Wednesday, January 1, 2020

السفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية الفقرة الأولى .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية الفقرة الأولى .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية الفقرة الأولى .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

17 - The Wisdom of Being in the Word of David

 الفقرة الأولي:
متن فصوص الحكم الشيخ الأكبر محمد ابن العربي الطائي الحاتمي 638 هـ :
17 - فص حكمة وجودية في كلمة داودية
اعلم أنه لما كانت النبوة والرسالة اختصاصا إلهيا ليس فيها شيء من الاكتساب:
أعني نبوة التشريع، كما كانت عطاياه تعالى لهم عليهم السلام من هذا القبيل مواهب ليست جزاء: ولا يطلب عليها منهم جزاء.
فإعطاؤه إياهم على طريق الإنعام والإفضال. فقال تعالى ووهبنا له إسحاق ويعقوب يعني لإبراهيم الخليل عليه السلام.
وقال في أيوب «ووهبنا له أهله ومثلهم معهم»، وقال في حق موسى «ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا» إلى مثل ذلك.
فالذي تولاهم أولا هو الذي تولاهم في عموم أحوالهم أو أكثرها، وليس إلا اسمه الوهاب.
وقال في حق داود «ولقد آتينا داود منا فضلا» فلم يقرن به جزاء يطلبه منه، ولا أخبر أنه أعطاه هذا الذي ذكره جزاء.
ولما طلب الشكر على ذلك العمل طلبه من آل داود ولم يتعرض لذكر داود ليشكره الآل على ما أنعم به على داود.
فهو في حق داود عطاء نعمة وإفضال، وفي حق آله على غير ذلك لطلب المعاوضة فقال تعالى «اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادي الشكور».
وإن كانت الأنبياء عليهم السلام قد شكروا الله على ما أنعم به عليهم ووهبهم، فلم يكن ذلك على طلب من الله، بل تبرعوا بذلك من نفوسهم كما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تورمت قدماه شكرا لما غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.
فلما قيل له في ذلك قال «أفلا أكون عبدا شكورا»؟
وقال في نوح «إنه كان عبدا شكورا».
فالشكور من عباد الله تعالى قليل.
فأول نعمة أنعم الله بها على داود عليه السلام أن أعطاه اسما ليس فيه حرف من حروف الاتصال، فقطعه عن العالم بذلك إخبارا لنا عنه بمجرد هذا الاسم، وهي الدال والألف والواو.

