Thursday, September 12, 2019

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة الثالثة .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة الثالثة .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة الثالثة .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي لجامعها عبدالله المسافر بالله

12 - The Wisdom of the Heart in the Word of Shu'aib 

الفقرة الثالثة :
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : والحق من حيث ذاته غني عن العالمين.
والربوبية ما لها هذا الحكم.
فبقي الأمر بين ما تطلبه الربوبية وبين ما تستحقه الذات من الغنى عن العالم.
وليست الربوبية على الحقيقة والاتصاف إلا عين هذه الذات.
فلما تعارض الأمر بحكم النسب ورد في الخبر ما وصف الحق به نفسه من الشفقة على عباده.
فأول ما نفس عن الربوبية بنفسه المنسوب إلى الرحمن بإيجاده العالم الذي تطلبه الربوبية بحقيقتها وجميع الأسماء الإلهية.
فيثبت من هذا الوجه أن رحمته وسعت كل شيء فوسعت الحق، فهي أوسع من القلب أو مساوية له في السعة.  هذا مضى،)

قال رضي الله عنه :  (والحق من حيث ذاته غني عن العالمين.  والربوبية ما لها هذا الحكم.
فبقي الأمر بين ما تطلبه الربوبية وبين ما تستحقه الذات من الغنى عن العالم. وليست الربوبية على الحقيقة والاتصاف إلا عين هذه الذات. فلما تعارض الأمر بحكم النسب ورد في الخبر ما وصف الحق به نفسه من الشفقة على عباده. فأول ما نفس عن الربوبية بنفسه المنسوب إلى الرحمن بإيجاده العالم الذي تطلبه الربوبية بحقيقتها وجميع الأسماء الإلهية. فيثبت من هذا الوجه أن رحمته وسعت كل شيء فوسعت الحق، فهي أوسع من القلب أو مساوية له في السعة. هذا مضى.)

قال رضي الله عنه : (والحق) تعالى (من حيث ذاته) العلية (غني عن العالمين) كما قال سبحانه : "و الله غني عن العالمين" [آل عمران: 97]. وقال تعالى : "والله الغني وأنتم الفقراء" [محمد: 38] .
والصفات أيضا والأسماء من حيث هي عين الذات الإلهية غنية عن العالمين أيضا. وقد أشار إليه المصنف قدس سره بقوله : 
وأن الأسماء الإلهية عين المسمى وليس إلا هو (و) صفة (الربوبية) من حيث ما هي غير الذات الإلهية (ما لها هذا الحكم)، أي الغني عن العالمين.
قال رضي الله عنه : (فبقي الأمر) الإلهي الواحد في نفسه مترددة (بين ما نطلبه) صفة (الربوبية) من الحيثية المذكورة وهو الظهور بالمربوبین (وبين ما تستحقه الذات) العلية (من الغنی عن العالم) بفتح اللام (وليست) صفة (الربوبية على الحقيقة والاتصاف) من الحيثية الأخرى .
(إلا عن هذه الذات) الإلهية الغنية عن العالمين، فالأمر في نفسه ذات غنية عن العالمين من وجه، وصفة ربوبيته افتقر إليها جميع العالمين فتعلقت به ، فلا تنفك عنه ولا ينفك عنها وجودة وتقدير من وجه آخر.
قال رضي الله عنه : (فلما تعارض) بحسب الظاهر الأمر المذكور بالطلب للعالمين والاستغناء عن العالمين (بحكم)، أي بسبب ما تقتضيه أحوال (النسب) جمع نسبة وهي الإضافة من الطلب والاستغناء المذكورين وغيرهما (ورد في الخبر) عن النبي صلى الله عليه وسلم (ما وصف الحق) تعالی (به نفسه) على لسان نبيه عليه السلام (من الشفقة) وهي زيادة الرحمة (على عباده) كما ورد في الأسماء الحسنى أن من أسمائه تعالى: الرؤوف من صفاته الرأفة.
قال رضي الله عنه : (فأول ما نفس) سبحانه (عن) صفة (الربوبية التي له بنفسه المنسوب إلى) اسمه (الرحمن) الوارد في الحديث إني لأجد نفس الرحمن (بإيجاده) سبحانه (العالم)، أي المخلوقات (الذي) نعت للعالم (تطلبه) صفة (الربوبية بحقيقتها) من حيث هي غير الذات الإلهية الغنية عن العالمين تطلبه أيضا (جميع الأسماء الإلهية) لتظهر به (فيثبت من هذا الوجه) وهو وجه تنفیس الحق تعالى بنفسه المنسوب إليه من حيث اسمه الرحمن فهو التنفيس بالرحمة عن أسمائه وصفاته (أن رحمته) سبحانه الواسعة ("وسعت كل شي" فوسعت الحق) تعالى حيث وسعت أسمائه وصفاته التي هي من وجه عين ذاته كما أنها من وجه آخر غير ذاته .
قال رضي الله عنه : (فهي)، أي الرحمة الإلهية حينئذ (أوسع من القلب)، أي قلب العارف بالله تعالى (أو مساوية له في السعة) لإشرافه على ما هي مشرفة عليه من الأسماء وآثارها من حيث قيامه بالشهود الذاتي وكون الحق تعالی سمعه وبصره .
والحاصل أن رحمة الله تعالى صفة من صفاته وحضرة من حضراته وقد توجهت منه تعالى على إيجاد كل شيء وإمداده . 
ومن جملة ذلك إيجاد قلب العارف بالله تعالى ومعرفته به تعالى، ولا شك أن قلب العارف بسبب معرفته بالله تعالى فاني مضمحل،عن كل حادث من ذاته ومن غيره.
 فلا حکم عنده إلا للوجود المطلق حتى عن الإطلاق، فهو الظاهر له به وبكل شيء مثل ظهور المعاني بالألفاظ.
فإن الذهن ما دام ملاحظا للفظ المخصوص، وهو في حال ملاحظته له ناظر إلى المعنى الذي يدل عليه ذلك اللفظ ، فهو مستحضر لذلك المعنى.
ومتي التفت إلى ملاحظة اللفظ من حيث هو وأعرض عن نظره منه إلى معناه فقد أعرض عن معناه وانحجب باللفظ عن المعنى.
وكذلك إذا أعرض عن ملاحظة اللفظ فقد أعرض عن النظر إلى معناه " ولله المثل الأعلى" [النحل: 60].
فالمشهود في الفناء الأول أحوال العبد بمنزلة الألفاظ ينظر منها إلى المعاني، والشهود في الفناء الثاني وهو الفناء عن الفناء أعيان الأشياء كلها لا من حيث اتصافها بالوجود بل عین الوجود من حيث اتصافه بأعيان الأشياء على حسب ما يعطي الوهم لا على حسب ما الأمر عليه في نفسه .
وهذا أمر معلوم عند القلب العارف مقطوع به، والضرورة عنده في هذا الشهود واضحة، وذلك معنی وسع القلب للحق تعالى.
فإذا كان القلب واسعا للحق تعالی كان واسعا لجميع صفاته وحضراته بالأولى
فهو أوسع من الرحمة الإلهية .
وإذا اعتبر وسع الرحمة لكل شيء إيجادا وإمداد هو عين وسعها للصفات والأسماء والحضرات الإلهية.
ومن جملة ذلك قلب العارف بالله تعالى، فالرحمة أوسع حينئذ من قلب العارف ، وإن اعتبر حال القلب أنه هو عين الرحمة كانت الرحمة مساويا للقلب (هذا الكلام (مضی)، أي تقرر وتم تحريره.

