع معه غيره ) ،

قال رضي الله عنه : ( أنه إذا نظر إلى الحق عند تجليه له ،لا يمكن معه أن ينظر إلى غيره).
لاشتغال القلب بكليته إلى الله تعالى واختفاء الأغيار بنور الواحد القهار .
قال رضي الله عنه : (وقلب العارف من السعة ، كما قال أبو يزيد البسطامي : " لو أن العرش وما حواه مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس به " . )
لأن القلب يحصل له السعة الغير المتناهية عند تجلى من هو غير متناه .
والعرش وما فيه ، على أي مقدار يفرض ، يكون متناهيا ، ولا نسبة بين المتناهي وغير المتناهي .

قال رضي الله عنه : (وقال الجنيد في هذا المعنى : ( إن المحدث إذا قرن بالقديم ، لم يبق له أثر ، وقلب يسع القديم ، كيف يحس بالمحدث موجودا ) . )
هذا تأكيد لقول أبى يزيد قدس الله روحه . أي ، أن الحق إذا تجلى ، يفنى ما سواه ، فلا يبقى لغيره وجود فضلا عن أثره .
وإن قلنا إنه باق عند تجلى القديم ، فكيف يحس بالمحدث قلب تجلى له الحق ونوره بأنواره وشغله لذاته ؟
قوله ( موجودا ) حال من ( المحدث ) . أو مفعول ثان لقوله : ( يحس ) .

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( ثم لتعلم أن الحق تعالى كما ثبت في الصحيح يتحول في الصور عند التجلي، وأن الحق تعالى إذا وسعه القلب لا يسع معه غيره من المخلوقات فكأنه يملؤه.
ومعنى هذا أنه إذا نظر إلى الحق عند تجليه له لا يمكن أن ينظر معه إلى غيره.
وقلب العارف من السعة كما قال أبو يزيد البسطامي «لو أن العرش و ما حواه مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس به».
وقال الجنيد في هذا المعنى: إن المحدث إذا قرن بالقديم لم يبق له أثر، وقلب يسع القديم كيف يحس بالمحدث موجودا. )

قال رضي الله عنه : (ثم لتعلم أن الحق تعالى كما ثبت في الصحيح يتحول في الصور عند التجلي، وأن الحق تعالى إذا وسعه القلب لا يسع معه غيره من المخلوقات فكأنه يملؤه.
ومعنى هذا أنه إذا نظر إلى الحق عند تجليه له لا يمكن أن ينظر معه إلى غيره.
وقلب العارف من السعة كما قال أبو يزيد البسطامي «لو أن العرش و ما حواه مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس به». وقال الجنيد في هذا المعنى: إن المحدث إذا قرن بالقديم لم يبق له أثر، وقلب يسع القديم كيف يحس بالمحدث موجودا. )

