Monday, December 2, 2019

السفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية الفقرة السابعة والعشرون .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية الفقرة السابعة والعشرون .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية الفقرة السابعة والعشرون .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

15 - The Wisdom of Prophecy in the Word of Jesus

الفقرة السابعة والعشرون :
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134هـ:
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :  ( فلو رأى في ذلك العرض ما يوجب تقديم الحق وإيثار جنابه لدعا عليهم لا لهم.
فما عرض عليه إلا ما استحقوا به ما تعطيه هذه الآية من التسليم لله والتعريض لعفوه.
وقد ورد أن الحق إذا أحب صوت عبده في دعائه إياه أخر الاجابة عنه حتى يتكرر ذلك منه حبا فيه لا إعراضا عنه، ولذلك جاء بالاسم الحكيم، والحكيم هو الذي يضع الأشياء مواضعها ولا يعدل بها عما تقتضيه وتطلبه حقائقها بصفاتها.  فالحكيم العليم بالترتيب.
فكان صلى الله عليه وسلم بترداد هذه الآية على علم عظيم من الله تعالى.
فمن تلا فهكذا يتلو، وإلا فالسكوت أولى به.
وإذا وفق الله عبدا إلى النطق بأمر ما فما وفقه الله إليه إلا وقد أراد إجابته فيه وقضاء حاجته، فلا يستبطئ أحد ما يتضمنه ما وفق له، وليثابر مثابرة رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذه الآية في جميع أحواله حتى يسمع بأذنه أو بسمعه كيف شئت أو كيف أسمعك الله الاجابة.
فإن جازاك بسؤال اللسان أسمعك بأذنك، وإن جازاك بالمعنى أسمعك بسمعك. )

قال رضي الله عنه :  ( فلو رأى في ذلك العرض ما يوجب تقديم الحقّ وإيثار جنابه لدعا عليهم لا لهم .  فما عرض عليه إلّا ما استحقّوا به ما تعطيه هذه الآية من التّسليم للّه والتّعريض لعفوه .   وقد ورد أنّ الحقّ إذا أحبّ صوت عبده في دعائه إيّاه أخّر الإجابة عنه حتى يتكرّر ذلك حبّا فيه لا إعراضا عنه ، ولذلك جاء بالاسم الحكيم ؛ والحكيم هو الّذي يضع الأشياء في مواضعها ، ولا يعدل بها عمّا تقتضيه وتطلبه حقائقها بصفاتها . فالحكيم هو العليم بالتّرتيب .
فكان صلى اللّه عليه وسلم بترداده هذه الآية على علم عظيم من اللّه تعالى . فمن تلا هذه الآية فهكذا يتلو ، وإلّا فالسّكوت أولى به .  وإذا وفّق اللّه عبدا إلى النّطق بأمر ما فما وفّقه إليه إلّا وقد أراد إجابته فيه وقضاء حاجته فلا يستبطيء أحد ما يتضمّنه ما وفّق له ، وليثابر مثابرة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على هذه الآية في جميع أحواله ، حتّى يسمع بأذنه أو بسمعه ، كيف شئت أو كيف أسمعك اللّه الإجابة ، فإن جازاك بسؤال اللّسان أسمعك بأذنك ، وإن جازاك بالمعنى أسمعك بسمعك).

قال رضي الله عنه :  (فلو رأى ) ، أي النبي صلى اللّه عليه وسلم (في ذلك العرض) المذكور (ما يوجب تقديم ) حق الحق تعالى على حق عباده المذكورين وإيثار .
أي اختيار ترجيح جنابه تعالى على جنابهم لدعا صلى اللّه عليه وسلم عليهم بما يستحقونه من العذاب لا دعا لهم بالمغفرة والمسامحة ، ولكنه رأى في ذلك ما يوجب تقديم حق العبد لعجزه وافتقاره على حق الرب تعالى لقدرته وغناه المطلق ، وإيثار جناب العبد في دعاء الحق تعالى بالمغفرة له على جناب الحق تعالى سبحانه في الدعاء على من خالف أمره لكمال عزته وعموم حكمته .

قال رضي الله عنه :  (فما عرض) ، أي الحق تعالى (عليه) ، أي على النبي صلى اللّه عليه وسلم بتلاوته هذه الآية في تلك الليلة التي كان يكررها فيها (إلا ما استحقوا به ما تعطيه هذه الآية ) المذكورة من المغفرة لهم والعفو عنهم (من التسليم ) بيان لما استحقوا به للّه تعالى في جميع أحوالهم التي أراد تعالى وقوعها بهم مما يضرهم كالكفر والضلال ، أو ينفعهم كالذل له في حقيقة نفوسهم واضطرارهم إلى إمداده ظاهرا أو باطنا وإن لم يشعروا بذلك والتعريض لعفوه عنهم والمغفرة لهم بما عندهم من العبودية له وذلك مستفاد من مضمون الآية المذكورة .

قال رضي الله عنه :  (وقد ورد) في الحديث (أن الحق) تعالى (إذا أحب صوت عبده في دعائه إياه ) سواء كان صوت قلب أو لسان ، فإن للقلب كلاما كما وللسان كلاما أخر تعالى الإجابة عنه لدعائه حتى يتكرر ذلك ، أي الدعاء منه ، أي من ذلك العبد حبا ، أي محبة منه تعالى فيه ، أي في ذلك العبد لا إعراضا منه تعالى عنه ، أي عن ذلك العبد الداعي ولذلك جاء ، أي عيسى عليه السلام في كلامه بالاسم الحكيم فقال : إنكأَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ.

قال رضي الله عنه :  (والحكيم) معناه (هو الذي يضع الأشياء في مواضعها) اللائقة بها والمناسبة لها ولا يعدل بها ، أي بالأشياء عما تقتضيه وتطلبه حقائقها ، أي حقائق تلك الأشياء بصفاتها ، أي بسبب ما اتصف به من الأحوال المختلفة فالحكيم هو في المعنى العليم ، أي الذي يعلم جميع الأشياء بالترتيب المتقن الذي هو على أبلغ الوجوه طبق ما هي عليه الأشياء في حال ثبوتها في العلم القديم ، وهي معدومة بالعدم الأصلي وكان ، أي النبي صلى اللّه عليه وسلم بترداده ، أي تكراره هذه الآية المذكورة على علم عظيم من اللّه تعالى .
فإنه أعلم الخلق باللّه تعالى على الإطلاق فمن تلا ، أي قرأ هذه الآية المذكورة فهكذا ، أي على هذا الوصف المذكور من التنبيه للمعاني الإلهية والمناجاة مع الحق تعالى بالأسرار الخفية والجلية يتلو ، أي يقرأ هذه الآية وإلا ، أي وإن لم يتلها هكذا بأن تلاها بفغلة قلب وجهل بالأمور الإلهية وتحريف للأسرار واستصغار للمعاني الكبار فالسكوت وترك التلاوة أولى به حينئذ كما قال تعالى :" أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ أَ فَلا تَعْقِلُونَ( 44 ) [ البقرة : 44] .

