Wednesday, January 1, 2020

السفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية الفقرة الرابعة عشر .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية الفقرة الرابعة عشر .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية الفقرة الرابعة عشر .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

17 - The Wisdom of Being in the Word of David

 الفقرة الرابعة عشر :
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فما خالف الله أحد قط في جميع ما يفعله من حيث أمر المشيئة، فوقعت المخالفة من حيث أمر الواسطة فافهم.
وعلى الحقيقة فأمر المشيئة إنما يتوجه على إيجاد عين الفعل لا على من ظهر على يديه، فيستحيل ألا يكون.
ولكن في هذا المحل الخاص، فوقتا يسمى به مخالفة لأمر الله، ووقتا يسمى موافقة وطاعة لأمر الله.  ويتبعه لسان الحمد أو الذم على حسب ما يكون.
ولما كان الأمر في نفسه على ما قررناه، لذلك كان مآل الخلق إلى السعادة على اختلاف أنواعها. فعبر عن هذا المقام بأن الرحمة وسعت كل شيء، وأنها سبقت الغضب الإلهي. (

قال رضي الله عنه :  ( فما خالف اللّه أحد قطّ في جميع ما يفعله من حيث أمر المشيئة ؛ فوقعت المخالفة من حيث أمر الواسطة فافهم .وعلى الحقيقة فأمر المشيئة إنّما يتوجّه على إيجاد عين الفعل لا على من ظهر على يديه ، فيستحيل أن لا يكون ؛ ولكن في هذا المحلّ الخاصّ . فوقتا يسمّى به مخالفة لأمر اللّه ، ووقتا يسمّى موافقة وطاعة لأمر اللّه ، ويتبعه لسان الحمد والذّم على حسب ما يكون . ولمّا كان الأمر في نفسه على ما قرّرناه لذلك كان مآل الخلق إلى السّعادة على اختلاف أنواعها. فعبّر عن هذا المقام بأنّ الرّحمة وسعت كلّ شيء ، وأنّها سبقت الغضب الإلهيّ . )

قال رضي الله عنه :  (فما خالف) اللّه تعالى (أحد قط في جميع ما يفعله) سبحانه (من حيث أمر المشيئة) الإلهية النافذة الحكم في كل شيء (فوقعت المخالفة) ممن وقعت منه (من حيث أمر الواسطة) وهو الأمر التكليفي في الشرع المقرر لا غير (فافهم) يا أيها السالك (وعلى الحقيقة فأمر المشيئة) الإلهية (إنما يتوجه) من الحق تعالى (على إيجاد عين الفعل) وهو العمل الصادر من المكلف المسمى خيرا أو شرا . قال تعالى :وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ( 96 ) [ الصافات : 96 ] ،

أي وخلق عملكم ، والخلق هو توجه المشيئة الإلهية (لا) يتوجه (على من ظهر ذلك) الفعل (على يده) إلا في حال تكوينه بأمر المشيئة الإلهية مثل تكوين فعله (فيستحيل) حينئذ عقلا وشرعا (أن لا يكون) ، أي لا يوجد ذلك الفعل الذي توجه عليه أمر المشيئة الإلهية ولكن في هذا (المحل الخاص) وهو العبد الفلاني من المكلفين .
قال رضي الله عنه :  (فوقتا يسمى) ، أي ذلك الفعل تسمية كائنة به ، أي بأمر المشيئة الإلهية (مخالفة لأمر اللّه ) تعالى ووقتا آخر يسمى ذلك الفعل (موافقة وطاعة لأمر اللّه تعالى .)
وهذه التسمية واردة في الشرع المقرر (ويتبعه) ، أي ذلك الفعل في الشرع (لسان الحمد) في تسميته موافقة وطاعة أو لسان الذم في تسميته مخالفة ومعصية (على حسب ما يكون) ذلك الفعل من المكلف (ولما كان الأمر) الإلهي والشأن الرباني (في نفسه على ما قدرناه) من أن أمر المشيئة لا يخالفه شيء أصلا ، فلم يخالف اللّه أحد قط في جميع ما يفعله من حيث أمر المشيئة الإلهية ، وإن خالفوه من حيث أمره الشرعي الذي كلفهم به على ألسنة الوسائط .
قال رضي الله عنه :  (لذلك) ، أي لما ذكر (كان مآل) ، أي مرجع (الخلق) ، أي المخلوقين كلهم (إلى السعادة) الأبدية (على) حسب (اختلاف أنواعها) ، أي السعادة (فعبر) بالبناء للمفعول في كلام اللّه تعالى (عن هذا المقام) الذي هو مرجع الكل إلى السعادة المختلفة (بأن الرحمة) الإلهية (وسعت كل شيء) ، قال اللّه تعالى :وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ[ الأعراف : 156 ] ،
فكل شيء ظهر منها ويرجع إليها ، ولهذا تسعه ولا تضيق عنه وأنها ، أي الرحمة سبقت الغضب الإلهي .
كما ورد في الحديث « أن رحمتي سبقت غضبي » . أخرجه البخاري
في رواية له ولمسلم : " إن رحمتي تغلب غضبي " .
وفي رواية للبخاري : « غلبت غضبي » .
وفي رواية لمسلم : " سبقت رحمتي غضبي "
وكان ذلك ، لأنها الأصل والغضب طارىء عليها باعتبار تقدير المخالفة والمعصية المقتضية له ، فإذا رجعت الأمور إلى أصولها وجدت الرحمة ووسعت المخالفة والمعصية فأوجدتها ، ووسعت العقوبة في الآخرة والعذاب والنار فأوجدت ذلك ، فغلب حكمها مع بقاء النار وجميع ما فيها من أنواع العقوبات ، فيظهر أن الغضب نوع من الرحمة ، ويتبين عند ذلك كون الرحمة سابقة الغضب ، ويزول من الأفهام القاصرة مقابلة الغضب للرحمة وكونها نقيضها ، ويعود نوعا منها وهو عينها مع بقاء عينه .