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : والحق من حيث ذاته غني عن العالمين.
والربوبية ما لها هذا الحكم.
فبقي الأمر بين ما تطلبه الربوبية وبين ما تستحقه الذات من الغنى عن العالم.
وليست الربوبية على الحقيقة والاتصاف إلا عين هذه الذات.
فلما تعارض الأمر بحكم النسب ورد في الخبر ما وصف الحق به نفسه من الشفقة على عباده.
فأول ما نفس عن الربوبية بنفسه المنسوب إلى الرحمن بإيجاده العالم الذي تطلبه الربوبية بحقيقتها وجميع الأسماء الإلهية.
فيثبت من هذا الوجه أن رحمته وسعت كل شيء فوسعت الحق، فهي أوسع من القلب أو مساوية له في السعة.  هذا مضى،)

قال رضي الله عنه : (والحق من حيث ذاته غني عن العالمين والربوبية ما) أي ليس (لها هذا الحكم) أي حكم الغني عن العالمين وكذلك الألوهية (فبقي الأمر) أي الشان الإلهي (بين ما تطلبه الربوبية وبين ما نستحقه الذات من الغني عن العالم وليست الربوبية على الحقيقة والاتصاق إلا عين هذه الذات) وإن كانت غيرها من وجه فكانت الذات مستحقة بالغني عن العالم من حيث الأحدية ومستحقة بالافتقار إليه من حيث الربوبية .
قال رضي الله عنه : (فلما نعارض الأمر) الإلهي (بحكم النسب) أي بحکم الاسماء باقتضاء بعضها لطفا وبعضها قهرا (ورد في الخبر ما وصف الحق به نفسه) قوله :
من الشفقة على عباده) بيان لما وهو قوله تعالى : "والله رؤوف  بالعباد" [آل عمران: 30] إذ ربوبيته يتحقق بهم فكانت الربوبية أول صفة تطلب من الله وجود العالم ثم الأسماء الإلهية
قال رضي الله عنه : (فأول ما) أي فأول شيء (نفس) الحق (عن الربوبية) لأنها أول شيء طلب وجود العائم فتنفس عنها أولا دفعة للكرب فشبه بتنفس الإنسان لأن المتنفس ما تنفس إلا لإزالة الكرب .
فكان المتنفس مرحوما لوجدانه الراحة بالنفس فكان الحق مرحوما بنفسه وهو إيجاد العالم تشبيها لا تحقيقا .
فأول مبتدأ وخبره عن الربوبية (بنفسه) يتعلق بنفس أي نفس بسبب نفسه (المنسوب إلى الرحمن بإيجاده العالم) أي هذا النفس الذي نفس به الحق عن الربوبية منسوب إلى الرحمن بسبب إيجاد الحق العالم قوله (بإيجاده) يتعلق بنفس (الذي تطلبه الربوبية عن الله بحقيقتها) أي بحسب اقتضائها الذاتي كما أن استغناء الحق بحسب ذاته وحقيقته كذلك طلب الربوبية بحسب حقيقتها فلما نفس الحق عنها ظهر آثارها فزال الكرب عنها بظهور آثارها .
يعني لو لم يظهر آثارها لتجد الكرب فأظهر الله آثارها لئلا تجد الكرب المحال في حقه تعالى وأسمائه .
قال رضي الله عنه : (وجميع ) يجوز أن يعطف على الربوبية المجرورة أي نفس عن الربوبية وعن جميع (الأسماء الإلهية) ويجوز أن يعطف على الربوبية المرفوعة أي وتطلبه جميع الأسماء الإلهية وكلاهما حسن لكن يدل على أن المراد هو الوجه الأول قوله في الفص العيسوي : العالم ظهر في نفس الرحمان الذي نفس الله به عن الأسماء الإلهية
قال رضي الله عنه : (فثبت من هذا الوجه) وهو اعتباره من حيث الأسماء والصفات (أن رحمته وسعت كل شيء) اسما كان أو عينا (فوسعت الحق) لأنه عين الأسماء من وجه، فكان الحق مرحوما من حيث الأسماء وليس مرحوما بحسب الذات .
فثبت بلسان الخصوص أن الحق كان راحما ومرحوما بهذا الوجه فعلى لسان الخصوص .
قال رضي الله عنه : (فهي) أي الرحمة (أوسع من القلب) لشمولها القلب والحق من حيث أسمائه والقلب لا يسع نفسه (او مساوية له في السعة) باعتبار أن القلب يسع نفسه من حيث الإحاطة العلمية (هذا مضی) أي تم الكلام في القلب والرحمة وسعتهما.

