Wednesday, January 1, 2020

السفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية الفقرة الخامسة .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية الفقرة الخامسة .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر السابع عشر فص حكمة وجودية في كلمة داودية الفقرة الخامسة .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي


موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

17 - The Wisdom of Being in the Word of David

 الفقرة الخامسة :
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم المنة الكبرى والمكانة الزلفى التي خصه الله بها التنصيص على خلافته.
ولم يفعل ذلك مع أحد من أبناء جنسه وإن كان فيهم خلفاء فقال «يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى» أي ما يخطر لك في حكمك من غير وحي مني «فيضلك عن سبيل الله»أي عن الطريق الذي أوحي بها إلى رسلي.
ثم تأدب سبحانه معه فقال «إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب» ولم يقل له فإن ضللت عن سبيلي فلك عذاب شديد.  ) .

قال رضي الله عنه :  ( ثمّ المنّة الكبرى والمكانة الزّلفى الّتي خصّه اللّه تعالى بها التّنصيص على خلافته . ولم يفعل ذلك مع أحد من أبناء جنسه وإن كان فيهم خلفاء فقال :يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى أي ما يخطر لك في حكمك من غير وحي منّي فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أي عن الطّريق الّذي أوحي به إلى رسلي .  ثمّ تأدّب سبحانه معه فقال :إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما نَسُوا يَوْمَ الْحِسابِ[ ص : 26 ] ولم يقل : « فإن ضللت عن سبيلي فلك عذاب شديد )
 .
(ثم المنة) من اللّه تعالى على داود عليه السلام (الكبرى) التي هي أكبر المنن عليه (والمكانة) ، أي المنزلة والرتبة (الزلفى) ، أي القريبة إلى حضرة اللّه تعالى التي خصه ، أي داود عليه السلام اللّه تعالى بها هي التنصيص في كلام اللّه تعالى على خلافته في الأرض بطريق المشافهة في الخطاب ولم يفعل اللّه تعالى (ذلك )، أي التنصيص المذكور (مع أحد من أبناء جنسه) ، أي داود من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام (وإن كان فيهم) ، أي الأنبياء عليهم السلام الذين هم أبناء جنسه خلفاء في الأرض كثيرون وهم المرسلون منهم ، ومنهم من لم يستخلفه اللّه تعالى كغير المرسلين من الأنبياء عليهم السلام حتى آدم عليه السلام لم يصرح اللّه تعالى له بالخلافة وإنما قال تعالى :وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً[ البقرة : 30 ] الآية .

فقال تعالى في داود عليه السلام ("يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً") عنا ("فِي الْأَرْضِ")، الجسمانية حيث نغيب نحن عن حواس المكلفين من العباد وعقولهم وتحضر أنت عند حواسهم وعقولهم فَاحْكُمْ أنت حينئذ بحكمنا نيابة عنه ("بَيْنَ النَّاسِ") وهم أهل الأرض الذين يختصمون إليك فلا يجدون حاكما غيرك ، وأما أهل السماء فإنهم إذا اختصموا كما في اختصام الملأ الأعلى يتحاكمون إلى اللّه تعالى ، لأنهم يجدونه من عدم غفلتهم عنه سبحانه وحضورهم معه بِالْحَقِّ الذي أنزله إليك مع جبريل عليه السلام وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى النفساني أي ما يخطر لك في حكمك بين الأخصام المتحاكمين إليك من غير وحي مني إليك بذلك فَيُضِلَّكَ،
أي الهوى الذي تتبعه عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ عز وجل (أي عن الطريق الذي أوحي به إلى رسلي) الذين هم مثلك خلفائي في الأرض ، فتبقى إذا أردت الاستمداد مني بعد ذلك لا تعرف طريقه لالتباسه عليك بخواطر نفسك .
(ثم تأدب) ، أي اللّه (سبحانه) يعني عامله معاملة المتأدب (معه) ، أي مع داود عليه السلام نظير معاملته هو مع اللّه تعالى فإنه تعالى الملك الديان يدين كما يدان.
فانظر كيف تأدب الحق مع عباده حتى نتأدب معه ومع عباده . " ليعلمنا جل شأنه الأدب  مع الرسل والأنبياء وأولياء الله و وانزالهم منازلهم ".

