Thursday, September 12, 2019

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة الثالثة عشر .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة الثالثة عشر .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة الثالثة عشر .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي لجامعها عبدالله المسافر بالله

12 - The Wisdom of the Heart in the Word of Shu'aib 


الفقرة الثالثة عشرة :
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134هـ:
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  ومن قلد صاحب نظر فكري وتقيد به فليس هو الذي ألقى السمع، فإن هذا الذي ألقى السمع لا بد أن يكون شهيدا لما ذكرناه.
ومتى لم يكن شهيدا لما ذكرناه فما هو المراد بهذه الآية.
فهؤلاء هم الذين قال الله فيهم «إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا» والرسل لا يتبرءون من أتباعهم الذين اتبعوهم.
فحقق يا ولي ما ذكرته لك في هذه الحكمة القلبية.
وأما اختصاصها بشعيب، لما فيها من التشعب، أي شعبها لا تنحصر، لأن كل اعتقاد شعبة فهي شعب كلها، أعني الاعتقادات )

 قال رضي الله عنه : (ومن قلد صاحب نظر فكري وتقيد به فليس هو الذي ألقى السمع، فإن هذا الذي ألقى السمع لا بد أن يكون شهيدا لما ذكرناه. ومتى لم يكن شهيدا لما ذكرناه فما هو المراد بهذه الآية. فهؤلاء هم الذين قال الله فيهم «إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا» والرسل لا يتبرءون من أتباعهم الذين اتبعوهم.  فحقق يا ولي ما ذكرته لك في هذه الحكمة القلبية. وأما اختصاصها بشعيب، لما فيها من التشعب، أي شعبها لا تنحصر، لأن كل اعتقاد شعبة فهي شعب كلها، أعني الاعتقادات )

قال رضي الله عنه : (و) أما (من قلد صاحب نظر)، أي دليل (فكري) عقلي كمقلده علماء الكلام من الأشاعرة وغيرهم .
قال رضي الله عنه : (وتقيد به)، أي بصاحب ذلك النظر الفكري ولم يحل عن نظره (فليس هو الذي ألقى السمع)، لأنه ما ألقى السمع لما وردت به الأخبار الإلهية من حيث هي أخبار إلهية، وإنما ألقى السمع لنظير صاحب ذلك النظر الفكري ولدليله العقلي وإن كان مستندة إلى الأخبار الإلهية من حيث ما هو ناظر فيها ومستدل بدليل عقله.
قال رضي الله عنه : (فإن هذا الذي القى السمع) الوارد في الآية (لا بد أن يكون شهيدا)، أي مشاهدة (لما ذكرناه) من استعمال حضرة خياله في تصور معبوده من غير حصر له في صورة (ومتى لم يكن شهيدا لما ذكرناه) من ذلك (فما هو المراد بهذه الآية) في قوله تعالى : (أو ألقى السمع) ، فإن جملة قوله : "وهو شهيد" حال. 
والأحوال قيود في المعنى (فهؤلاء)، أي الذين قلدوا أصحاب الأفكار والأنظار العقلية (هم الذين قال الله) تعالى فيهم :" إذ تبرأ الذين اتبعوا " [البقرة : 166]، بالبناء للمفعول، أي اتبعهم غيرهم وهم الأئمة المتبوعين في أنظارهم الفكرية و أدلتهم العقلية على حسب ما استحسنوه واستقبحوه من الاعتقادات وغيرها ("من الذين اتبعوا")، أي اتبعوهم وهم التابعون لهم في ذلك .
قال رضي الله عنه : (والرسل) عليهم السلام (لا يتبرؤون من أتباعهم الذين اتبعوهم) فيما جاؤوا به من الحق على المعنى الذي يعلمه الله تعالى وتعلمه رسله من ذلك .
فتعين أن يكون المراد غيرهم من الأئمة المتبوعين وهذا كله حکم مقلدة أصحاب الأفكار و المتأولين الأخبار كما مر.

وأما أصحاب الأفكار نفسهم المتأولون للأخبار بالأدلة العقلية، فهم أهل النظر العقلي، وهم مجتهدون في الاعتقاد والمجتهد مؤمن بما أدى إليه اجتهاده .
فإن كان مخطئا كان خطؤه مردودة عليه، وإن أصاب يثاب ولكنه غير عارف بالله تعالى بل عارف بوجود الله تعالى والعلم بوجود الله غير العلم بالله.
 لأنه عالم بوجود ذات قديمة مطلقة عما لا يليق بها منصفة بصفات الكمال، وهذه حالة خيالية مقتضية للغفلة والحجاب.
والعالم بالله کاشف بذوقه وإحساسه عن الوجود القديم المطلق المتصف بصفات الكمال، المتجلي بتجليات الجلال والجمال.
وهذه حالة ذوقية کشفية حسية لا خيالية (فحقق يا وليي)، أي صديقي (ما ذكرته لك) هنا (في هذه الحكمة القلبية)، أي المنسوبة إلى القلب واعرف وجه نسبتها إلى القلب بما تبين لك في الكلام السابق .
قال رضي الله عنه : (وأما اختصاصها)، أي هذه الحكمة (بشعيب عليه السلام فلما فيها)، أي في هذه الحكمة (من الشعب) جمع شعبة وهي الفرقة من الشيء والقطعة منه (أي شعبها) كثيرة (لا تنحصر) بالعد (لأن كل اعتقاد) يعتقده القلب (شعبة) من القلب تتشعب بالأفكار المختلفة قال رضي الله عنه : (فهي)، أي هذه الحكمة (شعب كلها أعني) بالشعب كلها الاعتقادات المختلفة باختلاف المعتقدين.

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  ومن قلد صاحب نظر فكري وتقيد به فليس هو الذي ألقى السمع، فإن هذا الذي ألقى السمع لا بد أن يكون شهيدا لما ذكرناه.
ومتى لم يكن شهيدا لما ذكرناه فما هو المراد بهذه الآية.
فهؤلاء هم الذين قال الله فيهم «إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا» والرسل لا يتبرءون من أتباعهم الذين اتبعوهم.
فحقق يا ولي ما ذكرته لك في هذه الحكمة القلبية.
وأما اختصاصها بشعيب، لما فيها من التشعب، أي شعبها لا تنحصر، لأن كل اعتقاد شعبة فهي شعب كلها، أعني الاعتقادات )

قال رضي الله عنه : (ومن قلد صاحب نظر فكري وتقيد به) أي بالنظر الفكري في تحصيل المجهولات وقد أدرج في هذا القسم المعتزلي ومن قلده فإن المعتزلي فمن قلدوا الفلاسفة في التمسك في تأويلات بعض الإخبارات الإلهية (فليس هو الذي ألقى السمع فإن هذا الذي القى السمع لا بد أن يكون شهيدا لما ذكرناه).
من تقليب الحق في الصور وهذا الذي تقید بنظر الفكري تم يكن شهدا لما ذكرناه (ومن لم يكن شهيدا لما ذكرناه بما هو المراد بهذه الآية فهؤلاء) أي الذين كانوا صاحب العقل (هم الذين قال الله فيهم :"وإذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا" والرسل لا يتبرأون عن اتباعهم الذين اتبعوهم) .

