Wednesday, January 1, 2020

السفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية الفقرة الثالثة عشر .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية الفقرة الثالثة عشر .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية الفقرة الثالثة عشر .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

17 - The Wisdom of Being in the Word of David

 الفقرة الثالثة عشر :
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ومن هنا نعلم أن كل حكم ينفذ اليوم في العالم أنه حكم الله عز وجل، وإن خالف الحكم المقرر في الظاهر المسمى شرعا إذ لا ينفذ حكم إلا لله في نفس الأمر، لأن الأمر الواقع في العالم إنما هو على حكم المشيئة الإلهية لا علم حكم الشرع المقرر، وإن كان تقريره من المشيئة.
ولذلك نفذ تقريره خاصة فإن المشيئة ليست لها فيه إلا التقرير لا العمل بما جاء به.
فالمشيئة سلطانها عظيم، ولهذا جعلها أبو طالب عرش الذات، لأنها لذاتها تقتضي الحكم.
فلا يقع في الوجود شيء ولا يرتفع خارجا عن المشيئة، فإن الأمر الإلهي إذا خولف هنا بالمسمى معصية، فليس إلا الأمر بالواسطة لا الأمر التكويني.   )
قال رضي الله عنه :  ( ومن ههنا نعلم أنّ كلّ حكم ينفذ اليوم في العالم أنّه حكم اللّه عزّ وجلّ ، وإن خالف الحكم المقرّر في الظّاهر المسمّى شرعا إذ لا ينفذ حكم إلّا للّه في نفس الأمر ، لأنّ الأمر الواقع في العالم إنّما هو على حكم المشيئة الإلهيّة لا على حكم الشّرع المقرّر . وإن كان تقريره من المشيئة . ولذلك نفذ تقريره خاصّة .  وأنّ المشيئة ليس لها فيه إلّا التّقرير ، لا العمل بما جاء به .  فالمشيئة سلطانها عظيم ، ولهذا جعلها أبو طالب عرش الذّات .  لأنّها لذاتها تقتضي الحكم . فلا يقع في الوجود شيء ولا يرتفع خارجا عن المشيئة فإنّ الأمر الإلهيّ إذا خولف هنا بالمسمّى معصية فليس إلّا الأمر بالواسطة لا الأمر التّكوينيّ.)

قال رضي الله عنه :  (ومن هنا) ، أي من هذا الدليل الوارد في كلام اللّه تعالى على توحيده نعلم أن كل حكم من حاكم مطلق (ينفذ اليوم في العالم) المحسوس والمعقول والظاهر والباطن على طبق إرادة المخلوق أو على المكره منه .
(أنه) ، أي ذلك الحكم النافذ (حكم اللّه) تعالى من غير شك أصلا (وإن خالف الحكم) الإلهي (المقرر في الظاهر) عند المؤمنين (المسمى شرعا) محمديا (إذ لا ينفذ حكم) أصلا (إلا للّه تعالى) خالق كل شيء في نفس الأمر ، وإن كان ذلك الحكم منسوبا في الظاهر إلى المخلوق ، لأنه مظهر الحاكم الحق (لأن الأمر الواقع في العالم) سواء كان خيرا أو شرا إنما هو واقع (على) مقتضى (حكم المشيئة الإلهية) والإرادة الربانية (لا على) مقتضى (حكم الشرع) المحمدي (المقرر) عند المؤمنين (وإن كان تقريره) ، أي ذلك الشرع (من) حكم (المشيئة) الإلهية أيضا ؛

قال رضي الله عنه :  (ولذلك) ، أي لكونه من حكم المشيئة الإلهية (نفذ تقريره) بين المؤمنين به خاصة دون نفوذ مقتضاه في الكل (فإن المشيئة) الإلهية (ليس لها فيه) ، أي في الشرع المقرر إلا التقرير ، أي الإثبات والتبيين للمكلفين بالأنبياء والمرسلين عليهم السلام لا لها العمل بما جاء ذلك الشرع (به ، فالمشيئة) الإلهية (سلطانها عظيم) لنفوذها في كل شيء إيجادا وإمدادا (ولهذا) ، أي لعظم سلطانها (جعلها أبو طالب) المكي صاحب « قوت القلوب » عرش الذات الإلهية ،
أي مستولى الذات الإلهية ، فلا تظهر الأسماء الإلهية بآثارها في الملك والملكوت إلا بحسب مقتضاها في الخير والشر لأنها ، أي المشيئة الإلهية لذاتها ، أي لكونها مشيئة تقتضي الحكم ، أي ترجيح أحد طرفي الممكن الإيجاد والإعدام .

قال رضي الله عنه :  (فلا يقع في الوجود شيء ولا يرتفع) من الوجود شيء خارجا عن المشيئة الإلهية أصلا (فإن الأمر الإلهي إذا خولف) ، أي خالفه مخالف من المكلفين به هنا ، أي في الشرع المقرر (بالمسمى معصية) من أفعال المكلفين (فليس) الذي خولف (إلا الأمر) الإلهي (بالواسطة) وهي الملائكة والأنبياء عليهم السلام والعلماء الناقلون ذلك عنهم (لا الأمر التكويني) ، أي الذي به تتكون الأشياء من عدمها ، وهو أمر المشيئة والإرادة كما قال تعالى :إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ( 40 ) [ النحل : 40 ].
  
