Monday, December 30, 2019

16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر شرح الشيخ عفيف الدين سليمان التلمساني

16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر شرح الشيخ عفيف الدين سليمان التلمساني

16 - فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية .كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر شرح الشيخ عفيف الدين سليمان التلمساني

شرح الشيخ عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي
«إنه» يعني الكتاب «من سليمان، وإنه» أي مضمون الكتاب «بسم الله الرحمن الرحيم».
فأخذ بعض الناس في تقديم اسم سليمان على اسم الله تعالى ولم يكن كذلك.
وتكلموا في ذلك بما لا ينبغي مما لا يليق بمعرفة سليمان عليه السلام بربه.
وكيف يليق ما قالوه وبلقيس تقول فيه «ألقي إلي كتاب كريم» أي يكرم عليها.
وإنما حملهم على ذلك ربما تمزيق كسرى كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما مزقه حتى قرأه كله وعرف مضمونه.
فكذلك كانت تفعل بلقيس لو لم توفق لما وقفت له.
فلم يكن يحمي الكتاب عن الإحراق لحرمة صاحبه تقديم اسمه عليه السلام على اسم الله عز وجل ولا تأخيره.
فأتى سليمان بالرحمتين: رحمة الامتنان ورحمة الوجوب اللتان هما الرحمن الرحيم.
فامتن بالرحمن وأوجب بالرحيم.
وذا الوجوب من الامتنان.
فدخل الرحيم في الرحمن دخول تضمن.
فإنه كتب على نفسه الرحمة سبحانه ليكون ذلك للعبد بما ذكره الحق من الأعمال التي يأتي بها هذا العبد، حقا على الله تعالى أوجبه له على نفسه يستحق بها هذه الرحمة- أعني رحمة الوجوب.
ومن كان من العبيد بهذه المثابة فإنه يعلم من هو العامل منه.
والعمل مقسم على ثمانية أعضاء من الإنسان.
وقد أخبر الحق أنه تعالى هوية كل عضو منها، فلم يكن العامل غير الحق، والصورة للعبد، و الهوية مدرجة فيه أي في اسمه لا غير لأنه تعالى عين ما ظهر.
وسمي خلقا وبه كان الاسم الظاهر والآخر للعبد، وبكونه لم يكن ثم كان.
وبتوقف ظهوره عليه وصدور العمل منه كان الاسم الباطن والأول.
فإذا رأيت الخلق رأيت الأول والآخر والظاهر والباطن.
وهذه معرفة لا يغيب عنها سليمان، بل هي من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده، يعني الظهور به في عالم الشهادة.
فقد أوتي محمد صلى الله عليه وسلم ما أوتيه سليمان، وما ظهر به: فمكنه الله تعالى تمكين قهر من العفريت الذي جاءه بالليل ليفتك به فهم بأخذه وربطه بسارية من سواري المسجد حتى يصبح فتلعب به ولدان المدينة، فذكر دعوة سليمان عليه السلام فرده الله خاسئا.
فلم يظهر عليه السلام بما أقدر عليه وظهر بذلك سليمان.
ثم قوله «ملكا» فلم يعم، فعلمنا أنه يريد ملكا ما.
ورأيناه قد شورك في كل جزء من الملك الذي أعطاه الله، فعلمنا أنه ما اختص إلا بالمجموع من ذلك، وبحديث العفريت، أنه ما اختص إلا بالظهور.
وقد يختص بالمجموع والظهور.
ولو لم يقل صلى الله عليه وسلم في حديث العفريت «فأمكنني الله منه» لقلنا إنه لما هم بأخذه ذكره الله دعوة سليمان ليعلم أنه لا يقدره الله على أخذه، فرده الله خاسئا.
فلما قال فأمكنني الله منه علمنا أن الله تعالى قد وهبه التصرف فيه.
ثم إن الله ذكره فتذكر دعوة سليمان فتأدب معه، فعلمنا من هذا أن الذي لا ينبغي لأحد من الخلق بعد سليمان الظهور بذلك في العموم.
وليس غرضنا من هذه المسألة إلا الكلام والتنبيه على الرحمتين اللتين ذكرهما سليمان في الاسمين اللذين تفسيرهما بلسان العرب الرحمن الرحيم.
