Sunday, January 12, 2020

السفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية الفقرة السادسة .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية الفقرة السادسة .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الثامن عشر فص حكمة نفسية في كلمة يونسية الفقرة السادسة .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإذا علمت أن الله راعى هذه النشأة وإقامتها فأنت أولى بمراعاتها إذ لك بذلك السعادة، فإنه ما دام الإنسان حيا، يرجى له تحصيل صفة الكمال الذي خلق له.  ومن سعى في هدمه فقد سعى في منع وصوله لما خلق له.
وما أحسن ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ألا أنبئكم بما هو خير لكم وأفضل من أن تلقوا عدوكم فتضربوا رقابهم ويضربون رقابكم؟ ذكر الله».
وذلك أنه لا يعلم قدر هذه النشأة الإنسانية إلا من ذكر الله الذكر المطلوب منه، فإنه تعالى جليس من ذكره، والجليس مشهود للذاكر.
ومتى لم يشاهد الذاكر الحق الذي هو جليسه فليس بذاكر.
فإن ذكر الله سار في جميع العبد لا من ذكره بلسانه خاصة.
فان الحق لا يكون في ذلك الوقت إلا جليس اللسان خاصة، فيراه اللسان من حيث لا يراه الإنسان: بما هو راء وهو البصر. فافهم هذا السر في ذكر الغافلين.  )

قال رضي الله عنه :  ( وإذ علمت أنّ اللّه راعى هذه النّشأة وإقامتها وإدامتها فأنت أولى بمراعاتها إذ لك بذلك السّعادة ، فإنّه ما دام الإنسان حيّا ، يرجى له تحصيل صفة الكمال الّذي خلق له .  ومن سعى في هدمها فقد سعى في منع وصوله لما خلق له .  وما أحسن ما قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : " ألا أنبئكم بما هو خير لكم وأفضل من أن تلقوا عدوّكم فتضربوا رقابهم ويضربوا رقابكم ذكر اللّه " . وذلك أنّه لا يعلم قدر هذه النّشأة الإنسانيّة إلّا من ذكر اللّه الذّكر المطلوب منه ، فإنّه تعالى جليس من ذكره ، والجليس مشهود الذاكر ومتى لم يشاهد الذّاكر الحقّ الّذي هو جليسه فليس بذاكر .  فإنّ ذكر اللّه سار في جميع العبد .  لا من ذكره بلسانه خاصّة . فإنّ الحقّ لا يكون في ذلك الوقت إلّا جليس اللّسان خاصّة ، فيراه اللّسان من حيث لا يراه الإنسان بما هو راء . فافهم هذا السّرّ في ذكر الغافلين . )

قال رضي الله عنه :  (وإذا علمت) يا أيها السالك (أن اللّه) تعالى (راعى) ، أي اعتبر شرعا (هذه النشأة) ، أي الخلقة الإنسانية (وإقامتها) أي إبقاءها واستدامتها حتى يكون اللّه تعالى هو الذي يحل نظامها ويفض ختامها (فأنت) يا أيها السالك (أولى بمراعاتها) ،
أي المحافظة على حقوقها ، لأنك المندوب إلى ذلك والمشار عليك به (إذ) ،
أي لأنه (لك بذلك) ، أي بسببه (السعادة) في الدنيا والآخرة لأنك راعيت حكم ربك وقمت بما ندبك إليه (فإنه) ، أي الشأن (ما دام الإنسان حيا) في هذه الدنيا فإنه (يرجى) بالبناء للمفعول (له) ، أي لذلك الإنسان تحصيل صفة الكمال الإنساني الذي خلق هذا الإنسان له ،
أي لأجل تحصيله وهو معرفته بربه وقيامه به عن كشف وشهود (و) كل (من سعى في هدمه) ، أي هدم بنيان الإنسان (فقد سعى في منع وصوله) ، أي الإنسان (لما خلق) ، أي خلقه اللّه تعالى (له) من تحصيل صفة الكمال ويصير قاطعا عليه طريق احتمال الوصول إلى حضرة ذي الجلال .
قال تعالى :" وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعى فِي خَرابِها" [ البقرة : 114 ] ،
وقال تعالى : " أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى ( 9 ) عَبْداً إِذا صَلَّى ( 10 ) أَرَأَيْتَ إِنْ كانَ عَلَى الْهُدى ( 11 ) أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوى ( 12 ) أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى ( 13 ) أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرى( 14 ) [ العلق : 9 - 14 ] .

قال رضي الله عنه :  (وما أحسن ما قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ) للصحابة رضي اللّه عنهم (ألا أنبئكم) ، أي أخبركم (بما) ، أي بأمر (هو خير لكم وأفضل) عند اللّه تعالى (من أن تلقوا) ، أي لقاءكم (عدوكم) يعني جنسه وهم الكافرون (فتضربوا رقابهم) بسيوفكم في الحرب (ويضربوا) أيضا (رقابكم) بسيوفهم (ذكر اللّه)  تعالى بقلوبكم وألسنتكم فإنه أفضل من ذلك كله. رواه الحاكم  والترمذي
"" الحديث :  عن أبي الدرداء رضي اللّه عنه قال : قال النبي صلى اللّه عليه وسلم : ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم وخير لكم من إعطاء الذهب والورق وأن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم قالوا : وما ذاك يا رسول اللّه
قال : ذكر اللّه عز وجل . أهـ.
وقال معاذ بن جبل: "ما عمل آدمي من عمل أنجى له من عذاب اللّه من ذكر اللّه عز وجل"أهـ.""

لأن ضرب الرقاب قطع لتحصيل الكمال ففيه ، ضرر بأحوال القابلين لأشرف الأحوال ، وهو ذكر اللّه تعالى في الغدو والآصال .
فأشار صلى اللّه عليه وسلم بالذكر إلى الإبقاء وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً[ الإسراء : 44 ] .
وذلك ، أي كان الأمر كما ذكر لأجل أنه ، أي الشأن لا يعلم قدر هذه النشأة ، أي الخلقة الإنسانية عند اللّه تعالى إلا من ذكر اللّه تعالى الذكر المطلوب حصوله منه وهو شهود المذكور الحق لا إله إلا اللّه ، ومتى غفل عن شهوده خرج عن ذكره لأن الذكر ضد الغفلة وهما لا يجتمعان فإنه تعالى جليس من ذكره من الناس كما ورد في الحديث : « أنا جليس من ذكرني » . اخرجه الدينوري المالكي في المجالسة ورواه ابن ابي شيبه والبيهقى وابي نعيم الأصفهاني في الحلية.
"" أضاف الجامع :
1 - الحديث :عن، كعب، قال: " قال موسى: أي رب أقريب أنت فأناجيك أم بعيد فأناديك؟ قال: يا موسى , أنا جليس من ذكرني , قال , يا رب , فإنا نكون من الحال على حال نعظمك أو نجلك أن نذكرك عليها , قال: وما هي؟ قال: الجنابة والغائط , قال: يا موسى , اذكرني على كل حال ".رواه ابن ابي شيبه والبيهقى و ابي نعيم الأصفهاني في الحلية وابن القيم في الوابل الصيب ومجموع الفتاوى لابن تيمية والسيوطي في الجامع والدر المنثور .
2 - الحديث : عن ابن عباس قال: «يكره أن يذكر الله وهو جالس على الخلاء، والرجل يواقع امرأته؛ لأنه ذو الجلال يجل عن ذلك» " أخرجه ابن أبى شيبة وابن المنذر عن ابن عباس موقوفاً ""