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ومن هنا نعلم أن كل حكم ينفذ اليوم في العالم أنه حكم الله عز وجل، وإن خالف الحكم المقرر في الظاهر المسمى شرعا إذ لا ينفذ حكم إلا لله في نفس الأمر، لأن الأمر الواقع في العالم إنما هو على حكم المشيئة الإلهية لا علم حكم الشرع المقرر، وإن كان تقريره من المشيئة.
ولذلك نفذ تقريره خاصة فإن المشيئة ليست لها فيه إلا التقرير لا العمل بما جاء به.
فالمشيئة سلطانها عظيم، ولهذا جعلها أبو طالب عرش الذات، لأنها لذاتها تقتضي الحكم.
فلا يقع في الوجود شيء ولا يرتفع خارجا عن المشيئة، فإن الأمر الإلهي إذا خولف هنا بالمسمى معصية، فليس إلا الأمر بالواسطة لا الأمر التكويني.   )
 
قال رضي الله عنه :  ( ومن هاهنا نعلم أن كل حكم ينفذ اليوم في العالم فإنه حكم اللّه وإن ) مبالغة ( خالف ) ذلك الحكم النافذ ( الحكم المقرر في الظاهر المسمى شرعا إذ لا ينفذ حكم إلا للَّه في نفس الأمر ) وإن كان ينفذ في الظاهر من مظهر خاص ( لأن الأمر الواقع ) الأمر يعم جميع الأفعال والأقوال .
( في العالم إنما هو على حكم المشية الإلهية لا على حكم الشرع المقرر وإن كان تقريره ) إن مبالغة أي وإن كان تقرير الشرع المقرر .

قال رضي الله عنه :  ( من المشية ولذلك ) أي ولكون تقرير الشرع من المشية ( نفذ تقريره خاصة ) عند عدم العمل به ( وإن ) بالفتح عطف على نفذ ( المشية ليست لها فيه ) أي في الشرع الذي نفذ تقريره خاصة ( إلا التقرير لا العمل بما جاء به )  فالمشية إذا تعلقت تقرير الحكم المشروع خاصة نفذ تقرير ذلك الحكم لا العمل به وإذا تعلقت تقريره مع العمل به نفذ تقرير ذلك الحكم والعمل به .
فالتكاليف نفذ تقريرها وأما العمل بها فقد ينفذ لتعلق المشية به وقد لا ينفذ لعدم تعلقها به فإذن لم يقع الأمر إلا بحسب المشية .

فإذا كان الأمر كذلك ( فالمشية سلطانها ) أي قوتها وقدرتها ( عظيم ولهذا ) أي ولأجل عظمة سلطان المشية ( جعلها أبو طالب ) وهو من كبار الأولياء ( عرش الذات ) أي يظهر حكم اللّه بها.

قوله رضي الله عنه  ( لأنها ) علة لقولها سلطانها عظيم ويجوز أن يكون علة لقوله عرش الذات أي لأن المشية ( لذاتها تقتضي الحكم فلا يقع في الوجود شيء ولا يرتفع عنه ) قوله ( خارجا ) قيد بالوقوع والارتفاع ( عن المشية ).
 وعلل عدم خروج شيء عن المشية وجودا وارتفاعا بقوله ( فإن الأمر الإلهي إذا خولف هنا ) أي في مقام الشرع ( بالمسمى ) أي بالذي يسمى ( معصية).

قال رضي الله عنه :  ( فليس ) ذلك الأمر الإلهي الذي خولف ( إلا الأمر بالواسطة ) أي بواسطة الأنبياء كالصلاة إذا لم يفعل المكلف فإنه خالف الأمر الواسطي ( لا الأمر التكويني ) وهو قوله تعالى :إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ[ يس : 82 ] ، .
ولو أراد اللّه بالأمر التكويني عن ذلك العبد فعل الصلاة لفعل

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ومن هنا نعلم أن كل حكم ينفذ اليوم في العالم أنه حكم الله عز وجل، وإن خالف الحكم المقرر في الظاهر المسمى شرعا إذ لا ينفذ حكم إلا لله في نفس الأمر، لأن الأمر الواقع في العالم إنما هو على حكم المشيئة الإلهية لا علم حكم الشرع المقرر، وإن كان تقريره من المشيئة.
ولذلك نفذ تقريره خاصة فإن المشيئة ليست لها فيه إلا التقرير لا العمل بما جاء به.
فالمشيئة سلطانها عظيم، ولهذا جعلها أبو طالب عرش الذات، لأنها لذاتها تقتضي الحكم.
فلا يقع في الوجود شيء ولا يرتفع خارجا عن المشيئة، فإن الأمر الإلهي إذا خولف هنا بالمسمى معصية، فليس إلا الأمر بالواسطة لا الأمر التكويني.   )
 
قال رضي الله عنه :  ( ومن هنا نعلم أن كل حكم ينفذ اليوم في العالم أنه حكم الله عز وجل، وإن خالف الحكم المقرر في الظاهر المسمى شرعا إذ لا ينفذ حكم إلا لله في نفس الأمر، لأن الأمر الواقع في العالم إنما هو على حكم المشيئة الإلهية لا علم حكم الشرع المقرر، وإن كان تقريره من المشيئة. ولذلك نفذ تقريره خاصة فإن المشيئة ليست لها فيه إلا التقرير لا العمل بما جاء به.
فالمشيئة سلطانها عظيم، ولهذا جعلها أبو طالب "المكي"عرش الذات، لأنها لذاتها تقتضي الحكم. فلا يقع في الوجود شيء ولا يرتفع خارجا عن المشيئة، فإن الأمر الإلهي إذا خولف هنا بالمسمى معصية، فليس إلا الأمر بالواسطة لا الأمر التكويني. ) معناه ظاهر

