Monday, December 2, 2019

السفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية الفقرة السادسة .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية الفقرة السادسة .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية الفقرة السادسة .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134هـ:
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فكان إحياء عيسى للأموات إحياء محققا من حيث ما ظهر عن نفخه كما ظهر هو عن صورة أمه. وكان إحياؤه أيضا متوهما أنه منه وإنما كان لله.
فجمع بحقيقته التي خلق عليها كما قلناه أنه مخلوق من ماء متوهم وماء محقق: ينسب إليه الإحياء بطريق التحقيق من وجه وبطريق التوهم من وجه، فقيل فيه من طريق التحقيق «هو يحي الموتى»، وقيل فيه من طريق التوهم «فتنفخ فيها فتكون طيرا بإذني» فالعامل في المجرور «يكون» لا قوله «تنفخ».
ويحتمل أن يكون العامل فيه تنفخ، فيكون طائرا من حيث صورته الجسمية الحسية.
وكذلك «تبرئ الأكمه والأبرص» وجميع ما ينسب «إليه وإلى إذن الله وإذن الكناية في مثل قوله بإذني وبإذن الله.
فإذا تعلق المجرور «بتنفخ» فيكون النافخ مأذونا له في النفخ ويكون الطائر عن النافخ بإذن الله. وإذا كان النافخ نافخا لا عن الإذن، فيكون التكوين للطائر طائرا بإذن الله، فيكون العامل عند ذلك «يكون».
فلو لا أن في الأمر توهما وتحققا ما قبلت هذه الصورة هذين الوجهين. بل لها هذان الوجهان لأن النشأة العيسوية تعطي ذلك. )

قال رضي الله عنه :  ( وكان إحياء عيسى عليه السّلام للأموات إحياء محقّقا من حيث ما ظهر عن نفخه كما ظهر هو عن صورة أمّه . وكان إحياؤه أيضا متوهّما أنّه منه وإنّما كان للّه . فجمع لحقيقته الّتي خلق عليها كما قلناه إنّه مخلوق من ماء متوهّم وماء محقّق ينسب إليه الإحياء بطريق التّحقيق من وجه وبطريق التّوهّم من وجه . فقيل فيه من طريق التّحقيق وَأُحْيِ الْمَوْتى وقيل فيه من طريق التّوهّم فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللَّهِ [ آل عمران : 49 ] فالعامل في المجرور فيكون ، لا أنفخ . ويحتمل أن يكون العامل فيه أنفخ فيكون طيرا ، من حيث صورته الحسّيّة الجسميّة . وكذلك وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ [ المائدة : 110 ] وجميع ما ينسب إليه وإلى إذن اللّه . وإذن الكناية في مثل قوله :بِإِذْنِي وبإذن الله فإذا تعلّق المجرور بتنفخ ، فيكون النّافخ مأذونا له في النّفخ ويكون الطّائر عن النّافخ بإذن اللّه . وإذا كان النّافخ نافخا لا عن الإذن ، فيكون التّكوّن للطّائر . فيكون العامل عند ذلك فيكون فلو لا أنّ في الأمر توهّما وتحقّقا ما قبلت هذه الصّورة هذين الوجهين . بل لها هذان الوجهان لأنّ النّشأة العيسويّة تعطي ذلك . )

قال رضي الله عنه :  (فكان إحياء عيسى) عليه السلام (للأموات إحياء محققا من حيث ما ظهر عن نفخه) في الطير والميت بالتوجه الروحاني ، لأنه كذلك في الحس والعيان (كما ظهر هو) ، أي عيسى عليه السلام (عن صورة أمه) مريم عليها السلام ظهورا متحققا في الحس والعيان وكان إحياؤه ، أي عيسى عليه السلام أيضا ، أي كونه محققا متوهما أنه ، أي ذلك الإحياء منه ، أي من عيسى عليه السلام ، لأنه ظهر به وإنما كان ذلك الإحياء للّه تعالى وحده حقيقة ، لأنه هو الذي يحيي ويميت كما هو معلوم عند كل مؤمن بنبي )فجمع( عيسى عليه السلام )بحقيقته( الإنسانية الروحانية )التي خلق عليها كما قلنا( فيما مر إنه .

أي عيسى عليه السلام )مخلوق من ماء متوهم( من نفخ جبريل عليه السلام ومن )ماء محقق( من أمه مريم عليها السلام ، فهو بسبب ذلك )ينسب إليه( ، أي عيسى عليه السلام )الإحياء بطريق التحقيق( باعتبار الظاهر من وجه وبطريق التوهم ظاهرا أيضا )من وجه( آخر فقيل فيه ، أي في عيسى عليه السلام من طريق التحقق وأحيي الموتى من أن المحيي هو اللّه تعالى المتجلي بصورة عيسى عليه السلام.
وقيل فيه من طريق التوهم فتنفخ فيه ، أي فيما خلقه لهم كهيئة الطير فيكون طيرا بإذن اللّه تعالى فالعامل في المجرور ، أي الذي يتعلق به الجار والمجرور في قوله تعالى : بِإِذْنِ اللَّهِ هو قوله فيكون .

أي يكون طيرا بإذن اللّه تعالى لا قوله تنفخ فيبقى نفخه مثل نفخ غيره من الناس إذا نفخ ، وإنما الخصوصية في اعتبار اللّه تعالى نفخه ذلك وتكوينه تعالى للطير عقيب نفخه إجابة له وتصديقا لدعواه ويحتمل أن يكون العامل فيه ، أي في المجرور بأن يكون الجار والمجرور متعلقا بـ تنفخ فيكون نفخه بإذن اللّه تعالى ليس كنفخ غيره من الناس .
فالخصوصية في النفخ لا في تكوين اللّه تعالى الطير ، فكل من نفخ مثل ذلك النفخ بإذن اللّه تعالى كان عنه ما أراد كما نقل أن أبا يزيد البسطامي قدس اللّه سره نفخ في نملة ماتت فأحييت بإذن اللّه تعالى فيكون طيرا من حيث صورته الجسمية الحسية على حسب ما خلقه من تلك الهيئة .