(إذ الجليس مشهود للذاكر) ، لأنه متى ذكره كان جليسه والجليس مشهود على كل حال ، ومن لم يكن جليسه بجانبه فإنه غائب عنه حينئذ ، والجليس حاضر لا غائب وإلا فليس بجليس ومتى لم يشاهد العبد الذاكر للحق تعالى الحق تعالى الذي هو جليسه فليس ذلك العبد بذاكر للحق تعالى ، وكل ذاكر للحق تعالى مشاهد له بالعضو منه الذي فيه الذكر ،
وإن غفل العضو الآخر فإنّ ذكر اللّه تعالى سار في جميع العبد
فكان عضو منه ظاهره وباطنه ذاكرا للّه تعالى مشاهد له وهو العبد الكامل في العبودية لا من ذكره للّه تعالى بلسانه خاصة وبقية أعضائه غافلة لتقييدها بعبودية غيره تعالى وهي الانفعال للغير ولو بالخاطر
كانفعال أهل الدنيا للدنيا في ظواهرهم وبواطنهم من جهلهم باللّه تعالى وعدم معرفتهم به
فإن الحق تعالى لا يكون في ذلك الوقت ، أي وقت الذكر باللسان خاصة إلا جليس اللسان
خاصة دون بقية الأعضاء فيراه ،

أي يرى الحق تعالى ذلك اللسان ويشهده من حيث لا يراه ذلك الإنسان الذاكر بلسانه خاصة ولا يشهده لغفلته عنه بما متعلق بيراه اللسان هو ، أي ذلك الإنسان راء للأشياء وهو ، البصر المعروف .
فافهم يا أيها السالك هذا السر العجيب في ذكر الغافلين عن اللّه تعالى .

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإذا علمت أن الله راعى هذه النشأة وإقامتها فأنت أولى بمراعاتها إذ لك بذلك السعادة، فإنه ما دام الإنسان حيا، يرجى له تحصيل صفة الكمال الذي خلق له. ومن سعى في هدمه فقد سعى في منع وصوله لما خلق له.
وما أحسن ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ألا أنبئكم بما هو خير لكم وأفضل من أن تلقوا عدوكم فتضربوا رقابهم ويضربون رقابكم؟ ذكر الله».
وذلك أنه لا يعلم قدر هذه النشأة الإنسانية إلا من ذكر الله الذكر المطلوب منه، فإنه تعالى جليس من ذكره، والجليس مشهود للذاكر.
ومتى لم يشاهد الذاكر الحق الذي هو جليسه فليس بذاكر.
فإن ذكر الله سار في جميع العبد لا من ذكره بلسانه خاصة.
فان الحق لا يكون في ذلك الوقت إلا جليس اللسان خاصة، فيراه اللسان من حيث لا يراه الإنسان: بما هو راء وهو البصر. فافهم هذا السر في ذكر الغافلين.  )

قال رضي الله عنه :  ( وإذا علمت أن اللّه راعى هذه النشأة و ) راعى ( أقامتها فأنت أولى ) وأحق من الحق ( بمراعاتها ذلك ) خبر ( بذلك ) يتعلق بالظرف ( السعادة ) مبتدأ أي إذا حصل ذلك بسبب رعاية هذه النشأة السعادة فالحق أولى منك برعاية هذه النشأة لأنه أنشأ لأجل ظهور أحكامه فأنت أولى منه برعايتها إذ بها لا بغيرها يحصل لك السعادة وهي أجر من اللّه وإذا لم يراع الحق لم يزد ولم ينقص في ألوهيته وكمال ذاته شيء ،
وإذا لم تراع تحصل لك السعادة فقد انحطت عن درجة الكمال إذ كمال الإنسان السعادة لا غير فأنت أحق بالأولوية في رعايتها وبما ذكرنا اندفع توهم المخالفة بين قوله لأنه أحق به وبين قوله فأنت أولى بمراعاتها وإنما تحصل لك السعادة برعايتها .

قال رضي الله عنه :  ( فإنه ) أي الشأن ( ما دام الإنسان حيا يرجى له تحصيل صفة الكمال ) وهي ظهور معرفة اللّه تعالى منه ( الذي خلق له ) فإذا راعيته فقد أعنته لتحصيل كماله فحينئذ كان أجر عملك على اللّه ( ومن سعى في هدمه فقد سعى في منع وصوله لما خلق له ) فمن سعى في منع وصوله لما خلق له فقد سعى في منع وصول نفسه لما خلق لها لقوله تعالى : وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها فاللّه تعالى يجازي عباده بمثل أعمالهم ( وما أحسن ) تعجب ( ما قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ألا أنبئكم ) أي أخبركم ( بما هو خير لكم وأفضل من أن تلقوا عدوّكم فتضربوا رقابهم ويضربوا رقابكم ذكر اللّه ) .

أي لا يقابل جزاء الغزاء في سبيل اللّه جزاء ذكر اللّه لأن فيه منعا عن ذكر اللّه بسبب عدم بنيان الرب فالإنسان ما دام حيا يرجى له ذكر اللّه وإن كان عدوّ اللّه ( وذلك ) أي وبيان أفضلية ذكر اللّه من الغزو في الشهادة في سبيل اللّه ( إنه ) أي الشأن

قوله رضي الله عنه :  ( لا يعلم قدر هذه النشأة الانسانية إلا من ذكر اللّه الذكر المطلوب منه ) وهو الذي يشاهد الذكر به ربه ( فإنه تعالى جليس من ذكره ) أي حاضر لمن ذكره ( والجليس مشهود الذاكر ومتى لم يشاهد الذاكر الحق الذي هو جليسه فليس بذاكر ) بالذكر المطلوب بل هو ذاكر باللسان خاصة وهو من الغافلين عند أهل اللّه فذكره ليس بذكر اللّه على الحقيقة ( فإن ذكر اللّه ) بالذكر المطلوب ( سار في جميع أجزاء العبد ) من قواه الروحانية والجسمانية

