Thursday, September 12, 2019

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة التاسعة عشر .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة التاسعة عشر .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة التاسعة عشر .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي لجامعها عبدالله المسافر بالله

12 - The Wisdom of the Heart in the Word of Shu'aib 

الفقرة التاسعة عشر:
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134هـ:
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فقد صار ما لا يبقى زمانين يبقى زمانين وأزمنة وعاد ما لا يقوم بنفسه يقوم بنفسه. ولا يشعرون لما هم عليه، وهؤلاء هم في لبس من خلق جديد.
وأما أهل الكشف فإنهم يرون أن الله يتجلى في كل نفس ولا يكرر التجلي، و يرون أيضا شهودا أن كل تجل يعطي خلقا جديدا و يذهب بخلق.
فذهابه هو عين الفناء عند التجلي و البقاء لما يعطيه التجلي الآخر فافهم. )  

قال رضي الله عنه : (فقد صار ما لا يبقى زمانين يبقى زمانين وأزمنة وعاد ما لا يقوم بنفسه يقوم بنفسه.  ولا يشعرون لما هم عليه، وهؤلاء هم في لبس من خلق جديد. أما أهل الكشف فإنهم يرون أن الله يتجلى في كل نفس ولا يكرر التجلي، و يرون أيضا شهودا أن كل تجل يعطي خلقا جديدا و يذهب بخلق. فذهابه هو عين الفناء عند التجلي و البقاء لما يعطيه التجلي الآخر .فافهم.)
(وأما أهل الكشف) من طائفة العارفين المحققين (فإنهم يرون)، أي يعتقدون ويشهدون من غير شبهة عندهم (أن الله) تعالى (يتجلى)، أي ينكشف (في كل نفس) بفتح الفاء ما يظهره من صور العالم المحسوس والمعقول .
(ولا يتكرر التجلی) أصلا مرتين بل كل نفس من الأنفاس له نجل جديد يخصه (ويرون أيضا شهودا) و عيانا (أن كل تجل) من تجلياته تعالى في كل نفس من الأنفاس (يعطي خلقا جديدا ويذهب) ذلك التجلي أيضا (بخلق) أول كان قبله على معنى أنه يقتضي الدلالة على انقضاء
التجلي الأول بالخلق الأول.
فإن كل تجلي جدید له خلق جديد، فإذا أتى كلمح بالبصر بث خلقه الجديد، ثم مضى بخلقه الذي بثه وأعقبه تجل آخر غيره بخلق آخر غیره جديد أيضا، ثم انقضى وانقضى معه خلفه أيضا .
وهكذا فالتجلي هو أمر الله تعالى كما قال سبحانه: " إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (49) وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ (50) ) [القمر: 49 : 50 ].
وقال تعالى: "ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره" [الروم: 25]، فيلزم أن تكون السماء والأرض كلمح البصر أيضا لقيامها بما هو كذلك. 
وقال تعالى : "وكان أمر الله قدرا مقدورا" [الأحزاب: 38]، وهو عين بثه للخلق الجديد مع الأنفاس عند من نجا من الالتباس.
(فذهابه)، أي التجلي بالخلق الذي بثه (هو) معنى مقام (الفناء) الذي يكون فيه السالك (عند التجلي) الذي هو كلمح البصر المقتضي لانعدام الخلق الجديد الذي بثه، فكل من يشهده ويتحقق به مع الأنفاس فهو الفاني في العيان عند أهل المعرفة والإيمان.
(و) مقام (البقاء) بعد الفناء الذي هو مقام الواصلين من أهل الكمال والورثة المحققين هو شهود الوجود (لما يعطيه)، أي بثه من الخلق الجديد (التجلي الآخر) وهكذا فمشهد السالك الفاني ما مضى من التجلي ، ومشهد الواصل الباقي ما يستقبله من التجلي (فافهم).
أي هذا المبحث فإنه يفيدك حقيقة معنى الفناء والبقاء عند أهل الله تعالى.
وإن ذلك راجع إلى أمر محقق عندهم لا هو مجرد اعتبار وتخيل عقلي و قابلية للفناء كما زعمه بعض من يدعي التحقيق وما عنده خبر بما هو الأمر عليه في نفسه وفوق كل ذي علم عليم.
تم فص الكلمة الشعيبية
.