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فما خالف الله أحد قط في جميع ما يفعله من حيث أمر المشيئة، فوقعت المخالفة من حيث أمر الواسطة فافهم.
وعلى الحقيقة فأمر المشيئة إنما يتوجه على إيجاد عين الفعل لا على من ظهر على يديه، فيستحيل ألا يكون.
ولكن في هذا المحل الخاص، فوقتا يسمى به مخالفة لأمر الله، ووقتا يسمى موافقة وطاعة لأمر الله. ويتبعه لسان الحمد أو الذم على حسب ما يكون.
ولما كان الأمر في نفسه على ما قررناه، لذلك كان مآل الخلق إلى السعادة على اختلاف أنواعها. فعبر عن هذا المقام بأن الرحمة وسعت كل شيء، وأنها سبقت الغضب الإلهي. (

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فما خالف اللّه أحد قط في جميع ما يفعله من حيث أمر المشية فوقعت المخالفة من حيث أمر الواسطة ) إذا لم يتعلق المشية بذلك الأمر ( فافهم ) إشارة إلى أن هذه المسألة من دقائق الفن وأعظم مسائله .

ولما يشعر كلامه أن للعبد تأثيرا في الجملة في وجود الفعل نفى ذلك بقوله رضي الله عنه  :
( وعلى الحقيقة فأمر المشية إنما يتوجه على إيجاد عين الفعل لا على من ظهر ) الفعل ( على يديه فيستحيل أن لا يكون ) ذلك الفعل ( ولكن في هذا المحل الخاص ) فكان ذلك المحل شرطا لصدور الفعل .
فأمر المشية يتعلق بالمشروط بتعلق آخر غير تعلقه بالشرط ، إلا أن المشية تتعلق بعين العبد والعبد يفعل الفعل بلا تعلق المشية بذلك الفعل أو يشترك في الفعل .
معنى المشية فالمشية تستقل في وجود الفعل في التأثير كما تستقل في وجود العبد .
فالعبد لا تأثير له في فعله كما لا تأثير له في وجود نفسه .
وإنما بنى هذا المعنى على الحقيقة لأنه بناء على الظاهر هو أن العبد يكسب فعله .
فاللّه يخلقه فكان للعبد تأثيرا في فعله بهذا الوجه ولا تأثير بذلك الوجه .
فمراد اللّه بحسب الوقوع في الخارج تابع لمشيته وبحسب الوجود العلي فالمشية تابعة له فلا جبر.
فإن كان الجبر فمن العبد لا من اللّه وإنما كان من اللّه أن لو كان المعلوم والمراد تابعا للعلم والمشية من كل الوجوه ( فوقتا يسمى به مخالفة لأمر اللّه ووقتا يسمى موافقة وطاعة لأمر اللّه ويتبعه لسان الحمد أو الذم على حسب ما يكون ولما كان الأمر في نفسه على ما قررناه ) من أنه لا يقع شيء في الوجود ولا يرتفع خارجا عن المشية .

( لذلك ) يتعلق بقوله ( كان مآل الخلق ) في الآخرة ( إلى السعادة ) أي إلى الرحمة ( على اختلاف أنواعها ) أي أنواع السعادة لأن مآل بعضهم إلى رحمة خالصة من شوب الألم وهم أهل الجنان وبعضهم إلى الرحمة الممتزجة من العذاب وهم المخلدون في النار قوله كان جواب لما.
( فعبر ) الحق ( عن هذا المقام بأن الرحمة وسعت كل شيء وأنها سبقت الغضب الإلهي ) أي العذاب الإلهي باستيفاء .

اعلم إن العذاب في حق العباد إلهي وإمكاني والعذاب الإلهي ينقطع باستيفاء حقوق اللّه وحقوق الناس في النار عن عصاة المؤمنين ثم يخرجون منها ويدخلون النعيم لأن ذواتهم يقتضي ذلك.
وعلم اللّه منهم فتعلقت مشيته على حسب علمه فوقع الأمر على حسب تعلق مشيته والعذاب الامكاني هو الذي يقتضيه ذات الممكن فلا ينفك ذلك العذاب عن ذات الممكن في الآخرة أبدا .
وهم المخلدون في جهنم أبدا فإنهم وإن انقطع العذاب الإلهي في حقهم باستيفاء الحقوق الشرعية لكن لا ينقطع عنهم العذاب الذي يقتضي ذواتهم ظهر لهم بانقطاع العذاب الإلهي عنهم فإن ذواتهم تقتضي ذلك .
وعلم اللّه منهم ذلك وتعلقت مشيته على ذلك فكانت المشية تابعة تقتضي ذواتهم فلا تسبق الرحمة في حقهم إلا على العذاب الإلهي لا العذاب الامكاني لتقدمه على المشية .
وإنما يكون ذلك أن لو كانت المشية مقدمة من كل الوجوه على ذوات المعلومات ومقتضياتها وليس كذلك كما قال الشيخ الأكبر :
خسف الكتاب فما شاء إلا بما علم وما علم إلا ما أعطته المعلومات فسبق في حقهم من جهة كونهم تابعة للمشية في وجودهم ووجود مقتضياتهم فما لهم إلى الرحمة من هذا الوجه ، وأما من جهة أن المشية تابعة بأحوالهم ومقتضياتهم فما لهم إلى الألم .