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ومن هنا نعلم أن كل حكم ينفذ اليوم في العالم أنه حكم الله عز وجل، وإن خالف الحكم المقرر في الظاهر المسمى شرعا إذ لا ينفذ حكم إلا لله في نفس الأمر، لأن الأمر الواقع في العالم إنما هو على حكم المشيئة الإلهية لا علم حكم الشرع المقرر، وإن كان تقريره من المشيئة.
ولذلك نفذ تقريره خاصة فإن المشيئة ليست لها فيه إلا التقرير لا العمل بما جاء به.
فالمشيئة سلطانها عظيم، ولهذا جعلها أبو طالب عرش الذات، لأنها لذاتها تقتضي الحكم.
فلا يقع في الوجود شيء ولا يرتفع خارجا عن المشيئة، فإن الأمر الإلهي إذا خولف هنا بالمسمى معصية، فليس إلا الأمر بالواسطة لا الأمر التكويني.   )
 
قال رضي الله عنه :  (ومن هاهنا يعلم أنّ كل حكم ينفذ اليوم في العالم أنّه حكم الله ، وإن خالف الحكم المقرّر في الظاهر المسمّى شرعا ، إذ لا ينفذ حكم إلَّا لله في نفس الأمر ، لأنّ الأمر الواقع في العالم ، إنّما هو على حكم المشيّة الإلهية ، لا على حكم الشرع المقرّر وإن كان تقريره من المشيّة ، ولذلك نفذ تقريره خاصّة ، فإنّ المشيّة ليس لها إلَّا التقرير لا العمل بما جاء به ) .

يعني رضي الله عنه أنّ حكم الخليفة فيما خالف الحكم المقرّر في الشرع إذا نفذ ، علمنا أنّ نفوذه ليس إلَّا بإرادة الله ومشيّته ، إذ لا نفوذ إلَّا لما أراد الله ، لا ما تقرّر ممّا لا نفوذ له ، فليس في ذلك مشيّة التقرير النافذ ، ولا العمل غير النافذ ، فإنّ المشيّة ليس لها إلَّا التقرير التخصيصي لا العمل إلَّا ما تعلَّق به الإرادة من العمل ، فافهم .

والذي ذكر فيما قبل فإنّه يشير رضي الله عنه إلى أنّ الحكم بقتل آخر الخليفتين من أصل تقرّر في وحدة الله تعالى من قوله : ( لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا الله لَفَسَدَتا )   .
وبيان ذلك على نحو ما قرّره الشيخ رضي الله عنه هو أنّه لو كان إلهان في العالم ، فإمّا أن يكونا إلهين بالذات أو بما خرج عن ذاتيهما ، لا جائز أن تكون إلهيّتهما بما خرج عنهما لا بالذات ، فإنّ غير الكامل بالذات في إلهيّته لا يكون إلها .

وإن كانا بالذات ، فلا يخلو في الإيجاد والإعدام من أن يتّفقا أو يتخالفا ، فإن تخالفا ، فلا يقع إيجاد ولا إعدام ، لتساوي تعادي أحد المقتضيين الآخر في أحد النقيضين ، لاقتضاء حكم أحدهما الإيجاد - مثلا - واقتضاء حكم الآخر بنقضه ونقيضه .
وإن اتّفقا فإمّا أن ينفذ حكم أحدهما في الآخر أو لم ينفذ ، فإن لم ينفذ فلا إلهية وإن نفذ فالنافذ الحكم هو الله وحده لا غير .
قال رضي الله عنه : « فالمشيّة سلطانها عظيم ، ولهذا جعلها أبو طالب عرش الذات » .
يعني ذات الألوهية لا ذات الذات المطلقة ، تباركت وتعالت .

قال رضي الله عنه : ( لأنّها تقتضي لذاتها الحكم » يعني المشيّة « فلا يقع في الوجود شيء ولا يرتفع خارجا عن المشيّة ، فإنّ الأمر الإلهي إذا خولف هنا بالمسمّى معصية ، فليس إلَّا الأمر الواسطة لا الأمر التكوينيّ ).
يشير رضي الله عنه : إلى أنّ حقيقة المشيّة تقتضي الحكم لذاتها ، لأنّ المشيّة اقتضاء ، والاقتضاء حكم بتخصيص ما عيّنه العلم لأمر بالإيجاد ، فيقع ما تعلَّقت المشيّة بوقوعه أو بإعدامه ، فيكون كذلك ،
وذلك بحسب تعيّن العلم وحكمه على مقتضى ما تعيّن المعلوم في العلم وبموجبه ، وقد علمت فيما سلف أنّ الأمر الإلهي الذي لا رادّ له وحكم الله الذي لا معقّب لحكمه ، وهو ما اقترنت به الإرادة والمشيّة ، فيقع ضرورة ، لوقوع تعلَّق المشيّة بوقوعه .
وإن لم تقترن المشيّة بوقوع العمل واقترنت بوقوع الأمر ، لم يقع العمل ووقع الأمر ، لاقتران المشيّة بوقوع الأمر من الآمر به وعدم اقترانها بوقوع مقتضى الأمر والعمل من هذا العامل المعيّن .