وكذلك قوله تعالى عنه (وتبريء الأكمه والأبرص) بإذن اللّه تعالى وجميع ما نسب إليه ، أي إلى عيسى عليه السلام وإلى إذن اللّه تعالى وإلى إذن الكناية عن اللّه تعالى وهي ضمير المتكلم في مثل قوله تعالى بإذني وبإذن اللّه تعالى كما ذكرنا فيما مر من قوله تعالى :" وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيها فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتى بِإِذْنِي" [ المائدة : 110 ] .
وقوله تعالى :"أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِ الْمَوْتى بِإِذْنِ اللَّهِ" [ آل عمران : 49 ] .

فإذا تعلق الجار والمجرور وهو قوله بإذني وقوله : بإذن اللّه بتنفخ في الآية الأولى وأنفخ في الثانية فيكون النافخ مأذونا له في النفخ من جهة الحق تعالى ويكون الطير ، أي يتكون ويظهر طيرا عن النافخ بإذن اللّه تعالى .
وإذا كان النافخ في الآيتين نافخا لا عن الإذن ، أي إذن اللّه تعالى فيكون التكوين للطائر طائرا بإذن اللّه تعالى فيكون العامل في تعلق الجار والمجرور به عند ذلك قوله فيكون .
فلولا أن في الأمر الإلهي والشأن الرباني المتوجه على خلق عيسى عليه السلام توهما من وجه وتحققا من وجه آخر فهو متوهم من حيث الصورة ومتحقق من حيث الوجود .

فمن هذه صورته ليس هذا فعله ولا تأثير له أصلا ومن هذا وجوده فهو الفاعل المؤثر ولا صورة له فهذا هو وليس هذا هو فهو لا هو فكأنه هو فلا هو إلا هو ما قبلت هذه الصورة العيسوية هذين الوجهين وجه التوهم في كونه يخلق من الطين كهيئة الطير وينفخ فيه فيكون طيرا ويبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى ووجه التحقق منه في ذلك أيضا بل لها .

أي للصورة العيسوية هذان الوجهان لأن النشأة ، أي الخلقة العيسوية من أصل تكوينها عن جبريل عليه السلام النافخ في مريم عليها السلام تعطي ذلك ، أي الوجهين المذكورين وجه التوهم في صدوره عن ماء متوهم ووجه التحقق في صدوره عن ماء محقق كما مر .

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فكان إحياء عيسى للأموات إحياء محققا من حيث ما ظهر عن نفخه كما ظهر هو عن صورة أمه. وكان إحياؤه أيضا متوهما أنه منه وإنما كان لله.
فجمع بحقيقته التي خلق عليها كما قلناه أنه مخلوق من ماء متوهم وماء محقق: ينسب إليه الإحياء بطريق التحقيق من وجه وبطريق التوهم من وجه، فقيل فيه من طريق التحقيق «هو يحي الموتى»، وقيل فيه من طريق التوهم «فتنفخ فيها فتكون طيرا بإذني» فالعامل في المجرور «يكون» لا قوله «تنفخ».
ويحتمل أن يكون العامل فيه تنفخ، فيكون طائرا من حيث صورته الجسمية الحسية.
وكذلك «تبرئ الأكمه والأبرص» وجميع ما ينسب «إليه وإلى إذن الله وإذن الكناية في مثل قوله بإذني وبإذن الله.
فإذا تعلق المجرور «بتنفخ» فيكون النافخ مأذونا له في النفخ ويكون الطائر عن النافخ بإذن الله. وإذا كان النافخ نافخا لا عن الإذن، فيكون التكوين للطائر طائرا بإذن الله، فيكون العامل عند ذلك «يكون».
فلو لا أن في الأمر توهما وتحققا ما قبلت هذه الصورة هذين الوجهين. بل لها هذان الوجهان لأن النشأة العيسوية تعطي ذلك. )

قال رضي الله عنه :  (فكان إحياء عيسى عليه السلام للأموات إحياء محققا من حيث ما ظهر عن نفخته كما ظهر هو عن صورة أمّه فكان إحياؤه أيضا متوهما أنه ) أي الإحياء ( منه).
( وإنما كان ) أي الإحياء ( للَّه ) حقيقة ولعيسى عليه السلام مجازا ( فجمع ) عيسى عليه السلام هذين الوجهين ( بحقيقته التي خلق عليها كما قلناه إنه لمخلوق من ماء متوهم ومن ماء محقق لينسب إليه الأحياء بطريق التحقيق من وجه ) أي من حيث أن الإحياء في الحقيقة للَّه .
( فقيل فيه ) أي في حق عيسى عليه السلام ( من طريق التحقيق وتحيي الموتى ) أي أسند الإحياء إليه حقيقة ( وقيل فيه من طريق التوهم فتنفخ فيه فيكون طيرا بإذن اللّه فالعامل في المجرور يكون لا قوله : تنفخ ) فيكون الطير صادرا عن اللّه في الحقيقة فما كان لعيسى عليه السلام إلا النفخ .

قال رضي الله عنه :  ( ويحتمل أن يكون العامل فيه تنفخ فيكون طيرا ) صادرا عن نفخ عيسى عليه السلام ( من حيث صورته الجسمية المحققة ) في الإحياء لعيسى عليه السلام حقيقة وما كان للَّه إلا الإذن بالنفخ ( وكذلك ) أي وكذا القول في قوله تعالى في حق عيسى عليه السلام (وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وجميع ما ينسب إليه ( أي إلى عيسى عليه السلام ( وإلى إذن اللّه أو إذن الكناية.
قال رضي الله عنه :  (يقبل الجهتين جهة التحقيق وجهة التوهم ( في مثل قوله تعالى بِإِذْنِي وهو إذن الكناية .

قال رضي الله عنه :  ( وبِإِذْنِ اللَّهِ فإذا تعلق المجرور بتنفخ فيكون النافخ مأذونا له في النفخ فيكون الطائر عن النافخ بإذن اللّه ) وهذا هو جهة الحقيقة .
قال رضي الله عنه :  ( وإذا كان النافخ نافخا لا عن الإذن فيكون التكوين للطائر طائرا ) نفسه ( بإذن اللّه فيكون العامل عند ذلك يكون ) هذا هو جهة التوهم فثبت أن حقيقة عيسى عليه السلام من ماء متوهم.