فاللّه تعالى أعطى كل ذي حق حقه فحقهم على حسب اقتضاء ذواتهم الراحة مع الألم وهذا هو النعيم في عين الجحيم والنعيم الذي في عين الجحيم لا يخلو أبدا عن نوع من العذاب وبه حصل التوفيق بين أهل الشرع وأهل التحقيق فلا يزالون عن العذاب الممتزج بالألم أبدا ولو كان أحد منهم آمن باللّه ورسوله وعمل بمقتضاه ولا يعصي اللّه قط في مدة عمره ولا يبقي على ذمته حقوقه الناس أصلا
وقبض في آخر جزء من عمره على الشرك للقضاء السابق عليه نعوذ باللّه من ذلك
فقد وصل في النار بلا حساب ولا عذاب غايته وهي الرحمة الممتزجة بالألم كما أن من أهل الجنة من ينال غايته بلا حساب ولا عذاب ،
وأما الذين لم يؤمنوا باللّه ورسوله فلهم عذاب أليم لاستيفاء الحقوق الشرعية ثم الوصول إلى غايتهم وهي الرحمة الممتزجة بالألم ،
ومن العذاب الذي نشأ من شقاوتهم الذاتية حبسهم في بيت مظلم بلا أكل وشرب على الأبد وهو أقل العذاب الأبد لهم وأشد عذابهم خلودهم في نار شقاوتهم الذاتية بعد انقطاع عذاب نار شقاوتهم العارضية وهي مخالفتهم الشرائع .
وقد فهمت هذه المسألة من كلام الشيخ هكذا فتوفقت ولم أسطر إلى أن جاء الإثبات على فهمي من روح صاحب الكتاب ولقد أورد الشيخ هذه المسألة كثيرا ما استعظاما لشأنها واهتماما على فهمها فافهم فإن فهمها سعادة ينحل به جميع المشكلات الاعتقادية الكلامية الشرعية .

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فما خالف الله أحد قط في جميع ما يفعله من حيث أمر المشيئة، فوقعت المخالفة من حيث أمر الواسطة فافهم.
وعلى الحقيقة فأمر المشيئة إنما يتوجه على إيجاد عين الفعل لا على من ظهر على يديه، فيستحيل ألا يكون.
ولكن في هذا المحل الخاص، فوقتا يسمى به مخالفة لأمر الله، ووقتا يسمى موافقة وطاعة لأمر الله.  ويتبعه لسان الحمد أو الذم على حسب ما يكون.
ولما كان الأمر في نفسه على ما قررناه، لذلك كان مآل الخلق إلى السعادة على اختلاف أنواعها. فعبر عن هذا المقام بأن الرحمة وسعت كل شيء، وأنها سبقت الغضب الإلهي. (

قال رضي الله عنه :  (فما خالف الله أحد قط في جميع ما يفعله من حيث أمر المشيئة، فوقعت المخالفة من حيث أمر الواسطة فافهم.  وعلى الحقيقة فأمر المشيئة إنما يتوجه على إيجاد عين الفعل لا على من ظهر على يديه، فيستحيل ألا يكون. ولكن في هذا المحل الخاص، فوقتا يسمى به مخالفة لأمر الله، ووقتا يسمى موافقة وطاعة لأمر الله.  ويتبعه لسان الحمد أو الذم على حسب ما يكون. ولما كان الأمر في نفسه على ما قررناه، لذلك كان مآل الخلق إلى السعادة على اختلاف أنواعها. فعبر عن هذا المقام بأن الرحمة وسعت كل شيء، وأنها سبقت الغضب الإلهي. (معناه ظاهر

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فما خالف الله أحد قط في جميع ما يفعله من حيث أمر المشيئة، فوقعت المخالفة من حيث أمر الواسطة فافهم.
وعلى الحقيقة فأمر المشيئة إنما يتوجه على إيجاد عين الفعل لا على من ظهر على يديه، فيستحيل ألا يكون.
ولكن في هذا المحل الخاص، فوقتا يسمى به مخالفة لأمر الله، ووقتا يسمى موافقة وطاعة لأمر الله.  ويتبعه لسان الحمد أو الذم على حسب ما يكون.
ولما كان الأمر في نفسه على ما قررناه، لذلك كان مآل الخلق إلى السعادة على اختلاف أنواعها.  فعبر عن هذا المقام بأن الرحمة وسعت كل شيء، وأنها سبقت الغضب الإلهي. (

قال رضي الله عنه :  (فما خالف الله أحد قطَّ في جميع ما يفعله من حيث أمر المشيّة ، فوقعت المخالفة من حيث أمر الواسطة ، فافهم ) .

يشير رضي الله عنه : إلى أنّ حقيقة المشيّة تقتضي الحكم لذاتها ، لأنّ المشيّة اقتضاء ، والاقتضاء حكم بتخصيص ما عيّنه العلم لأمر بالإيجاد ، فيقع ما تعلَّقت المشيّة بوقوعه أو بإعدامه ، فيكون كذلك ،
وذلك بحسب تعيّن العلم وحكمه على مقتضى ما تعيّن المعلوم في العلم وبموجبه ، وقد علمت فيما سلف أنّ الأمر الإلهي الذي لا رادّ له وحكم الله الذي لا معقّب لحكمه ، وهو ما اقترنت به الإرادة والمشيّة ، فيقع ضرورة ، لوقوع تعلَّق المشيّة بوقوعه .
وإن لم تقترن المشيّة بوقوع العمل واقترنت بوقوع الأمر ، لم يقع العمل ووقع الأمر ، لاقتران المشيّة بوقوع الأمر من الآمر به وعدم اقترانها بوقوع مقتضى الأمر والعمل من هذا العامل المعيّن .
فاعلم هذا تعلم أنّ المسمّى معصية ومخالفة إنّما هي باعتبار أمر المكلَّف والشارع المتوسّط ، وليست من حيث نسبتها إلى الله ، فإنّه لا مخالف لله في أمره الذي لا واسطة فيه ، فلا رادّ له ، والله يقتضي ، إذ لا معقّب لحكمه ، هذا مقتضى الألوهة .

قال رضي الله عنه : « وعلى الحقيقة فأمر المشيّة إنّما يتوجّه على إيجاد عين الفعل ، لا على من ظهر على يديه ، فيستحيل إلَّا أن يكون ، ولكن في هذا المحلّ الخاصّ فوقتا يسمّى مخالفة لأمر الله ، ووقتا يسمّى موافقة وطاعة لأمر الله » .