قوله رضي الله عنه :  ( لا من ذكره بلسانه خاصة ) عطف على قوله جليس من ذكره أي فإن اللّه تعالى جليس من ذكر بالذكر الساري في جميع أعضائه لا جليس من ذكره بلسانه خاصة ( فإن الحق لا يكون في ذلك الوقت ) أي في وقت ذكر العبد باللسان خاصة لا بقلبه وروحه ( إلا جليس اللسان خاصة فيراه اللسان من حيث لا يراه الإنسان ) وليس ذلك من تمام مراد اللّه بل المطلوب من ذكر الإنسان رؤية الإنسان ربه لا رؤية جزء من أجزائه فإذا رآه الإنسان فقد رآه كل جزء من أجزاء الإنسان من حيث لا يراه الإنسان فالكمال ذكر الإنسان لا ذكر اللسان

قوله رضي الله عنه :  ( بما هو راء ) يجوز أن يكون متعلقا بقوله لا يراه أي من حيث لا يراه الإنسان بالذي هو أي الإنسان لا يراه وهو بصره المعروف الموضع
بل يراه الإنسان بما يراه به اللسان لأن اللسان بضر يخصه
ويجوز أن يكون متعلقا بقوله فيراه أي يراه الإنسان بما يراه به اللسان
لأن اللسان بضر يخصه ويجوز أن يكون متعلقا بقوله فيراه أي يراه اللسان بالذي هو
أي اللسان راء به ولا يراه بما يرى به الإنسان والمقصود من رؤية اللسان الحق رؤيته بما يرى به الإنسان كما ورد في الخبر الصحيح
قوله رضي الله عنه :  ( كنت سمعه وبصره وبي يسمع وبي يبصر ) فكان هذا القول من قبيل التنازع فأيهما أعمل قدّر مفعول الآخر والضمير العائد إلى الموصول محذوف وهو به وظهر من هذا البيان إن ذكر اللّه أفضل من سائر الأعمال
قوله رضي الله عنه :  ( فافهم هذا السر ) أي أفضل سر الذكر ( في ذكر الغافلين فالذاكر ) وهو اللسان.

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإذا علمت أن الله راعى هذه النشأة وإقامتها فأنت أولى بمراعاتها إذ لك بذلك السعادة، فإنه ما دام الإنسان حيا، يرجى له تحصيل صفة الكمال الذي خلق له. ومن سعى في هدمه فقد سعى في منع وصوله لما خلق له.
وما أحسن ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ألا أنبئكم بما هو خير لكم وأفضل من أن تلقوا عدوكم فتضربوا رقابهم ويضربون رقابكم؟ ذكر الله».
وذلك أنه لا يعلم قدر هذه النشأة الإنسانية إلا من ذكر الله الذكر المطلوب منه، فإنه تعالى جليس من ذكره، والجليس مشهود للذاكر.
ومتى لم يشاهد الذاكر الحق الذي هو جليسه فليس بذاكر.
فإن ذكر الله سار في جميع العبد لا من ذكره بلسانه خاصة.
فان الحق لا يكون في ذلك الوقت إلا جليس اللسان خاصة، فيراه اللسان من حيث لا يراه الإنسان: بما هو راء وهو البصر. فافهم هذا السر في ذكر الغافلين.  )

قال رضي الله عنه :  ( وإذا علمت أن الله راعى هذه النشأة وإقامتها فأنت أولى بمراعاتها إذ لك بذلك السعادة، فإنه ما دام الإنسان حيا، يرجى له تحصيل صفة الكمال الذي خلق له. ومن سعى في هدمه فقد سعى في منع وصوله لما خلق له. وما أحسن ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ألا أنبئكم بما هو خير لكم وأفضل من أن تلقوا عدوكم فتضربوا رقابهم ويضربون رقابكم؟ ذكر الله». وذلك أنه لا يعلم قدر هذه النشأة الإنسانية إلا من ذكر الله الذكر المطلوب منه، فإنه تعالى جليس من ذكره، والجليس مشهود للذاكر. ومتى لم يشاهد الذاكر الحق الذي هو جليسه فليس بذاكر. فإن ذكر الله سار في جميع العبد لا من ذكره بلسانه خاصة. فان الحق لا يكون في ذلك الوقت إلا جليس اللسان خاصة، فيراه اللسان من حيث لا يراه الإنسان: بما هو راء وهو البصر. فافهم هذا السر في ذكر الغافلين.  )

قلت : أما أن الحق تعالی خلق آدم على صورته، فهو حديث نبوي ومعناه
أن النشأة الإنسانية قد جمعت في ذاتها حقائق الأسماء الإلهية، فصارت بهذا على الصورة المقدسة، فلا يجوز لأحد أن يتعرض لفسادها 
قال: وذلك لرعاية صورة الحق، 
قال: وما يذم من الإنسان إلا فعله لا صورته.
ثم قال: إن الذاكر من هو جليس المذكور لا غير، فمن ذكر باللسان فقط فما فيه مشاهد للحق تعالى إلا لسانه، فلسانه هو الجليس وبقية الغافل فلیس بجلیس. 

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإذا علمت أن الله راعى هذه النشأة وإقامتها فأنت أولى بمراعاتها إذ لك بذلك السعادة، فإنه ما دام الإنسان حيا، يرجى له تحصيل صفة الكمال الذي خلق له. ومن سعى في هدمه فقد سعى في منع وصوله لما خلق له.
وما أحسن ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ألا أنبئكم بما هو خير لكم وأفضل من أن تلقوا عدوكم فتضربوا رقابهم ويضربون رقابكم؟ ذكر الله».
وذلك أنه لا يعلم قدر هذه النشأة الإنسانية إلا من ذكر الله الذكر المطلوب منه، فإنه تعالى جليس من ذكره، والجليس مشهود للذاكر.
ومتى لم يشاهد الذاكر الحق الذي هو جليسه فليس بذاكر.
فإن ذكر الله سار في جميع العبد لا من ذكره بلسانه خاصة.
فان الحق لا يكون في ذلك الوقت إلا جليس اللسان خاصة، فيراه اللسان من حيث لا يراه الإنسان: بما هو راء وهو البصر. فافهم هذا السر في ذكر الغافلين.  )

قال رضي الله عنه : ( وإذا علمت أنّ الله راعى هذه النشأة وأقامها ، فأنت أولى بمراعاتها ، إذ لك بذلك السعادة ، فإنّه ما دام الإنسان حيّا ، يرجى له تحصيل صفة الكمال الذي خلق له ، ومن سعى في هدمه ، فقد سعى في منع وصوله لما خلق له ،  وما أحسن ما قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم : « ألا أنبّئكم بما هو خير لكم وأفضل من أن تلقوا عدوّكم فتضربوا رقابهم ويضربوا رقابكم ؟ ذكر الله » .)

