Sunday, January 12, 2020

السفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية الفقرة التاسعة .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية الفقرة التاسعة .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية الفقرة التاسعة .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما أهل النار فمآلهم إلى النعيم، ولكن في النار إذ لا بد لصورة النار بعد انتهاء مدة العقاب أن تكون بردا وسلاما على من فيها. وهذا نعيمهم.
فنعيم أهل النار بعد استيفاء الحقوق نعيم خليل الله حين ألقي في النار فإنه عليه السلام تعذب برؤيتها وبما تعود في علمه وتقرر من أنها صورة تؤلم من جاورها من الحيوان. وما علم مراد الله فيها ومنها في حقه.
فبعد وجود هذه الآلام وجد بردا وسلاما مع شهود الصورة اللونية في حقه، وهي نار في عيون الناس.  فالشيء الواحد يتنوع في عيون الناظرين: هكذا هو التجلي الإلهي.  ) 
قال رضي الله عنه :  ( وأمّا أهل النّار فمآلهم إلى النّعيم ، ولكن في النّار إذ لا بدّ لصورة النّار بعد انتهاء مدّة العقاب أن تكون بردا وسلاما على من فيها ، وهذا نعيمهم .
فنعيم أهل النّار بعد استيفاء الحقوق نعيم خليل اللّه حين ألقي في النّار فإنّه عليه السّلام تعذّب برؤيتها وبما تعوّد في علمه وتقرّر من أنّها صورة تؤلم من جاورها من الحيوان وما علم مراد اللّه فيها ومنها في حقّه .
فبعد وجود هذه الآلام وجد بردا وسلاما مع شهود الصّورة اللّونيّة في حقّه وهي نار في عيون النّاس . فالشّيء الواحد يتنوّع في عيون النّاظرين : هكذا هو التّجلّي الإلهيّ . )

قال رضي الله عنه :  (وأما أهل النار) الذين هم أهلها وهم الكافرون على اختلاف أنواعهم بعد إخراج العصاة فيها (فمآلهم) ، أي مرجعهم في آخر أمر العذاب المستولي عليهم من تجلي اسم اللّه تعالى المنتقم والضار والخافض والمانع ونحو ذلك من أسماء الجلال (إلى النعيم) المؤبد بظهور تجلي اسم اللّه تعالى اللطيف النافع الرافع المعطي ونحو ذلك من أسماء الجمال (ولكن) ذلك النعيم لهم (في النار) ، أي في طبقاتها التي هم فيها فلا يخرجون منها إلى غيرها أصلا كما قال تعالى :وَما هُمْ مِنْها بِمُخْرَجِينَ[ الحجر : 48 ] ،
ولا يحتاج إلى إخراجهم إذا أراد اللّه تعالى نعيمهم ، فإنه على كل شيء قدير إذا أراد خلق النعيم للمعذب بعين ما هو به معذب وخلق العذاب للمنعم بعين ما هو به منعم ،
وذلك أمر ذوقي لا ظهور له عند الغير ، ولهذا لم يرد التصريح بهذه المسألة في الشرع إلا بطريق الإشارة الخفية ، لأنها من علوم الأذواق لا علوم الأفكار والعقول ، فإن تلك الأسماء الجلالية تتحوّل عين الأسماء الجمالية ، لأن كل اسم منها عين الاسم الآخر بالنسبة إلى الحق تعالى ، وإن امتاز بالأثر المظهر له ،
فإن اللّه تعالى واحد في ذاته وصفاته وأسمائه وأفعاله وأحكامه كما تقرر في علم الكلام .

قال رضي الله عنه :  (إذ) ، أي لأنه (لا بد لصورة النار) فإنها مجرد صورة في الأمر الإلهي قائمة به كقيام الموج بالماء ، وهكذا كل شيء في الدنيا والآخرة لأنهما مخلوقتان والخلق صورة الأمر والأمر حقيقة الخلق وسرهم . قال تعالى :أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ[ الأعراف : 54 ] ،
قال رضي الله عنه :  (بعد انتهاء) ، أي انقضاء (مدة العقاب) التي قدرها اللّه تعالى وقضى بها في علمه الأزلي (أن تكون) ، أي صورة النار في الآخرة (بردا) لا حرارة فيها ، لأن الحرارة منهم هي ما في طبيعتهم الغريزية بسبب جهلهم باللّه تعالى الموجود دونهم ، فإذا ختم اللّه وجعل على سمعهم وبصرهم غشاوة قويت تلك الحرارة فيهم ، وحيث ماتوا على ذلك حشروا عليه ودخلوا به حبس الآخرة المسمى بجهنم ، فجاؤوا بنيرانهم إليه كما ورد : « قوموا لنيرانكم فأطفؤوها ».

" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن لله عز وجل ملكا ينادي عند كل صلاة يا بني آدم قوموا إلى نيرانكم التي أوقدتموها على أنفسكم فاطفؤها بالصلاة". رواه القديسي في المختارة والطبراني في الأوسط والصغير وحليه الأولياء ومصنف عبد الرزاق الصنعاني
" قال صلى الله عليه وسلم  : «إن هذه النار إنما هي عدو لكم، فإذا نمتم فأطفئوها عنكم». رواه البخاري ومسلم واحمد وابن حبان والبيهقي وغيرهم
فكان سر ذلك كله جهلهم بالمتجلي الحق عليهم وهم لا يشعرون لكفرهم ، وتغطيتهم له بما يدعون من مقتضيات الكفر ، فإذا غلب نور التجلي على نار الاستتار أطفؤوها وحالهم على ما هو من غير تغيير ظاهرا فصارت نارهم بردا وسلاما ،
أي أمانا من العذاب بها على من فيها، أي النار وهذا الحال المذكور هو نعيمهم، أي نعيم أهل النار في النار من غير أن يخرجوا منها .

قال رضي الله عنه :  (فنعيم أهل النار) كما ذكر (بعد استيفاء) عقابهم على ترك (الحقوق) الواجبة عليهم للّه تعالى من الإيمان وغيره، فإن للعقاب مدة معلومة عند اللّه تعالى كما قال تعالى :لابِثِينَ فِيها أَحْقاباً( 23 ) [ النبأ : 23 ] ، ولا ينافيه قوله سبحانه :كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ[ النساء : 56 ] ، وقوله تعالى :لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ[ البقرة : 162 ] ،
أي من عذابها، فإنهم كما يذوقونه ألما ووجعا يذوقونه أيضا لذة وعذوبة، وعينه لا تتغير .