فقال تعالى ("إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ ") في الدنيا والآخرة (بِما نَسُوا) أي بسبب نسيانهم (يَوْمَ الْحِسابِ )[ ص : 26 ] ، وهو يوم القيامة الذي يحاسب اللّه تعالى به كل من حكم بين الناس بما يخطر له ويستحسنه بعقله من غير وحي من اللّه تعالى إن كان من أهل الوحي أو متابعة لأهل الوحي أو لمن أمر بمتابعتهم كالمقلد يتبع المجتهدين فيما استنبطوه من أدلتهم الشرعية (ولم يقل) سبحانه له ، أي لداود عليه السلام (فإن ضللت عن سبيلي فلك عذاب شديد) احتراما من اللّه تعالى له من عزته عليه .

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم المنة الكبرى والمكانة الزلفى التي خصه الله بها التنصيص على خلافته.
ولم يفعل ذلك مع أحد من أبناء جنسه وإن كان فيهم خلفاء فقال «يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى» أي ما يخطر لك في حكمك من غير وحي مني «فيضلك عن سبيل الله»أي عن الطريق الذي أوحي بها إلى رسلي.
ثم تأدب سبحانه معه فقال «إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب» ولم يقل له فإن ضللت عن سبيلي فلك عذاب شديد.  ) .

قال رضي الله عنه :  ( ثم المنة الكبرى والمكانة الزلفى ) أي المرتبة القربى من اللّه ( التي خصه اللّه تعالى بها التنصيص ) قوله ثم المنة مبتدأ والتنصيص خبره ( على خلافته ولم يفعل ذلك ) التنصيص ( مع أحد من أبناء جنسه ) أي من بني آدم .
( وإن كان فيهم خلفاء ) فلا يكون نفس الخلافة لداود المنة الكبرى والمكانة الزلفى بل المنة الكبرى التنصيص على خلافته لعموم الخلافة وخصوص تنصيصه وإنما كان تنصيص الخلافة المنة الكبرى دون تنصيص سائر النعم التي خصها لداود لأن الخلافة لكونها المرتبة الألوهية أعلى المراتب كلها فتنصيصها كذلك ولم يلزم فضل داود عليه السلام بذلك التنصيص على سائر الخلفاء من الأنبياء عليهم السلام تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ من عباده .
ولو كان داود عليه السلام فاضلا بذلك التنصيص على الخلفاء لما نص فضل محمد عليه السلام كلها فتنصيص الخلافة غير تنصيص الفضل مع أن الفضل بذلك لا يستلزم الفضل مطلقا فالشيء الواحد جاز أن يكون فاضلا ومفضولا بحسب الوجوه والمراتب وقد بيناه غير مرة .
قال رضي الله عنه :  ( فقال :يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى أي ما يخطر لك في حكمك من غير مني يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أي عن الطريق الذي أوحى أنا بها ) . أي بهذا الطريق

قال رضي الله عنه :  ( إلى رسلي ثم تأدب سبحانه معه فقال :إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما نَسُوا يَوْمَ الْحِسابِ، ولم يقل له فإن ضللت عن سبيلي فلك عذاب شديد ).
فانظر كيف تأدب الحق مع عباده حتى نتأدب معه ومع عباده . " ليعلمنا جل شأنه الأدب  مع الرسل والأنبياء وأولياء الله و وانزالهم منازلهم ".