قال العبد : والسرّ في ذلك أنّ الغزو والقتال في سبيل الله إنّما شرع لإعلاء كلمة الله وذكره ، إن كانت الدولة للمسلمين والغلبة للمجاهدين وإن لم يكن كذلك وكان بالعكس ،
فإنّ فيه نقصان عبيد الله الذاكرين له المقتولين في سبيله وتفويت العلَّة الغائيّة ، فذكر الله مع الأمن عن المحذور وهو الفتنة وقتل أولياء الله أفضل من الجهاد الظاهر ، وإن كان المقتول في سبيل الله على أجر تامّ ، فذلك حظَّه بهدم أبنية الرحمن في صورة الإنسان ، فاعلم ذلك .

قال رضي الله عنه : ( وذلك أنّه لا يعلم قدر هذه النشأة الإنسانية إلَّا من ذكر الله الذكر المطلوب منه  فإنّه تعالى جليس من ذكره ، والجليس مشهود للذاكر ، ومتى لم يشاهد الذاكر الحق الذي هو جليسه ، فليس بذاكر ، فإنّ ذكر الله سار في جميع العبد - لا من ذكره بلسانه خاصّة ، فإنّ الحق لا يكون في ذلك الوقت إلَّا جليس اللسان خاصّة ، فيراه اللسان من حيث لا يراه الإنسان ، بما هو راء وهو البصر ) .

قال العبد : إذا داوم على ذكر الله بلسانه مع نفي الخواطر ومراقبة الله بحيث يكون لسانه متلفّظا بكلمة الذكر ، وقلبه يكون حاضرا مع المذكور ، وعقله متعقّلا لمعنى الذكر ، وفي قوّة خياله تخيّل صورة الذكر على تؤدة ووقار وخضوع وخشوع ، فإنّه يوشك أن يتّحد ، إذ كانت الأعضاء والجوارح الخصيصة بها مع الذكر الذي يداوم عليه ،
ويفنى الذاكر عن كلّ شيء وعن الذاكر بالمذكور وفي المذكور ، فيحييه الله حياة طيّبة نورية ، يرزقه فيها العيش مع الله وبالله لله في الله ، مشاهدا - في كل ما يشهد - إيّاه ، وهذا حال الكمّل المقرّبين الذين هم خواصّ الله رزقنا الله وإيّاكم لزوم هذا الذكر والدؤوب عليه ، إنّه قدير .

قال رضي الله عنه : ) فافهم هذا السرّ في ذكر الغافلين ،)
يعني المجالسة التمثيلية ، فإنّه يعتقد كونه جليس الذاكر ، وحيث اشتغل الجزء الذاكر بالحق فهو جليسه.

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإذا علمت أن الله راعى هذه النشأة وإقامتها فأنت أولى بمراعاتها إذ لك بذلك السعادة، فإنه ما دام الإنسان حيا، يرجى له تحصيل صفة الكمال الذي خلق له. ومن سعى في هدمه فقد سعى في منع وصوله لما خلق له.
وما أحسن ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ألا أنبئكم بما هو خير لكم وأفضل من أن تلقوا عدوكم فتضربوا رقابهم ويضربون رقابكم؟ ذكر الله».
وذلك أنه لا يعلم قدر هذه النشأة الإنسانية إلا من ذكر الله الذكر المطلوب منه، فإنه تعالى جليس من ذكره، والجليس مشهود للذاكر.
ومتى لم يشاهد الذاكر الحق الذي هو جليسه فليس بذاكر.
فإن ذكر الله سار في جميع العبد لا من ذكره بلسانه خاصة.
فان الحق لا يكون في ذلك الوقت إلا جليس اللسان خاصة، فيراه اللسان من حيث لا يراه الإنسان: بما هو راء وهو البصر. فافهم هذا السر في ذكر الغافلين.  )

قال رضي الله عنه :  (وإذا علمت أن الله تعالى راعى هذه النشأة وراعى إقامتها فأنت أولى بمراعاتها إذ لك بذلك السعادة فإنه ما دام الإنسان حيا يرجى له تحصيل صفة الكمال الذي خلق له ، ومن سعى في هدمه فقد سعى في منع وصوله لما خلق له ، وما أحسن ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ألا أنبئكم بما هو خير لكم وأفضل من أن تلقوا عدوكم فتضربوا رقابهم ويضربوا رقابكم ذكر الله " ) .

والسر في ذلك أن الغزو إنما شرع لإعلاء كلمته ، وذكره إن كانت الدولة للمسلمين والغلبة للمجاهدين وإن لم يكن كذلك وكان بالعكس كان فيه نقصان عبيد الله الذاكرين له ، وتفويت العلة الغائية فذكر الله تعالى مع الأمن من المحذور وهو الفتنة وقتل أولياء الله أفضل من الجهاد الظاهر ، وإن كان المقتول في سبيل الله على أجر تام ، فذلك حظه بهدم أبنية الرحمن في صورة الإنسان .

قال رضي الله عنه :  ( وذلك أنه لا يعلم قدر هذه النشأة الإنسانية إلا من ذكر الله الذكر المطلوب منه ، فإنه تعالى جليس من ذكره الجليس مشهود الذاكر ، ومتى لم يشاهد الذاكر الحق الذي هو جليسه فليس بذاكر ، فإن ذكر الله سار في جميع أجزاء العبد لا من ذكره بلسانه خاصة ، فإن الحق لا يكون في ذلك الوقت إلا جليس اللسان خاصة ، فيراه اللسان من حيث لا يراه الإنسان بما هو راء وهو البصر ) .

الذكر المطلوب من العبد هو أن يذكر الله بلسانه مع نفى الخواطر ، وحديث النفس ومراقبة الحق بالقلب بأن يكون بقلبه مع المذكور ، وبعقله متعقلا لمعنى الذكر ، وبسره فانيا في المذكور عن الذكر ، وبروحه مشاهدا له فإنه جليسه مشهود الذاكر ،

فمتى لم يشاهده فليس بذاكر إياه إذ لو ذكره لرآه ، فإن الذاكر بالحقيقة يفنى عن سوى المذكور حتى عن الذكر بالمذكور وعن نفسه ، فإن نفسه من جملة السوي فيكون الذاكر هو المذكور فيحييه الله به حياة طيبة نورية بالبقاء بعد الفناء فيه ، فيهنأ فيها العيش مع الله باللَّه معية لا بالمقارنة فيشهد به في كل ما يشهده ،

وذلك معنى سريان ذكر الله في جميع العبد حتى أفناه عنه وأحياه به ، وإن لم يكن ذكره إلا بلسانه فالذاكر ذلك الجزء منه الذي هو اللسان فلا يكون الحق إلا جليس اللسان لا جليسه ، إذ لم يذكره بجوامع أجزاء وجوده فيراه اللسان ويختص اللسان بحظ الإنسان

قال رضي الله عنه :  ( فافهم هذا السر في ذكر الغافلين) هذا حال من يذكره ببعض أجزائه ويغفل عنه ببعضها فيكون الحق جليس ذلك الجزء مجالسة تمثيلية ،
فإنه يعتقد كون الحق جليس الذاكر فإذا ذكره بجزء كان ذلك الجزء مختصا بمجالسته دون ما لم يشتغل بذكره من الأجزاء