ثم أشار إلى أن القلب مع غاية سعته هل تجتمع فيه التجليات المختلفة للحق أم لا؟
وهل يتسع معه للخلق أم لا؟ 
فقال: (ثم) أي: بعد معرفة اتساع القلب (لتعلم أن الحق تعالی کما ثبت في الصحيح يتحول في الصور عند التجلي) في القيامة، فيتجلى في صورة
تنكرها الخلق، ويقولون: نعوذ بالله منك لست ربنا، ثم يتجلى في صورة يعرفونها؛ فيقولون: أنت ربنا، ويسجدون له، هذا حاصل ما في صحيح مسلم.
فدل على أنه لا يتسع لجميع تجلياته كما لا يتسع للخلق مع الحق، (وأن الحق تعالی إذا وسعه القلب لا يسع معه غيره من المخلوقات)، ولو في حق الكامل الذي لا يحجبه الحق عن الخلق و بالعکس.
(فكأنه) أي: ما تجلى فيه من صورة الحق (يملؤه)، وإن كان في نفسه واسعا لا تنقاس جميع تجلياته ولا تنقاس صور الخلق معه، بحيث يمكنه الالتفات إلى ذلك في الجملة . 
وعلى هذا الوجه (معنى هذا) أي: عدم اتساعه للخلق مع الحق، (أنه إذا نظر) أي: التفت إلى الحق عند تجليه له لا يمكن أن ينظر معه إلى غيره من المخلوقات، وإن كانت صورهم منتقشة فيه؛ لأنه لبساطته وجد أن الفعل.
فلا يمكنه الالتفات إلى صورة للخلق مع الالتفات إلى غيرها من صور الخلق، وإن كان الكل منتقشا فيه، بحيث لا يحتاج في تحصيلها إلى تعمل وتذكر.
ولذلك قلنا: (قلب العارف من السعة) لصور الخلق والحق، (كما قال أبو يزيد البسطامي: لو أن العرش وما حواه) العرش من الكرسي إلى العرش (مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس به)، وهذا يدل على انتقاش الكل فيه مع أنه لا يمكنه الالتفات إليه مع التفاته إلى الحق.
ولذلك (قال الجنيد في هذا المعنى: إن المحدث إذا قرن مع القديم لم يبق له أثر)، كما لا يبقى لصور المسرح والكواكب أثر عند إشراق الشمس، ولفظ «قرن» دل على أنه منتقش، لكنه غير ملتفت إليه.
وبينه الشيخ رحمه الله بقوله: (وقلب يسع القديم) الذي لا يتناهى لا يضيق عن شيء، لكنه (كيف يحس بالمحدث موجودا) مع أن وجود المحدث ظل لوجود القديم ولا ظل مع إشراق الشمس بلا حجاب.
ولذلك ورد "حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه".
"" الحديث : قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"  إن الله عز وجل لا ينام، ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار، وعمل النهار قبل عمل الليل، حجابه النور - وفي رواية أبي بكر: النار - لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه» رواه مسلم و رواه ابن ماجة ومسند أحمد  ومسند أبي داود الطيالسي الأسماء والصفات البيهقي ومسند البزار وابن منده ، التوحيد لابن خزيمة والشريعة للآجري وغيرهم   ""

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( ثم لتعلم أن الحق تعالى كما ثبت في الصحيح يتحول في الصور عند التجلي، وأن الحق تعالى إذا وسعه القلب لا يسع معه غيره من المخلوقات فكأنه يملؤه.
ومعنى هذا أنه إذا نظر إلى الحق عند تجليه له لا يمكن أن ينظر معه إلى غيره.
وقلب العارف من السعة كما قال أبو يزيد البسطامي «لو أن العرش و ما حواه مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس به».
وقال الجنيد في هذا المعنى: إن المحدث إذا قرن بالقديم لم يبق له أثر، وقلب يسع القديم كيف يحس بالمحدث موجودا. )

قال رضي الله عنه :  ( ثمّ ليعلم أنّ الحقّ تعالى - كما ثبت في الصحيح  يتحوّل في الصور عند التجلَّي ) أيّ الصور كلَّها ، فإنّها الجمع المحلَّى ، وهو يستغرق الأفراد الغير المتناهية كلَّها .

سعة القلب وضيقه
قال رضي الله عنه :  (وأنّ الحقّ تعالى إذا وسعه القلب لا يسع معه غيره من المخلوقات ، فكأنّه يملؤه ) بأحديّة جمعيّته التي لا يمكن أن يكون معه غيره ، لامتناع أن يكون الخارج من الغير المتناهي شيئا ( ومعنى هذا أنّه إذا نظر إلى الحقّ عند تجلَّيه له لا يمكن أن ينظر معه إلى غيره ) وهذا من كمال إحاطة الحقّ بالكلّ ، لا من ضيق القلب ، كيف...
( وقلب العارف من السعة كما قال أبو يزيد البسطامي : " لو أنّ العرش وما حواه مائة ألف ألف مرّة في زاوية من زوايا قلب العارف

ما أحسّ به " ) .
وذلك لأنّ هذا كلَّه متناه ، وهو مندرج في أحديّة جمع الصور الغير المتناهية ، مندمج فيها ، فلا يحسّ به أصلا .
قال رضي الله عنه :  (وقال الجنيد في هذا المعنى : « إنّ المحدث إذا قرن بالقديم لم يبق له أثر » ) وفي عبارة الجنيد زيادة بيان لذلك المعنى ، فإنّ المحدث - المحصور بين الحاصرين - إذا قرن بالقديم الذي لا يحصره حدّ لم يبق له أثر . فإنّه مندمج فيه ، فلا يحسّ بوجوده أصلا ، وإن كان فيه .
وإليه أشار بقوله رضي الله عنه  : ( وقلب يسع القديم كيف يحسّ بالمحدث موجودا ) وإن أحسّ به في ضمن الموجود . ثمّ إنّ من كمال السعة أن لا يقابله الضيق - بل يجمعه - والسعة القلبيّة بهذه المثابة ، كما أشار إليه


شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( ثم لتعلم أن الحق تعالى كما ثبت في الصحيح يتحول في الصور عند التجلي، وأن الحق تعالى إذا وسعه القلب لا يسع معه غيره من المخلوقات فكأنه يملؤه.
ومعنى هذا أنه إذا نظر إلى الحق عند تجليه له لا يمكن أن ينظر معه إلى غيره.
وقلب العارف من السعة كما قال أبو يزيد البسطامي «لو أن العرش و ما حواه مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس به».
وقال الجنيد في هذا المعنى: إن المحدث إذا قرن بالقديم لم يبق له أثر، وقلب يسع القديم كيف يحس بالمحدث موجودا. )

قال رضي الله عنه :  (ثم لتعلم أن الحق تعالى كما ثبت في الصحيح يتحول في الصور عند التجلي، وأن الحق تعالى إذا وسعه القلب لا يسع معه غيره من المخلوقات فكأنه يملؤه. ومعنى هذا أنه إذا نظر إلى الحق عند تجليه له لا يمكن أن ينظر معه إلى غيره. وقلب العارف من السعة كما قال أبو يزيد البسطامي «لو أن العرش و ما حواه )

قال رضي الله عنه :  (ثم لتعلم أن الحق تعالی كما ثبت في الصحيح بتحول في الصور) المختلفة (عند التجلی) بالسعة والضيق فتارة بتجلي في هذه الصورة وتارة في تلك الصورة. 
(و) لنعلم أيضا (أن الحق تعالى إذا وسعه القلب) وصار مجلی له (لا يسع معه غيره من المخلوقات) ولا تبقى فيه فضلة يحل فيها غير الحق سبحانه (فكأنه يملأه) حتى لا يبقى منه فضلة للغير. 
قال رضي الله عنه :  (ومعنى هذا) الذي ذكرنا من أنه إذا تجنى الحق لم يسع القلب غيره (أنه إذا نظر إلى الحق عند تجلبه له لا يمكن معه أن ينظر إلى غيره) لانحيازه بالكلية إليه و انتهار الأشياء تحت قهر التجلي.
قال رضي الله عنه :  (وقلب العارف من السعة) والإطلاق إنما هو (كما قال أبو يزيد البسطامي قدس الله سره: (لو أن العرش وما حواه) العرش من الكرسي والسموات والأرضين وما فيها من أنواع الموجودات .
(مائة ألف ألف مرة) وتقع (في زاوية من زوايا القلب العارف ما أحس به)، لأنه لا قدر له محسوسة بالنسبة إلى التجليات الغير المتناهية التي يسعها قلب العارف فإن العرش وما فيه على أي مقدار فرضي يكون متناهيا لا قدر المتنامي في أي مرتبة كان من الكثرة بالنسبة إلى غير المتناهي. 
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وقال الجنيد رضي الله عنه في هذا المعنى إن المحدث) المتناهي (إذا قرن) في قلب العارف (بالقديم) الغير المتناهى بتجلياته (لم يبق له أثر)، بل تضمحل عينه فكيف بالأثر (وقلب يسع القديم كيف يحس بالمحدث) الذي لا قدر په حال كون ذلك المحدث (موجودا فيه).
وقوله رضي الله عنه  : موجودا حال من المحدث ويمكن أن يجعل مفعولا ثانيا للاحساس تتضمنه معنى العلم.

المواقف الروحية والفيوضات السبوحية شرح الأمير عبد القادر الجزائري 1300 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( ثم لتعلم أن الحق تعالى كما ثبت في الصحيح يتحول في الصور عند التجلي، وأن الحق تعالى إذا وسعه القلب لا يسع معه غيره من المخلوقات فكأنه يملؤه.
ومعنى هذا أنه إذا نظر إلى الحق عند تجليه له لا يمكن أن ينظر معه إلى غيره.
وقلب العارف من السعة كما قال أبو يزيد البسطامي «لو أن العرش و ما حواه مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس به».
وقال الجنيد في هذا المعنى: إن المحدث إذا قرن بالقديم لم يبق له أثر، وقلب يسع القديم كيف يحس بالمحدث موجودا. )