أرأيت أن المحب العاشق إذا رأى في ظلمة أحدا من الناس يضربه فإنه يتألم ويتوجع بذلك الضرب ، فإذا تبين له وتحقق أن محبوبه ومعشوقه الهاجر له المعرض عنه هو الذي يضربه فإنه لا شك أن ذلك الألم والوجع الذي كان يجده من الغير ينقلب لذة وعذوبة عنده من غير أن يخفف منه شيء ، وذلك بمجرد انكشاف محبوبه له وتحققه به ،
ولا يعرف هذا ويصدق به إلا من عشق وذاق أحوال العشاق (كنعيم) إبراهيم (خليل اللّه) تعالى (عليه السلام) حين ألقاه عدوّه النمرود في النار ،

فصارت عليه بردا وسلاما مع أنها في نفسها على ما هي عليه نار لم تتغير ، فلو دخلها النمرود أو غيره لاحترق بها ، وما منع إبراهيم عليه السلام من الاحتراق بها إلا كونه متحققا في نفسه بربها الحق تعالى التي هي صورة تجليه بها ، وانتفت عنه خواطر الأغيار وانكشفت لوامع الأسرار (حين ألقي في النار) ؛
 ولهذا لما جاء جبريل عليه السلام فقال له : « ألك حاجة ، قال : أما إليك فلا وأما إلى اللّه فبلى . فقال له : سل اللّه ، فقال : علمه بحالي يغني عن سؤالي » .
"أورده العجلوني في كشف الخفاء: (حسبي من سؤالي علمه بحالي) ذكره البغوي في تفسير سورة الأنبياء بلفظ وروي عن كعب الأحبار أن إبراهيم قال حين أوثقوه ليلقوه في النار لا إله إلا أنت سبحانك رب العالمين، لك الحمد ولك الملك، لا شريك لك ثم رموا به في المنجنيق إلى النار فاستقبله جبريل، فقال يا إبراهيم ألك حاجة؟ قال أما إليك فلا قال جبريل فسل ربك، فقال إبراهيم حسبي من سؤالي علمه بحالي . انتهى،
وذكر البغوي في تفسير ... (قالوا حرقوه وانصروا آلهتكم) ... أن إبراهيم عليه السلام قال حسبي الله ونعم الوكيل حين قال له خازن المياه لما أراد النمرود إلقاؤه في النار إن أردت أخمدت النار، وأتاه خازن الرياح فقال له إن شئت طيرت النار في الهواء، فقال إبراهيم لا حاجة لي إليكم، حسبي الله ونعم الوكيل انتهى. "

وكذلك أهل النار ألقاهم عدوّهم الشيطان فيها بمنجنيق وساوسه وتسويله كما قال تعالى :الشَّيْطانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلى لَهُمْ[ محمد : 25 ] فإذا آمنوا بالله عند رؤية النار ، وأبصروا الحق في الآخرة من حين خروجهم من قبورهم ، وقال تعالى :قالُوا يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ[ يس : 52 ] .
وقال تعالى :رَبَّنا أَبْصَرْنا وَسَمِعْنا فَارْجِعْنا نَعْمَلْ صالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ[ السجدة : 12 ] ، قال تعالى :وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيها رَبَّنا أَخْرِجْنا نَعْمَلْ صالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ[ فاطر : 37 ] ، فقال إِنَّكُمْ ماكِثُونَ[ الزخرف : 77 ] ، فإذا زاد تحققهم بوضع الجبار قدمه في النار .

كما ورد في الحديث ، ونفذت بصائرهم إلى ذوق الحقيقة بوضع القدم ، وقعوا في عين الحق على ما هم عليه ، وتنعموا بما هم معذبون به ، واللّه على كل شيء قدير ، واللّه لطيف بعباده ، ورحمته وسعت كل شيء .

قال رضي الله عنه :  (فإنه) ، أي إبراهيم خليل اللّه عليه السلام (تعذب برؤيتها) ، أي النار لأنها من مظهر الجلال الإلهي وهو قد أوفى الحقائق حقها ، لأنه من الكاملين (وبما تعود في علمه) بأن النار محرقة (وتقرر) عنده (من أنها) ، أي النار (صورة) خلقية قائمة بالحقيقة الأمرية (تؤلم) ،
أي تعطي الألم والوجع لكل (من جاورها) ، أي اقترن بها (من الحيوان) إنسانا كان أو غيره (وما علم) إبراهيم عليه السلام في ذلك الوقت (مراد اللّه) تعالى (فيها) ،
أي في النار ومراده تعالى (منها) ، أي من النار (في حقه) عليه السلام بخصوصه .
(فبعد وجود هذه الآلام) والأوجاع الوهمية فيه من كونه بشرا عليه السلام (وجد) في وقت مسه لتلك النار ("بَرْداً وَسَلاماً") [ الأنبياء : 69 ] .
عكس ما كان في ظنه منها من الحرارة والهلاك فبدله اللّه تعالى بالبرد والأمان مع شهود الصورة الكونية ، أي المخلوقة في حقه عليه السلام وهي ، أي تلك الصورة نار في عيون الناس كما كان يراها عليه السلام من قبل ثم رآها بردا وسلاما .

(فالشيء الواحد يتنوع) إلى أنواع كثيرة (في عيون الناظرين) إليه إما في آن واحد كنار إبراهيم عليه السلام ، وهي نار في عين غيره وبردا وسلاما في عينه عليه السلام ، وكالصورة المنحوتة من حجر أو خشب يراها الجاهل بها إنسانا أو حيوانا ويراها العارف بها حجرا أو خشبا ، وكالصورة المرئية من بعيد يراها المتوهم فارسا أو راجلا فتؤثر في نفسه خوفا ورعبا ، ويراها المتحقق بها شجرة أو حجرا كبيرا

ونحو ذلك ، وإما في آنات كثيرة كالحبة حشيشة ثم حبة ثم طحينا ثم رغيفا ثم كيموسا ثم دما ثم منيا ثم نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم صورة إنسانية ثم جنينا ثم مولودا ثم طفلا ثم غلاما ثم شابا ثم كهلا ثم شيخا ثم ميتا ثم جيفة ثم ترابا هكذا هو التجلي الإلهي في عيون الناظرين .