يعني أن المتبعين أما الرسل وإما أصحاب النظر، أما الرسل فهم لا يتبرأون عن إتباعهم بل يشفعون "في" عصاتهم.
فلا يصح هذا النص في حقهم فتتعين الآية لأصحاب النظر وتخصهم فأصحاب النظر كالفلاسفة وأمثالهم لظهور سوء حالهم في الآخرة تبرأوا عن مقلديهم.
ولما كانت هذه المسألة من أعظم مسائل العلوم الإلهية وأركانها وأهمها علما اوصی للطالبين بتحقيقه .
فقال رضي الله عنه : (فحقق يا ولي) أي صاحبي (ما ذكرته لك في هذه الحكمة القلبية وأما اختصاصها) أي اختصاص الحكمة القلبية (بشعيب عليه السلام لما فيها من التشعب أي شعبها) أي شعب القلبية (لا تنحصر لأن كل اعتقاد شعبة) من القلب .
قال رضي الله عنه : (فهي شعبه كلها قوله أعني الاعتقادات) تفسير للضمير

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  ومن قلد صاحب نظر فكري وتقيد به فليس هو الذي ألقى السمع، فإن هذا الذي ألقى السمع لا بد أن يكون شهيدا لما ذكرناه.
ومتى لم يكن شهيدا لما ذكرناه فما هو المراد بهذه الآية.
فهؤلاء هم الذين قال الله فيهم «إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا» والرسل لا يتبرءون من أتباعهم الذين اتبعوهم.
فحقق يا ولي ما ذكرته لك في هذه الحكمة القلبية.
وأما اختصاصها بشعيب، لما فيها من التشعب، أي شعبها لا تنحصر، لأن كل اعتقاد شعبة فهي شعب كلها، أعني الاعتقادات )

قال رضي الله عنه : (  ومن قلد صاحب نظر فكري وتقيد به فليس هو الذي ألقى السمع، فإن هذا الذي ألقى السمع لا بد أن يكون شهيدا لما ذكرناه. ومتى لم يكن شهيدا لما ذكرناه فما هو المراد بهذه الآية.  فهؤلاء هم الذين قال الله فيهم «إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا» والرسل لا يتبرءون من أتباعهم الذين اتبعوهم.  فحقق يا ولي ما ذكرته لك في هذه الحكمة القلبية. وأما اختصاصها بشعيب، لما فيها من التشعب، أي شعبها لا تنحصر، لأن كل اعتقاد شعبة فهي شعب كلها، أعني الاعتقادات )

قال: ومن دون العارفين هم المؤمنون وهم الذين قيل فيهم أو ألقي السمع وهو شهيد وليس من هؤلاء مقلدوا أصحاب الرأي الذي نزلوا الأخبار الإلهي إلى مراتب أدلتهم النظرية.
فإن تقليد أوليك ليس هو تقليدا للأنبياء عليهم السلام، ولا هم أتباع الأنبياء، ويوم القيامة يتبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا، والرسل، عليهم السلام، لا يتبرؤون من أتباعهم الذين اتبعوهم.
قال: وأما اختصاص هذه الحكمة بشعیب، فلما في اسمه، عليه السلام، من اشتقاق التشعب وهذه المسألة كثيرة التشعب والاختلاف، فإن العقائد لا تنحصر لكثرتها. قال: فإذا انكشف الأمر فقد ينكشف، على خلاف العقائد وهو قوله وبدأ لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون.

وأما قوله في الهوية: إن بعض العباد ينكشف له على حكم معتقده فيها، فيتحول الظن علما، فهذا فيه تجوز، لأنه إذا اعتقد ما لا يراه يستحيل أن يكون الرؤية مثله سواء، بل لا بد من مخالفة ما حتى يبدو له من الله ما لم يكن يحتسب. 
ثم ذكر أن الترقي قد يكون للإنسان وهو لا يشعر به وهذا لا شك فيه ، بشهود الوحدانية بالتدريج وهو لا يشعر فيظن أنه لم يفتح له.

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  ومن قلد صاحب نظر فكري وتقيد به فليس هو الذي ألقى السمع، فإن هذا الذي ألقى السمع لا بد أن يكون شهيدا لما ذكرناه.
ومتى لم يكن شهيدا لما ذكرناه فما هو المراد بهذه الآية.
فهؤلاء هم الذين قال الله فيهم «إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا» والرسل لا يتبرءون من أتباعهم الذين اتبعوهم.
فحقق يا ولي ما ذكرته لك في هذه الحكمة القلبية.
وأما اختصاصها بشعيب، لما فيها من التشعب، أي شعبها لا تنحصر، لأن كل اعتقاد شعبة فهي شعب كلها، أعني الاعتقادات )

قال رضي الله عنه : ( من قلَّد صاحب نظر فكري وتقيّد به ، فليس هو الذي ألقى السمع وهو شهيد ، فإنّ هذا الذي ألقى السمع ، لا بدّ أن يكون شهيدا لما ذكرنا ومتى لم يكن شهيدا لما ذكرناه ، فما هو المراد بهذه الآية ، فهؤلاء هم الذين قال الله فيهم : " إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا من الَّذِينَ اتَّبَعُوا " والرسل لا يتبرّؤون من أتباعهم الذين اتّبعوهم ) .
يشير رضي الله عنه إلى أنّ نتائج النظر العقلي تقييدية حاصرة للأمر فيما هو خلاف الواقع ، فإذا قلَّدهم مقلَّد لهم وألقى إليهم السمع ، فكأنّه لم يبلغ إلى العلَّة الغائيّة من التقليد وإلقاء السمع وهو الشهود ، لكون المشهود الموجود خلاف الحصر في معيّن مقيّد ، بل كون المشهود عين كل معيّن وغير متعيّن غير مقيّد ، بل على إطلاقه الذاتي الوجودي ، فافهم ، فإنّ الفكر ليس من مقتضى الشهود ، ولكنّ الإيمان بأنّه مشهود يوجب طلب الشهود أوّلا في التمثّل والتخيّل ، ثمّ في الشهود والرؤية الحقيقيين آخرا بما ذكرنا من اتّحاد البصر بالبصيرة ، فتحقيق ذلك التحقيق والله وليّ التوفيق .

قال رضي الله عنه : ( فحقّق يا وليّي ما ذكرته لك في هذه الحكمة القلبية . وأمّا اختصاصها بشعيب فلما فيها من التشعيب أي شعبها لا تنحصر ، لأنّ كل اعتقاد شعبة ، فهي شعب كلَّها أعني الاعتقادات ،)
هذا ظاهر بما تقرّر آنفا أنّ التجلَّي يوم القيامة بصورة الاعتقاد ، والمتجلَّي هو الإله المعتقد - اسم مفعول - ولكن لمّا كان هذا التحوّل الإلهي الرحماني في صورة الاعتقادات ليقرّبه عبدة العلامات الاعتقادية ، فيرحمهم ويوجروا ويربحوا على ربّهم .
وكان ذلك في هذه الصورة الخاصّة موجودا في التجلَّي على خلاف اعتقاده ، تجلَّى له الحق الرحمن الوجيه في صورة غير معتقده ، لما في ذلك من فائدة عائدة على عبده ، ولا محذور في ذلك ، فإنّ الله تجلَّى له بنفسه في صورة معتقده ، ولكنّ المجازاة وقعت على غير معتقده ، فبدا له من الله ما لم يكن يحتسب ، فعلم المعتزلي عند ذلك أنّ الله أعظم ممّا كان اعتقده وقيّده وعساه يرزق الترقي - إن شاء الله تعالى - في تفاصيل هذه الرؤية ، وما ذلك على الله بعزيز .