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم المنة الكبرى والمكانة الزلفى التي خصه الله بها التنصيص على خلافته.
ولم يفعل ذلك مع أحد من أبناء جنسه وإن كان فيهم خلفاء فقال «يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى» أي ما يخطر لك في حكمك من غير وحي مني «فيضلك عن سبيل الله». أي عن الطريق الذي أوحي بها إلى رسلي.
ثم تأدب سبحانه معه فقال «إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب» ولم يقل له فإن ضللت عن سبيلي فلك عذاب شديد.  ) .

قال رضي الله عنه :  ( ثم المنة الكبرى والمكانة الزلفى التي خصه الله بها التنصيص على خلافته. ولم يفعل ذلك مع أحد من أبناء جنسه وإن كان فيهم خلفاء فقال «يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى» أي ما يخطر لك في حكمك من غير وحي مني «فيضلك عن سبيل الله».أي عن الطريق الذي أوحي بها إلى رسلي. ثم تأدب سبحانه معه فقال «إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب» ولم يقل له فإن ضللت عن سبيلي فلك عذاب شديد. )

قال اعملوا آل داود شكرا، وآل داود غیر داود 
قال: وشكر الأنبياء لربهم تبارك وتعالى، هو تبرع منهم ولم يكلفوا به، ثم ذكر أمورا ظاهرة من كلامه، ومن جملتها ما ذكره من قوله تعالى: "وألنا له الحديد" (سبأ: 10) إن الحديد هنا هي قلوب قاسية كالحديد فألانها الله تعالى لداود حتى اطاعته تلك القلوب.

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم المنة الكبرى والمكانة الزلفى التي خصه الله بها التنصيص على خلافته.
ولم يفعل ذلك مع أحد من أبناء جنسه وإن كان فيهم خلفاء فقال «يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى» أي ما يخطر لك في حكمك من غير وحي مني «فيضلك عن سبيل الله». أي عن الطريق الذي أوحي بها إلى رسلي.
ثم تأدب سبحانه معه فقال «إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب» ولم يقل له فإن ضللت عن سبيلي فلك عذاب شديد.  ) .

قال رضي الله عنه : « ثمّ المنّة الكبرى والمكانة الزلفى - التي خصّه الله بها - التنصيص على خلافته ، ولم يفعل ذلك بأحد من أبناء جنسه وإن كان فيهم خلفاء ،
فقال : ( يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً في الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى )   ،

أي ما يخطر لك في حكمك من غير وحي منّي   ( فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ الله )   أي عن الطريق الذي أوحي بها إلى رسلي ، "ثمّ تأدّب سبحانه معه" " ليعلمنا جل شأنه الأدب  مع الرسل والأنبياء وأولياء الله و وانزالهم منازلهم ".
، فقال :   ( إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ الله لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما نَسُوا يَوْمَ الْحِسابِ )  "ولم يقل له : فإن ضللت عن سبيلي فلك عذاب شديد ."
فإن قلت : وآدم عليه السّلام قد نصّ على خلافته .
قلنا : ما نصّ مثل التنصيص على داود ، وإنّما قال للملائكة : " إِنِّي جاعِلٌ في الأَرْضِ خَلِيفَةً "    ، ولم يقل : إنّي جاعل آدم خليفة في الأرض ،

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم المنة الكبرى والمكانة الزلفى التي خصه الله بها التنصيص على خلافته.
ولم يفعل ذلك مع أحد من أبناء جنسه وإن كان فيهم خلفاء فقال «يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى» أي ما يخطر لك في حكمك من غير وحي مني «فيضلك عن سبيل الله». أي عن الطريق الذي أوحي بها إلى رسلي.
ثم تأدب سبحانه معه فقال «إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب» ولم يقل له فإن ضللت عن سبيلي فلك عذاب شديد.  ) .