فقيد رحمة الوجوب وأطلق رحمة الامتنان في قوله تعالى «ورحمتي وسعت كل شيء» حتى الأسماء الإلهية، أعني حقائق النسب.
فامتن عليها بنا.
فنحن نتيجة رحمة الامتنان بالأسماء الإلهية والنسب الربانية.
ثم أوجبها على نفسه بظهورنا لنا وأعلمنا أنه هويتنا لنعلم أنه ما أوجبها على نفسه إلا لنفسه.
فما خرجت الرحمة عنه.
فعلى من امتن وما ثم إلا هو؟
إلا أنه لا بد من حكم لسان التفصيل لما ظهر من تفاضل الخلق في العلوم، حتى يقال إن هذا أعلم من هذا مع أحدية العين.
ومعناه معنى نقص تعلق الإرادة عن تعلق العلم، فهذه مفاضلة في الصفات الإلهية، كمال تعلق الإرادة وفضلها وزيادتها على تعلق القدرة.
وكذلك السمع والبصر الإلهي.
وجميع الأسماء الإلهية على درجات في تفاضل بعضها على بعض.
كذلك تفاضل ما ظهر في الخلق من أن يقال هذا أعلم من هذا مع أحدية العين.
وكما أن كل اسم إلهي إذا قدمته سميته بجميع الأسماء ونعته بها، كذلك فيما يظهر من الخلق فيه أهلية كل ما فوضل به.
فكل جزء من العالم مجموع العالم، أي هو قابل للحقائق متفرقات العالم كله، فلا يقدح قولنا إن زيدا دون عمرو في العلم أن تكون هوية الحق عين زيد وعمرو، وتكون في عمرو أكمل وأعلم منه في زيد، كما تفاضلت الأسماء الإلهية وليست غير الحق.
فهو تعالى من حيث هو عالم أعم في التعلق من حيث ما هو مريد وقادر، وهو هو ليس غيره.
فلا تعلمه هنا يا ولي وتجهله هنا، وتثبته هنا وتنفيه هنا إلا إن أثبته بالوجه الذي أثبت نفسه، ونفيته عن كذا بالوجه الذي نفى نفسه كالآية الجامعة للنفي والإثبات في حقه حين قال «ليس كمثله شيء» فنفى، «وهو السميع البصير» فأثبت بصفة تعم كل سامع بصير من حيوان وما ثم إلا حيوان إلا أنه بطن في الدنيا عن إدراك بعض الناس، وظهر في الآخرة لكل الناس، فإنها الدار الحيوان، وكذلك الدنيا إلا أن حياتها مستورة عن بعض العباد ليظهر الاختصاص والمفاضلة بين عباد الله بما يدركونه من حقائق العالم.
فمن عم إدراكه كان الحق فيه أظهر في الحكم ممن ليس له ذلك العموم.
فلا تحجب بالتفاضل وتقول لا يصح كلام من يقول إن الخلق هوية الحق بعد ما أريتك التفاضل في الأسماء الإلهية التي لا تشك أنت أنها هي الحق ومدلولها المسمى بها وليس إلا الله تعالى.
ثم إنه كيف يقدم سليمان اسمه على اسم الله كما زعموا وهو من جملة من أوجدته الرحمة: فلا بد أن يتقدم الرحمن الرحيم ليصح استناد المرحوم.
هذا عكس الحقائق: تقديم من يستحق التأخير وتأخير من يستحق التقديم في الموضع الذي يستحقه.
ومن حكمة بلقيس وعلو علمها كونها لم تذكر من ألقى إليها الكتاب، وما عملت ذلك إلا لتعلم أصحابها أن لها اتصالا إلى أمور لا يعلمون طريقها، وهذا من التدبير الإلهي في الملك، لأنه إذا جهل طريق الإخبار الواصل للملك خاف أهل الدولة على أنفسهم في تصرفاتهم، فلا يتصرفون إلا في أمر إذا وصل إلى سلطانهم عنهم يأمنون غائلة ذلك التصرف.
فلو تعين لهم على يدي من تصل الأخبار إلى ملكهم لصانعوه وأعظموا له الرشا حتى يفعلوا ما يريدون ولا يصل ذلك إلى ملكهم.