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
 ( وأما أهل النار فمآلهم إلى النعيم، ولكن في النار إذ لا بد لصورة النار بعد انتهاء مدة العقاب أن تكون بردا وسلاما على من فيها. وهذا نعيمهم.
فنعيم أهل النار بعد استيفاء الحقوق نعيم خليل الله حين ألقي في النار فإنه عليه السلام تعذب برؤيتها وبما تعود في علمه وتقرر من أنها صورة تؤلم من جاورها من الحيوان. وما علم مراد الله فيها ومنها في حقه.
فبعد وجود هذه الآلام وجد بردا وسلاما مع شهود الصورة اللونية في حقه، وهي نار في عيون الناس.  فالشيء الواحد يتنوع في عيون الناظرين: هكذا هو التجلي الإلهي.  ) 
قال رضي الله عنه :  ( وأما أهل النار فما لهم إلى النعيم ) يعني أن تبديل جلودهم وإفناء أجزائهم بسبب أكل النار لحومهم قبل وصولهم إلى نعيمهم الخاص بهم وبعد وصولهم وإن كانوا يعذبون بالنار أبدا ويتنعمون بمشاهدة ربهم أبدا لكن لا يموتون أبدا أي لا يفترق أجزاؤهم بذلك لحصول الاعتدال بالإحراق وتبديل الأبدان فكان حالهم في النار حال أهل النعيم في النعيم في عدم افتراق أجزاء أبدانهم والنعيم باق وكذا أهله باق سواء كان في دار النعيم أو الجحيم .
اعلم إن هذه المسألة مبنية على أصل عند أهل اللّه وهو أنهم قسموا أسماء اللّه تعالى بحسب الأحكام منها ما لا ينقطع حكمه أبدا كالأسماء الحاكمة على الآخرة منها اللطيف والقهار ،
وهذان الاسمان قسم من الاسم الآخر فلا ينقطع حكم القهار أبدا وهو وصول أثره إلى أهل النار وهو العذاب كما أن حكم اللطيف لا ينقطع حكمه أبدا في دار السلام فلا يخلو أهلها عن العذاب كما لا يخلو أهل دار السلام عن النعيم فلا ينقطع حكم النار عن أهلها وهو الإحراق ،
هذا هو الأصل الثابت بالنص الإلهي والكشف الإلهي عند الشيخ صاحب الكتاب وأمثاله من أهل اللّه .

فإذا علمت هذا فاعلم أن معنى قوله وأما أهل النار فما لهم أي آخر حالهم إن يرجع من العذاب الخاص عن الراحة والنعيم إلى النعيم الممتزج بالعذاب فتبدل عذابهم الخالص إلى العذاب الذي فيه العذاب لأن العذاب محرق في الأصل.
وهذا لا يكون إلا بظهور حكم الرحمة التي سبقت في حقهم بعد استيفاء الحقوق فكان العذاب لاستيفاء الحقوق ساقطا في حقهم وبعد ذلك ظهر العذاب الذي اقتضته شقاوتهم الذاتية فعذبوا لأجل ذلك على الأبد لاستيفاء الحقوق فصار النار بردا وسلاما لأرواحهم من هذا الوجه
ومؤلما لأبدانهم من حيث شقاوتهم الذاتية فقد تساوي راحتهم عذابهم فيجتمع نوع من الرحمة بنوع من العذاب فيهم لاستحقاقهم الذاتي فلا ينقطع حكم الرحمة بعد الوصول إليها ولا حكم القهر عنهم أبدا .
قال رضي الله عنه :  ( ولكن ) هذا النعيم حاصل لهم ( في النار ) وإنما كان النعيم لهم في النار ( إذ لا بد لصورة النار بعد انتهاء مدة العقاب ) وهي مدة استيفاء الحقوق ( أن تكون ) تلك الصورة النارية مع بقاء صورته اللونية ( بردا وسلاما على من فيها ) من حيث روحانيتهم من جهة إنها لا تأكل لحومهم وجلودهم ولا نضجت وتمزقت جلودهم .
ولا يفني أبدانهم لكنها أحرقت أبدانهم بوجه آخر فلا يطلع على أفئدتهم بعد ذلك لعدم تبديل الجلود ونضجها فلا يصل ألمها إلى أرواحهم بخلاف العذاب الأول فإنه يأكل النار أبدانهم ويبقي أفئدتهم ليصل ألمها إلى أرواحهم ثم وثم إلى ما شاء ثم سوى مركبا معتدلا من جنس هذا الدار لا يفنى بعذاب النار فلا مخالفة بين الطائفتين في دوام أصل العذاب .

بل الاختلاف في نوعه ولا يضرّ في الاعتقادات الدينية هذا المقدار من الاختلاف في مثل هذا المحل فإنه محل تحيرت العقول فيه أرواحهم في راحة لتجلي الحق لهم بالرحمة التي سبقت في حقهم وإيصاله لهم غذاء أرواحهم من انكشاف جماله على حسب مراتبهم فهم في راحة غير راحة فالنار تكون بردا وغير برد ولا يعجبك هذا الكلام ،
فإن الإنسان إذا شرع في تحصيل الكمالات بتكاليف الشاقة التي لا تلائم الطبع والنفس فهو في تعب وعذاب من حيث النفس والبدن وتلذذ وراحة من حيث الروح
فإن روحه متلذذ بنتائج هذه الأعمال الشاقة لأجل تلذذه يتحمل الأعراب فكانت الراحة مع العذاب في حق الكفار أحق من الراحة بدون العذاب إذ راحتهم نتيجة عذابهم فكلما ازدادوا عذابا ازدادوا راحة
كما أن طالب المعارف الإلهية كلما ازدادوا تعبا ومشقة ازدادوا راحة ولذة روحانية وهي تلذذ راحة بالمعارف
قال رضي الله عنه :  ( وهذا ) أي كون النار بردا وسلاما على من فيها ( نعيمهم ) وهذا المقدار القليل الغير المتعدي به من النعيم ضيافة اللّه لهم فإنهم وإن كانوا أشقياء لكنهم أليسوا عباد اللّه فلا وجه لمنع ضيافة اللّه عن عباده بكلتيها قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : « أكرموا الضيف ولو كان كافرا » والإكرام إيصال النعم وحسن المعاشرة معه والشرع وضع على الحقيقة
فدل ذلك الحديث على أن الإكرام على حسب حالهم ومقامهم واقع عند اللّه فما أكرم وأنعم عليهم إلا بكون النار عليهم بردا وسلاما فقط لا غير مع أن زيادة النعم بالغا ما بلغ حسن عند اللّه تعالى لذلك لا يعدّ ولا يحصى نعمه لعباده إلا اللّه على أن كونهم في جحيم بلا أكل وشرب وحور ولباس حرير وغير ذلك من نعم الجنان عين العذاب وإن كان النار بردا وسلاما ، وإياك وظن السوء لأولياء اللّه في ظهور مثل هذا المعنى منهم .