قال رضي الله عنه :  ( ثم المنة الكبرى والمكانة الزلفى التي خصه الله بها التنصيص على خلافته ولم يفعل ذلك مع أحد من أبناء جنسه ) وفي نسخة بأحد ، وهو أفصح من اتحادهما في المعنى ( وإن كان فيهم خلفاء فقال : (يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً في الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ ولا تَتَّبِعِ الْهَوى )  .
أي ما يخطر لك في حكمك من غير وحى منى ( فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ الله )  أي عن الطريق الذي أوحى به إلى رسلي ، ثم تأدب سبحانه معه " ليعلمنا سبحانه الأدب  مع الرسل والأنبياء وأولياء الله و وانزالهم منازلهم "
فقال : ( إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ الله لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما نَسُوا يَوْمَ الْحِسابِ )  .
 ولم يقل له : فإن ضللت عن سبيلي فلك عذاب شديد .
فإن قلت : فآدم قد نص على خلافته ، قلنا : ما نص مثل التنصيص على داود ،
وإنما قال للملائكة : "إِنِّي جاعِلٌ في الأَرْضِ خَلِيفَةً "  ولم يقل إني جاعل آدم خليفة ،

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم المنة الكبرى والمكانة الزلفى التي خصه الله بها التنصيص على خلافته.
ولم يفعل ذلك مع أحد من أبناء جنسه وإن كان فيهم خلفاء فقال «يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى» أي ما يخطر لك في حكمك من غير وحي مني «فيضلك عن سبيل الله». أي عن الطريق الذي أوحي بها إلى رسلي.
ثم تأدب سبحانه معه فقال «إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب» ولم يقل له فإن ضللت عن سبيلي فلك عذاب شديد.  ) .

فقال رضي الله عنه  : ( ثم ، المنة الكبرى والمكانة الزلفى التي خصه الله تعالى بها ، التنصيص على خلافته ، ولم يفعل ذلك مع أحد من أبناء جنسه ، وإن كان فيهم خلفاء . يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى ) .

أي ، ما يخطر لك في حكمك من غير وحى منى . ( فيضلك عن سبيل الله ) أي ، عن الطريق
الذي (أوحى به . ) بسكون ( الياء ) للمتكلم . ( إلى رسلي ) .
قوله : ( ثم المنة ) مرفوع على الابتداء ، وخبره : ( التنصيص ) .
أو بكسر الميم ، من المنة ، عطفا على ( الإنعام ) . أي ، أعطاه على طريق الإنعام عليه . ثم ، المنة الكبرى والمكانة الزلفى . أو بفتحها ، عطفا على المفعول الثاني لأعطاه .
أو مرفوع على الابتداء ، وخبره ( التنصيص ) ، و ( ثم ) هنا للرتبة ، كقوله تعالى : ( ثم كان من الذين آمنوا ) .
وإنما كانت الخلافة المنة الكبرى والمكانة الزلفى ، لأنها صورة مرتبة الألوهية المعطاة لمن هو خليفة على العالم بالتبعية ، ولا مرتبة أعلى منها .

قال رضي الله عنه :  ( ثم ، تأدب سبحانه معه ، فقال : "إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب " . ولم يقل له : فإن ضللت عن سبيلي فلك عذاب شديد . ) "ليعلمنا جل شأنه الأدب  مع الرسل والأنبياء وأولياء الله و وانزالهم منازلهم " و الباقي ظاهر .

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ
:
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم المنة الكبرى والمكانة الزلفى التي خصه الله بها التنصيص على خلافته.
ولم يفعل ذلك مع أحد من أبناء جنسه وإن كان فيهم خلفاء فقال «يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى» أي ما يخطر لك في حكمك من غير وحي مني «فيضلك عن سبيل الله». أي عن الطريق الذي أوحي بها إلى رسلي.
ثم تأدب سبحانه معه فقال «إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب» ولم يقل له فإن ضللت عن سبيلي فلك عذاب شديد.  ) .