قال رضي الله عنه :  ( فلو لا أن في الأمر ) أي في حقيقة عيسى عليه السلام ( توهما تحققا ما قبلت هذه الصورة ) صورة الآيات وصورة عيسى عليه السلام ( في هذين الوجهين بل ) ثابت أو مختص ( لها ) أي لهذه الصورة ( هذان الوجهان لأن النشأة ) أي الحقيقة ( العيسوية يعطي ذلك ) الوجهين للصورة العيسوية .

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فكان إحياء عيسى للأموات إحياء محققا من حيث ما ظهر عن نفخه كما ظهر هو عن صورة أمه. وكان إحياؤه أيضا متوهما أنه منه وإنما كان لله.
فجمع بحقيقته التي خلق عليها كما قلناه أنه مخلوق من ماء متوهم وماء محقق: ينسب إليه الإحياء بطريق التحقيق من وجه وبطريق التوهم من وجه، فقيل فيه من طريق التحقيق «هو يحي الموتى»، وقيل فيه من طريق التوهم «فتنفخ فيها فتكون طيرا بإذني» فالعامل في المجرور «يكون» لا قوله «تنفخ».
ويحتمل أن يكون العامل فيه تنفخ، فيكون طائرا من حيث صورته الجسمية الحسية.
وكذلك «تبرئ الأكمه والأبرص» وجميع ما ينسب «إليه وإلى إذن الله وإذن الكناية في مثل قوله بإذني وبإذن الله.
فإذا تعلق المجرور «بتنفخ» فيكون النافخ مأذونا له في النفخ ويكون الطائر عن النافخ بإذن الله. وإذا كان النافخ نافخا لا عن الإذن، فيكون التكوين للطائر طائرا بإذن الله، فيكون العامل عند ذلك «يكون».
فلو لا أن في الأمر توهما وتحققا ما قبلت هذه الصورة هذين الوجهين. بل لها هذان الوجهان لأن النشأة العيسوية تعطي ذلك. )
قال رضي الله عنه :  ( فكان إحياء عيسى للأموات إحياء محققا من حيث ما ظهر عن نفخه كما ظهر هو عن صورة أمه.  وكان إحياؤه أيضا متوهما أنه منه وإنما كان لله.  فجمع بحقيقته التي خلق عليها كما قلناه أنه مخلوق من ماء متوهم وماء محقق: ينسب إليه الإحياء بطريق التحقيق من وجه وبطريق التوهم من وجه، فقيل فيه من طريق التحقيق «هو يحي الموتى»، وقيل فيه من طريق التوهم «فتنفخ فيها فتكون طيرا بإذني» فالعامل في المجرور «يكون» لا قوله «تنفخ». ويحتمل أن يكون العامل فيه تنفخ، فيكون طائرا من حيث صورته الجسمية الحسية.  وكذلك «تبرئ الأكمه والأبرص» وجميع ما ينسب «إليه وإلى إذن الله وإذن الكناية في مثل قوله بإذني وبإذن الله. فإذا تعلق المجرور «بتنفخ» فيكون النافخ مأذونا له في النفخ ويكون الطائر عن النافخ بإذن الله. وإذا كان النافخ نافخا لا عن الإذن، فيكون التكوين للطائر طائرا بإذن الله، فيكون العامل عند ذلك «يكون».  فلو لا أن في الأمر توهما وتحققا ما قبلت هذه الصورة هذين الوجهين. بل لها هذان الوجهان لأن النشأة العيسوية تعطي ذلك. )
معناه ظاهر.

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فكان إحياء عيسى للأموات إحياء محققا من حيث ما ظهر عن نفخه كما ظهر هو عن صورة أمه. وكان إحياؤه أيضا متوهما أنه منه وإنما كان لله.
فجمع بحقيقته التي خلق عليها كما قلناه أنه مخلوق من ماء متوهم وماء محقق: ينسب إليه الإحياء بطريق التحقيق من وجه وبطريق التوهم من وجه، فقيل فيه من طريق التحقيق «هو يحي الموتى»، وقيل فيه من طريق التوهم «فتنفخ فيها فتكون طيرا بإذني» فالعامل في المجرور «يكون» لا قوله «تنفخ».
ويحتمل أن يكون العامل فيه تنفخ، فيكون طائرا من حيث صورته الجسمية الحسية.
وكذلك «تبرئ الأكمه والأبرص» وجميع ما ينسب «إليه وإلى إذن الله وإذن الكناية في مثل قوله بإذني وبإذن الله.
فإذا تعلق المجرور «بتنفخ» فيكون النافخ مأذونا له في النفخ ويكون الطائر عن النافخ بإذن الله. وإذا كان النافخ نافخا لا عن الإذن، فيكون التكوين للطائر طائرا بإذن الله، فيكون العامل عند ذلك «يكون».
فلو لا أن في الأمر توهما وتحققا ما قبلت هذه الصورة هذين الوجهين. بل لها هذان الوجهان لأن النشأة العيسوية تعطي ذلك. )

قال رضي الله عنه : (فكان إحياء عيسى للأموات إحياء محقّقا من حيث ما ظهر عن نفخه) .
يعني : من حيث حصول الإحياء عن نفخه ظاهرا رأي عين ، فتصحّ إضافة الإحياء إليه بمشاهد الحسّ عرفا عاديا وتحقيقا أيضا ، لأنّ هويته الله ، وهو أحدية جمع اللاهوت والروحية والصورة ، فيضاف إليه حقيقة من حيث هويته اللاهوتية ، فافهم .

قال رضي الله عنه : ( كما ظهر هو عن صورة أمّه ) .
يعني رضي الله عنه : في المعتاد من إيلاد الأولاد ، وبهذا الوجه أضيف إلى أمّه ونسب إليها ، فقيل فيه : إنّه عيسى بن مريم ، وهكذا إضافة الإحياء إلى الصورة العيسوية النافخة للإحياء .