فلما ذكر أحوال أهل النار مثل بقصة إبراهيم عليه السلام تفهيما لأهل الحجاب لأن بعض أحوالهم في النار تشبه بعض أحوال إبراهيم عليه السلام وإلا فليس حالهم كله يشبه حال إبراهيم عليه السلام ( فنعيم أهل النار بعد استيفاء الحقوق ) التي كانت ثابتة على ذمتهم فالنعيم حاصل لهم بعد استيفاء المنتقم حقوق الغير فعذبوا على الأبد لاستحقاق ذواتهم التي تقتضي الشقاوة أبدا فتمتنع إجابتهم الدعوة في أي حال كانوا ويدعون إلى السجود .
أي إلى الإطاعة فلا يستطيعون فعذبوا بها بنار الجلال على الأبد فذواتهم باقية وكذا اقتضاؤها وهو شقاوتهم الذاتية ومقتضى الشقاوة الذاتية على الأبد بنوع من العذاب .

وذاته تعالى اقتضت سبقة رحمته على غضبه فكان حق الرحمة السبقة على الغضب وحق الشقاوة الذاتية التعذيب على الأبد ومن مقتضى ذاته أن يعطى كل ذي حق حقه فجمع اللّه تعالى بحسب مقتضى حكمته الراحة والألم في وجودهم ومن اعتقد أن للشيء الواحد وجوها مختلفة بالظهور والخفاء متضادة بعضها بعضا وعرف أن التجليات الإلهية متنوعة علم ما قلناه

قال رضي الله عنه :  ( نعيم ) منصوب بتقدير حرف الجر ( خليل اللّه حين ألقي في النار فإنه عليه السلام تعذب ) ماض على البناء المعلوم أي تعذب بنفسه من غير تعذيب من اللّه بمس النار ( برؤيتها ) تعذب ( بما ) أي بسبب الذي ( تعود ) بالدال المهملة ماض معلوم من التعود أي اعتقاد إبراهيم عليه السلام ( في علمه وتقرر من أنها ) أي النار ( صورة تولم من جاورها من الحيوان وما علم ) إبراهيم عليه السلام ( مراد اللّه فيها ومنها في حقه ) أي في حق إبراهيم عليه السلام

قال رضي الله عنه :  ( فبعد وجود هذه الآلام ) المذكورة في وجود إبراهيم عليه السلام ( وجد ) إبراهيم عليه السلام النار ( بردا وسلاما مع شهود الصورة اللونية ) التي توجب الإحراق فعلم إبراهيم عليه السلام أن التأثيرات كلها للَّه لا للأشياء فزال عن إبراهيم عليه السلام هذا الألم لزوال تعوده بعلم الألم  ، فلا يخاف إبراهيم عليه السلام عن النار بعد ذلك
أي بعد وجدان النار بردا وسلاما فلا يتعذب بشهود الصورة اللونية لعدم ذوقه ألم النار وأما أهل النار فإنهم لتعودهم بذوق يخافون عن عود العذاب على عادته الأولى لبقاء الصورة النارية فيتعذبون بشهود الصورة أبدا  فيرضون بذلك العذاب بالضرورة لعلمهم بعدم النجاة عن النار أبدا
فإنهم يظنون قبل ذلك أن في حقهم رحمة تصل إليهم ويرجونها ولكن لا يدرون كيفيتها ووقتها فلما وصلت إليهم بهذه الكيفية انقطع رجاؤهم

فرضوا بمقامهم وحالهم وذلك نعيمهم ولا يرفع بذلك حكم النصوص على تخليدهم في العذاب بل تصدق النصوص على ذلك التقدير أيضا فلا وجه للنزاع مع أهل اللّه فيه فمن نازع فقد نازع بلا دليل وتمسك قوله :
قال رضي الله عنه :  ( في حقه ) متعلق ببردا وسلاما أو بوجد ( وهي ) أي الصورة اللونية ( نار في عيون الناس ) ونور وراحة وسلام في حق إبراهيم عليه السلام حتى لو كان مع إبراهيم عليه السلام أحد من الناس لجاز إحراقه ولو في جبة مع إبراهيم عليه السلام .
مع كون النار في حق إبراهيم عليه السلام بردا وسلاما فكان حال أهل النار حال إبراهيم عليه السلام في أنه تعذب برؤيتها ولما تعوّد في علمه قبل وجدان النار بردا وسلاما مع أنه لا يخلو في تلك الحالة عن الراحة الروحانية فهو في ذلك الوقت متلذذ ومتألم .

