Saturday, July 6, 2019

السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية الفقرة التاسعة .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية الفقرة التاسعة .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية الفقرة التاسعة .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي


موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

10 - The Wisdom Of Unity In The Word Of Hud

الفقرة التاسعة : 
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( و في هذه الريح عذاب أي أمر يستعذبونه إذا ذاقوه، إلا أنه يوجعهم لفرقة المألوف. فباشرهم العذاب فكان الأمر إليهم أقرب مما تخيلوه فدمرت كل شيء بأمر ربها، فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم» وهي جثتهم التي عمرتها أرواحهم الحقية.
فزالت حقية هذه النسبة الخاصة وبقيت على هياكلهم الحياة الخاصة بهم من الحق التي تنطق بها الجلود والأيدي والأرجل وعذبات الأسواط والأفخاذ.
وقد ورد النص الإلهي بهذا كله، إلا أنه تعالى وصف نفسه بالغيرة، ومن غيرته «حرم الفواحش» وليس الفحش إلا ما ظهر.  
وأما فحش ما بطن فهو لمن ظهر له.  )
قال رضي الله عنه : ( و في هذه الريح عذاب أي أمر يستعذبونه إذا ذاقوه، إلا أنه يوجعهم لفرقة المألوف. فباشرهم العذاب فكان الأمر إليهم أقرب مما تخيلوه فدمرت كل شيء بأمر ربها، فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم» وهي جثتهم التي عمرتها أرواحهم الحقية. فزالت حقية هذه النسبة الخاصة وبقيت على هياكلهم الحياة الخاصة بهم من الحق التي تنطق بها الجلود والأيدي والأرجل وعذبات الأسواط والأفخاذ.  وقد ورد النص الإلهي بهذا كله، إلا أنه تعالى وصف نفسه بالغيرة، ومن غيرته «حرم الفواحش» وليس الفحش إلا ما ظهر. وأما فحش ما بطن فهو لمن ظهر له. )
قال رضي الله عنه : (وفي هذا الريح) المريحة مما ذكر (عذاب أي أمر) من الأمور الإلهية (يستعذبونه)، أي يجدونه عذبا لذيذا (إذا ذاقوه) من حيث كشفهم عن حقائق نفوسهم الهالكة الفانية بظهور الوجود المطلق القيوم عليهم بالموت الذي ذاقوه.
والنفوس هي التي تذوقه أولا عذابا مؤلما، فإذا زال حکم مغایرتها واستقلالها بالوجود ذاقته عذابا لذيذا بحکم الفناء عنه كما سبق، ولكن إن غلب عليهم هذا المشهد الذوقی، وهو غالب بحكم الموت المقتضي لكشف الغطاء النفساني الذي كانوا فيه.
قال رضي الله عنه : (إلا أنه)، أي هذا الأمر الذي يستعذبونه (يوجعهم) من جهة حكم نفوسهم التي ماتوا عليها (فرقة المألوف لهم) من الدعوى القائمة بنفوسهم والغفلة التي كانوا يتوهمونها نفس الأمر، فظهر لهم ما لم يكن في حسابهم.
قال تعالى : "وبدا لهم من الله ما لم يكونا يحتسبون" [الزمر: 47].
وذلك عين العذاب وعين تألمهم به، فإن الجعل المتولد من الزبل يتألم برائحة الورد ويتعذب بها، ولهذا قال تعالى في حق أصحاب الكهف السالكين في مسالك الفتوة على طريق خاص خلاف المعهود النبینا : "لو أطلعت عليهم لوليت منهم فرارا ولملئت منهم رعبا" [الكهف: 18].
وذلك لخلاف المألوف له في مسالك النبوة المحمدية من الأنس بالحق في الخلق، وهم في الوحشة من الخلق في الحق، والأنس بالحق في الحق، ولهذا آووا إلى الكهف لينشر لهم ربهم من رحمته، وهو عين الأنس به فيه.
ولو كان لهم به أنس في الخلق كمحمد صلى الله عليه وسلم لآووا إليه تعالى لا إلى الكهف في عين ما آووا إليه من الكهف، ولكن كمال الوحشة التي قامت بهم أدتهم إلى ذلك ففروا من الخلق إلى الخلق بالحق عكس ما فعل محمد صلى الله عليه وسلم  حين قال تعالى: "قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلى" [الكهف: 110].
فإنه فر من الحق إلى الحق بالخلق وهو نفسه، ولما كان حاله على النقيض من حالهم .
قال تعالى :"ما قال لهم فلو اطلع عليهم صلى الله عليه وسلم لأدركته الوحشة التي في نفوسهم وأخذه الرعب الذي عندهم ووحشتهم بالحق من الخلق ورعبهم كذلك ولهذا قالوا : "عمن هم خائفون منهم " إنهم إن يظهروا عليكم يرجموكم أو يعيدوكم في ملتهم ولن تفلحوا إذا أبدا " [الكهف: 20]، ومحمد صلى الله عليه وسلم قاسي من قومه بالفعل أكثر مما توهموه من قومهم بالقوة، ولم يستوحش ولم يخف .
ولما كانت هذه الوحشة وهذا الرعب فيهم بالحق لا بدعوى نفوسهم، أخبر الله تعالى أن ذلك كان يؤثر في النبي صلى الله عليه وسلم لو اطلع عليهم وهم في تلك الحالة.
قال رضي الله عنه : (فباشرهم)، أي نزل بقوم هود عليه السلام (العذاب) المذكور (فكان الأمر) الإلهي الذي هو نفس الأمر إليهم (أقرب مما تخيلوه) بنفوسهم وعقولهم من نزول المطر بذلك السحاب .
ثم ظهور ذلك الريح لهم عذاب أليم (فدمرت) تلك الريح كل شيء أتت عليه منهم (بأمر ربها) القائمة به، فالمدمر إنما هو أمر ربها الممسك لها في صورتها، فالريح مدمرة بأمر ربها استعانة، وأمر ربها مدمر بها ملابسة ومصاحبة، وهذان المعنيان للباء لا تنفك الباء عنهما في اللغة العربية ، وهما الأصل في جميع المعاني لحروف الباء.
قال رضي الله عنه : (فأصبحوا)، أي ذلك القوم المدمرون بالريح (لا ترى) يا أيها الناظر (إلا مساكنهم) التي كانت تسكنها نفوسهم وعقولهم الهالكة في الله المدمرة بأمره سبحانه.
(وهي)، أي تلك المساكن (جثثهم) جمع جثة وهي أجسامهم (التي عمرتها) في الحياة الدنيا (أرواحهم الحقية)، أي المنسوبة إلى الحق سبحانه من حيث إنها ظهور أمره بحكم قوله تعالى: " قل الروح من أمر ربي" [الإسراء: 85] .
قال رضي الله عنه : (فزالت) بدمارهم (حقيقة هذه النسبة)، أي نسبة أرواحهم الحقية إلى تعمير أجسامهم وهي النسبة النفسانية الخاصة بهم (وبقيت على هياكلهم)، أي أجسامهم (الحياة الخاصة بهم)، أي بالهياكل الجسمانية من حيث هي هياكل جسمانية وهي حياة روح التركيب الجسماني وهي الحياة الجمادية كحياة الأحجار .