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فقد صار ما لا يبقى زمانين يبقى زمانين وأزمنة وعاد ما لا يقوم بنفسه يقوم بنفسه. ولا يشعرون لما هم عليه، وهؤلاء هم في لبس من خلق جديد.
وأما أهل الكشف فإنهم يرون أن الله يتجلى في كل نفس ولا يكرر التجلي، و يرون أيضا شهودا أن كل تجل يعطي خلقا جديدا و يذهب بخلق.
فذهابه هو عين الفناء عند التجلي و البقاء لما يعطيه التجلي الآخر فافهم. )  

قال رضي الله عنه : (فقد صار ما لا يبقى زمانين ، يبقى زمانين وازمنة ،وعاد ما لا يقوم بنفسه ، يقوم بنفسه) فكان أحدهما عين الآخر فالعالم كله عرض يتبدل في كل آن (ولا يشعرون) .
أي الأشاعرة أو المحجوبون (لما هم عليه) من الخطأ وهو المناقضة والمخالفة بما ذهبوا إليه.
فإنهم قالوا: العالم أما قائم بنفسه أو غير قائم بنفسه
الأول الجوهر والثاني العرض .
ثم قالوا: يتبدل العرض لا الجوهر وعرفوا الجوهر بالعرض فكان الجوهر عين العرض لاتحاد الحد والمحدود فقد لزمهم بمقتضى حدودهم بأن العالم كله عرض قائم بذاته تعالى بتبدل في كل آن لكنهم لا يشعرون لما لزمهم من المحذور بمقتضى حدودهم (وهؤلاء) أي طائفة المحجوبين (هم في ليس من خلق جدید) ولا يشعرون بأن الله بخلقهم في كل آن خلقة جديدة.
قال رضي الله عنه : (وأما أهل الكشف فإنهم يرون) أي يشاهدون (أن الله يتجلى في كل نفس ولا يكرر التجلې) لحصول الفناء والبقاء في كل آن فينا في التكرار .
قال رضي الله عنه : (ويرون ايضا شهودا أن كل تجلي يعطي خلقا جديدا ويذهب بخلق فذهابه) أي ذهاب الخلق السابق (هو الفناء عند التجلی) اللاحق لكن لما كان التجلي الثاني من جنس الأول التبس الأمر على المحجوبين ولا يشعرون التحدد .
قال رضي الله عنه : (والبقاء لما يعطيه التجلي الآخر) وهو التجلي الموجب للبقاء بالخلق الجديد (فافهم)، فإن الأمر هو ما نقول دون غيره .


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فقد صار ما لا يبقى زمانين يبقى زمانين وأزمنة وعاد ما لا يقوم بنفسه يقوم بنفسه. ولا يشعرون لما هم عليه، وهؤلاء هم في لبس من خلق جديد.
وأما أهل الكشف فإنهم يرون أن الله يتجلى في كل نفس ولا يكرر التجلي، و يرون أيضا شهودا أن كل تجل يعطي خلقا جديدا و يذهب بخلق.
فذهابه هو عين الفناء عند التجلي و البقاء لما يعطيه التجلي الآخر فافهم. )  
إن كان الأشاعرة قد قالوا بتجدد أعراض العالم، لكنهم ما عرفوا أن العالم هو مجموع أعراض، 
أما الحسبانية فإنهم وإن قالوا بتجدد العالم في كل نفس جميعة ولم يخصوا الأعراض، إلا أنهم ما تحققوا وحدانية الجوهر.
آفة الأشاعرة أنهم ظنوا أن ما لا يقوم بنفسه إذا اجتمع مع ما يقوم بنفسه لا يمكن أن يقوم بنفسه، وهو غلط فاحش.
""قال تعالى : " أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ (15) سورة ق""
قال رضي الله عنه :  أن الناس مع كل نفس يتجددون "ولا يشعرون لما هم عليه . وهؤلاء"
" هم في لبس من خلق جديد" [ق: 15] فهم لا يشعرون بالتجدد وهم فيه، لأنهم أوتوا به متشابها والأشباه أغيار.
قال: وما عثر أحد على تجدد الأمر كله في العالم من أرباب النظر.
قال: وأما أصحاب الكشف فيرون العالم متغيرا في ذاته دائما بتجليات إلهية، والتجليات المذكورة تعطي في كل تجل خلقا جديدا ويرون ذلك عيانا مشهودا والله الهادي.

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فقد صار ما لا يبقى زمانين يبقى زمانين وأزمنة وعاد ما لا يقوم بنفسه يقوم بنفسه. ولا يشعرون لما هم عليه، وهؤلاء هم في لبس من خلق جديد.
وأما أهل الكشف فإنهم يرون أن الله يتجلى في كل نفس ولا يكرر التجلي، و يرون أيضا شهودا أن كل تجل يعطي خلقا جديدا و يذهب بخلق.
فذهابه هو عين الفناء عند التجلي و البقاء لما يعطيه التجلي الآخر فافهم. )  