وسمى محمدا صلى الله عليه وسلم بحروف الاتصال والانفصال، فوصله به وفصله عن العالم فجمع له بين الحالين في اسمه كما جمع لداود بين الحالين من طريق المعنى، ولم يجعل ذلك في اسمه، فكان ذلك اختصاصا لمحمد على داود عليهما السلام، أعني التنبيه عليه باسمه.
فتم له الأمر عليه السلام من جميع جهاته، وكذلك في اسمه أحمد، فهذا من حكمة الله تعالى.
ثم قال في حق داود- فيما أعطاه على طريق الإنعام عليه- ترجيع الجبال معه التسبيح، فتسبح لتسبيحه ليكون له عملها. وكذلك الطير.
وأعطاه القوة و نعته بها، وأعطاه الحكمة و فصل الخطاب.
ثم المنة الكبرى والمكانة الزلفى التي خصه الله بها التنصيص على خلافته.
ولم يفعل ذلك مع أحد من أبناء جنسه وإن كان فيهم خلفاء فقال «يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى» أي ما يخطر لك في حكمك من غير وحي مني «فيضلك عن سبيل الله».
أي عن الطريق الذي أوحي بها إلى رسلي.
ثم تأدب سبحانه معه فقال «إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب» ولم يقل له فإن ضللت عن سبيلي فلك عذاب شديد.
فإن قلت وآدم عليه السلام قد نص على خلافته.
قلنا ما نص مثل التنصيص على داود، وإنما قال للملائكة «إني جاعل في الأرض خليفة»، ولم يقل إني جاعل آدم خليفة في الأرض.
ولو قال، لم يكن مثل قوله «جعلناك خليفة» في حق داود، فإن هذا محقق وذلك ليس كذلك.
وما يدل ذكر آدم في القصة بعد ذلك على أنه عين ذلك الخليفة الذي نص الله عليه. فاجعل بالك لإخبارات الحق عن عباده إذا أخبر.
وكذلك في حق إبراهيم الخليل «إني جاعلك للناس إماما» ولم يقل خليفة، وإن كنا نعلم أن الإمامة هنا خلافة، ولكن ما هي مثلها، لأنه ما ذكرها بأخص أسمائها وهي الخلافة.
ثم في داود من الاختصاص بالخلافة أن جعله خليفة حكم، وليس ذلك إلا عن الله فقال له فاحكم بين الناس بالحق، وخلافة آدم قد لا تكون من هذه المرتبة: فتكون خلافته أن يخلف من كان فيها قبل ذلك، لا أنه نائب عن الله في خلقه بالحكم الإلهي فيهم، وإن كان الأمر كذلك وقع، ولكن ليس كلامنا إلا في التنصيص عليه والتصريح به.
ولله في الأرض خلائف عن الله، وهم الرسل.
وأما الخلافة اليوم فعن الرسول لا عن الله، فإنهم ما يحكمون إلا بما شرع لهم الرسول لا يخرجون عن ذلك.
غير أن هنا دقيقة لا يعلمها إلا أمثالنا، وذلك في أخذ ما يحكمون به مما هو شرع للرسول عليه السلام.
فالخليفة عن الرسول من يأخذ الحكم بالنقل عنه
صلى الله عليه و سلم أو بالاجتهاد الذي أصله أيضا منقول عنه صلى الله عليه وسلم
.
وفينا من يأخذه عن الله فيكون خليفة عن الله بعين ذلك الحكم، فتكون المادة له من حيث كانت المادة لرسوله صلى الله عليه وسلم.
فهو في الظاهر متبع لعدم مخالفته في الحكم، كعيسى إذا نزل فحكم، وكالنبي محمد صلى الله عليه وسلم في قوله «أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده»، وهو في حق ما يعرفه من صورة الأخذ مختص موافق، هو فيه بمنزلة ما قرره النبي صلى الله عليه وسلم من شرع من تقدم من الرسل بكونه قرره فاتبعناه من حيث تقريره لا من حيث إنه شرع لغيره قبله.
وكذلك أخذ الخليفة عن الله عين ما أخذه منه الرسول.
فنقول فيه بلسان الكشف خليفة الله وبلسان الظاهر خليفة رسول الله.
ولهذا مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وما نص بخلافة عنه إلى أحد.
ولا عينه لعلمه أن في أمته من يأخذ الخلافة عن ربه فيكون خليفة عن الله مع الموافقة في الحكم المشروع.
فلما علم ذلك صلى الله عليه وسلم لم يحجر الأمر.
فلله خلفاء في خلقه يأخذون من معدن الرسول والرسل ما أخذته الرسل عليهم السلام، ويعرفون فضل المتقدم هناك لأن الرسول قابل للزيادة: وهذا الخليفة ليس بقابل للزيادة التي لو كان الرسول قبلها.
فلا يعطي من العلم والحكم فيما شرع إلا ما شرع للرسول خاصة، فهو في الظاهر متبع غير مخالف، بخلاف الرسل.
ألا ترى عيسى عليه السلام لما تخيلت اليهود أنه لا يزيد على موسى، مثل ما قلناه في الخلافة اليوم مع الرسول، آمنوا به وأقروه:
فلما زاد حكما أو نسخ حكما قد قرره موسى لكون عيسى رسولا لم يحتملوا ذلك لأنه خالف اعتقادهم فيه؟
وجهلت اليهود الأمر على ما هو عليه فطلبت قتله، فكان من قصته ما أخبرنا الله في كتابه العزيز عنه وعنهم.
فلما كان رسولا قبل الزيادة، إما بنقص حكم قد تقرر، أو زيادة حكم.
على أن النقص زيادة حكم بلا شك.
والخلافة اليوم ليس لها هذا المنصب وإنما تنقص أو تزيد على الشرع الذي تقرر بالاجتهاد لا على الشرع الذي شوفه به محمد صلى الله عليه وسلم، فقد يظهر من الخليفة ما يخالف حديثا ما في الحكم فيتخيل أنه من الاجتهاد وليس كذلك: وإنما هذا الامام لم يثبت عنده من جهة الكشف ذلك الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولو ثبت لحكم به.
وإن كان الطريق فيه العدل عن العدل فما هو معصوم من الوهم ولا من النقل على المعنى.
فمثل هذا يقع من الخليفة اليوم، وكذلك يقع من عيسى عليه السلام، فإنه إذا نزل يرفع كثيرا من شرع الاجتهاد المقرر فيبين برفعه صورة الحق المشروع الذي كان عليه عليه السلام، ولا سيما إذا تعارضت أحكام الأئمة في النازلة الواحدة.
فنعلم قطعا أنه لو نزل وحي لنزل بأحد الوجوه، فذلك هو الحكم الإلهي.
وما عداه وإن قرره الحق فهو شرع تقرير لرفع الحرج عن هذه الأمة واتساع الحكم فيها.
وأما قوله عليه السلام إذا بويع الخليفتين فاقتلوا الآخر منهما هذا في الخلافة الظاهرة التي لها السيف.
وإن اتفقا فلا بد من قتل أحدهما.
بخلاف الخلافة المعنوية فإنه لا قتل فيها.
وإنما جاء القتل في الخلافة الظاهرة وإن لم يكن لذلك الخليفة هذا المقام، وهو خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم إن عدل فمن حكم الأصل الذي به تخيل وجود إلهين، «لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا»، وان اتفقا: فنحن نعلم أنهما لو اختلفا تقديرا لنفذ حكم أحدهما، فالنافذ الحكم هو الإله على الحقيقة، والذي لم ينفذ حكمه ليس بإله.
ومن هنا نعلم أن كل حكم ينفذ اليوم في العالم أنه حكم الله عز وجل، وإن خالف الحكم المقرر في الظاهر المسمى شرعا إذ لا ينفذ حكم إلا لله في نفس الأمر، لأن الأمر الواقع في العالم إنما هو على حكم المشيئة الإلهية لا علم حكم الشرع المقرر، وإن كان تقريره من المشيئة.
ولذلك نفذ تقريره خاصة فإن المشيئة ليست لها فيه إلا التقرير لا العمل بما جاء به.
فالمشيئة سلطانها عظيم، ولهذا جعلها أبو طالب عرش الذات، لأنها لذاتها تقتضي الحكم.
فلا يقع في الوجود شيء ولا يرتفع خارجا عن المشيئة، فإن الأمر الإلهي إذا خولف هنا بالمسمى معصية، فليس إلا الأمر بالواسطة لا الأمر التكويني.
فما خالف الله أحد قط في جميع ما يفعله من حيث أمر المشيئة، فوقعت المخالفة من حيث أمر الواسطة فافهم.
وعلى الحقيقة فأمر المشيئة إنما يتوجه على إيجاد عين الفعل لا على من ظهر على يديه، فيستحيل ألا يكون.
ولكن في هذا المحل الخاص، فوقتا يسمى به مخالفة لأمر الله، ووقتا يسمى موافقة وطاعة لأمر الله.
ويتبعه لسان الحمد أو الذم على حسب ما يكون.
ولما كان الأمر في نفسه على ما قررناه، لذلك كان مآل الخلق إلى السعادة على اختلاف أنواعها.
فعبر عن هذا المقام بأن الرحمة وسعت كل شيء، وأنها سبقت الغضب الإلهي.
والسابق متقدم، فإذا لحقه هذا الذي حكم عليه المتأخر حكم عليه المتقدم فنالته الرحمة إذ لم يكن غيرها سبق.
فهذا معنى سبقت رحمته غضبه، لتحكم على ما وصل إليها فإنها في الغاية وقفت والكل سالك إلى الغاية.
فلا بد من الوصول إليها، فلا بد من الوصول إلى الرحمة ومفارقة الغضب، فيكون الحكم لها في كل واصل إليها بحسب ما تعطيه حال الواصل إليها.
فمن كان ذا فهم يشاهد ما قلناه ... وإن لم يكن فهم فيأخذه عنا
فما ثم إلا ما ذكرناه فاعتمد ... عليه وكن بالحال فيه كما كنا
فمنه إلينا ما تلونا عليكم ... ومنا إليكم ما وهبناكم منا
وأما تليين الحديد فقلوب قاسية يلينها الزجر والوعيد تليين النار الحديد.
وإنما الصعب قلوب أشد قساوة من الحجارة، فإن الحجارة تكسرها وتكلسها النار ولا تلينها.
وما ألان له الحديد إلا لعمل الدروع الواقية تنبيها من الله: أي لا يتقى الشيء إلا بنفسه، لأن الدرع يتقى بها السنان والسيف والسكين والنصل، فاتقيت الحديد بالحديد.
فجاء الشرع المحمدي بأعوذ بك منك، فافهم، فهذا روح تليين الحديد فهو المنتقم الرحيم والله الموفق.