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإذا علمت أن الله راعى هذه النشأة وإقامتها فأنت أولى بمراعاتها إذ لك بذلك السعادة، فإنه ما دام الإنسان حيا، يرجى له تحصيل صفة الكمال الذي خلق له. ومن سعى في هدمه فقد سعى في منع وصوله لما خلق له.
وما أحسن ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ألا أنبئكم بما هو خير لكم وأفضل من أن تلقوا عدوكم فتضربوا رقابهم ويضربون رقابكم؟ ذكر الله».
وذلك أنه لا يعلم قدر هذه النشأة الإنسانية إلا من ذكر الله الذكر المطلوب منه، فإنه تعالى جليس من ذكره، والجليس مشهود للذاكر.
ومتى لم يشاهد الذاكر الحق الذي هو جليسه فليس بذاكر.
فإن ذكر الله سار في جميع العبد لا من ذكره بلسانه خاصة.
فان الحق لا يكون في ذلك الوقت إلا جليس اللسان خاصة، فيراه اللسان من حيث لا يراه الإنسان: بما هو راء وهو البصر. فافهم هذا السر في ذكر الغافلين.  )

قال رضي الله عنه :  ( وإذا علمت أن الله راعى هذه النشأة ) وراعى ( إقامتها ، فأنت أولى بمراعاتها ، إذ لك بذلك السعادة ) أي ، لأن مراعاتها توجب لك السعادة .
( فإنه ما دام الإنسان حيا ، يرجى له تحصيل صفة الكمال الذي خلق له . ) فإذا راعيته وأعنته ليصل إلى كماله ، تجازى بأحسن الجزاء .
قال رضي الله عنه :  ( ومن سعى في هدمه ، فقد سعى في منع وصوله لما خلق له . ) فيجازى من الحق بمثله ، فيمنع من وصوله إلى كمال نفسه ، لأن الوجود مكاف .

قال رضي الله عنه :  ( وما أحسن ما قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : "ألا أنبئكم بما هو خير لكم وأفضل من أن تلقوا عدوكم فتضربوا رقابهم ويضربون رقابكم ؟ ذكر الله " . )
أي ، ذكر الله أفضل من الغزو في سبيل الله ومن الشهادة فيه ، لأنه موجب لهدم بنيان الرب من الطرفين ، وإن كان فيه إعلاء كلمة الله ورفع أعلام الله وثواب الشهادة ، لكن كل ذلك لا يقابل لما في هدم بنيان الله من الشر .

قال رضي الله عنه :  ( وذلك أنه لا يعلم قدر هذه النشأة الإنسانية إلا من ذكر الله الذكر المطلوب منه . فإنه تعالى جليس من ذكره . والجليس مشهود للذاكر . ومتى لم يشاهد هذا الذاكر الحق الذي هو جليسه ، فليس بذاكر . )
ذلك إشارة إلى كون الذكر أفضل من الغزو والشهادة في سبيل الله . وإنما كان كذلك لأن ثوابهما حصول الجنة ، والذاكر جليس الحق تعالى - كما قال : ( أنا جليس من ذكرني ) .
والجليس لا بد أن يكون مشهودا ، فالحق مشهود الذاكر ،وشهود الحق أفضل من حصول الجنة.
لذلك كانت الرؤية بعد حصول الجنة وكمال تلك النعمة .

وقوله : ( أنه لا يعلم قدر هذه النشأة . . . إلا من ذكر الله الذكر المطلوب ) اعتراض إنما جاء به تنبيها على حقيقة الذكر ومراتبه ، ليعلم متى يكون الحق جليسا للذاكر .
والمراد بالذكر المطلوب من العبد أن يذكر الله باللسان ويكون حاضرا بقلبه .

وروحه وجميع قواه بحيث يكون بالكلية متوجها إلى ربه ، فينتفى الخواطر وينقطع أحاديث النفس عنه .
ثم ، إذا داوم عليه ، ينتقل الذكر من لسانه إلى قلبه ، ولا يزال يذكر بذلك حتى يتجلى له الحق من وراء أستار غيوبه ، فينور باطن العبد

بحكم ( وأشرقت الأرض بنور بها ) .
ويعده إلى التجليات الصفاتية والأسمائية ثم الذاتية ، فيفنى العبد في الحق ، فيذكر الحق نفسه بما يليق بجلاله وجماله ، فيكون الحق ذاكرا ومذكورا وذكرا بارتفاع الإثنينية وانكشاف الحقيقة الأحدية .
واعلم ، أن حقيقة ( الذكر ) عبارة عن تجليه لذاته بذاته من حيث الاسم (المتكلم ) إظهارا للصفات الكمالية ووصفا بالنعوت الجلالية والجمالية في مقامي جمعه وتفصيله ، كما شهد لذاته بذاته في قوله : ( شهد الله أنه لا إله إلا هو ) .
وهذه الحقيقة لها مراتب : أعلاها وأولاها في مقام الجمع من ذكر الحق نفسه باسمه ( المتكلم ) بالحمد والثناء على نفسه . وثانيتها ، ذكر الملائكة المقربين ، وهو تحميد الأرواح وتسبيحها لربها . وثالثتها ، ذكر الملائكة السماوية والنفوس الناطقة المجردة . ورابعتها ، ذكر الملائكة الأرضية والنفوس المنطبعة مع طبقاتها .
وخامستها ، ذكر الأبدان وما فيها من الأعضاء . وكل ذاكر لربه بلسان يختص به .

وإليه أشار بقوله : ( فإن ذكر الله سار في جميع أجزاء العبد ) أي ، لا يعلم قدر هذه النشأة إلا من ذكر الله الذكر المطلوب ، فإن ذكر الله سار في جميع أجزاء العبد : روحه وقلبه ونفسه وجميع قواه الروحانية والجسمانية ، بل في جميع أعضائه .
وذلك السريان نتيجة سريان الهوية الإلهية الذاكرة لنفسها بنفسها .
وإن جعلنا الإضافة إلى الفاعل ، فمعناه : أن ذكر الحق لنفسه ومظاهره سار في جميع أعضاء العبد ، وذلك الذكر سبب وجودها وحصول كمالاتها . فينبغي أن يذكره العبد أيضا بجميع أجزائه أداء لشكر نعمه .

قال رضي الله عنه :  ( لا من ذكره بلسانه خاصة . فإن الحق لا يكون في ذلك الوقت إلا جليس اللسان خاصة ، فيراه اللسان من حيث لا يراه الإنسان بما هو راء ) أي ، يراه اللسان بالبصر الذي يخصه ، ولا يراه الإنسان من حيث روحه وقلبه لغفلته .
وفيه إشارة إلى أن لكل شئ نصيبا من الصفات السبعة الكمالية : يسمع به ويبصر به وينطق . ولما كان الحيوان يبصر بالبصر ويسمع بالسمع - وليس رؤية اللسان وسمعه بالبصر والسمع بل بروحانية مختصة به وليس هذا المقام موضع بيانه - أجمل فقال : ( بما هو راء )

قال رضي الله عنه :  ( فافهم هذا السر في ذكر الغافلين . ) تحريص للسالك الطالب لأسرار الوجود ، ليتنبه من هذا القول ويعلم أن لوازم الوجود موجودة في كل ماله وجود ، إلا أنها ظاهرة الوجود في البعض ، وباطنة في الآخر .