قال رضي الله عنه : "فقد صار ما لا يبقى زمانين - وهو العرض - يبقى زمانين وأزمنة ، وعاد ما لا يقوم بنفسه يقوم بنفسه ، وهم لا يشعرون لما هم عليه » .
يعني رضي الله عنه :  فهم مع قولهم بأنّ العرض لا يبقى زمانين ، وأنّ أجزاء هذا المحدود أعراض ، ووجوب الاعتراف بأنّ لا زائد على هذه الأجزاء ، بعدم إثباتهم أمرا زائدا قائما بنفسه - كيف لم يقولوا بأنّ العالم مجموع أعراض ، أو أنّه يتبدّل مع الآنات ، خطأ بيّن .
فلم يشعروا بتبدّل الأعراض المجموعة تبدّلا جمعيا وحدانيا ، لا يشعر به إلَّا من شعر بتبدّل صورة النور المشهود في المصباح مثلا بشهادة العقل الصحيح أنّ الجزء المشتعل من مادّة الدهن والفتيل في كلّ آن آن يفنى ولا يبقى ويتلاشى ويتعلَّق النار القائم بها النور بجزء متّصل بذلك الجزء الأوّل المنطفئ .
فباتّصال التعلَّق وتواليه وتعاقبه مع الآنات يظهر الاتّصال بين التعيّنات النورية المنطفئة والمشتعلة على الدوام بلا توقّف بحيث لا يدرك الحسّ فاصلا بين صور الاشتعال والانطفاء ، فيظنّ أنّ النور الظاهر أوّل الليل هو بعينه ذلك النور المشهود في آخره .
ومع أنّ حقيقة النور واحدة ولكنّ التعيّنات متغايرة لا شكّ فيه ولا ريب .
فمن عثر على هذا التبدّل من ذوي الحسّ السليم والعقل الصحيح ، واعترف به ، فقد يعثر على تبدّل مجموع الصور من العالم مع الآنات ، والتبدّل أيضا عرض .
فلو أطلعه الله على المادّة المشتعلة أو العين الواحدة المظهرة بتعيّنها هذه الصور من نفسها في نفسها ، للحق بأهل الحق والتحقيق ، والله وليّ التوفيق .

قال رضي الله عنه : " وهؤلاء هم في لبس من خلق جديد" .
يعني أهل الحجاب الذين يقولون بوجود الغيرية والسوي .

قال رضي الله عنه : « وأمّا أهل الكشف فإنّهم يرون أنّ الله يتجلَّى في كلّ نفس ، ولا يكرّر التجلَّي " .
أي لا يعيد عين التجلَّي الأوّل ، فإنّ حقيقة التكرار بالنسبة إلى مطلق التجلَّي من حيث تعيّنه من مراتب الأسماء متحقّقة ، ولكنّ التكرار بالنسبة إلى كل تعيّن معيّن محال عقلا وكشفا .
فإن اعتبرنا حقيقة التجلَّي الواحد الذاتيّ ، فلا يتصوّر فيه التكرار أصلا ورأسا .
فإنّه تجلّ واحد أزلا ، وأبدا ، ولكن ظهوراته وتعيّناته بحسب حضرات التجلَّي ومراتب الأسماء وخصوصيّات القوابل والمظاهر ، والتجلَّي في كل آن وزمان يتجدّد ويتعدّد ، ولا تكرار فيه ، فإنّ القبول الأوّل غير القبول الثاني ، فتجدّد التجلَّيات بحسب قبول القوابل وتعدّدها .

قال رضي الله عنه : « ويرون أيضا أن كل شهود يعطي خلقا جديدا ، ويذهب بخلق جديد » .
يعني رضي الله عنه : أنّ التجلَّى الواحد - بالنظر إلى دوام انبعاثه من ينبوع الجود بتنوّع نور الوجود بحسب القوابل - يتعيّن بلا مكث ، وينسلخ متقلَّصا إلى أصله ، ويعقبه ما بعده بالتعيّن على التوالي والدوام .
فهو من كونه متعيّنا في قوابل بحسبها يعطي خلقا جديدا ، وبالنظر إلى انسلاخه يذهب ذلك التعيّن الذي هو الخلق ، فلا يزال الخلق يتجدّد بتجدّد التعيّنات ، ولا يزال التجلَّي يتعيّن بتعيّن الاستعدادات ، فالتجلَّي المتعيّن في قابلية العالم مثلا في الآن راجع إلى الغيب بما عليه من خلقه الخلق الجديد وبدله قائم بمثل صورته وشبهه .
فإنّ التجلَّي هو المظهر لصور العالم من استعداده الكلَّي ، وإذا ظهر في كل آن بكل صورة ، غاب الوجود المتعيّن بصورة ظهر بها ، وخلقه بمثل الصورة الغائبة حاضرا هكذا أبدا دائما .

قال رضي الله عنه : « فذهابه هو الفناء عند التجلَّي والبقاء لما يعطيه التجلَّي الأخير فافهم».
يشير رضي الله عنه : إلى أنّ البقاء للوجود الحق الذي تظهر فيه هذه الصور مع الآنات ، والفاني هو التعيّن بما تعيّن به فيه قبله ، ومع قطع النظر عن هذه الاعتبارات ، فلا فناء ولا بقاء ، ولا تجلَّي ولا حجاب ، ولا بخل ولا نحل ، ولا بعاد ولا اقتراب .