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  ومن قلد صاحب نظر فكري وتقيد به فليس هو الذي ألقى السمع، فإن هذا الذي ألقى السمع لا بد أن يكون شهيدا لما ذكرناه.
ومتى لم يكن شهيدا لما ذكرناه فما هو المراد بهذه الآية.
فهؤلاء هم الذين قال الله فيهم «إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا» والرسل لا يتبرءون من أتباعهم الذين اتبعوهم.
فحقق يا ولي ما ذكرته لك في هذه الحكمة القلبية.
وأما اختصاصها بشعيب، لما فيها من التشعب، أي شعبها لا تنحصر، لأن كل اعتقاد شعبة فهي شعب كلها، أعني الاعتقادات )

قال رضي الله عنه : " ومن قلد صاحب نظر فكرى وتقيد به فليس هو الذي ألقى السمع ، فإن هذا الذي ألقى السمع لا بد أن يكون شهيدا لما ذكرناه ، ومتى لم يكن شهيدا لما ذكرناه فما هو المراد بهذه الآية - فهؤلاء هم الذين قال الله فيهم – " إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا من الَّذِينَ اتَّبَعُوا " - والرسل لا يتبرؤن عن أتباعهم الذين اتبعوهم "
أي المقلد لصاحب النظر العقلي ليس الذي ألقى السمع ، لأن النظر العقلي يؤدى إلى تقييد حاصر للأمن فيما هو على خلاف الواقع ، وصاحبه مقيد للحق فيما ليس بمشهود ، فإذا قلده مقلد وألقى السمع إليه لم يبلغ من التقليد وإلقاء السمع إلى غايته من الشهود ، لأن المشهود الموجود غير منحصر بل مطلق هو عين كل معين فلم يك شهيدا لحضرة شهود نبيه .
ولا يعتقد الشهود لأن الفكر لا يقتضيه ، ولهذا نهى النبي عليه الصلاة والسلام عن الفكر في الله فليس هذا المقلد بمراد في الآية ، وأما المؤمن المعتقد للشهود فإنه يطلب الشهود أولا من طريق التخيل والتمثل ، ثم بالرؤية والتحقيق حتى يبلغ مقام الولاية في التوحيد ، ولهذا لا يتبرأ من أتباعهم لأنه دعاهم إلى الحق على بصيرة ، ويتبرأ المقيد عن أتباعهم لأنه دعاهم إلى خلاف الواقع من التقيد .
"" أضاف بالي زادة :  (وتقيد به ) أي بالنظر الفكري في تحصيل المجهولات ، وقد أدرج في هذا القسم المعتزلي ومن قلده ، فإنهم ممن قلدوا الفلاسفة في التمسك في تأويلات بعض الإخبارات الإلهية اهـ بالى"" .

قال رضي الله عنه : "فحقق يا ولى ما ذكرته لك في هذه الحكمة القلبية ، وأما اختصاصها بشعيب ، أي شعبها لا تنحصر لأن كل اعتقاد شعبة فهي شعب كلها ، أعنى الاعتقادات ".
 هذا وجه للاختصاص يناسب شعيبا باعتبار اسمه ، والمذكور في أول الفص يناسب باعتبار طريقته .
"" أضاف بالي زادة :  يعنى أن المتبوعين إما الرسل وإما أصحاب النظر ، أما الرسل فهم لا يتبرؤن عن أتباعهم بل يشفعون في عصاتهم فلا يصح هذا السر في حقهم ، فتعينت الآية لأصحاب النظر كالفلاسفة وأمثالهم ، لظهور صورها لهم في الآخرة تبرؤا عن مقلديهم ، ولما كانت هذه المسألة من أعظم مسائل العلوم الإلهية وأركانها ، أوصى الطالب بتحقيقه ، فقال : فحقق يا ولى ، أي يا صاحبي اهـ بالى. ""

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  ومن قلد صاحب نظر فكري وتقيد به فليس هو الذي ألقى السمع، فإن هذا الذي ألقى السمع لا بد أن يكون شهيدا لما ذكرناه.
ومتى لم يكن شهيدا لما ذكرناه فما هو المراد بهذه الآية.
فهؤلاء هم الذين قال الله فيهم «إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا» والرسل لا يتبرءون من أتباعهم الذين اتبعوهم.
فحقق يا ولي ما ذكرته لك في هذه الحكمة القلبية.
وأما اختصاصها بشعيب، لما فيها من التشعب، أي شعبها لا تنحصر، لأن كل اعتقاد شعبة فهي شعب كلها، أعني الاعتقادات )

قال رضي الله عنه : (ومن قلد صاحب نظر فكري وتقيد به ، فليس هو الذي "ألقى السمع " . فإن هذا الذي "ألقى السمع "لا بد أن يكون شهيدا لما ذكرناه ، ومن لم يكن شهيدا لما ذكرناه ، فما هو المراد بهذه الآية . فهؤلاء هم الذين قال الله تعالى في حقهم : " إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا " . والرسل لا يتبرؤون من اتباعهم الذين اتبعوهم . فحقق يا ولى ما ذكرته لك في الحكمة القلبية . )
إنما كان صاحب نظر فكري غير معتبر عند أهل الله ، لأن المفكرة قوة جسمانية يتصرف فيها الوهم تارة ، والعقل أخرى ، فهي محل ولايتها ، والوهم ينازع العقل .
والعقل لانغماس آلته  في المادة الظلمانية ، لا يقدر على إدراك الشئ إدراكا تاما ، خصوصا مع
وجود المنازع ، ولا يسلم مدركاته عن الشبه النظرية ، فيبقى صاحبه لا يزال شاكا
أو ظانا فيما أدركه .
بخلاف أرباب اليقين ، فإنهم يشاهدون الأشياء بنور ربهم لا بتعلمهم وتفكرهم . والقوة الخيالية ، وإن كانت جسمانية ، لكنها بمنزلة البصر للقلب ومدركاته محسوسة ، فيحصل بها اليقين .
فمن قلد لمن لا يكون على يقين ، فقد خاب وخسر ، إذ ليس ممن "ألقى السمع " ، ولم يحصل له الشهود ، ويدخل فيمن قال الله تعالى في حقهم : " إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا " .
أي ، المتبوعون من تابعيهم .
ولما كان هذا التنبيه أصلا عظيما لأرباب السلوك ، وصى بتحقيقه ، أي ، بجعله حقا ثابتا ، وإمعان النظر في حقيقته ، لئلا يقلدوا أرباب النظر بترك الشرائع ، فيقعون في الغواية ، و" يحسبون أنهم يحسنون صنعا " . كما في زماننا هذا .

قال رضي الله عنه : ( وأما اختصاصها بشعيب ، لما فيها من ( التشعب ) ، أي ، شعبها لا تنحصر ، لأن كل اعتقاد شعبة ، فهي شعب كلها ، أعني الاعتقادات . )
لما كان ( شعيب ) مأخوذا من ( الشعبة ) ، وكان القلب كثير الشعب - بحسب عوالمه وعقائده وقواه الروحانية والجسمانية ذكر أن اختصاص الحكمة القلبية بهذا الكلمة الشعيبية ، لأجل المناسبة التي بينهما .
وإنما بين هذا الاختصاص هنا ، ليبين شعب الاعتقادات المختلفة ، وإن شعبها لا تنحصر .