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : والحق من حيث ذاته غني عن العالمين.
والربوبية ما لها هذا الحكم.
فبقي الأمر بين ما تطلبه الربوبية وبين ما تستحقه الذات من الغنى عن العالم.
وليست الربوبية على الحقيقة والاتصاف إلا عين هذه الذات.
فلما تعارض الأمر بحكم النسب ورد في الخبر ما وصف الحق به نفسه من الشفقة على عباده.
فأول ما نفس عن الربوبية بنفسه المنسوب إلى الرحمن بإيجاده العالم الذي تطلبه الربوبية بحقيقتها وجميع الأسماء الإلهية.
فيثبت من هذا الوجه أن رحمته وسعت كل شيء فوسعت الحق، فهي أوسع من القلب أو مساوية له في السعة.  هذا مضى،)

قال رضي الله عنه : والحق من حيث ذاته غني عن العالمين.  والربوبية ما لها هذا الحكم.
فبقي الأمر بين ما تطلبه الربوبية وبين ما تستحقه الذات من الغنى عن العالم. وليست الربوبية على الحقيقة والاتصاف إلا عين هذه الذات. فلما تعارض الأمر بحكم النسب ورد في الخبر ما وصف الحق به نفسه من الشفقة على عباده.  فأول ما نفس عن الربوبية بنفسه المنسوب إلى الرحمن بإيجاده العالم الذي تطلبه الربوبية بحقيقتها وجميع الأسماء الإلهية. فيثبت من هذا الوجه أن رحمته وسعت كل شيء فوسعت الحق، فهي أوسع من القلب أو مساوية له في السعة. هذا مضى،)

لا عين للألوهية إلا بالمألوه وجودا وتقديرا. فأما وجودا: فلا ألوهية بالفعل ما لم يكن المألوه بالفعل.
وأما في التقدير: فلا ألوهية في عالم التقدير إلا بالمألوه المقدر وذلك حال کل متضايفين. 
وأما حضرة الغني عن العالمين، فهي حضرة الذات لا حضرة الصفات والأسماء.
قال وليست الربوبية في الحقيقة والاتصاف إلا عين هذا الذات الغنية،
فإذن إنما وصف الحق تعالی نفسه بالشفقة على عباده لصحة نسبهم إلى ذاته من حيث أسماؤها التي ليس هو غيرها.
قال: ولما كان الإيجاد رحمة، فهو أول رحمة وسعت كل شيء، فشملت الرحمة أسمائه الحسنى حيث حصل لها بالايجاد عالما نفس من كرب الأسماء الإلهية باعطائها ما طلبته من حقائق العالم. 
قال: فلما وسعت الرحمة العالم والأسماء الإلهية كانت أوسع من القلب أو مساوية له في السعة.
وأعلم أنه، رضي الله عنه، ذكر عقيب هذا مسألة التجلي،.
فكأن قائلا قال: هل التجلي يجيء على وفق القلب أم القلب يجيء على وفق التجلي؟
فصرح الشيخ، رضي الله عنه، أن التجلي الاعتقادي يجيء على قدر القلب المعتقد لأنه لا يتجاوز العقيدة.

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : والحق من حيث ذاته غني عن العالمين.
والربوبية ما لها هذا الحكم.
فبقي الأمر بين ما تطلبه الربوبية وبين ما تستحقه الذات من الغنى عن العالم.
وليست الربوبية على الحقيقة والاتصاف إلا عين هذه الذات.
فلما تعارض الأمر بحكم النسب ورد في الخبر ما وصف الحق به نفسه من الشفقة على عباده.
فأول ما نفس عن الربوبية بنفسه المنسوب إلى الرحمن بإيجاده العالم الذي تطلبه الربوبية بحقيقتها وجميع الأسماء الإلهية.
فيثبت من هذا الوجه أن رحمته وسعت كل شيء فوسعت الحق، فهي أوسع من القلب أو مساوية له في السعة.  هذا مضى،)

قال رضي الله عنه :  )والحق من حيث ذاته غنيّ عن العالمين ، والربوبية ما لها هذا الحكم ، فبقي الأمر بين ما تطلبه الربوبية وبين ما تستحقّه الذات من الغنى عن العالم ، وليست الربوبية على الحقيقة والإنصاف إلَّا عين هذه الذات .هذا مضى .  " .(
يعني رضي الله عنه : أنّ الربوبية لكونها ذاتية للربّ هي عينه ، لأنّها لو لم تكن عينه ، لكانت غيره من جميع الوجوه ، فلم تكن الذات بدونها ربّا ، واحتاجت إلى ذلك الغير في كونها ربّا والذات غنيّة ، وربوبيتها ليست غيرها ، فهي عينها .

قال رضي الله عنه : )« فلمّا تعارض الأمر بحكم النسب ، ورد في الخبر ما وصف
الحق به نفسه من الشفقة على عباده ، فأوّل ما نفّس عن الربوبية  بنفسه المنسوب إلى الرحمن بإيجاده العالم الذي تطلبه الربوبية بحقيقتها وجميع الأسماء الإلهية ، فثبت من هذا الوجه أنّ رحمته وسعت كل شيء « ووسعت ما وسعه القلب وهو الحق » فهي أوسع من القلب.هذا مضى ”( .

ولكن يقال في « كلّ شيء » : إنّ الشيء حيث أضيف الكلّ إليه جزئي مخصوص تخصّص بحسبه ، فيكون معناه كلّ واحد واحد من الأشياء ، وحينئذ لا يتناول الحق ، لأنّه يتعالى عن أن يكون جزئيّا ، وكذلك القلب الذي وسع الحق ، فإنّه كلَّي ، لكونه أحدية جمع جميع الحقائق القابلية المظهرية ، فلا يدخل تحت « كلّ شيء » إلَّا أن يكون معنى « كلّ شيء » جميع الأشياء .
قال - رضي الله عنه - : " أو مساوية له في السعة" . يعني الرحمة ، من كونها وسعت الحق كما وسعه القلب . وهو الحق.

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (والحق من حيث ذاته غني عن العالمين.
والربوبية ما لها هذا الحكم.
فبقي الأمر بين ما تطلبه الربوبية وبين ما تستحقه الذات من الغنى عن العالم.
وليست الربوبية على الحقيقة والاتصاف إلا عين هذه الذات.
فلما تعارض الأمر بحكم النسب ورد في الخبر ما وصف الحق به نفسه من الشفقة على عباده.
فأول ما نفس عن الربوبية بنفسه المنسوب إلى الرحمن بإيجاده العالم الذي تطلبه الربوبية بحقيقتها وجميع الأسماء الإلهية.
فيثبت من هذا الوجه أن رحمته وسعت كل شيء فوسعت الحق، فهي أوسع من القلب أو مساوية له في السعة.  هذا مضى،)