يعني : فيمن وقع منه العمل بالطاعة ، بمعنى أنّ تعلَّق المشيّة والأمر الإرادي إنّما يكون بعين الفعل المأمور به ، فيقع بموجبه ، ولكن في هذا العبد المعيّن المسمّى مطيعا موافقا ، ويثاب عليه ، وذلك في ضمن تعلَّقها بعين فعله ، وأمّا بالنسبة إلى المخالف عرفا شرعيا فما تعلَّقت المشيّة به ولا بفعله ، لأنّ المشيّة ما تعلَّقت بعين الفعل في هذا المحلّ المعيّن ، ولم يكن في مقتضى حقيقته وعينه الثابتة في العلم أن يوجد منه هذا الفعل المأمور به ، بل في غيره ، لكون ذلك من مقتضى حقيقته ، فافهم .

قال رضي الله عنه : « وينبعث لسان الحمد والذمّ على حسب ما يكون » على المخالفة لأمر الواسطة والموافقة لأمر الإرادة .
قال رضي الله عنه : ( ولمّا كان الأمر في نفسه على ما قرّرناه لذلك كان مآل الخلق إلى السعادة على اختلاف أنواعها ، فعبّر عن هذا المقام بأنّ الرحمة وسعت كلّ شيء ، وأنّها سبقت الغضب الإلهيّ ).

يعني : كانت الرحمة هي السابقة بالنصّ الإلهي ، فنالت الكلّ ، فالكلّ مرحوم ، ومآل الكلّ إلى الرحمة .
ثم اعلم : أنّ الشيخ نبّه على برهان عال عظيم على زوال الشقاء وعموم السعادة في الدنيا والآخرة آخرا ، وذلك أنّ المقتضي لعموم السعادة بالرحمة وزوال الشقاوة بها كذلك سالم وهو سبق الرحمة الغضب ، فلا يلحقها الغضب ، وإلَّا لم تكن سابقة ، فإذا لحق المغضوب عليه الرحمة السابقة لكونها في الغاية ووقفت ، لم يبق للغضب المسبوق فيه حكم .

وأيضا لأنّ عين المغضوب من كونه شيئا يجب أن يكون مرحوما فإنّ رحمته وسعت كلّ شيء ، ولم يقل : سبقت رحمتي عين المغضوب ، فأعيان الأشياء مرحومة ، لكونها موجودة فلا يلحقها الغضب ، لأنّها لحقت الرحمة ولحقتها الرحمة التي وسعت والرحمة التي سبقت الغضب وبعد اللَّحوق ، فالرحمة تحكم بمقتضاها لا بمقتضى نقيضها ، وهو الغضب ، فتعمّ الرحمة جميع الحقائق .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فما خالف الله أحد قط في جميع ما يفعله من حيث أمر المشيئة، فوقعت المخالفة من حيث أمر الواسطة فافهم.
وعلى الحقيقة فأمر المشيئة إنما يتوجه على إيجاد عين الفعل لا على من ظهر على يديه، فيستحيل ألا يكون.
ولكن في هذا المحل الخاص، فوقتا يسمى به مخالفة لأمر الله، ووقتا يسمى موافقة وطاعة لأمر الله.  ويتبعه لسان الحمد أو الذم على حسب ما يكون.
ولما كان الأمر في نفسه على ما قررناه، لذلك كان مآل الخلق إلى السعادة على اختلاف أنواعها. فعبر عن هذا المقام بأن الرحمة وسعت كل شيء، وأنها سبقت الغضب الإلهي. (

قال رضي الله عنه :  (فما خالف الله أحد قط في جميع ما يفعله من حيث أمر المشيئة فوقعت المخالفة من حيث أمر الواسطة ، فافهم )

يعنى أن حقيقة المشيئة تقتضي الحكم لذاتها لأنها نفس الاقتضاء والاقتضاء هو تخصيص ما عينه العلم بالحكم فيقع ما تعلقت المشيئة به ،
فإن الأمر الإلهي الذي لا راد له وحكم الله الذي لا معقب لحكمه هو الذي تعلقت المشيئة بوقوعه وجودا وعدما ، فإن لم تقترن المشيئة بوقوع العمل واقترن الأمر به لم يقع ، وإن اقترنت باقتران الأمر به يقع ، لأن المشيئة إنما اقتضت وقوع الأمر بذلك العمل لا وقوعه أي صدور العمل من المأمور المعين ،

"" أضاف بالى زادة : فالمشيئة إذا تعلقت تقرير الحكم المشروع خاصة نفذ تقرير ذلك الحكم لا العمل به ، وإذا تعلقت تقريره مع العمل به نفذ تقرير ذلك الحكم والعمل به فالتكاليف نفذ تقريرها ، وأما العمل بها فقد ينقذ لتعلق المشيئة به ، وقد لا ينفذ لعدم تعلقها به ، فإذن لم يقع الأمر إلا بحسب المشيئة اهـ بالى.
ولما يشعر كلامه أن للعبد تأثيرا في الجملة في وجود الفعل نفى ذلك بقوله ( وعلى الحقيقة ) فكان ذلك المحل شطا لصدور الفعل ( فأمر المشيئة ) يتعلق بالمشروط بتعلق آخر غير تعلقه بالشرط لا أن المشيئة تتعلق بعين العبد ، والعبد يفعل الفعل بلا تعلق المشيئة ،
فالمشيئة بذلك الفعل بل يشترك في الفعل معنى المشيئة ، فالمشيئة تستقل بوجود الفعل في التأثير كما تستقل في وجوه العبد ،
فالعبد لا تأثير له في فعله كما لا تأثير له في وجود نفسه ، وإنما بنى هنا المعنى على الحقيقة لأن بناء الظاهر هو أن العبد يكسب فعله ، فاللَّه يخلقه فكان للعبد تأثير في فعله بهذا الوجه ، ولا تأثير بذلك الوجه ، فمراد الله بحسب الوقوع في الخارج تابع لمشيئته ، وبحسب الوجود العلمي فالمشيئة تابعة له فلا جبر ، فإن كان الجبر فمن العبد لا من الله ، وإنما كان من الله أن لو كان المعلوم والمراد تابعا للعلم والمشيئة من كل الوجوه اهـ بالى .  ""