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  ومن قلد صاحب نظر فكري وتقيد به فليس هو الذي ألقى السمع، فإن هذا الذي ألقى السمع لا بد أن يكون شهيدا لما ذكرناه.
ومتى لم يكن شهيدا لما ذكرناه فما هو المراد بهذه الآية.
فهؤلاء هم الذين قال الله فيهم «إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا» والرسل لا يتبرءون من أتباعهم الذين اتبعوهم.
فحقق يا ولي ما ذكرته لك في هذه الحكمة القلبية.
وأما اختصاصها بشعيب، لما فيها من التشعب، أي شعبها لا تنحصر، لأن كل اعتقاد شعبة فهي شعب كلها، أعني الاعتقادات )

قال رضي الله عنه :  (ومن قلد صاحب نظر فكري وتقيد به فليس هو الذي ألقى السمع، فإن هذا الذي ألقى السمع لا بد أن يكون شهيدا لما ذكرناه. ومتى لم يكن شهيدا لما ذكرناه فما هو المراد بهذه الآية.  فهؤلاء هم الذين قال الله فيهم «إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا» والرسل لا يتبرءون من أتباعهم الذين اتبعوهم.  فحقق يا ولي ما ذكرته لك في هذه الحكمة القلبية. وأما اختصاصها بشعيب، لما فيها من التشعب، أي شعبها لا تنحصر، لأن كل اعتقاد شعبة فهي شعب كلها، أعني الاعتقادات )
فقال رضي الله عنه : (ومن قلد صاحب نظر فكري) كالفلاسفة وسائر المتكلمين المانعين من الشهود التخيلي، ومن الظهور في الصور المختلفة، (وتقيد به) فيه أشار إلى أن من لا يتقيد لا يخرج من تقليد الأنبياء.
(فليس هو الذي) أريد بقوله: أو ألقى السمع، وإن كان (ألقى السمع) إلى الأخبار الإلهية بالتأويلات المذكورة.
فقال رضي الله عنه : (فإن هذا الذي ألقى السمع لا بد وأن يكون شهيدا لما ذكرناه) من الصورة المتخيلة بالشرط المذكور؛ وذلك لأن قوله: "وهو شهيد" وقع حالا وهو قيد، فدل بطريق المفهوم أن من (لم يكن شهيدا لما ذكرناه)، وإن كان حاضر القلب في زعمه مع الحق، ولكنه لا يتأتی بدون المشاهدة الحقيقية أو التخيلية.
فقال رضي الله عنه : (فما هو المراد بهذه الآية؟)، وإن كان المطلق داخلا في المقيد لكن القيد مانع من دخول ما ليس بمقيد بذلك القيد فيه، فتقليدهم فاسد خارج عن تقليد الأنبياء.
(فهؤلاء) المقلدون لأرباب النظر العقلي (هم الذين قال الله تعالى فيهم: "إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا) [البقرة: 166]؛ لأن الاتباع ينحصر في اتباع الأنبياء واتباع أرباب النظر العقلي إذ لا يتبع من له أدنی عقل غيرهما.
ولكن (الرسل لا يتبرأون من أتباعهم الذين اتبعوهم ) على ما جاءوا به لا الذين اتبعوهم في زعمهم بتأويلات أهل النظر؛ فإنهم متبعوا أهل النظر لا غير.
وإذ علمت أن فيما ذكرت في الحكمة القلبية متابعة الأنبياء الموجبة للنجاة، بل للفوز بالدرجات، وفي خلافه متابعة العقلاء المتبرين عن اتباعهم هلاكهم، وهلاك أتباعهم جميعا.
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فحقق يا وليي) أي: بالغ یا من يريد الولاية النفسية في تحقيق (ما ذكرته لك في الحكمة القلبية) من تنوع تجليات الحق، مع وحدته ونزاهته عن الصور، لتفوز بفوائد تلك التجليات من النجاة عن تقوي المتبوعين، والوقوع في دركات أهل الحجاب، ومن نیل الدرجات التي نالها الأنبياء ثم الأولياء بمتابعتهم تلك التجليات؛ فافهم، فإنه مزلة للقدم.

ثم قال الشيخ رضي الله عنه : (وأما اختصاصها بشعيب) مع أنه ليس في دعوته بحيث تقلبات القلب بحسب التجليات؛ فهو (لما فيها من التشعيب) أي: من اعتبار شعب كثيرة مع وحدته . 
فأشبهت دعوة شعيب إذ كانت کاسمه ذات شعب كثيرة؛ لأن قوله: "أوفوا المكيال والميزان بالقسط" [هود: 85] بتأول اعتدالات كل شيء وحدوده، إذ لكل شيء من الاعتقادات والأخلاق والأعمال میزان من اعتداله ومكيال في حده وأجلها الأمور الاعتقادية التي أصل الدعوة موضوعة لأجلها هي من أعمال القلب خاصة ومشبهة به في التشعب.

فلذا قال الشيخ رضي الله عنه : (أي: شعبها لا تنحصر) وإن كان أصلها راجعا إلى اعتقاد التوحيد الكلي، وهو أمر واحد ذو شعب كثيرة.
(لأن كل اعتقاد) من الاعتقادات التفصيلية (شعبة) من شعب اعتقاد التوحيد الكلي، ولا بد لكل شخص من اعتقاد تفصيلي؛ (فهي) بحسب تعلقها بالأشخاص (شعب كلها)، وإن كان الأصل واحدا كليا.
ولما توهم عود الضمير إلى الحكمة القلبية، وهو مخل، إذ هي كلية ذات شعب لا نفس الشعب، فسره بقوله: (أعني الاعتقادات)، ولما كانت الاعتقادات صفات القلب، ولا بد لها من التمثل عند کشف حجاب البدن.

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  ومن قلد صاحب نظر فكري وتقيد به فليس هو الذي ألقى السمع، فإن هذا الذي ألقى السمع لا بد أن يكون شهيدا لما ذكرناه.
ومتى لم يكن شهيدا لما ذكرناه فما هو المراد بهذه الآية.
فهؤلاء هم الذين قال الله فيهم «إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا» والرسل لا يتبرءون من أتباعهم الذين اتبعوهم.
فحقق يا ولي ما ذكرته لك في هذه الحكمة القلبية.
وأما اختصاصها بشعيب، لما فيها من التشعب، أي شعبها لا تنحصر، لأن كل اعتقاد شعبة فهي شعب كلها، أعني الاعتقادات )

قال رضي الله عنه :  (ومن قلَّد صاحب نظر فكري وتقيّد به فليس هو الذي ألقى السمع ، فإنّ هذا الذي ألقى السمع لا بدّ وأن يكون شهيدا لما ذكرناه ) شهادة أهل الرؤية الخياليّة الإحسانيّة ، جامعا بين شهادة المشعرين الشاهدين ، فإنّ الشاهد الواحد لا يكفي في الحكم .
فلذلك قال رضي الله عنه  : ( ومتى لم يكن شهيدا لما ذكرناه ، فما هو المراد بهذه الآية ) وما كان من المتذكَّرين والموقنين .
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فهؤلاء هم الذين قال الله فيهم : " إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا من الَّذِينَ اتَّبَعُوا " [ 2 / 166 ] والرسل لا يتبرّؤن من أتباعهم الذين اتّبعوهم ) .
( فحقّق يا وليّ ما ذكرته لك في هذه الحكمة القلبيّة ) من تحقيق تطوّرات القلب وسعة أحوالها وتجلَّياتها وبيان من تحقّق بكلّ منها من أرباب القلوب ، ومن ناسبهم وانتسب إليهم .