و (من الحق)، فإن الحياة السارية في جميع العوالم من حضرة روح الله الذي هو مظهر أمره سبحانه من اسم إلهي منقسمة إلى أربعة أقسام مفرقة في العوالم، وقد جمعت كلها في الإنسان بما هو إنسان .
فالأولى الحياة الجمادية وروحها المنفوخ :
يقتضي إمساك أجزاء الجماد الطبيعية والعنصرية، فتظهر من ذلك نسبة خاصة هي نفس ذلك الجماد من حيث ترکیب طبيعته ومزاجه من حيث ترکیب عناصره، وموته زوال هذه الحياة عنه بانفكاك تركيبه وتفريق أجزائه الطبيعية والعنصرية .
والثانية الحياة النباتية وروحها المنفوخ :
يقتضي زيادة على الحياة الجمادية نموا وظهورا من بطون الكليات الطبيعية والعنصرية، وموته زوال حياته هذه بقطع قواه المستعدة للنمو والظهور المذكور.
والثالثة الحياة الحيوانية وروحها المنفوخ :
يقتضي زيادة على الحياة الجمادية والحياة النباتية حركة وسكونا بمقتضى الحس في المحسوسات، وموته زوال هذه الحياة عنه ببطلان الحس من القلب وانقطاع القوى منه المبثوثة في سائر البدن .
والرابعة الحياة الإنسانية وروحها المنفوخ :
يقتضي زيادة على الحياة الجمادية والحياة النباتية والحياة الحيوانية إدراكا وشعورا بالنظريات العقلية والفهوم الاستدلالية، وموته زوال هذه الحياة عنه بالكلية ، فالنبات جماد، والحيوان نبات جماد، والإنسان حيوان نبات جماد .
وهذه الحياة بأنواعها الأربعة حجاب على الحياة الإلهية السارية في العوالم كلها، فمن مات عن هذه كلها ظهرت له تلك الحياة.
فكان حيا بالله لا بروح أصلا کحياة أهل الآخرة (التي) نعت للحياة المذكورة وهي الحياة الجمادية التي لجسم الميت بعد موته (تنطق بها) يوم القيامة (الجلود)، أي جلود المكلفين، وتشهد عليهم بما عملوا بها . قال تعالى : " وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء" [فصلت : 21].
قال رضي الله عنه : (والأيدي والأرجل) قال تعالى: "يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون " [النور: 24] .
(وعذبات) جمع عذبة وهي طرف الشيء المرسل (الأسواط) جمع سوط وهي الدرة التي يضرب بها (والأفخاذ) جمع فخذ وذلك من قوله عليه السلام: «لا تقوم الساعة حتى يكلم الرجل فخذه وعذبة سوطه بما فعل أهله»رواه الحاكم .
"قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده، لا تقوم الساعة حتى تكلم السباع الإنسان، وحتى تكلم الرجل عذبة سوطه، وشراك نعله، وتخبره بما أحدث أهله من بعده» هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه . تعليق الذهبي على شرط مسلم".
قال رضي الله عنه : (وقد ورد النص الإلهي) في الكتاب والسنة (بهذا كله) وهو ما ذكرنا وغیره (إلا أنه)، أي الله تعالى (وصف نفسه) على لسان نبيه عليه السلام (بالغيرة) .
فقال عليه السلام: «إن الله غيور» . البخاري ومسلم وأحمد والبيهقي والترمذي وغيرهم.
"عن عبد الله رضي الله عنه، قال: «لا أحد أغير من الله، ولذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، ولا شيء أحب إليه المدح من الله، ولذلك مدح نفسه» رواه البخاري ".
قال رضي الله عنه : (ومن غيرته حرم الفواحش) فتحريم الفواحش أي المحرمات الشرعية البالغة في التحريم إلى الغاية لظهورها إنما كان بسبب غيرته سبحانه التي أظهرها في خلقه بحكم الغيرية في الأشياء.
فالغيرة الإلهية عين الغيرية ، والفواحش من الفحش، (وليس الفحش إلا ما ظهر) من العصيان.
(وأما فحش ما بطن) منه عن الغير وظهر لصاحبه (فهو) فحش (لمن ظهر له)، وهو قوله تعالى: " قل إنما حرم ربى الفواحش ما ظهر منها وما بطن" [الأعراف: 33]،
فالظاهر منها هو ما ظهر للغير، والباطن منها ظاهر لنفسه.
فالفواحش كلها ظاهرة إما للغير ولصاحبها أو لصاحبها فقط، فكل شيء محسوس أو معقول ظهر من كتم العدم.
فحكم عليه الحس أو العقل بالمغايرة للحق سبحانه القيوم علیه الظاهر فيه بوجوده المطلق المنزه عنه فاحشة حرمها الحق تعالی من غيرته سبحانه أن يكون في الوجود غيره يعرف أو يذكر.
فاقتضى تحريمه لذلك لا يعرف سبحانه ولا يذكر في عین ما حرم، فليست الغيرة إلا عن الغيرية، وليست الغيرية إلا عين التحريم، والكل من عين واحدة، فهو غيره ابتداء وتحريم انتهاء من جهته سبحانه.
وغيرته ابتداء والفواحش انتهاء من جهتنا وجهتنا هي جهته، فالغيرة عين الغيرية والتحريم عين الفاحشة.
بل التحريم منه عين الغيرة، والفاحشة منا عین الغيرية، والكل وجود واحد ظهر بأحكام كما ظهر بأعيان، والله واسع عليم .
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( و في هذه الريح عذاب أي أمر يستعذبونه إذا ذاقوه، إلا أنه يوجعهم لفرقة المألوف. فباشرهم العذاب فكان الأمر إليهم أقرب مما تخيلوه فدمرت كل شيء بأمر ربها، فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم» وهي جثتهم التي عمرتها أرواحهم الحقية.
فزالت حقية هذه النسبة الخاصة وبقيت على هياكلهم الحياة الخاصة بهم من الحق التي تنطق بها الجلود والأيدي والأرجل وعذبات الأسواط والأفخاذ.
وقد ورد النص الإلهي بهذا كله، إلا أنه تعالى وصف نفسه بالغيرة، ومن غيرته «حرم الفواحش» وليس الفحش إلا ما ظهر.
وأما فحش ما بطن فهو لمن ظهر له.  )
قال رضي الله عنه : (و) إشارة إلى أن ما (في هذه الريح عذاب أي أمر يستعذبونه إذا ذاقوه إلا أنه) إلا أن ذلك الأمر اللذيذ (يوجعهم الفرقة المألوفات) فجمع الله الرحمة والعذاب فيهم فيرحمهم الله بالرحمة الممتزجة بالعذاب في دار الشقاء فما كان في حق المشركين من الله إلا هذه الرحمة لا غير فإن الرحمة الخالصة من شرب العذاب مختصة للمؤمنين في الدار الآخرة تفريق بينهما أكمل تفریق.
قال بعض الشراح في هذا المقام أن الله تعالى هو الرحمن الرحيم ومن شأن من هو موصوف بهذا الصفات أن لا يعذب أحدا عذابا أبدا. تم كلامه .