فالمسمى معصية ومخالفة إنما هو باعتبار أمر المكلف والشارع المتوسط لا باعتبار التكوين الذي هو المشيئة ، فلا يخالف الله في أمره الذي لا واسطة فيه فلا رادّ له ولا معقب ، فهذا يقتضي الألوهية .
قال رضي الله عنه :  ( وعلى الحقيقة فأمر المشيئة إنما يتوجه على إيجاد عين الفعل لا على من ظهر على يديه فيستحيل أن لا يكون ، ولكن في هذا المحل الخاص فوقتا يسمى به مخالفة لأمر الله ) ووقتا يسمى موافقة وطاعة لأمر الله  .

قال رضي الله عنه :  (يعنى أن أمر المشيئة إنما يتعلق على الحقيقة بعين الفعل مقتضيا وجوده لا بمن ظهر على يديه ، وإنما عدى فعل التوجه بعلي لتضمينه معنى الحكم ، يعنى أن أمر المشيئة يحكم على الفعل بالوجود متوجها نحوه ولا يحكم على فاعله فيستحيل أن لا يقع ، ولكن في المحل الخاص الذي يقع الفعل على يده يسمى وقتا موافقة وطاعة لأمر الله).

وذلك إذا كان ذلك الشخص مأمورا بذلك الفعل من جهة الشرع ، ووقتا مخالفة ومعصية لأمر الله إذا كان منهيا في الشرع عن ذلك الفعل ( ويتبعه لسان الحمد والذم على حسب ما يكون )
أي حسب الموافقة لأمر الواسطة والمخالفة ، وإن كان العبد في كليهما موافقا لأمر الإرادة مطيعا له .

قال رضي الله عنه :  (ولما كان الأمر في نفسه على ما قررناه لذلك كان مآل الخلق إلى السعادة على اختلاف أنواعها ، فعبر عن هذا المقام بأن الرحمة وسعت كل شيء ، فإنها سبقت الغضب الإلهي).

يعنى أن الأمر لما كان على ما قررناه من اقتضاء المشيئة لوجود الفعل لزم أن يكون مآل الكل إلى السعادة سواء كان الفعل موافقة وطاعة أو مخالفة ومعصية ، لأن الإيجاد وهو الرحمة ، فالرحمة وسعت كل شيء حتى المعصية لعموم النص فإنها عمت وسبقت الغضب الإلهي فلا يلحقها الغضب وإلا لم تكن سابقة ، فإذا حكم الغضب على المغضوب عليه من حيث اقتضاء المعصية والمخالفة ذلك ،
وكانت الرحمة المقدمة هي الغاية لحق الرحمة السابقة في الغاية فنالته الرحمة فحكمت عليه إذا لم يسبق غيرها ، فثبت أن المآل إلى الرحمة والسعادة فلا يبقى للغضب حكم ، وأيضا فالأعيان مرحومة لأنها موجودة وداخلة في عموم الشيء الذي وسعته الرحمة وهي الغاية المتقدمة ، فكيف للغضب المحفوف بالرحمتين حكم ، فالغضب هو العسر بين اليسرين.


مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فما خالف الله أحد قط في جميع ما يفعله من حيث أمر المشيئة، فوقعت المخالفة من حيث أمر الواسطة فافهم.
وعلى الحقيقة فأمر المشيئة إنما يتوجه على إيجاد عين الفعل لا على من ظهر على يديه، فيستحيل ألا يكون.
ولكن في هذا المحل الخاص، فوقتا يسمى به مخالفة لأمر الله، ووقتا يسمى موافقة وطاعة لأمر الله.  ويتبعه لسان الحمد أو الذم على حسب ما يكون.
ولما كان الأمر في نفسه على ما قررناه، لذلك كان مآل الخلق إلى السعادة على اختلاف أنواعها.  فعبر عن هذا المقام بأن الرحمة وسعت كل شيء، وأنها سبقت الغضب الإلهي. (

قال رضي الله عنه :  ( فما خالف الله أحد قط في جميع ما يفعله من حيث أمر المشية . ) لأن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن ( فوقعت المخالفة من حيث أمر الواسطة . فافهم . )
أي ، فالمخالفة ما وقعت إلا في أمر الواسطة .

قال رضي الله عنه :  ( وعلى الحقيقة فأمر المشيئة إنما يتوجه إلى إيجاد عين الفعل ، لا على من ظهر على يديه فيستحيل أن لا يكون ، ولكن في هذا المحل الخاص ) .
أي ، لا يتعلق أمر المشيئة على الحقيقة إلا بإيجاد عين الفعل ، لكن في هذا المحل الخاص ، لا على فاعله ليلزم أن يكون عدم الفعل منه مستحيلا .
فالمحل شرط صدور الفعل ، وتعلق أمر المشيئة بالمشروط لا الشرط ، والتعلق به بأمر آخر وبمشيئة أخرى .
كما وقع الخلاف بين العلماء أن الأمر بالشئ أمر بما لا يتم ذلك الشئ إلا به ، أو لا .
كالوضوء للصلاة . فذهب بعضهم إلى أن الأمر به ليس بعينه أمرا بما لا يتم إلا به ، بل بأمر آخر .
أما لو نازع فيه منازع ، لكان في موضعه ، لأن المشيئة تعلقت بالإيجاد في ذلك المحل ، فتعلقت المشيئة به أيضا .
ولما كان التوجه هاهنا متضمنا معنى الحكم ، عداه ب‍ ( على ) في قوله : ( لا على من ظهر ) .
قال رضي الله عنه :  ( فوقتا يسمى به مخالفة لأمر الله ، ووقتا يسمى موافقة وطاعة لأمر الله ، ويتبعه لسان الحمد والذم على حسب ما يكون . )
أي ، يسمى الفعل الصادر بسبب تعلق أمر المشيئة بعين ذلك الفعل ، عند كونه غير موافق لأمر الشارع ، ( معصية ) ومخالفة لأمر الله .
وعند كونه موافقا ، موافقة وطاعة ، وحينئذ يتبعه لسان الحمد في الطاعة ، والذم في المعصية .