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فقد صار ما لا يبقى زمانين يبقى زمانين وأزمنة وعاد ما لا يقوم بنفسه يقوم بنفسه. ولا يشعرون لما هم عليه، وهؤلاء هم في لبس من خلق جديد.
وأما أهل الكشف فإنهم يرون أن الله يتجلى في كل نفس ولا يكرر التجلي، و يرون أيضا شهودا أن كل تجل يعطي خلقا جديدا و يذهب بخلق.
فذهابه هو عين الفناء عند التجلي و البقاء لما يعطيه التجلي الآخر فافهم. )  

قال رضي الله عنه : ( فقد صار ما لا يبقى زمانين ) وهو مجموع الأعراض ( يبقى زمانين وأزمنة ) على زعمهم ( وعاد ما لا يقوم بنفسه ) من مجموع الأعراض ( يقوم بنفسه عندهم ولا يشعرون لما هم عليه ) من التناقض بالخلف .

"" أضاف بالي زادة :  قوله ( ولا يشعرون لما هم عليه ) من الخطأ وهو المناقضة والمخالفة لما ذهبوا إليه ، فإنهم قالوا العالم إما قائم بنفسه أو غير قائم بنفسه ، الأول الجوهر والثاني العرض ثم قالوا بتبدل العرض لا الجوهر ، وعرفوا الجوهر بالعرض فكان الجوهر عين العرض لاتحاد الحد والمحدود ، فقد لزمهم بمقتضى حدودهم بأن العالم كله عرض قائم بذاته تعالى يتبدل في كل آن ، لكنهم لا يشعرون لما لزمهم من المحذور بمقتضى حدودهم ( وهؤلاء ) أي طائفة المحجوبين ( هم في لبس من خلق جديد ) ولا يتكرر التجلي لحصول الفناء والبقاء في كل آن فينافي التكرار اهـ. بالي زادة""

قال رضي الله عنه : " وهؤلاء هم في لبس من خلق جديد ، وأما أهل الكشف فإنهم يرون الله تعالى يتجلى في كل نفس ، ولا تكرر للتجلى " فإن الحقيقة من حيث هي هي لها تجلّ واحد أزلا وأبدا فلا تكرار فيه ، وأما بحسب التعينات الغير المتناهية فمحال أن المتعين الزائد والمتعين الفاني عين المتعين الحادث والمتعين الموجود في الآن الآتي ، فهو خلق جديد ليس بتكرار أيضا .
وهو معنى قوله رضي الله عنه  : " ويرون أيضا شهودا أن كل تجل يعطى خلقا جديدا ويذهب بخلق فذهابه هو الفناء عند التجلي والبقاء لما يعطيه التجلي الآخر فافهم " .
فإن ألفاظ الكتاب ظاهرة ، ومن معرفة الخلق الجديد وكون الجوهر المختلف مجموع أعراض عرضت للعين الواحد يعرف سر البعث والحشر ، وأن الصور في النسبة الآخرة تتغير وتتبدل كما قال عليه الصلاة والسلام : « يحشر بعض الناس على صورة تحسن عندها القردة والخنازير » .
"" أضاف بالي زادة :  ( فذهابه ) أي فذهاب الخلق السابق ( هو الفناء عند التجلي ) اللاحق ، لكن لما كان التجلي من جنس الأول التبس الأمر على المحجوبين ولا يشعرون . التجدد ( والبقاء لما يعطيه التجلي الآخر ) وهو التجلي الموجب للبقاء بالخلق الجديد ( فافهم ) فإن الأمر ما نقول دون غيره اهـ بالى . ""

فعليك بالتقوى والله الهادي .

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فقد صار ما لا يبقى زمانين يبقى زمانين وأزمنة وعاد ما لا يقوم بنفسه يقوم بنفسه. ولا يشعرون لما هم عليه، وهؤلاء هم في لبس من خلق جديد.
وأما أهل الكشف فإنهم يرون أن الله يتجلى في كل نفس ولا يكرر التجلي، و يرون أيضا شهودا أن كل تجل يعطي خلقا جديدا و يذهب بخلق.
فذهابه هو عين الفناء عند التجلي و البقاء لما يعطيه التجلي الآخر فافهم. )  

قال رضي الله عنه : ( فقد صار مالا تبقى زمانين ، يبقى زمانين وأزمنة . ) أي ، بحسب الظاهر والحس ، كما يزعم المحجوب .
قال رضي الله عنه : ( وعاد مالا يقوم بنفسه ، يقوم بنفسه ) أي ، بحسب ما يشاهد في الحس ويزعم المحجوب ، لأنه في الحقيقة قائم بالله لا بنفسه .
( ولا يشعرون ) أي ، المحجوبون . ( لما هم عليه من التبدل . ) لأن أعيانهم أعراض متبدلة في كل آن ، والحق ، سبحانه ، يخلقهم خلقا جديدا في كل زمان .