قال رضي الله عنه :  (ثمّ المنّة الكبرى والمكانة الزّلفى الّتي خصّه اللّه تعالى بها التّنصيص على خلافته ، ولم يفعل ذلك مع أحد من أبناء جنسه ، وإن كان فيهم خلفاء ؛  فقال :يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى[ ص : 26 ] أي : ما يخطر لك في حكمك من غير وحي منّي فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ[ ص: 26 ] ، أي : عن الطّريق الّذي أوحي به إلى رسلي ) .

ولذلك قال : ( ثم المنة الكبرى ) على داود عليه السّلام الموجبة لكمال الشكر على الآل مع عدم عرفان أكثرهم ، فذرها لرؤيتهم إياها من أمور الدنيا المضرة بالدين ، وهي ( المكانة الزلفى ) عند اللّه بها كمال النبوة والولاية ( التي خصه اللّه بها ) بقوله :وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَحُسْنَ مَآبٍ[ ص : 25 ] ، ورتبه على هذه الخلافة التنصيص على خلافته لدلالة ( التنصيص ) من الكامل الذي ليس من شأنه ذكر المحقرات إلا لغرض التحقير على كمال النصوص ، والخلافة إذا انضمت مع النبوة والولاية كانت غاية الكمال لهما ،
فالتنصيص عليها يدل على كونها في غاية الغايات ، وتجاوزها أقصى النهايات ، وبها تتم المنة بظهور القوة ، ونفاذ الحكمة ، وفصل الخطاب ،
إذ لا يكون معها معاندة الجاهل غالبا ، ( ولم يفعل ذلك ) التنصيص بأحد أي : بخلافة ( أحد من أبناء جنسه ) من الأنبياء فضلا عن خلفائهم وعن سائر الملوك .
قال رضي الله عنه :  ( وإن كان فيهم خلفاء ) جامعون بين النبوة والولاية والخلافة ؛ لعدم اعتداده بخلافتهم بالنظر إلى خلافة هذا ، فلما اعتد بخلافته نص عليها ، ( فقال :يا داوُدُ )، فذكر اسمه العلم المزيل للشركة ، ثم أكد ذلك بالنداء المزيل توهم إرادة من يشاركه في الاسم اشتراكا لفظيّا ، وأتى بحرف النداء الدال على بعد المنادى مع أنه رتب على خلافته الزلفى عنده ، وحسن المآب للدلالة على بعد درجته عن إفهام غيره :إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً[ ص : 26 ]
بذكر لفظ الخلافة المشعرة بالنيابة عن اللّه مشعرا بعظمتها بإسنادها إلى نون التعظيم المذكورة مقرنين مع التنصيص عليه بكاف الخطاب في الأرض التي هي وسط العالم والسلطان ، إنما يكون في وسط مملكته ، وهو محل الكون والفساد ، فيتم التصرف فيها بظهور الآثار المختلفة فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ الذين هم أشرف أنواع الخلائق ، وقد سخر لهم جميع ما في العالم بِالْحَقِّ لا بك ، وهو الحكم بما أعطاك الحق من الحكمة ، وفصل الخطاب ،وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى.
ولما كان المشهور أن الهوى ما تميل إليه النفس بطبيعتها الأمارة ، وهو عليه السّلام معصوم عن ذلك لكمال حاله ، فلا حاجة إلى نهيه عما ليس من شأنه بينه ،
فقال رضي الله عنه  : ( أي : ما يخطر لك من حكمك ) بطريق العقل والقياس من غير وحي مني فيه أو في أصله ،فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ.
ولما كان المشهور أن الضلال في الحكم هو الأخذ بطريق الكفرة أو الظلمة ، وهو عليه السّلام معصوم عن ذلك بينه بقوله : ( أي : عن طريقي الذي أوحي به إلى رسلي ) ، فإن طريق العقل والقياس من غير أصل منصوص مبعد عن الطريق الإلهي الذي وضعه للوصول إليه ؛ فلذلك كان موجبا للعذاب الشديد .