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ
:
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإذا علمت أن الله راعى هذه النشأة وإقامتها فأنت أولى بمراعاتها إذ لك بذلك السعادة، فإنه ما دام الإنسان حيا، يرجى له تحصيل صفة الكمال الذي خلق له. ومن سعى في هدمه فقد سعى في منع وصوله لما خلق له.
وما أحسن ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ألا أنبئكم بما هو خير لكم وأفضل من أن تلقوا عدوكم فتضربوا رقابهم ويضربون رقابكم؟ ذكر الله».
وذلك أنه لا يعلم قدر هذه النشأة الإنسانية إلا من ذكر الله الذكر المطلوب منه، فإنه تعالى جليس من ذكره، والجليس مشهود للذاكر.
ومتى لم يشاهد الذاكر الحق الذي هو جليسه فليس بذاكر.
فإن ذكر الله سار في جميع العبد لا من ذكره بلسانه خاصة.
فان الحق لا يكون في ذلك الوقت إلا جليس اللسان خاصة، فيراه اللسان من حيث لا يراه الإنسان: بما هو راء وهو البصر. فافهم هذا السر في ذكر الغافلين.  )

قال رضي الله عنه :  (وإذ علمت أنّ اللّه راعى هذه النّشأة وإقامتها وإدامتها فأنت أولى بمراعاتها إذ لك بذلك السّعادة ، فإنّه ما دام الإنسان حيّا ، يرجى له تحصيل صفة الكمال الّذي خلق له ، ومن سعى في هدمها فقد سعى في منع وصوله لما خلق له ، وما أحسن ما قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم : « ألا أنبئكم بما هو خير لكم ، وأفضل من أن تلقوا عدوّكم فتضربوا رقابهم ويضربوا رقابكم ذكر اللّه »  ، وذلك أنّه لا يعلم قدر هذه النّشأة الإنسانيّة إلّا من ذكر اللّه الذّكر المطلوب منه ، فإنّه تعالى جليس من ذكره ، والجليس مشهود الذاكر ومتى لم يشاهد الذّاكر الحقّ الّذي هو جليسه فليس بذاكر ، فإنّ ذكر اللّه سار في جميع العبد ، لا من ذكره بلسانه خاصّة ؛ فإنّ الحقّ لا يكون في ذلك الوقت إلّا جليس اللّسان خاصّة ، فيراه اللّسان من حيث لا يراه الإنسان بما هو راء ، فافهم هذا السّرّ في ذكر الغافلين ) .

قال رضي الله عنه :  ( وإذا علمت أن اللّه راعى هذه النشأة ) بشرع الحرمة والصلح والعفو ونحوها ، وراعى أيضا ( إقامتها ) بشرع القصاص ، ( فأنت أولى بمراعاتها ) ؛ لأنه لما راعاها مع التنزه عن الأغراض فأنت أولى ؛ لأن لك غرض تحصيل السعادة ( إذ ) تحصل ( لك بذلك السعادة ) بكونك سببا لسبب تحصيل من راعيته صفة الكمال لنفسه ، وهو وإن كان متوهما فتحقق السبب يقوم مقام تحققه ؛ لأن سببه الحياة وأنت أبقيتها ، فأنت سبب سببه ، وإن كان السبب متوهما .
قال رضي الله عنه :  ( فإنه ما دام الإنسان حيّا يرجى له تحصيل صفة الكمال الذي خلق له ) عامّا في حق القاصر فظاهر ، وأما في حقّ الكامل ؛ فلأنه لا كمال إلا وفوقه آخر يمكنه تحصيله لا إلى نهاية ، والدليل على أن من كان سببا لشيء في حق الغير استفاد مثل الكمال الحاصل له منه في حق نفسه قوله عليه السّلام : ( من دلّ على هدى كان له مثل أجر فاعله من غير أن ينقص من أجورهم شيئا ، ومن دلّ على ضلالة كان له مثل وزر صاحبه من غير أن ينقص من أوزارهم شيئا ، " ومن سعى في هدمه ؛ فقد سعى في منع وصوله لما خلق له " ). رواه الدارمي ومالك في « الموطأ » وابن أبي عاصم  

وهو وإن كان متوهما فهو نازل منزلة المحقق بالنظر إلى سببه الذي هو الحياة ، فمن هدمها أبطل سببه ، فكأنما أبطله محققا ، وإنما جوّز هدمه بالجهاد والقصاص إبقاء لأهل الكمال القائمين بذكر اللّه تعالى ،
وإليه الإشارة بقوله : (وما أحسن ما قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: " ألا أنبئكم بما هو خير لكم " .
أي : من الجهاد وحصول الشهادة ، ( وأفضل ) وإن قال تعالى :وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً[ النساء : 95 ] ( من أن تلقوا عدوكم ) الذين يريدون هلاككم على الأبد بهلاك دينكم ، ( فتضربوا رقابهم ) ، فتأمنوا على دينكم الذي به سعادتكم ، ( ويضربوا رقابكم ) ، وبه تحصل شهادتكم ( ذكر اللّه ) ؛ لأن المقصود بالجهاد إبقاء أهله فهو أفضل منه ، وإن كان أفضل من تركه ولا يسقط وجوبه بكونه مفضولا عند فعل الأفضل ، كما لا يسقط فعل الصلاة بفعل الإيمان ، ولا فعل الزكاة بفعل الصلاة .

ولعل رجوع يونس عليه السّلام بقول :لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَعن دعاء الشر على قومه لهذا المعنى ، فذكر اللّه هو المقصود بالذات إذ هو المقصود من خلق الإنسان ، فإنه إنما قصد به أن يعبده ولا يعبده إلا أن يعرفه ، ولا يعرفه ما لم يعرف نفسه ، ولا يعرف نفسه إلا بذكر ربه ،

قال رضي الله عنه :  ( وذلك أنه لا يعلم قدر هذه النشأة الإنسانية إلا من ذكر اللّه ) لا بأي وجه كان ، بل ( الذكر المطلوب منه ) ، وهو المفيد تزكية النفس ، وتصقيل القلب الموجب رؤية آياته فيه أولا ، ثم رؤيته ثانيا ، ( فإنه تعالى جليس من ذكره ) ، كما قال في الحديث القدسي : "أنا جليس من ذكرني ".  رواه ابن أبي شيبة ، والبيهقي .