هذا كلام صادق لكنه لا يعلم هذا العارف أن بعض العباد يقتفي شأنه بحسب عينه الثابتة أن يعذب عذابا أبدية فيعذبه الله على مقتضى شأنه أبدا (فباشرهم) أي الحق (العذاب) حتى خلصوا عن الهياكل المظلمة فيصلوا في الحال إلى الغذاء الروحاني وهو مشاهدة ربهم فكان الأمر الحاصل لهم بالهلاك (إليهم أقرب) و متعلق أقرب قوله إليهم (مما) أي من الذي (تخيلوه) فإذا باشرهم الحق بالعذاب.
قال رضي الله عنه : (فدمرت كل شيء بأمر ربها) أي قطعت الريح تعلق أرواحهم بظواهر أبدانهم (فأصبحوا) أي فصاروا (لا يرى إلا مساكنهم وهي جثتهم) أي أبدانهم (التي عمرها أرواحهم الحقيبة) وهي الروح التي قال الله تعالى : "فإذا سويته ونفخت فيه من روحي" [الحجر: 29]  .
(فزالت) عنهم (حقية هذه النسبة الخاصة) وحقيتها كونهم على صورة الحق من العلم والحياة والقدرة  
بسبب تعلق الأرواح الحقية بهم فإذا زالت تعلق الروح زالت عنهم هذه الكمالات الحقية (وبقيت على هياكلهم الحياة الخاصة بهم من الحق) وهي الحق التي نصيب منها لكل شيء من الله بدون نفخ منه بخلاف الحياة الحقية فإنها لا تحصل إلا لمن يقبل الاستواء (التي) أي الحياة التي (تنطق بها) أي بسبب هذه الحياة .
قال رضي الله عنه : (الجلود والأيدي والأرجل ويذوق) الميت بها (عذابات الأسواط والأفخاذ في القبر وقد ورد النص الإلهي) من الآيات والأحاديث (بهذا) المذكور (كله) فهذه نسب جسمانية لا نسب حقانية.
ولم بين الأمر على ما هو عليه شرع في بيان سبب عدم ظهور هذه المعاني لبعض الناس بقوله (إلا) أي غير (أنه تعالى وصف نفسه بالغيرة ومن جملة غيرته حرم الفواحش وليس الفحش إلا ما ظهر وأما فحش ما بطن فهو لمن ظهر له) أي بالنسبة إليه فحش . وأما بالنسبة إلى من لم يظهر له وليس بفحش فقال :


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( و في هذه الريح عذاب أي أمر يستعذبونه إذا ذاقوه، إلا أنه يوجعهم لفرقة المألوف. فباشرهم العذاب فكان الأمر إليهم أقرب مما تخيلوه فدمرت كل شيء بأمر ربها، فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم» وهي جثتهم التي عمرتها أرواحهم الحقية.
فزالت حقية هذه النسبة الخاصة وبقيت على هياكلهم الحياة الخاصة بهم من الحق التي تنطق بها الجلود والأيدي والأرجل وعذبات الأسواط والأفخاذ.
وقد ورد النص الإلهي بهذا كله، إلا أنه تعالى وصف نفسه بالغيرة، ومن غيرته «حرم الفواحش» وليس الفحش إلا ما ظهر.
وأما فحش ما بطن فهو لمن ظهر له.  )
قال رضي الله عنه : " و في هذه الريح عذاب أي أمر يستعذبونه إذا ذاقوه، إلا أنه يوجعهم لفرقة المألوف. فباشرهم العذاب فكان الأمر إليهم أقرب مما تخيلوه فدمرت كل شيء بأمر ربها، فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم» وهي جثتهم التي عمرتها أرواحهم الحقية. فزالت حقية هذه النسبة الخاصة وبقيت على هياكلهم الحياة الخاصة بهم من الحق التي تنطق بها الجلود والأيدي والأرجل وعذبات الأسواط والأفخاذ. وقد ورد النص الإلهي بهذا كله، إلا أنه تعالى وصف نفسه بالغيرة، ومن غيرته «حرم الفواحش» وليس الفحش إلا ما ظهر.  وأما فحش ما بطن فهو لمن ظهر له."
قال: ولذلك غلط عاد قوم هود حين قالوا "هذا عارض ممطرنا" (الأحقاف: 24) فظنوا بالله الخير غير أن ذلك الخير دون الخير الذي أتاهم الله به، وهو ريح فيها عذاب أليم يريحهم من هياكلهم ويلحقهم بالقرب الأتم.  فاختلف الإدراك بسبب اختلاف نسبهم إلى الأسماء الإلهية.
قال رضي الله عنه: إن العذاب الذي أصابهم من الريح، فهو من العذوبة وإن أوجعهم لفراق المألوف، فإنه يسرهم عقباه.
قال: فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم وهي جثتهم التي عمرتها الأرواح الحقية، فزالت تلك الأرواح وبقيت لهم الحياة الخاصة لجثثهم وتلك لحياة هي التي تنطق بها الجوارح يوم تشهد عليهم
قوله: إلا أنه تعالى وصف نفسه بالغيرة، ومن غيرته حرم الفواحش، ثم فسر الفواحش
بقوله: أي منع أن يعرف حقيقة ما ذكرناه، وهي أنه عين الأشياء. قال: فسترها بالغيرة وهو أنت من الغير.
قال: فالغير يقول السمع سمع زيد، والعارف يقول السمع عین الحق، وهكذا ما بقي من القوى والأعضاء. فما كل أحد عرف الحق فتفاضل الناس.
فهو يقول إن العارف هو الفاضل، والمحجوب هو المفضول.
ومن هنا إلى الأبيات الشعر التي أولها: فهو الكون كله، فهو مفهوم من لفظ الشيخ غیر محتاج إلى شرح.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( و في هذه الريح عذاب أي أمر يستعذبونه إذا ذاقوه، إلا أنه يوجعهم لفرقة المألوف. فباشرهم العذاب فكان الأمر إليهم أقرب مما تخيلوه فدمرت كل شيء بأمر ربها، فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم» وهي جثتهم التي عمرتها أرواحهم الحقية.
فزالت حقية هذه النسبة الخاصة وبقيت على هياكلهم الحياة الخاصة بهم من الحق التي تنطق بها الجلود والأيدي والأرجل وعذبات الأسواط والأفخاذ.
وقد ورد النص الإلهي بهذا كله، إلا أنه تعالى وصف نفسه بالغيرة، ومن غيرته «حرم الفواحش» وليس الفحش إلا ما ظهر.
وأما فحش ما بطن فهو لمن ظهر له.  )
قال رضي الله عنه: "وفي هذه الريح عذاب أي أمر يستعذبونه إذا أذاقوا إلَّا أنّه يوجعهم ، لفقد المألوف ، فباشرهم العذاب ، فكان الأمر إليهم أقرب ممّا تخيّلوا " فإنّ للحق وجوها كثيرة ونسبا مختلفة ، هم وظنونهم وأفعالهم وأحوالهم وأقوالهم من جملتها ، فجازاهم على ظنّهم بالله خيرا على وجه أتمّ وأعمّ .
قال رضي الله عنه : « فدمّرت " كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّها فَأَصْبَحُوا لا يُرى إِلَّا مَساكِنُهُمْ " وهي جثتهم التي عمرتها أرواحهم الحقيّة .
فزالت حقّية هذه النسبة الخاصّة ، وبقيت على هياكلهم الحياة الخاصّة بهم من الحق - التي تنطق بها الجلود والأيدي والأرجل - وعذبات الأسواط والأفخاذ . وقد ورد النصّ الإلهي بهذا كلَّه " .