وهو قول سیدنا رضي الله عنه : (ثم لتعلم أن الحق تعالى كما ثبت في الصحيح يتحول في الصور عند التجلي ، وأن الحق إذا وسعه القلب لا يسع معه غيره من المخلوقات فكأنه يملؤه. 
ومعنى هذا أنه إذا نظر إلى الحق عند تجليه له لا يمكنه أن ينظر معه إلى غيره. فقلب العارف من السعة كما قال أبو يزيد البسطامي: «لو أن العرش وما حواه مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس به». وقال الجنيد في هذا المعنى : إن المحدث إذا قرن بالقديم لم يبق له أثر، وقلب يسع القديم كيف يحس بالمحدث موجودا. )
يقول رضي الله عنه : في هذه الجملة، أنه كما ثبت سعة قلب المؤمن للحق تعالى كذلك ثبت أنه تعالى يتحول في الصور يوم القيامة .
ثبت ذلك شرعا كما جاء في الصحيحين وأنه تعالى يتجلى لشهود الأمة، وفيهم منافقوها، فيأتيهم في أدني صورة فيقول لهم أنا ربكم فيقولون نعوذ بالله منك هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا فإذا جاء ربنا عرفناه فيتحول لهم في صورة أدنى من الأولى، فيقول لهم أنا ربكم؟ 
فيقولون أنت ربنا ... الحديث"، 
والذي أنكروه أولا هو الذي أقروا به آخرا، وما زالت عنه تلك الصورة التي تحول عنها. 
وكما ثبت تحوله في الصور يوم القيامة شرعا كذلك ثبت تحوله في الصور کشفا في الدنيا عند العارفين به، ما يختل عليهم شيء من ذلك، لا في البرزخ ولا في القيامة، فيعرفون ربهم في كل صورة من أدنى وأعلى،  ثم اعلم أن للحق تجليين : 
"تجلي" ذاتي له استأثر الله به، فليس للخلق فيه نصيب، تعالى أن يستتر عن نفسه من تجل، أو يتجلى لنفسه على استتارة هو على ما يقتضيه ذاته من التجلي والاستتار والبطون والظهور، لا يتغير ولا يتحول ولا يلبس شيئا فيترك غيره ، بل حكم ذاته على ما هو عليه أزلا وأبدا.
وله تعالی تجلیات فعلية وأسمائية وذاتية ، وهو ما يتجلى به على قلوب عباده ويظهر لهم في أعين الناظرين، وليس ثم غيره .
والتجلي لا يكون إلا للاسم الإله والرحمن والرب وما اشتملت عليه هذه الأصول من الأسماء، لا يكون التجلي للاسم الله من حيث أنه عين الذات.
ولذا قال السامري : هذا إلهكم وإله موسى، وما قال : هذا الله الذي يدعو موسى إلى عبادته . 
وكذلك لا يكون التجلي للاسم الأحد، وحيث ثبت سعة قلب المؤمن العارف للحق تعالى في تجليه له، فالضرورة أنه لا يسع معه غيره من المخلوقات، بحيث يكون فيه الحق والخلق مميزا بينهما. 
هذا محال ، فالقلب مع سعته لا يسع شيئين في الآن الواحد، فلا أوسع منه ، فإنه وسع الحق تعالى . 
ولا أضيق منه فلا يسع إلا الحق تعالى عند تجليه له. فكأنه يملؤه.  
ومعنى هذه العبارة، هي أن القلب لا يسع الحق والخلق مقا، فإنه إذا نظر الحق عند تجليه له لا يمكن أن ينظر معه إلى غيره بأن ينظر الصورة التي حصل التجلي فيها، سواء كان التجلي في صورة المحسوسات أو المخيلات أو المعقولات، كصورة المرآة في الشاهد. 
فإنك إذا رأيت المنطبع فيها لا تراها واجهد في نفسك عندما ترى الصورة في المرآة أن تری جرم المرآة لا تراها، هذا هو الحاصل الواقع، مع أن قلب العارف بالله كما قال أبو يزيد البسطامي رضي الله عنه : لو أن العرش، يعني بالعرش ملك الله وما حواه من جزئيات العالم مكررا ومضعفا مائة ألف ألف مرة في زاوية وركن من زوايا قلب العارف بالله ، ما أحس العارف بالعرش وما حواه، ولا يريد أبو يزيد الحصر في العدد بقوله (مائة ألف ألف مرة) إنما يريد ما لا يتناهی ولا يبلغه العدد.
فعبر عنه بما دخل في الوجود ويدخل أبدا، وذلك أن قلبا وسع القديم كيف يحس بالمحدث موجودا. 
وهذا من أبي يزيد رضي الله عنه توسع على قدر مجلسه لإفهام الحاضرين. 
وأما التحقيق في ذلك أن يقول : إن العارف بالله لما وسع الحق قلبه وسع قلبه كل شيء. إذ لا يكون شيء إلا عن الحق، فلا تكون صورة إلا بقلبه، يعني قلب ذلك العبد الذي وسع الحق. 
وينظر إلى قول أبي يزيد رضي الله عنه ما قال الجنيد البغدادي، سيد الطائفة وإمام أهل الشريعة والحقيقة رضي الله عنه أن المحدث إذا قرن بالقديم لم يبق له أثر، وذلك حين عطس إنسان بحضرته فقال العاطس: الحمد لله تعالی! 
فقال له الجنيد: اتمها یا أخي.
فقال العاطس: وأي قدر للعالم المحدث حتى يقرن مع القديم؟ 
فقال له الجنيد : الآن أتمها. إن المحدث إذا قرن بالقديم لم يبق له أثر .
إن قول الجنيد هنا أتم من قول أبي يزيد.
فإن المحدث إذا قرنته بالقديم كان الأثر للقديم لا للمحدث .
فتبين لك بهذه المقارنة ما هو الأمر عليه، وهو ما قلناه . 
فلا يمكن أن يجهل الأثر وإنما كان قبل هذه المقارنة بنسب إلى المحدث، فلما قرنه بالقديم رأي الأثر من القديم ورأي المحدث عين الأثر فقال ما قال. 
وقلب يسع القديم كيف يحسس بالمحدث موجودا؟ 
وذلك أن العارف بالله أشهد والحق تعالى آیات نفسه و آيات الآفاق ، فتبين له أن ما شهده هو الحق لا غيره فعلمه بكل وجه وفي كل صورة وأنه بكل شيء محيط ، فلا يرى العارف شيئا إلا فيه، فهو تعالی ظرف إحاطة لكل شيء مما رأى شيئا، فما رأه إلا فيه. 
فالحق بيت الموجودات كلها، لأنه الوجود.
وقلب العبد العارف بیت الحق لأنه وسعه ، وما صار قلب العارف بهذا الوسع إلا بكونه على صورة العالم وصورة الحق. وكل جزء من العالم ما هو على صورة الحق. 
فمن هنا وصفه الحق بالسعة، وإنما العالم جميعه على صورة الحق إذا كان الإنسان في جملته وإذا ثبت أن الحق يتنوع تجليه وتحوله في الصورة في الآخرة للعموم، وفي الدنيا لقلوب أوليائه، فبالضرورة يتسع القلب من العارف المتجلي له إذا كانت الصورة واسعة متضمنة لأسماء إلهية كثيرة.
فإن دائرة الرؤية في المرآة تتسع باتساع العلم بالله، ويضيق قلب العارف بالله المتجلى له إذا كانت الصورة غير واسعة كذلك، وبسعة الصور وضيقها يتفاضل العارفون بالله وبتجلياته.
"" أضاف الجامع : قال الشيخ رضي الله عنه في الفتوحات المكية الباب الثالث والسبعون:
فلولاه لما كنا ..... ولو لا نحن ما كانا
فإن قلنا بأنا هو ..... يكون الحق إيانا
فأبدانا وأخفاه ..... وأبداه وأخفانا
فكان الحق أكوانا ..... وكنا نحن أعيانا
فيظهرنا لنظهره ..... سرارا ثم إعلانا