قال رضي الله عنه : ( وكان إحياؤه أيضا متوهّما أنّه منه ، وإنّما كان من الله ، فجمع لحقيقته - التي خلق عليها كما قلناه - أنّه مخلوق من ماء متوهّم وماء محقّق ، ينسب إليه الإحياء بطريق التحقيق من وجه وبطريق التوهّم من وجه ، فقيل فيه من طريق التحقيق : « وتحيي الموتى » و قيل فيه من طريق التوهّم : " فَتَنْفُخُ فِيها فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي " فالعامل في المجرور يكون « تكون » لا « تنفخ »  ويحتمل أن يكون العامل فيه « تنفخ » فيكون طائرا من حيث صورته الجسمية الحسّية ) .
يشير رضي الله عنه : إلى إنّه لمّا كان أصل خلقته من متحقّق ومتوهّم ، ظهر ذلك في فعله الذي هو فرع عليه متوهّم الإضافة إليه من وجه ، ومتحقّق الإضافة إليه أيضا من آخر ، فاعتبر الحق في العبارة المعجزة القرآنية كلا الوجهين ، لكونهما من مقتضى أصل خلقته ، فقال في الأوّل " فَتَنْفُخُ فِيها فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي " فكان التقدير يكون المنفوخ فيه بإذن الله طائرا ، فيكون العامل في المجرور - أعني « بإذن الله » - « تكون » لا « تنفخ » ، فيكون الموجب لكونه طيرا بإذن الله ، فيكون طائرا بنفخه .

سرّ للخواصّ اعلم : أنّ حقيقة الإذن أمر من الله ، يمكَّن المأذون له من إيجاد الفعل الخارق للعادة الذي لا يضاف إلَّا إلى الله عرفا عاديا .
ثمّ إنّ تمكين الله تعالى للعبد وأمره بذلك إنّما يكون بخصوص استعداد ذاتي للعبد من حيث صورته المعلومية لله أزلا وعينه الثابتة ، لأنّ الله علم من حقيقة قفداء العبد أنّ له صلاحية في الوجود وقابلية في الحقيقة لمثل هذا التمكين والأمر من الله بخلاف غير المأذون .
فهو من قدم الصدق الذي كان له عند ربّه المليك المقتدر ، اقتضى هذا العبد بتلك الخصوصية من الله هذا النوع من العناية والتمكين ، فأظهر الله في الوجود العيني من العبد هذا التمكين ممّا كان عليه في وجوده العلمي ، فإذن الله هو تمكين العين الثابتة ، وحسن تأتّيها باستعدادها الذاتي للوجود الحق أن يظهر هذا التمكين والإذن فيه بالحق ، فافهم .

قال رضي الله عنه - : ( وكذلك " تُبْرِئُ الأَكْمَه َ وَالأَبْرَصَ " وجميع ما ينسب إليه وإلى إذن الله وإذن الكناية في مثل قوله : " بِإِذْنِي " و " بِإِذْنِ الله " فإذا تعلَّق المجرور بـ « تنفخ » فيكون النافخ مأذونا له في النفخ ويكون الطائر عن النافخ بإذن الله ، وإذا كان النافخ نافخا لا عن الإذن ، فيكون التكوين للطائر طائرا بإذن الله ، فيكون العامل عند ذلك « فتكون » فلو لا أنّ في الأمر توهّما وتحقّقا ، ما قبلت هذه الصورة هذين الوجهين ، بل لها هذان الوجهان ، لأنّ النشأة العيسوية تعطي ذلك ).
قلت : كلّ هذا ظاهر بيّن .

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فكان إحياء عيسى للأموات إحياء محققا من حيث ما ظهر عن نفخه كما ظهر هو عن صورة أمه. وكان إحياؤه أيضا متوهما أنه منه وإنما كان لله.
فجمع بحقيقته التي خلق عليها كما قلناه أنه مخلوق من ماء متوهم وماء محقق: ينسب إليه الإحياء بطريق التحقيق من وجه وبطريق التوهم من وجه، فقيل فيه من طريق التحقيق «هو يحي الموتى»، وقيل فيه من طريق التوهم «فتنفخ فيها فتكون طيرا بإذني» فالعامل في المجرور «يكون» لا قوله «تنفخ».
ويحتمل أن يكون العامل فيه تنفخ، فيكون طائرا من حيث صورته الجسمية الحسية.
وكذلك «تبرئ الأكمه والأبرص» وجميع ما ينسب «إليه وإلى إذن الله وإذن الكناية في مثل قوله بإذني وبإذن الله.
فإذا تعلق المجرور «بتنفخ» فيكون النافخ مأذونا له في النفخ ويكون الطائر عن النافخ بإذن الله. وإذا كان النافخ نافخا لا عن الإذن، فيكون التكوين للطائر طائرا بإذن الله، فيكون العامل عند ذلك «يكون».
فلو لا أن في الأمر توهما وتحققا ما قبلت هذه الصورة هذين الوجهين. بل لها هذان الوجهان لأن النشأة العيسوية تعطي ذلك. )

قال رضي الله عنه :  ( فكان إحياء عيسى للأموات إحياء محققا من حيث ما ظهر من نفخه ) .
أي من حيث حصول الإحياء عند نفخه ظاهرا رأى عين فتصح إضافة الإحياء إليه بشاهد الحق عرفا وعادة وتحقيقا أيضا ، لأن هويته هو الله وهو أحدية جمع اللاهوت والناسوت والروحية والصورية ، فيضاف حقيقة من حيث حقيقته اللاهويته .
( كما ظهر هو عن صورة أمه ) أي في المعتادة من ولادة الأولاد ، بهذا الوجه أضيف إلى أمه ونسب إليها فقيل فيه إنه عيسى بن مريم ، وهكذا إضافة الإحياء إلى الصورة العيسوية النافخة للأحياء ( وكان إحياؤه أيضا متوهما أنه منه وإنما كان لله )
وفي نسخة : وإنما كان من الله وهو أصح ( فجمع ) أي الإحياء المحقق والمتوهم .