يشير رضي الله عنه : إلى أنّ التدبير كان في تدميرهم ، فدمّرت الريح ما كان قابلا للتدمير منهم ، فأزالت أرواحهم العامرة لجثثهم وأبدانهم ، فإزواح الريح أرواحهم إزواحهم عن هذه الهياكل المظلمة التي كان سلوك الحق فيها في المنازل والسمالك الوعرة الغالبة عليها حشوية الحجابية والتعيّن .
فبقيت جثثهم بلا أرواحهم ، وهم وإن زالت عنهم الحقّية التي كانت لهم من حمية الأرواح الحقّية ، ولكنّ أبقى الله عليهم الحقّية التي تخصّ أجسامهم هي حياة الحقّيّة الحفيّة .
ولكنّ التي بها تنطق الأيدي والأرجل يوم لا ينطقون بأنفسهم الناطقة وتلك حياة حييت بها الجسمانيات من حيث الجسمانية لا من حيث الروحانية .
كما أشار إلى سرّها الشيخ الكامل أبو مدين الغوثّ بقوله : سرّ الحياة سرى في الموجودات ، يعني : من حضرة الحيّ القيّوم المحيي ، فيه تجمّدت الجمادات ، وبه حييت الحيوانات ، فإنّ الجماد صورة وجودية بها حياة ذلك الجسم وكماله الوجودي .
""أضاف الجامع : قال الشيخ في الفتوحات الباب الثامن والخمسون وخمسمائة :
فالخلق وإن كان له السريان في الحق فهو محدود بالسريان والحق وإن كان له السريان في الخلق فهو محدود بالسريان .
وهذا كان مذهب أبي مدين رحمه الله وكان ينبه على هذا المقام بقوله الأمي العامي سر الحياة سرى في الموجودات كلها فتجمدت به الجمادات ونبتت به النباتات وحييت به الحيوانات فكل نطق في تسبيحه بحمده لسر سريان الحياة فيه فهو وإن كان رحمه الله ناقص العبارة لكونه لم يعط فتوح العبارة .
فإنه قارب الأمر ففهم عنه مقصوده وإن كان ما وفاه ما يستحقه المقام من الترجمة عنه فهذا معنى الطيب وأنه من أسماء التقييد والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.أهـ ""
قال رضي الله عنه : « إلَّا أنّ الله وصف نفسه بالغيرة ، ومن غيرته حرّم الفواحش ، وليس الفحش إلَّا ما ظهر »  يعني رضي الله عنه : ممّا يجب ستره .
قال رضي الله عنه : « وأمّا فحش ما بطن فهو لمن ظهر له" .
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( و في هذه الريح عذاب أي أمر يستعذبونه إذا ذاقوه، إلا أنه يوجعهم لفرقة المألوف. فباشرهم العذاب فكان الأمر إليهم أقرب مما تخيلوه فدمرت كل شيء بأمر ربها، فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم» وهي جثتهم التي عمرتها أرواحهم الحقية.
فزالت حقية هذه النسبة الخاصة وبقيت على هياكلهم الحياة الخاصة بهم من الحق التي تنطق بها الجلود والأيدي والأرجل وعذبات الأسواط والأفخاذ.
وقد ورد النص الإلهي بهذا كله، إلا أنه تعالى وصف نفسه بالغيرة، ومن غيرته «حرم الفواحش» وليس الفحش إلا ما ظهر.
وأما فحش ما بطن فهو لمن ظهر له.  )
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وفي هذه الريح عذاب : أي أمر يستعذبونه إذا ذاقوه إلا أنه يوجعهم لفرقة المألوفات فباشرهم العذاب ، فكان الأمر إليهم أقرب مما تخيلوه ) .
من الإمطار والنفع ، يعنى أنهم  لما ظنوا باللَّه خيرا والله عند ظن عبده ، فأثابهم خيرا مما ظنوا من حيث لا يشعرون .
فإن الوصول إلى ما ظنوه من الانتفاع بالمطر قد لا يقع وقد يقع من بعد والذي وقع خير وأقرب ، فإنهم وصلوا بذلك إلى الحق وحصلوا في عينه من حيث لم يحتسبوا .
فإن للحق وجوها كثيرة ونسبا مختلفة من جملتها أحوالهم وظنونهم وأقوالهم ، فإن هذه الحالة خير لهم مما ظنوا وإن أوجعتم بقطع الحياة وفرقة المألوفات ، لأن ذلك أرواحهم مما هم فيه أكثر مما أوجعتهم ، ونجاهم من التوغل والتمادي في التكذيب والعصيان الموجب للرين على القلوب ، وخفف عنهم بعض عذاب الآخرة فجازاهم على حسن ظنهم باللَّه خيرا على وجه أتم.
 قال الشيخ رضي الله عنه : ( فدمرت " كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّها فَأَصْبَحُوا لا يُرى إِلَّا مَساكِنُهُمْ " - وهي جثتهم التي عمرتها أرواحهم الحقية فزالت عنهم حقية هذه النسبة الخاصة ، وبقيت على هياكلهم الحياة الخاصة بهم من الحق التي تبطل بها الجلود والأيدى والأرجل وعذبات الأسواط والأفخاذ وقد ورد النص الإلهي بهذا كله ) .
أي فدمرت الريح بالتدبير الإلهي كل شيء مما كان قابلا للتدمير منهم ، فأراحت أرواحهم التي هي حقائقهم عن جثتهم التي هي مساكنهم بعد ما كانت عامرة لها مدبرة إياها ، وهي حقية : أي متحققة ثابتة في وجودها ثابتة للنسبة إلى أبدانها فزالت حقية نسبها إلى أبدانها .
أي تحققت نسبتها الخاصة وبقيت الهياكل حية بحياتها الطبيعية المخصوصة بها من الحق لما ذكرنا أن كل شيء وإن كان جمادا فهو ذو روح مخصوص به من الحق ، وهي الحياة التي تنطق بها الجلود والأيدى والأرجل كما ورد في القرآن وعذبات الأسواط والأفخاذ كما ورد في الحديث .
وقد أشار أبو مدين رضي الله عنه إلى هذه الحياة بقوله : سر الحياة سرى في الموجودات كلها ، فإن الحي بالذات القيوم للكل متجلي في الجمع وإلا لم يوجد ، فمن حضرة الاسم الحي يحيى كل شيء بحياة ظاهرة أو باطنه على ما مر.
"" إضافة بالي زادة : فإذا باشرهم الحق العذاب ( فدمرت كل شيء بأمر ربها ) أي قطعت الريح تعلق أرواحهم بظواهر أبدانهم .
قوله ( حقيقة هذه النسبة ) وحقيتها كونهم على صورة الحق من العلم والحياة والقدرة بسبب تعلق الأرواح الحقية بهم ، فإذا زال تعلق الروح زالت عنهم هذه الكمالات الحقية ( وبقيت على هياكلهم الحياة الخاصة ) وهي الحياة التي نصيب منها لكل شيء من الله بدون نفخ منه بخلاف الحياة الحقية ، فإنها لا تحصل إلا لمن يقبل الاستواء اه ( وعذابات الأسواط ) أي يذوق بها الميت عذبات الأسواط والأفخاذ في القبر ، فهذه نسب جثمانية لا نسب حقانية .