قال رضي الله عنه :  (ولما كان الأمر في نفسه على ما قررناه ، لذلك كان مآل الخلق إلى السعادة على اختلاف أنواعها . ) أي ، لما كانت الأفعال كلها بمشيئة الله كما قررناه - من أنه لا يقع شئ إلا بالمشيئة الإلهية ولا يرتفع إلا بها - كان مآل الخلق في الآخرة إلى السعادة على اختلاف أنواع الخلائق وسعاداتهم .

قال رضي الله عنه :  ( فعبر عن هذا المقام بأن الرحمة وسعت كل شئ وأنها سبقت الغضب الإلهي . ) أي ، عبر الحق عن لسان هذا المقام ب‍ ( أن الرحمة وسعت كل شئ ) .
فإن المشيئة الإلهية وسعت جميع الأشياء أعيانها وأحوالها ، لأنها بها وجدت في العلم ، وبها ظهرت في العين .
وقال أيضا : ( إن رحمتي سبقت غضبي ) . فرحمته السابقة مشيئته الذاتية العامة السابقة على كل شئ ، ( 23 ) أسماء كانت أو أعيانا .

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فما خالف الله أحد قط في جميع ما يفعله من حيث أمر المشيئة، فوقعت المخالفة من حيث أمر الواسطة فافهم.
وعلى الحقيقة فأمر المشيئة إنما يتوجه على إيجاد عين الفعل لا على من ظهر على يديه، فيستحيل ألا يكون.
ولكن في هذا المحل الخاص، فوقتا يسمى به مخالفة لأمر الله، ووقتا يسمى موافقة وطاعة لأمر الله.  ويتبعه لسان الحمد أو الذم على حسب ما يكون.
ولما كان الأمر في نفسه على ما قررناه، لذلك كان مآل الخلق إلى السعادة على اختلاف أنواعها. فعبر عن هذا المقام بأن الرحمة وسعت كل شيء، وأنها سبقت الغضب الإلهي. (

قال رضي الله عنه :  ( فما خالف اللّه أحد قطّ في جميع ما يفعله من حيث أمر المشيئة ؛ فوقعت المخالفة من حيث أمر الواسطة ؛ فافهم ).
قال رضي الله عنه :  ( فما خالف اللّه أحد في جميع ما يفعله ) من طاعة ومعصية ، ( من حيث أمر المشيئة ) ، ولكن اتفق الكل على أن ترك المأمور ، وفعل المنهي مخالفة له ، ( فوقعت المخالفة من حيث أمر ) الرسالة ، وهو الأمر الشرعي من حيث أن تقرره بالمشيئة هو ووقوع الثواب والعقاب على صاحبه أيضا بها ، فهو من جميع وجوهه ( بالواسطة ) ، فالمخالفة فيه ليست تعجيزا للحق إذا وافق فيما هو أصله ؛ ( فافهم ) لئلا يتخذ عندك الأمران ولا حكمهما .

قال رضي الله عنه : ( وعلى الحقيقة فأمر المشيئة إنّما يتوجّه على إيجاد عين الفعل لا على من ظهر على يديه ، فيستحيل أن لا يكون ؛ ولكن في هذا المحلّ الخاصّ ، فوقتا يسمّى به مخالفة لأمر اللّه ، ووقتا يسمّى موافقة وطاعة لأمر اللّه ، ويتبعه لسان الحمد والذّمّ على حسب ما يكون ، ولمّا كان الأمر في نفسه على ما قرّرناه لذلك كان مآل الخلق إلى السّعادة على اختلاف أنواعها ، فعبّر عن هذا المقام بأنّ الرّحمة وسعت كلّ شيء ، وأنّها سبقت الغضب الإلهيّ ، )

ثم أشار إلى أنه كيف تقع المخالفة في أمر المشيئة ، ولا شكّ أنه إنما يتصور في الأمر المقدور عليه للعبد ، لكنه غير مقدور للعبد فلا تكليف فيه فلا يخالفه ؛ فقال : ( وعلى الحقيقة فأمر المشيئة إنما يتوجه على إيجاد عين الفعل ) ، إذ بها ترجيح أحد جانبي الفعل والترك الموجب حصول الراجح منهما ، و ( لا ) يكون تكليفا ( على من ظهر على يديه ) ، إذ ليس في وسعه تركه ؛ لأن المشيئة موجبة بالذات ، ( فيستحيل ألا يكون ) ، وما يستحيل عدمه يجب وجوده ، والواجب خارج عن حدّ التكليف كالممتنع .
قال رضي الله عنه : ( ولكن ) هذا الفعل الذي توجهت المشيئة إلى إنجازه إنما يتحقق ( في هذا المحل الخاص ) ، فيتأثر به فيحصل له منه صفة منيرة أو مظلمة باعتبار قصده فيه ، وهو باعتبار ذلك مكلف مختار ، ( فوقتا يسمى به ) أي : بالنظر إلى المحل وقصده وما تأثر به ( مخالفة لأمر اللّه ) الشرعي ، ( ووقتا يسمى موافقة ) ، وهو عين ما يكون ( طاعة لموافقته الأمر الشرعي ) مع أمر المشيئة أيضا ، ( ويتبعه )
أي : الفعل باعتبار المحل الصادر هو عن قصده ، ولا يتبع أمر المشيئة ؛ لأنه ليس إلى العبد أصلا ، بل هو فيه تابع للحق بالضرورة ، فلا يحمد باعتباره ، ولا يذم الحمد فيما وقع موافقا للأمرين ؛ لإفادته إياه أثرا نوريّا وسعادة ، والذم فيما وقع مخالفا للأمر الشرعي ، وإن وافق أمر المشيئة ؛ لإفادته إياه أثرا ظلمانيّا وشقاوة .