قال رضي الله عنه : ( وهؤلاء هم في لبس من خلق جديد . وأما أهل الكشف فإنهم يرون أن الله تعالى يتجلى في كل نفس ، ولا يكرر التجلي . )
فإن ما يوجب البقاء غير ما يوجب الفناء . وفي كل آن يحصل الفناء والبقاء ، فالتجلي غير متكرر .

قال رضي الله عنه : ( ويرون أيضا شهودا أن كل تجلى يعطى خلقا جديدا ، ويذهب بخلق ، فذهابه هو الفناء عند التجلي . ) أي ، عند التجلي الموجب للفناء .
( والبقاء لما يعطيه التجلي الآخر . ) وهو التجلي الموجب للبقاء بالخلق الجديد .
( فافهم ) لتكون من أرباب الشهود للقيامة وتلحق بالعالمين للآخرة .
وإنما قال : ( ويرون أيضا شهودا ) لئلا يزعم المحجوب أنه يحكم بهذا الخلق الجديد بسبب النص الوارد فيه ، وهذا النص مستنده فقط .
ولما كان هذا الخلق من جنس ما كان أولا ، التبس عليهم ، ولم يشعروا التجدد وذهاب ما كان
حاصلا بالفناء في الحق ، لأن كل تجلى يعطى خلقا جديدا ، ويفنى في الوجود الحقيقي ما كان حاصلا .
ويظهر هذا المعنى في النار المشتعل من الدهن والفتيلة :
فإنه في كل آن يدخل منها شئ في تلك النارية ويتصف بالصفة النورية ، ثم يذهب تلك الصورة بصيرورته هواء .
هكذا شأن العالم بأسره : فإنه يستمد دائما من الخزائن الإلهية ، فيفيض منها ويرجع إليها .
والله أعلم بالحقائق .

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ
:
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فقد صار ما لا يبقى زمانين يبقى زمانين وأزمنة وعاد ما لا يقوم بنفسه يقوم بنفسه. ولا يشعرون لما هم عليه، وهؤلاء هم في لبس من خلق جديد.
وأما أهل الكشف فإنهم يرون أن الله يتجلى في كل نفس ولا يكرر التجلي، و يرون أيضا شهودا أن كل تجل يعطي خلقا جديدا و يذهب بخلق.
فذهابه هو عين الفناء عند التجلي و البقاء لما يعطيه التجلي الآخر فافهم. )  

قال رضي الله عنه : (فقد صار ما لا يبقى زمانين ، يبقى زمانين ، وأزمنة وعاد ما لا يقوم بنفسه يقوم بنفسه. ولا يشعرون لما هم عليه، وهؤلاء هم في لبس من خلق جديد.) 
(فقد) عاد أي: (صار ما لا يبقى زمانين) من الأعراض جوهرا (يبقي زمانين وأزمنة).
وأيضا (عاد) أي: صار (ما لا يقوم بنفسه يقوم بنفسه) فهو تناقض من وجهين، وإذا كان كذلك قال الشيخ رضي الله عنه :  (ولا يشعرون) في تحديدهم الجواهر وإبقائها (لما هم عليه) من التناقض في جعلها عين الأعراض التي لا تنفي ولا تقوم بذاتها، (وهؤلاء) لجعلهم الأعراض غير باقية مع أخذها في حد الجوهر وحدود الأشياء التي هي جواهر باقية قائمة بأنفسها عندهم
قال الشيخ رضي الله عنه :  ("بل هم في لبس من خلق جديد") مع دعوتهم الفطانة فيكون جهلهم مركبا، فلا عبرة بلبس غيرهم في مقابلتهم، ولما كان الكلام معهم على طريقة أهل النظر مبنيا على مقدمات جدلية، إذ لو جعلوا أحد الجوهر رسما لم يلزمهم شيء مما ألزمهم.
قال رضي الله عنه : (وأما أهل الكشف فإنهم يرون أن الله يتجلى في كل نفس ولا يكرر التجلي، و يرون أيضا شهودا أن كل تجل يعطي خلقا جديدا و يذهب بخلق. فذهابه هو عين الفناء عند التجلي و البقاء لما يعطيه التجلي الآخر فافهم.)
أشار إلى ما هو التحقيق فقال : (أما أهل الكشف فإنهم) قالوا بتجدد ما في العالم من الجواهر والأعراض إذ لا وجود لهم من ذواتهم، وإنما هو من إشراق نور وجود الحق عليهم وهو متجدد عليهم وإن كان ثابتا في نفسه من الأزل إلى الأبد.
إذ (يرون أن الله تعالى يتجلى في كل نفس) على كل موجود حق لو غاب عنه لحظة عاد إلى عدمه الأصلي؛ لعدم علة وجوده وهو التجلي الإلهي عليه (ولا يتكرر التجلي) إظهار الغاية سعته بحيث لا يتناهی (ویرون أيضا شهودا)، وإن لم يطلع بعضهم على برهان نظري .
(أن كل تجل) غيبيا أو شهودیا (يعطي خلقا جديدا)، إذ تجدد العلة الشخصية يقتضي تجدد معلول شخصی.
قال الشيخ رضي الله عنه :  (ويذهب بخلق) كان عند التجلي الأول؛ لأنه إن كان معلول مثل الأول، فالمثلان لا يجتمعان وإلا كان بينهما تقابل على أن ذهاب العلة الشخصية يقتضي ذهاب معلولها الشخصي (فذهابه هو الفناء) لما كان حاصلا (عند التجلي) الأخر؛ لأنه إنما بقي لذهاب الأول الذي كان يماثله أو يقابله لما ذكرنا.
(فالبقاء) هاهنا بمعنی عدم تخلل زمان العدم بين زماني وجود مقتضي التجليين إذا كانا مثلين، وأما البقاء بمعني استمرار الوجود الواحد؛( لما يعطيه التجلي الآخر) فإنما يتصور عندنا في حق العين الواحدة التي هي ذات الحق تعالی؛ (فافهم) فقد عثرت فيه الأكابر أهل النظر القدم.
ولما فرغ عن بيان الحكمة القلبية الباحثة عن تقلب الحق في التجليات المختلفة التي تو جب بعضها شدة في التأثير بها والتأثير؛ عقبها بالحكمة الملكية المشعرة بتلك للشدة؛ فقال: فص حكمة ملكية في كلمة لوطية


شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فقد صار ما لا يبقى زمانين يبقى زمانين وأزمنة وعاد ما لا يقوم بنفسه يقوم بنفسه. ولا يشعرون لما هم عليه، وهؤلاء هم في لبس من خلق جديد.
وأما أهل الكشف فإنهم يرون أن الله يتجلى في كل نفس ولا يكرر التجلي، و يرون أيضا شهودا أن كل تجل يعطي خلقا جديدا و يذهب بخلق.
فذهابه هو عين الفناء عند التجلي و البقاء لما يعطيه التجلي الآخر فافهم. )  

قال رضي الله عنه :  ( فقد صار ما لا يبقى زمانين يبقى زمانين وأزمنة ، وعاد ما لا يقوم بنفسه يقوم بنفسه ) هذا ما في الخارج أنفسهم ( ولا يشعرون لما هم عليه ) في أنفسهم ( وهؤلاء "هُمْ في لَبْسٍ من خَلْقٍ جَدِيدٍ " ) دائما ولا يشعرون بذلك أصلا .

قال رضي الله عنه :  ( وأمّا أهل الكشف : الكشف : فإنّهم يرون أنّ الله يتجلَّى في كلّ نفس ، ولا يكرّر التجلَّى ، ويرون - أيضا شهودا - أن كلّ تجلّ يعطى خلقا جديدا ويذهب بخلق فذهابه به هو الفناء عند التجلَّى ، والبقاء لما يعطيه التجلَّى الآخر ) .
( فافهم ) سرّ البقاء والفناء حتّى تعرف المتحقّقين بالفناء والبقاء .
يهنئك هذا سرّ ما يفنى فدع   .....    عنك التلفّت للحديث الموهم

 شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فقد صار ما لا يبقى زمانين يبقى زمانين وأزمنة وعاد ما لا يقوم بنفسه يقوم بنفسه. ولا يشعرون لما هم عليه، وهؤلاء هم في لبس من خلق جديد.
وأما أهل الكشف فإنهم يرون أن الله يتجلى في كل نفس ولا يكرر التجلي، و يرون أيضا شهودا أن كل تجل يعطي خلقا جديدا و يذهب بخلق.
فذهابه هو عين الفناء عند التجلي و البقاء لما يعطيه التجلي الآخر فافهم. )  

قال رضي الله عنه : (فقد صار ما لا يبقى زمانين ، يبقى زمانين ، وأزمنة وعاد ما لا يقوم بنفسه يقوم بنفسه. ولا يشعرون لما هم عليه، وهؤلاء هم في لبس من خلق جديد. وأما أهل الكشف فإنهم يرون أن الله يتجلى في كل نفس ولا يكرر التجلي)
قال رضي الله عنه : (فقد صار ما لا يبقى زمانین يبقي زمانين وأزمنة، وعاد ما لا يقوم بنفسه يقوم بنفسه) وذلك ببديهة العقل.
فمذهب الأشاعرة المفضي إلى مثل ذلك الباطل خطأ هذا حال ما في الخارج عن أنفسهم (ولا يشعرون بما هم عليه السلام) في أنفسهم من التبدل الواقع فيهم بالخلق الجديد (وهؤلاء هم في لبس من خلق جدید) دائما ولا يشعرون بذلك أصلا .