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ومن هنا نعلم أن كل حكم ينفذ اليوم في العالم أنه حكم الله عز وجل، وإن خالف الحكم المقرر في الظاهر المسمى شرعا إذ لا ينفذ حكم إلا لله في نفس الأمر، لأن الأمر الواقع في العالم إنما هو على حكم المشيئة الإلهية لا علم حكم الشرع المقرر، وإن كان تقريره من المشيئة.
ولذلك نفذ تقريره خاصة فإن المشيئة ليست لها فيه إلا التقرير لا العمل بما جاء به.
فالمشيئة سلطانها عظيم، ولهذا جعلها أبو طالب عرش الذات، لأنها لذاتها تقتضي الحكم.
فلا يقع في الوجود شيء ولا يرتفع خارجا عن المشيئة، فإن الأمر الإلهي إذا خولف هنا بالمسمى معصية، فليس إلا الأمر بالواسطة لا الأمر التكويني.   )
 
ومن هذا نعلم أن كل حكم ينفذ اليوم في العالم أنه حكم الله وإن خالف الحكم المقرر في الظاهر المسمى شرعا إذ لا ينفذ حكم إلا لله في نفس الأمر ، لأن الأمر الواقع في العالم إنما هو على حكم المشيئة الإلهية لا على حكم الشرع المقرر وإن كان تقريره من المشيئة ولذلك نفذ تقريره خاصة ، فإن المشيئة ليست لها فيه إلا التقرير لا العمل بما جاء به )

بيان الملازمة : أنه لو كان فيهما آلهة غير الله كما زعموا أو إله آخر غيره لكانا إما إلهين بالذات أو بأمر زائد عليهما ،
فإن كان الثاني الزم افتقارهما في الإلهية إلى الغير فلم يكونا إلهين ،
وإن كان الأول ، فإما أن يتخالفا في الإيجاد والإعدام أو يتوافقا ، فإن تخالفا تخالفا لتساويهما في القوة فلا يقع إيجاد ولا إعدام ، وإن توافقا فإما أن ينفذ حكم كل واحد منهما في الآخر فلا يكون أحدهما إلها لنفوذ حكم الآخر فيه ،
وكذا إن لم ينفذ حكم كل واحد منهما في الآخر لعجز كل منهما ، فإن نفذ حكم أحدهما في الآخر دون العكس فالنافذ الحكم هو الإله دون الآخر .
ولما كان النافذ الحكم هو الإله دون غيره علمنا أن كل حكم ينفذ اليوم في العالم أنه حكم الله ، وإن خالف الشرع المقرر في الظاهر إذ لا ينفذ إلا حكم الله في نفس الأمر ،
لأن كل ما وقع في العالم إنما وقع بحكم المشيئة الإلهية لا بحكم الشرع ، فإن تقريره إنما هو بالمشيئة ، ولذلك نفذ تقريره خاصة لا العمل به إلا ما تتعلق به المشيئة من العمل ، ولهذا قال بعد قوله : "كَلَّا إِنَّه تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شاءَ ذَكَرَه وما يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ الله "   .

قال رضي الله عنه :  ( فالمشيئة سلطانها عظيم ولهذا جعلها أبو طالب عرش الذات لأنها لذاتها تقتضي الحكم فلا يقع في الوجود شيء ولا يرتفع عنه خارجا عن المشيئة ، فإن الأمر الإلهي إذا خولف هنا بالمسمى معصية فليس إلا الأمر بالواسطة لا الأمر التكويني )

يعنى أن حقيقة المشيئة تقتضي الحكم لذاتها لأنها نفس الاقتضاء والاقتضاء هو تخصيص ما عينه العلم بالحكم فيقع ما تعلقت المشيئة به ،
فإن الأمر الإلهي الذي لا راد له وحكم الله الذي لا معقب لحكمه هو الذي تعلقت المشيئة بوقوعه وجودا وعدما ، فإن لم تقترن المشيئة بوقوع العمل واقترن الأمر به لم يقع ، وإن اقترنت باقتران الأمر به يقع ، لأن المشيئة إنما اقتضت وقوع الأمر بذلك العمل لا وقوعه أي صدور العمل من المأمور المعين ،
"" أضاف بالى زادة : فالمشيئة إذا تعلقت تقرير الحكم المشروع خاصة نفذ تقرير ذلك الحكم لا العمل به ، وإذا تعلقت تقريره مع العمل به نفذ تقرير ذلك الحكم والعمل به فالتكاليف نفذ تقريرها ، وأما العمل بها فقد ينقذ لتعلق المشيئة به ، وقد لا ينفذ لعدم تعلقها به ، فإذن لم يقع الأمر إلا بحسب المشيئة اهـ بالى.

ولما يشعر كلامه أن للعبد تأثيرا في الجملة في وجود الفعل نفى ذلك بقوله ( وعلى الحقيقة ) فكان ذلك المحل شطا لصدور الفعل ( فأمر المشيئة ) يتعلق بالمشروط بتعلق آخر غير تعلقه بالشرط لا أن المشيئة تتعلق بعين العبد ، والعبد يفعل الفعل بلا تعلق المشيئة ،
فالمشيئة بذلك الفعل بل يشترك في الفعل معنى المشيئة ، فالمشيئة تستقل بوجود الفعل في التأثير كما تستقل في وجوه العبد ، فالعبد لا تأثير له في فعله كما لا تأثير له في وجود نفسه ،
وإنما بنى هنا المعنى على الحقيقة لأن بناء الظاهر هو أن العبد يكسب فعله ، فاللَّه يخلقه فكان للعبد تأثير في فعله بهذا الوجه ، ولا تأثير بذلك الوجه ، فمراد الله بحسب الوقوع في الخارج تابع لمشيئته ، وبحسب الوجود العلمي فالمشيئة تابعة له فلا جبر ، فإن كان الجبر فمن العبد لا من الله ، وإنما كان من الله أن لو كان المعلوم والمراد تابعا للعلم والمشيئة من كل الوجوه اهـ بالى .  ""

فالمسمى معصية ومخالفة إنما هو باعتبار أمر المكلف والشارع المتوسط لا باعتبار التكوين الذي هو المشيئة ، فلا يخالف الله في أمره الذي لا واسطة فيه فلا رادّ له ولا معقب ، فهذا يقتضي الألوهية .