وورد في الخبر : « رب قارىء للقرآن والقرآن يلعنه » (وإذا وفق اللّه) تعالى (العبد إلى نطق) ، أي تكلم ودعاه (بأمر ما) ، أي أمر من الأمور فما وفقه ، أي اللّه تعالى إليه ، أي إلى النطق بذلك الأمر إلا وقد أراد إجابته فيه ، أي في ذلك الأمر الذي دعاه به . وأراد قضاء حاجته ، فيما طلب منه تعالى فلا يستبطىء أحد من الناس ما يتضمنه ما ، أي الذي وفق ، أي وفقه اللّه تعالى له من الدعاء فإن قضاء الحاجات له أوقات .

وقد ورد : « يستجاب لأحدكم ما لم يعجل فيقول :
دعوت فلم يستجب لي » ولعل قوله : ذلك مبطل للدعاء ، فمانع من الإجابة ،
وامتثال العبد أمر ربه تعالى له بالدعاء في قوله :ادْعُوا رَبَّكُمْ[ الأعراف : 55
] ، وقوله :ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ[ غافر : 60 ] عين الإجابة من العبد لأمر ربه سبحانه ، فاللّه مستجيب له على كل حال كما مر .

قال رضي الله عنه :  (وليثابر) ، أي يواظب الداعي مثابرة ، أي مواظبة (رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على) تلاوة (هذه الآية) في تلك الليلة الكاملة ودعا اللّه تعالى بمضمونها في شأن الكافرين (في جميع أحواله) ، أي الداعي ولا يستبطىء الإجابة فيترك الدعاء حتى يسمع ذلك الداعي بأذنه الحسية أو بسمعه النفساني كيف شئت قلت في ذلك أو كيف أسمعك اللّه تعالى الذي يسمع من يشاء الإجابة لدعائك ذلك فإن شاء تعالى جازاك على دعائك سؤال ، أي طلب اللسان منك للذي أردته أسمعك تعالى الإجابة لدعائك بأذنك قوله القديم : لبيك عبدي وإن جازاك على دعائك فأجابه لك بالمعنى ، أي أعطاك ما طلبته أسمعك إجابة لك بسمعك النفساني بأن يكشف لك عن حصول نفس مطلوبك ، فيكون ذلك دليلا على أنه يذيقك عين ما طلبته في الوقت الذي يريد لا في الوقت الذي تريد أنت ، فإنه يعلم وأنت لا تعلم .
تم فص الحكمة العيسوية .

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :  ( فلو رأى في ذلك العرض ما يوجب تقديم الحق وإيثار جنابه لدعا عليهم لا لهم.
فما عرض عليه إلا ما استحقوا به ما تعطيه هذه الآية من التسليم لله والتعريض لعفوه.
وقد ورد أن الحق إذا أحب صوت عبده في دعائه إياه أخر الاجابة عنه حتى يتكرر ذلك منه حبا فيه لا إعراضا عنه، ولذلك جاء بالاسم الحكيم، والحكيم هو الذي يضع الأشياء مواضعها ولا يعدل بها عما تقتضيه وتطلبه حقائقها بصفاتها.  فالحكيم العليم بالترتيب.
فكان صلى الله عليه وسلم بترداد هذه الآية على علم عظيم من الله تعالى.
فمن تلا فهكذا يتلو، وإلا فالسكوت أولى به.
وإذا وفق الله عبدا إلى النطق بأمر ما فما وفقه الله إليه إلا وقد أراد إجابته فيه وقضاء حاجته، فلا يستبطئ أحد ما يتضمنه ما وفق له، وليثابر مثابرة رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذه الآية في جميع أحواله حتى يسمع بأذنه أو بسمعه كيف شئت أو كيف أسمعك الله الاجابة.
فإن جازاك بسؤال اللسان أسمعك بأذنك، وإن جازاك بالمعنى أسمعك بسمعك.   )

قال رضي الله عنه :  (فلو رأى ) النبي عليه السلام ( في ذلك العرض ) أي عرض الحق على النبي عليه السلام ( ما يوجب تقديم الحق وإيثار جنابه ) من أن الحق يريد القهر والانتقام منهم لا يريد المغفرة لهم ( لدعا عليهم لا لهم ) لأن الأنبياء لا يريدون ما لا يريده الحق .
فعلم النبي عليه السلام في ذلك العرض أن الحق يريد العفو والمغفرة لهم بدعائه فبالغ في دعائه ليلة كاملة ( فما عرض ) الحق ( عليه ) أي على النبي عليه السلام ( إلا ما استحقوا به ) أي بسبب ذلك الشيء وهو الذنب .
قال رضي الله عنه :  ( ما ) مفعول استحقوا أي الذي ( تعطيه ) أي تعطي ذلك الشيء ( هذه الآية ) قوله ( من التسليم للَّه والتعريض لعفوه ) بيان لما يعني أن هذه الآية تعطي الرسول عليه السلام ما استحقوا به من أن الرسول عليه السلام يسلم للَّه في دعائه لهم إذ لا يدعو لهم إلا بأمر الحق ويعرض على الحق مغفرتهم فما نزل الآية عليه إلا أن يشفع لهم ولا يشفع إلا لمن يقبل الشفاعة .

قال رضي الله عنه :  ( وقد ورد ) في الخبر ( أن الحق إذا أحب صوت عبده في دعائه إياه ) أي إلى الحق ( أخر الإجابة عنه ) أي عن العبد ( حتى يتكرر ذلك ) الدعاء ( منه ) أي من العبد ( حبا فيه ) أي في دعائه ( لا إعراضا عنه ولذلك ) أي ولأجل تأخير الإجابة عن العبد حبا من اللّه ليتكرر من العبد.
( جاء بالاسم الحكيم والحكيم هو الذي يضع الأشياء في مواضعها ولا يعدل بها ) أي الأشياء ( عما ) أي عن الذي ( تقتضيه وتطلبه حقائقها ) أي حقائق الأشياء ( بصفاتها ) أي بصفات الحقائق .
قال رضي الله عنه :  ( فالحكيم هو العليم بالترتيب فكان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بترداده هذه الآية على علم عظيم من اللّه فمن تلا هذه الآية فهكذا يتلو ) أي كتلاوة الرسول عليه السلام في كونه على علم عظيم ( وإلا فالسكوت أولى به فإذا وفق اللّه عبدا إلى نطق بأمر ما فما وفقه ) أي العبد ( إليه ) إلى نطق ( إلا وقد أراد إجابته ) أي إجابة عبده ( فيه ).

أي في ذلك النطق ( وقضاء حاجته ) فإذا كان الأمر كذلك ( فلا يستبطئ ) أي فلا يغتم ( أحد ) بتأخير ( ما يتضمنه ما وفق له ) من الدعاء ( وليثابر ) أي وليواظب على دعائه مثل ( مثابرة رسول اللّه على هذه الآية في جميع أحواله ) أي أحوال الرسول ( حتى يسمع ) الداعي ( بإذنه )  الجسماني ( أو بسمعه ) القلبي ( كيف شئت أو كيف أسمعك اللّه الإجابة فإن جازاك ) الحق ( بسؤال اللسان أسمعك بإذنك وإن جازاك بالمعنى أسمعك بسمعك ).