قال رضي الله عنه : "والحق من حيث ذاته غنى عن العالمين ، والربوبية ما لها هذا الحكم ، فبقي الأمر بين ما تطلبه الربوبية وبين ما تستحقه الذات من الغنى عن العالم ، وليست الربوبية على الحقيقة والاتصاف إلا عين هذه الذات"
فالألوهية التي هي الحضرة الأسمائية ، والربوبية التي هي حضرة الأفعال الصادرة عن الأسماء تطلب العالم بما فيه ولم تثبت إلا به لأنها من الإضافيات فلا عين لها بدون المضاف وجودا وتقديرا ، يعنى عينا وذهنا ، فالربوبية ما لها غنى عن العالمين بل الغنى عن الكل ليس إلا الذات وحدها ، فالأمر ذو وجهين :
غنى من وجه ولا غنى من وجه ، وليست الربوبية في الحقيقة غير الذات لأنها نسب اعتبرت
في الذات لا عين لها ، فالرب ليس إلا الذات مع نسب اعتبارية لا عين لها ، وإلا لكان الله تعالى محتاجا في ربوبيته إلى تلك العين ، وكان محتاجا إلى الغير فلما تعارض الأمر بحكم النسب لاقتضائه من حيث الذات الغنى .
"" أضاف بالي زادة : - أي حكم الغنى عن العالمين وكذلك الألوهية وإن كانت غيرها من وجه ، فكانت الذات مستحقة بالغنى عن العالم من حيث الأحدية ، ومستحقة بالافتقار إليه من حيث الربوبية اهـ  ""

ومن حيث النسب اللاغنى "ورد في الخبر ما وصف الحق به نفسه من الشفقة على عباده "
 لأن الحق هو الذي يتحقق به كل شيء وهو الاسم الذي يتجلى به في القيامة ليحكم بين الناس بالحق أي بالعدل ، فيكون هو الرب المطلق رب العالمين ، فيقتضى الشفقة والرحمة على عباده لتوقف الربوبية عليهم .

قال رضي الله عنه : " فأول ما نفس عن الربوبية بنفسه المنسوب إلى الرحمن بإيجاده العالم الذي تطلبه الربوبية بحقيقتها وجميع الأسماء الإلهية ، فيثبت من هذا الوجه أن رحمته "وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ " - فوسعت الحق ،فهي أوسع من القلب أو مساوية له في السعة . هذا مضى "
ما في ما نفس مصدرية ، أي أول تنفيسه عن الربوبية بنفسه المنسوب إلى الرحمن الشامل بجميع الأسماء ، وهو التنفيس بإيجاده العالم الذي تطلبه الحضرة الربوبية وجميع الأسماء الإلهية فيثبت ، وفي نسخة : فثبت من هذا الوجه ، أي باعتبار الحضرة الأسمائية من حيث الإله والرحمن والرب أن رحمته " وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ " حتى الحق .
فيكون الحق من حيث الأسماء مرحوما بالرحمة الذاتية ، إذ لو لم يكن العالم واعتباراته لم يكن للنسب الأسمائية وجود ، والغنى مصروف إلى الذات وحدها ، والرحمة أوسع من القلب من حيث أنه شيء من الأشياء أو مساوية له من حيث أنه وسع الحق بجميع أسمائه .
وجميع الأسماء مرحومة من حيث أنها أسماء لا من حيث أنها عين ذات الحق ، وكذا القلب حينئذ ، يعنى إذا وسع الحق ليس إلا الذات وأسماؤه إذ لا شيء عند تجلى الحق غيره ، ولا للقلب ولا للعالم وجود.
"" أضاف بالي زادة : (بحكم النسب) أي بحكم الأسماء باقتضاء بعضها لطفا وبعضها قهرا (ورد في الخبر) وهو قوله تعالى : "والله رَؤُفٌ بِالْعِبادِ " إذ ربوبيته تتحقق بهم ، فكانت الربوبية أول صفة تطلب من الله وجود العالم ، ثم الأسماء الإلهية اهـ
(فأول ما نفس) عنه الحق (عن الربوبية) لأنها أول شيء طلب وجود العالم فتنفس عنها أولا دفعا للكرب ، فشبه بتنفس الإنسان لأنه ما تنفس إلا لإزالة الكرب ، فكان المتنفس مرحوما لوجدانه الراحة بالنفس ، فكان الحق مرحوما (بنفسه) وهو إيجاد العالم تشبيها لا تحقيقا (فأول) مبتدأ وخبره (عن الربوبية) بنفسه يتعلق بنفس أي نفس بسبب نفسه اهـ ""
يعنى أن الحق المتجلى المتحول في الصور إذا تجلى للقلب بصورة الأحدية لا يبقى معه شيء ، إذ الأحدية الذاتية تقتضي أن لا يكون معه شيء فلا ينظر القلب حينئذ إلا به ولا يرى إلا إياه فلا يحس بنفسه ولا بغيره ، ( هذا مضى ) أي تم الكلام في القلب والرحمة فوسعتهما.اهـ

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (والحق من حيث ذاته غني عن العالمين.
والربوبية ما لها هذا الحكم.
فبقي الأمر بين ما تطلبه الربوبية وبين ما تستحقه الذات من الغنى عن العالم.
وليست الربوبية على الحقيقة والاتصاف إلا عين هذه الذات.
فلما تعارض الأمر بحكم النسب ورد في الخبر ما وصف الحق به نفسه من الشفقة على عباده.
فأول ما نفس عن الربوبية بنفسه المنسوب إلى الرحمن بإيجاده العالم الذي تطلبه الربوبية بحقيقتها وجميع الأسماء الإلهية.
فيثبت من هذا الوجه أن رحمته وسعت كل شيء فوسعت الحق، فهي أوسع من القلب أو مساوية له في السعة.  هذا مضى،)

قال رضي الله عنه : (والحق من حيث ذاته غنى عن العالمين ، و (الربوبية) ما لها هذا الحكم) . إذ لا غناء لها عن المربوب .
قال رضي الله عنه : (فبقى الأمر بين ما تطلبه الربوبية ، وبين ما يستحقه الذات من الغنى عن العالم ) .
أي ، بقي الشأن بين الغنى الذاتي ، والافتقار الأسمائي . فيجب أن ينزل كل منهما على مقامه. فنقول : ( الغنى ) من حيث الذات ، لأن العالم ، كان أو لم يكن ، لا يحصل التغير في الذات ، فهي على حالها أزلا وأبدا عند وجود العالم وعدمه . و(الافتقار) من حيث الربوبية والألوهية . ولما كانت الربوبية صفة الذات الغنية ، والصفة عين الموصوف في الأحدية ،
فقال : ( وليست الربوبية على الحقيقة والإنصاف إلا عين هذه الذات ) .
فللذات الغنى عن العالمين من وجه ، وهو وجه الأحدية المتعالية عن النسب والإضافات ،
ولها الافتقار إليهم من وجه آخر ، وهو الوجه الواحدية الطالبة للنسب ومظاهرها.

