Sunday, January 12, 2020

السفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية الفقرة العاشرة .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية الفقرة العاشرة .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية الفقرة العاشرة .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

18 - The Wisdom of Breath in the Word of Jonah

جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فإن شئت قلت إن الله تجلى مثل هذا الأمر، وإن شئت قلت إن العالم في النظر إليه وفيه مثل الحق في التجلي، فيتنوع في عين الناظر بحسب مزاج الناظر أو يتنوع مزاج الناظر لتنوع التجلي: وكل هذا سائغ في الحقائق.
ولو أن الميت والمقتول أي ميت كان أو أي مقتول كانإذا مات أو قتل لا يرجع إلى الله، لم يقض الله بموت أحد ولا شرع قتله.  فالكل في قبضته: فلا فقدان في حقه.
فشرع القتل وحكم بالموت لعلمه بأن عبده لا يفوته: فهو راجع إليه على أن قوله «وإليه يرجع الأمر كله» أي فيه يقع التصرف، وهو المتصرف، فما خرج عنه شيء لم يكن عينه، بل هويته هو عين ذلك الشيء وهو الذي يعطيه الكشف في قوله «و إليه يرجع الأمر كله». )

قال رضي الله عنه :  ( فإن شئت قلت إنّ اللّه تجلّى مثل هذا الأمر ، وإن شئت قلت إنّ العالم في النّظر إليه وفيه مثل الحقّ في التّجلّي .  فيتنوّع في عين النّاظر بحسب مزاج النّاظر أو يتنوّع مزاج النّاظر لتنوّع التّجلّي وكلّ هذا سائغ في الحقائق .  فلو أنّ الميّت - والمقتول - أيّ ميّت كان ، أو أيّ ، مقتول كان - إذا مات أو قتل لا يرجع إلى اللّه ، لم يقض اللّه بموت أحد ولا شرّع قتله .  فالكلّ في قبضته فلا فقدان في حقّه . فشرع القتل وحكم بالموت لعلمه بأنّ عبده لا يفوته : فهو راجع إليه . على أنّ قوله :وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ أي فيه يقع التّصرّف ، وهو المتصرّف ، فما خرج عنه شيء لم يكن عينه ، بل هويّته هو عين ذلك الشّيء .  وهو الّذي يعطيه الكشف في قوله :وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ [ هود : 123 ] .  ( والتّوفيق من اللّه تعالى ) . )

قال رضي الله عنه :  (فإن شئت) يا أيها السالك (قلت إن اللّه) سبحانه (تجلى) ، أي انكشف (مثل هذا الأمر) ، أي الشأن المذكور كما قال تعالى :كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ[ الرحمن : 29].
(وإن شئت قلت : إن العالم) بفتح اللام (في النظر إليه) ، أي إلى نفسه (وفيه) ، أي في نفسه (مثل الحق) تعالى (في التجلي) المتنوّع المذكور (فيتنوّع) ، أي العالم (في عين الناظرين) إليه لا في نفسه (بحسب مزاج الناظرين) إليه وقوّة استعدادهم في إدراكه فيدركونه في وقت هكذا وفي وقت آخر هكذا بمقتضى ما هم فيه من المزاج ، كالأحول يرى الواحد اثنين ، وكالصفراوي يرى العسل مرا ونحو ذلك لسبب فيه لا في المرئي ، والمرئي على ما هو عليه لم يتغير (أو بتنوّع مزاج الناظرين) إلى العالم (لتنوّع التجلي) الإلهي المفيض عليهم ذلك ، ثم يتنوّع العالم في أعينهم بحسب تنوّع مزاجهم .
قال تعالى : " وَما تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَما تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ [ يونس : 61 ] ، وقال :أَفَمَنْ هُوَ قائِمٌ عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ [ الرعد : 33 ] ، وكل هذا الاعتبار (سائغ) ، أي ممكن القول به (في الحقائق) الإلهية الظاهرة والإشارة إليه واردة في الشرع عند أهلها .
قال رضي الله عنه :  (ولو أن) الإنسان (الميت) ، (أو) الإنسان (المقتول) الغافل إذ صاحب اليقظة راجع إلى اللّه تعالى في حياته (أي ميت كان وأي مقتول كان) صغيرا أو كبيرا مؤمنا أو كافرا وغير الإنسان كذلك لكن لا يتعلق به حكم هنا (إذا مات أو قتل) ، أي ذلك الإنسان (لا يرجع) من شهود نفسه وغفلته (إلى) شهود (اللّه) تعالى ويقظته وصاحب اليقظة تزداد يقظته بذلك قال تعالى :وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ[ البقرة:281] الآية .
وقال تعالى : يَخافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصارُ[ النور : 37 ] ، وهو يوم الموت تتقلب فيه القلوب من الغفلة إلى اليقظة .
وفي الحديث : "الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا " . رواه البيهقي وابونعيم في الحلية والزهري

وقال عليه السلام : « إنكم لن تروا ربكم حتى تموتوا » . رواه النسائي والطبراني في مسند الشاميين والسنة لأبي عاصم والمختارة للمقديسي والشريعة للآجري والفتن لنعيم بن حماد.
وقال تعالى :وَمِنْ آياتِهِ مَنامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ[ الروم : 23 ] ، أي غفلتكم في الحياة الدنيا إلى الموت .
لم يقض اللّه تعالى أي لم يحكم من الأزل بموت أحد من الناس أصلا ولا شرع سبحانه قتله في مهدر الدم بردّة أو حرب أو قصاص أو زنا محصن أو تعزير بليغ ونحو ذلك .
فالكل ، أي الأحياء والأموات في تصريف قبضته سبحانه كما قال تعالى :وَإِذْ قُلْنا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحاطَ بِالنَّاسِ[ الإسراء : 60 ]  .