ولكن يكون ( هذا الحمد والذم على حسب ما يكون ) الفعل ، فالحمد على الواجب ليس كالحمد على المندوب ، والذم على الحرام ليس كالذم على المكروه ، وإنما ذكره ؛ ليشير إلى أن التفاوت في الأفعال إنما يكون بحسب هذا الاعتبار لا بحسب المشيئة ، وإلا فلا تفاوت في المشيئة كما قال تعالى :ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ[ الملك : 3 ] ؛ ولذا لا يذم اللّه تعالى على خلق القبائح إذ لا قبح بالنسبة إليه .

ثم أشار إلى ذلك الكمال في جميع تلك الأفعال الذي به انتسابها إلى اللّه تعالى بأنها من تلك الجهة مقيدة للسعادة بوجه ما للعامل ، وإن كانت مفيدة للشقاوة بوجه آخر .
فقال : ( ولما كان الأمر ) أي : أمر الحق تعالى ( على ما قررناه ) من كونه أمر المشيئة وأمر التكليف ، وأنه لا بدّ للعبد في أفعاله كلها وموافقة أحدهما ، والموافقة موجبة للكمال كانت موجبة لكماله من وجه ؛ ( لذلك ) أي : لكون فعل كل موجب للكمال في الجملة ، ( كان مآل الخلق إلى السعادة ) التي هي الكمال المطلوب من اتحادهم ( على اختلاف أنواعها ) ، فنوع منها تنتفع به الروح والقلب والجسم ، وسائر ما يتعلق بها ، ونوع يختص نفعه بالأعيان الثابتة ، وهي سعادة القرب من الحق في التجلي الجلالي ، تلتذ بها الأعيان الثابتة دون الأرواح والقلوب والنفوس والأركان .

قال رضي الله عنه : ( فعبّر عن هذا المقام ) أي : مقام حصول نوع من السعادة لكل واحد ، وإن كان مع نقصها أنواع من الشقاوة بحيث يضمحل هذا النوع بالنظر إليها ( بأن الرحمة ) التي هي إفاضة الخير ، ( وسعت كل شيء ) حتى المغضوب عليه ، إذ يحصل له سعادة القرب من اللّه عند رجوعه إلى اللّه ، ولكن مع تنكس الرأس ، وعود الحجاب الظلماني عليه الموجب للعذاب ، ( وأنها سبقت الغضب الإلهي ) ، فلا بدّ للمغضوب عليه أن يصير محكوما عليه بها إذ وصل إلى غايته ، وذلك أن :

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فما خالف الله أحد قط في جميع ما يفعله من حيث أمر المشيئة، فوقعت المخالفة من حيث أمر الواسطة فافهم.
وعلى الحقيقة فأمر المشيئة إنما يتوجه على إيجاد عين الفعل لا على من ظهر على يديه، فيستحيل ألا يكون.
ولكن في هذا المحل الخاص، فوقتا يسمى به مخالفة لأمر الله، ووقتا يسمى موافقة وطاعة لأمر الله.  ويتبعه لسان الحمد أو الذم على حسب ما يكون.
ولما كان الأمر في نفسه على ما قررناه، لذلك كان مآل الخلق إلى السعادة على اختلاف أنواعها.  فعبر عن هذا المقام بأن الرحمة وسعت كل شيء، وأنها سبقت الغضب الإلهي. (

قال رضي الله عنه :  ( فما خالف الله أحد قطَّ في جميع ما يفعله من حيث أمر المشيئة ) التي لا دخل للواسطة فيه ولا لغيرها مما يشوب به صرافة الوحدة ( فوقعت المخالفة من حيث أمر الواسطة ، فافهم ) حيث أن منشأ المخالفة إنما هو إدخال الواسطة الحاكمة على ما يترتّب على إيجاد الفعل من العوارض الاعتباريّة التي تعرض الفعل المذكور بالإضافة إلى فاعله المخصوص في الزمان الخاصّ ، كالإباحة والحرمة وغيرهما .

مرجع المعصية والطاعة 
قال رضي الله عنه :  (وعلى الحقيقة فأمر المشيئة إنما يتوجّه على إيجاد عين الفعل ، لا على من ظهر على يديه ، فيستحيل إلا أن يكون ) ذلك الإيجاد بعينه ، ضرورة توجّه الأمر قادرا عليه ومستعليا وحاكما ومستوليا ، ولتضمّن التوجّه المذكور في نفسه هذه المعاني كلَّها عدّاه بـ "على " .
فعلم أنّ متوجّه أمر المشيئة المتحتّم امتثاله إنما هو إيجاد عين الفعل مطلقا .
ولكن لما كان ذلك إنما يتصوّر وجوده في الخارج ، إذا كان في محلّ وزمان يشخّصانه ، وبذلك يصير عرضة للمدح والذمّ والمخالفة والمعصية .

كما ورد في الحديث : " كلّ مولود يولد على الفطرة ، فأبواه يهوّدانه وينصّرانه " ، وإلى ذلك أشار بقوله : ( ولكن في هذا المحلّ الخاصّ فوقتا يسمى به مخالفة لأمر الله . ووقتا يسمّى موافقة وطاعة لأمر الله ) وذلك بحسب ما عيّنه الشارع ، حيث أن المشخّصين المذكورين إذا كان تشخيصهما في الحد الذي عيّنه الشارع يكون محمودا ، وإذا وقع خارجا عنه يكون مذموما . ولذلك قال : ( ويتبعه لسان الحمد والذمّ على حسب ما يكون ) فيه من جهتي الموافقة والمخالفة.