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :   (  فلو رأى في ذلك العرض ما يوجب تقديم الحق وإيثار جنابه لدعا عليهم لا لهم.
فما عرض عليه إلا ما استحقوا به ما تعطيه هذه الآية من التسليم لله والتعريض لعفوه.
وقد ورد أن الحق إذا أحب صوت عبده في دعائه إياه أخر الاجابة عنه حتى يتكرر ذلك منه حبا فيه لا إعراضا عنه، ولذلك جاء بالاسم الحكيم، والحكيم هو الذي يضع الأشياء مواضعها ولا يعدل بها عما تقتضيه وتطلبه حقائقها بصفاتها. فالحكيم العليم بالترتيب.
فكان صلى الله عليه وسلم بترداد هذه الآية على علم عظيم من الله تعالى.
فمن تلا فهكذا يتلو، وإلا فالسكوت أولى به.
وإذا وفق الله عبدا إلى النطق بأمر ما فما وفقه الله إليه إلا وقد أراد إجابته فيه وقضاء حاجته، فلا يستبطئ أحد ما يتضمنه ما وفق له، وليثابر مثابرة رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذه الآية في جميع أحواله حتى يسمع بأذنه أو بسمعه كيف شئت أو كيف أسمعك الله الاجابة.
فإن جازاك بسؤال اللسان أسمعك بأذنك، وإن جازاك بالمعنى أسمعك بسمعك.   )

قال رضي الله عنه :  ( فلو رأى في ذلك العرض ما يوجب تقديم الحق وإيثار جنابه لدعا عليهم لا لهم. فما عرض عليه إلا ما استحقوا به ما تعطيه هذه الآية من التسليم لله والتعريض لعفوه.
وقد ورد أن الحق إذا أحب صوت عبده في دعائه إياه أخر الاجابة عنه حتى يتكرر ذلك منه حبا فيه لا إعراضا عنه، ولذلك جاء بالاسم الحكيم، والحكيم هو الذي يضع الأشياء مواضعها ولا يعدل بها عما تقتضيه وتطلبه حقائقها بصفاتها. فالحكيم العليم بالترتيب.  فكان صلى الله عليه وسلم بترداد هذه الآية على علم عظيم من الله تعالى.  فمن تلا فهكذا يتلو، وإلا فالسكوت أولى به.
وإذا وفق الله عبدا إلى النطق بأمر ما فما وفقه الله إليه إلا وقد أراد إجابته فيه وقضاء حاجته، فلا يستبطئ أحد ما يتضمنه ما وفق له، وليثابر مثابرة رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذه الآية في جميع أحواله حتى يسمع بأذنه أو بسمعه كيف شئت أو كيف أسمعك الله الاجابة.
فإن جازاك بسؤال اللسان أسمعك بأذنك، وإن جازاك بالمعنى أسمعك بسمعك.   )
ما ذكره  ظاهر.

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :  ( فلو رأى في ذلك العرض ما يوجب تقديم الحق وإيثار جنابه لدعا عليهم لا لهم.
فما عرض عليه إلا ما استحقوا به ما تعطيه هذه الآية من التسليم لله والتعريض لعفوه.
وقد ورد أن الحق إذا أحب صوت عبده في دعائه إياه أخر الاجابة عنه حتى يتكرر ذلك منه حبا فيه لا إعراضا عنه، ولذلك جاء بالاسم الحكيم، والحكيم هو الذي يضع الأشياء مواضعها ولا يعدل بها عما تقتضيه وتطلبه حقائقها بصفاتها.  فالحكيم العليم بالترتيب.
فكان صلى الله عليه وسلم بترداد هذه الآية على علم عظيم من الله تعالى.
فمن تلا فهكذا يتلو، وإلا فالسكوت أولى به.
وإذا وفق الله عبدا إلى النطق بأمر ما فما وفقه الله إليه إلا وقد أراد إجابته فيه وقضاء حاجته، فلا يستبطئ أحد ما يتضمنه ما وفق له، وليثابر مثابرة رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذه الآية في جميع أحواله حتى يسمع بأذنه أو بسمعه كيف شئت أو كيف أسمعك الله الاجابة.
فإن جازاك بسؤال اللسان أسمعك بأذنك، وإن جازاك بالمعنى أسمعك بسمعك.   )

قال رضي الله عنه :  (فلو رأى في ذلك العرض ما يوجب تقديم الحق وإيثار جنابه ،لدعاء عليهم لا لهم ، فما عرض عليه إلَّا ما استحقّوا به ما تعطيه هذه الآية من التسليم لله ).
يعني : ممّا تعطيه هذه الآية من تفويض أمرهم إليه تعالى .

قال رضي الله عنه  : ( من التسليم لله والتعريض لعفوه . وقد ورد أنّ الحق إذا أحبّ صوت عبده في دعائه إيّاه ، أخّر الإجابة عنه ، حتى يتكرّر ذلك منه ، حبّا فيه لا إعراضا عنه ، ولذلك جاء بالاسم « الحكيم » ، والحكيم هو الذي يضع الأشياء مواضعها ولا يعدل بها عن الذي تقتضيه وتطلبه حقائقها بصفاتها ، فالحكيم هو العليم بالترتيب ، فكان صلى الله عليه وسلَّم بترداد هذه الآية على علم عظيم عن الله ، فمن تلا فهكذا يتلو » يعني : فليتل « وإلَّا فالسكوت أولى به . وإذا وفّق الله العبد إلى نطق بأمر ما ، فما وفّقه إليه ) .
يعني : « عليه » فإنّ حروف الجرّ يبدل بعضها عن بعض ، ولا سيّما « إلى » و « على » كما قال الله - تعالى - : " أُنْزِلَ إِلَيْكَ " و " أَنْزَلَ عَلَيْكَ " في مواضع .

قال رضي الله عنه : ( فما وفّقه إليه إلَّا وقد أراد إجابته فيه وقضاء حاجته ، فلا يستبطئ أحد ما يتضمّنه ما وفّق له ، وليثابر مثابرة رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذه الآية في جميع أحواله ، حتى يسمع بأذنه أو بسمعه ، كيف شئت أو كيف أسمعك الله الإجابة ، فإن جازاك بسؤال اللسان أسمعك بأذنك ، وإن جازاك بالمعنى أسمعك بسمعك ).
قال العبد : لم أجد مزيدا على ما فسّر الشيخ هذه الآية في المناجاة المحمدية العيسوية ، فقد وفّى حقّ تفسيرها ، وحرّر بحسن تخبيره تقريرها .