 وقال سبحانه : وَاللَّهُ مِنْ وَرائِهِمْ مُحِيطٌ [ البروج : 20 ] ، وقال : واللّه بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ[ فصلت : 54 ] ، فلا فقدان لأحد في حقه تعالى بل الكل حاضرون عنده تعالى .
فشرع القتل فيمن يستوجبه وحكم بالموت على كل حي لا ليدخلوا في قبضته ويحضروا عنده بل لعلمه سبحانه بأن عبده لا يفوته وإن غفل عنه وظن أنه يفر منه في الدنيا دون الآخرة .
وقال تعالى :يَقُولُ الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ ( 10 ) كَلَّا لا وَزَرَ ( 11 ) إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ( 12 ) [ القيامة : 10 - 12 ] ، فهو ، أي عبده راجع إليه

تعالى على كل حال على أن في قوله تعالى وَإِلَيْه ِسبحانه، أي لا إلى غيره يُرْجَعُ الْأَمْرُ الإلهي الذي كل شيء مخلوق صورته في الحس والعقل كله فلا يبقى غيره أي فيه سبحانه من حيث أنه أمر متوجه على تصوير كل شيء يقع التصرف من كل متصرف وهو سبحانه المتصرف في كل شيء لا غيره .
فما خرج عنه تعالى شيء من محسوس أو معقول لم يكن عينه تعالى بل هويته تعالى عين ذلك الشيء من حيث وجود ذلك الشيء لا من حيث صورته المحسوسة والمعقولة ، فإنها فانية بحكم قوله تعالى :كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ [ الرحمن : 26 ] ، أي على أرض الوجود هالكة بحكم قوله سبحانه :كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ [ القصص : 88 ] ،

ومنفية بحكم قوله عليه السلام : « كان اللّه ولا شيء معه » وهو الآن على ما عليه كان.
"" وهو الآن على ما عليه كان.العبارة زادها العارفون باللّه تعالى أخذا من قوله تعالى :هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ[ الحديد : 3 ].
وقوله تعالى :كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ ( 26 ) وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ( 27 ) [ الرحمن: 26 – 27] . ""
وهو ، أي هذا الكلام المذكور الذي يعطيه الكشف الصحيح في معنى قوله تعالى :وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ [ هود : 123 ] عند أهل المعرفة باللّه .


شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فإن شئت قلت إن الله تجلى مثل هذا الأمر، وإن شئت قلت إن العالم في النظر إليه وفيه مثل الحق في التجلي، فيتنوع في عين الناظر بحسب مزاج الناظر أو يتنوع مزاج الناظر لتنوع التجلي: وكل هذا سائغ في الحقائق.
ولو أن الميت والمقتول أي ميت كان أو أي مقتول كانإذا مات أو قتل لا يرجع إلى الله، لم يقض الله بموت أحد ولا شرع قتله.  فالكل في قبضته: فلا فقدان في حقه.
فشرع القتل وحكم بالموت لعلمه بأن عبده لا يفوته: فهو راجع إليه على أن قوله «وإليه يرجع الأمر كله» أي فيه يقع التصرف، وهو المتصرف، فما خرج عنه شيء لم يكن عينه، بل هويته هو عين ذلك الشيء وهو الذي يعطيه الكشف في قوله «و إليه يرجع الأمر كله». )

قال رضي الله عنه :  ( فإن شئت قلت إن اللّه تجلي ) لقلوب عباده ( مثل هذا الأمر ) .
أي مثل تجلي نار إبراهيم عليه السلام لعيون الناظرين وهذا ظهور الحق في الخلق ( وإن شئت قلت إن العالم في النظر إليه وفيه ) قوله في النظر إليه إشارة إلى مرتبة الصفات وقوله وفيه إشارة إلى مرتبة الذات .
قال رضي الله عنه :  ( مثل الحق في التجلي ) خبر أن أي العالم يتنوع في مرآة وجود الحق كما يتنوع الحق في مرآة العالم عند التجلي وهو ظهور الخلق في الحق ( فيتنوع ) التجلي ( في عين الناظر بحسب مزاج الناظر ) هذا في التجلي الشهادي .

قال رضي الله عنه :  ( أو يتنوع مزاج الناظر لتنوع التجلي ) هذا في التجلي الغيبي وقد مر بيان هذين القسمين في الفص الشعبي ( وكل هذا سائغ في الحقائق ) ولما فرغ عن أحوال الآخرة رجع إلى ما صدده وهو قوله والإنسان بالموت يرجع إليه فقال : ( ولو أن الميت أو المقتول أيّ ميت كان ) شقيا أو سعيدا ( أو أيّ مقتول كان ) ظلما أو حقا ( إذا مات أو قتل ) .

قوله  رضي الله عنه  : ( لا يرجع إلى اللّه ) خبر أن ( لم يقض اللّه بموت أحد ولا شرع قتله ) جواب لو أي ولو قضى بلا رجوع لوقع موت العبد بلا حكمة مع أن وجوده راجع ومراعى عند اللّه وذلك محال على اللّه ( فالكل ) سواء كان ميتا أو مقتولا ( في قبضته فلا فقدان ) للعبد ( في حقه )
أي في حق الحق ( فشرّع القتل وحكم بالموت لعلمه بأن عبده لا يفوته فهو راجع إليه ) بالموت ( على أن قوله وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ أي ) يقع ( فيه ) أي في الأمر ( يقع التصرف وهو ) أي الحق ( المتصرف ) .
فلا يخلو العبد أن يكون متصرفا فيه الحق أبدا والعدم المحض لا يقبل التصرف فلا يكون العبد بالموت عدما مطلقا فحذف اسم إن للعلم به أي على أن قوله وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ دلالة على هذا المعنى

قال رضي الله عنه :  ( فما خرج عنه ) أي ما ظهر عن الحق ( شيء لم يكن ) ذلك الشيء ( عينه ) أي عين الحق في بعض صفاته لا في كلها كما قال الشيخ الأكبر في مواضع وكل وصف وصف اللّه به نفسه كنا نتصف به إلا الوجوب الذاتي .
فإنه لاحظ للإنسان فيه وكل وصف نتصف به اتصف الحق به إلا الإمكان الذاتي ولوازمه فإن ذلك يستحيل على اللّه ثم كلامه .

قال رضي الله عنه :  ( بل هويته ) أي هوبة الحق هو راجع إلى الهوية باعتبار إضافتها إلى الحق لذلك ذكر ( عين ذلك الشيء ) من وجه وهو كونه مخلوقا على صفة الحق لا غير .

فإنه قال قدس سره من قبل فإن الإنسان كثيرا ما هو أحدي العين والحق أحدي العين فدل ذلك الكلام على امتناع اتحاد العينين ( وهو ) أي ما ذكرناه ( الذي يعطيه الكشف في قوله وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ) إشارة إلى أن أخذ هذا المعنى من هذا القول لا يكون إلا بالكشف لخفائه من إدراك العقول فظهر منه أن للقرآن والأحاديث معان لا تظهر دلالتهما عليها إلا بالكشف الإلهي .