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ومن هنا نعلم أن كل حكم ينفذ اليوم في العالم أنه حكم الله عز وجل، وإن خالف الحكم المقرر في الظاهر المسمى شرعا إذ لا ينفذ حكم إلا لله في نفس الأمر، لأن الأمر الواقع في العالم إنما هو على حكم المشيئة الإلهية لا علم حكم الشرع المقرر، وإن كان تقريره من المشيئة.
ولذلك نفذ تقريره خاصة فإن المشيئة ليست لها فيه إلا التقرير لا العمل بما جاء به.
فالمشيئة سلطانها عظيم، ولهذا جعلها أبو طالب عرش الذات، لأنها لذاتها تقتضي الحكم.
فلا يقع في الوجود شيء ولا يرتفع خارجا عن المشيئة، فإن الأمر الإلهي إذا خولف هنا بالمسمى معصية، فليس إلا الأمر بالواسطة لا الأمر التكويني.   )
قال رضي الله عنه :  ( ومن هاهنا نعلم أن كل حكم ينفذ اليوم في العالم فإنه حكم الله - وإن خالف الحكم المقرر في الظاهر المسمى شرعا - إذ لا ينفذ حكم إلا لله في نفس الأمر ، لأن الأمر الواقع في العالم إنما هو على حكم المشيئة الإلهية ، لا على حكم الشرع المقرر . )

لما كان الإله في الوجود واحدا ، علم أن جميع الأحكام النافذة في العالم لا ينفذ إلا بحكم الله وإرادته وتنفيذه بين عباده ، وإن وقع ذلك الحكم مخالفا لما قرره الشرع ، لأن كل ما يقع في العالم إنما هو بحكم المشيئة الإلهية ، لا بحكم غيره .
فما شاء الحق وقوعه ، يقع البتة ، وما لم يشأ لم يقع ، سواء كان قرره الشرع أو لا .

قال رضي الله عنه :  ( وإن كان تقريره من المشيئة ، ولذلك نفذ تقريره خاصة . ) ( إن ) للمبالغة .  أي ، وإن كان تقرير الشرع المقرر أيضا واقعا بالمشيئة الإلهية ، فإن الحق شاء أن يقرر ، ( لذلك نفذ تقريره خاصة ) أي وقع التقرير ، لا العمل به عند من لم يعمل بذلك .

قال رضي الله عنه :  ( وأن المشيئة ليست لها فيه إلا التقرير ، لا العمل بما جاء به )
( وأن ) بالفتح ، معطوف على قوله : ( ومن هاهنا نعلم أن كل حكم ينفذ اليوم في العالم فإنه
حكم الله . ) أي ، فعلم أن المشيئة ليست لها فيه ، أي في ذلك الشرع المقرر ، إلا  التقرير ، لا العمل بما جاء به ذلك الشرع ، إلا ما تعلقت المشيئة أيضا بعمله .

قال رضي الله عنه :  ( فالمشيئة سلطانها عظيم ، ولهذا جعلها أبو طالب " عرش الذات " )
أي ، مظهرا به يظهر مقتضيات الذات في الوجود العلمي والعيني ، ( لأنها لذاتها تقتضي الحكم ، فلا يقع في الوجود شئ ولا يرتفع خارجا عن المشيئة ، فإن الأمر الإلهي إذا خولف هنا بالمسمى "معصية " ) أي ، بما يسمى معصية .

قال رضي الله عنه :  ( فليس إلا الأمر بالواسطة . لا الأمر التكويني ) أي ، الأمر قسمان : أمر بواسطة المظاهر ، كالأنبياء والأولياء والمجتهدين ، وأمر بغير الوسائط . وما لا واسطة فيه ، وهو الأمر التكويني ، لا يمكن المخالفة فيه.
كقوله تعالى : ( إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون ) . وما كان بالواسطة ، فقد يقع المخالفة فيه . لذلك آمن بعض الناس بالأنبياء وكفر بعض ، وممن آمن أتى بجميع أوامرهم بعضهم ، ولم يأت بعضهم .

قال رضي الله عنه :  ( فما خالف الله أحد قط في جميع ما يفعله من حيث أمر المشية . ) لأن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن ( فوقعت المخالفة من حيث أمر الواسطة . فافهم . )
أي ، فالمخالفة ما وقعت إلا في أمر الواسطة .

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ومن هنا نعلم أن كل حكم ينفذ اليوم في العالم أنه حكم الله عز وجل، وإن خالف الحكم المقرر في الظاهر المسمى شرعا إذ لا ينفذ حكم إلا لله في نفس الأمر، لأن الأمر الواقع في العالم إنما هو على حكم المشيئة الإلهية لا علم حكم الشرع المقرر، وإن كان تقريره من المشيئة.
ولذلك نفذ تقريره خاصة فإن المشيئة ليست لها فيه إلا التقرير لا العمل بما جاء به.
فالمشيئة سلطانها عظيم، ولهذا جعلها أبو طالب عرش الذات، لأنها لذاتها تقتضي الحكم.
فلا يقع في الوجود شيء ولا يرتفع خارجا عن المشيئة، فإن الأمر الإلهي إذا خولف هنا بالمسمى معصية، فليس إلا الأمر بالواسطة لا الأمر التكويني.   )
 