قال رضي الله عنه :  ( بحقيقته التي خلق عليها كما قلناه إنه مخلوق من ماء متوهم وماء محقق ، ينسب إليه الإحياء بطريق التحقيق من وجه ، وبطريق التوهم من وجه فقيل فيه من طريق التحقيق – فـ " تُحْيِ الْمَوْتى " - وقيل فيه من طريق التوهم – " فَأَنْفُخُ فِيه فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ الله " - فالعامل في المجرور يكون لا تنفخ ، ويحتمل أن يكون العامل فيه تنفخ فيكون طائرا من حيث صورته الجسمية )
أي لما كان أصل خلقته من ماء محقق وماء متوهم ظهر ذلك في فعله فنسب إليه الإحياء من الوجهين بطريق التحقيق وطريق التوهم .
لأن الفعل فرع على أصل تكوينه فقيل في حقه في الكلام المعجز ما يدل على الوجهين : أما من طريق التحقيق فقوله - فتحى الموتى - وأما من طريق التوهم – " فَأَنْفُخُ فِيه فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ الله " - على أن العامل في بإذن الله يكون لا تنفخ فيه فيكون الموجب لكونه طيرا إذن الله .
وأمره لا نفخ عيسى ، وإن جعلنا العامل تنفخ كان الموجب لكونه طيرا هو نفخ عسى بإذن الله ، وكان طيرا من حيث أن صورته الجسمية الحسية صورة طير لا طير بالحقيقة .

واعلم أن الإذن هو تمكين الله للعبد من ذلك وأمره به ، فيكون عين العبد المأذون له في إيجاد المأمور والخارق العادة التي لا تنسب إلا إلى الله في العادة .
فحشا معينا بها في الأزل مختصة بذلك الاستعداد علم الله تعالى أن يفعل ذلك عند وجوده وحكم به فيكون حكمه بذلك هو الإذن ، وتمكين عينه الثابتة في الأزل باستعدادها الذاتي هو عناية الله في حقه ، والله أعلم.

قال رضي الله عنه :  ( وكذلك تبرئ الأكمه والأبرص وجميع ما ينسب إليه وإلى إذن الله وإذن الكناية في مثل قوله بإذني وإذن الله ، فإذا تعلق المجرور بتنفخ فيكون النافخ مأذونا له في النفخ ويكون الطائر عن النفخ بإذن الله ، وإذا كان النافخ نافخا لا عن الإذن فيكون التكوين للطائر طائرا بإذن الله فيكون العامل عند ذلك يكون ، فلو لا أن في الأمر توهما وتحققا ما قبلت هذه الصور هذين الوجهين ، بل لها هذان الوجهان ، لأن النشأة العيسوية تعطى ذلك ) .
هذا غنى عن الشرح ومعلوم مما مر .

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فكان إحياء عيسى للأموات إحياء محققا من حيث ما ظهر عن نفخه كما ظهر هو عن صورة أمه. وكان إحياؤه أيضا متوهما أنه منه وإنما كان لله.
فجمع بحقيقته التي خلق عليها كما قلناه أنه مخلوق من ماء متوهم وماء محقق: ينسب إليه الإحياء بطريق التحقيق من وجه وبطريق التوهم من وجه، فقيل فيه من طريق التحقيق «هو يحي الموتى»، وقيل فيه من طريق التوهم «فتنفخ فيها فتكون طيرا بإذني» فالعامل في المجرور «يكون» لا قوله «تنفخ».
ويحتمل أن يكون العامل فيه تنفخ، فيكون طائرا من حيث صورته الجسمية الحسية.
وكذلك «تبرئ الأكمه والأبرص» وجميع ما ينسب «إليه وإلى إذن الله وإذن الكناية في مثل قوله بإذني وبإذن الله.
فإذا تعلق المجرور «بتنفخ» فيكون النافخ مأذونا له في النفخ ويكون الطائر عن النافخ بإذن الله. وإذا كان النافخ نافخا لا عن الإذن، فيكون التكوين للطائر طائرا بإذن الله، فيكون العامل عند ذلك «يكون».
فلو لا أن في الأمر توهما وتحققا ما قبلت هذه الصورة هذين الوجهين. بل لها هذان الوجهان لأن النشأة العيسوية تعطي ذلك. )

قال رضي الله عنه :  ( وكان إحياء عيسى ، عليه السلام ، للأموات إحياء محققا من حيث ما ظهر عن نفخة ، كما ظهر هو عن صورة أمه . وكان إحياؤه أيضا متوهما أنه منه ، وإنما كان لله . فجمع بحقيقته التي خلق عليها . كما قلناه أنه مخلوق من ماء متوهم ومن ماء محقق ، ينسب إليه الإحياء بطريق التحقيق من وجه ، وبطريق التوهم من وجه . )

أي ، الإحياء تارة ينسب إلى عيسى ، عليه السلام ، من حيث إنه يظهر من نفخه وحصل من مظهره ، وكان هو السبب القريب فيه على سبيل الحقيقة .
فمن هذه الحيثية يكون إحياؤه إحياء محققا ، كما كان في أصل خلقته ماء محقق وهو ماء مريم ، لأنه منها ظهر بحسب الصورة الحسية .
وأخرى نسب إلى الله على الحقيقة ، لأن الفاعل الحقيقي وصاحب الصفات الكمالية هو الله لا غيره .
فإحياؤه إحياء متوهم ، كما كان في أصل خلقته ماء متوهم . فجمع عيسى بما في حقيقته التي خلق عليها من الماء المحقق والماء المتوهم هذين الوجهين فيما حصل منه من الإحياء وخلق الطير ، فينسب إليه الإحياء تارة على سبيل الحقيقة ، وأخرى على سبيل المجاز .

قال رضي الله عنه :  ( فقيل فيه من طريق التحقيق : " ويحيى الموتى " ، وقيل فيه من طريق التوهم " فتنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله " . فالعامل في المجرور ، " فيكون " لا " تنفخ " . و يحتمل أن يكون العامل فيه " تنفخ " ، فيكون طيرا . )

أي ، قال تعالى في حقه : "ويحيى الموتى " . ونسب الإحياء إليه وأضافه بطريق التحقيق ، وإن كان من حيث إنه آلة والفاعل على الحقيقة والمحيي للأموات هو الله ، فنسبة الإحياء إليه بطريق التوهم ، وخلق الطير ينسب إليه بطريق التحقيق ، وبطريق التوهم .
كما قال أيضا في حقه : ( فتنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله ) ومتعلق بإذن الله .
والعامل فيه يجوز أن يكون ( فيكون ) ، ويجوز أن يكون ( فتنفخ ) . وعلى الأول ، فيكون النفخ من عيسى والكون من الطير بإذن الله وأمره . كما مر في ( الفص اللوطي ) أن الأمر من الله والتكون من نفس المأمور ب‍ ( كن ) . أو من أمر الله . وعلى التقديرين ، لا يكون من عيسى إلا النفخ فقط . وعلى الثاني ، يكون الخلق منه حين كونه مأذونا به . فاجتمع فيما صدر منه من الإحياء والخلق جهتا التحقيق والتوهم ، كما اجتمع فيما خلق منه .