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فإن شئت قلت إن الله تجلى مثل هذا الأمر، وإن شئت قلت إن العالم في النظر إليه وفيه مثل الحق في التجلي، فيتنوع في عين الناظر بحسب مزاج الناظر أو يتنوع مزاج الناظر لتنوع التجلي: وكل هذا سائغ في الحقائق.
ولو أن الميت والمقتول أي ميت كان أو أي مقتول كانإذا مات أو قتل لا يرجع إلى الله، لم يقض الله بموت أحد ولا شرع قتله.  فالكل في قبضته: فلا فقدان في حقه.
فشرع القتل وحكم بالموت لعلمه بأن عبده لا يفوته: فهو راجع إليه على أن قوله «وإليه يرجع الأمر كله» أي فيه يقع التصرف، وهو المتصرف، فما خرج عنه شيء لم يكن عينه، بل هويته هو عين ذلك الشيء وهو الذي يعطيه الكشف في قوله «و إليه يرجع الأمر كله».)

قال رضي الله عنه :  ( فإن شئت قلت إن الله تجلى مثل هذا الأمر، وإن شئت قلت إن العالم في النظر إليه وفيه مثل الحق في التجلي، فيتنوع في عين الناظر بحسب مزاج الناظر أو يتنوع مزاج الناظر لتنوع التجلي: وكل هذا سائغ في الحقائق. ولو أن الميت والمقتول أي ميت كان أو أي مقتول كانإذا مات أو قتل لا يرجع إلى الله، لم يقض الله بموت أحد ولا شرع قتله.  فالكل في قبضته: فلا فقدان في حقه. فشرع القتل وحكم بالموت لعلمه بأن عبده لا يفوته: فهو راجع إليه على أن قوله «وإليه يرجع الأمر كله» أي فيه يقع التصرف، وهو المتصرف، فما خرج عنه شيء لم يكن عينه، بل هويته هو عين ذلك الشيء وهو الذي يعطيه الكشف في قوله «و إليه يرجع الأمر كله».

قال : ويصير النار بردا وسلاما على من فيها كنعيم الخليل، عليه السلام بالنار حين ألقي فيها وعاين أن الحق تعالى هو عين الكل وهويته تحقيقه وإليه يرجع الأمر كله.

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فإن شئت قلت إن الله تجلى مثل هذا الأمر، وإن شئت قلت إن العالم في النظر إليه وفيه مثل الحق في التجلي، فيتنوع في عين الناظر بحسب مزاج الناظر أو يتنوع مزاج الناظر لتنوع التجلي: وكل هذا سائغ في الحقائق.
ولو أن الميت والمقتول أي ميت كان أو أي مقتول كانإذا مات أو قتل لا يرجع إلى الله، لم يقض الله بموت أحد ولا شرع قتله.  فالكل في قبضته: فلا فقدان في حقه.
فشرع القتل وحكم بالموت لعلمه بأن عبده لا يفوته: فهو راجع إليه على أن قوله «وإليه يرجع الأمر كله» أي فيه يقع التصرف، وهو المتصرف، فما خرج عنه شيء لم يكن عينه، بل هويته هو عين ذلك الشيء وهو الذي يعطيه الكشف في قوله «و إليه يرجع الأمر كله».)

قال رضي الله عنه :  (فإن شئت قلت : إنّ الله تجلَّى مثل هذا الأمر ، وإن شئت قلت : إنّ العالم في النظر إليه وفيه مثل  الحقّ في التجلَّي ،فيتنوّع في عين الناظر بحسب مزاج الناظر) .
يعني - رضي الله عنه - المزاج الروحانيّ الذي للناظر طاحب الكشف والشهود لا مزاجه الجسمانيّ وإن كان له مدخل من وجه ما ، لا من جميع الوجوه .

قال رضي الله عنه : ( أو يتنوّع الناظر لتنوّع التجلَّي ، وكل هذا سائغ في الحقائق ) .
قال العبد يشير رضي الله عنه : إلى اختلاف التجلَّي باختلاف مزاج الناظر إلى أنّ ظهور كل ظاهر في كل مظهر إنّما يكون بحسب المظهر إن كان الناظر من شأنه أن يكون له حسب معيّن أو لم يكن إذا كان المظهر من شأنه أن لا يكون له حسب معيّن ، ولا بدّ ، وإلَّا فبحسب الظاهر والناظر ، وأمّا تنوّع مزاج الناظر بحسب التجلَّي فهو من حيث مزاج الناظر القلبي ،
فإنّ القلب يتقلَّب مع التجلَّي في العبد الكامل ، فإنّه مقلب القلوب ، وفي غيره على غير ذلك ، فاذكر ، فقد ذكر مرارا ، والوجهان سائغان شائعان ، فلا تتحيّر ، فليس اختلاف الأحكام إلَّا باختلاف الوجوه بحسب الحاكم والمحكوم عليه والمحكوم به .

قال رضي الله عنه : ( ولو أنّ الميّت والمقتول - أيّ ميت كان أو أيّ مقتول كان إذا مات أو قتل ، لا يرجع إلى الله ، لم يقض الله بموت أحد ولم يشرع قتله ، فالكلّ في قبضته ، ولا فقدان في حقّه ، فشرع القتل وحكم بالموت ، لعلمه أنّ عبده لا يفوته ، فهو راجع إليه ) .

يشير رضي الله عنه إلى أنّ العبد مربوب وجودا وعلما ، فإن بطن العبد عن ربوبية الربّ الظاهر بالموت أو القتل ، فقد تولَّاه حين توفّاه الربّ القابض الباطن ، فإذا أخذ حفظه في نشأة وموطن ومقام كالدنيا ، نقله إلى نشأة أخرى وموطن وحالة أخرى وتجلّ أعلى وأجلّ وأولى بالنسبة إليه من الأولى ، فهو يقبضه إليه عن ظهور وتجلّ وتبسّط في نور وتجلّ آخر في شأن أعلى وفضاء أضوا ، ويورده موردا أعذب وأحلى ، فله الحمد أبدا دائما في الآخرة والأولى .