حكي أن جبرائيل عليه السلام جاء لخلاصه حين ألقي في النار فقال إبراهيم عليه السلام : يكفني علم ربي بحالي فهذا القول منه يدل على راحته ومجيء جبرائيل يدل على تألمه وكل ذلك في شخص واحد في وقت واحد وهكذا إحراق أهل النار في النار على الأبد
قال رضي الله عنه :  ( فالشيء الواحد يتنوع في عيون الناظرين ) فإن النار برد وسلام في عين إبراهيم عليه السلام ونار محرق في عيون الناس ( هكذا ) أي كنار إبراهيم عليه السلام ( هو ) ضمير الشأن

قال رضي الله عنه :  ( التجلي الإلهي ) عبارة عن الضمير فإن التجلي الإلهي وإن كان واحدا لكنه يتنوع بحسب قابلية الخلائق فيتكثر بذلك وأهل الحجاب لعدم علمه بذلك يزعم أن الأمر في نفسه ينحصر إلى ما في علمه فينكر بعض التجليات الخفية عن إدراكه فإذا علمت أن الشيء الواحد يتنوع

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما أهل النار فمآلهم إلى النعيم، ولكن في النار إذ لا بد لصورة النار بعد انتهاء مدة العقاب أن تكون بردا وسلاما على من فيها. وهذا نعيمهم.
فنعيم أهل النار بعد استيفاء الحقوق نعيم خليل الله حين ألقي في النار فإنه عليه السلام تعذب برؤيتها وبما تعود في علمه وتقرر من أنها صورة تؤلم من جاورها من الحيوان. وما علم مراد الله فيها ومنها في حقه.
فبعد وجود هذه الآلام وجد بردا وسلاما مع شهود الصورة اللونية في حقه، وهي نار في عيون الناس.  فالشيء الواحد يتنوع في عيون الناظرين: هكذا هو التجلي الإلهي.  ) 
قال رضي الله عنه :  ( وأما أهل النار فمآلهم إلى النعيم، ولكن في النار إذ لا بد لصورة النار بعد انتهاء مدة العقاب أن تكون بردا وسلاما على من فيها. وهذا نعيمهم.  فنعيم أهل النار بعد استيفاء الحقوق نعيم خليل الله حين ألقي في النار فإنه عليه السلام تعذب برؤيتها وبما تعود في علمه وتقرر من أنها صورة تؤلم من جاورها من الحيوان. وما علم مراد الله فيها ومنها في حقه.
فبعد وجود هذه الآلام وجد بردا وسلاما مع شهود الصورة اللونية في حقه، وهي نار في عيون الناس.  فالشيء الواحد يتنوع في عيون الناظرين: هكذا هو التجلي الإلهي.  )

وذكر رضي الله عنه: أن الحق تعالى يخلق للإنسان نشأة تبقى مناسبة لما ينتقل إليه بعد الموت. 
ثم ذكر أهل الشقاء وأن مآلهم إلى النعيم لكن في النار بها ويصير النار بردا وسلاما على من فيها كنعيم الخليل، عليه السلام بالنار حين ألقي فيها وعين أن الحق تعالى هو عين الكل وهويته تحقيقه وإليه يرجع الأمر كله.

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما أهل النار فمآلهم إلى النعيم، ولكن في النار إذ لا بد لصورة النار بعد انتهاء مدة العقاب أن تكون بردا وسلاما على من فيها. وهذا نعيمهم.
فنعيم أهل النار بعد استيفاء الحقوق نعيم خليل الله حين ألقي في النار فإنه عليه السلام تعذب برؤيتها وبما تعود في علمه وتقرر من أنها صورة تؤلم من جاورها من الحيوان. وما علم مراد الله فيها ومنها في حقه.
فبعد وجود هذه الآلام وجد بردا وسلاما مع شهود الصورة اللونية في حقه، وهي نار في عيون الناس.  فالشيء الواحد يتنوع في عيون الناظرين: هكذا هو التجلي الإلهي.  )
قال رضي الله عنه : (وأمّا أهل النار فمآلهم إلى النعيم ، ولكن في النار ، إذ لا بدّ لصورة النار بعد انتهاء مدّة العذاب أن تكون بردا وسلاما على من فيها ، وهذا نعيمهم ، فنعيم أهل النار بعد استيفاء الحقوق نعيم خليل الله حين ألقي في النار ، فإنّه عليه السّلام تعذّب برؤيتها وبما تعوّد في علمه وتقرّر من أنّها صورة تؤلم من جاورها من الحيوان وما علم مراد الله فيها ومنها في حقّه).
يعني عند الإلقاء وقبله .

قال رضي الله عنه : « وبعد وجود هذه الآلام وجد بردا وسلاما مع شهود صورة اللونيّة في حقّه وهي نار في عيون الناس ، فالشيء الواحد يتنوّع في عيون الناظرين ، هكذا هو التجلَّي الإلهيّ.)

يعني رضي الله عنه المزاج الروحانيّ الذي للناظر طاحب الكشف والشهود لا مزاجه الجسمانيّ وإن كان له مدخل من وجه ما ، لا من جميع الوجوه .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما أهل النار فمآلهم إلى النعيم، ولكن في النار إذ لا بد لصورة النار بعد انتهاء مدة العقاب أن تكون بردا وسلاما على من فيها. وهذا نعيمهم.
فنعيم أهل النار بعد استيفاء الحقوق نعيم خليل الله حين ألقي في النار فإنه عليه السلام تعذب برؤيتها وبما تعود في علمه وتقرر من أنها صورة تؤلم من جاورها من الحيوان. وما علم مراد الله فيها ومنها في حقه.
فبعد وجود هذه الآلام وجد بردا وسلاما مع شهود الصورة اللونية في حقه، وهي نار في عيون الناس.  فالشيء الواحد يتنوع في عيون الناظرين: هكذا هو التجلي الإلهي.  ) 
قال رضي الله عنه :   (وأما أهل النار فمآلهم إلى النعيم ولكن في النار إذ لا بد لصورة النار بعد انتهاء مدة العقاب أن تكون بردا وسلاما على من فيها ، بحكم الرحمة السابقة ) على ما تقدم .
إن قدر له الواقي من هذه الأطوار أن يفتح له أبواب السماء بمفاتيح الأمر ، فيسوى الله له هيكلا روحانيا نوريا مناسبا لهيئته البهية النورية في دار البقاء لوجود الاعتدال المقتضى لدوام الاتصال ، فلا يموت أبدا ولا تفترق أجزاؤه ،
كما قال تعالى :  ( لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الأُولى )  
ومن جملة العودات قوله :  ( فَالْتَقَمَه الْحُوتُ وهُوَ مُلِيمٌ)    .

قال رضي الله عنه :  ( وهذا نعيمهم فنعيم أهل النار بعد استيفاء الحقوق نعيم خليل الله حين ألقى في النار ، فإنه عليه الصلاة والسلام تعذب برؤيتها وبما تعود في علمه وتقرر من أنها صورة تؤلم من جاورها من الحيوان ، وما علم مراد الله فيها ومنها في حقه ) قبل الإلقاء عنده .