قال الشيخ رضي الله عنه : (فلما تعارض الأمر بحكم النسب ، ورد في الخبر ما وصف الحق به نفسه من الشفقة على عباده ) .
أي ، فلما تعارض الأمر الإلهي بحكم النسب والإضافات - من الصفات الحقيقية والإضافات المتقابلة كالقهر واللطف والرحمة والنقمة - أضاف الشفقة على عباده إلى نفسه .
كما ورد : ( الله رؤوف بالعباد ) . و ( الشفقة ) هي الرحمة .
فرحم بها عباده وأسماءه التي يطلب العباد بإظهارها ، وإظهار ما عليه سلطنتها من أعيان العالم ، لأنها سبب ظهور كمالات الأسماء ، والربوبية لا تتم بها .

قال الشيخ رضي الله عنه : (فأول ما نفس عن الربوبية بنفسه المنسوب إلى ( الرحمن ) بإيجاده العالم الذي تطلبه الربوبية بحقيقتها وجميع الأسماء الإلهية )
أي ، فأول شئ نفس عنه الحق وأزال الكرب إنما كان صفة الربوبية عن جميع الأسماء ، لذلك قدمها ، وعطف ( جميع الأسماء الإلهية ) عليها .
وذلك لأن ( الربوبية ) وجميع الأسماء الإلهية اقتضت وجود المربوبات ومظاهر الأسماء والصفات ، وذلك ( التنفيس ) كان بإيجاد العالم في الخارج ، لكن بواسطة ( النفس الرحماني ) . ( فأول ) مبتدأ ، خبره ( عن الربوبية ) .
ويجوز أن يكون خبره : ( بإيجاده العالم ) . أي ، أول ما نفس عن الربوبية ، إنما كان بإيجاد أعيان العالم .
ويجوز أن يكون ( ما ) في قولهما ( ما نفس ) مصدرية .
فمعناه : فأول تنفيسه عن الربوبية بإيجاد الأعيان ، ثم بإظهار كمالاتها ، ثم بإنزال كل منها في مقام يليق بحاله في الآخرة .
( فيثبت ) وفي بعض النسخ : ( فثبت ) . ( من هذا الوجه أن رحمته وسعت كل
شئ ، فوسعت الحق ، وهي أوسع من القلب ، أو مساوية له في السعة ) .
أي ، لما كان الغرض من قوله : ( وأما الإشارة بلسان الخصوص ) إلى هنا ، إثبات أن الحق
كما هو ( راحم ) كذلك هو ( مرحوم ) من وجه آخر ، صرح هنا بالمقصود وهو أن
رحمته وسعت كل شئ ، اسما كان ذلك الشئ أو عينا .
وإذا كانت كذلك ، وسعت الحق أيضا ، لأنه عين هذه الأسماء والأعيان . فرحمته أوسع من القلب ، لأن الحق ، من حيث أسمائه ، والقلب وكل ما يطلق عليه اسم الشيئية ، داخل فيها ، والقلب لا يسع نفسه وإن وسع غيره من الحق والأعيان ومظاهرها .
ولما كان القلب أيضا يسع نفسه من حيث الإحاطة العلمية ، قال : ( أو مساوية له
في السعة . هذا مضى ) .
 واعلم ، أن الذي يسع كل شئ ثلاث : العلم ، والرحمة ، والقلب .
قال الله تعالى : ( ربنا وسعت كل شئ ) . ( رحمة وعلما ) وأحاط بكل شئ علما ،
( وسعت رحمتي كل شئ ) .
وقال : ( ما وسعني أرضى ولا سمائي ، ووسعني قلب عبدي المؤمن ) .
ولما تكلم في سعة الرحمة جعلها أوسع أو مساويا للقلب ، قال : ( هذا مضى ) .  

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ
:
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : والحق من حيث ذاته غني عن العالمين.
والربوبية ما لها هذا الحكم.
فبقي الأمر بين ما تطلبه الربوبية وبين ما تستحقه الذات من الغنى عن العالم.
وليست الربوبية على الحقيقة والاتصاف إلا عين هذه الذات.
فلما تعارض الأمر بحكم النسب ورد في الخبر ما وصف الحق به نفسه من الشفقة على عباده.
فأول ما نفس عن الربوبية بنفسه المنسوب إلى الرحمن بإيجاده العالم الذي تطلبه الربوبية بحقيقتها وجميع الأسماء الإلهية.
فيثبت من هذا الوجه أن رحمته وسعت كل شيء فوسعت الحق، فهي أوسع من القلب أو مساوية له في السعة.  هذا مضى،)

قال رضي الله عنه : ( والحق من حيث ذاته غني عن العالمين. والربوبية ما لها هذا الحكم.
فبقي الأمر بين ما تطلبه الربوبية وبين ما تستحقه الذات من الغنى عن العالم. وليست الربوبية على الحقيقة والاتصاف إلا عين هذه الذات. فلما تعارض الأمر بحكم النسب ورد في الخبر ما وصف الحق به نفسه من الشفقة على عباده. فأول ما نفس عن الربوبية بنفسه المنسوب إلى الرحمن بإيجاده العالم الذي تطلبه الربوبية بحقيقتها وجميع الأسماء الإلهية. فيثبت من هذا الوجه أن رحمته وسعت كل شيء فوسعت الحق، فهي أوسع من القلب أو مساوية له في السعة.  هذا مضی ).

ثم أشار إلى الجواب عن قوله : "فإن الله غني عن العالمين " [آل عمران: 97] الدال على غني الذات والأسماء كيف والقديم ذاتا وصفة ليس محلا للحوادث، ولا حالا فيها.
فقال رضي الله عنه : (والحق من حيث ذاته) لا من حيث تضمنها لمعاني أسمائه المنتسبة إلى الأشياء، وكذا الأسماء من حيث انتسابها إلى الذات القديمة (غني عن العالمين) فلا کرب لها أصلا، فلا تكون مرحومة بهذا الاعتبار، ولكن (الربوبية) التي بها انتساب الأسماء إلى الأشياء.
وانتساب الذات إليها بواسطة تضمنها معاني الأسماء (ما لها هذا الحكم)، أي: الغني لاقتضاء النسبة المنتسبين، فلها ما يشبه الكرب بهذا الاعتبار، (فبقي الأمر) أي: أمر الرحمة في تعلقها بأسماء الحق وذاته مترددا (بين ما تطلبه الربوبية) من الظهور في الأشياء، ففيها ما يشبه الكرب.