وجه اختصاص الفص بشعيب عليه السّلام
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأمّا اختصاصها بشعيب : لما فيها من التشعيب ، أي شعبها لا تنحصر ، لأنّ كلّ اعتقاد شعبة ، فهي شعب كلَّها - أعني الاعتقادات)

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  ومن قلد صاحب نظر فكري وتقيد به فليس هو الذي ألقى السمع، فإن هذا الذي ألقى السمع لا بد أن يكون شهيدا لما ذكرناه.
ومتى لم يكن شهيدا لما ذكرناه فما هو المراد بهذه الآية.
فهؤلاء هم الذين قال الله فيهم «إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا» والرسل لا يتبرءون من أتباعهم الذين اتبعوهم.
فحقق يا ولي ما ذكرته لك في هذه الحكمة القلبية.
وأما اختصاصها بشعيب، لما فيها من التشعب، أي شعبها لا تنحصر، لأن كل اعتقاد شعبة فهي شعب كلها، أعني الاعتقادات )

قال رضي الله عنه : (ومن قلد صاحب نظر فكري وتقيد به فليس هو الذي ألقى السمع، فإن هذا الذي ألقى السمع لا بد أن يكون شهيدا لما ذكرناه. ومتى لم يكن شهيدا لما ذكرناه فما هو المراد بهذه الآية. فهؤلاء هم الذين قال الله فيهم «إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا» والرسل لا يتبرءون من أتباعهم الذين اتبعوهم. فحقق يا ولي ما ذكرته لك في هذه الحكمة القلبية. وأما اختصاصها بشعيب، لما فيها من التشعب، أي شعبها لا تنحصر، لأن كل اعتقاد شعبة فهي شعب كلها، أعني الاعتقادات )
قال الشيخ رضي الله عنه : (ومن قلد صاحب نظر فكري وتقيد به فليس هو الذي القى السمع فإن هذا الذي ألقى السمع لا بد أن يكون شهيدا لما ذكرناه ومشي لم يكن شهيدا لما ذكرناه فما هو المراد بهذه الآية. فهؤلاء)، يعني المقلدين لأصحاب الأفكار (هم الذين قال الله فيهم "إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا") [البقرة: 166] .
لأن المتبوعین دعوة التابعين إلى خلاف الواقع فتبعوهم، ويرجع نكال متابعتهم إلى متبوعهم فتبرؤوا منهم (والرسل لا يتبرؤون من أتباعهم الذي اتبعوهم)، لأنهم دعوهم إلى الحق والصدق فتبعوهم فانعكست أنوار متابعتهم إليهم فلم يتبرؤوا منهم (فحقق يا وليي ما ذكرته لك في هذه الحكمة القلبية) من الحكم والمعارف .
قال الشيخ رضي الله عنه : (وأما إختصاصها بشعیب فلما فيها من النشعب أي شعبها) كثيرة (لا تنحصر في عدد) معين (لأن كل اعتقاد شعبة فهي شعب كلها أعني الاعتقادات) تفسير للضمير يعني هي، أي الاعتقادات شعب كلها، وهذا آخر للاختصاص يناسب شعيبة باعتبار اسمه ، بخلاف ما ذكر في أول الفص فإنه يناسبه باعتبارات أخر.

المواقف الروحية والفيوضات السبوحية شرح الأمير عبد القادر الجزائري 1300 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  ومن قلد صاحب نظر فكري وتقيد به فليس هو الذي ألقى السمع، فإن هذا الذي ألقى السمع لا بد أن يكون شهيدا لما ذكرناه.
ومتى لم يكن شهيدا لما ذكرناه فما هو المراد بهذه الآية.
فهؤلاء هم الذين قال الله فيهم «إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا» والرسل لا يتبرءون من أتباعهم الذين اتبعوهم.
فحقق يا ولي ما ذكرته لك في هذه الحكمة القلبية.
وأما اختصاصها بشعيب، لما فيها من التشعب، أي شعبها لا تنحصر، لأن كل اعتقاد شعبة فهي شعب كلها، أعني الاعتقادات )
قال رضي الله عنه : (  ومن قلد صاحب نظر فکري و تقید به فليس هو الذي "ألقى السمع" [ق: 37] فإن هذا الذي "ألقى السمع" [ق: 37] لا بد أن يكون شهيدا لما ذكرناه .  ومتى لم يكن شهيدا لما ذكرناه فما هو المراد بهذه الآية.  فهؤلائك هم الذين قال الله : "إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا "[البقرة: 166]. والرسل لا يتبرأون من أتباعهم الذين اتبعوهم.)
يقول رضي الله عنه : أنه لما كانت المعرفة بالله الحاصلة للعباد منحصرة في أربعة وجوه:
1 - فهي إما من طريق التجلي الإلهي.
2 - وإما من التقليد الذي تجل إلهي .
3 - وإما من طريق النظر العقلي.
4 - وإما من التقليد الذي نظر عقلي.
وقد ذكرنا المعرفة الحاصلة من طريق التجلي الإلهي، وأما المعرفة الحاصلة من التقليد لذي تجل إلهي فهم أهل الإيمان الذين كانت معرفتهم بالله إيمانا بالغيب.
لا عن تجل إلهي ولا عن نظر عقلي ولا عن تقليد لنظر عقلي، وإن كانت كل معرفة بالله في العالم إنما هي عن تجل إلهي . 
فليس التجلي الخاص بأهل الله كالتجلي لغيرهم، فأهل الإيمان الذين قلدوا الأنبياء والرسل صلوات الله وسلامه عليهم فيما أخبروا به عن الحق تعالى مما لا تصل إليه العقول بأنظارها وأفكارها. فإن للعقل حدا يقف عنده لا يتجاوزه.
وذلك كالصفات السمعية التي أخبرت بها الأنبياء والرسل عن ربهم تعالى وأحالتها العقول ونوهت الحق عنها.
إذ الإله الذي جاء بأوصافه ونعوته الشارع ما هو الإله الذي أثبتته العقول. 
فإن الإله الذي دعا الشارع إلى عبادته لا يعقل إلا متمثلا متخيلا، ولا يدركه أحد على ما هو عليه في ذاته. 
فإله الشارع موصوف بالاستواء على العرش ومنعوت بالنزول إلى السماء الدنيا، و بالمعية مع كل مخلوق، وبالمجيء والإتيان في ظلل من الغمام والمشي والهرولة والتردد و التبشبش والمحبة والرضا والغضب وغير ذلك مما ورد في الكتب الإلهية والسنة المحمدية . 
وهذه الأمور إنما تنزل الحق تعالى ووصف نفسه بها رحمة لعباده، فهؤلاء الذين قلدوا الرسل والأنبياء والأولياء الداعين الخلق إلى معرفة الله تعالى هم المؤمنون حقا وهم لاحقون بمن قلدوهم ومنخرطون في سلكهم. 
لا من قلد من عامة المؤمنين أصحاب النظر الفكري في معرفة الله تعالى المتوهمين أن الكون دليل على الله وهو وهم باطل.
فإن الشيء لا يدرك إلا بنفسه، فمن طلب معرفة الذات من طريق الفكر والنظر كان مآله الخيبة والحيرة من غير طائل، ومقلد أصحاب الأفكار، لاحق بهم ومنخرط في سلكهم.
ثم اعلم أن طرق العلم ثلاثة:-
الأولى أن يكون الحق هو المعلم.
الثانية أن يكون النظر الفكري هو المعلم.
الثالثة أن يكون المعلم مخلوقا مثل المتعلم. 
فصاحب الإلقاء الإلهي ملحق بمعلمه، ومقلده ملحق به. 
وصاحب النظر العقلي ملحق بمعلمه، ومقلده لاحق به.
وقد أجمع أهل الله أن كل ما ينتجه النظر والفكر فهو مدخول يقبل إيراد الشبه عليه، كما يدل على ذلك اختلاف المقالات في الله تعالى من الناظرين بعقولهم.
واتفاق أصحاب التجلي الذين معلمهم الله من نبي ورسول وولي ، فلا تشمل الآية أصحاب النظر ولا من قلد أصحاب النظر المتأولين للأخبار، بصرفها عن ظواهرها وحملها على أدلتهم. 
فإن التأويل لغة من الأول، وهو الانصراف، وكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم جاء بلسان عربي مبين.
لا رمز فيهما ولا لغز ولا إيماء إلى شيء مما يخالف الشرع المحمدي، وأما ما يقوله بعض المحققين من الصوفية أن نصوص الكتاب والسنة على ظواهرها.
ومع ذلك فيها إشارات خفية إلى حقائق تنكشف على أرباب السلوك أصحاب القلوب، فهي من كمال الإيمان ومحض العرفان. 
وما هو من التفسير بالرأي المتوعد عليه في الحديث النبوي: "فما ضل من ضل إلا بالتأويل"،
وحمل الأخبار والآيات على خلاف ظواهرها، وفاتهم كمال الإيمان بحس أخبرت به الأنبياء والرسل عن ربهم عز وجل فأساءوا الأدب على الله وجعلوا عقولهم أعلم بربهم من رسله.
بل يكذبون ربهم فتراهم يكذبون بكل حال جعل الحق تعالى نفسه فيها مع عباده ، وينزهونه عن كل ما أضافه إلى نفسه وقد جاء في بعض الهواتف الإلهية : 
«إذا جاء التأويل فقد جاء حجابي الذي لا أنظر إليه ومقتي الذي لا أعطف عليه ، وإذا جاءك العلم الصادر عن المشاهدة فهو أعرف العلوم والعلماء، واعلم أنه ما آمن بي من حكم عقله على آیاتي وصفاتي وما أضفته إلى نفسي على ألسنة رسلي، وأنا ما قلت إلا ليؤمنوا بي لا بعقولهم ومن أؤل فما آمن حقيقة إلا بعقله لا بي فإن قال إنه ما قصد بالتأويل إلا تنزيهي فذلك من حيل النفوس وحبها لمنازعة ربوبيتي»..