قال رضي الله عنه :  ( فبعد وجود هذه الآلام وجد بردا وسلاما مع شهود الصورة الكونية في حقه وهي نار في عيون الناس ، فالشيء الواحد يتنوع في عيون الناظرين هكذا هو التجلي الإلهي )

يعنى أن إبراهيم عليه السلام وجد النار بردا وسلاما مع شهود الصورة النارية ، فإنها نار في أعين الناظرين ، فإن الشيء الواحد يتنوع بحسب أحوال الناظرين ، وكذلك يكون التجلي الإلهي أي يختلف باختلاف الناظرين .

"" أضاف بالي زادة :  مع إبراهيم أحد من الناس لجاز إحراقه مع كونه في حق إبراهيم بردا وسلاما ، فكان حال أهل النار حال إبراهيم في أنه تعذب برؤيتها مع أنه لا يخلو في تلك الحالة عن الراحة الروحانية ( مثل الحق في التجلي ) أي العالم يتنوع في مرآة وجود الحق كما يتنوع الحق في مرآة العالم اهـ بالى زادة . ""

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما أهل النار فمآلهم إلى النعيم، ولكن في النار إذ لا بد لصورة النار بعد انتهاء مدة العقاب أن تكون بردا وسلاما على من فيها. وهذا نعيمهم.
فنعيم أهل النار بعد استيفاء الحقوق نعيم خليل الله حين ألقي في النار فإنه عليه السلام تعذب برؤيتها وبما تعود في علمه وتقرر من أنها صورة تؤلم من جاورها من الحيوان. وما علم مراد الله فيها ومنها في حقه.
فبعد وجود هذه الآلام وجد بردا وسلاما مع شهود الصورة اللونية في حقه، وهي نار في عيون الناس.  فالشيء الواحد يتنوع في عيون الناظرين: هكذا هو التجلي الإلهي.  ) 
قال رضي الله عنه :  ( وأما أهل النار ، فمآلهم إلى النعيم . ولكن في النار أزلا ، إذ لا بد لصورة النار بعد انتهاء مدة العقاب أن يكون بردا وسلاما على من فيها ، وهذا نعيمهم . ) أي ، ومآل أهل النار أيضا إلى النعيم المناسب لأهل الجحيم .
( فلا يموت أبدا ، أي لا تفرق اجزاؤه . ) أي ، أجزاء البدن الأخراوي لكونه أبديا .

قال تعالى : ( خالدين فيها أبدا ) . وقال : ( لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى) .
إما بالخلاص من العذاب ، أو الالتذاذ به بالتعود أو بتجلي الحق لهم في صورة اللطف في
عين النار كما جعل النار بردا وسلاما على إبراهيم ، عليه السلام .

ولكن ذلك بعد انتهاء مدة العقاب ، كما جاء : ( ينبت في قعر جهنم الجرجير ) .
وما جاء نص بخلود العذاب ، بل جاء الخلود في النار ، ولا يلزم منه خلود العذاب .

قال رضي الله عنه :  ( فنعيم أهل النار بعد استيفاء الحقوق ) أي ، بعد استيفاء ( المنتقم ) حقوق الله وحقوق الخلق منه .
قال رضي الله عنه :  ( نعيم خليل الله حين ألقى في النار . فإنه ، عليه السلام ، تعذب برؤيتها وبما تعود في علمه ويقرر من أنها صورة تؤلم من جاورها من الحيوان ، وما علم مراد الله فيها ومنها في حقه.) أي ، ما علم أن الحق يريد أن يريه الراحة في عين العذاب والنعيم في عين الجحيم .
قال رضي الله عنه :  ( فبعد وجود هذه الآلام ، وجد بردا وسلاما مع شهود الصورة النارية في حقه . ) أي ، وجد بردا وسلاما في حقه مع أنه كان مشاهدا للصورة النارية على لونها .
( وهي نار في عيون الناس . ) ونور وراحة لإبراهيم .

قال رضي الله عنه :  ( فالشئ الواحد يتنوع في عيون الناظرين ، هكذا هو التجلي الإلهي . ) فإنه واحد ، لكنه يختلف بحسب القوابل والاستعدادات ، فيظهر متنوعا .


خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ
:
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما أهل النار فمآلهم إلى النعيم، ولكن في النار إذ لا بد لصورة النار بعد انتهاء مدة العقاب أن تكون بردا وسلاما على من فيها. وهذا نعيمهم.
فنعيم أهل النار بعد استيفاء الحقوق نعيم خليل الله حين ألقي في النار فإنه عليه السلام تعذب برؤيتها وبما تعود في علمه وتقرر من أنها صورة تؤلم من جاورها من الحيوان. وما علم مراد الله فيها ومنها في حقه.
فبعد وجود هذه الآلام وجد بردا وسلاما مع شهود الصورة اللونية في حقه، وهي نار في عيون الناس.  فالشيء الواحد يتنوع في عيون الناظرين: هكذا هو التجلي الإلهي.  ) 
قال رضي الله عنه :  ( وأمّا أهل النّار فمآلهم إلى النّعيم ، ولكن في النّار إذ لا بدّ لصورة النّار بعد انتهاء مدّة العقاب أن تكون بردا وسلاما على من فيها ، وهذا نعيمهم ، فنعيم أهل النّار بعد استيفاء الحقوق نعيم خليل اللّه حين ألقي في النّار ، فإنّه عليه السّلام تعذّب برؤيتها وبما تعوّد في علمه وتقرّر من أنّها صورة تؤلم من جاورها من الحيوان وما علم مراد اللّه فيها ومنها في حقّه ، فبعد وجود هذه الآلام وجد بردا وسلاما مع شهود الصّورة اللّونيّة في حقّه وهي نار في عيون النّاس .  فالشّيء الواحد يتنوّع في عيون النّاظرين : هكذا هو التّجلّي الإلهيّ )