وقوله : ( من حيث صورته الحسية الجسمية ) قيل معناه : إنه يكون من حيث صورته طيرا ، ولا يكون طيرا بالحقيقة وفيه نظر .
لأن المخلوق الطير بالحقيقة وهو الخفاش لا صورة الطير ، وليس جعل صورة الطير مجردا عن روحه مما يعد من المعجزات .
بل معناه : فيكون طائرا محققا صادرا من عيسى من حيث صورته المحققة في الحس ، لأن كلامه حينئذ في إثبات كونه محققا .
كما قال هذا القائل : ( وإن جعلنا العامل ينفخ ، كان الموجب لكونه طيرا هو نفخ عيسى
بإذن الله ) .
وإذن الله لعبده في الإتيان بخوارق العادات قسمان : ذاتي قديم ، وعرضي حادث أما الأول .
فهو جعل الحق عين العبد مستعدا قابلا للتصرف  في الوجود العيني على سبيل الخرق عند تجليه بفيضه الأقدس الموجب لتعين الأعيان في العلم أزلا . وأما الثاني ، فهو تمكين العبد من التصرف مع إلهام قلبي أو وحى نازل لذلك التصرف حين حصول الوقت المقدر ، وجميع شرائطه بفيضه المقدس .
فلا ينبغي أن يتصور أن الإذن هو الأمر بالتصرف ، سواء كان مستعدا له أولا . فإن روح ذلك الأمر أيضا هو الاستعداد الذاتي الذي يستدعى بلسان الحال من الله إظهار كماله .

قال رضي الله عنه :  (وكذلك " تبرئ الأكمه والأبرص " وجميع ما ينسب إليه وإلى إذن الله.)
وكذلك جميع ما ينسب إلى عيسى من خوارق العادات من إبراء الأكمه والأبرص وغيرهما ، يشتمل على الجهتين المذكورتين ، أي ، جهة التحقق وجهة التوهم .
لذلك جاء في الكل ( بإذن الله ) أو ( بإذني ) كما قال : ( وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني فتنفخ فيها فتكون طيرا بإذني وتبرئ الأكمه والأبرص بإذني وإذ تخرج الموتى بإذني ) .
وهو المراد بقوله : ( أو إذن الكناية في مثل قوله تعالى : " بإذني وبإذن الله " فإذا تعلق المجرور ب‍ ( تنفخ ) فيكون النافخ مأذونا له في النفخ ، ويكون ) أي ، تحصل .
( الطائر على النافخ بإذن الله . ) هذا إشارة إلى الجهة المحققة كما مر بيانها .

قال رضي الله عنه :  ( وإذا كان النافخ نافخا لا عن الإذن ، فيكون التكوين للطائر طيرا بإذن الله . ) أي ، يكون عين الطائر نفسه في الخارج . كما مرت الإشارة إليه من أن الأمر من الله ، والتكوين من نفس الشئ المكون .
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فيكون العامل عند ذلك "فيكون" . فلولا أن في الأمر توهما وتحققا ، ما قبلت هذه الصورة هذين الوجهين . ) أي ، ولولا أن في أصل الخلقة العيسوية - وهو المراد ب‍ ( الأمر ) - جهتا التوهم والتحقق ، ما قبلت صورة عيسى لهذين الوجهين .
( بل لها هذان الوجهان ، لأن النشأة العيسوية تعطى ذلك . ) ظاهر مما مر .

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ
:
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فكان إحياء عيسى للأموات إحياء محققا من حيث ما ظهر عن نفخه كما ظهر هو عن صورة أمه. وكان إحياؤه أيضا متوهما أنه منه وإنما كان لله.
فجمع بحقيقته التي خلق عليها كما قلناه أنه مخلوق من ماء متوهم وماء محقق: ينسب إليه الإحياء بطريق التحقيق من وجه وبطريق التوهم من وجه، فقيل فيه من طريق التحقيق «هو يحي الموتى»، وقيل فيه من طريق التوهم «فتنفخ فيها فتكون طيرا بإذني» فالعامل في المجرور «يكون» لا قوله «تنفخ».
ويحتمل أن يكون العامل فيه تنفخ، فيكون طائرا من حيث صورته الجسمية الحسية.
وكذلك «تبرئ الأكمه والأبرص» وجميع ما ينسب «إليه وإلى إذن الله وإذن الكناية في مثل قوله بإذني وبإذن الله. فإذا تعلق المجرور «بتنفخ» فيكون النافخ مأذونا له في النفخ ويكون الطائر عن النافخ بإذن الله. وإذا كان النافخ نافخا لا عن الإذن، فيكون التكوين للطائر طائرا بإذن الله، فيكون العامل عند ذلك «يكون».
فلو لا أن في الأمر توهما وتحققا ما قبلت هذه الصورة هذين الوجهين. بل لها هذان الوجهان لأن النشأة العيسوية تعطي ذلك. )

قال رضي الله عنه :  ( وكان إحياء عيسى عليه السّلام للأموات إحياء محقّقا من حيث ما ظهر عن نفخه كما ظهر هو عن صورة أمّه ، وكان إحياؤه أيضا متوهّما أنّه منه ، وإنّما كان للّه ، فجمع لحقيقته الّتي خلق عليها كما قلناه : إنّه مخلوق من ماء متوهّم وماء محقّق ينسب إليه الإحياء بطريق التّحقيق من وجه ، وبطريق التّوهّم من وجه ، فقيل فيه من طريق التّحقيق وَأُحْيِ الْمَوْتى [ آل عمران : 49 ] ، وقيل فيه من طريق التّوهّم فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللَّهِ [ آل عمران : 49 ] ؛ فالعامل في المجرور فيكون ، لا أنفخ ، ويحتمل أن يكون العامل فيه أنفخ فيكون طيرا ، من حيث صورته الحسّيّة الجسميّة .)