كما نطلبه لوجود أعياننا فهو يطلبنا لظهور مظاهره
غير إن هنا لطيفة دقيقة لا يشعر بها كثير من العارفين بهذه المجالس وذلك أنه كما نطلبه لوجود أعياننا يطلبنا لظهور مظاهره فلا مظهر له إلا نحن ولا ظهور لنا إلا به فيه عرفنا أنفسنا وعرفناه وبنا تحقق عين ما يستحقه الإله.
فلما وقفوا على هذه الحقائق من نفوسهم ونفوس الأعيان سواهم تميزوا على من سواهم بأن علموا منهم ما لم يعلموا من أنفسهم واطلع الحق على قلوبهم فرأى ما تجلت به مما أعطتها العناية الإلهية وسابقة القدم الرباني استوجبوا على ربهم ما استوجبوه من أن يكونوا أهلا لهذه المجالس الثمانية والأربعين .أهـ ""
قال الأمير عبد القادر الجزائري في المواقف الروحية و الفيوضات السبوحية :
ولولا خلعة الوجود التي خلعها علينا بماذا كنا نعرفه؟! 
فما عرفناه إلا به، كما ورد في بعض الأخبار النبوية : «عرفت ربي بربي».
"" الحديث : خطابا منه عليه الصلاة والسلام وهو معرفة الأقوياء من خواص عباده الأصفياء، وإليها الإيماء بقوله صلى الله عليه وسلم : عرفت ربي بربي، ولولا ربي ما عرفت ربي، ولولا الله ما اهتدينا. ورد في مدارج السالكين لابن القيم الجوزية عن ذي النون المصري وورد فى مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح  و رواه القشيري في الرسالة القشيرية عن ذي النون المصري.

