Saturday, January 18, 2020

18 -  فك ختم الفص اليونسى .كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص على فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

18 - فك ختم الفص اليونسى .كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص على فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

18 -  فك ختم الفص اليونسى .كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص على فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

كتاب الفكوك في أسرار مستندات حكم الفصوص أبو المعالي محمد بن إسحاق صدر الدين القونوي
1 / 18  - اعلم ان كل نبى وولى ما عدا الكمل منهم فإنه مظهر حقيقة كلية من حقائق العالم والأسماء الإلهية الخصيصة بها وأرواحها الذين هم الملأ الأعلى ، على اختلاف مراتبهم ونسبهم من العالم العلوي ،
واليه الإشارة بقول النبي صلى الله عليه وسلم: ان آدم في السماء الأول وعيسى في الثانية ويوسف في الثالثة ويونس في الرابعة وهارون في الخامسة وموسى في السادسة وإبراهيم في السابعة ومن المستبين ان أرواحهم غير متحيزة،
وليس المراد من ذلك الا التنبيه على قوة نسبتهم من حيث مراتبهم وعلومهم وأحوالهم ومراتب أممهم الى تلك السماء التي كانت أحوالهم هنا صور أحكامها، اعنى احكام المراتب والسموات،
 ومن هذا الباب ما يذكره الأكابر من اهل الله في اصطلاحهم بالاتفاق :
يأتى من الأولياء من هو على قلب جبرئيل ، ومنهم من هو على قلب ميكائيل ، ومنهم من هو على قلب اسرافيل - على جميعهم السلام - ونحو ذلك .

2 / 18  - وإذا تقرر هذا فاعلم : ان سر تسمية شيخنا رضى الله عنه هذه الحكمة بالحكمة النفسية هو من أجل ان يونس كان مظهرا للصفة الكلية التي يشترك فيها النفوس الانسانية ، ومثالها من حيث تدبيرها للأبدان العنصرية وأحواله عليه السلام صور احكام تلك الصفة الكلية وأمثلتها بحسب ما يقتضيه مرتبته واستعداده .

3 / 18 -  وبعد تقديم هذه القاعدة أقول : لما كانت النفوس في الأصل منبعثة عن الأرواح العالية الكلية المسماة عند الحكماء بالعقول ، وللنفوس الانسانية شبه قوى بتلك الأرواح من وجوه شتى : من جملتها البساطة ودوام البقاء ، ظنت ان تعلقها بالأجسام من حيث التدبير والتحكم لا يكسبها تقييدا وتعشقا ، وانها متى شاءت أعرضت عن التدبيرات بصفة الاستغناء ، وكانت كالارواح العالية التي انبعثت عنها وذهلت عن نزول درجتها عن درجة تلك الأرواح في هذا الامر وعن عدم استغنائها عن التعلق والتدبير .

4 / 18 -  فلما الفت الأبدان وانصبغت بأحكام الامزجة حتى اثرت فيها ، كما اثرت هي في المزاج وتعشقت بها واشتد تقيدها بصحبة البدن ، أراها الحق عجزها وقصورها عن البلوغ الى درجة من أوجدها الحق بواسطته ،
ورأت فقرها وتعشقها فرجعت متوجهة الى الحق بصفة التضرع والابتهال والافتقار الذاتي من الوجه الذي لا واسطة فيه بينها وبين الحق،
فأجاب الحق ندائها وأمدها من لدنه بقوة ونور استشرفت به على ما شاء الحق ان يطلعها عليه من حضراته القدسية ولطائف اسراره العلية، فانعكس تعشقها الى ذلك الجناب الأقدس واتصلت به وحصل لها بذلك الاتصال الرافع لأحكام الوسائط ما اوجب انتظامها في سلك اولى الأيدي والأبصار، وانفتح لها باب كان مسدودا فصار تدبيرها مطلقا غير مقيد بصورة بعينها دون صورة، بل حصل لها من القوة والكمال ما تمكنت به من تدبير صور شتى في الوقت الواحد، دون تعشق وتقيد .

5 / 18  - وربما ألبستها العناية عزا اتفق به ان تقف في مراتب الأرواح العالية وتكون كهي لما رأت من حسن ما تجلى لها من وراء باب الوجه الخاص الذي فتح لها بينها وبين موجدها وما استفادته من ربها من تلك الجهة ،
وسرى من بركة ما حصنته الى صورتها التي كانت مقيدة بتدبيرها قوى وانوار سارية متعدية في الموجودات علوا وسفلا وصارت حافظة باحدية جمعها من حيثية تلك الصورة التي كانت مقيدة بتدبيرها صورة الخلاف الواقع والثابت في الموجودات صورة ومعنى، روحا ومثالا .

6 / 18   -  وإذا فهمت ما أدرجته في هذه المقامات فاعلم : ان يونس عليه السلام من حيث أحواله المذكورة لنا في الكتاب العزيز مثال ارتباط الروح الإنساني بالبدن ، والحوت مثال الروح الحيواني الخصيص به ،
والسر في كونه حوتا هو لضعف صفة الحياة فيه، فان الحوت ليست له نفس سائلة، كذلك حيوانية الإنسان ذات حيوة ضعيفة، ولهذا تقبل الموت، بخلاف روحه المفارق، فان صفاته ثابتة ابدية، واليم مثال عالم العناصر، ووجه شبهه باليم هو ان تراكيب الامزجة المتكونة من العناصر غير متناهية .

7 / 18 -  واما موجب النداء والاجابة وسر قوله تعالى : " فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْه " [ الأنبياء / 87 ] فقد سبقت الإشارة اليه آنفا عند الكلام على احوال النفوس المدبرة للأبدان .
واما سر قوله تعالى : " وأَرْسَلْناه إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ "  [ الصافات / 147 ] ،
 فإنه إشارة الى امهات حقائق العالم وقواه وانه على عدد الأنبياء وهم مائة وأربعة وعشرون ألفا ، فان كل نبى ووارث  من الأولياء مظهر حقيقة كلية من حقائق العالم والأسماء  كما أشرت اليه في اول هذا الفص .

8 / 18  - واما سر قوله تعالى : " لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ في الْحَياةِ الدُّنْيا ومَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ "[ يونس / 98 ] ،
فهو مثال ما ذكرته في فص عزير عليه السلام: النفوس الكمل بركة تسرى في أبدانهم وقواهم، فيحصل لها ضرب من البقاء ولا ينحل صور أبدانهم وان فارقتها أرواحهم بل يبقى الى زمان ابتداء انتشاء النشأة الاخراوية، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم :ان الله حرم على الأرض ان تأكل أجساد الأنبياء عليهم السلام، وهذا ما يسر الله تعالى ذكره من اسرار اليونسية وأحواله المذكورة، فتدبره والله الهادي.

  .
التسميات:
واتساب

No comments:

Post a Comment