قال رضي الله عنه : ( على أنّ في قوله :  "وَإِلَيْه ِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّه " أي فيه يقع التصرّف ، وهو المتصرّف ، فما خرج عنه شيء لم يكن عينه ، بل هويّته عين ذلك الشيء ، وهو الذي يعطيه الكشف في قوله : وإليه يرجع الأمر كلَّه ) .
قال العبد : والبرهان الكشفي على أنّ الحق بهويّته عين كلّ شيء انّ الأمر الموجود المشهود في العالم إمّا نقوش وصور وأشكال وهيئات وتعيّنات وجودية ، وإمّا وجود حق ظاهر متعيّن فيما ذكر كذلك .
والوجود واحد هو فيه عينه لا غيره ولا هو أمر زائد على حقيقته ، تعالى عن ذلك علوّا كبيرا .
والصور والهيئات والنقوش والكثرات مع أنّها لا تحقّق لها في أعيانها إلَّا بالوجود الحق الظاهر بها - عائدة إلى حقائق الأشياء وصور معلومياتها في العلم ، وهي شؤونه وأحواله ونسبه الذاتيّة ، والذاتيات عين الذات ، غير زائدة عليها في حقيقتها إلَّا علما لا وجودا ،
فما ثمّ إلَّا هو وأنا ، وهو في أنا أنا ، وأنا في هو هو ، كما قلنا :نحن فيه هو فاعرفنا به  وهو فينا نحن فافهم ما أقول.

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فإن شئت قلت إن الله تجلى مثل هذا الأمر، وإن شئت قلت إن العالم في النظر إليه وفيه مثل الحق في التجلي، فيتنوع في عين الناظر بحسب مزاج الناظر أو يتنوع مزاج الناظر لتنوع التجلي: وكل هذا سائغ في الحقائق.
ولو أن الميت والمقتول أي ميت كان أو أي مقتول كانإذا مات أو قتل لا يرجع إلى الله، لم يقض الله بموت أحد ولا شرع قتله.  فالكل في قبضته: فلا فقدان في حقه.
فشرع القتل وحكم بالموت لعلمه بأن عبده لا يفوته: فهو راجع إليه على أن قوله «وإليه يرجع الأمر كله» أي فيه يقع التصرف، وهو المتصرف، فما خرج عنه شيء لم يكن عينه، بل هويته هو عين ذلك الشيء وهو الذي يعطيه الكشف في قوله «و إليه يرجع الأمر كله».)

قال رضي الله عنه :  (وإن شئت قلت : إن الله تجلى مثل هذا الأمر ، وإن شئت قلت : إن العالم في النظر إليه وفيه مثل الحق في التجلي ، فيتنوع في عين الناظر بحسب مزاج الناظر ، ويتنوع مزاج الناظر لتنوع التجلي ، وكل هذا سائغ في الحقائق ) .

يعنى أن إبراهيم عليه السلام وجد النار بردا وسلاما مع شهود الصورة النارية ، فإنها نار في أعين الناظرين ، فإن الشيء الواحد يتنوع بحسب أحوال الناظرين ، وكذلك يكون التجلي الإلهي أي يختلف باختلاف الناظرين .

"" أضاف بالي زادة :  مع إبراهيم أحد من الناس لجاز إحراقه مع كونه في حق إبراهيم بردا وسلاما ، فكان حال أهل النار حال إبراهيم في أنه تعذب برؤيتها مع أنه لا يخلو في تلك الحالة عن الراحة الروحانية ( مثل الحق في التجلي ) أي العالم يتنوع في مرآة وجود الحق كما يتنوع الحق في مرآة العالم اهـ بالى زادة . ""

فإن شئت قلت : إن الله تعالى تجلى مثل هذا الأمر : أي تجلى تجليا واحدا يتنوع بحسب تنوع أحوال الناظر .
وإن شئت قلت : إن العالم في النظر إليه مثل الحق في التجلي ، أي العالم بفتح اللام في نظر الناظرين إليه وفيه ، كالحق في تجليه يراه الناظر إليه بحسب مزاجه على صورة غير ما يراه الآخر عليها ، كما أن المحرور يرى الهواء نارا والمبرود يراه زمهريرا ،
وأما في حق التجلي الإلهي فالمراد بمزاج الناظر حاله وهيأته الروحانية لا مزاجه الجسماني ، فإن لصاحب الكشف أجزاء لا يختلف التجلي باختلافها ، وإن لمزاج البدن أيضا مدخلا في ذلك من وجه ، فتارة يتنوع التجلي الواحد باختلاف حال الناظر ، وتارة يتنوع الناظر لتنوع التجلي على ما ذكر ،
إذ المظهر الذي غلب عليه أحكام الكثرة يتنوع التجلي الإلهي الواحد فيه بحسب أحواله فينصبغ التجلي بحكم المظهر ، وأما إذا كان الغالب على المظهر حكم الوحدة وهو قلب العبد الكامل المجرد المنسلخ عن أحكام الكثرة فإنه يتنوع بحسب تنوع التجلي ،
فإن هذا القلب مع تقلب الحق في تجلياته والحق يقلب قلبه فإنه يقلب القلوب وكلا الأمرين سائغ ، هذا في الكامل وليس ذلك في غيره

قال رضي الله عنه :  ( فلو أن المقتول أو الميت أي ميت كان أو أي مقتول كان ، إذا مات أو قتل لا يرجع إلى الله لم يقض الله بموت أحد ولا شرع قتله ، فالكل في قبضته فلا فقدان في حقه ، فشرع القتل وحكم بالموت لعلمه بأن عبده لا يفوته فهو راجع إليه ) .

يعنى لولا أن العبد بعد موته كان باقيا على عبوديته ومربوبيته لربه لم يحكم بموته وقتله ، فإن ربوبيته موقوفة على مربوبية هذا العبد فلا يفوته ، ولا يقبل الانفكاك عنه أصلا بل دائما في قبضة القابض الباطن ، فنقله من نشأة إلى نشأة أخرى ومن موطن إلى موطن هو به أولى ،  
فهو يقبضه عن ظهور وتجل ويبسطه في نور وتجلى آخر أعلى وأجل ، كما قال لنبيه عليه الصلاة والسلام :  " ولَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ من الأُولى "   .

فهو معه أينما كان ( على أن في قوله "وإِلَيْه يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّه "  أي فيه يقع التصرف وهو للتصرف ، فما خرج عنه شيء لم يكن عينه بل هويته عين ذلك الشيء ، وهو الذي يعطيه الكشف في قوله : " وإِلَيْه يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّه" ).