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :   (  فلو رأى في ذلك العرض ما يوجب تقديم الحق وإيثار جنابه لدعا عليهم لا لهم.
فما عرض عليه إلا ما استحقوا به ما تعطيه هذه الآية من التسليم لله والتعريض لعفوه.
وقد ورد أن الحق إذا أحب صوت عبده في دعائه إياه أخر الاجابة عنه حتى يتكرر ذلك منه حبا فيه لا إعراضا عنه، ولذلك جاء بالاسم الحكيم، والحكيم هو الذي يضع الأشياء مواضعها ولا يعدل بها عما تقتضيه وتطلبه حقائقها بصفاتها.  فالحكيم العليم بالترتيب.
فكان صلى الله عليه وسلم بترداد هذه الآية على علم عظيم من الله تعالى.
فمن تلا فهكذا يتلو، وإلا فالسكوت أولى به.
وإذا وفق الله عبدا إلى النطق بأمر ما فما وفقه الله إليه إلا وقد أراد إجابته فيه وقضاء حاجته، فلا يستبطئ أحد ما يتضمنه ما وفق له، وليثابر مثابرة رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذه الآية في جميع أحواله حتى يسمع بأذنه أو بسمعه كيف شئت أو كيف أسمعك الله الاجابة.
فإن جازاك بسؤال اللسان أسمعك بأذنك، وإن جازاك بالمعنى أسمعك بسمعك.   )

قال رضي الله عنه :  (فلو رأى في ذلك العرض ما يوجب تقديم الحق وإيثار جنابه لدعا عليهم لا لهم، فما عرض عليه إلا ما استحقوا به ما تعطيه هذه الآية من التسليم لله والتعريض لعفوه)
« ما » في ما تعطيه بدل ما استحقوا به العفو مما تعطيه هذه الآية من التسليم لله وتفويض أمرهم إليه ، وحذف مفعول استحقوا لدلالة قوله والتعريض لعفوه عليه .

قال رضي الله عنه :  ( وقد ورد أن الحق إذا أحب صوت عبده في دعائه إياه أخر الإجابة عنه حتى يتكرر ذلك منه حبا فيه لا إعراضا عنه ، ولذلك جاء باسم الحكيم ، والحكيم : هو الذي يضع الأشياء في مواضعها ، ولا يعدل بها عما يقتضيه ويطلبه حقائقها بصفاتها فالحكيم هو العليم بالترتيب )  أي فالحكيم هو العليم بترتيب الأشياء
قال رضي الله عنه :  ( فكان صلى الله عليه وسلم بترداد هذه الآية على علم عظيم من الله فمن تلا فهكذا يتلو )
أي بالعلم البكاء والتعريض ومحافظة الأدب .

قال رضي الله عنه :  ( وإلا فالسكوت أولى به ، وإذا وفق الله العبد إلى نطق بأمر ما فما وفقه إليه إلا وقد أراد إجابته فيه وقضاء حاجته ، فلا يستبطئ أحد ما يتضمنه ما وفق له وليثابر مثابرة رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذه الآية في جميع أحواله حتى يسمع بأذنه أو سمعه كيف شئت أو كيف أسمعك الله الإجابة ، فإن جازاك بسؤال اللسان أسمعك بأذنك ، وإن جازاك بالمعنى أسمعك بسمعك ) المعنى واضح.

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :   (  فلو رأى في ذلك العرض ما يوجب تقديم الحق وإيثار جنابه لدعا عليهم لا لهم.
فما عرض عليه إلا ما استحقوا به ما تعطيه هذه الآية من التسليم لله والتعريض لعفوه.
وقد ورد أن الحق إذا أحب صوت عبده في دعائه إياه أخر الاجابة عنه حتى يتكرر ذلك منه حبا فيه لا إعراضا عنه، ولذلك جاء بالاسم الحكيم، والحكيم هو الذي يضع الأشياء مواضعها ولا يعدل بها عما تقتضيه وتطلبه حقائقها بصفاتها.  فالحكيم العليم بالترتيب.
فكان صلى الله عليه وسلم بترداد هذه الآية على علم عظيم من الله تعالى.
فمن تلا فهكذا يتلو، وإلا فالسكوت أولى به.
وإذا وفق الله عبدا إلى النطق بأمر ما فما وفقه الله إليه إلا وقد أراد إجابته فيه وقضاء حاجته، فلا يستبطئ أحد ما يتضمنه ما وفق له، وليثابر مثابرة رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذه الآية في جميع أحواله حتى يسمع بأذنه أو بسمعه كيف شئت أو كيف أسمعك الله الاجابة.
فإن جازاك بسؤال اللسان أسمعك بأذنك، وإن جازاك بالمعنى أسمعك بسمعك.   )

قال رضي الله عنه :  (فلو رأى في ذلك العرض ما يوجب تقديم الحق وإيثار جنابه ) أي ، ولو علم النبي ، صلى الله عليه وسلم ، في ذلك العرض أن الحق لا يريد العفو والمغفرة لهم ويريد القهر والانتقام منهم . ( لدعا عليهم لا لهم . ) لأن الأنبياء واقفون مع إرادة الحق ، ولا يشفعون للأمم إلا بإذن الله تعالى .
قال رضي الله عنه :  ( فما عرض عليه إلا ما استحقوا به ما تعطيه هذه الآية من التسليم لله والتعريض لعفوه . ) .
أي ، ما عرض الحق تعالى على رسوله ، صلى الله عليه وسلم ، ليلته الا شيئا استحقت أعيان العباد بذلك الشئ العفو والمغفرة ، وليس ذلك الشئ إلا ذنوبهم ، فإن الذنب هو الذي يطلب المغفرة ، وبه يصير الحق غفورا .
فما استحق العفو إلا الأعيان التي استحقت العفو والمغفرة في الأزل ، إلا الأعيان التي سبق العلم فيها بأنها داخلة في حكم ( المنتقم ) و ( المعذب )  فيجب تعذيبهم والانتقام منهم .

ف‍ ( ما ) في قوله : ( ما استحقوا ) بمعنى الشئ ، أو بمعنى الذي . أي ، ما عرض الحق عليه ، صلوات الله عليه ، إلا الذين استحقوا ما تعطيه ، إلا به من العفو وتسليم أمور العباد إلى الله . ف‍ ( ما تعطيه ) . مفعول ( استحقوا ) .
و ( ما ) فيما ( تعطيه ) بمعنى الذي ، أو بمعنى الشئ . و ( من التسليم ) بيانه .
ويجوز أن يكون ( ما تعطيه ) بدلا من ( ما استحقوا ) . أي ، ما عرض عليه إلا ما تعطيه إلا به في حقه ، وهو العفو والمغفرة . فمفعول ( استحقوا ) وهو ( العفو ) ، محذوف لوجود القرينة

قال رضي الله عنه :  ( وقد ورد أن الحق إذا أحب صوت عبده في دعائه إياه ، أخر الإجابة عنه حتى يتكرر . ذلك منه حبا فيه ، لا إعراضا عنه . ولذلك جاء بالاسم ( الحكيم ) . و ( الحكيم ) هو الذي يضع الأشياء في مواضعها ولا يعدل بها عما تقتضيه وتطلبه حقائقها بصفاتها . ).

( الباء ) في ( بها ) للصلة . يقال : عدل به فلان عن فلان . أي ، تجاوز عنه . أي ، ولأجل أن الحكيم هو الذي يضع الأشياء في مواضعها - التي يستحقها بذواتها وأعيانها - ولا يعدل عن مقتضى طبائعها ، جاء بالاسم ( الحكيم ) هنا .
فتأخير إجابة دعاء رسول الله ، صلى الله عليه وآله ، وشفاعته في حق الأمة أيضا من جملة الحكمة . وهي محبته فيه وإرادته لدعائه وشفاعته في حق أمته .
قوله رضي الله عنه  : ( وقد ورد . . . ) . أقول : أراد الشيخ رضي الله عنه  أن يبين أن تأخير الإجابة بواسطة
عرض الفصول إنما هو من مقتضيات عنايته به ، لا الإعراض عنه .
وقد ورد أن ضجيج التائبين خير من تسبيح المسبحين . قوله : حقائق الأشياء . أي ، حقائقها حال كونها متلبسة بصفاتها ، أو مع صفاتها ، فإنه للصفات أيضا مدخلية في اقتضاء خصوصيات المواضع ، فوضع تأخير إجابة دعائه ، صلى الله عليه وآله ، في موضع يكون تكرار الدعاء فيه مطلوبا من جملة الحكمة .
قوله في المتن : ( بالاسم الحكيم ) حيث أجراه أولا على لسان عيسى ، كذلك ليترتب عليه إجرائه على لسان محمد ( ص ) كذلك ، فيكون حين يجرى على لساني مبنيا على تلك الحكمة .