قال رضي الله عنه :  ( ثمّ تأدّب سبحانه معه فقال :إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما نَسُوا يَوْمَ الْحِسابِ[ ص :26] ، ولم يقل : « فإن ضللت عن سبيلي فلك عذاب شديد » ).

( ثم تأدب سبحانه معه ) "ليعلمنا جل شأنه الأدب  مع الرسل والأنبياء وأولياء الله و وانزالهم منازلهم " رعاية لمقتضى منصبه الذي نص عليه للاعتناء به ، ( فقال :إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ )[ ص : 26 ] ،
وإن اتبعوا سبيل العقل والقياس من غير أصل منصوص ،لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌبما نسوا يوم الحساب الذي يحاسب فيه مقتضى العقل والقياس من غير أصل مع الموحى به من الأنبياء ، فيظهر نقيض مقتضياتهما بل فسادها بحيث لا يحاسب معه أصلا ،
فقال رضي الله عنه  : ( ولم يقل : فإن ضللت عن سبيلي ، فلك عذاب شديد ) مع أنه مقتضى الظاهر عدل عنه لما فيه من نسبة الضلال إليه ، والحكم عليهم بالعذاب الشديد صريحا ، وهما يخلان بالأدب ، وهو ينافي مقتضى التنصيص على الخلافة من التعظيم ، والإخلال الضمني ليس كالصريح فروعي فيه الأدب بقدر الإمكان .
وإنما قال في حق محمد صلّى اللّه عليه وسلّم :لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ[ الزمر : 65 ] ؛ للمبالغة في التحذير عن أمر الشرك ، والتحذير عن الضلال في الحكم لا يكون له تلك المبالغة فيه ، ولا تتأتى رعاية الأدب مع المبالغة في التحذير .

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم المنة الكبرى والمكانة الزلفى التي خصه الله بها التنصيص على خلافته.
ولم يفعل ذلك مع أحد من أبناء جنسه وإن كان فيهم خلفاء فقال «يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى» أي ما يخطر لك في حكمك من غير وحي مني «فيضلك عن سبيل الله». أي عن الطريق الذي أوحي بها إلى رسلي.
ثم تأدب سبحانه معه فقال «إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب» ولم يقل له فإن ضللت عن سبيلي فلك عذاب شديد.  ) .

اختصاص داود عليه السّلام بالتنصيص على خلافته
وبيّن أنّ هذه الكمالات الوجوديّة المستتبعة لإظهار ما عليه كلمته ، من فنون جلائل الأوصاف كلَّها متفرّعة على خلافته المنصوص عليها في التنزيل فهي مبدؤها وأصلها .
وإليه أشار بقوله : ( ثمّ المنّة الكبرى والمكانة الزلفى التي خصّه الله بها التنصيص على خلافته ، ولم يفعل ذلك مع أحد من أبناء جنسه ) من الرسل ( وإن كان فيهم خلفاء ، فقال : “  يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً في الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى “  [ 38 / 26 ] أي ما يخطر لك في حكمك من غير وحي مني “  فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ الله “  أي عن الطريق الذي أوحي بها إلى رسلي ) .
وذلك أنّ لكل عبد طريقين إلى منهج الاستفهام واستعلام الأحكام :
أحدهما طرف قدس العقل ، الذي به يوحى إذا ترقى أمره إلى غايته الكمالية ، كما في الرسل عليهم السلام ، وهو الذي يأتي بالحقّ على مدارج تنزّلاته الوجوديّة ، وترتيبها الأصلي التي منها جاء من عالم المعاني إلى المثال ، إلى الحسّ والآخر طرف هويّته الإطلاقيّة وجمعيّته الكماليّة التي يسمّى بالهوى .