تنبيه:
إن المتأولين أصناف :
1 - صنف منهم قالوا إن الرسل أعلم الناس بالله ، فتنزلوا في الخطاب على قدر أفهام الناس لا على ما هو الأمر عليه ، فإنه محال . 
فهؤلاء كذبوا الله ورسوله فيما نسبه إلى نفسه بحسن عبارة.
كما يقول الإنسان إذا تأدب مع شخص حدثه بحديث يرى في نظره أنه ليس كما قال، فلا يقول له كذبت، وإنما يقول له صدق سيدي، ولكن ما هو الأمر على هذا.فهو يكذبه ويجهله بحسن عبارة.
2 - وصنف منهم يقول ليس المراد بهذا الخطاب إلا، كذا وكذا، ما المراد منه ما تفهمة العامة ، وهذا موجود في اللسان العربي الذي جاء به الرسول.
فهؤلاء متحكمون على الله بقولهم هو المفهوم من اللسان، فهؤلاء ما عبدوا إلا الإله الذي ربطت عليه عقولهم وقيدته وحصرته. 
3 - وصنف منهم يقول نؤمن بهذا اللفظ كما جاء من غير أن نعقل له معنى، حتى نكون في هذا في حكم من لم يسمع به، ونبقى على ما أعطانا الدليل العقلي من إحالة مفهوم هذا اللفظ، فهؤلاء ردوا على الله بحسن عبارة. 
4 - وصنف منهم قال نؤمن بهذا اللفظ على حد علم الله فيه وعلم رسوله، فهؤلاء قالوا إن الله خاطبنا عبثا، لأنه خاطبنا بما لا نفهم. وهؤلاء كلهم مسلمون. 
ولقد كذب من نسب هذا الأخير إلى السلف الصالح.
وإنما السلف الصالح قالوا: ما خاطبنا الحق إلا بما نعرف ونفهم، ولكن لما جهلنا الذات جهلنا نسبة هذه الأشياء إليها. 
لا يقال إن الطائفة العلية كذلك أولت كما قالوا في قوله لما خلقت بيدي، المراد باليدين أسماء الجلال والجمال ونحو هذا مما ورد عنهم، لأنا نقول الطائفة العلية معلمهم الله كما قال : "واتقوا الله و يعلمكم الله" [البقرة: 282]  وقال : "وعلمناه من لدنا علما" [الكهف: الآية 65].
فما قالوا ذلك نظرا وتفكرا، وإنما القائل تعالى هو المفسر والمبين لهم مراده بما قال.

 تنبيهان:
الأول: ليس من علم الفكر المذموم النظر فيما يتعلق بتوحيد الله ودقائقه، إما المذموم هو الكلام في ماهية الذات.
قال تعالى: "فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك" [محمد: 19]. 
الذنب هنا ما يخطر من معرفة الذات والحقيقة التي هي مجهولة في الدارين، فلا يلتبس عليك الأمر فتنهی عن قراءة عقائد الصوفية وغيرهم من أهل السنة. 
بل انظر في عقائد سائر الخلق وابحث عن منزع كل اعتقاد لتعرف مستنده من الأسماء الإلهية، وتعرف الحجاب الذي أعمي صاحبه عن الطريقة المثلى، طريقة النجاة. 
قال الإمام الجيلي رضي الله عنه : بلغني عن شيخي إبراهيم الجبرتي أنه قال لبعض تلامذته عليك بمطالعة كتب ابن العربي.
فقال له التلميذ: يا سيدي إن رأيت أن أصبر حتى يفتح الله به على من حيث الفيض! 
فقال له الشيخ : إن الذي تريد أن تصبر له هو عين ما ذكره الشيخ في هذه الكتب.
قال : لأن المريد قد ينال بمسألة من مسائل علمنا هذا ما لا يناله بمجاهدة خمسين سنة .
وذلك أن السالك إنما ينال ثمرة سلوكه، والعلوم التي وضعها الكمل من أهل الله  تعالى في كتبهم هي ثمرة سلوكهم وأعمالهم الخالصة. 
وكم بين ثمرة عمل معلول وثمرة عمل مخلص بل علومهم من وراء ثمرات الأعمال لأنها بالفيض الإلهي الوارد عليهم على قدر قوابلهم. 
وكم بين قابلية الكامل و قابلية المريد، فإذا فهم المريد ما قصدوه من تلك المسألة استوى هو والمصنف في تلك المسألة. 
فالآخذ لها من الكتب إذا فهمها وميزها يصير كالأخذ من المعدن الذي أخذ منه مصنفها إذا كان ذا قلب ذكي وإيمان قوي. فإنه يأخذ من مطالعة كتب الحقائق كل مأخذ. 
قال : وقد رأينا في زماننا طوائف من العرب والعجم بلغوا بمطالعة كتب الحقائق مبلغ الرجال، فمن أضاف بعد ذلك إلى علمه فضلة سلوك كان من الكمل، ومن وقف مع علمه كان من العارفین .