قال رضي الله عنه :  (فالحكيم هو العليم بالترتيب . فكان صلى الله عليه وسلم ، بترداده هذه الآية على علم عظيم من الله . فمن تلا هذه الآية هكذا يتلو ، وإلا فالسكوت أولى به.)
هذا تحريض على التدبر والتفكر في معاني الآيات والحضور بين يدي الحق .
(وإذا وفق الله عبدا إلى نطق بأمر ما ، فما وفقه إليه إلا وقد أراد إجابته فيه وقضاء حاجته.) وهذا أيضا سر إجابة الدعاء . فإن الله تعالى لا يمكن العبد في الدعاء إلا للإجابة .
قال رضي الله عنه :  ( فلا يستبطئ أحد ما يتضمنه ما وفق له وليثابر مثابرة رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ) . (ما يتضمنه) مفعول ( يستبطئ ) و ( ما ) موصولة ، أو بمعنى شئ .
و ( ما وفق له ) فاعل ( يتضمن ) وهو الدعاء . أي ، فلا يستبطئ أحد الإجابة التي يتضمنها الدعاء . وتذكير ضمير المفعول باعتبار لفظة ( ما ) .

ويجوز أن يكون ( ما ) في ( ما وفق ) بمعنى المدة . وفاعل ( يتضمن ) ضميرا راجعا إلى (الدعاء) ، إذ الكلام فيه . أي ، لا ينبغي أن يستبطئ أحدكم في دعائه الإجابة ما دام موفقا للدعاء ، وليواظب على دعائه وطلبه مواظبة رسول الله ، عليه السلام ، بتكراره ليلته . ( على هذه الآية في جميع أحواله حتى يسمع بأذنه أو بسمعه . )
أي ، حتى يسمع الداعي بأذنه التي هي آلة السماع . ( أو بسمعه ) أي ، بسمع قلبه . فإن السمع روحاني ، والأذن جسماني .
قال رضي الله عنه :  ( كيف شئت ، أو كيف أسمعك الله الإجابة . فإن جازاك بسؤال اللسان ، أسمعك بأذنك ، وإن جازاك بالمعنى ، أسمعك بسمعك . ) لما كانت المجازاة في
مقابلة العمل والطلب من الله ، والدعاء عمل من الأعمال ، قال : ( فإن جازاك ) أي ، فإن جازاك الحق بسؤال لسانك وجارحتك ، أسمعك بأذنك التي من الجوارح قوله : (لبيك يا عبدي).

وإن جازاك بالعمل القلبي ، أسمعك بسمعك القلبي قوله : ( لبيك يا عبدي ) ورزقك مطلوبك ، إن كان الوقت وقته ، وإلا يؤخر مطلوبك إلى وقته المقدر له أزلا .
ولا يتأخر قوله : ( لبيك ) عن وقت الدعاء أبدا . كما مر في ( الفص الشيثي ) .


خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ
:
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :   ( فلو رأى في ذلك العرض ما يوجب تقديم الحق وإيثار جنابه لدعا عليهم لا لهم.
فما عرض عليه إلا ما استحقوا به ما تعطيه هذه الآية من التسليم لله والتعريض لعفوه.
وقد ورد أن الحق إذا أحب صوت عبده في دعائه إياه أخر الاجابة عنه حتى يتكرر ذلك منه حبا فيه لا إعراضا عنه، ولذلك جاء بالاسم الحكيم، والحكيم هو الذي يضع الأشياء مواضعها ولا يعدل بها عما تقتضيه وتطلبه حقائقها بصفاتها.  فالحكيم العليم بالترتيب.
فكان صلى الله عليه وسلم بترداد هذه الآية على علم عظيم من الله تعالى.
فمن تلا فهكذا يتلو، وإلا فالسكوت أولى به.
وإذا وفق الله عبدا إلى النطق بأمر ما فما وفقه الله إليه إلا وقد أراد إجابته فيه وقضاء حاجته، فلا يستبطئ أحد ما يتضمنه ما وفق له، وليثابر مثابرة رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذه الآية في جميع أحواله حتى يسمع بأذنه أو بسمعه كيف شئت أو كيف أسمعك الله الاجابة.
فإن جازاك بسؤال اللسان أسمعك بأذنك، وإن جازاك بالمعنى أسمعك بسمعك. )

قال رضي الله عنه : (فلو رأى في ذلك العرض ما يوجب تقديم الحقّ وإيثار جنابه لدعا عليهم لا لهم ،فما عرض عليه إلّا ما استحقّوا به ما تعطيه هذه الآية من التّسليم للّه والتّعريض لعفوه).

فلم تكرر ( فلو رأى ) صلّى اللّه عليه وسلّم ( في ذلك العرض ) الإلهي جنابة في رعاية الحكمة في إهلاك أعدائه بالكلية ؛ لدعا عليهم لا لهم ، ولكنه ما دعا عليهم بل لهم .
قال رضي الله عنه :  ( فما عرض ) الحق ( عليه ) إلا ما استحقوا به ما تعطيه هذه الآية ( من التسليم للّه ) من العذاب ، وتركه لشمول الحكمة إياها ، ( والتعريض لعفوه ) الراجح في موضع المعارضة ، فسبب تأخير الإجابة إلى الفجر ؛ ليكون سؤاله عليه السّلام مفصلا في حق عصاة أمته ؛ ليزيل بكل سؤال ظلمة خاصة من ظلمات معاصيهم ، ويفيد كل واحد منهم نورا خاصّا يليق به ؛ ولتأخير الإجابة في حق الكمّل سبب آخر .

قال رضي الله عنه :  (وقد ورد أنّ الحقّ إذا أحبّ صوت عبده في دعائه إيّاه أخّر الإجابة عنه حتى يتكرّر ذلك حبّا فيه لا إعراضا عنه ، ولذلك جاء بالاسم الحكيم ؛ والحكيم هو الّذي يضع الأشياء في مواضعها ، ولا يعدل بها عمّا تقتضيه وتطلبه حقائقها بصفاتها ، فالحكيم هو العليم بالتّرتيب ؛ فكان صلّى اللّه عليه وسلّم بترداده هذه الآية على علم عظيم من اللّه تعالى ، فمن تلا هذه الآية فهكذا يتلو ، وإلّا فالسّكوت أولى به ، وإذا وفّق اللّه عبدا إلى النّطق بأمر ما فما وفّقه إليه إلّا وقد أراد إجابته فيه وقضاء حاجته فلا يستبطئ أحد ما يتضمّنه ما وفّق له ، وليثابر مثابرة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم على هذه الآية في جميع أحواله ، حتّى يسمع بأذنه أو بسمعه ، كيف شئت أو كيف أسمعك اللّه الإجابة ، فإن جازاك بسؤال اللّسان أسمعك بأذنك ، وإن جازاك بالمعنى أسمعك بسمعك ) .