متن نقش فصوص الحكم للشيخ الأكبر محمد ابن العربي الطائي الحاتمي 638 هـ :
 
17- نقش فص حكمة وجودية في كلمة داودية
وهب داود فضلاً معرفة به لا يقتضيها عمله.
فلو اقتضاها عمله لكانت جزاء، ووهب له فضلاً سليمان عليه السلام: " وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ " [ص: 30].
وبقي قوله: " وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلاً يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ " [سبأ: 10].
هل هذا العطاءجزاء أو بمعنى الهبة.
وقال: " وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ " [سبأ: 13]، ببنية المبالغة.
ليعم شكر التكليف. وشكر التبرع.
فشكر التبرع : (أفلا أكون عبداً شكوراً)، قول النبي عليه السلام.
وشكر التكليف ما وقع به الأمر مثل: (واشكروا لله)، (واشكروا نعمة الله).
وبين الشكرين ما بين الشكورين لمن غفل عن الله.
وداود "منصوصٌ" على خلافته والإمامة. وغيره ليس كذلك.
ومن أعطي الخلافة فقد أعطي التحكم والتصرف في العالم "ترجيع الجبال معهُ بالتسبيح والطير" تؤذن بالموافقة.
فموافقة الإنسان له أولى.
الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص صدر الدين القونوي 673 هـ :
17 - فك ختم الفص الداودي

1 / 17  - اعلم ان كثيرا مما عزمت بمشيئة الله تعالى على ذكره في شرح هذا الفص هو من وجه كالتتمة لما ذكر في بيان اسرار احوال سليمان ، فان بين اسرار احوال سليمان وداود عليهما السلام اشتراكا عظيما قد نبه الحق سبحانه في كتابه عليه بقوله : “ ولَقَدْ آتَيْنا داوُدَ وسُلَيْمانَ عِلْماً “ [ النمل / 15 ] .
بما حكاه من سليمان حيث قال : “ يا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وأُوتِينا من كُلِّ شَيْءٍ “ [ النمل / 16 ] فاشترك معه إياه فيما رزقاه .
وكذلك شرك الحق بينهما في طلب الشكر ولذلك : “ قالا الْحَمْدُ لِلَّه الَّذِي فَضَّلَنا عَلى كَثِيرٍ من عِبادِه الْمُؤْمِنِينَ “ [ النمل / 15 ] فاشتركا في الامر والحكم ايضا .
كما قال تعالى : “ وداوُدَ وسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ في الْحَرْثِ “ [ الأنبياء / 78 ] وبقوله : “ كُلاًّ آتَيْنا حُكْماً وعِلْماً “ [ الأنبياء / 79 ] فافهم .

2 / 17 -  وذلك سر اقران شيخنا رضى الله عنه هذه الحكمة بالوجود حيث قال :
فص حكمة وجودية في كلمة داودية ، فكأنه أشار الى شيء مما أوضحته من سر الوجود وسيره في درجات ظهوره وكونه عين الرحمة التي وسعت كل شيء .

 3 / 17 - فأقول : قد بينا ان الرحمة ذاتية وصفاتية وان لكل منهما حكما عاما وخاصا ، وذكرنا حكم ( 3 ) العام الخصيص بالرحمة العامة واختصاصه بسليمان وما يتعلق بذلك كله مع زوائد شتى .

4 / 17 - فاعلم ان الحكم الخاص المضاف الى الرحمة العامة الصفاتية من الخلافة الإلهية ، فظهرت أحكامها في المراتب الوجودية بالتدريج بحسب مظاهر حقيقة الانسانية الكمالية الإلهية ، المنتهى كمال ظهورها الى الصورة الادمية التي هي اكمل مظاهرها ، ولما كانت مظاهر المتقدمة على الصورة الادمية غير مستعدة لان يظهر بها وفيها الحقيقة الانسانية ظهورا تاما ، كان ظهور احكام مرتبتها المعبر عنها بالالوهية هناك وبالخلافة هنا ايضا كذلك ، ولا تم ظهورها بآدم عليه السلام ، صار لها ظهور وسير وبسط آخر في عرصة العرض الإنساني ، ولهذا اشترت في الفص السليماني الى ما معناه :
ان بروز الوجود وأحكامه من الغيب الى الشهادة كان بالتدريج حتى انتهى الامر الى النوع الإنساني، فصار ذلك الظهور على وجه آخر مخصوص، ثم لم يزل يظهر الامر بسير آخر في مراتب الاعتدال التي يتضمنها عرض النوع الإنساني، فان الخلافة لم تبسط حكمها تاما بآدم - لقلة وجود المستخلفين عليهم - فلم يكن ثمة من ينبسط عليه احكام مرتبته الا طائفة يسيرة من ذريته، ولهذا لم يتضمن خلافته مرتبة الرسالة، بل بقيت فيه بالقوة وفيما خلف من ذراريه والمتناسلين منهم بعده الى زمان نوح عليه السلام الذي هو اول المرسلين .

5 / 17 -  ثم نقول : فما برحت احكام الخلافة من حيثها ومن حيث مرتبة المستخلف يزداد ظهورا وانبساطا - كالوجود - حتى انتهى الامر الى داود عليه السلام ، فتم بوجوده مرتبة الخلافة وانبسطت أحكامها في الوجود بحسب درجات الأكملية بعد استيفاء ما هو شرط في حصول مقام الكمال ، وكمل انبساط الاحكام والصفات المذكورة بابنه سليمان ، وقد ورد التنبيه على ذلك في القرآن الكريم ، اعنى ثبوت الاشتراك بينهما في الحكم والعلم وغير ذلك على ما ذكر في اول الفص ، فلينظر هناك ، فاشار سبحانه الى ما منحه ومنح ابنه مما زادا به على من تقدمهما من الخلفاء من العلم وانبساط احكام الخلافة ونفوذها وعموم التأثير في الخلق .

6 / 17 - ومن جملة ما رجحت به خلافة داود على خلافة آدم:
ان حظه من الأسماء على ما صرح به كان علمه بها واما داود: فتحقق بها علما وحالا وعملا، فاما علما : فقد سبقت الإشارة الى ذلك ، مع انه لا يخفى على الألباء ان اعظم الشروط في التحقق بمرتبة الخلافة وأولها وأولاها هو العلم .
واما تحققه من حيث العمل : فاخبار النبي صلى الله عليه وسلم عنه انه كان اعبد اهل الأرض .
واما تحققه بها ، اعنى بالأسماء حالا : فكون الحق سبحانه قدر له تزويج تسعة وتسعين زوجة  ، ضرب مثال الأسماء الحسنى ، ولما أراد ان يتم عند المائة ، مع ان المتمم للمائة هو الاسم الله باعتبار دلالته على الذات والمرتبة  .

7 / 17 - وذلك لما رأى من قوة قابليته لكل ما يشتمل عليه الحضرة ، فان من شأن الكمل ان كل ما هو متعذر الحصول لاحد من الحق ، هو عندهم بالنسبة الى كمال قابليتهم غير متعذر ولا مستحيل ، الى ان يخبرهم الحق باخبار مخصوصة خارج عن خواص المواد والوسائط ، فحينئذ يصدقون ربهم ويحكمون باستحالة حصول ذلك الامر - كحال موسى عليه السلام في طلب الرؤية على وجه مخصوص - فلما أخبر بتعذر ذلك ، تاب وآمن.

8 / 17 - ولما كان الامر الذي به يتم مظهرية المائة متعذر الحصول لذاته من حيث “ إِنَّ الله لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ به “ [ النساء / 48 ] لهذا نبهه الحق على ذلك بما ابدى له من حيث الامثلة التي روعي فيها الأدب التام مع مرتبته ، تعظيما للمرتبة تنبيها له ، ليعرف ان الله قد اقامه في مرتبة اول من قام بحق أدبها من اقامه فيها .
كما قال تعالى ايضا بلسان البشارة مع الأدب والتعريف: “يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً في الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ ولا تَتَّبِعِ الْهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ الله إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ الله لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما نَسُوا يَوْمَ الْحِسابِ “ [ ص / 26 ] .