فكان قولها «ألقي إلي» ولم تسم من ألقاه سياسة منها أورثت الحذر منها في أهل مملكتها وخواص مدبريها، وبهذا استحقت التقدم عليهم.
وأما فضل العالم من الصنف الإنساني على العالم من الجن بأسرار التصريف وخواص الأشياء، فمعلوم بالقدر الزماني: فإن رجوع الطرف إلى الناظر به أسرع من قيام القائم من مجلسه، لأن حركة البصر في الإدراك إلى ما يدركه أسرع من حركة الجسم فيما يتحرك منه، فإن الزمان الذي يتحرك فيه البصر عين الزمان الذي يتعلق بمبصره مع بعد المسافة بين الناظر والمنظور : فإن زمان فتح البصر زمان تعلقه بفلك الكواكب الثابتة، وزمان رجوع طرفه إليه هو عين زمان عدم إدراكه.
والقيام من مقام الإنسان ليس كذلك: أي ليس له هذه السرعة.
فكان آصف ابن برخيا أتم في العمل من الجن، فكان عين قول آصف بن برخيا عين الفعل في الزمن الواحد.
فرأى في ذلك الزمان بعينه سليمان عليه السلام عرش بلقيس مستقرا عنده لئلا يتخيل أنه أدركه وهو في مكانه من غير انتقال، ولم يكن عندنا باتحاد الزمان انتقال، وإنما كان إعدام وإيجاد من حيث لا يشعر أحد بذلك إلا من عرفه وهو قوله تعالى «بل هم في لبس من خلق جديد.
ولا يمضي عليهم وقت لا يرون فيه ما هم راءون له.
وإذا كان هذا كما ذكرناه، فكان زمان عدمه (أعني عدم العرش) من مكانه عين وجوده عند سليمان، من تجديد الخلق مع الأنفاس.
ولا علم لأحد بهذا القدر، بل الإنسان لا يشعر به من نفسه أنه في كل نفس لا يكون ثم يكون.
ولا تقل «ثم» تقتضي المهلة، فليس ذلك بصحيح، وإنما «ثم» تقتضي تقدم الرتبة العلية عند العرب في مواضع مخصوصة كقول الشاعر :
كهز الرديني  ثم اضطرب و زمان الهز عين زمان
اضطراب المهزوز بلا شك. وقد جاء بـ "ثم" ولا مهلة.
كذلك تجديد الخلق مع الأنفاس: زمان العدم زمان وجود المثل كتجديد الأعراض في دليل الأشاعرة.
فإن مسألة حصول عرش بلقيس من أشكال المسائل إلا عند من عرف ما ذكرناه آنفا في قصته. فلم يكن لآصف من الفضل في ذلك إلا حصول التجديد في مجلس سليمان عليه السلام.
فما قطع العرش مسافة، ولا زويت له أرض ولا خرقها لمن فهم ما ذكرناه.
وكان ذلك على يدي بعض أصحاب سليمان ليكون أعظم لسليمان عليه السلام في نفوس الحاضرين من بلقيس وأصحابها.
وسبب ذلك كون سليمان هبة الله تعالى لداود من قوله تعالى «ووهبنا لداود سليمان».
والهبة عطاء الواهب بطريق الإنعام لا بطريق الوفاق أو الاستحقاق.
فهو النعمة السابغة والحجة البالغة والضربة الدامغة.
وأما علمه فقوله تعالى «ففهمناها سليمان» مع نقيض الحكم، وكلا آتاه الله حكما وعلما.
فكان علم داود علما مؤتى آتاه الله، وعلم سليمان علم الله في المسألة إذ كان الحاكم بلا واسطة. فكان سليمان ترجمان حق في مقعد صدق.
كما أن المجتهد المصيب لحكم الله الذي يحكم به الله في المسألة لو تولاها بنفسه أو بما يوحي به لرسوله له أجران، والمخطئ لهذا الحكم المعين له أجر مع كونه علما وحكما.
فأعطيت هذه الأمة المحمدية رتبة سليمان عليه السلام في الحكم، ورتبة داود عليه السلام.
فما أفضلها من أمة.