قال رضي الله عنه :  (وأما أهل الكشف فإنهم يرون) شهودا (أن الله تعالى يتجلى في كل نفس) بتجليين أحدهما لرفع الوجود السابق والآخر لإفاضة الوجود اللاحق (ولا يكرر التجلي) لأن أحدهما يوجب الفناء والآخر يوجب البقاء.
قال رضي الله عنه: ( و يرون أيضا شهودا أن كل تجل يعطي خلقا جديدا و يذهب بخلق.
فذهابه هو عين الفناء عند التجلي و البقاء لما يعطيه التجلي الآخر. فافهم.)

فإن قلت : هب أنه لا يتكرر في كل نفس لما ذكرت لكن لا نسلم أنه لا يتكرر بحسب الأنفاس فإن في كل نفس يتكرر التجلي الموجب للفناء مرتين .
وكذا التجلي الموجب للبقاء قلت : الفناء في كل نفس برفع وجود آخر والبقاء بفيضان وجود آخر فلا تکرار (ویرون أيضا شهودا) مرافقا لما في النص فليس مستندهم النص فقط (أن كل تجلي يعطي خلقا جديدا ويذهب بخلق فذهابه هو الفناء عند التجلي الموجب للفناء والبقاء لما يعطيه)، أي الخلق الجديد يعطيه. 
(التجلي الآخر) الموجب للبقاء، ولما كان الوجود اللاحق من جنس الوجود السابق مماثة له لم يشعر المحجوبون بالخلق الجديد.
وهذا بعينه كما تقول الأشاعرة في تعاقب الأمثال على محل العرض من غير خلو آن من شخص من العرض مماثل للشخص الأول، فيظن الناظر أنها عين واحدة مستمرة (فافهم) ما أفدناك لعلك تحظى بفهم معارف أهل الكشف وتجتهد في الوصول إلى مقاماتهم و مشاهداتهم وفقنا الله تعالى لما يحب ويرضى .

تم الفص الشعيبي

المواقف الروحية والفيوضات السبوحية شرح الأمير عبد القادر الجزائري 1300 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فقد صار ما لا يبقى زمانين يبقى زمانين وأزمنة وعاد ما لا يقوم بنفسه يقوم بنفسه. ولا يشعرون لما هم عليه، وهؤلاء هم في لبس من خلق جديد.
وأما أهل الكشف فإنهم يرون أن الله يتجلى في كل نفس ولا يكرر التجلي، و يرون أيضا شهودا أن كل تجل يعطي خلقا جديدا و يذهب بخلق.
فذهابه هو عين الفناء عند التجلي و البقاء لما يعطيه التجلي الآخر فافهم. )  
فقد عاد بما بيناه الموصوف صفة لنفسه، وصار بما قررناه ما لا يبقى زمانين عندهم يبقى زمانین، بل وأزمنة حيث أنه جوهر باق قائم بنفسه إن فهمست و أنصفت. 
ومع هذا فالمتكلمون القائلون إن العالم جواهر باقية قائمة بأنفسها وأعراض لا تبقى زمانين لا يشعرون ولا يفطنون بما هم عليه من التناقض والخلط والخبط، ويحسبون أنهم على شيء وهم في لبس وخلط من خلط جديد مع الأنفاس. 
فالعالم بأسره أعراض، وليس هناك جوهر إلا جوهرا واحدا به قيام العالم كله، فهو مقومه. 
وهذا الذي ذكرناه مما يزهد الناصح نفسه الذي أراد الله به خيرا في الاشتغال بالعلوم العقلية والانهماك فيها بأكثر من الضروري اللازم. 
ولهذا يقول محمد الشهرستاني صاحب كتاب نهاية إقدام العقول رحمه الله لما تبين له إفلاسه و استوحش مما كان به إيناسه :
لعمري لقد طفت المعاهد كلها     …… وسرحت طرفي بين تلك المعالم
 فلم أر إلا واضعا كف حائر    …….    على ذقنه أو قارعا سن نادم
وفي كتاب نهاية إقدام العقول هذا يقول فخر الدين الرازي رحمه الله وقد أنصف:
نهاية إقدام العقول عقال    ……     وأكثر سعي العالمين ضلال
وأرواحنا في وحشة من جسومنا …..  وحاصل دنيانا أذى ووبال
ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا  …..  سوى أن جمعنا فيه قيل وقالوا
اللهم وفقنا واهدنا وأرشدنا و استعملنا فيما يرضيك وترضى به عنا، متوسلین في الحصول على ذلك بالمحبين فيك والمحبوبين لديك يا أكرم مسؤول وخير مأمول.