قال رضي الله عنه :  (ومن هاهنا نعلم أنّ كلّ حكم ينفذ اليوم في العالم هو حكم اللّه عزّ وجل ، وإن خالف الحكم المقرّر في الظّاهر المسمّى شرعا إذ لا ينفذ حكم إلّا للّه في نفس الأمر ، لأنّ الأمر الواقع في العالم إنّما هو على حكم المشيئة الإلهيّة لا على حكم الشّرع المقرّر ، وإن كان تقريره من المشيئة ، ولذلك نفذ تقريره خاصّة ، وأنّ المشيئة ليس لها فيه إلّا التّقرير ، لا العمل بما جاء به ، فالمشيئة سلطانها عظيم ، ولهذا جعلها أبو طالب عرش الذّات ؛ لأنّها لذاتها تقتضي الحكم ، فلا يقع في الوجود شيء ولا يرتفع خارجا عن المشيئة ، فإنّ الأمر الإلهيّ إذا خولف هنا بالمسمّى معصية فليس إلّا الأمر بالواسطة لا الأمر التّكوينيّ )

قال رضي الله عنه :  ( ومن هنا )  أي : ومن وجوب نفاذ حكم الإله أذل عارض حكم غيره ( تعلم أن كل حكم ينفذ اليوم في العالم ؛ فإنه حكم اللّه ) ، وإن نسب إلى غيره في الظاهر ، أما الأسباب السماوية أو الحيوانات أو غيرها ، فإن تأثيراتها لكونها من العالم ليست لذواتها لإمكانها ، فلا يكون وجودها من ذواتها ، فكيف تكون تأثيراتها من ذواتها ؛

فلذا نقول : حكم الخليفة حكم اللّه ، فإذا تعدد واختلف حكمهما تحقيقا أو تقديرا تخيل ذلك تعدد الآلهة الموجب للفساد المنوط باختلاف الحكم سيما العموم بالسيف ،

قال رضي الله عنه :  ( وإن خالف هذا الحكم النافذ الحكم المقرر ) أي : الذي قرره اللّه تعالى بترك الاعتراض عليه في الظاهر أي : خالفه ( في ) المفهوم ( الظاهر ) من الكتاب والسنة والإجماع والقياس ذكر ذلك ؛ ليشير إلى أنه لا يخالفه بينهما في الحقيقة إذ لا تعارض بينهما الاختلاف متعلقهما على ما يأتي بيانه إن شاء اللّه تعالى ، ( المسمى شرعا ) ، وسمى الخارج عنه خارجا عن حكم اللّه ، فإن الحكمين للّه تعالى جميعا ، والخارج إنما يخرج عن أحدهما ( إذ لا ينفذ حكم ) على تقدير أن يكون أحدهما للّه والآخر لغيره ( إلا للّه ) ، وإلا لزم عجزه تعالى ، وهو مناف لإلهيته .

قال القاضي عبد الجبار بن أحمد من المعتزلة : ما ألزمني أحد مثل ما ألزمني مجوسي ، قلت له : أسلم ، فقال : إن شاء اللّه ، قلت : قد شاء اللّه ، لكن شيطانك يمنعك ،
فقال : فأنا مع الشريك الأغلب ، ولا تناقض بي الحكمين ، ولا يلزم عجزه مع عدم نفوذ الحكم الشرعي لاختلاف متعلقهما ، فإن متعلق حكم المشيئة وقوع الأمر ، ومتعلق حكم الشرع وقوع الجزاء ، والعجز إنما يلزم فيه لو عجز عن إيقاع الجزاء عليه .

وإليه الإشارة بقوله : ( لأن الأمر الواقع في العالم إنما هو على حكم المشيئة الإلهية لا على حكم الشرع المقرر ) ؛ فإنه لوقوع الجزاء لا لوقوع الأمر بذاته ، بل إنما يقع إذا وقع بالمشيئة ، ( وإن كان تقريره من المشيئة ) ، ولكن التقرير غير الإيقاع وغير مستلزم له .

قال رضي الله عنه :  ( ولذلك ) أي : لكون تقريره من المشيئة ( نفذ ) ، أي : لزم تقريره بحيث لا يعترض عليه ، ولولا أن المشيئة تعلقت بتقريره لم يتقرر ، وكما يتقرر أمر المشيئة إذا لم تتعلق المشيئة ( بتقريره خاصة ) دون وقوعه إذ ليس متعلق هذا الحكم الشرعي ، ولا لزم متعلق حكم المشيئة من هذا الحكم ولا عينه ، وذلك لما قلنا : ( أن المشيئة ليس لها فيه ) أي : في الحكم ( الشرعي ( إلا التقرير ) ، وإن كان متعلقها في الأصل وقوع الحكم .