وهو أنه ( قد ورد أن الحق إذا أحب صوت عبده ) وإن لم يكن له حسن ؛ بل لكونه ( في دعائه إياه ) ، وهو مخ العبادة ( أخر الإجابة عنه حتى يتكرر ذلك ) الدعاء منه ( حبّا فيه ) أي : في دعائه ؛ ليزداد به عبده عبادة وتوبة إليه ، ( لا إعراضا عنه ) أي : عن دعائه ؛ لكونه من كامل ؛ فلا ينبغي أن يتوهم فيه ذلك ، فإن الحكيم لا يفعل بدعاء الكامل الإعراض .

قال رضي الله عنه :  ( ولذلك جاء بالاسم الحكيم ) في آخر هذه الآية ، وكيف يفعل الحكيم الإعراض عن دعاء الكامل ، ( والحكيم هو الذي يضع الأشياء في مواضعها ) ، وليس دعاء الكامل موضعا للإعراض ، وهو إما يعذب أو يعفو بمقتضى الحكمة ، ( إذ لا يعدل بها ) أي : بالأشياء ( عما تقتضيه ) بلا واسطة ، ( وتطلبه ) بالواسطة ( حقائقها ) لا باعتبار كليتها فقط ، بل باعتبار اتصافها (بصفاتها ) المفيدة لها الشخصية أيضا ، فتفعل ما ترتب على كل صفة منها .
قال رضي الله عنه :  ( فالحكيم العليم بالترتيب ) أي : بما ترتب على كل صفة من الأفعال العامل بمقتضى ذلك ، فلما كان في السؤال بهذه الآية ، وتأخير الإجابة لهذه الأسرار .

قال رضي الله عنه :  ( فكان صلّى اللّه عليه وسلّم يردد هذه الآية على علم عظيم من اللّه ) لا من عيسى عليه السّلام ، وإن كان قد بدأ بها ، ( فمن تلا فهكذا يتلو ) متأملا في أسرارها ملحّا بها على ربه ، ( وإلا فالسكوت أولى به ) ؛ لئلا يدخل تحت قوله تعالى :" وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْها وَهُمْ عَنْها مُعْرِضُونَ " [يوسف : 15 ] ، سيما من يتأتى منه التأمل والعمل فترك تكاسلا .

ثم أشار إلى أنه لا ينبغي ترك الدعاء عند استبطاء الإجابة ؛ فقال : ( وإذا وفق اللّه عبدا إلى نطق ) أي : دعاء صادر عن قلبه الذي هو النفس الناطقة ( بأمر ما ) من الأمور العظام أو الصغار ، ( فما وفقه إليه إلا وقد أراد إجابته ) بنحو لبيك عبدي ، ( وقضاء حاجته ) التي طلبها بالدعاء في وقت ما ؛ لأن الدعاء مخ العبادة ، وكل عبادة لها جزاء ، وجزاء الدعاء الإجابة وقضاء الحاجة .

قال رضي الله عنه :  ( فلا يستبطئ أحد ما يتضمنه ما وفق له ) ، إذ أمر بتضمنه دعاء وفق له من عباد اللّه بتكميل نفسه الناطقة ، فإنه لا بدّ من وقوعه ، وإن تأخر ولا يتوهم في ذلك نقصا ، بل ( ليثابر ) أي : ليواظب ( مثابرة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ) مع جلالة شأنه ، فإنه ثابر ليلة كاملة على هذه الآية ؛ ( ليثابر ) أحدنا على الدعاء ( في جميع أحواله ) سواء كان قلبه صافيا أو غير صاف .
فإنه ربما يحصل له الصفاء بالمثابرة على الدعاء ( حتى يسمع ) الإجابة ( بأذنه ) الظاهرة إن حصل له كشف صوري ( أو بسمعه ) القلبي إن حصل له كشف معنوي ( كيف شئت ) أي : بقي لك اختيار في هذه التصفية الحاصلة عن المثابرة في الدعاء .

قال رضي الله عنه :  ( أو كيف أسمعك اللّه الإجابة ) إن لم يبق لك اختيار ؛ لاستغراقك في الدعاء أو المدعو ، وهذا التفصيل فيما بقي فيه الاختيار ظاهر ؛ لأنه إجابة لمراد هذا العبد في دعائه ، وأما فيما لم يبق فيه الاختيار ( فإن جازاك بسؤال اللسان ) " أي اللسان الذي هو من مقولة الحرف والصوت الصادر من اللسان الجسماني . [ جامي ص 359 ]"

لجريان الألفاظ عليه مع  استغراق القلب بالمدعو أسمعك بأذنك الظاهرة لمناسبتها اللسان في أنها ظاهرة مثله ، وإن جازاك بالمعنى القائم بالقلب عند سلب الألفاظ عن اللسان ( أسمعك بسمعك ) القلبي ، ولما كانت الحكمة النبوية متضمنة للرحمة العامة ؛ لانتظام أمر معاش الكل ومعادهم بها على أتم الوجوه أردفها بالحكمة الرحمانية ؛ فقال : فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فلو رأى في ذلك العرض ما يوجب تقديم الحق وإيثار جنابه لدعا عليهم لا لهم.
فما عرض عليه إلا ما استحقوا به ما تعطيه هذه الآية من التسليم لله والتعريض لعفوه.
وقد ورد أن الحق إذا أحب صوت عبده في دعائه إياه أخر الاجابة عنه حتى يتكرر ذلك منه حبا فيه لا إعراضا عنه، ولذلك جاء بالاسم الحكيم، والحكيم هو الذي يضع الأشياء مواضعها ولا يعدل بها عما تقتضيه وتطلبه حقائقها بصفاتها.  فالحكيم العليم بالترتيب.
فكان صلى الله عليه وسلم بترداد هذه الآية على علم عظيم من الله تعالى.
فمن تلا فهكذا يتلو، وإلا فالسكوت أولى به.
وإذا وفق الله عبدا إلى النطق بأمر ما فما وفقه الله إليه إلا وقد أراد إجابته فيه وقضاء حاجته، فلا يستبطئ أحد ما يتضمنه ما وفق له، وليثابر مثابرة رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذه الآية في جميع أحواله حتى يسمع بأذنه أو بسمعه كيف شئت أو كيف أسمعك الله الاجابة.
فإن جازاك بسؤال اللسان أسمعك بأذنك، وإن جازاك بالمعنى أسمعك بسمعك.   )

قال رضي الله عنه :  (فلو رأى في ذلك العرض ما يوجب تقديم الحقّ وايثار جنابه لدعا عليهم - لا لهم - فما عرض الآية من التسليم لله والتعريض لعفوه ) .
 فـ « ما » في « ما يعطيه » بدل ممّا استحقّوا به  وفيه إشارة إلى أنّ وصول أهل العذاب والمغفرة إلى ما استحقّوه إنما هو بدعاء الخاتم ، على ما هو مقتضى الأصول .