9 / 17  - فلسان الأدب في هذه الاية قوله : “ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ الله “ .
والا لكان الأنسب من مقتضى المواجهة له ان يقول :
انك ان ضللت عن سبيل الله فلك عذاب شديد ، فخرج من خطاب المواجهة الى المغايبة - معرضا لا مصرحا - فتنبه وتذكر ما ذكرت لك تعرف رجحان خلافة داود على خلافة آدم بما نبهت عليه آنفا وبالحكم بين الناس أيضا.
لأنه ليس في خلافة آدم التصريح بالحكم وايضا فإنه حين اعطى الخلافة لم يكن ثمة من الناس من يحكم عليه واما الجن :
فلم يكن منهم الا ابليس الذي ابى ان يسجد له اولا وازلَّه وزوجته ودلاهما بغرور.
ثانيا - بخلاف داود وسليمان عليهما السلام - فإنه نفذ حكمهما في الجن والانس وغيرهما من الموجودات، فكان الجن والشياطين محكومين لهما بين: “بَنَّاءٍ وغَوَّاصٍ وآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ في الأَصْفادِ “ [ ص / 37 ] فشتان بين الأمرين .

10 / 17 - ومما يؤيد ما ذكرته من رجحان خلافة داود وسليمان على خلافة آدم وعلو مرتبتهما في العلم ونيل الهمة ما ورد في الحديث الثابت الاسناد:
ان الله خير سليمان بين العلم والملك والمال، وفي رواية بدل المال النبوة، فاختار العلم، فأعطاه الله الملك والمال والنبوة لاختياره العلم.
واما آدم : فان الله اسجد له الملائكة بأجمعهم وادخله الجنة وقال له : “ إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيها ولا تَعْرى وأَنَّكَ لا تَظْمَؤُا فِيها ولا تَضْحى “ [ طه / 118 و 119 ] .
ومع ذلك لما سمع قول ابليس : “ ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِه الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا من الْخالِدِينَ “ [ الأعراف / 20 ] صدقه هو وزوجته وانفعلا لقوله .

11 / 17 - وهذه القضية تشتمل على امرين مشكلين لم ار أحدا تنبه لهما ولا أجابني احد من اهل العلم الظاهر والباطن عنهما وهو : انه عليه السلام بعد سجود الملائكة له بأجمعهم ومشاهدة رجحانه عليهم بذلك وتعلم الأسماء والخلافة ووصية الحق له .
كيف أقدم على المخالفة وتشوف بقول ابليس الى ان يكون ملكا، وكيف لم يعلم ان من دخل الجنة المعرفة بلسان الشريعة لم يخرج منها.
وان النشأة الجنانية لا تقبل الكون والفساد لذاتها فهي تقتضي الخلود؟
12 / 17 - فكان هذه الحال يدل دلالة واضحة على ان الجنة التي كان فيها ليست الجنة الى عرضها السموات والأرض والتي عرضها الكرسي الذي هو الفلك الثامن وسقفها عرش الرحمن.
فان تلك لا تخفى على من دخلها انها ليست محل الكون والفساد ولا ان يكون نعيمه موقتا ممكن الانقطاع ، فان ذلك المقام يعطى بذاته معرفة ما يقتضيه حقيقته وهو عدم انقطاع نعيمه بموت او غيره كما قال تعالى : “ عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ “ [ هود / 108 ] اى غير منقطع ولا متناه ، فافهم ما نبهت عليه من غرائب العلوم وغوامضه ترشد .

13 / 17 - فحالة آدم وحوا عليهما السلام في هذه القضية كحال بنى اسرائيل الذين قال الله تعالى في حقهم : “ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْراً فَإِنَّ لَكُمْ ما سَأَلْتُمْ “ [ البقرة / 61 ] ولهذه المناسبة والمشاركة اردف الحق قصة آدم في سورة البقرة بقصة موسى وبنى اسرائيل - مع ما بينهما من طول المدة - فراعى سبحانه في ذلك المضاهاة في الفعل والحال - دون الزمان - فافهم سر هذا من اسرار القرآن .

14 / 17 - فان القرآن العزيز ورد فيه ذكر جماعة من الأنبياء في مواضع كثيرة وسردت  أسمائهم في موضع بترتيب مخصوص ، ثم ذكروا في موضع آخر بترتيب مخالف للترتيب الأول بمعنى انه قدم ذكر من أخر ذكره في الترتيب الأول وأخر من قد كان قدم ذكره من قبل ، وذكروا في موضع ثالث ورابع بترتيب غير التراتيب المقدمة هكذا في مواضع شتى مخالف بعضها بعضا .

15 / 17 - السر فيه هو : انه روعي من موضع ذكرهم بحسب تفاوت مراتبهم ودرجات ما فضل به بعضهم على بعض المشار اليه بقوله تعالى : “ تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ “ [ البقرة / 253 ] .
وتارة روعي في ترتيب ذكرهم تقدمهم وتأخرهم الزمانى، وتارة روعي في ترتيب ذكرهم مشاركتهم في الفعل والحال المذكورين في السورة او القصة، فالأقرب شبها ونسبة يكون هو المقدم في الذكر الأنسب فالانسب الى الامر المذكور.
وتارة يراعى فيها الاشتراك في الشرائع وأحكامها،
فان الله تعالى يقول: “لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً ومِنْهاجاً “ [ المائدة / 48 ]
وقال : “ قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ “ [ البقرة / 60 ]
فإذا كثر اتفاق الاحكام المشروعة بين نبيين وثبوت تقدم أحدهما ورجحانه، تلاه في الذكر الأقوى مشاركة له في احكام شريعته.

16 / 17 -  فاعلم ذلك واستقره تجده مطرد الحكم ، كما نبهت عليه في ارداف قصة آدم بقصة موسى وبنى اسرائيل ، وهذه النكتة وان وقع ذكرها هنا من وجه بالعرض ، فإنها مفتاح شريف يفتح به جملة من اسرار ترتيب آى القرآن وقصصه وسوره وآياته ، ان تم الاطلاع على أصله ومحتده .
فافهم والله الهادي .


كلمات و مصطلحات وردت في فص حكمة وجودية في كلمة داودية :

مصطلح الخلافة - الاستخلاف
في اللغة : " استخلفه : جعله خليفته .
الخلافة : 1. نيابة عن الغير . 2. إمارة أو إمامة .
الخليفة : 1. المستخلف . 2. لقب حكام المسلمين ".

في الاصطلاح الصوفي
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي عن الإستخلاف:
" الاستخلاف : هو الإمامة . والخلق على الصورة ، فلا بد للخليفة أن يظهر بكل صورة يظهر بها من استخلفه فلا بد من إحاطة الخليفة بجميع الأسماء والصفات الإلهية التي يطلبها العالم الذي ولاه عليه الحق سبحانه ".

خلافة الظاهر والباطن في اصطلاح الكسنزان :
نقول خلافة الظاهر والباطن : هي الخلافة التي تمت إلى الإمام علي ، حيث حصل على خلافة الظاهر من مبايعة المسلمين إليه ، وحصل على خلافة الباطن من مبايعته للرسول فجمع بين الخلافتين .