اسم إن محذوف لدلالة فما خرج عنه شيء لم تكن عينه عليه أي فهو راجع إليه مع أن في قوله -   ( وإِلَيْه يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّه )   إيذانا بأن كل شيء عينه ، لأن لفظ الرجوع يدل على أنه الأصل الذي منه كل شيء بدا فيعيده ، فلا يقع التصرف إلا منه فيه فهو المتصرف بإبدائه عن نفسه ورجع إليه ، فهو عين ذلك الشيء بتجليه في صورته عينا وعلما ووجودا ،
فهويته هي عين ذلك الشيء إذ الذي يعطيه الكشف هو أن الذات الأحدية تجلى في صور الأعيان،
وهي عين علمه بذاته ليست أمورا زائدة على الوجود لأنها صور معلوماته وشئونه الذاتية منه بوجوده مع ثبوتها في علمه ،
وإليه عادت بقبضه إليه ، كما قال :" ثُمَّ قَبَضْناه إِلَيْنا قَبْضاً يَسِيراً " أي لم يلبث أن يبسط .


مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فإن شئت قلت إن الله تجلى مثل هذا الأمر، وإن شئت قلت إن العالم في النظر إليه وفيه مثل الحق في التجلي، فيتنوع في عين الناظر بحسب مزاج الناظر أو يتنوع مزاج الناظر لتنوع التجلي: وكل هذا سائغ في الحقائق.
ولو أن الميت والمقتول أي ميت كان أو أي مقتول كانإذا مات أو قتل لا يرجع إلى الله، لم يقض الله بموت أحد ولا شرع قتله.  فالكل في قبضته: فلا فقدان في حقه.
فشرع القتل وحكم بالموت لعلمه بأن عبده لا يفوته: فهو راجع إليه على أن قوله «وإليه يرجع الأمر كله» أي فيه يقع التصرف، وهو المتصرف، فما خرج عنه شيء لم يكن عينه، بل هويته هو عين ذلك الشيء وهو الذي يعطيه الكشف في قوله «و إليه يرجع الأمر كله».)

قال رضي الله عنه :  ( فإن شئت قلت إن الله تجلى مثل هذا الأمر . وإن شئت قلت إن العالم في النظر إليه وفيه مثل الحق في التجلي . )
أي ، بعد أن علمت أن الشئ الواحد يتنوع و يظهر أنواعا مختلفة ، فإن شئت قلت المتجلي هو الله في مرآيا الأعيان بالصور المختلفة .
كما صارت النار بردا وسلاما على إبراهيم وكانت نارا على أعين الناظرين .
وإن شئت قلت أن أعيان العالم هي المتجلية في مرآة وجود الحق بصور مختلفة عند النظر إليه . فالعالم مثل الحق في الظهور والتجلي بالصور .

قال رضي الله عنه :  ( فيتنوع في عين الناظر بحسب مزاج الناظر ، أو يتنوع مزاج الناظر لتنوع التجلي . وكل هذا سائغ في الحقائق . )
أي ، فيتنوع التجلي في عيون الناظرين بحسب أمزجتهم الروحانية واستعداداتهم ، فتظهر بصورها ، لكن يتنوع الاستعدادات والأمزجة أيضا على حسب التجلي  وذلك بحكم الغلبة : فإن كان حكم المتجلى له غالبا على حكم المتجلي ، فيظهر المتجلي ويتنوع بحسب ذلك الحكم ، فيغلب أحكام الكثرة على الوحدة .
وإن كان حكم المتجلي غالبا على حكم المتجلى له يهبه الاستعداد ويجعله مناسبا لأحكامه ، فتغلب
أحكام الوحدة على الكثرة .
وقد مر في ( الفص الشيثي ) من أن لله تجليين : تجلى غيب ، وتجلى شهادة . فبالتجلي الغيبي يهب للقلب الاستعداد ، فيتسع ، فيتجلى بالشهود على حسب ذلك الاستعداد .
قال رضي الله عنه :  ( فلو أن الميت والمقتول - أي ميت كان وأي مقتول كان - ) أي ، سواء كان مقتولا بالظلم ، أو بالحق ، أو ميتا سعيدا أو شقيا .

قال رضي الله عنه :  ( إذا مات أو قتل ، لا يرجع إلى الله ، لم يقض الله بموت أحد ولا شرع قتله ) لأن العدم شر محض والأعدام بالكلية يوجب فناء الربوبية ، لأنها بالمربوب يتحقق ولا يمكن ذلك فعند خروجه من محل سلطنة الاسم ( الظاهر ) وربوبيته ، دخل في ولاية سلطان ( الباطن ) وعبوديته فما خرج عن كونه عبدا .

قال رضي الله عنه :  ( فالكل في قبضته ، فلا فقدان في حقه . ) إذا الوجود محيط به ، لا يمكن أن يخرج شئ منه .
وضمير في ( حقه ) للحق . أي ، فلا فوت بالنسبة إليه .

قال رضي الله عنه :  ( فشرع القتل وحكم بالموت ، لعلمه بأن عبده لا يفوته ، فهو راجع إليه ، على أن في قوله تعالى : "وإليه يرجع الأمر كله " . أي ، فيه يقع التصرف وهو المتصرف . )

لما كان رجوع الشئ إلى الشئ متصورا بمعنيين : أحدهما ، كقولنا : رجع الأمير إلى سلطانه . وهذا لا يوجب أن يكون الراجع عين المرجوع إليه .
والآخر ، كقولنا : رجع أجزاء البدن إلى أصولها ، فسر قوله : "وإليه يرجع الأمر" بأنه هو المتصرف والمتصرف فيه .

فاسم ( أن ) محذوف . أي ،على أن هذا القول إشارة إلى أن المتصرف والمتصرف فيه واحدا
.
قال رضي الله عنه :  (فما خرج عنه شئ لم يكن عينه . ) أي ، فما ظهر منه شئ لم يكن ذلك الشئ عين الحق .
( بل هويته ) أي ، هوية الحق .
(هو عين ذلك الشئ .) إنما ذكر الضمير الراجع إلى ( الهوية ) تغليبا للمعنى .

قال رضي الله عنه :  ( وهو الذي يعطيه الكشف في قوله : "وإليه يرجع الأمر كله " . ) أي ، الكشف الحقيقي لا يعطى إلا ما ذكرنا من أن هوية الحق عين هوية الأشياء .
وبهذا المعنى قال تعالى : ( وإليه يرجع الأمر كله ) . لا بالمعنى الآخر الذي يفهم منه أهل الظاهر . وهو الهادي .
 