وليس ذلك بمعنى القرب المكاني لاستحالته في حقّه تعالى ، ولا القرب الذاتي ؛ فإنه حاصل للكل ، ولا بمعنى النظر بأي وجه كان ، بل بمعنى نظر الوجه بحيث يصير المنظور أيضا ناظرا إلى الحق ؛ ولذلك صح أن يقال : ( الجليس ) الحق ( مشهود الذاكر ) ؛
ولذلك قال يونس عليه السّلام :لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ دون لا إله إلا هو سبحانه ، وكيف لا والشهود لازم للجلوس اللازم للذكر ، وانتفاء اللازم يدل على انتفاء الملزوم ، فهو يدل على انتفاء الجلوس ، وانتفاؤه يدل على انتفاء الذكر ؛

ولذلك يقول رضي الله عنه  : (ومن لم يشاهد الذاكر الحق الذي هو جليسه فليس بذاكر) ، وكيف لا يشاهده الذاكر وشهوده لا يزول عن نفسه وقد أشرق عليها نور الذكر ، ( فإن ذكر اللّه ) إذا كان عن حضور القلب ، وجمع الهمم ، وكف القوى عن أعمالها ( سار في جميع العبد ) ، فلا يرى من ذاته التي لا تفارق رؤيتها إلا نور الذكر بل نور المذكور ، فلا يرى شيئا سواه في كل ما يراه.

قال رضي الله عنه :  ( لا من ذكره بلسانه خاصة ) ، فإنه لا يسري منه نور مستغرق لسائر الأعضاء بخلاف القلب ، فإنه لكونه نورانيّا في ذاته مستمدا من النور الإلهي يسري نوره بحيث يستغرق العبد بكليته ، ويصير اللسان بحيث يمد ما لحق بنور منه به يصير وحده جليس الحق ومشاهده ، ( فإن الحق لا يكون في ذلك الوقت إلا جليس اللسان خاصة ) ؛ لأن اللسان ذاكر لا محالة ، وهو جليس الذاكر لا محالة ، والمجالسة تستلزم الشهادة .

قال رضي الله عنه :  ( فيراه اللسان من حيث لا يراه الإنسان بما هو راء ) به ، وهو البصر فضلا عن بقية الأعضاء ، وعند عدم رؤية البصر يصح نفي الرؤية عن الإنسان ، وإن كان رائيا بعضو آخر ، (فافهم هذا السر) وهو رؤية اللسان بدون رؤية الإنسان (في ذكر الغافلين) ، حتى صار محمودا من وجه مذموما من وجوه حتى ورد فيه : فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ ( 4 ) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ( 5 ) [ الماعون : 4 ، 5 ] .

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإذا علمت أن الله راعى هذه النشأة وإقامتها فأنت أولى بمراعاتها إذ لك بذلك السعادة، فإنه ما دام الإنسان حيا، يرجى له تحصيل صفة الكمال الذي خلق له. ومن سعى في هدمه فقد سعى في منع وصوله لما خلق له.
وما أحسن ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ألا أنبئكم بما هو خير لكم وأفضل من أن تلقوا عدوكم فتضربوا رقابهم ويضربون رقابكم؟ ذكر الله».
وذلك أنه لا يعلم قدر هذه النشأة الإنسانية إلا من ذكر الله الذكر المطلوب منه، فإنه تعالى جليس من ذكره، والجليس مشهود للذاكر.
ومتى لم يشاهد الذاكر الحق الذي هو جليسه فليس بذاكر.
فإن ذكر الله سار في جميع العبد لا من ذكره بلسانه خاصة.
فان الحق لا يكون في ذلك الوقت إلا جليس اللسان خاصة، فيراه اللسان من حيث لا يراه الإنسان: بما هو راء وهو البصر.  فافهم هذا السر في ذكر الغافلين.  )

لزوم مراعاة إقامة النشأة الإنسانيّة 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإذا علمت أنّ الله راعى هذه النشأة ) في مراعي الأكوان ( و ) راعى ( إقامتها ) في دار الحدوث والإمكان ( فأنت أولى بمراعاتها ، إذ لك ) في مراقي الكمالات ( بذلك ) النشأة وإقامتها ( السعادة ) العظمى ( فإنّه ما دام الإنسان حيّا ) بهذه النشأة الجمعيّة الإحاطيّة ( يرجى له تحصيل صفة الكمال الذي خلق له ) من شهود الحقّ بجميع أسمائه وعبوديّته لله ( ومن سعى في هدمها فقد سعى في منع وصوله لما خلق له ) من الكمال الذي به يستكمل الكل وهو تمام الظهور والإظهار .

ذكر الله غاية الحركة الوجودية 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وما أحسن ما قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم : « ألا انبّئكم بما هو خير لكم وأفضل من أن تلقوا عدوّكم فتضربوا رقابهم ويضربوا رقابكم ؟ : ذكر الله » ) .
فإنّك قد عرفت أنّ الغاية لهذه الحركة الوجوديّة هو الظهور التامّ الذي بآدم ، ثمّ الإظهار الكامل الذي بكلامه ، فهو الخير إذا قيس إلى الإنسان نفسه .
وإذا قيس إلى أفعاله فهو الأفضل . فذكر الله الذي هو غاية الغايات - أعني إظهاره تعالى - هي ثمرة هذه النشأة الإنسانيّة .

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وذلك لأنّه لا يعلم قدر هذه النشأة الإنسانيّة إلا من ذكر الله ، الذكر المطلوب منه ) فإنّ من جملة المراتب الوجوديّة مرتبة الكلام والذكر . فإذا ظهر الحقّ في هذه المرتبة واستتبع لها جميع المراتب الباقية ، بأن يظهر في سائر تلك المراتب مظهرا إيّاها ، ويكون الكل مجلاه من الحسّ والخيال والذكر والفكر والقلب .

فإنّ الذاكر له في الكلّ حكم وظهور ، فإذا ظهر بسائر هذه المراتب يكون شخصا كاملا فالذاكر لا بدّ وأن يشاهد المذكور بجميع مداركه ،
( فإنّه تعالى جليس من ذكره ، والجليس مشهود للذاكر . فمتى لم يشاهد الذاكر الحقّ - الذي هو جليسه فليس بذاكر - فإنّ ذكر الله سار في جميع العبد )
 بمراتبه الروحانيّة والنفسانيّة والجسمانيّة ( لأنّ من ذكره بلسانه خاصّة ، فإنّ الحقّ لا يكون في ذلك الوقت إلَّا جليس اللسان خاصّة ) فإنّ صورة المذكور إنما تشخّصت فيه فقط .
( فيراه اللسان من حيث لا يراه الإنسان ) فإنّ لكل قوّة وكلّ شيء سائر القوى فعلية كانت أو انفعاليّة على ما تقرّر في أصولهم .
كما قال شرف الدين ابن الفارض :
يشاهد منّي حسنها كلّ ذرّة  ....  بها كلّ طرف جال في كلّ طرفة
وقوله رضي الله عنه   : ( بما هو رأى ) يجوز أن يكون متعلقا ب « لا يراه » أي لا يراه الإنسان بما هو رأى ( وهو البصر ) أو بمعنى أنه لا يرى الإنسان ، مع أن الرائي هو .
ويجوز أن يكون متعلَّقا ب « فيراه » أي فيراه اللسان بما يراه من القوّة الخفيّة التي لا يدرك بالمدارك البشريّة . والثاني أظهر .