تقول د. سعاد الحكيم الخلافة في مفهوم الشيخ الأكبر:
يمكن تلخيص فكر الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي في الخلافة بالنقاط الآتية :
" نظر ابن العربي الطائي الحاتمي إلى الخلافة على أنها نيابة مجردة عن شخص النائب والمنوب عنه ، فكل متصرف بالنيابة عن آخر فهو : خليفة المنوب عنه فيما ملكه التصرف فيه ، وبذلك تتعدد أشخاص الخلائف بتعدد فعل الاستخلاف .
يقول ابن العربي الطائي الحاتمي الخليفة هو الله:
1 - " يقول رسول الله في دعائه ربه في سفره : " أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل "، فما جعله خليفة في أهله إلا عند فقدهم إياه ، فينوب الله عن كل شيء أي يقوم فيهم مقام ذلك الشيء بهويته ".
2. الخلفاء هم أفراد النوع الإنساني ، وهم أما خلفاء عن الله ( رسل وأنبياء ) أو يخلفون الرسل ويخلف بعضهم بعضا .
" لقد خص ابن العربي الطائي الحاتمي ( الخلافة عن الله ) بكلية اهتمامه ، فنراه يوضح شروط استحقاقها ويبين ماهيتها وأشكال ظهورها في المستخلف .

شروط استحقاق الخلافة عن الله شرطان :
وهما الصورتان : الإلهية والكونية ، أي من جمع في ذاته جميع حقائق الحق والعالم ، وهو الإنسان الكامل .
2. ماهية الخلافة عن الله :
إن الخلافة عن الله بلغة ابن العربي الطائي الحاتمي ، هي ظهور الإنسان الكامل في العالم بالأسماء والصفات الإلهية ، وهو مقام قرب النوافل الذي يتحقق فيه العبد أن الحق سمعه وبصره وكل قواه .

3. أشكال ظهور الخلافة عن الله في ( الإنسان ) ستة أشكال وهي :
الولاية ، النبوة ، الرسالة ، الإمامة ، الأمر ، الملك .
أ. الولاية : إن الخلافة تظهر بعد انقطاع الرسالة بالولاية .
ب. النبوة : وهي عند ابن العربي الطائي الحاتمي نبوتان : نبوة تشريع ، ونبوة عامة .
- كلمة ( خليفة ) معرفة تؤدي إلى أحد أمرين ، أما أن الخليفة هو الإنسان الكامل ، القطب صاحب الوقت ، وهنا يتعدد بتعدد الأزمنة ، وأما أنه الخليفة الواحد يظهر في كل زمان بصورة صاحب الوقت أو القطب .

يقول الدكتور عبد المنعم الحفني :
" الخلافة هي قسمان :
خلافة صغرى : وهي الإمامة والرياسة الظاهرية .
وخلافة كبرى : وهي الإمامة والرياسة الباطنية ، كما كان لعلي رضى الله عنه ".

يقول الباحث محمد غازي عرابي في أنواع الخلافة:
" الخلافة خلافتان ظاهرة وباطنة .
فالظاهرة ما تعارف عليه الناس من انتخاب خليفة لهم ، يقوم بشؤونهم ...
واختلف في الموقف من الإمام الجائر أو الحاكم الجائر ، هل يخلع ويخرج عليه أم تكون في ذلك فتنة ؟ ..
والحق أن أمثال هذه الأمور اجتهادية ، لأنه وضح بعد الدراسات العميقة للقرآن أنه ترك هذه المسائل وأمثالها مفتوحة صالحة لتطور الزمن ، وأن في وسع الناس أن يختاروا وما يتفق وأحوالهم ، وإلا فما كان يعجز الله أن يضع حدا وأسسا لهذه الأمور .

أما الخلافة الباطنة فهي سر وستر .
ولقد تحدثت كتب الصوفية عن مراتب هذه الخلافة والقائمين بها كالغوث والقطب والعرفاء والأبدال وما شابه .
وما يهمنا هو الحديث عن خليفة علم الباطن ، فهؤلاء آحاد أفراد ، ولا يوجد فيهم في الزمان إلا واحد ، وقد لا يوجد البتة ، وقد يكون أمره ظاهرا ...
وقد يكون أمره مخفيا ومستورا . وخليفة علم الباطن ، هو المصطفى للتكليم والمشافهة والرؤية ، وهذه كلها من مراتب الرسل والأنبياء عليهم صلوات الله .
فلا بد من مصطفى لله اختصه برحمته ، وكشف له الغطاء ، وأورثه علم الأولين والآخرين ، وجعله لسانه يملي عليه فيكتب إملاء ...
وخلافة علم الباطن خاصة بالأمة المحمدية ، فهؤلاء وصلوا إلى كشف الذات ، وهو المحق الذاتي . ولا بد للمصطفى من هذه المرتبة أن يكون فانيا بنفسه قائما بالله أي لسان الله ".

يقول الشيخ أحمد بن عجيبة لمن إرادة الخلافة ؟:
" إرادة الخلافة وكمال المعرفة : هي لمن ظهرت نجابته ، وكملت أهليته ، وصرح له بالخلافة من شيخ كامل أو هاتف صادق ".

يقول الشيخ عبد الغني النابلسي في شروط الخلافة الحقيقية:
" من شروط الخلافة الحقيقية التي هي خلافة الأولياء الكاملين : أن يفنى ، أي : يمحق الخليفة عن الله تعالى في أرضه و بين عباده ، وجميع صفات نفسه بحول ربه وقوته ... بحيث يصير معدوما بنفسه موجودا بربه ".

يقول الشيخ إسماعيل حقي البروسوي مقام الخلافة :
" مقام الخلافة : هو مظهر الجمال والجلال ".

يقول الشيخ ولي الله الدهلوي الخلافة الباطنة :
" الخلافة الباطنة : هي تعليم الكتاب والحكمة ، وتزكيتهم بالنور الباطن بقوارع الوعظ وجواذب الصحبة ".
يقول : " الخلافة الظاهرة : إقامة الجهاد والقضاء والحدود ، وجباية العشور والخراج وقسمتها على مستحقيها ، وقد حمل أعباءها العادلون من ملوك الإسلام ".
الخلافة العظمى
يقول الشيخ أبو العباس التجاني الخلافة العظمى :
هي استخلاف الحق تعالى للأولياء على مملكته ، تفويضا عاما أن يفعلوا في المملكة كل ما يريدون ، ويملكهم كلمة التكوين ( كن ) ، متى قالوا للشيء : كن كان من حينه ، فلا يستعصي عليهم شيء من الوجود .
نقول موسوعة الكسنزان  إن الخلفاء بعد رسول الله على نوعين :
النوع الأول : هم خلفاء الباطن أو الروح وأولهم إمامنا علي بن ابي طالب .
النوع الثاني : خلفاء الظاهر وهم الخلفاء الراشدون ومن تبعهم .