ثم استشعر سؤالا بأنه لو كان في الإنسان جزء ذاكر لا محالة لحصل له نعيم لا محالة ،
فإن اللّه لا يظلم مثقال ذرة ، لكن لا نعيم لأهل النار المخلدين فيها ؟
فأجاب عنه بقوله : ( وأما أهل النار ، فما لهم ) جزاء آخر كل حرقة يتم بها نضج الجلود ( إلى النعيم ) برفع الآلام ما لم يحصل بدلها المحدد للعذاب ، إذ لولاه لم يكن لقوله تعالى :لِيَذُوقُوا الْعَذابَ[ النساء : 56 ] ، بعد قوله :بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها [ النساء : 56].
معنى ، لكن ذلك أمر يسير لا يعتد به ، ومع ذلك لا يخلون عن عذاب إذ هم حينئذ في النار يتوقعون رجوع الآلام عند تبدل الجلود عن قريب ، ( ولكن ) ليس ذلك من النار ( إذ لا بدّ لصورة النار ) ، وإن قلنا : إنها بصورتها الجوهرية محرقة مؤلمة ، ( فلابدّ ) لذلك من قابل لكن لا قابل ( بعد انتهاء مدة العقاب ) أي : مدة كل عقاب بتمام نضج الجلود إلى وقت حصول البدل الموجب للعقاب الجديد ، ( أن تكون بردا وسلاما على من فيها ) من العصاة والملائكة والحيّات والعقارب ، كما أنها برد وسلام أبدا على غير العصاة من أهلها .

( وهذا نعيمهم ) الواقع جزاء على ذكر بعض أجزائهم للحق مع غفلتهم الموجبة لشقائهم ، لكنه إنما يتصور بعد استيفاء الحقوق ، إذ قبل ذلك لا بدّ من عذاب آخر عليها عقلي أو خيالي ، ( فنعيم أهل النار بعد استيفاء الحقوق ) التي لا توجب الخلود إذا لموجب له لا يمكن استيفاؤه أصلا ( نعيم خليل اللّه ) ؛ لأنهم بذكر ذلك الجزاء خلاؤه ، وإن كانوا بالغفلة أعداءه ، فيتلذذون برفع الآلام كما تلذذ به ( حين ألقي في النار ) ، لكنهم يتعذبون أيضا حينئذ برؤيتها ، لعلهم بعد الآلام عليهم عند تبدل جلودهم كما تعذب خليل اللّه بذلك ، ( فإنه عليه السّلام تعذب برؤيتها ) نارا محرقة . . .

قبل أن بلغ فيها ، ( وبما تعود في علمه ) من أنه لو جعل يده فيها لاحترقت وتألمت ، ( وبما يقرر ) في ذهنه ( من أنها صورة تؤلم من جاورها من الحيوان ) بتفريق أجزائه الشاعرة ، وإنما تعذب بذلك قبل الوصول إليها ؛
لأنه ( ما علم مراد اللّه ) بإلقائه ( فيها ) ، وهو إظهار معجزة له يجعل بها قوله حجة قطعية ، وما علم مراده ( منها ) من إيصال الراحة له من كل شيء حتى مما شأنه الإيلام ، حتى أنه تعذب بها أولا واستراح ثانيا عكس ما يقع لغيره .

( وبعد وجود هذه الآلام ) قبل إلقاء ( وجد ) بعد إلقاء ناره ( بردا وسلاما ) ، فلم تبق نارا من هذا الوجه ( مع شهود الصورة اللونية ) الدالة على النارية ، مع زوال الصورة الجوهرية التي بها الإحراق والإيلام ( في حقه ، وهي نار ) بالصورة الجوهرية واللونية جميعا .
( في عيون الناس ) ، فهي نار بلا شكّ في حقهم لصدق مدركات العيون بالضرورة ، (فالشيء الواحد ) ولو بالشخص ( يتنوع ) بحقائق مختلفة ( في عيون الناظرين ) ، فنار إبراهيم من حيث هي برد وسلام عليه ليست بنار في حقه ، وهي نار في حقه باعتبار اللونية ،
وهي باردة باعتبار الصورتين في حق غيره ، فاختلفت الصورة النوعية فيها في عيونهم ، وكذا نار جهنم برد وسلام على ملائكتها ، وعلى الحيّات والعقارب التي فيها ، وعلى العصاة الذين فيها عند نضج جلودهم مع أنها محرقة لهم في غير ذلك الوقت ،

( وهكذا ) أي : مثل تنوع نار إبراهيم ، ونار جهنم في عيون الناظرين ، ( هو ) فيه إشارة إلى وحدته الشخصية تنوع ( التجلي الإلهي ) سواء اعتبر تنوعه بنفسه بحيث يتبعه العالم في التنوع أو بتبعيته له ،

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما أهل النار فمآلهم إلى النعيم، ولكن في النار إذ لا بد لصورة النار بعد انتهاء مدة العقاب أن تكون بردا وسلاما على من فيها. وهذا نعيمهم.
فنعيم أهل النار بعد استيفاء الحقوق نعيم خليل الله حين ألقي في النار فإنه عليه السلام تعذب برؤيتها وبما تعود في علمه وتقرر من أنها صورة تؤلم من جاورها من الحيوان. وما علم مراد الله فيها ومنها في حقه.
فبعد وجود هذه الآلام وجد بردا وسلاما مع شهود الصورة اللونية في حقه، وهي نار في عيون الناس.  فالشيء الواحد يتنوع في عيون الناظرين: هكذا هو التجلي الإلهي.  ) 
عنه   ( وأما أهل النار فمآلهم إلى النعيم ، ولكن في النار ) والنصوص الواردة فيهم بمعنى الخلود إنما يدل على الخلود فيها لا في العذاب ( إذ لا بدّ لصورة النار بعد انتهاء مدّة العقاب أن تكون بردا وسلاما على من فيها . وهذا نعيمهم ) .

قال رضي الله عنه :  ( فنعيم أهل النار بعد استيفاء الحقوق ) يعني بعد أن أدّى حقوق وجوه المخالفات والعداوات ، وصنوف المتقابلات ، مما يقتضي اختفاء حكم الاتّحاد الذي هو مقتضى أمر الخلَّة والمحبّة ( نعيم خليل الله حين القي في النار ) .

ثمّ لما استشعر أنّه يمكن أن يقال : « كيف يجعل الخليل مقيسا عليه ، وهو لم يكن معذّبا قط ؟ » تعرّض لدفعه بقوله : ( فإنّه عليه السّلام تعذّب برؤيتها ) النظريّة التي هي منتهى نتائج مقدّمات الكثرة ( وبما تعوّد في علمه ) تقليدا للمشهور المعهود .