قال رضي الله عنه :  (فكان إحياء عيسى عليه السّلام الأموات إحياء محققا ) أي : مسند إليه حقيقة ( من حيث ما ظهر عن نفخه ) المسند إليه حقيقة ، إذ حقيقة النفخ ، وهو إخراج الهواء عن جوف النافخ لا يتصور في حق اللّه تعالى ، ولا منع في إسناد الظهور الحقيقي إلى غير اللّه تعالى .
قال رضي الله عنه :  ( كما ظهر هو عن صورة أمه ) ، وإن كان عن صورة جبريل أيضا ؛ فهو أيضا باعتبار توهم أمه أنها صورته لتمثله لها بتلك الصورة ، ( وكان إحياؤه أيضا ) مستندا إليه حقيقة باعتبار أنه كان ( متوهما أنه منه ) فيسنده الجاهل إليه حقيقة ، فإن الإسناد الحقيقي هو إسناد أمر إلى ما له عند المتكلم في الظاهر .
( وإنما كان ) في الواقع باعتبار الإيجاد ( للّه ، فجمع ) في إسناد الإحياء إليه حقيقة بين الأمر المحقق الذي هو الظهور والمتوهم الذي هو توهم أنه منه ( بحقيقته التي خلق عليها ) ، باعتبار أن روحه في الواقع للّه ، ويتوهم أنه من جبريل ( كما قلنا ) في بدئه ( أنه مخلوق من ماء متوهم ) من نفخ جبريل ، ( وماء محقق ) من مريم .

"" أضاف المحقق : فيه إشارة إلى أن النفخ لا يفيد إلا حياة الجسم المنفوخ فيه ، وأما خصوصية كونه طائرا لا من حيث الحقيقة ، وفيه نظر ؛ فإنه إذا تعلقت الحياة بالصورية الطيرية يكون طيرا بالحقيقة لا محالة ، وقيل : هو بيان المناسبة بين المكوّن الذي هو عيسى وبين المكوّن الذي هو الطير لا بدّ منها في التكوين كما في التوليد فيه بعد ( شرح الجامي ص 331 ) . ""

فلو لا أن حقيقته جامعة لم تحصل هذه الجمعية في روحه وبدنه ، فالفعل الصادر من الحقيقة الجامعة ينبغي أن يكون جامعا ؛ فلذلك ( ننسب إليه الإحياء ) بالإسناد الحقيقي ( بطريق التحقيق من وجه ) ، وهو أنه ظهر من نفخة ( وبطريق التوهم من وجه ) ، وهو أنه بتوهم أنه منه ، وليس له في الواقع ؛ ( فقيل فيه ) في الكتاب الإلهي الجامع بين الطرق كلها ( من طريق التحقيق) ، وأحي الْمَوْتى[ آل عمران : 49 ] .

بإسناد الإحياء إليه باعتبار ظهوره منه ، والأصل فيه الحقيقة ، ولم يشعر بكونه من اللّه ، ( وقيل فيه من طريق التّوهم ،فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللَّهِ [ آل عمران : 49 ] ) ، فنفى فيه تارة إسناد تكوين الإحياء إلى عيسى ، وأسنده إلى إذن اللّه ، وأسند التكوين إليه تارة باعتبار تعلقه بالصورة الحسية الجسمية للطير ، وهما باعتبار الواقع ، وأسند فيه تكوين الإحياء إلى عيسى تارة باعتبار التوهم .
قال رضي الله عنه :  ( فالعامل في المجرور ) أي : قوله : « بإذن اللّه » هو قوله : يكون من ( فيكون ) فأسند تكوين الطير إلى إذن اللّه ( لا ) قوله : " ينفخ " حتى يستند تكوينه إلى نفخه ، ( ويحتمل أن يكون العامل فيه ) أي : في المجرور ، أعني بإذن اللّه « ينفخ » ، فلا يستند تكوين الطير إلى إذن اللّه ، وليس له في الطائر مستند إليه مع أنه لا بدّ منه ، ولا يستند الإحياء إلى عيسى في الواقع ؛ فهو محمول على تكوين صورته الحسية .

قال رضي الله عنه :  ( فيكون طائرا ) عن تكوين عيسى عليه السّلام في الواقع ( من حيث صورته الحسية الجسمية ) لا من حيث اتحاد الحياة فيه لا باعتبار الظهور ، وقد ذكر مرة ؛ فلا يعاد أو باعتبار التوهم ، وسيذكره مع الإشارة إلى عموم طريق التحقيق ، وطريق التوهم كل ما نسب إلى نفخ عيسى ، وإلى إذن اللّه .

قال رضي الله عنه :  (وكذلك :وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ [ المائدة 110 ] وجميع ما ينسب إليه ، وإلى إذن اللّه ، وإذن الكناية في مثل قوله :بِإِذْنِي ،وبإذن اللّه فإذا تعلّق المجرور ب « تنفخ » ، فيكون النّافخ مأذونا له في النّفخ ، ويكون الطّائر عن النّافخ بإذن اللّه ، وإذا كان النّافخ نافخا لا عن الإذن ، فيكون التّكوّن للطّائر ، فيكون العامل عند ذلك فيكون فلو لا أنّ في الأمر توهّما وتحقّقا ما قبلت هذه الصّورة هذين الوجهين ، بل لها هذان الوجهان ؛ لأنّ النّشأة العيسويّة تعطي ذلك ) .