قال رضي الله عنه :  (وقد ورد أنّ الحقّ إذا أحبّ صوت عبده في دعائه إيّاه أخّر الإجابة عنه حتى يتكرّر ذلك منه حبّا فيه ، لا إعراضا عنه ولذلك جاء باسم الحكيم ، والحكيم هو الذي يضع الأشياء مواضعها ، ولا يعدل بها عمّا تقتضيه وتطلبه حقائقها بصفاتها ، فالحكيم : العليم بالترتيب ) .
أي العارف بترتيب الأحكام والأوصاف على الحقائق ، ووضع كلّ منها مواضعها بمواقيتها المختصّة بها ، فإنّه من آثار الاسم الحكيم .
قال رضي الله عنه :  ( فكان صلَّى الله عليه وسلَّم بترداد هذه الآية على علم عظيم من الله ) يعني العلم بمواضع كل شيء ومواقع تحقّقها وثبوتها ، وما يستتبعه من العلم بترتيب الإجابة على دعائه وسائر الصفات والأحكام مطلقا .

أدب الدعاء رمز الاستجابة
قال رضي الله عنه :  ( فمن تلا فهكذا يتلو ) بمثل هذا التحقّق العلميّ الشهوديّ التفصيليّ على ما بيّن وراثة لحضرة الختميّة وفي هذا الكلام إيماء إلى أن الشيخ قد تلاها هذه التلاوة ، كما أنّ في اكتفائه بالضمير والصلاة إشارة إلى أنّ الرسولين إنّما وفّقا للمصدريّة المذكورة بميامن الكمال الختميّ الذي لمحمّد بالذات ، ولعيسى بالتبع من وجه .

قال رضي الله عنه :  (وإلَّا فالسكوت أولى به ) لأنّ ذلك مقتضى مقامه ، فهو من المرحومين على ما ورد : « رحم الله امرأ عرف قدره ولم يتعدّ طوره » فالسكوت للجاهل نجاته واستراحته من التعب .
قال رضي الله عنه :  ( وإذا وفّق الله العبد إلى نطق بأمر ما ) - دعاء كان أو تمنّيا أو ترجّيا  ( فما وفّقه إليه إلا وقد أراد إجابته فيه وقضاء حاجته ) في طلبه ، على ما هو مقتضى الجود وقهرمان أمره في ديوان الخلق والإيجاد.

قال رضي الله عنه :  ( فلا يستبطئ أحد ما يتضمّنه ما وفّق له ، وليثابر مثابرة رسول على هذه الآية في جميع أحواله ) فإنّه لا بدّ من الإجابة وإسعاف المسؤول ، وإن تأخّر في هذه الدار الصوريّة .
وإليه أشار بقوله : ( حتى يسمع باذنه ) الجسمانيّة التي في هذه النشأة ( أو بسمعه ) الروحانيّ ( كيف شئت أو كيف أسمعك الله الإجابة ، فإن جازاك بسؤال اللسان أسمعك بإذنك ، وإن جازاك بالمعنى أسمعك بسمعك ) وفق ما نبّه عليه في تسوية العبارتين بقوله :
 « كيف شئت أو كيف أسمعك الله » أي جواب تحقّق المجازاة مترتّب على سؤال القائل ، إمّا بلسان أصل قابليّته وشيئيّته الكونيّة ، أو بلسان جمعيّته السمعيّة الإلهيّة .
وهذا أيضا من أحكام تلك الثنويّة المشتمل عليها الكلمة هذه .

ثمّ إنّك ينبغي أن تعلم هاهنا أنّ من آثار ما اشتمل عليه الكلمة النبويّة من أمر الثنويّة وجلائل ثمارها - التي إنّما تجتنى من شجرة النبوّة عند بلوغها ووقت إدراك مقصودها - هو معرفة الفريقين التي عليها فيصل التفرقة ومباني أحكام التفصيل ، وهو الذي به تتفاوت مراتب الأنبياء عند الارتقاء إلى معارج كمالها في أمر النبوّة - ولذلك تراه أنّه به وافق الذوق الختميّ وعليه طابق نقطة تمام النبوّة ، حيث أخذ يردّده الخاتم ، إلى أن استجيب .

وكأنّك قد نبّهت في التلويحات السابقة بما يطلعك على أصل هذه النكتة عند تحقيق نهاية أمر الكثرة التي عليها استقرّت إمالة قهرمانها في الاثنين فليكن ذلك على ذكر منك إذ به ينكشف من جلائل الدقائق ما يعسر للعبارة المتعاورة أن ينبّه عليها بضرب من الدلالات المعتبرة عند أرباب الرسوم .

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :  ( فلو رأى في ذلك العرض ما يوجب تقديم الحق وإيثار جنابه لدعا عليهم لا لهم.
فما عرض عليه إلا ما استحقوا به ما تعطيه هذه الآية من التسليم لله والتعريض لعفوه.
وقد ورد أن الحق إذا أحب صوت عبده في دعائه إياه أخر الاجابة عنه حتى يتكرر ذلك منه حبا فيه لا إعراضا عنه، ولذلك جاء بالاسم الحكيم، والحكيم هو الذي يضع الأشياء مواضعها ولا يعدل بها عما تقتضيه وتطلبه حقائقها بصفاتها.  فالحكيم العليم بالترتيب.
فكان صلى الله عليه وسلم بترداد هذه الآية على علم عظيم من الله تعالى.
فمن تلا فهكذا يتلو، وإلا فالسكوت أولى به.
وإذا وفق الله عبدا إلى النطق بأمر ما فما وفقه الله إليه إلا وقد أراد إجابته فيه وقضاء حاجته، فلا يستبطئ أحد ما يتضمنه ما وفق له، وليثابر مثابرة رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذه الآية في جميع أحواله حتى يسمع بأذنه أو بسمعه كيف شئت أو كيف أسمعك الله الاجابة.
فإن جازاك بسؤال اللسان أسمعك بأذنك، وإن جازاك بالمعنى أسمعك بسمعك.   )

قال رضي الله عنه :  (فلو رأى في ذلك العرض ما يوجب تقديم الحق وإيثار جنابه لدعا عليهم لا لهم. فما عرض عليه إلا ما استحقوا به ما تعطيه هذه الآية من التسليم لله والتعريض لعفوه.)

قال رضي الله عنه :  "فلو رأى في ذلك العرض ما يوجب تقديم الحق وإيثار جنابه لدعا عليهم لا لهم". ( لدعا عليهم ) بما لا يلائمهم ( لا لهم ) بما يلائمهم فإن الأنبياء واقفون مع إرادة الحق ولا يستشفعون إلا بإذنه ( فما عرض ) الحق سبحانه ( عليه ) ، أي على النبي صلى اللّه عليه وسلم حين كان يعرض عليه فصول ما استوجبوا به العذاب ( إلا ما استحقوا به ما تعطيه هذه الآية من التسليم ) للّه لاشتمالها على قوله :" وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ " .

فقوله رضي الله عنه  : ما تعطيه مفعول للاستحقاق فإن قلت المعروض عليه صلى اللّه عليه وسلم إنما هو ذنوب العباد وهي ما استوجبوا به العذاب كما صرح به أولا فلم حكم عليها ههنا بأنهم استحقوا بها التسليم للّه ( والتعريض لعفوه ) ، فإن ذلك ينافي استحقاقهم بها العذاب .
قلت : إيجاب الذنوب العذاب إنما هو لذواتها ويمكن أن تلحقها أمور تخرجها عنه كالتوبة والندامة أو تسبقها كالعناية من جانب الحق سبحانه فما عرض عليه إلا ذنوبهم التي استوجبوا بها النظر إلى ذواتها العذاب ، ولكن وقع ذلك العرض على وجه ينبئ على استحقاقهم لما تعطيه الآية من التسليم للّه والتعريض لعفوه .
ثم إنه رضي اللّه عنه أراد أن يبين أن تأخير الإجابة بواسطة عرض الفصول إنما هو من مقتضيات عنايته لا الإعراض عنه فقال :

قال رضي الله عنه :  (وقد ورد أن الحق إذا أحب صوت عبده في دعائه إياه أخر الاجابة عنه حتى يتكرر ذلك منه حبا فيه لا إعراضا عنه، ولذلك جاء بالاسم الحكيم، والحكيم هو الذي يضع الأشياء مواضعها ولا يعدل بها عما تقتضيه وتطلبه حقائقها بصفاتها.  فالحكيم العليم بالترتيب.
فكان صلى الله عليه وسلم بترداد هذه الآية على علم عظيم من الله تعالى.  فمن تلا فهكذا يتلو، وإلا فالسكوت أولى به. وإذا وفق الله عبدا إلى النطق بأمر ما فما وفقه الله إليه إلا وقد أراد إجابته فيه وقضاء حاجته، فلا يستبطئ أحد ما يتضمنه ما وفق له، وليثابر مثابرة رسول الله صلى الله عليه وسلم )

قال رضي الله عنه :   ( وقد ورد ) في الأحاديث ( أن الحق سبحانه إذا أحب صوت عبده في دعائه إياه أخر الإجابة حتى يتكرر ذلك الدعاء منه حبا فيه لا إعراضا عنه ) ، فيكون تأخير الإجابة عنه حتى يتكرر الدعاء مما تقتضيه حكمته تعالى ( ولذلك ) ، أي لأجل تأخير الإجابة ليترتب عليه تكرار الدعاء مما تقتضيه الحكمة ( جاء ) الحق سبحانه في هذا الكلام ( بالاسم الحكيم ) حيث أجراه أولا على لسان عيسى كذلك ليترتب عليه إجراؤه على لسان محمد صلى اللّه عليه وسلم كذلك ويكون حين يجري على لسانه مبنيا على تلك الحكمة.

قال رضي الله عنه :  ( والحكيم هو الذي يضع الأشياء في مواضعها ولا يعدل بها ) الباء للتعدية أي لا يعدل بها ( عما تقتضيه ) من تلك المواضع ( وتطلبه حقائقها ) ، أي حقائق الأشياء حال كونها ملتبسة ( بصفاتها ) أو مع صفاتها فإنه للصفات أيضا مدخل في اقتضاء خصوصيات المواضع فوضع تأخير إجابة دعائه صلى اللّه عليه وسلم في موضع يكون تكرار الدعاء فيه مطلوبا من جملة الحكمة ( فالحكيم ) ( هو العليم بالترتيب ) ، أي بوضع كل شيء في مرتبته وموضعه ولكن يشترط أن يعمل بمقتضى علمه ويضع كل شيء في موضعه.

قال رضي الله عنه :  ( فكان ) النبي ( صلى اللّه عليه وسلم بترداده هذه الآية على علم عظيم من اللّه تعالى ) كعلمه بتفاصيل ما عرض عليه الحق سبحانه من أحوال أمته وكعلمه بحكمة تأخير إجابة دعائه بل بوضعه كل شيء في مرتبته ( فمن تلا هذه ) الآية ( فهكذا يتلو وإلا ) ، أي وإن لم يتلها كذلك ( فالسكوت ) عنها ( أولى به ) من تلاوتها .

قال رضي الله عنه :  ( فإذا وفق اللّه سبحانه عبدا ) متحققا بمقام العبودية بحيث لم يبق له شائبة ربوبية ( إلى النطق بأمر ما ) وطلب له الدعاء أو تمنيا أو ترجيا (فما فقه إليه إلا وقد أراد إجابته فيه وقضاء حاجته ) ، لأن ذلك النطق والطلب ليس منه لأنه لا تنبعث منه إرادة تسمى أصلا لتحققه العبودية ، وكل إرادة تظهر فيه فإنما هي من الحق سبحانه فلا يتخلف عنها المراد ( فلا يستبطىء ) على صيغة النهي ( أحد ) من العبيد المتحققين بالعبودية ( ما يتضمن ) من الحاجات ( ما وفق له ) من النطق بأمر ما ( وليثابر مثابرة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على هذه الآية في جميع أحواله ) فكلمة على متعلقة بمثابرة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وكلمة بقوله :

قال رضي الله عنه :  (هذه الآية في جميع أحواله حتى يسمع بأذنه أو بسمعه كيف شئت أو كيف أسمعك الله الاجابة.  فإن جازاك بسؤال اللسان أسمعك بأذنك، وإن جازاك بالمعنى أسمعك بسمعك.)

وليثابر على ( "هذه الآية في جميع أحواله" حتى يسمع ) ذلك الآخذ بالمثابرة ( بأذنه ) الجسماني ويكون المسموع من مقولة الصوت والحرف الحسي ( أو ) يسمع ( بسمعه ) الروحاني ويكون المسموع أمرا روحانيا ( كيف شئت أو كيف أسمعك اللّه الإجابة ) يعني سماع الإجابة بأمره بالإذن وتارة بالسمع ، إما مستند إلى مشيئتك بأن سبب السماع بالأذن أو السمع فأسمعك اللّه كما شئت ، وإما مستندا إلى إسماع اللّه ومشيئته سواء كان لك مشيئة ولم يسمعك كما شئت أو لم يكن له مشيئة أصلا .

قال رضي الله عنه :  ( فإن جازاك بسؤال اللسان ) الذي هو من مقولة الحرف والصوت الصادر من اللسان الجسماني ( أسمعك ) اللّه الإجابة ( بأذنك ) الجسماني ليوافق الجزاء العمل ( وإن جازاك بالمعنى ) ، أي بمعنى ذلك السؤال وروحه ( أسمعك بسمعك ) الروحاني لتلك الموافقة ولا يخفى أن الظاهر أن يقال : كيف شاء أو كيف أسمعه اللّه ، فتغيير الأسلوب إما بالتفاوت من الغيبة إلى الخطاب أو بتقدير القول .
أي يسمع بأذنه مقولا معه كيف شئت الإجابة بسؤال اللسان لفظا أو بمعناه ، كيف شئت أسمعك اللّه الإجابة لا بد أن يكون مجازا به لك ، وإجابته إياك بما يناسب حالك .
فإن جازاك بسؤالك باللسان أسمعك بأذنك ، وإن جازاك بالمعنى أسمعك بسمعك .

.
السفر الخامس عشر الفقرة السابعة والعشرون على منتدي إتقوا الله ويعلمكم الله
واتساب

No comments:

Post a Comment