قال رضي الله عنه :  ( وتقرّر من أنها صورة تؤلم من جاورها من الحيوان ، وما علم مراد الله فيها ومنها في حقّه ، فبعد وجوه هذه الآلام وجد بردا وسلاما مع شهود الصورة الكونيّة في حقّه ، وهي نار في عيون الناس ) بحسب صورته النوعيّة العينيّة المعاينة ، فإنّها ما تغيّرت عن صورتها .

قال رضي الله عنه :  ( فالشيء الواحد يتنوّع في عيون الناظرين ، هكذا هو التجلَّي الإلهي ) فإنّه واحد يختلف ويتنوّع بحسب اختلاف القوابل وتنوّع الاستعدادات .
فمبدأ ذلك الاختلاف والتنوّع إمّا أن يكون قابليّة العبد ، على تقدير أن يكون القابل من الفيض الأقدس - كما عرفت - وإمّا أن يكون الحقّ نفسه ، فإنّه إذا كان القابل من الفيض الأقدس عن ثنويّة المفاض عليه والمفيض ، يكون مؤدّى العبارتين واحدا .
ولذلك قال رضي الله عنه  :

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما أهل النار فمآلهم إلى النعيم، ولكن في النار إذ لا بد لصورة النار بعد انتهاء مدة العقاب أن تكون بردا وسلاما على من فيها. وهذا نعيمهم.
فنعيم أهل النار بعد استيفاء الحقوق نعيم خليل الله حين ألقي في النار فإنه عليه السلام تعذب برؤيتها وبما تعود في علمه وتقرر من أنها صورة تؤلم من جاورها من الحيوان. وما علم مراد الله فيها ومنها في حقه.
فبعد وجود هذه الآلام وجد بردا وسلاما مع شهود الصورة اللونية في حقه، وهي نار في عيون الناس.  فالشيء الواحد يتنوع في عيون الناظرين: هكذا هو التجلي الإلهي.  ) 
قال رضي الله عنه :  ( وأمّا أهل النّار فمآلهم إلى النّعيم ، ولكن في النّار إذ لا بدّ لصورة النّار بعد انتهاء مدّة العقاب أن تكون بردا وسلاما على من فيها ، وهذا نعيمهم .)

قال رضي الله عنه :  ( وأما أهل النار ) الخالدون فيها ( فمآلهم إلى النعيم ولكن في النار إذ لا بد لصورة النار بعد انتهاء مدة العقاب أن تكون بردا وسلاما على من فيها وهذا نعيمهم ) . وقد جاء في الحديث : « سيأتي على جهنم زمان ينبت من قعرها الجرجير » ،
"" عن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "الحوك بقلة طيبة كأني أراها نابتة في الجنة، والجرجير بقلة خبيثة كأني أراها نابتة في النار".
إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة ابن حجر العسقلاني.
وأخرج البزار عن ابن عمرو قال: "يأتي على النار زمان تخفق الرياح أبوابها فليس فيها أحد من الموحدين".
قال القرطبي: المراد بالنار الطبقة العليا التي هي للعصاة من أهل التوحيد، وقد قيل إنه ينبت على شفيرها الجرجير. تحقيق كتاب البدور السافرة  للسيوطي""

قال رضي الله عنه :  ( فنعيم أهل النّار بعد استيفاء الحقوق نعيم خليل اللّه حين ألقي في النّار فإنّه عليه السّلام تعذّب برؤيتها وبما تعوّد في علمه وتقرّر من أنّها صورة تؤلم من جاورها من الحيوان وما علم مراد اللّه فيها ومنها في حقّه .  فبعد وجود هذه الآلام وجد بردا وسلاما مع شهود الصّورة اللّونيّة في حقّه وهي نار في عيون النّاس . فالشّيء الواحد يتنوّع في عيون النّاظرين : هكذا هو التّجلّي الإلهيّ . )

قال رضي الله عنه :  ( فنعيم أهل النار بعد استيفاء الحقوق ) ، أي بعد استيفاء الاسم المنتقم حقوق اللّه وحقوق الخلق منه ( كنعيم خليل اللّه عليه السلام حين ألقي في النار فإنه عليه السلام تعذب برؤيتها وبما تعود في علمه وتقرر من أنها صورة تؤلم من جاورها من الحيوان وما علم مراد اللّه فيها ومنها ) ومن راحته في صورة العذاب ونعيمه في عين الجحيم ( فبعد وجود هذه الآلام وجد بردا وسلاما مع شهود الصورة الكونية ) ،
أي المرئية على كون النار دون أثرها ( في حقه) ، أي في حق خليل اللّه عليه السلام ( وهي نار في عيون الناس ) ، ونور وراحة له عليه السلام ( فالشيء الواحد يتنوع في عيون الناظرين هكذا هو التجلي الإلهي ) فإنه واحد في ذاته مختلف القوابل فيرى متنوعا ، وكما أن التجلي الإلهي واحد في ذاته بحسب القوابل ،
فيرى كذلك العالم الواحد في نفسه مختلف بحسب الناظرين فيرى متبوعا ، فإنه إذا تجلى الحق فيه على الناظر بأسمائه الحجابية ترى أعيانه صورا حجابية متباينة مباينة للحق سبحانه ويبقى الناظر فيه محجوبا عن مشاهدة الحق سبحانه ،
وإذا تجلى فيه على الناظر بكثرته الاسمائية يرى أعيانها مجالي أسمائه ويصير الناظر حينئذ مكاشفا بأسمائه وصفاته ، وإذا تجلى فيه عليه بوحدته الذاتية ترى أعيانه مع أعيانه مع كثرتها واحدة ، ويصير الناظر فيه مشاهدا للحق سبحانه بوحدته الذاتية إلى غير ذلك من صور التجليات ، إذا عرفت هذا ظهر عليك أن الأمر الواحد الذي هو النار في هذه الصورة يصلح أن تجعل مثالا للتجلي الوحداني الإلهي المتنوع بحسب القوابل ،
وأن يجعل مثالا للعالم الواحد في نفسه المحتمل ، لأن يظهر على الناظر بالصور المذكورة وغيرها ، وإذا نظرت إلى هذين الاحتمالين  .
.
واتساب

No comments:

Post a Comment