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ
:
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فإن شئت قلت إن الله تجلى مثل هذا الأمر، وإن شئت قلت إن العالم في النظر إليه وفيه مثل الحق في التجلي، فيتنوع في عين الناظر بحسب مزاج الناظر أو يتنوع مزاج الناظر لتنوع التجلي: وكل هذا سائغ في الحقائق.
ولو أن الميت والمقتول أي ميت كان أو أي مقتول كانإذا مات أو قتل لا يرجع إلى الله، لم يقض الله بموت أحد ولا شرع قتله.  فالكل في قبضته: فلا فقدان في حقه.
فشرع القتل وحكم بالموت لعلمه بأن عبده لا يفوته: فهو راجع إليه على أن قوله «وإليه يرجع الأمر كله» أي فيه يقع التصرف، وهو المتصرف، فما خرج عنه شيء لم يكن عينه، بل هويته هو عين ذلك الشيء وهو الذي يعطيه الكشف في قوله «و إليه يرجع الأمر كله». )

قال رضي الله عنه :  ( فإن شئت قلت إنّ اللّه تجلّى مثل هذا الأمر ، وإن شئت قلت : إنّ العالم في النّظر إليه وفيه مثل الحقّ في التّجلّي ، فيتنوّع في عين النّاظر بحسب مزاج النّاظر أو يتنوّع مزاج النّاظر لتنوّع التّجلّي وكلّ هذا سائغ في الحقائق ، فلو أن الميّت والمقتول أيّ ميّت كان ، أو أيّ ، مقتول كان إذا مات أو قتل لا يرجع إلى اللّه ، لم يقض اللّه بموت أحد ولا شرّع قتله ، فالكلّ في قبضته فلا فقدان في حقّه ، فشرع القتل وحكم بالموت لعلمه بأنّ عبده لا يفوته ، فهو راجع إليه ، على أن قوله :وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ[ هود : 123 ] ، أي فيه يقع التّصرّف ، وهو المتصرّف ، فما خرج عنه شيء لم يكن عينه ، بل هويّته هو عين ذلك الشّيء ، وهو الّذي يعطيه الكشف في قوله :وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ[ هود :123]  ، " والتّوفيق من اللّه تعالى" . )

قال رضي الله عنه :  ( فإن شئت قلت : أن اللّه تجلى في هذا الأمر ) مثل هذا الأمر بحسبه ، ( وإن شئت قلت : أن العالم في النظر إليه ) أي : إلى ظاهر صورته ، ( وفيه ) أي : النظر في باطن حقيقته ( مثل الحق ) الذي ظهر فيه ( في التجلي ) له ، أما في الصورة فظاهر ، وأما في العين الثابتة ؛
فلأنها من تجليه في ذاته لذاته ، ( فيتنوع ) التجلي ( في عين الناظر ) ، مع وحدة التجلي في نفسه ( بحسب مزاج الناظر ) إلى ذلك التجلي أي : القابل له ، فإنه بحسب استعداده الحاصل له من مزاجه ، وهذا على الوجه الأول ،
وأما على الوجه الثاني فهو المشار إليه بقوله أي : ( يتنوّع مزاج النّاظر ) أي : القابل للتجلي ( لتنوّع التّجلّي وكلّ هذا سائغ في ) علم ( الحقائق ) ، فإن التجلي يفيد الاستعداد ، والاستعداد يفيد تجليا ، فيتنوع كل منهما بتبعية تنوع الآخر ، وإذا كان التجلي متنوعا بنفسه وبتبعية تنوع العالم ، كان مفيدا للحياة مرة ، والموت أخرى ، والحياة تفيد تجليا والموت آخر .
قال رضي الله عنه :  ( فلو أن الميت أو المقتول أي ميت كان ) كاملا وقاصرا ، فإنه أيضا مطلوب التجلي فيه ، ( وأي مقتول كان ) بحق أو ظلم ، فإن المقتول بحق أيضا مطلوب التجلي فيه ، وإن كان في غاية القصور حتى لم يبق التجلي فيه في حال الحياة مطلوبا للحق إلا بشرط العفو وأخذ الفدية من الولي ( إذا مات أو قتل لا يرجع إلى اللّه ) ، فيصير محلا لتجلّ خاص بعده.
قال رضي الله عنه :  ( لم ينقص اللّه بموت أحد ولا شرع قتله ) إذ كان قبل ذلك محلا لتجليه ، وقد خلقه لأجله ، فكان في الموت والقتل إبطال مطلوب بالكلية ، وهو عبث لا يليق بالحكيم ،
فهذا الأمر باق فيه بعد موته وقتله ، فالكل من الأحياء والأموات ( في قبضته ) يتصرف فيهم بما يريد من أنواع تجلياته ؛ وذلك لبقائهم مع قابليتهم لها ، ( فلا فقدان ) الشيء من أعيانهم وقابليتهم ( في حقه ) ، وإن فقدت في حقهم قابلية اكتسابهم ، فصح له أن يتجلى فيه ميتا بوجه غير ما كان يتجلى به حيّا ، فصح طلبه لهذا التجلي بعد استيفاء تجلياته التي خلقه لها حيّا .

قال رضي الله عنه :  ( فشرع القتل ) بالحد والقصاص ، ( وحكم بالموت ) وإن منع غيره من هدمه بلا سبب ؛ ( لعلمه بأن عبده لا يفوته ) بكل ما أراد به من أنواع تجلياته ، فيعصي في تجليات الحياة قبل الإماتة والقتل ، والهادم قد يفوت بجهله بعض التجليات المطلوبة للحق على تقدير بغاية ، فإذا لم تتم له تجليات الحياة التي خلق لها ،

قال رضي الله عنه :  ( فهو راجع وإليه ) بهيّات نورية أو ظلمانية استعاذها من تلك التجليات ، فإن كانت نورية كاملة استعاذ بها لأكمل التجليات النورية بعد الموت ، والهادم ربما تفرقه عن ذلك فهو متصرف في التجلي الإلهي بالنقص ، وهو خلاف مطلوب الحق بل هو يتصرف في التجلي بنا ( على أن في قوله :وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ )[ هود : 123 ] إشارة إلى أن كل تصرف وقع في الوجود ، فهو راجع إلى الحق ، ( أي : فيه ) ،

يعني : في تجليه ( يقع التصرف ) ، وإن كان وقوعه في نظر العقل في الاستعداد والعبد المتصرف في الاستعداد ، وإن تصرف في التجلي فليس تصرفه فيه من حيث هو عبده ؛ لأنه كمال مطلوب للحق ، وأنّى أن يكون للعبد إعطاء الحق كماله ، بل ( هو المتصرف ) في تجليه وكذا في استعداد العبد أيضا ؛ لأنه من تجليه .