ولما بين الأمر على ما هو عليه شرع في بيان سبب عدم ظهور هذه المعاني لبعض الناس بقوله ( إلا أنه تعالى وصف نفسه بالغيرة ) اهـ بالى""  .
قال الشيخ رضي الله عنه : (إلا أنه تعالى قد وصف نفسه بالغيرة ، ومن غيرته حرم الفواحش وليس الفحش إلا ما ظهر) مما يجب ستره ومن جملة سر الربوبية فقد قيل إفشاؤه كفر .
( وأما فحش ما بطن فهو لمن ظهر له ) .
وهو الحق ومن أظهره الله عليه ، وذلك أن الحق هو الظاهر والباطن.
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( و في هذه الريح عذاب أي أمر يستعذبونه إذا ذاقوه، إلا أنه يوجعهم لفرقة المألوف. فباشرهم العذاب فكان الأمر إليهم أقرب مما تخيلوه فدمرت كل شيء بأمر ربها، فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم» وهي جثتهم التي عمرتها أرواحهم الحقية.
فزالت حقية هذه النسبة الخاصة وبقيت على هياكلهم الحياة الخاصة بهم من الحق التي تنطق بها الجلود والأيدي والأرجل وعذبات الأسواط والأفخاذ.
وقد ورد النص الإلهي بهذا كله، إلا أنه تعالى وصف نفسه بالغيرة، ومن غيرته «حرم الفواحش» وليس الفحش إلا ما ظهر.
وأما فحش ما بطن فهو لمن ظهر له.  )
قال رضي الله عنه : (وفي هذه الريح عذاب ، أي ، أمر يستعذبونه إذا ذاقوه ، إلا أنه يرجعهم لفرقة المألوفات ).
أي ، الريح المهلكة وإن كانت في الظاهر مؤلمة موجعة لهم لإخراجهم عن العالم الجسماني المتألفة قلوبهم به ، لكن فيها لطف مستور ، لأن تحت كل قهر لله تعالى ألطافا مكنونة يستعذبونه إذا وصلوا إليه عقيب الوجع .
( فباشرهم العذاب ، ) أي ، أهلكهم . ( فكان الأمر إليهم أقرب مما تخيلوه ) .
أي ، الأمر الذي كان مطلوبهم بالحقيقة ، كان أقرب إليهم من المطلوب المتخيل
لهم ، وهو ما يحصل من المزروعات .
قال رضي الله عنه : (قد مرت كل شئ بأمر ربها ، فأصبحوا ، لا يرى إلا مساكنهم ، أي ، جثتهم التي عمرتها أرواحهم الحقية ) .
فأهلكت الريح كل شئ يتعلق بظاهرهم ، بأمر ربها ، وهو الواحد القهار . فبقيت أبدانهم خالية عن الأرواح المتصرفة فيها وعن قواها في قوله : ( عمرتها أرواحهم الحقية ) إشارة إلى أن الأرواح هي التي تعمر الأبدان ، وتكونها أولا في رحم الأم ، ثم تدبرها في الخارج ، فهي موجودة قبل وجود الأبدان .
ولما كانت الروح سدنة من سدنات الرب المطلق واسما من أسماء الحق تعالى ، قال : ( الحقية ) . فإنه بها يرب الحق الأبدان .
واعلم ، أن كل من اكتحلت عينه بنور الحق ، يعلم أن العالم بأسره عباد الله ، وليس لهم وجود وصفة وفعل إلا بالله وحوله وقوته ، وكلهم محتاجون إلى رحمته ، وهو الرحمن الرحيم . ومن شأن من هو موصوف بهذه الصفات ألا يعذب أحدا عذابا أبدا .
وليس ذلك المقدار من العذاب أيضا إلا لأجل إيصالهم إلى كمالاتهم المقدرة لهم ، كما يذاب الذهب والفضة بالنار لأجل الخلاص مما يكدره وينقص عياره ، فهو متضمن لعين اللطف والرحمة .
كما قيل :
وتعذيبكم عذب وسخطكم رضى ...... وقطعكم وصل وجوركم عدل
والشيخ رضي الله عنه إنما يشير في أمثال هذه المواضع إلى ما فيها من الرحمة الحقانية . وهي من المطلعات المدركة بالكشف ، لا أنه ينكر وجود العذاب وما جاء به الرسل من أحوال جهنم . فإن من يبصر بعينه أنواع التعذيب في النشأة الدنياوية لسبب الأعمال القبيحة ، كيف ينكره في النشأة الأخراوية .
وهو من أكبر ورثة الرسل ، صلوات الله عليهم أجمعين . فلا ينبغي أن يسئ أحد ظنه في الأولياء الكاشفين لأسرار الحق بأمره .
قال رضي الله عنه : (فزالت حقيقة هذه النسب الخاصة ، وبقيت على هياكلهم الحياة الخاصة بهم من الحق ) .
أي ، فزالت الأرواح المجردة التي هي من مدبرات الأبدان والحياة الفائضة عليها منها ، وبقيت الحياة التي للأبدان بحسب روحانية كل من العناصر الأربعة .
وهذا إشارة إلى أن لكل شئ ، جمادا كان أو حيوانا ، حياة وعلما ونطقا وإرادة ، وغيرها مما يلزم الذات الإلهية ، لأنها هي الظاهرة بصور الجماد والحيوان .
لكن لما كان ظهورها في الحس مشروطا بوجود مزاج معتدل إنساني ، ظهر فيه ولم يظهر في غيره ، ومن عدم ظهور الشئ في الشئ ، لا يلزم أن لا يكون ذلك الشئ فيه هذا بالنسبة إلى أهل عالم الملك .
أما بالنسبة إلى أهل الملكوت ومن يدخل فيها من الكمل ، فليس مشروطا بذلك وإنما جعل الهياكل نسبا خاصة ، لأن العالم من حيث إنه عالم ليست إلا عين النسب ، فإن كلا من أهله ذات مع نسبة معينة : والذات من حيث هي هي عين الحق ، والنسب عين العالم .
أو المراد ب‍ ( النسب ) هاهنا ، الحياة والعلم والإرادة والقدرة ، لأنها تزول مع زوال الروح المجردة منها . وهذا هو الأظهر . وإن كان الأول إلى التحقيق أقرب .
ومعناه : أي ، زالت هذه النسب الحقانية ، أي الروحانية ، وبقيت النسب الجسمانية .
( التي ينطق بها الجلود والأيدي والأرجل ) كما نطق به القرآن المجيد .
( وعذبات الأسواط والأفخاذ) كما جاء في الحديث النبوي .( وقد ورد النص الإلهي بهذا كله) 
وإنما يتمسك بما ورد ، تأنيسا للمحجوبين من المؤمنين ، لأنهم يسارعون في القبول إذا وجد شئ منها في القرآن والحديث ، لا أنه مستند حكمه . فإنه يكاشف هذه المعاني ويجدها كما هي .
قال رضي الله عنه : ( إلا أنه تعالى وصف نفسه بالغيرة . ومن غيرته " حرم الفواحش " ) ( إلا ) بمعنى ( غير ) . أي ، للأيدي والأرجل والجلود ، حياة ونطق غير أن الحق غيور ولا يريد أن يطلع المحجوبين على أسراره ، فلذلك ستر حياتهم ونطقهم من غير أهل الله ، وكشف على من جعله من لمحبوبين من الأنبياء والأولياء والصالحين اعتناء لحالهم .