التنبيه الثاني: 
ما ورد عن السلف وأئمة الهدى ومحققي الصوفية من كراهة التأويل والنهي عنه إنما هو في حق من كمل إيمانهم بما أخبرت به الرسل من العلماء العقلاء. 
وأما من ليس بعالم ولا عاقل فيجب ستر السر الإلهي عنه بالتأويل، لأن کشف ذلك السر له ربما يؤدي إلى عدم احترام الجناب الإلهي الأعز الأحمی. 
فإنه تعالى أول لعبده لما استنكر قوله : "جعت فلم تطعمني ومرضت فلم تعدني" الحديث بطوله.
"" الحديث رواه مسلم قال رسول صلى الله عليه وسلم : إن الله عز وجل يقول يوم القيامة: يا ابن آدم مرضت فلم تعدني، قال: يا رب كيف أعودك؟ وأنت رب العالمين.
قال: أما علمت أن عبدي فلانا مرض فلم تعده، أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده؟ يا ابن آدم استطعمتك فلم تطعمني، قال: يا رب وكيف أطعمك؟ 
وأنت رب العالمين، قال: أما علمت أنه استطعمك عبدي فلان، فلم تطعمه؟ أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي، يا ابن آدم استسقيتك، فلم تسقني.
قال: يا رب كيف أسقيك؟ وأنت رب العالمين، قال: استسقاك عبدي فلان فلم تسقه، أما إنك لو سقيته وجدت ذلك عندي». رواه مسلم ورواه ابن حبان والبيهقي والبخاري في الأدب المفرد ""

كل ما ورد في الكتاب والسنة من ذكر العين واليد والجنب والأصابع والهرولة والضحك ونحوها، لا يقتضي شيء منها تشبيها إنما التشبيه يكون بلفظة (مثل) أو (كاف) الصفة، وما عدا هذين الأمرين فإنما هي ألفاظ اشتراك ، فتنتسب إلى كل ذات بما تقتضيه حقيقة تلك الذات، ولكمال إيمان الصحابة رضوان الله عليهم . وكمال معرفتهم ما نقل عنهم أنهم أستشكلوا هذه الأشياء التي أنكرها أهل النظر من المتكلمين، ولا سألوا عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنهم علموا أن الله خاطبنا بلسان عربي مبين، فما خاطبنا إلا لنعرف ونفهم. 
ولكن ما جهلنا الذات العلية جهلنا نسبة هذه الأشياء إليها، فهؤلاء المؤمنون الكاملون الذين قلدوا الرسل صلوات الله وسلامه عليهم من غير توقف ولا تردد علموا أنه :
"ليس كمثله شئ" [الشورى: 11]. وعلموا أنه السميع البصير، فنزهوا الله بتنزيهه وشبهوه بتشبيهه. فإيمانهم أعصم وأوثق. 
فمن أخذ إيمانه من الأدلة العقلية لما يتطرق إليها فلا يثبت له ساق ولا قدم يعتمد عليه ، وهؤلاء المؤمنون هم المرادون بقوله : "أو ألقى السمع" [ق : 37]
لما وردت به الإخبارات الإلهية على ألسنة الرسل، وهو يعني هذا الذي "ألقى السمع" [ق: الآية 37] 
بعد قوله : "إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد" [ق: 37]
بمعنی مشاهد، فما هو من أهل التجلي الخاص أصحاب القلوب أهل الرؤية . 
ولهذا قال موسى عليه السلام : "رب أرني أنظر إليك" [الأعراف: 143]. فإنه تعالى كان مشهودا له لا يغيب عنه. 
فالشهود أعم من الرؤية، فإن الشهود ما يمسكه الإنسان من شاهد الحق الذي اعتقده وربط قلبه عليه، فالشهود لا بد أن يتقدمه علم أو اعتقاد بالمشهود، إذ لا يشهد الإنسان إلا ما علم أو اعتقد. 
فلهذا يكون في الشهود الإقرار والإنكار ولا يكون في الرؤية إلا الإقرار. 
فإن المشاهد إذا رأى مشهوده على غير الصورة التي علمها أو أعتقدها، وقيده بها أنكره. 
فقوله : "وهو شهيد" [ق: 37] ينبه تعالى على حضرة الخيال المطلق والمقيد، وهي الحضرة التي بين المعاني والمحسوسات إذا تنزلت إليها المعاني جسدتها، وإذا صعدت إليه الأجسام لطفتها، فهي تلطف الكثيف المطلق والمقيد، وتكشف اللطيف المطلق والمقيد، فحضرة الخيال أوسع الحضرات. 
وكما يتنبأ تعالى بقوله : "شهید " [يونس: الآية 46] على حضرة الخيال وعلمها كذلك ينبئه على طلب استعمالها والترغيب فيها .
كما قال تعالى: "للذين أحسنوا الحسنى وزيادة " [يونس: 26 ].
ودليل التنبيه على حضرة الخيال وطلب استعمالها في العبادات لمن لم يكن من أهل القلوب المكاشفين بالغيوب.
قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح جوابا لسؤال جبريل عليه السلام  حين سأله : ما الإحسان؟ 
قال له: "الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه "
فالمحسن هو الذي يعبد الله ويطيعه في ما أمر ونهی، مشاهدا له ومصورا حسب اعتقاده في الله وعلمه. 
فإنه تعالى إنما نهى عباده أن يتخذوا له صورة محسوسة، كما يفعل عبدة الأصنام والأوثان. 
وأما الصورة المتخيلة فقد أذن فيها، بل رغب وأمر بالحضور مع المعبود في العبادة، فحضرة الخيال يظهر فيها وجود المحال. 
فإن الله لا يقبل الصور، وقد ظهر بالصورة في هذه الحضرة كما قبلها في تجليه يوم القيامة في صور المعتقدات. 
فقد قبل المحال عقلا الوجود فالشهود، وهو ما يمسكه المشاهد في نفسه من شاهد الحق هو المشار إليه بقوله: "أن تعبد الله كأنك تراه". 
وفي ذلك إدخال الحق في حكم الخيال. 
فقوله: "كأنك تراه" هو الشهود بالقلب، وما هو برؤية، وهذه درجة التعليم.
ثم يرتقي من هذه الدرجة إلى درجة الخصوص، وهي كون الحق يراك ولا تراه.
وذلك أنك إذا ضبطت شهوده في قلبك فقد أخليت شهودك عن بقية الوجود المحيط بك، وإذا تحققت ذلك عرفت عجزك عن رؤيته بتقييدك أو إطلاقه وضيقك وسعته. وحينئذ تبقي مع نظره المحقق إليك.
لأن نظرك يقيده ويحدده، فلولا الأمر بتخييل الحق للأصاغر في عباداتهم ما تأدبوا معه وأما الأكابر فلا يحتاجون إلى التخيل.
وإن كان من الأكابر من يقول : أنا على ما أنا عليه من التخيل، حيث جعل الله لي قوة التخيل. 
ودليل آخر من السنة على التنبيه على حضرة الخيال قوله صلى الله عليه وسلم كما في الصحيح: "إن الله في قبلة المصلي " وفي رواية للبخاري: «إن ربه بينه وبين القبلة».
فدل هذا على أن المراد بذلك الصورة التي يتخيل إلهه عليها، فهو يشاهدها في قبلته ، وهي الله تعالى لا غيره.
فإن الظاهر بتلك الصورة التي يعتقد المصلي أن الله عليها ولا يلزم من الشهود أن يكون الحق محصورا عند مشاهد دون غيره من المشاهدين، لصور اعتقاداتهم. 
بل هو تعالی عند كل مشاهد الصورة التي تخيل إلهه عليها. 
فلذلك كان المتخيل للصورة التي اعتقدها في صلاته وسائر عباداته هو شهيد ، تقبل عين فاعل. 
وأما من قلد من المقلدة صاحب نظر فکري و دليل عقلي وتقيد بتقليده من جميع الناظرين بعقولهم، وهم المنزهة القائلون بالتنزيه المحض، فليس هو الذي "ألقى السمع " [ق: 37] .
وأصغي لما وردت به الأخبار الإلهية على ألسنة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام  فإن الناظرين بعقولهم لا يقبلون ما أخبرت به الأنبياء إلا إذا وافق عقولهم، فإذا لم يوافق عقولهم أولوه، فإذا لم يجدوا له تأويلا ردوه وكذبوه. 
ومن جملة ذلك تخيل الحق في صورة متخيلة، فإنهم يكفرون من يقول بهذا ويعتقده ويزيد قوته ويستحلون دمه.
فيقولون في حديث: "أن تعبد الله كأنك تراه" لو قدر أن أحدا قام في عبادة ربه، وهو يعاين ربه، لم يترك شيئا مما يقدر عليه من الخضوع والخشوع و حسن السمت، واجتماعه ظاهرا وباطنا على الاعتناء بتتميمها على أحسن الوجوه. 
ويقول في حديث: «إن الله في قبلة المصلی» تأويله أنه يجب على المصلى إكرام قبلته بما يكرم به من يناجيه من المخلوقين عند استقبالهم لوجهه. 
ومن أعظم الجفاء وسوء الأدب أن يتنخم في توجهه إلى رب الأرباب، وقد أعلم بإقباله على من توجه إليه، فليس المتأول ومن قلده ممن "ألقى السمع وهو شهید" [ق : 37] .
لأن مشاهدة الحق تعالى على التخيل شرط في هذا الذي ألقى المعه ولهذا ألحق بأصحاب القلوب. 
فلا بد أن يكون من القى المعاه شهيدا مشاهدا لما ذكرناه من تخيل العابد معبوده. ومتى لم يكن شهيدا لما ذكرناه فما هو المراد بهذه الآية، وهي قوله : "ألقى السمع وهو شهيد" [ق:37].
فهؤلاء النظار بأفكارهم ومن قلدهم من المؤمنين فيما أنتجته أفكارهم هم الذين .
قال الله في حقهم من طريق الإشارة: "إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ (166) وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ (167) [البقرة: الآيتان 166، 167].
فالآية وإن كانت واردة في الكفار فهي تجر ذيلها على ناقص الإيمان من ناظر ومقلد له وإنما قال :" فهؤلاء" بالإشارة إلى البعيد، لأن النظار في الذات والمتأولين للأخبار الإلهية ومقلديهم ينادون من مكان بعيد، بخلاف أهل التجلي الإلهي من رسول ونبي وولي ومقلديهم فإنهم ينادون من مكان قريب. 
وأما الرسل فلا يتبرأون من أتباعهم الذين اتبعوهم وقلدوهم ولا أتباعهم، يقولون ما قالوا اتباع غيرهم، بل أتباع الرسل وورثتهم يزيدون محبة وغبطة فيهم لما ينكشف الغطاء ، فإنهم جاءهم بالعلم اليقين في الدنيا، وهو الذي انكشف لهم في الآخرة فصار عين اليقين .