كما أشار إليه بقوله : ( لا العمل بما جاء ) إذ تعلقها بالعمل الواقع غير تعلقها بالعمل بما جاء ( به ) الشرع ، وإذا نفذ حكم المشيئة مع عدم تقريره دون حكم الشرع مع تقريره .
( فالمشيئة سلطانها عظيم ) ، فلا يعارضها أمر آخر ؛ فلذلك لو عمل العامل مائة ألف سنة أعمال الملائكة والثقلين ، وكانت المشيئة إحباط أعماله نفذت دون حكم أعماله ، ولو عمل آخر مائة ألف سنة أعظم وجوه الكفر ، وأشد المعاصي ، وكانت المشيئة غفران ذنوبه نفذت دون حكم مساعيه ؛
قال رضي الله عنه :  ( ولهذا ) أي : ولكون سلطانها عظيما ( جعلها الشيخ الإمام أبو طالب المكي  رحمه اللّه عرش الذات ) ، أي : محل استواء الأسماء الذاتية التي لا تتخلف آثارها بحال بخلاف سائر الأسماء ، فإنه يتخلف آثارهما بمعارضة أسماء أخر ؛ وذلك ( لأنها ) أي : المشيئة ( لذاتها تقتضي الحكم ) ، في سبب الأسماء الذاتية بخلاف حكم الشرع ؛
فإنه إنما يقرر بالمشيئة ، وكذا تعلق الثواب والعقاب عليها بالمشيئة ، فجاز فيها التخلف ، فلا تكون ذاتية ، وإذا كانت المشيئة مقتضية للحكم بالذات ، وما بالذات لا يزول بالغير ، ( فلا يقع في الوجود شيء ) من الأفعال والثواب والعقاب خارجا عن المشيئة ، ( ولا يرتفع ) عن الوجود شيء منها ( خارجا عن المشيئة ) ، ويجوز وقوعهما على خلاف الأمر الشرعي ؛ لأنه ليس من الأسماء الذاتية .
قال رضي الله عنه :  ( فإن الأمر الإلهي الشرعي إذا خولف هنا ) أي : في محل اختلافه مع المشيئة ( المسمى معصية ) فعلا أو تركا فلا بعد في ذلك ، ( فليس ) الأمر الشرعي ( إلا الأمر بالواسطة ) ، أي : بواسطة أمر المشيئة ، فإنها اقتضت الأمر الشرعي فآثرت ،
واللاحق فإذا عارض السابق كان الحكم للسابق ؛ وذلك لأنّا نقول : ( لا ) يكون ( الأمر ) الشرعي الأثر ( التكويني ) ، وإن كان الأمر التكويني عامّا مطلقا بالنسبة إلى تقرير الأمر الشرعي ، فليس عامّا بالنسبة إلى وقوعه من حيث هو مقتضى الأمر الشرعي ،
وإن كان عامّا إلى كل واقع ، لكن لأمر حيث كونه شرعها بل بكونه متعلق المشيئة ، وإذا كان الأمران للّه والمخالفة منفية بالكلية ، إنما يتصور بمخالفة أمره من كلّ وجه.


شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ومن هنا نعلم أن كل حكم ينفذ اليوم في العالم أنه حكم الله عز وجل، وإن خالف الحكم المقرر في الظاهر المسمى شرعا إذ لا ينفذ حكم إلا لله في نفس الأمر، لأن الأمر الواقع في العالم إنما هو على حكم المشيئة الإلهية لا علم حكم الشرع المقرر، وإن كان تقريره من المشيئة.
ولذلك نفذ تقريره خاصة فإن المشيئة ليست لها فيه إلا التقرير لا العمل بما جاء به.
فالمشيئة سلطانها عظيم، ولهذا جعلها أبو طالب عرش الذات، لأنها لذاتها تقتضي الحكم.
فلا يقع في الوجود شيء ولا يرتفع خارجا عن المشيئة، فإن الأمر الإلهي إذا خولف هنا بالمسمى معصية، فليس إلا الأمر بالواسطة لا الأمر التكويني.   )
 
ومن هنا تعلم أن كلّ حكم ينفذ اليوم في العالم أنّه حكم الله وإن خالف الحكم المقرّر في الظاهر - المسمّى شرعا - إذ لا ينفذ حكم إلا لله في نفس الأمر ، لأنّ الأمر الواقع في العالم إنما هو على حكم المشيئة الإلهية ، لا على حكم الشرع المقرّر ، وإن كان تقريره في المشيئة . ولذلك نفذ تقريره خاصّة ) دون العمل بأحكامه والتزام ما جاء به .

قال رضي الله عنه :  ( فإن المشيئة ليست لها فيه إلا التقرير ) أي إثبات عينه في الخارج ( لا العمل بما جاء به ) .
وكأنك قد اطَّلعت في مطلع الفصّ الآدمي عند الكلام على المشيئة ما يلوّح على هذا الكلام وعلى اشتقاق الشيء منها .
قال رضي الله عنه :  ( فالمشيئة سلطانها عظيم ) حيث أنّه لا شيء إلا ويستقرّ أمره بالمشيّة ، فهي مستقرّ الأشياء في الوجود ( ولهذا جعلها أبو طالب عرش الذات ، لأنها لذاتها تقتضي الحكم ) وتثبت الأمر وتقرّره بالذات ، دون توسّط رسالة نبيّ ولا دلالة أمر تنزيلي .

"" أضاف الجامع :
 قال الشيخ رضي الله عنه : 
إن المشيئة عرش الذات ليس لها ... في غيرها نسبة تبدو ولا أثر
وهي الوجود فلا عين تغايرها ... تفنى وتعدم لا تبقي ولا تذر