قال رضي الله عنه :  ( فما خرج عنه شيء من التجلي ) والاستعداد ( لم يكن عينه ) ، فإن التجلي نور وجوده ، والاستعداد صفة العين الثابتة في علمه ( بل هويته )
أي : وجود الحق ( هو عين ذلك الشيء ) من حيث الوجود سواء كان تجليا أو عينا ثابتا أو استعدادا ، فإنهما من تجليه العلمي وعلمه عين ذاته من وجه ، وهذا الذي ذكرنا من عينية هويته لكل شيء ( هو الذي يعطيه الكشف في فهم قوله :وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ [ هود : 123 ] ، ) ، فالوجود ، والصفات ، والأعيان واستعداداتها راجعة إلى وجود الحق ، أشرق عليها بنوره إشراقا متنوعا بنفسه تارة ، وبحسب المحل أخرى ؛ فافهم ، فإنه مزلة للقدم .
وهذا هو المقام اليونسي في قوله :لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ[ الأنبياء : 87 ] ، وهو الذي تم به فضله حتى قال سند المرسلين صلوات اللّه عليهم أجمعين في حقّه : « من قال : أنا خير من يونس بن متى ؛ فقد كذب » . رواه البخاري ، ومسلم.

ولما كانت الحكمة النفسية علما بكمال النفس الإنسانية ، وهي إنما تتحقق بالتجلي الغيبي عليها المفيد لها حياة كاملة عقبها بالحكمة الغيبية ؛
فقال في :  فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فإن شئت قلت إن الله تجلى مثل هذا الأمر، وإن شئت قلت إن العالم في النظر إليه وفيه مثل الحق في التجلي، فيتنوع في عين الناظر بحسب مزاج الناظر أو يتنوع مزاج الناظر لتنوع التجلي: وكل هذا سائغ في الحقائق.
ولو أن الميت والمقتول أي ميت كان أو أي مقتول كانإذا مات أو قتل لا يرجع إلى الله، لم يقض الله بموت أحد ولا شرع قتله.  فالكل في قبضته: فلا فقدان في حقه.
فشرع القتل وحكم بالموت لعلمه بأن عبده لا يفوته: فهو راجع إليه على أن قوله «وإليه يرجع الأمر كله» أي فيه يقع التصرف، وهو المتصرف، فما خرج عنه شيء لم يكن عينه، بل هويته هو عين ذلك الشيء وهو الذي يعطيه الكشف في قوله «و إليه يرجع الأمر كله». )

قال رضي الله عنه :  ( فإن شئت قلت : إنّ الله تجلَّى مثل هذا الأمر ) - أي مثل القابل وعلى شكله ( وإن شئت قلت : إنّ العالم في النظر إليه وفيه مثل الحقّ في التجلَّي ) .
وفي طيّ عبارته هذه نكتة جليلة حكمية : وهي أنّه إذا كان مؤدّى العبارتين واحدا ، فيكون المثل موجودا قطعا ، وليس مثل مثله شيء . وإلا لا يكون القابل من الفيض الأقدس ، ولا يكون لتسوية العبارتين وجه ، كما لا يخفى ذلك على الفطن .

وإيراد لفظ « المثل » هاهنا لإيماء هذا المعنى وتبيين قوله تعالى : “  لَيْسَ كَمِثْلِه ِ شَيْءٌ “  [ 42 / 11 ] فإنّ المثل محقّق الوجود وليس لمثله وجود .

فإنّ التجلي الوجودي المذكور يتمثّل ، ( فيتنوّع في عين الناظر بحسب مزاج الناظر ، أو يتنوّع مزاج الناظر لتنوّع التجلي . وكل هذا جائز سائغ في الحقائق ) ، فإنّه إذا أثبت الفيض والقبول لا بدّ من الثنويّة الاعتباريّة ، لا غير . وهو الذي يسوّغ تسوية العبارتين .
ثمّ إنّ هذا الكلام وقع هاهنا لتمهيد بيان مرجعيّة الكل إليه.

فلذلك أفصح عمّا هو المطلوب بقوله  رضي الله عنه  : ( ولو أن الميّت أو المقتول - أيّ ميت كان أو أيّ مقتول كان ) سعيدا كان ذلك أو شقيّا - ( إذا مات أو قتل ، لا يرجع إلى الله لم يقض الله بموت أحد ولا شرع قتله . فالكلّ في قبضته ) وتحت حوز إحاطته ، سواء كان بالجمعيّة الحياتيّة ، أو بالتفرقة الفوتيّة - قتليّة أو موتيّة - ( فلا فقدان في حقّه . فشرع القتل وحكم بالموت ) ، بإرسال الأنبياء وإنزال النواميس ، ( لعلمه بأنّ عبده لا يفوته . فهو راجع إليه ) هذا هو الظاهر ذوقا وشهودا .

إليه يرجع الأمر كلَّه
( على أنّ ) في الكلام المنزل القرآنيّ ما يدلّ على ذلك المعنى بأبلغ وجه ، دلالة بيّنة غير خفيّة . وذلك في ( قوله : “  وَإِلَيْه ِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّه ُ “  [ 11 / 123 ]  أي فيه يقع التصرّف ، وهو المتصرّف ) .
فإنّ « الرجوع » لغة هو العود إلى ما كان منه البدء مكانا كان أو فعلا أو قولا ، وبذاته كان رجوعه أو بجزء من أجزائه .
وذلك لأنّه قد أسند الرجوع إلى « الأمر » الدالّ على العموم ، مؤكَّدا بالكل .
فمعناه حينئذ أن مبدأ جميع الأشياء ومرجعه هو الحقّ - سواء اعتبر ذات الأشياء أو فعلها أو قولها.

هذا ما يدلّ عليه بحسب أصل معناه اللغوي ، وأمّا بحسب العرف الذوقي : فيدلّ على أنّ الهويّة الإطلاقيّة مبدأ الكلّ ومرجعه .
ويدلّ ذلك عقلا على أنّ سائر التصرّفات حينئذ إنما يقع فيه ومنه . فهو المتصرّف والمتصرّف فيه .
وإلا يلزم أن يكون الخارج عن تلك الهويّة شيئا ، وهو خلاف ما علم من أصل معناه .
وتلك الهويّة لها الإحاطة التامّة ( فما خرج عنه شيء لم يكن عينه . بل هويّته عين ذلك الشيء .