يقول الشيخ داود القيصري في صفات الخليفة:
" الخليفة لابد أن يكون موصوفا بجميع الأوصاف الإلهية إلا الوجوب الذاتي ، ومتحققا بكل أسمائه ليعطي مظاهر الأسماء كلها ما يطلبونه ، ويوصل كلا منهم إلى
كماله ... فحقيقته الخليفة : حقيقة الحقائق كلها ، وكل من أعيان العالم إنما يربه هذا الخليفة ويوصله إلى كماله اللائق به ويمده بما منه في حقيقته .
فالخليفة : عبد لله ، رب للعالم بربوبيته له : فكل ما في العالم ، سواء أكان من أهل الجبروت أو الملكوت أو الملك لا يأخذ إلا منه فكمالهم به . كما أن خلافته أيضا بهم . إذ لولا العالم لما كان الخليفة خليفة ، وكون الخليفة يحكم البشرية موصوفا بصفات العجز والنقصان ، لا يقدح هذا في كونه متصفا بصفات الملك الرحمن . وهذا الخليفة لا يتصرف في أهل العالم إلا بما اقتضته العناية الإلهية . والمشيئة الذاتية وأعطته الأعيان الثابتة باستعداداتها في الأزل ".

يقول الشيخ عبد الكريم الجيلي في أقسام الخلفاء:
" اعلم أن الخلفاء على أقسام :
خلفاء الله على ما هو له ، يقومون بصفاته عنه .
وخلفاء الله على ما هو منه ، يقومون به في خلقه .
وخلفاء لخلفاء الله تعالى في كلا القسمين .
والخلافة المحضة فيما من الله تعالى لمحمد وحده . وللأنبياء والأولياء الكمل نوابه ، فهم خلفاء خلافته ".

يقول الشيخ إسماعيل حقي البروسوي يحفظ العالم بالخليفة:
" الله تعالى يحفظ العالم بالخليفة كما يحفظ الخزائن بالختم . وهو القطب الذي لا يكون في كل عصر إلا واحدا ".

يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي سبب اختيار آدم للخلافة:
" إنما كانت الخلافة لآدم عليه السلام دون غيره من أجناس العالم ، لكون الله تعالى خلقه على صورته ، فالخليفة لا بد أن يظهر فيما استخلف عليه بصورة مستخلفه وإلا فليس بخليفة له فيهم ، فأعطاه الأمر والنهي ، وسماه بالخليفة ، وجعل البيعة له بالسمع والطاعة في المنشط والمكره والعسر واليسر ".

يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي :
" الموحد من جميع الوجوه ، لا يصح أن يكون خليفة . فإن الخليفة مأمور بحمل أثقال المملكة كلها ، والتوحيد يفرده إليه ولا يترك فيه متسعا لغيره ".

يقول الشيخ نجم الدين الكبرى في سبب تسمية الإنسان بالخليفة:
" سمي الإنسان خليفة لمعنيين :
أحدهما : أنه يخلف عن جميع المخلوقات ولا يخلفه المكونات بأسرها ، وذلك لأن الله جمع فيه ما في العوالم كلها من الروحانيات والجسمانيات والسماويات والأرضيات والدنيويات والأخرويات والجماديات والنباتيات والحيوانيات والملكوتيات ...
والثاني : أنه يخلف وينوب عن الله صورة ومعنى .

أما صورة : فوجوده في الظاهر يخلف عن وجود الحق في الحقيقة ، لأن وجود الإنسان يدل على وجود موجده ، كالبناء يدل على وجود الباني ويخلف وحدانية الإنسان عن وحدانية الحق وذاته عن ذاته وصفاته عن صفاته ... ولا مكانية روحه عن لا مكانيته ، ولا جهتيته عن لا جهتيته ...
وأما معنى : فليس في العالم مصباح يستضيء بنار نور الله ، فيظهر أنوار صفاته في الأرض خلافة عنه إلا مصباح الإنسان ، فإنه مستعد لقبول فيض نور الله ... فإذا أراد الله أن يجعل في الأرض خليفة يتجلى بنور جماله لمصباح السر الإنساني ، فيهدي لنوره فتيلة خفاء من يشاء ، فيستنير مصباحه بنار نور الله ، فهو على نور من ربه ، فيكون خليفة الله في أرضه ، فيظهر أنوار صفاته في هذا العالم بالعدل والإحسان والرأفة والرحمة لمستحقيها ، وبالعزة والقهر والغضب والانتقام لمستحقيها ".

يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي في سبب تسمية الإنسان الكامل بالخليفة:
" الإنسان الكامل هو العلامة التي بها يختم الملك على خزانته ، وسماه خليفة : من أجل هذا ، لأنه تعالى الحافظ به خلقه كما يحفظ الختم الخزائن ، فما دام ختم الملك عليها لا يجسر أحد على فتحها إلا بإذنه ، فاستخلفه في حفظ الملك ، فلا يزال العالم محفوظا ما دام فيه هذا الإنسان الكامل ".

ويقول الشيخ علي الخواص :
" سمي الكامل خليفة... لأن الله تعالى وكل إليه الأمر ظاهرا وباطنا .
أما في الظاهر : فبإطلاق لفظ الخليفة عليه .
وأما في الباطن : فلكونه جعل علة للخلق في الوجود ".

يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي الخلافة إلا للإنسان الكامل:
" ما صحت الخلافة إلا للإنسان الكامل ".

" الخليفة له التصرف العام والحكم الشامل التام في جميع المملكة الإلهية ، وله بحسب ذلك الأمر والنهي والتقرير والتوبيخ والحمد والذم على حسب ما يقتضيه مراد الخليفة ، سواء كان نبيا أو وليا مستوون في هذه المرتبة . والرسول ليس له عموم الأمر والنهي إلا ما سمعه من مرسله سبحانه وتعالى ".

يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي في سبب عدم التنصيص بالخلافة:
" أخذ الخليفة عن الله عين ما أخذه منه الرسول . فنقول فيه بلسان الكشف : خليفة الله ، وبلسان الظاهر خليفة رسول الله . ولهذا ... ما نص بخلافة عنه إلى أحد .
ولا عينه لعلمه أن في أمته من يأخذ الخلافة عن ربه ، فيكون خليفة عن الله مع الموافقة في الحكم المشروع ".

يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي في الفرق بين الخليفة والرسول:
" ما كل رسول خليفة . فالخليفة صاحب السيف والعزل والولاية . والرسول ليس كذلك ، إنما عليه البلاغ ".
إن الخليفة من كانت إمامته  ...  ليس الخليفة من قامت أدلته
له التقدم بالمعنى وليس له  ....  فيدعي الحق و الأسياف تعضده
من صورة الحق والأسماء تعضده ....  من الهوى وهوى الأهواء يقصده
توقيع حق ولا شرع يؤيده   .....  وهو الكذوب ونجم الحق يرصده

يقول الشيخ نجم الدين الكبرى عن خليفة الله:
" إن رسول الله كان لوصفه بالفناء ، فانيا في الله ، باقيا بالله ، قائما مع الله ، فكان خليفة الله على الحقيقة فيما يعامل الخلق حتى قال : " وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى ". وكان الله خليفته فيما يعامله الخلق حتى قال : " إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله "، ولهذا كان يقول : " الله خليفتي على أمتي "."