قال الشيخ رضي الله عنه :  في الفتوحات الباب الثاني عشر وثلاثمائة
ليس للإرادة اختيار ولا نطق بها كتاب ولا سنة ولا دل عليها عقل وإنما ذلك للمشيئة فإن شاء كان وإن شاء لم يكن  قال عليه السلام:  "ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن" .
فعلق النفي والإثبات بالمشيئة وما ورد ما لم يرد لم يكن بل ورد لو أردنا أن يكون كذا لكان كذا فخرج من المفهوم الاختيار فالإرادة تعلق المشيئة بالمراد وهو قوله إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ هذا تعلق المشيئة
وقد ذهب بعض الناس من أهل الطريق أن المشيئة هي عرش الذات وهو أبو طالب المكي أي ملكها أي بالمشيئة ظهر كون الذات ملكا لتعلق الاختيار بها فالاختيار للذات من كونها إلها فإن شاء فعل وإن شاء لم يفعل وهو التردد الإلهي
في الخبر الصحيح ما ترددت في شيء أنا فاعله ترددي في قبض نسمة المؤمن يكره الموت. أهـ
تقول د. سعاد الحكيم :
إن المشيئة هي عرش الذات من حيث أن المتصوفة وخاصة أصحاب وحدة الوجود يرمزون إلى الوجود بالعرش ، فالمشيئة هي النسبة الإلهية التي استوت عليها الذات فأظهرت الوجود بأسره . ""
قال رضي الله عنه :  ( فلا يقع في الوجود شيء ، ولا يرفع خارجا عن المشيئة ، فإن الأمر ) التنزيلي ( الإلهي إذا خولف هنا بالمسمى معصية ، فليس إلا الأمر بالواسطة ) أعني الأمر التنزيلي الذي هو بواسطة النبيّ ، ( لا الأمر التكوينيّ ) الذي لا واسطة فيه .

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ومن هنا نعلم أن كل حكم ينفذ اليوم في العالم أنه حكم الله عز وجل، وإن خالف الحكم المقرر في الظاهر المسمى شرعا إذ لا ينفذ حكم إلا لله في نفس الأمر، لأن الأمر الواقع في العالم إنما هو على حكم المشيئة الإلهية لا علم حكم الشرع المقرر، وإن كان تقريره من المشيئة.
ولذلك نفذ تقريره خاصة فإن المشيئة ليست لها فيه إلا التقرير لا العمل بما جاء به.
فالمشيئة سلطانها عظيم، ولهذا جعلها أبو طالب عرش الذات، لأنها لذاتها تقتضي الحكم.
فلا يقع في الوجود شيء ولا يرتفع خارجا عن المشيئة، فإن الأمر الإلهي إذا خولف هنا بالمسمى معصية، فليس إلا الأمر بالواسطة لا الأمر التكويني.   )
 
قال رضي الله عنه :  ( ومن ههنا نعلم أنّ كلّ حكم ينفذ اليوم في العالم أنّه حكم اللّه عزّ وجلّ ، وإن خالف الحكم المقرّر في الظّاهر المسمّى شرعا إذ لا ينفذ حكم إلّا للّه في نفس الأمر ، لأنّ الأمر الواقع في العالم إنّما هو على حكم المشيئة الإلهيّة لا على حكم الشّرع المقرّر .
وإن كان تقريره من المشيئة . ولذلك نفذ تقريره خاصّة .  وأنّ المشيئة ليس لها فيه إلّا التّقرير ، لا العمل بما جاء به .)

قال رضي الله عنه :  (ومن هنا ) ، أي من مقام نفاذ كون الحكم من خواص المرتبة الإلهية ( نعلم أن كل حكم ينفذ اليوم في العالم أنه حكم اللّه وإن خالف ) ذلك الحكم النافذ ( الحكم المقرر في الظاهر المسمى شرعا إذ لا ينفذ حكم إلا للّه في نفس الأمر ) هذا تعليل للحكم المتقدم بإعادته والاستدلال عليه .

ففي الحقيقة هو تعليل بما استدل به عليه أعني  قوله رضي الله عنه : ( لأن الأمر الواقع في العالم إنما هو على حكم المشيئة ) الإلهية ( لا على حكم الشرع المقرر ) بالمشيئة فما شاء الحق وقوعه يقع البتة ، وما لم يشأ لم يقع سواء كان الشرع قرره أو لا ( وإن كان تقريره ) ، أي تقرير الشرع المقرر أيضا ( من المشيئة ) الإلهية ،

قال رضي الله عنه :  ( ولذلك نفذ تقريره خاصة ) لا العمل به ( فإن المشيئة ) المتعلقة بتقرير الشرع ( ليس لها ) خاصة ( فيه ) ، أي في الشرع ( إلا التقرير لا العمل بما جاء به ) إلا إن تعلقت المشيئة به أيضا

قال رضي الله عنه :  ( فالمشيئة سلطانها عظيم ، ولهذا جعلها أبو طالب عرش الذّات .
لأنّها لذاتها تقتضي الحكم . فلا يقع في الوجود شيء ولا يرتفع خارجا عن المشيئة فإنّ الأمر الإلهيّ إذا خولف هنا بالمسمّى معصية فليس إلّا الأمر بالواسطة لا الأمر التّكوينيّ . )

قال رضي الله عنه :   ( فالمشيئة سلطانها ) ، أي تأثيرها في الأشياء ( عظيم ) لا يتخلف عنها ما يتعلق به ( ولهذا ) ، أي لعظم شأنها ( جعلها أبو طالب عرش الذات ) ، فإنه إذا استقرت الذات واستوت عليها بالتجلي بها نفذت حكمها في أقطار الوجود ( لأنها لذاتها ) لا لغيرها ( تقتضي الحكم ) ونفوذها وما اقتضاه الذات لا يتخلف عنها ( فلا يقع في الوجود شيء ولا يرتفع خارجا عن المشيئة فإن الأمر الإلهي إذا خولف ههنا بالمسمى ).
أي بما يسمى (معصية فليس إلا الأمر بالواسطة) المسمى بالأمر التكليفي (لا الأمر التكويني).
   .
العودة إلى الفهرس
الفقرة الثالثة عشر على منتدي إتقوا الله ويعلمكم الله 
واتساب

No comments:

Post a Comment