قول سيدنا رضي الله عنه : (فحقق يا ولي ما ذكرته لك في الحكمة القلبية)
يقول رضي الله عنه : آمرا وليه بالتحقيق بهذه الحكمة القلبية. والتحقق هو رجوع الشيء إلى الحقيقة بحيث لا يشوبه شبهة، وهو المبالغة في إثبات حقيقة الشيء بالوقوف عليه، والولي القريب، والولي الناصر، والولي ضد العدو، وكل من يغار لك فهو ولي ، وما قصد ولا مخصوصا بالأمر بالتحقق، بل كل من كانت فيه صفة من هذه الصفات فهو وليه . 

وإنما نسبت هذه الحكمة إلى القلب لأن جميع مسائلها متعلقة بالقلب من سعته والتنظير بينه وبين رحمة الله تعالى وتجلي الحق تعالى له حسب استعداده الأزلي والعرضي وسعته وضيفه حسب صورة التجلي وتنوع الاعتقادات. 
وكلها راجعة إلى القلب، فإنه محل هذه الأشياء كلها.
فأكثرها في الحكم، فالمعتزلي يعتقد في الله نفوذ الوعيد في العاصي إذا مات على غير توبة .
فإذا مات وكان مرحوما عند الله قد سبقت له عناية بأنه لا يعاقب . 
وجد الله غفورا رحيما، فبدا له من الله ما لم يكن يحتسب.

قول سیدنا رضي الله عنه : (وأما اختصاصها بشعيب لما فيها من الشعب أي شعبها لا تنحصر، لأن كل اعتقاد شعبة فهي شعب كلها، أعني الاعتقادات )
يقول رضي الله عنه : إن الحكمة في اختصاصها في هذه الحكمة القلبية بالكلمة الشعيبية، دون سائر الأنبياء على جميعهم الصلاة والسلام والكل له قلوب كاملة. فكما في هذه الحكمة القلبية من الشعب، جمع شعبة (بالكسر) وهي الطرف في الجبل، وكان اختصاصها بشعیب، لمناسبة الاشتقاق.
فالحضرة الجامعة بمثابة الجبل العظيم الشامخ، والأسماء الإلهية التي هي منشأ تكثر الاعتقادات، بمثابة الشعب التي لا تنحصر . 
فكما أن الأسماء الإلهية لا تنحصر، كذلك الاعتقادات لا تنحصر، لأن كل اعتقاد من كل مخلوق أثر أسم من الأسماء الإلهية يتجلى به الحق على ذلك المخلوق، فهو شعبة في الحضرة الجامعة الاعتقادات، فالاعتقادات هي شعب كلها. 

.


واتساب

No comments:

Post a Comment