وهما في الحقيقة سبيل الله . فإنّ الهوى يلوّح بيّناته على الحقّ  ، ولذلك فسّر سبيل الله بقوله : " أي عن الطريق الذي أوحي بها إلى رسلي " ، تفسير تخصيص .
فإنّ الخلافة إنما يتمّ أمرها بالترتيب الحكمي المتقن ، على ما عليه السلام نظام الوجود في مدارج تنزّلانه ، وطريق الوحي هو المعطي لذلك الحكم دون الهوى . فإنّ الغالب في هذا الطريق أمر الإجمال وأذواقه الجماليّة ، وقد اختفى فيه أمر الفرق ونظام أحكامها جملة ، كما يلوّح ذلك من بيناته .

( ثمّ تأدّب سبحانه معه ) إعظاما لقدر مرتبته العظمى ، وترشيحا لمزيد حشمته التي ربّى لها
( فقال : إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ الله لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما نَسُوا يَوْمَ الْحِسابِ) [ 38 / 26 ] أي موطن تمام التفصيل الذي من جملته تعرّف أحكام الجزئيّات وخواصّها ،
وهي إنما يستكشف حق الكشف والتبيين من العدد والحساب ، كما عرفت وجه لمّيته في المقدمة - فتذكّر .
(ولم يقل له : " فإن زللت عن سبيلي فلك عذاب شديد " ) .

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم المنة الكبرى والمكانة الزلفى التي خصه الله بها التنصيص على خلافته.
ولم يفعل ذلك مع أحد من أبناء جنسه وإن كان فيهم خلفاء فقال «يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى» أي ما يخطر لك في حكمك من غير وحي مني «فيضلك عن سبيل الله». أي عن الطريق الذي أوحي بها إلى رسلي.
ثم تأدب سبحانه معه فقال «إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب» ولم يقل له فإن ضللت عن سبيلي فلك عذاب شديد.  ) .

قال رضي الله عنه :  (ثمّ المنّة الكبرى والمكانة الزّلفى الّتي خصّه اللّه تعالى بها التّنصيص على خلافته . ولم يفعل ذلك مع أحد من أبناء جنسه وإن كان فيهم خلفاء فقال :يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى أي ما يخطر لك في حكمك من غير وحي منّي فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أي عن الطّريق الّذي أوحي به إلى رسلي . ثمّ تأدّب سبحانه معه فقال :إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما)

قال رضي الله عنه :  ( ثم المنة الكبرى والمكانة ) ، أي المرتبة ( الزلفى التي خصه اللّه بها ) ، أي ميزه بها عمن سواه حيث أعطاه إياه ولم يعطهم ( التنصيص على خلافته ولم يفعل ذلك مع أحد من أبناء جنسه ) ، وهم الأنبياء عليهم السلام .
قال رضي الله عنه :  ( وإن كان فيهم خلفاء فقال :يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى، أي ما يخطر لك في حكمك من غير وحي مني فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ، أي عن الطريق الذي أوحى به ) .
على صيغة المتكلم الواحد ( إلى رسلي ) ، إنما كان التنصيص على الخلافة المنة الكبرى والمكانة الزلفى لأنها صورة المرتبة الإلهية أعطيت للخلفاء ( ثم تأدب سبحانه معه ) ، أي مع داود عليه السلام

قال رضي الله عنه :  ( نَسُوا يَوْمَ الْحِسابِ[ ص : 26 ] ولم يقل : " فإن ضللت عن سبيلي فلك عذاب شديد " . )

قال رضي الله عنه :   ( فقال سبحانه إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما نَسُوا) ، أي بسبب نسيانهم (يَوْمَ الْحِسابِ) [ ص : 26 ] حيث لم يسند الضلال إليه ( ولم يقل له فإن ضللت عن سبيلي فلك عذاب شديد ) ، كما هو مقتضى الظاهر بل أسنده إلى الجماعة الغائبين الذين داود عليه السلام واحد منهم .
.

العودة إلى الفهرس
السفر السابع عشر الفقرة الخامسة على منتدي إتقوا الله ويعلمكم الله 
واتساب

No comments:

Post a Comment