ولما رأت بلقيس عرشها مع علمها ببعد المسافة واستحالة انتقاله في تلك المدة عندها، «قالت كأنه هو»، وصدقت بما ذكرناه من تجديد الخلق بالأمثال، وهو هو، وصدق الأمر، كما أنك في زمان التجديد عين ما أنت في الزمن الماضي.
ثم إنه من كمال علم سليمان التنبيه الذي ذكره في الصرح.
فقيل لها «ادخلي الصرح» وكان صرحا أملس لا أمت فيه من زجاج.
فلما رأته حسبته لجة أي ماء، «وكشفت عن ساقيها».
حتى لا يصيب الماء ثوبها.
فنبهها بذلك على أن عرشها الذي رأته من هذا القبيل، وهذا غاية الانصاف.
فإنه أعلمها بذلك إصابتها في قولها «كأنه هو».
فقالت عند ذلك «رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان»:
أي إسلام سليمان: «لله رب العالمين».
فما انقادت لسليمان وإنما انقادت لله رب العالمين، وسليمان من العالمين.
فما تقيدت في انقيادها كما لا تتقيد الرسل في اعتقادها في الله، بخلاف فرعون فإنه قال «رب موسى وهارون»، وإن كان يلحق بهذا الانقياد البلقيسي من وجه، ولكن لا يقوى قوته فكانت أفقه من فرعون في الانقياد لله وكان فرعون تحت حكم الوقت حيث قال «آمنت بالذي آمنت به بنو إسرائيل».
فخصص، وإنما خصص لما رأى السحرة قالوا في إيمانهم بالله «رب موسى وهارون».
فكان إسلام بلقيس إسلام سليمان إذ قالت «مع سليمان» فتبعته.
فما يمر بشيء من العقائد إلا مرت به معتقدة ذلك.
كما نحن على الصراط المستقيم الذي الرب عليه لكون نواصينا في يده.
ويستحيل مفارقتنا إياه.
فنحن معه بالتضمين، وهو معنا بالتصريح، فإنه قال «وهو معكم أين ما كنتم».
ونحن معه بكونه آخذا بنواصينا.
فهو تعالى مع نفسه حيثما مشى بنا من صراطه.
فما أحد من العالم الا على صراط مستقيم، وهو صراط الرب تعالى.
وكذا علمت بلقيس من سليمان فقالت «لله رب العالمين» وما خصصت عالما من عالم.
وأما التسخير الذي اختص به سليمان وفضل به غيره وجعله الله له من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده فهو كونه عن أمره.
فقال «فسخرنا له الريح تجري بأمره».
فما هو من كونه تسخيرا، فإن الله يقول في حقنا كلنا من غير تخصيص «وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه».
وقد ذكر تسخير الرياح والنجوم وغير ذلك ولكن لا عن أمرنا بل عن أمر الله.
فما اختص سليمان إن عقلت إلا بالأمر من غير جمعية ولا همة، بل بمجرد الأمر.
وإنما قلنا ذلك لأنا نعرف أن أجرام العالم تنفعل لهمم النفوس إذا أقيمت في مقام الجمعية.
وقد عاينا ذلك في هذا الطريق.
فكان من سليمان مجرد التلفظ بالأمر لمن أراد تسخيره من غير همة ولا جمعية.
واعلم أيدنا الله وإياك بروح منه، أن مثل هذا العطاء إذا حصل للعبد أي عبد كان فإنه لا ينقصه ذلك من ملك آخرته، ولا يحسب عليه، مع كون سليمان عليه السلام طلبه من ربه تعالى.
فيقتضي ذوق الطريق أن يكون قد عجل له ما ادخر لغيره ويحاسب به إذا أراده في الآخرة.
فقال الله له «هذا عطاؤنا» ولم يقل لك ولا لغيرك، «فامنن» أي أعط «أو أمسك بغير حساب».
فعلمنا من ذوق الطريق أن سؤاله ذلك كان عن أمر ربه.
والطلب إذا وقع عن الأمر الإلهي كان الطالب له الأجر التام على طلبه.
والباري تعالى إن شاء قضى حاجته فيما طلب منه وإن شاء أمسك، فإن العبد قد وفى ما أوجب الله عليه من امتثال أمره فيما سأل ربه فيه، فلو سأل ذلك من نفسه عن غير أمر ربه له بذلك لحاسبه به.