فقال رضي الله عنه : (وبين ما تستحقه الذات ) والأسماء باعتبار انتسابها إليها (من الغني عن العالم) الموجب لعدم الظهور فيه؛ فليس فيها ما يشبه الكرب، لكن كرب الربوبية لاحق بالذات؛ وذلك لأنها (ليست الربوبية على الحقيقة والاتصاف إلا عين هذه الذات)، إذا الربوبية نسبة، والنسب عدمية فلا تحقق إلا للذات المتضمنة للربوبية.
فقال رضي الله عنه : (فلما تعارض الأمر) أي: (الأمر) تعلق الرحمة بالذات والأسماء (بحكم النسب) أي: بحكم انتساب الذات إلى نفسها من حيث هي، وانتساب الأسماء إلى الذات، وبحكم انتساب الذات إلى الأشياء بتضمنها معاني الأسماء المنتسبة إلى الأشياء، وانتساب الأسماء إلى تلك الأشياء.

فقال رضي الله عنه : (ورد في الخبر ما وصف به الحق نفسه من الشفقة) المشعرة بما يشبه الكرب بطريق الإشارة لا التصريح (على عباده) صريحا، فلم يصرح بتعلقها في مكان المعارضة، وصرح في مكان لا معارضة فيه، ولكن هذه الشفقة المشعرة بما يشبه الكرب لا تتعلق بالذات والأسماء بالنظر إلى العباد من حيث هم عباد .
بل من حيث هم مظاهر الأسماء والذات، باعتبار ما فيها من طلب الظهور بهم، لكن الربوبية سابقة في هذا الطلب على الذات والأسماء باعتبار انتسابها إلى الذات، ولكن الأسماء الإلهية باعتبار انتسابها إلى الأشياء كالربوبية في سبقها في هذا الطلب.

فقال رضي الله عنه : (فأول ما نفس عن الربوبية بنفسه المنسوب إلى الرحمن) الشامل الأسماء الربوبية، فنفس عما يشبه الكرب فيها (بإيجاده العالم الذي تطلبه الربوبية بحقيقتها) التي هي نسبة الأسماء والذات إلى الأشياء، وعن (جميع الأسماء الإلهية) التي هي كالربوبية باعتبار سبق انتسابها إلى الأشياء على انتساب الذات إليها بواسطة تضمنها معاني الأسماء.
فقال رضي الله عنه : (فثبت من هذا الوجه) أي: طلب الأسماء بأنفسها والذات بواسطتها للأشياء، وكونه كالكرب فيها (أن رحمته) بإيجاد العالم (وسعت كل شيء)، حتی وسعت الربوبية والأسماء الإلهية.
فهي أي: رحمة في (فوسعت الحق) باعتبار تضمنه معاني تلك الأسماء، ومعنى الربوبية؛ (في) أي: الرحمة في إيجاد صور الأشياء في الخارج (أوسع من القلب)؛ لأنها وسعت الحق والربوبية، ولكل ما في الخارج من الجزئيات، والقلب لا يتسع للجزئيات كلها في الذهن بقدر واجتماعها في الخارج (أو مساوية له في السعة)، إذ للقلب تصوير الكليات في الذهن، وليس ذلك للرحمة المصورة للأشياء في الخارج فقط.
ويمكن أن يقال في معنى المساواة: إن للرحمة أيضا تصوير الأمور في الذهن، وللقلب أيضا التصوير في الخارج فيما يخلقه العارف همته، (هذا) أي: بحيث أن القلب أوسع أم الرحمة أو هما متساويان (مضی) أي: تم وفي معناهما الوحدة والكثرة، إذ لكل كثرة باعتبار مجموعتها وحدة، والوحدة تظهر بكل وحدة للكثرة، مع أن الوحدة محملة والمحمل من حيث هو محمل أضيق من المفصل، فافهم، فإنه مزلة للقدم.

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : والحق من حيث ذاته غني عن العالمين.
والربوبية ما لها هذا الحكم.
فبقي الأمر بين ما تطلبه الربوبية وبين ما تستحقه الذات من الغنى عن العالم.
وليست الربوبية على الحقيقة والاتصاف إلا عين هذه الذات.
فلما تعارض الأمر بحكم النسب ورد في الخبر ما وصف الحق به نفسه من الشفقة على عباده.
فأول ما نفس عن الربوبية بنفسه المنسوب إلى الرحمن بإيجاده العالم الذي تطلبه الربوبية بحقيقتها وجميع الأسماء الإلهية.
فيثبت من هذا الوجه أن رحمته وسعت كل شيء فوسعت الحق، فهي أوسع من القلب أو مساوية له في السعة.  هذا مضى،)

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( والحقّ من حيث ذاته غنيّ عن العالمين ، والربوبيّة ما لها هذا الحكم ) ضرورة احتياجه إلى المربوب .
ثمّ إنّ الربوبيّة لما كان أنزل من الالوهيّة فهي أشمل ضرورة اقتصر عليها قائلا : ( فبقي الأمر بين ما تطلبه الربوبيّة وبين ما تستحقّه الذات من الغنى عن العالمين ، وليست الربوبيّة على الحقيقة ) عند الثبوت ( والاتّصاف ) عند الإثبات ( إلَّا عين هذه الذات ) - كما سبق تحقيقه مرارا

 قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فلما تعارض الأمر ) بين الاحتياج والغنى ( بحكم النسب ) التي هي العين حقيقة واتّصافا ، فإنّه بالنسبة إلى الذات عينها يستلزم الغناء ، وبالنسبة إلى الأسماء التي هي عينها يقتضي الاحتياج ( ورد في الخبر ما وصف الحقّ به نفسه من الشفقة على عباده ) وما كتب على نفسه من الرحمة عليهم ، وذلك لأنّ الشفقة على العباد وكتابة الرحمة عليهم فيها معنى الاستغناء مع الاحتياج على ما لا يخفى .