"حديث آخر : سئل الصديق: بم عرفت ربك قال: عرفت ربي بربي 
فقيل: هل يمكن بشر أن يدركه 
فقال: العجز عن درك الإدراك إدراك .
وسئل مصباح التوحيد وصباح التغريد علي كرم الله وجهه:
بم عرفت ربك ؟
قال: بما عرفني به نفسه لا يدرك بالحواس ولا يقاس بالناس قريب في بعده بعيد في قربه" .
ورد في فيض القدير للمناوي.

ورد في شرح مصابيح السنة للإمام البغوي
وإلى المرتبة الأولى الإشارة بقوله تعالى: "أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد" [فصلت: 53] . خطابا منه تعالى للنبي عليه الصلاة والسلام وهو معرفة الأقوياء من خواص عباده.
وإليها الإشارة بقوله عليه الصلاة والسلام : "عرفت ربي بربي، ولولا ربي ما عرفت ربي"، وبقوله عليه الصلاة والسلام : "لولا الله ما اهتدينا".أهـ ""
وبمعرفتنا نفوسنا عرفناه ، فإنها مقدمة معرفة الرب، ومعرفة الرب نتيجتها، وما عرفنا أنفسنا إلا به، فانظر ما أعجب هذا الأمر.
وېنا تحقق ما يستحقه الإله بن المعبودية، فإن معبودا بغیر عابد وجودا أو تقديرا غير معقول، وملك من غير مملكة لا يكون :

قوله:
(فلولاه لما كنا) 
يرید: لولا هو إله معبود ما كنا مألوهين عابدين، ولولا هو وجود ظاهر ما كنا مظاهر وجوده، ولولا هو فاعل ما كنا قابلين. 

قوله :
(ولولا نحن ما كانا) 

يريد : ولولا نحن العابدون المألوهون ما ثبتت ألوهته، ولولا نحن المظاهر لوجوده ما كان ظاهرا، ولولا نحن القابلون لفعله وخلقه ما كان فاعلا خالقا.
فالأمر بيننا وبينه منقسم بنصفين، فلا تثبت ألوهته بدوننا موجودين أو مقدرين، كما أنه لا ظهور لوجوده بدون مظهريتنا، ولا فعل له بدون قابلیتنا للانفعال. 
فإن إلها بمعنی  معبودا بدون عابد موجود، أو مقر محال، وفاعلا بدون محل قابل للانفعال محال ؛ فهو تعالى ونحن من هذه الحيثيات المذكورة كالمنتسبين، لا ثبوت للنسبة بأحدهما دون الآخر.
 قوله : 
( فإن قلنا بأنا هوه …) البيت.
يريد: أننا إذا أطلقنا القول بأننا نحن الحق تعالى من جهة وجودنا فإنه لا وجود لنا إلا وجوده لا قديما ولا حادثا، فنحن هو، إذ "نحن" عبارة عن الوجود الذات الظاهر بأحوال أعياننا الثابتة في العلم أزلا وأبدا.
فمسمى الممكن المخلوق  كان ما كان ليس هو إلا الوجود الحق متعينا بأحوال ذلك المخلوق المسمى حيوانا أو إنسانا أو ملكا أو غير ذلك، مع عدم عين ذلك المخلوق بالنسبة إلى الوجود، المسمى بالوجود في الخارج.
قوله :
( یکون الحق إيانا ) 
 يريد : أنه يلزم من قولنا إننا الحق تعالى أن يكون الحق إيانا، من حيث ما ظهر فينا من أسمائه ، لا مطلقا، فهو إيانا أي عيننا، ولسنا إياه مطلقا من كل وجه ، بل من حيث ما ظهر فينا منه، فإننا مرآة ظهوره وتجليه، ولا يظهر في المرآة إلا ما نقبله من الصفات لا عين المتجلي وحقيقته، فالوجود الذي هو وجوده، ووجودنا واحد لا يتجزأ ولا ينقسم ولا يظهر إلا بحسب المرايا . 
قوله:
( فأبدانا وأخفاه )
يريد: أنه تعالى أظهرنا معاشر الممکنات، وأخفى نفسه، وذلك في مرتبة الاسم الباطن بالنسبة لعامة المحجوبين، فإن الحق تعالی عندهم باطن خافي، والخلق ظاهر بادي.
فلا يرى الحق عندهم، ولا يدرك بمشعر من المشاعر، وإنما يدرك بالعقل من وراء حجب الصفات؛ لأنه تعالى عندهم مباین لخلقه، منفصل عنهم بالذات والصفات والأحكام والأفعال، فلا يشهدون إلا خلقا. 
قوله :
( وأبداه وأخفانا )