وهذا سار في جميع ما يسأل فيه الله تعالى، كما قال لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم «قل رب زدني علما».
فامتثل أمر ربه فكان يطلب الزيادة من العلم حتى كان إذا سيق له لبن يتأوله علما كما تأول رؤياه لما رأى في النوم أنه أوتي بقدح لبن فشربه وأعطى فضله عمر بن الخطاب.
قالوا فما أولته قال العلم.
وكذلك لما أسري به أتاه الملك بإناء فيه لبن وإناء فيه خمر فشرب اللبن فقال له الملك أصبت الفطرة أصاب الله بك أمتك.
فاللبن متى ظهر فهو صورة العلم، فهو العلم تمثل في صورة اللبن كجبريل تمثل في صورة بشر سوي لمريم.
ولما قال عليه السلام "الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا " نبه على أنه كل ما يراه الإنسان في حياته الدنيا إنما هو بمنزلة الرؤيا للنائم: خيال فلا بد من تأويله.
إنما الكون خيال ... وهو حق في الحقيقة
والذي يفهم هذا ... حاز أسرار الطريقة
فكان صلى الله عليه وسلم إذا قدم له لبن قال «اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه» لأنه كان يراه صورة العلم، وقد أمر بطلب الزيادة من العلم، وإذا قدم له غير اللبن قال اللهم بارك لنا فيه وأطعمنا خيرا منه.
فمن أعطاه الله ما أعطاه بسؤال عن أمر إلهي فإن الله لا يحاسبه به في الدار الآخرة، ومن أعطاه الله ما أعطاه بسؤال عن غير أمر إلهي فالأمر فيه إلى الله، إن شاء حاسبه وإن شاء لم يحاسبه.
وأرجو من الله في العلم خاصة أنه لا يحاسبه به.
فإن أمره لنبيه عليه السلام يطلب الزيادة من العلم عين أمره لأمته: فإن الله يقول «لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة».
وأي أسوة أعظم من هذا التأسي لمن عقل عن الله تعالى.
ولو نبهنا على المقام السليماني على تمامه لرأيت أمرا يهولك الاطلاع عليه فإن أكثر علماء هذه الطريقة جهلوا حالة سليمان ومكانته وليس الأمر كما زعموا.
قلت : قال بعضهم: إنما كتب سليمان عليه السلام، اسمه قبل اسم الله تعالى في قوله: إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم (الروم: 27) 
خوفا على اسم الله تعالى من الإحراق   فإن عوائد الجبابرة من الملوك أن يهينوا المرسل بتمزيق أول اسم في كتابه.
فأراد سليمان، عليه السلام، أن يكون التمزيق في اسمه لا في اسم الله تعالى.
فلذلك قدمه وأخر ذكر اسم الله تعالی. 
قال، رضي الله عنه: ليس الأمر كما قالوه وإن أوهم تمزيق کسری کتاب النبي عليه السلام ، صدق من من توهم ذلك.
ثم ذكر أن ذكر سليمان الرحمن الرحيم هو إرادة إبراز حکم الرحمتین 
أما الأولى، فهو قوله الرحمن وهذه هي رحمة الامتنان. 
 قال: والرحمة الأخرى، هي التي كتبها على نفسه بقوله تعالى: "كتب ربكم على نفسه الرحمة " [الأنعام: 54] وبسط القول في ذلك.
واعلم أن هذا الكلام من الشيخ، رضي الله عنه، ليس هو من حضرة المعرفة بل من حضرة العلم إلا اليسير من كلامه وذلك اليسير غیر مخلص، لأنه، رضي الله عنه، راعى فيه مراتب عقول المحجوبين.
لأنه، عليه السلام قال: خذ هذا فاخرج به للناس والمعرفة لا يليق بالناس وإنما يليق بهم العلم. 
وأما العارفون فهم صفات الله تعالی عن شهود منهم، 
لذلك فالشيخ قد أطال وبين فلا نحتاج نحن إلى زيادة شرح.

 .
التسميات:
واتساب

No comments:

Post a Comment