يقول الشيخ أبو الحسن الشاذلي :
خليفة الله : هو الغوث ، فالله يتجلى عليه بالأسماء الإلهية على رأى منه .
خليفة الله : هو الذي تتوفر فيه عبوديتان ، عبودية التعريف ، وعبودية التكليف .

يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي حضرة الخليفة والختم :
حضرة الخليفة والختم : هي حضرة حصول الإنسان من ذاته في برزخ البرازخ مقام المجد الشامخ ، والعز الباذخ ، فيه تكون ليلة قدره ، وكمال بدره .
يميز فيه بين الأشياء ، ويفصل بين الأموات والأحياء ، ويطلع على أهل البلاء والنعماء .
فيه تقوم قيامته الخاصة بذاته واستواء إقامته ، فيحصل على الورث الإنبائي والمقام الاختصاصي ، متملك في هذه الحضرة ، حيث ينقلب الولي نبيا والنبي وليا .

مصطلح الوجود

بقول الإمام القشيري :
قال بعضهم الوجود : هو تمام وجد الواجد .

يقول الغوث الأعظم عبد القادر الكيلاني:
" الوجود : هو أن تشتغل الروح بحلاوة النظر ، ويبقى السر فارغا من الرقيب للحق مع الحق.
والوجود : هو شراب يسقيه المولى وليه ، على منبر كرامته .
فإذا شرب طاش ، وإذا طاش طار قلبه بأجنحة الأنس في رياض القدس ، فيقع في بحور الهيبة ، فيصرع فلذلك يخشى على الواجد ".

يقول الشيخ أبو محمد القاسم بن عبد البصري:
" الوجود : هو اسم لثلاثة معان :
الأول : وجود علم لدني يقطع علم الشواهد في صحبة مكاشفة الحق إياك .
والثاني : وجود الحق وجودا غير منقطع عن مشاع الإشارة .
والثالث : وجود مقام اضمحلال رسم الوجود بالاستغراق في الأولية ".

يقول الشيخ نجم الدين الكبرى
الوجود في مقام المشاهدة : هو ظلمة شديدة في الأول ، فإذا صفت تشكلت بهيئة الغيم الأسود .

الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي
يقول : " الوجود كله حروف وكلمات وسور وآيات فهو القرآن الكبير الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، فهو محفوظ العين ، فلا يتصف بالعدم ، لأن العدم نفي الشيئية والشيئية معقولة وجودا وثبوتا ، وما ثم رتبة ثالثة ".
الوجود : هو وجدان الحق في الوجد على نعت مجهول .

يقول العلامة حسن بن حمزة الشيرازي:
" الوجود : هو الرحمة التي وسعت كل شيء "

يقول الشيخ كمال الدين القاشاني:
" الوجود : هو حقيقة معلومة بالبداهة ، مقابلة للوهم ، لا يختلف إلا
بالخفاء والظهور ،ويمتاز أفرادها بالإضافة فحسب ، كوجود العالم ووجود الإنسان وغير ذلك ".
ويقول : " الوجود : هو الإنسان الكامل ، وهو العين المقصود ".
ويقول : " الوجود : وجدان الحق ذاته بذاته ، ولهذا تسمى حضرة الجمع : حضرة الوجود ".
ويقول : " الوجود : ليس إلا عين الحق تعالى ".

يقول الشريف الجرجاني:
" الوجود : هو فقدان العبد بمحاق أوصاف البشرية ووجود الحق ، لأنه لا بقاء للبشرية عند ظهور سلطان الحقيقة ".

يقول الشيخ محمد فضل الله البرهانبوري:
" الوجود : هو الحق ".

يقول الشيخ عبد الغني النابلسي:
" الوجود : هو مفهوم واحد لا يختلف إلا باللوازم والاعتبارات ، فهو في القديم قديم ، وفي الحادث حادث ، كما أنه في الإنسان إنسان ، وفي الجامد جماد . والوجود نفس الماهية الموصوفة به على التحقيق ، وهي في القديم مطلق وفي الحادث مقيد ".

يقول السيد محمود أبو الفيض المنوفي:
" الوجود : هو وحدة مطلقة ، ظاهرها الكائنات المتعددة ، وباطنها الحقائق المتوحدة المقومة للكل ولها بين بطونها ".

يقول الشيخ سليمان بن يونس الخلوتي:
" الوجود في اصطلاح القوم : هو البعد من حضرة الخلق ، والقرب من حضرة الحق ".

يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي في أقسام الوجود:
" .. الوجود فمنه ظلمة : وهي الطبيعة ، ومنه نور : وهو النفس الرحماني الذي يعطي الوجود لهذا الممكن العالم ".

ويقول الشيخ عبد الغني النابلسي :
" الوجود ينقسم إلى قسمين : وجود الحق ، ووجود الباطل ،
وإن شئت قلت : الوجود القديم والوجود الحادث ،
وإن شئت قلت : الوجود الرب والوجود العبد ".

ويقول الشيخ أحمد بن عجيبة :
" مراتب الوجود : هي العوالم الثلاثة ، الملك ، والملكوت ، والجبروت ".

يقول الشيخ عبد الغني النابلسي الوجود أربعة:
" ما ثم إلا ذات وصفات ، وصفات صفات ، وهي : الأفعال ، ومنفعلات : وهي العالم .
فالأول : هو المعبود . مرتبة الله تعالى .
والثاني : الموصل إليه ، وهو المعبود . مرتبة محمد .
والثالث : هو العابد . مرتبة المؤمنين .
والرابع : هو العائق والمانع . مرتبة الشيطان .
وهذه الأربعة في الحقيقة شيء واحد ، لكنه تنزل وتفصل ، فظهرت له هذه الأطوار ، وتعددت وجوداته .
فالوجود العيني : مرتبة الذات .
والوجود العلمي : مرتبة الصفات .
والوجود القولي : مرتبة الأفعال .
والوجود الرقمي : مرتبة الانفعالات .
وهذه الأربع وجودات هي صورة الحق ، وقد خلق الله تعالى آدم مشتملا على هذه الصورة ".
ويقول : " هذه الوجودات الأربعة ... فهو الله في عالم الذات العلية ، ومحمد في عالم الصفات السنية ، والمؤمن في عالم الأفعال ، والشيطان في عالم الانفعال ".

يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي عن الكمال والنقص في الوجود:
" اعلم أنه من كمال الوجود وجود النقص فيه ، إذ لو لم يكن لكان كمال الوجود ناقصا بعدم النقص فيه ، قال تعالى في كمال كل ما سوى الله : " أعطى كل شيء خلقه "،
فما نقصه شيئا أصلا ، حتى النقص أعطاه خلقه ، فهذا كمال العالم الذي هو كل ما سوى الله إلا الله .
ثم الإنسان فله كمال يليق به وللإنسان كمال يقبله ، ومن نقص من الأناسي عن هذا الكمال فذلك النقص الذي في العالم ، لأن الإنسان من جملة العالم ، وما كل إنسان قبل الكمال ، وما عداه فكامل في مرتبته ".يقول الشيخ عبد الوهاب الشعراني في لا موجود إلا الله:
" ليس مراد المبتدئ في الطريق أن ينفي وجود العالم كما يظن من لا علم له بأحوال أهل الطريق ، بل مراده أن الله تعالى قد أخذ حبه بمجامع قلبه حتى حجبه عن شهود خلقه ".

يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي في الوجود الذي لا يعول عليه:
" وجود الحق عند الاضطرار لا يعول عليه ، لأنه حال ، والحال لا يعول عليه ، فإذا وجده في غير حال الاضطرار فذلك الذي يعول عليه . وتعريه عن الاضطرار حال غير مرضي ووجود الحق فيه مرضي ".

يقول الشيخ أبو العباس التجاني في أول موجود:
" أول موجود أوجده الله تعالى من حضرة الغيب : هو روح سيدنا محمد ".

يقول الشيخ كمال الدين القاشاني في أول موجود من الممكنات:
" أول موجود من الممكنات ، هو العقل الأول ، لأنه أول قابل للوجود المفاض ".

يقول الشيخ ولي الله الدهلوي في معنى الوجود والثبوت:
" لنبحث عن هذا الثبوت وعن هذا الوجود أي شيء منبعهما .
فالذي وقع عندنا أن الوجود منبعه ومصدره : الوجود المنبسط على هياكل الموجودات ، أو النفس الرحماني أو النفس الكلية أيا ما شئت فقل ...
وهو صادر من الذات الإلهية ، وإن الثبوت منبعه : اقتضاء الذات الإلهية للعالم في عالم العقل قبل الوجود الخارجي ، وهو الذي تسميه الصوفية : بالتنزل العلمي ، ولا يريدون بالعلم ارتسام صور الأشياء لكنهم يريدون صدور الأشياء منه مرة واحدة في المرتبة العقلية قائمة بالواجب لا بنفسها .
ولنبين ذلك بمثال :
إذا وضعت الخاتم على الشمعة انتقش فيها الحروف المكتوبة في الخاتم ، فالحروف الظاهرة في الشمع إنما كانت بعلة فاعلة وهو الخاتم ، وعلة قابلة وهي الشمعة ، وإنما وجدت عند اجتماعهما وانطباق أحدهما على الآخر ، لكن للخاتم استعداد قام به منذ كان الخاتم ، إنه لو انطبق عليه شيء سواء كان شمعا أو طينا فاض منه على ذلك الشيء صورة الحروف .
فكل ما وجد عند الانطباق كان ثابتا قبله في نفس الأمر قائما بالشمعة ، فكذلك كل ما وجد حينا من الزمان فإنه كان قائما بالذات الإلهية من حيث الثبوت ، ومن حيث أنه كمال للواجب ومقتضاه ، وهذا هو الذي تسميه الصوفية : بالفيض الأقدس والحكماء :

تقول د. سعاد الحكيم في الفرق بين الوجود والموجود:
" يفرق ابن العربي الطائي الحاتمي بين الوجود والموجود . فالموجودات ليست موجودة بوجود حادث ، بل هي موجودة بالحق ، أما وجود خاص فليس لها ذلك .
وبكلام آخر : فالموجودات ليس لها وجود ، بل هي ثابتة في العدم لم تفارقه .
وقد يطلق ابن العربي الطائي الحاتمي على الموجودات أحيانا صفة الوجود ، ولكن يجب أن نفهم إطلاقه هذا محض اشتراك لفظي لا معنوي .
فالوجود للحق و العدم للممكن . ومن هنا برزت كل الصفات التي ألحقها بلفظ الوجود ، لتعبر عن وجود الممكن ، في مقابل الوجود الحقيقي ، أو الوجود المطلق والصرف الذي هو للحق . مثلا :
الوجود الخيالي ، الوجود الإضافي ، الوجود المقيد ، الوجود الإمكاني ، الوجود المستفاد ، الوجود المستعار ، الوجود المجاز وما إلى ذلك من عبارات تدل على طبيعة الممكن ."

وهكذا بين الشيخ ابن العربي أن وجود المخلوقات ، ثابتة في العدم لم تفارقه ،  لافتقارها الدائم المستمر إلى الحق ، من حيث إنه خالق على الدوام ، ويكون وجودها هو وجود الحق ليس إلا.

مصطلح المعصية - العصيان
في اللغة :" معصية : 1. مخالفة الأمر والخروج عن الطاعة .

في الاصطلاح الصوفي
يقول الإمام أبو حامد الغزالي:
" المعصية : هي حجاب ، ولا يرفعها إلا التوبة ، والخروج من المظالم ، وتصميم العزم على ترك العود ، وتحقيق الندم على ما مضى ، ورد المظالم ، وإرضاء
الخصوم ".
يقول الشيخ إبن عطاء الله السكندري:
" المعصية : هي أسباب التفرقة ووسائلها فلذلك نهي عنها ".
الشيخ أحمد زروق
يقول : " المعصية : هي مخالفة أمر الله الواجب ".
يقول الشيخ محمود أبو الشامات اليشرطي:
" المعصية : هي الغفلة عن الله تبارك وتعالى ".

يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي في أصل المعاصي:
" أصل المعاصي في العباد يستند إلى نسبة إلهية ، وهي أن الله هو الآمر عباده والناهي تعالى ، والمشيئة لها الحكم في الأمر الحق المتوجه على المأمور ، أما بالوقوع أو بعدم الوقوع ، فإن توجهت بالوقوع سمي ذلك العبد طائعا ، ويسمى ذلك الوقوع طاعة وإن لم تتوجه المشيئة بوقوع ذلك الأمر عصت الإرادة الأمر ، وليس في قوة الأمر الحكم على المشيئة فظهر حكم المشيئة في العبد المأمور ، فعصى أمر ربه أو نهيه وليس ذلك إلا للمشيئة الإلهية ".
ويقول الشيخ أحمد الكمشخانوي النقشبندي :
" الرضا عن النفس : أصل كل معصية وغفلة وشهوة ".

ويقول الشيخ حاتم الأصم :
" اصل المعصية ثلاثة أشياء : الكبر ، والحرص ، والحسد ".

يقول الشيخ أبو عبد الله بن خفيف الشيرازي في عصيان الأنبياء:
" عصيان الأنبياء سبب لقربتهم ، وفوائد لأمتهم ، ولا يسمون عصاة بعصيانهم بل نقول: عصى آدم ، ولا نقول : هو عاص ".

يقول الإمام جعفر الصادق عليه السلام " وعصى آدم ربه ":
" طالع الجنان بعينه فنودي عليه إلى يوم القيامة : " وعصى آدم ربه " ، ولو طالعها بقلبه لنودي عليه بالهجران أبد الأبد ".

ويقول الشيخ إبن عطاء الأدمي :
" اسم العصيان مذمة إلا أن الاجتباء والاصطفاء منعا أن يلحق آدم اسم المذمة بحال ".

يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي :
" قال بعضهم : الطاعة تجر إلى النور ، والمعصية تجر إلى النار ، والنور أشد إحراقا ".

يقول الشيخ حسين الحصني الشافعي
العاصي : هو من امتثل وتابع أوامر الحق تعالى بباطنه دون ظاهره .
.
واتساب

No comments:

Post a Comment