مآل الخلق إلى السعادة
قال رضي الله عنه :  ( ولما كان الأمر في نفسه على ما قرّرناه ) من أنّ الحمد والذمّ والموافقة والمخالفة منشؤها إنما هو المشخّصات الخارجيّة ، وهي نسبة ذلك العين إلى الزمان والمكان المخصوص ، والنسب إنما هي اعتبارات محضة لا حظَّ لها من الوجود ،
فيكون عين الأفعال التي هي متوجّه أمر المشيئة في نفسها مبرّأة عن هذه النسب ، وإن كان في الخارج لا يخلو عن نسبة من تلك النسب ، ( لذلك كان مآل الخلق إلى السعادة - على اختلاف أنواعها - ) ، فإنّ لكل نسبة خاصيّة وأثرا يترتّب عليها . إمّا في طرف الحمد - ويسمّى بدرجات الجنّة.
أو في جهة الذمّ - ويسمّى بدركات الجحيم ، والكلّ سعادة لشمول الرحمة إيّاه .

قال رضي الله عنه :  ( فعبّر عن هذا المقام بأنّ « الرحمة وسعت كل شيء » ) من متوجّهات أمر المشيئة ، ( وأنّها سبقت الغضب الإلهي ) سبقا ذاتيّا يستلزم العلوّ والاستيلاء ،

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :قال الشيخ رضي الله عنه :  (فما خالف الله أحد قط في جميع ما يفعله من حيث أمر المشيئة، فوقعت المخالفة من حيث أمر الواسطة فافهم.
وعلى الحقيقة فأمر المشيئة إنما يتوجه على إيجاد عين الفعل لا على من ظهر على يديه، فيستحيل ألا يكون.
ولكن في هذا المحل الخاص، فوقتا يسمى به مخالفة لأمر الله، ووقتا يسمى موافقة وطاعة لأمر الله. ويتبعه لسان الحمد أو الذم على حسب ما يكون.
ولما كان الأمر في نفسه على ما قررناه، لذلك كان مآل الخلق إلى السعادة على اختلاف أنواعها. فعبر عن هذا المقام بأن الرحمة وسعت كل شيء، وأنها سبقت الغضب الإلهي. (

قال رضي الله عنه :  (فما خالف اللّه أحد قطّ في جميع ما يفعله من حيث أمر المشيئة ؛ فوقعت المخالفة من حيث أمر الواسطة فافهم . وعلى الحقيقة فأمر المشيئة إنّما يتوجّه على إيجاد عين الفعل لا على من ظهر على يديه ، فيستحيل أن لا يكون ؛ ولكن في هذا المحلّ الخاصّ .
فوقتا يسمّى به مخالفة لأمر اللّه ، ووقتا يسمّى موافقة وطاعة لأمر اللّه ، ويتبعه لسان الحمد والذّمّ على حسب ما يكون .)

قال رضي الله عنه :  (فما خالف اللّه أحد قط في جميع ما يفعله من حيث أمر المشيئة فوقعت المخالفة من حيث أمر الواسطة فافهم . وعلى الحقيقة فأمر المشيئة ) إذا تعلقت بأفعال العباد
 ( إنما يتوجه على إيجاد عين الفعل لا على من ظهر ذلك على يديه فيستحيل أن يكون ) ، أي فيستحيل من حالتي الفعل وجوده وعدمه إلا وجوده فإنه غير مستحيل بل واجب .
وفي بعض النسخ يستحيل أن لا يكون ومعناه ظاهر .

قال رضي الله عنه :  ( ولكن في هذا المحل الخاص فوقتا يسمى ) عين الفعل ( به ) ، أي بأمر المشيئة ( مخالفة لأمر اللّه ) ، إذا لم يكن موافقا للأمر التكليفي ( ووقتا يسمى موافقة وطاعة لأمر اللّه ) إذا كان موافقا له ( ويتبعه ) ، أي الفعل الذي تتعلق به المشيئة ( لسان الحمد أو الذم على حسب ما يكون ) موافقا أو مخالفا للأمر التكليفي فإن كان موافقا يحمد وإن كان مخالفا يذم .

قال رضي الله عنه :  ( ولمّا كان الأمر في نفسه على ما قرّرناه لذلك كان مآل الخلق إلى السّعادة على اختلاف أنواعها. فعبّر عن هذا المقام بأنّ الرّحمة وسعت كلّ شيء ، وأنّها سبقت الغضب الإلهيّ . )

قال رضي الله عنه :  (ولما كان الأمر في نفسه على ما قررناه ) من أنه لا يقع شيء إلا بالمشيئة الإلهية ولا يرتفع شيء إلا بها ( لذلك كان مآل الخلق ) في الآخرة ( إلى السعادة على اختلاف أنواعها ) واشتراكها في رفع العذاب عنهم ( فعبر ) الحق سبحانه ( عن هذا المقام ) ،
أي مقام كون مآل الكل إلى السعادة ( بأن الرحمة وسعت كل شيء ) فكما أن الرحمة الوجودية وسعت كل الأشياء حتى الغضب ، كذلك الرحمة المقابلة للغضب أيضا وسعتها ( وأنها ) ، أي وعبر عن هذا المقام أيضا بأنها ، أي الرحمة ( سبقت الغضب الإلهي ) سبقا يعم جميع معاني السبق من التقدم في الوجود ومن التعدي عن الشيء بعد اللحوق به ومن الغلبة والاستيلاء.
   .
العودة إلى الفهرس
الفقرة الرابعة عشر على منتدي إتقوا الله ويعلمكم الله 
واتساب

No comments:

Post a Comment