سعة الرحمة
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فأوّل ما نفّس عن الربوبيّة بنفسه المنسوب إلى الرحمن ) فإنّ الرحمة هي الوجود ، فنسب إليه النفس ( بإيجاده العالم الذي تطلبه الربوبيّة بحقيقتها وجميع الأسماء الإلهيّة ) .
( فيثبت من هذا الوجه ) الذي يتكلَّم فيه لسان الخصوص ( أنّ رحمته وسعت كلّ شيء ، فوسعت الحقّ ، فهي أوسع من القلب ) بناء على أنّ الرحمة الوجوديّة لها الإحاطة بالأشياء ، ومنها القلب ، فهي أوسع منه ضرورة أنّه لا يسع نفسه .
ثمّ إنّ من شأن القلب الإحاطة بسائر المتقابلات وبنفسه أيضا إحاطة علميّة  وإليه أشار بقوله :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( أو مساوية له في السعة ، هذا مضى ) مما تكلَّم به لسان العموم ولسان الخصوص
.


شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : والحق من حيث ذاته غني عن العالمين.
والربوبية ما لها هذا الحكم.
فبقي الأمر بين ما تطلبه الربوبية وبين ما تستحقه الذات من الغنى عن العالم.
وليست الربوبية على الحقيقة والاتصاف إلا عين هذه الذات.
فلما تعارض الأمر بحكم النسب ورد في الخبر ما وصف الحق به نفسه من الشفقة على عباده.
فأول ما نفس عن الربوبية بنفسه المنسوب إلى الرحمن بإيجاده العالم الذي تطلبه الربوبية بحقيقتها وجميع الأسماء الإلهية.
فيثبت من هذا الوجه أن رحمته وسعت كل شيء فوسعت الحق، فهي أوسع من القلب أو مساوية له في السعة.  هذا مضى،)


قال رضي الله عنه :  (والحق من حيث ذاته غني عن العالمين. والربوبية ما لها هذا الحكم.  فبقي الأمر بين ما تطلبه الربوبية وبين ما تستحقه الذات من الغنى عن العالم. وليست الربوبية على الحقيقة والاتصاف إلا عين هذه الذات. فلما تعارض الأمر بحكم النسب ورد في الخبر ما وصف الحق به نفسه من الشفقة على عباده. )

قال الشيخ رضي الله عنه :  (والحق سبحانه من حيث ذاته غني عن العالمين والربوبية ما لها هذا الحكم) ، أي حكم الغني لافتقارها إلى المربوب، وإنما اقتصر على الربوبية لأنها أنزل من الألوهية فهي مستلزمة لها (فبقي الأمر) دائرا (بين ما تطلبه الربوبية وبين ما تستحقه الذات من الغني عن العالم وليست الربوبية على الحقيقة والانصاف إلا عين هذه الذات).
أي من نظر إلى حقيقة الأمر ونصف من نفسه حکم بأن الربوبية عين الذات بمعنى أنه ليس في الخارج إلا الذات، فإن الربوبية نسبة عقلية لا وجود لها في الخارج وإن أتصل بنا الموجود الخارجي.
وذهب بعض الشارحين إلى أن الاتصاف افتعال من الوصف وجعله عطف على الحقيقة ، ولا يخلو عن سماحة ولو جعل على هذا معطوفة على الربوبية، أي ليست الربوبية و اتصاف الذات بها إلا عين الذات لكان أحسن.
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فلما تعارض الأمر)، أي أمر الذات (بحكم النسب)، أي نسبة المعنى وأن لا عين ولم تبق الذات على صرافة المعنى .
(ورد في الخبر) النبوي الوارد بأنصاف الحق سبحانه بالنفس المنبئ عن التنفيس الذي هو عين الذات من وجه .
(ما وصف الحق به نفسه) حيث قال : والله رؤوف بالعباد (من الشفقة) الواقعة (على عباده) وكما أن عباده تتعلق بهم الشفقة والرحمة فكذلك تتعلق به أيضا الشفقة والرحمة التي هي التنفس عن کرب الأسماء

قال رضي الله عنه :  (فأول ما نفس عن الربوبية بنفسه المنسوب إلى الرحمن بإيجاده العالم الذي تطلبه الربوبية بحقيقتها وجميع الأسماء الإلهية. فيثبت من هذا الوجه أن رحمته وسعت كل شيء فوسعت الحق، فهي أوسع من القلب أو مساوية له في السعة. هذا مضى،)

قال الشيخ رضي الله عنه :   (فأول ما نفس)، أي أول تنفيسه على أن تكون ما مصدرية هو التنفيس (عن الربوبية) أول تنفيسه من الربوبية (بنفسه المنسوب إلى الرحمن) إنما هو (بإيجاد العالم الذي تطلبه الربوبية بحقيقتها) الطالبة لوجود العالم .
فقوله : فأول ما نفس، مبند خبره أما قوله : عن الربوبية أو قوله بایجاد العالم و قوله : (وجميع الأسماء الإلهية) إما مجرور عطفا على الربوبية التي هي مدخول عن أو مرفوع عطفا على الربوبية .
التي هي فاعل تطلبه وأما جعل "ما" في و"ما نفس" موصولة فوجه صحته غير ظاهر .
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فثبت من هذا الوجه) الذي يتكلم به لسان الخصوص (أن رحمته وسعت كل شيء) حقا كان أو خلقا (فوسعت)، أي الرحمة (الحق) أيضا (فهي)، أي الرحمة (أوسع من القلب) فإنها وسعت القلب وما سواه والقلب لا يسع نفسه ، هذا إذا اعتبر سعة القلب باعتبار انطوانه علی الحقائق كلها.
وأما إذا اعتبرت باعتبار العلم فهو يسع نفسه أيضا فتكون الرحمة حينئذ مساوية له في السعة، وإنى هذا أشار بقوله : (أو مساوية له في السعة هذا) الذي تكلم به لسان العموم و الخصوم (مضی) وبعد الكلام في بيانه قد انقضى.