وإخبارهم عنها بأمر الحق ، ليميز المطيع المؤمن من المنكر الكافر .
ولما وصف الحق بالغيرة جاء بقول النبي صلى الله عليه وسلم : " ومن غيرته حرم الفواحش " . كما جاء : " ألا ، وأن لكل ملك حمى ، وحمى الله محارمه " .
ولما كان ( الفحش ) عبارة عن ( الظهور ) لغة قال : ( وليس الفحش إلا ما ظهر ، وأما فحش ما بطن ، فهو لمن ظهر له ) .
أي ، ليس الفاحش إلا ما ظهر في العين الحسى وما بطن فهو بالنسبة إلى من ظهر عنده فاحش.
فاستعمل ( الفحش ) وأراد ( الفاحش ) كما يقال : رجل(عدل) . أي ، عادل 


خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( و في هذه الريح عذاب أي أمر يستعذبونه إذا ذاقوه، إلا أنه يوجعهم لفرقة المألوف. فباشرهم العذاب فكان الأمر إليهم أقرب مما تخيلوه فدمرت كل شيء بأمر ربها، فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم» وهي جثتهم التي عمرتها أرواحهم الحقية.
فزالت حقية هذه النسبة الخاصة وبقيت على هياكلهم الحياة الخاصة بهم من الحق التي تنطق بها الجلود والأيدي والأرجل وعذبات الأسواط والأفخاذ.
وقد ورد النص الإلهي بهذا كله، إلا أنه تعالى وصف نفسه بالغيرة، ومن غيرته «حرم الفواحش» وليس الفحش إلا ما ظهر.
وأما فحش ما بطن فهو لمن ظهر له.  )
قال رضي الله عنه : ( وفي هذه الريح عذاب أي أمر يستعذبونه إذا ذاقوه، إلا أنه يوجعهم لفرقة المألوف. فباشرهم العذاب فكان الأمر إليهم أقرب مما تخيلوه فدمرت كل شيء بأمر ربها، فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم» وهي جثتهم التي عمرتها أرواحهم الحقية. فزالت حقية هذه النسبة الخاصة وبقيت على هياكلهم الحياة الخاصة بهم من الحق التي تنطق بها الجلود والأيدي والأرجل وعذبات الأسواط والأفخاذ.  وقد ورد النص الإلهي بهذا كله (
وإليه الإشارة بقوله: (ألا ترى عادا قوم هود) احترز به عن عاد أرم ذات العماد كيف قالوا: "فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم" [الأحقاف: 24] .
أي: سحابا متوجها إلى أوديتهم، قالو هذا عارض ممطرنا (فظنوا خيرا بالله) أنه يمطرهم.
وينبت لهم زروعهم، ويسقي بساتينهم، فيحصل لهم بذلك غذاؤهم (وهو عند ظن عبده به) كما ورد في الحديث القدسي: «أنا عند ظن عبدي بي» ؛ فعمل معهم من لطف التقريب من الحضرة الجلالية من غير إظهاره لهم، إذ كان في صورة العذاب أجل مما توقعوه منه بعد مدة.
قال رضي الله عنه : (فأضرب لهم الحق عن هذا القول) بقوله: "بل هو ما استعجلتم به" [الأحقاف: 24] (فأخبرهم) بطريق الإشارة من قوله: "ما استعجلتم به" (بما هو أتم وأعلى في القرب)، أما كونه أتم فلما فيه من رفع الحجب الجسمانية المظهرة لقرب الحق من كل أحد بأنه أقرب من حبل الوريد، وأما كونه أعلى فلكونه من قبيل التجليات ولو جلالية موحية للعمى بعد کشف الغطاء، وما توقعوه موجب لإرخاء الحجب وزيادتها، وما فيه من التجليات المطلوبة لا يحصل إلا بعد مدة مديدة.
قال رضي الله عنه : (فإنه إذا أمطرهم فذلك حظ الأرض وسقي الحبة) أولا ثم يحصل بعد مدة مديدة من ذلك الرفع، (فما يصلون إلى نتيجة ذلك المطر إلا عن بعد) فضلا عما تنتجه تلك النتيجة من قرب الحق بوجه ما من الجمال في الظاهر مع أنه عني الهلال في الباطن .
(فقال لهم : بل هو ما استعجلتم به)، وهو وإن كان عذابا في الظاهر إلا أن أعيانهم إنما طلبوا بذلك أن يتقربوا من حضرة الحق ولو من حيث الجلال ريح فيها عذاب أليم، فجعل ظاهره ريا معذبة.
وأشار إلى ما فيه من لطف التقريب من حضرته الجلالية بما يفهم من الريح والعذاب بطريق الاشتقاق البعيد، ولكنه أشار لأهل الأسرار لا للأشرار من طغاة الكفار.
قال رضي الله عنه : (فجعل الريح)، وإن كانت مدمرة لكل شيء بأمر ربها (إشارة) باعتبار ما تضمنت من لطن التقريب من الحضرة الجلالية (إلى ما فيها من الراحة لهم) عن الحجب الظلمانية، وإن رجعت عليهم حجب الأعمال والاعتقادات الفاسدة، (فإن بهذه الريح أراحهم من هذه الهياكل المظلمة) المانعة عن رؤية الحق من كل وجه.
قال رضي الله عنه : (والمسالك الوعرة) التي بها يتعوقون عن الوصول إلى مطالب أصلية لأعيانهم من التقريب إلى الحق بأي وجه كان.
(والسدف) أي: الحجب (المدلهمة) أي: المسودة للقلوب والأرواح بحيث لو سد عنهم العذاب لازدادوا ظلمة، فكان العذاب أزيد عليهم بما يكون على الحالة التي (جاءهم العذاب) فيها وهذا عين اللطف.
قال رضي الله عنه : (وفي هذه الريح عذاب) في الظاهر وهو لطف في الباطن، يشير إليه اشتقاقه البعيد من العذاب، (أي: أمر يستعذبونه إذا ذاقوه) بأسرارهم لو كانوا من أهل الأسرار، لكنهم محجوبون فإن فرض أنهم ذاقوه فهو أيضا عذاب في حقهم، كما أشار إليه بقوله.
قال رضي الله عنه : (إلا أنه يوجعهم لفرقة المألوفات) أي : المشتهيات، إذ حيل بينهم وما يشتهون، ولا يذوقه حق الذوق إلا من فارق المألوفات في الدنيا، وبالجملة لما كان قريبا من التجلي الجلالي، وإن خفي عليهم أبدا، فكان الأمر أقرب إليهم في الوصول إلى مطالب أعيانهم الثابتة مما يخيلوه من لطف الفناء لهم.
ولما كان الوصول إلى الحق سواء كان من حيث تجلي الحلال أو الجمال لا يصير إلا بتدمير ما سواه في الريح يقتضيه من جهة كونها لطفا كما يقتضيه من جهة كونها عذابا،("تدمر كل شيء بأمر ربها") [الأحقاف:25]
 بقطع علامة البعض عن البعض لئلا يحجبه عن الحق، ("فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم") أي: أبدانهم التي كانت مساكن أرواحهم ساكنة بلا روح.