وهو الذي يعطيه الكشف في قوله “  وَإِلَيْه ِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّه ُ “  [ 11 / 123 ] “  فإنّه في ظاهر اللغة يدلّ على أن هو مرجع الأشياء كلها ومبدؤها .
والذوق الكامل يدلّ على أن ما يكون كذلك يكون هويّته عين تلك الأشياء .
ثمّ إنّ سياق هذا الكلام يقتضي الفحص عن الحكمة الغيبيّة مع ما ذكرنا في وجه نظم الفصوص وترتيبها عند الكلام على تحقيقها فلذلك أخذ في بيانها قائلا : فصّ حكمة غيبيّة في كلمة أيّوبيّة

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فإن شئت قلت إن الله تجلى مثل هذا الأمر، وإن شئت قلت إن العالم في النظر إليه وفيه مثل الحق في التجلي، فيتنوع في عين الناظر بحسب مزاج الناظر أو يتنوع مزاج الناظر لتنوع التجلي: وكل هذا سائغ في الحقائق.
ولو أن الميت والمقتول أي ميت كان أو أي مقتول كانإذا مات أو قتل لا يرجع إلى الله، لم يقض الله بموت أحد ولا شرع قتله.  فالكل في قبضته: فلا فقدان في حقه.
فشرع القتل وحكم بالموت لعلمه بأن عبده لا يفوته: فهو راجع إليه على أن قوله «وإليه يرجع الأمر كله» أي فيه يقع التصرف، وهو المتصرف، فما خرج عنه شيء لم يكن عينه، بل هويته هو عين ذلك الشيء وهو الذي يعطيه الكشف في قوله «و إليه يرجع الأمر كله».)

قال رضي الله عنه :  ( فإن شئت قلت إنّ اللّه تجلّى مثل هذا الأمر ، وإن شئت قلت إنّ العالم في النّظر)
( فإن شئت ) جعلته مثالا للتجلي الوحداني الإلهي .
( قلت : إن اللّه سبحانه تجلى ) بصور متنوعة ( مثل هذا الأمر ) يعني النار التي هي في
عين الخليل عليه السلام نور . وفي أعين الناظرين نار ( وإن شئت ) جعلته مثالا للعالم و ( قلت إن العالم في النظر ) المنتهي ( إليه و ) النافذ ( فيه ) بملاحظة تفاصيل أحواله المستورة فيه ( مثل الحق في التجلي ) ، أي تجليه بحسب القوابل .

قال رضي الله عنه :  ( إليه وفيه مثل الحقّ في التّجلّي .  فيتنوّع في عين النّاظر بحسب مزاج النّاظر أو يتنوّع مزاج النّاظر لتنوّع التّجلّي وكلّ هذا سائغ في الحقائق . فلو أنّ الميّت - والمقتول - أيّ ميّت كان ، أو أيّ ، مقتول كان - إذا مات أو قتل لا يرجع إلى اللّه ، لم يقض اللّه بموت أحد ولا شرّع قتله . فالكلّ في قبضته فلا فقدان في حقّه .  فشرع القتل وحكم بالموت لعلمه بأنّ عبده لا يفوته : فهو راجع إليه . على أنّ قوله :وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُأي فيه يقع التّصرّف ، وهو المتصرّف ، فما خرج عنه شيء لم يكن عينه ، بل هويّته هو عين ذلك الشّيء وهو الّذي يعطيه الكشف في قوله :وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ[ هود : 123 ] .)

قال رضي الله عنه :  ( فيتنوع ) ، أي العالم ( في عين الناظر بحسب مزاج الناظر ) ، واستعداده لظهوره عليه كما عرفت ، ولما كان مزاج الناظر بحسب استعداده الكلي أمرا واحدا يتنوع بحسب تنوع التجلي المتنوع بحسب استعداداته الجزئية يصلح أن تجعل النار في الصورة المذكورة مثالا له وإلى هذه الصلاحية أشار بقوله : ( أو يتنوع مزاج الناظرين لتنوع التجلي فكل ) واحد من ( هذا ) المذكور من التمثيلات الثلاثة سائغ في معرفة ( الحقائق ) وبيانها .
قال رضي الله عنه :  ( فلو أن الميت أو المقتول ، أي ميت كان أو أي مقتول كان ) سعيدا أو شقيا ( إذا مات أو قتل لا يرجع إلى اللّه لم يقض اللّه بموت أحد ولا شرع قتله فالكل في قبضته ) ، وتحت حكم إحاطته

قال رضي الله عنه :   ( فلا فقد في حقه فشرع القتل ( ، على ألسنة أوليائه ( وحكم بالموت ) ، في سابق قضائه ( لعلمه بأن عبده لا يفوته فهو راجع إليه ) ، بزواله عن الظاهر وانتقاله إلى الباطن وهذا ، أي رجوعه إليه وهو الظاهر ذوقا وكشفا ( على أن هذا ) الرجوع منطو ( في قوله تعالى :وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ) [ هود : 123 ] ، أي أمر الوجود
قال رضي الله عنه :  ( كله . أي فيه يقع التصرف فهو المتصرف فيه ) ، يعني القابل . ( وهو المتصرف ) ، يعني الفاعل وأمر الوجود منحصر في القابل والفاعل ( فما خرج عنه شيء لم يكن عينه بل هويته عين ذلك الشيء وهو الذي يعطيه الكشف الصحيح في قوله تعالى :وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُكله ) .
قال الشيخ رضي الله عنه :  (والتّوفيق من اللّه تعالى ) .
فالضمير في إليه إشارة إلى هويته الغيبية ،
والرجوع لغة هو : العود إلى ما كان منه البدء . فدلت هذه الآية على أن هويته العينية مبدأ الأشياء كلها ومرجعها .
ومبدئية شيء لشيء على أنواع :
أحدها : أن يتنزل المبدأ عن صرافة إطلاقه بظهور شؤونه المستجنة في غيب ذاته وتقيده بها فيصير أمرا مقيدا مغايرا بالتقييد والإطلاق ،
ورجوع هذا المقيد إلى المبدأ بانسلاخه عن الصفات التقييدية بعودها من الظاهر إلى الباطن ، فحمل المبدئية والمرجعية على هذا الاحتمال وجعل ضمير الغائب إشارة إلى الهوية الغيبية مما يعطيه الكشف.
فإن العقل لا يستقل به واللّه أعلم .
 .
واتساب

No comments:

Post a Comment