المواقف الروحية والفيوضات السبوحية شرح الأمير عبد القادر الجزائري 1300 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : والحق من حيث ذاته غني عن العالمين.
والربوبية ما لها هذا الحكم.
فبقي الأمر بين ما تطلبه الربوبية وبين ما تستحقه الذات من الغنى عن العالم.
وليست الربوبية على الحقيقة والاتصاف إلا عين هذه الذات.
فلما تعارض الأمر بحكم النسب ورد في الخبر ما وصف الحق به نفسه من الشفقة على عباده.
فأول ما نفس عن الربوبية بنفسه المنسوب إلى الرحمن بإيجاده العالم الذي تطلبه الربوبية بحقيقتها وجميع الأسماء الإلهية.
فيثبت من هذا الوجه أن رحمته وسعت كل شيء فوسعت الحق، فهي أوسع من القلب أو مساوية له في السعة.  هذا مضى،)

قال رضي الله عنه :  (والحق من حيث ذاته غني عن العالمين والربوبية مالها هذا الحكم. 
فبقي الأمر بين ما تطلبه الربوبية وبين ما تستحقه الذات من الغني عن العالم، وليست الربوبية على الحقيقة والإنصاف "الإتصاف" إلا عين هذه  الذات، فلما تعارض الأمر بحكم النسب ورد في الخبر ما وصف الحق به نفسه من الشفقة على عباده، فأول ما نفس عن الربوبية بنفسه المنسوب إلى الرحمن بإيجاده العالم الذي تطلبه الربوبية بحقيقتها وجميع الأسماء الإلهية. 
فيثبت من هذا الوجه أن رحمته وسعت كل شيء فوسعت الحق، فهي أوسع من القلب أو مساوية له في السعة).
فالحق تعالى من حيث ذاته الأحدية غني عن العالمين، بل غني عن أسمائه، إذ ليس ثمة من يتفرق إليه أو يتسمى له.
وكان الله ولم يكن معه شيء، فالربوية والألوهية وغيرهما من المراتب الأسمائية والنسب الإضافية ما بها هذا الحكم، وهو الغني عن العالمين. 
بل لها طلب العالمين لتظهر آثارها. 
وهذا الطلب هو الذي عبر عنه سيدنا بالافتقار في قوله:
( الكل مفتقر ما الكل مستغني ) 
وأنكره الجم الغفير إلا من رحم ربك
ولا شك أن كل طالب فاقد لما هو طالبه ، وكل فاقد مفتقر لما هو فاقده، وإن كان بين من يطلب يؤثر ويظهر سلطانه وبين من يطلب ليتأثر وينفعل فرقان، فبقي الأمر والقصة المتحدث عنها دائرا بين طالب ومستحق، فالربوبية تطلب ظهور حقائق الأسماء الربية والذات الأحدية مستحقة الفناء عن العالمين.
فإنها بذاتها تنفي أن يكون معها غير وسوى، إذ ليس في الذات الأحدية ما يطلب العالم، ولو كان في الأحدية ما يطلب العالم لم يصح کونه غنيا، ولو كان أسم الغني ما ثبت إلا بتقدير العالم، وما ألطف تعبيره بالطلب في حق الربوبية ، وبالاستحقاق في حق الذات الأحدية. 
وليست الربوبية الطالبة الظهور حقائق الأسماء على الحقيقة والنظر بالإنصاف إلا عين هذه الذات الأحدية المستحقة الفناء عن العالم، فإنها بعينها تنزلت من أحذيتها إلى مرتبة الألوهية ، والربوبية، وهي هي فاسمها عينها. 
إذ الاسم لما كان يدل على المسمى بحکم المطابقة فلا يفهم منه غير مسماه ، فهو عينه صورة أخرى تسمى اسما. فالاسم اسم له ولمسماه .
فلما تعارض الأمر بسبب حكم النسب الإلهية واختلافها فإن النسبة الربية حكمها ومطلوبها إيجاد العالم ونسبة الفناء حكمها ومستحقها عدم إيجاد العالم. 
ورد في الخبر ما وصف الله به نفسه على ألسنة رسله عليهم الصلاة والسلام من الشفقة على عباده والرحمة لهم والرأفة بهم. 
وورد أنه بغضب ويرضى، تقول الرسل يوم القيامة : " إن ربي غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ، ولن يغضب بعده مثله"
وإزالة الغضب رحمة لما فيه من التنفيس عن الغضبان ، وغير هذا من الصفات والأسماء السمعية التي تدل على تنزله من سماء الأحدية إلى ما تطلبه الأسماء الإلهية. 
فأول ما نفس عن الأسماء الربية بنفسه المنسوب إلى الرحمن الذي أخبر عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم  بقوله: "إن نفس الرحمن يأتيني من قبل اليمن"
وتنفیسه عن الأسماء هو بالإذن لكل اسم أن يظهر بحقيقته فيثبت من هذا الوجه تنفیسه عن الحضرة الربية أن رحمته وسعت كل شيء ، فوسعت الحق تعالى لا من حيث عموم أنها وسعت كل شيء لأن الحق ليس بشيء فوسعت رحمته أسمائه. 
أو يقال : وسعت ذاته . فإنها المقتضية لإيجاد العالم في الحقيقة. 
فإنه تعالى يقول في بعض الكتب الإلهية : "کنت کنزا لم أعرف فأحببت أن أعرف فخلقت خلقا وتعرفت إليهم "
ومن أحبت نفسه شيئا وأعطاها إياه فقد رحمها، فإنه تعالى لما ذكر المحبة علمنا من حقيقة الحب ولوازمه ما يجده المحب في نفسه.
هذا إذا اعتبرت الرحمة صفة، فأما إذا اعتبرت الرحمة عين الذات فالشيء لا يسع نفسه ولا بضيق عنها. 
فالرحمة إذا أعتبرت صفة فهي أوسع من القلب لأنها وسعت الحق ونفست عنه . والقلب ما نفس عن الحق شيئا أو مساوية له في السعة، حيث إنها وسعت كل شيء . والقلب وسع الحق - تعالى - فوسع كل شيء. 
فالقلب وسع الحق تعالى كما وسعته الرحمة ، فإنه تعالى يغار على قلب عبده المؤمن العارف أن يكون فيه غير ربه فأطلع، أنه صورة كل شي، وعين كل شيء . فوسع كل شيء قلب العبد المؤمن العارف، لأن كل شيء حق، فما وسعه إلا الحق. فمن علم الحق من حقيقته فقد علم كل شيء ، وليس من علم شيئا علم الحق. 
وعلى الحقيقة فما علم العبد ربك الشيء الذي يزعم أنه علمه ، لأنه لو علم ، لعلم أنه الحق، فلما لم يعلم أنه الحق قلنا إنه لم يعلمه
و قول سیدنا (هذا مضی)
يقول رضي الله عنه : إن الكلام على سعة قلب العبد المؤمن العارف، والتنظير بين سعته وسعة الرحمة الإلهية قد مضى وتم. 
وذات يستلزم ويستطرد الكلام على التجلي الإلهي لهذا القلب المؤمن العارف بالله ، وكيف بتنوع القلب بتنوع التجلي في الصور .
.
    

واتساب

No comments:

Post a Comment