قول سیدنا رضي الله عنه : (وأما أهل الكشف فإنهم يرون أن الله يتجلى في كل نفس ولا يتكرر التجلي، ويرون أيضا شهودا أن كل تج يعطي خلقا ويذهب بخلق. فذهابه هو عين الفناء عند التجلي والبقاء لما يعطيه التجلي الآخر).
يقول رضي الله عنه : ما أسلفناه من المناقشة والكلام مع أهل النظر والفكر من حكيم ومتکلم، و أوضحنا أن العالم بأسره مجموع أعراض، فهو يتجدد في كل نفس، إنما ذلك لإنحجاب أهل النظر والفكر عن ذلك من كونهم قصروا نظرهم على العقل.
والعقل خادم الحس، فإنه لا يأخذ معلوماته إلا من الحس. 
وقد ثبت الغلط في إدراك الحس والعقل والفكر. وقد بني الحكماء والمتكلمون ما يغلط فيه الحس والعقل والفكر، وما لا يغلط فيه، وما يدريهم لعل الغلط في الجميع.
وأما أهل اللہ أهل الكشف والوجود الذين يأخذون عن الله فهو معلمهم جل جلاله فإنهم يرون بعيون بصائرهم التي هي أصدق وأوثق من رؤية الأبصار، أن الله يتجلى في كل نفس بصورة من صور أعيان الممکنات، كانت ما كانت تلك العين.
ولا يتكرر التجلي بصورة من صور الأعيان بأن يتجلى بصورة ثم يتجلى بتلك الصورة نفسها، هذا محال عند الطائفة العلية . 
ويرون أيضا شهودا ومعاينة ببصائرهم أن كل تجلى من التجليات التي هي في كل نفس لكل عين يعطي خلقا جديدا مستأنفا في كل صورة من الصور . 
والصور المشهودة إنما هي أحوال الأعيان الثابتة ونعوتها. وكما يعطي هذا التجلي خلقا جديدا يذهب بخلق أول، وهي الصورة التي كانت لتلك العين نفسها، وذلك لأن الصور التي في العالم كلها نسب وأحوال لا موجودة ولا معدومة، وإن شوهدت من وجه فهي غير مشهودة من وجه آخر، وما في العالم إلا صور. 
فمجموع العالم أعراض، فهو ذاهب في كل آن لذاته لأن من حقيقته أن لا يثبت أكثر من آن. والحق لا يعطى إلا الوجود ولا يكرره بصورة واحدة. 
فقول سيدنا يذهب، بخلق المراد بنسبة الإذهاب إلى التجلي الإرادة الكلية تسامحا وإلا فالأمر كما قلنا وأن الذاهب بذهب لذاته . 
فأما ذهابه ، يعني العالم، فهو الفناء له، ولا تذهب صورة وتفني إلا وذهابها و فناؤها عين ظهور صورة أخرى في عين تلك الجواهر، تماثل الذاهبة غالبا أو تخالفها. فعين زمان ذهاب الصورة الذاهبة وقناؤها عین زمان تلك الصورة الجديدة ، الا أنه بعد الذهاب والفناء تحدث الأخرى. 
فهذا التجلي واحد العين ويعطي النقيضين، وهو معنى قول سيدنا رضي الله عنه : يعطي خلقا ويذهب بخلق، فهو کنفخة البعث تذهب بالأجساد البرزخية التي الأرواح متعلقة بها في البرزخ. 
وتوجد الأجسام الطبيعية العنصرية فتعلق بها الأرواح والنفخة واحدة العين، لا تكرار فيها. 
وأما البقاء في الثبوت للأعيان الثابتة التي هذه الصور مجموع أحوالها ونعوتها محسوسة في حضرة الحس ومتخيلة في حضرة الخيال ، فلما بعطية التجلي الآخر المبقي .

فإن للحق تعالى تجليين:  تجل للأشياء وتجل في الأشياء. 
فأما التجلي للأشياء فهو التجلي المبقي أعيانها، وهو التجلي الخاص الذي بين الحق تعالى وبين كل مخلوق لا تعرض نسبته ولا يدخل تحت عبارة ولا يعلمه العقل الأول ولا النفس الكلية، فبهذا التجلي تتغير الأحكام على الأعيان الثابتة من الثبوت إلى الوجود. 
وأما التجلي في الأشياء فهو تجل يفني أحوالا ويعطي أحوالا، ومن هذا التجلي توجد الأحوال والأعراض في كل ما سوى الله تعالى وعليه فلا ينبغي حمل الغناء والبقاء هنا على الفناء والبقاء إلى الخاصين بأهل هذه الطريقة العلية. 
فإن كلام سیدنا بصدد الإخبار عن العالم بأسره لا عن أقوام مخصوصين.

قول سيدنا رضي الله عنه : فافهم
أمر رضي الله عنه بالفهم لهذه الحكمة القلبية، والفهم تصور الشيء من لفظ المخاطب والإفهام إيصال المعنى باللفظ إلى فهم السامع. 
والمراد أن في هذه الحكمة القلبية دقة، كما يقال، فتأمل أو فتدبر، اللهم افتح لنا ولإخواننا فهم كلامك وكلام رسولك صلى الله عليه وسلم  وكلام أوليائك إنك المحسان المفضال الكبير المتعال.
والحمد لله الذي علمني ما لم نكن نعلم، وكان فضل الله على عظيما ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.

.

واتساب

No comments:

Post a Comment