وذلك لأنها حية (جثثهم التي عمرتها أرواحهم الحقية) أي: الفائضة من الحق بلا واسطة مادة عمرتها بانتسابها إليها، وفيضان الحياة عليها، فادعت الحقية لأنفسها، وحجبت عن الحق (فزالت) بهذا التدمير (حقية هذه النسب الخاصة) ليرتفع حاجبها عن الحق.
وإن كان قد (بعثت على هياكلهم الخاصة بهم) لا بواسطة انتساب أرواحهم إلى أبدانهم، وهي الحياة الفائضة على كل موجود (من الحق) وهي (التي تنطق بها الجلود والأيدي والأرجل وعذابات الأسواط والأفخاذ وقد ورد النص الإلهي بهذا كله).
كما قال تعالى: "وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء" [فصلت: 21]، وقال: "وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم" [يس: 65].
وقال صلى الله عليه وسلم : "لا تقوم الساعة حتى يكلم الرجل فخذه بما عمل أهله بعده، وحتى تکلمه عذبة سوطه".رواه الحاكم في المستدرك وابن أبي شيبة في المصنف.
أو قال: ما يقرب من هذا، فجعل ذلك بمنزلة النص الإلهي؛ لأنه "وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى" [النجم: 3، 4].
قال رضي الله عنه : ( إلا أنه تعالى وصف نفسه بالغيرة، ومن غيرته «حرم الفواحش» وليس الفحش إلا ما ظهر.  وأما فحش ما بطن فهو لمن ظهر له.)
ثم أشار إلى أن هذا العذاب، وإن كان لطفا في الباطن في نظر أهل الأسرار والكشف، إلا أنه لم يظهره تعالى على المعذبين.
فقال: (إلا أنه تعالی) استثناء من قوله: فأخبرهم بما هو أتم وأعلى في القرب .
أي: أنه تعالى وإن أخبرهم بطريق الإشارة فلم يفهمهم تلك الإشارة، ولم يظهر لهم ذلك اللطف من غيرته عليهم، حيث آثروا محبة الغير عليه السلام.
وذلك لأنه تعالى (وصف نفسه) على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم  (بالغيرة) إذ قال صلى الله عليه وسلم : «إن الله يغار، ومن غيرته حرم الفواحش»رواه البيهقي و ابن أبي شيبة في المصنف.
لأنها شغل بالغير بالكلية بحيث يحتجب ذلك العبد عن الحق بالكلية، فيحجبه الحق عن لطفه الكائن في تجليه الجلالي.
ثم استشعر سؤالا :
بأنه كيف يتصور الفواحش في نفس الأمر مع أن الكل من تجليات الحق؟
وكيف يتصور المنع من التجليات؟
وكيف يمنع المحب من طلب تجلي المحبوب؟
فأجاب بقوله رضي الله عنه: (وليس الفحش إلا ما ظهر) أي: لا فحش في نفس التجلي، وإنما هو فيما ظهر بالتجلي من الصورة المعوجة بحسب اعوجاج الصورة الحاصل منها تسوية المرآة، والمحبوب لا يمنع من تجلي المحب، بل ينتقل من تجلي إلى تجلي آخر.
ثم استشعر سؤالا بأن هذا ينفي الفحش في الباطن، وقد قال تعالى: "قل إنما حرم ربى الفواحش ما ظهر منها وما بطن " [الأعراف: 33].
فأجاب بقوله رضي الله عنه: (وأما فحش ما بطن فهو لمن يظهر) بالألطاف المخفية في الفواحش الظاهرة بأن يقول الواقف عليها القاصري الأفهام: الكل من تجليات الحق أو عين الحق أو لطف الحق كامن فيها.
فيوهم جواز دعوى الربوبية لهم أو إباحة الكل من غير تفرقة بين الفواحش الظاهرة وغيرها، فتحريم تلك الفواحش الظاهرة يستلزم إظهار ذلك للقاصرين.
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( و في هذه الريح عذاب أي أمر يستعذبونه إذا ذاقوه، إلا أنه يوجعهم لفرقة المألوف. فباشرهم العذاب فكان الأمر إليهم أقرب مما تخيلوه فدمرت كل شيء بأمر ربها، فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم» وهي جثتهم التي عمرتها أرواحهم الحقية.
فزالت حقية هذه النسبة الخاصة وبقيت على هياكلهم الحياة الخاصة بهم من الحق التي تنطق بها الجلود والأيدي والأرجل وعذبات الأسواط والأفخاذ.
وقد ورد النص الإلهي بهذا كله، إلا أنه تعالى وصف نفسه بالغيرة، ومن غيرته «حرم الفواحش» وليس الفحش إلا ما ظهر.
وأما فحش ما بطن فهو لمن ظهر له.  )
قال رضي الله عنه : ( وفي هذه الريح ) المريحة لهم عن لوازم التعيّن ومقتضياته ( عذاب أي أمر يستعذبونه إذا ذاقوه ) كما قيل :
أنا صبّ ، ودمع عينيّ صبّ   .... عذّبوا ، فالعذاب في الحبّ عذب
قال رضي الله عنه : ( إلَّا أنّه يوجعهم لفرقة المألوف ) وهي مؤلمة من حيث أنّه تفرّق اتّصال ، فهو "عَذابٌ أَلِيمٌ " ، ( فباشرهم العذاب ، فكان الأمر إليهم أقرب مما تخيّلوه ) من الإمطار والإفاضة وما يترتّب على ذلك مما يؤول إلى ما ينفعهم .
( فدمّرت " كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّها " ) من العلائق العائقة عن بلوغهم إلى الكمال .
قال رضي الله عنه : ( " فَأَصْبَحُوا لا يُرى إِلَّا مَساكِنُهُمْ " [ 46 / 25 ] وهي جثثهم ) الأصليّة الوجوديّة الجوهريّة   دون الجعليّة الكونيّة الوهميّة ، وهي ( التي عمّرتها أرواحهم الحقّية ) الوجوديّة بمجرّد انتسابها إليها .
قال رضي الله عنه : ( فزالت حقّية هذه النسبة الخاصّة ) وهي نسبة روح الوجود إلى هذه التفرقة الكونيّة التشخّصية ، التي بها عمرت جثثهم بنسبة الأرواح .
قال رضي الله عنه : ( وبقيت على هياكلهم ، الحياة الخاصّة بهم ) وهي الحياة العامّة الجوهريّة الوجوديّة التي بها حيّت الجمادات الواصلة إليها ، دون المشخّصة الكونيّة العرضيّة ، وتلك الحياة الوجوديّة هي التي قال : إنّها (من الحقّ التي تنطق بها الجلود والأيدي والأرجل ، وعذبات الأسواط والأفخاذ)
واستشعار الوجه الشهادي من هذا لا يخفى على من له ذوق المقامات الحسّية ،
كما قال ابن الفارض في تائيته :
فلو كوشف العوّاد بي وتحقّقوا   ..... من اللوح ما منّي الصبابة أبقت
لما شاهدت منّي بصائرهم سوى .....  تخلَّل روح بين أثواب ميّت
وأيضا قال ابن الفارض في لاميّته :
وعنوان ما فيها لقيت وما به    ..... شقيت وفي قولي اختصرت ولم أغل
خفيت ضني حتّى لقد ضلّ عائدي  ..... وكيف يرى العوّاد من لا له ظلّ
وما عثرت عين على أثري ولم  ...... تدع لي رسما في الهوى الأعين النجل
( وقد ورد النصّ الإلهي بهذا كلَّه ) بعضه في الآيات المنزلة القرآنيّة ، وبعضه في الأحاديث النبويّة الصحيحة .
" وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ"  [الأنعام : 151]" و " قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ"  [الأعراف :33 ]"
ثمّ إنّ اختلاف مدارك القوم من النصّ الذي لا يحتمل غيره ، وعدم فهمهم المقصود منه لا بدّ له من سبب ، كشف عن ذلك السبب بقوله : ( إلَّا أنّه تعالى وصف نفسه بالغيرة ، ومن غيرته حرّم الفواحش ، وليس الفحش إلَّا ما ظهر ) فإنّ الفحش هو السوء إذا جاوز الحدّ في الإفشاء .
( وأمّا فحش ما بطن فهو لمن ظهر له ) ذلك السرّ المتبطَّن .


شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( و في هذه الريح عذاب أي أمر يستعذبونه إذا ذاقوه، إلا أنه يوجعهم لفرقة المألوف. فباشرهم العذاب فكان الأمر إليهم أقرب مما تخيلوه فدمرت كل شيء بأمر ربها، فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم» وهي جثتهم التي عمرتها أرواحهم الحقية.
فزالت حقية هذه النسبة الخاصة وبقيت على هياكلهم الحياة الخاصة بهم من الحق التي تنطق بها الجلود والأيدي والأرجل وعذبات الأسواط والأفخاذ.
وقد ورد النص الإلهي بهذا كله، إلا أنه تعالى وصف نفسه بالغيرة، ومن غيرته «حرم الفواحش» وليس الفحش إلا ما ظهر.
وأما فحش ما بطن فهو لمن ظهر له.  )
قال رضي الله عنه : (  و في هذه الريح عذاب أي أمر يستعذبونه إذا ذاقوه، إلا أنه يوجعهم لفرقة المألوف . فباشرهم العذاب فكان الأمر إليهم أقرب مما تخيلوه فدمرت كل شيء بأمر ربها، فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم» وهي )
قال رضي الله عنه :  (وفي هذه الريح عذاب، أي أمر يستعذبونه) بحسب روحانيتهم (إذا ذاقوه إلا أنه يوجعهم في الحس الفرقة المألوفات فباشرهم العذاب) وأهلكهم .
قال رضي الله عنه :  (فکان) في هذه الريح (الأمر)، أي الخير الذي توقعوه إليهم (أقرب مما تخیلوه)، أي الخير الذي تخيلوه في العارض الممطر .
قال رضي الله عنه :  (فدمرت)، أي أهلكت الريح ("كل شيء بأمر ربها") الذي هو بعض من الأسماء الجلالية كالقهار والمنتقم وأمثال ذلك ( "فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم " وهي)،
قال رضي الله عنه : ( جثتهم التي عمرتها أرواحهم الحقية. فزالت حقية هذه النسبة الخاصة وبقيت على هياكلهم الحياة الخاصة بهم من الحق التي تنطق بها الجلود والأيدي والأرجل وعذبات الأسواط والأفخاذ. وقد ورد النص الإلهي بهذا كله، إلا أنه تعالى وصف نفسه بالغيرة، ومن غيرته «حرم الفواحش» )
أي مساكنهم (جثثهم التي عمرتها أرواحهم الحقية) التي بواسطتها يرث الحق سبحانه أبدانهم.
أو التي هي مظاهر الاسم الحق الذي له الثبات والدوام فإن الأرواح لا يتطرق إليها فساد وهلاك بخلاف الأبدان وعمارة الأرواح الأبدان كتعمير الملائكة السماوات كما هو مذكور في الحديث وتعمير الصالحين المساجد وتعمير المنهجدين الليل .
وما قيل في قوله : عمرتها أرواحهم إشارة إلى أن الأرواح هي التي تعمر الأبدان وتكونها أولا في رحم الأم ثم تدبرها في الخارج، فهي موجودة قبل وجود الأبدان لا تصح إلا في الأرواح الكلية التي هي للكمل.
وأما الأرواح الجزئية التي لسائر الناس فلا يوجد إلا بعد حصول المزاج وتسوية البدن كما ذهب إليه الحكماء في الأرواح كلها، صرح بذلك الشيخ صدر الدین القونوي قدس الله سره في بعض رسائله (فزالت حقيقة هذه النسبة الخاصة)، أي ربوبيتها فيكون المراد بالنسب الخاصة أرواحهم التي خص كل واحد منها بدن آخر والتعبير عنها بالنسب.
إما بناء على أنها حاصلة من نسبة الروح الكلي إلى الأبدان أو على أن لها نسبة التدبير والتصرف إلى أبدانهم، فعبر عنها بالنسبة توسعة وتجوزوا.
ويمكن أن يراد بالنسبة : تعلقاتها بالأبدان في التدبير والتصرف، وبحقيتها : ثبوتها وبقاؤها قال رضي الله عنه :  (فبقيت على هياكلهم) بعد زوال الحياة (الحياة الخاصة بهم، أي بهياكلهم الناشئة (من) تجني (الحق سبحانه عليهم بالاسم الحي الساري في الكل فإن لأبدان الحيوانات نوعين من الحياة.
أحدهما : الحياة الحاصلة لها بواسطة تعلق الأرواح بها،
وثانيهما : الحياة اللازمة لها لسريان الوجود الحق لجميع صفاته كالحياة والعلم، وغيرهما في كل موجود .
فإذا انقطعت علاقة الأزواج من الأبدان زالت الحياة الأولى وبقيت الثانية الخاصة بها، أي الحاصلة لها من غیر توسط أمر مغاير لها.
وهذه الحياة الخاصة في (التي تنطق بها الجلود والأيدي والأرجل)، كما وقع في الكلام الإلهي قال رضي الله عنه :  (وعذبات الأسواط والأفخاذ) كما ورد في الحديث النبوي.
قال رضي الله عنه :  (وقد ورد النص الإلهي) إما من مقام الجمع الإلهي، أو الفرق النبوي كما ذكرنا بهذا الذي ذكرناه (كله إلا أنه مالی وصف نفسه) على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم  (بالغيرة) حيث قال صلى الله عليه وسلم : "إن سعدا لغيور وأنا أغير من سعد والله أغير منا" (ومن غيرته حرم الفواحش) ما ظهر منها وما بطن .
قال رضي الله عنه : ( وليس الفحش إلا ما ظهر. له)
قال رضي الله عنه :  (وليس الفحش)، أي الفاحش (إلا ما ظهر)، أي ليس فحش الفاحش وشناعته إلا باعتبار ظهوره.
ولما كان هذا الحكم بحسب الظاهر منافيا لما وقع في الكلام الإلهي حيث قال : حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن .
دفعه بقوله : (وأما فحش ما بطن فهو لمن ظهر) ذلك الفحش الباطن (له) فثبوت الفحش له باعتبار ظهوره لا باعتبار بطونه فليس الفحش إلا لما ظهر .



واتساب

No comments:

Post a Comment