يريد: أنه تعالى أظهر نفسه وأخفانا معشر الممكنات المخلوقات، وذلك في مرتبة تجليه بالاسم الظاهر لأهل وحدة الشهود، فإنهم لا يشهدون إلا حقا، ويقولون في كل شيء أدرکوه، بأي مشعر كان من المشاعر الظاهرة والباطنة، هو الحق تعالی.
فإذا سئلوا عن هذه الكثرة المحسوسة، والحق تعالى واحد؟! لا يجيبون بشيء .
فالحق هو الظاهر البادي،
ولكن حكمت عليه أحوال الممکنات فأخفته عن المحجوبين أصحاب العقول، وهذا من أعجب العجاب، حيث إن أحكام الممکنات أعدام معقولة ، حكمت على الحق الوجود الظاهر.
فما في الوجود حقيقة إلا الله ، ظاهرا بأحكام الممکنات، عند طائفة، متحجبا بها، عند طائفة . 
ولم يذكر سيدنا الطائفة الثالثة ، أهل وحدة الوجود، الذين يشهدون حقا وخلقا ، يشهدون البطون في الظهور، والظهور في البطون، لا يحجبهم هذا عن هذا، لأن مراده رضي الله عنه ذكر ما تلازم فيه الحق والخلق، وطلب كل منهما الآخر، فخلق بلا حق لا يوجد وحق بلا خلق لا يظهر. 

قوله :
( فكان الحق أكوانا ) 
يريد : أنه تعالى هو الكائن عند قوله "كن" يأمر نفسه بالكون فيكون لنفسه ، فالكون والمكون والكائن عين واحدة، لأن "كن" حرف وجودي، لا وجود إلا هو، فلا يكون إلا هو. 
قوله :
( و كنا نحن أعيانا ) 
يريد : أنه لما كان المسمى مخلوقا و موجودا، ليس هو إلا الوجود الحق الظاهر بأحوال المخلوقات وأحكامها، كنا معاشر الموجودين أعيانا، أي ذوانا مشهودة محسوسة من حيث قيام أحكامنا بالوجود الحى النور.
قوله :
( فيظهرنا لنظهره )
يريد: أن الحق تعالى يظهرنا من حيث نسبة الوجود لنا، لظهور أحكام أعياننا، لا أعياننا، فإنها ما ظهرت ولا تظهر دنيا ولا آخرة، ليظهر هو، فإنه الظاهر بأحكام أعياننا، وهي مظاهر.
لأن أحوالنا ونعوتنا معان لا تقوم بأنفسها، فظهورنا في الحقيقة ظهوره هو تعالى، فهو الظاهر بنا.

قوله : 
( سرارا ثم إعلانا )
يريد : أنه تعالى هو الظاهر في نفس الأمر على كل حال، سواء كان الظهور سرا، بالنسبة إلى أهل العقول المعقولة عن السراح في فضاء المشاهدات ، أو كان ذلك الظهور علنا متسترا ولا متحجبا، كما هو الأهل وحدة الشهود، ووحدة الوجود.

.

    
 الموضوع  التـــــــالي    ....    الموضوع  الســـابق

الفقرة الرابعة على منتدي إتقوا الله ويعلمكم الله


واتساب

No comments:

Post a Comment