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فافهم هذا السر في ذكر الغافلين ) فإنه لا يمكن أن يكون في الوجود غافل مطلقا . أي في جميع مراتبه ، فإنّه لا بد لكل شيء من الحضور ، ولو ببعض أجزائه ومراتبه وهو الذاكر منه

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإذا علمت أن الله راعى هذه النشأة وإقامتها فأنت أولى بمراعاتها إذ لك بذلك السعادة، فإنه ما دام الإنسان حيا، يرجى له تحصيل صفة الكمال الذي خلق له. ومن سعى في هدمه فقد سعى في منع وصوله لما خلق له.
وما أحسن ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ألا أنبئكم بما هو خير لكم وأفضل من أن تلقوا عدوكم فتضربوا رقابهم ويضربون رقابكم؟ ذكر الله».
وذلك أنه لا يعلم قدر هذه النشأة الإنسانية إلا من ذكر الله الذكر المطلوب منه، فإنه تعالى جليس من ذكره، والجليس مشهود للذاكر.
ومتى لم يشاهد الذاكر الحق الذي هو جليسه فليس بذاكر.
فإن ذكر الله سار في جميع العبد لا من ذكره بلسانه خاصة.
فان الحق لا يكون في ذلك الوقت إلا جليس اللسان خاصة، فيراه اللسان من حيث لا يراه الإنسان: بما هو راء وهو البصر. فافهم هذا السر في ذكر الغافلين.  )

قال رضي الله عنه :  وإذ علمت أنّ اللّه راعى هذه النّشأة وإقامتها وإدامتها فأنت أولى بمراعاتها إذ لك بذلك السّعادة ، فإنّه ما دام الإنسان حيّا ، يرجى له تحصيل صفة الكمال الّذي خلق لهومن سعى في هدمها فقد سعى في منع وصوله لما خلق له . وما أحسن ما قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : " ألا أنبئكم بما هو خير لكم وأفضل من أن تلقوا عدوّكم فتضربوا رقابهم ويضربوا رقابكم ذكر اللّه " .)

قال رضي الله عنه :  (وإذا علمت أن اللّه راعى هذه النشأة وإقامتها وإدامتها فأنت أولى بمراعاتها إذ لك بذلك ) ، أي بأن تراعيها ( السعادة ) ، من وجهين ( فإنه ما دام الإنسان حيا يرجى له تحصيل صفة الكمال الذي خلق له ) ، فإذا أعنته على ذلك رجع أثر الإعانة إليك فذلك سعادة وأمنت من غائلة ترك الإعانة وذلك سعادة أخرى ( ومن سعى في هدمها فقد سعى في منع وصوله لما خلق له ) ، بل في منع وصول نفسه أيضا إليه لأنه يجازى بمثل ما فعل إما بالقصاص أو بغيره .

قال رضي الله عنه :  ( وما أحسن ما قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ) ترغيبا للعبد فيما يوصله إلى ما خلق له وتفضيلا لهذا الموصل على هدم النشأة الإنسانية ، وإن كان بالأمر وكان للهادم رتبة إعلاء كلمة اللّه وثواب الشهادة .

قال رضي الله عنه :  ( « ألا أنبئكم بما هو خير لكم وأفضل من أن تلقوا عدوّكم فتضربوا رقابهم ويضربوا رقابكم ذكر اللّه »  ) ، "" عن أبي الدرداء رضي اللّه عنه قال : قال النبي صلى اللّه عليه وسلم ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم وخير لكم من إنفاق الذهب والورق وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم قالوا بلى قال ذكر اللّه تعالى فقال معاذ بن جبل رضي اللّه عنه ما شيء أنجى من عذاب اللّه من ذكر اللّه " . رواه الترمذي وابن ماجة  و غيرهما ""
أي ما هو خير لكم مما ذكر ، ذكر اللّه سبحانه
قال رضي الله عنه :  ( وذلك أنّه لا يعلم قدر هذه النّشأة الإنسانيّة إلّا من ذكر اللّه الذّكر المطلوب منه ، فإنّه تعالى جليس من ذكره ، والجليس مشهود الذاكر ومتى لم يشاهد الذّاكر الحقّ الّذي هو جليسه فليس بذاكر .  فإنّ ذكر اللّه سار في جميع العبدلا من ذكره بلسانه خاصّة . فإنّ الحقّ لا يكون في ذلك الوقت إلّا جليس اللّسان خاصّة ، فيراه اللّسان من حيث لا يراه الإنسان بما هو راء .  فافهم هذا السّرّ في ذكر الغافلين . (

قال رضي الله عنه :  (وذلك ) ، أي حسن ما قال النبي صلى اللّه عليه وسلم بحيث يقضي منه العجب ( أنه لا يعلم قدر هذه النشأة الإنسانية إلا من ذكر اللّه الذكر المطلوب منه ) ، فيحصل فيها ما لا سعادة فوقه وهو سعادة شهود الحق سبحانه ،
فنبه صلى اللّه عليه وسلم على أن ما يحصل للذاكر في هذه النشأة أفضل مما يحصل في هدمها ، وإن كان واقعا بموجب الأمر مثمرا لسعادات عظيمة هي الفوز بالجنة والتلذذ بملاذها من الحور والقصور وغيرها ، فإبقاء هذه النشأة أفضل من هدمها وإن كان بالأمر .
ثم شرع رضي اللّه عنه في بيان ما يحصل للذاكر في هذه النشأة
فقال رضي الله عنه  : ( فإنه تعالى جليس من ذكره والجليس مشهود الذاكر ومتى لم يشاهد الذاكر ) ، فجمع أجزاء وجوده (الحق الذي هو جليسه فليس بذاكر فإن ذكر اللّه سار في جميع) أجزاء ( العبد ) ، فالذاكر له من ذكر بجميع أجزائه .

فقال رضي الله عنه  : ( لا من ذكره بلسانه خاصة فإن الحق لا يكون في ذلك الوقت إلا جليس اللسان خاصة فيراه اللسان من حيث لا يراه الإنسان بما هو ) ، أي اللسان راء به وهو البصر وفيه إشارة إلى أن لكل شيء نصيبا من الصفات السبعة الكمالية ولكن لا على الوجه المعهود ، ولذلك قال بما هو ( راء ) . )فافهم هذا السر في ذكر الغافلين). 
.
واتساب

No comments:

Post a Comment