قال رضي الله عنه :  ( وكذلك ) أي : مثل قوله : فينفخ فيه ، فيكون طيرا بإذن اللّه ، ( أبرئ الأكمه والأبرص ) مسند حقيقة إلى اللّه تعالى بطريق التحقيق ، وإلى عيسى بطريق التوهم ، ولا يختص هذا بآية دون أخرى ، بل ( وجميع ما ينسب إليه ) أي :
إلى فعل عيسى كنفخه ، ( وإلى إذن اللّه ) أي : المضاف إلى اسم اللّه الجامع للظاهر والباطن .
( وإذن الكناية ) أي : المضاف إلى ياء المتكلم المختص بالباطن ، فالمضاف إلى الكناية ( في مثل قوله : بإذني ) وإلى اسم اللّه في مثل قوله : ( بإذن اللّه ) ، فإن الإسناد التكويني إلى الإذن المضاف إلى أحدهما بطريق التحقيق ، وإلى عيسى عليه السّلام بطريق التوهم .
وإن قلنا : إن إسناده باعتبار الظهور إلى عيسى عليه السّلام بطريق الحقيقة ، فذاك في نفس ظهور الحياة لا ظهور تكوينها ؛ إذ لا فعل في تكوينها لغير اللّه تعالى ؛ فغاية ما يتصور في حقّ عيسى عليه السّلام أنه فعل الظاهر فيه دون المظهر ، فإسناده باعتبار الظهور إلى المظهر نوع من التوهم .

قال رضي الله عنه :  ( فإذا تعلق المجرور ) أي : بإذن اللّه أو بإذني ، ( فينفخ ) أي : بما هو فعل عيسى عليه السّلام حقيقة ، ( فيكون النافخ مأذونا له في النفخ ) فيتوهم ما ترتب على نفخه من فعل اللّه أنه فعل النافخ ، ( فيكون الطائر عن النافخ ) فيما يتوهم كما قالت المعتزلة في الأفعال المتولدة ، فيسند تكوينه إلى عيسى بطريق الحقيقة جهلا ، ( وإذا كان النافخ نافخا ، لا عن الإذن ) بألا ( يكون ينفخ عاملا ) في المجرور .
قال رضي الله عنه :  ( فيكون التكون للطائر ) طيرا ( بإذن اللّه ) أي : مسند إلى اللّه حقيقة ، وهو طريق التحقيق ، إما باعتبار نفس التكوين ؛ فلا يشك فيه ، وإما باعتبار ظهوره ؛ فلأن الفعل إنما للظاهر لا للمظهر ، قال رضي الله عنه :  ( فيكون العامل ) في المجرور أي : بإذن اللّه أو بإذني ( عند ذلك ) .
أي : عند جعل التكوين للّه كما هو الواقع لفظة يكون ، فاجتمع في عيسى عليه السّلام باعتبار ظهور الفعل منه تحقيقا وتوهما باعتبارين ، فالتحقيق باعتبار الفعل المترتب عليه وهو النفخ والتوهم باعتبار المترتب وهو التكوين .
قال رضي الله عنه :  ( فلو لا أن في الأمر ) أي : في حقيقة عيسى عليه السّلام ( توهما وتحققا ) في روحه وبدنه وظهوره وأفعاله ( ما قبلت هذه الصورة ) أي : صورة إسناد الفعل إلى عيسى عليه السّلام باعتبار الظهور منه ( هذين الوجهين ) من التحقيق باعتبار الفعل الأول ، وهو النفخ والتوهم باعتبار الفعل الثاني .
وهو التكوين ( بل لها ) أي : لهذه الصورة ( هذان الوجهان ) في الواقع ، وإن لم يصرّح بإسناد فعله إليه ، وإلى إذن اللّه ، وإذن الكناية ؛ ( لأن النشأة العيسوية تقتضي ذلك ) ، ومقتضى النشأة لا يتغير بالتصريح وتركه .

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فكان إحياء عيسى للأموات إحياء محققا من حيث ما ظهر عن نفخه كما ظهر هو عن صورة أمه. وكان إحياؤه أيضا متوهما أنه منه وإنما كان لله.
فجمع بحقيقته التي خلق عليها كما قلناه أنه مخلوق من ماء متوهم وماء محقق: ينسب إليه الإحياء بطريق التحقيق من وجه وبطريق التوهم من وجه، فقيل فيه من طريق التحقيق «هو يحي الموتى»، وقيل فيه من طريق التوهم «فتنفخ فيها فتكون طيرا بإذني» فالعامل في المجرور «يكون» لا قوله «تنفخ».
ويحتمل أن يكون العامل فيه تنفخ، فيكون طائرا من حيث صورته الجسمية الحسية.
وكذلك «تبرئ الأكمه والأبرص» وجميع ما ينسب «إليه وإلى إذن الله وإذن الكناية في مثل قوله بإذني وبإذن الله.
فإذا تعلق المجرور «بتنفخ» فيكون النافخ مأذونا له في النفخ ويكون الطائر عن النافخ بإذن الله. وإذا كان النافخ نافخا لا عن الإذن، فيكون التكوين للطائر طائرا بإذن الله، فيكون العامل عند ذلك «يكون».
فلو لا أن في الأمر توهما وتحققا ما قبلت هذه الصورة هذين الوجهين. بل لها هذان الوجهان لأن النشأة العيسوية تعطي ذلك. )
 قال رضي الله عنه :  ( فكان إحياء عيسى للأموات إحياء محقّقا من حيث ما ظهر عن نفخه ، كما ظهر هو عن صورة امّه ، وكان إحياؤه أيضا متوهّما أنّه منه ، وإنّما كان لله ) وفي بعض النسخ: « وإنما كان من الله » وهو أظهر .
قال رضي الله عنه :  ( فجمع ) الإحياء المحقق والمتوهّم ( لحقيقته التي خلق عليها - كما قلنا : إنّه مخلوق من ماء متوهّم ، وماء محقّق - نسب إليه الإحياء بطريق التحقيق من وجه ،وبطريق التوهّم من وجه(.
وقد سرى هذان الوجهان في جملة أوضاعه وأحواله إلى أن سرى فيما انزل من القرآن المجيد في قصّته عليه السّلام ( فقيل فيه من طريق التحقيق : "يحيي الموتى" وقيل فيه من طريق التوهّم : « فينفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله »  فالعامل في المجرور « يكون » )
أي يكون طيرا بإذن الله أي كونه ووجوده بإذن الله على ما عليه الأمر في نفسه .

قال تعالى : " وَرَسُولًا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيه ِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللَّه ِ وَأُبْرِئُ الأَكْمَه َ وَالأَبْرَصَ وَأُحْيِ الْمَوْتى بِإِذْنِ اللَّه ِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِما تَأْكُلُونَ وَما تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [ ال عمران / 49 ] ."

تعلق الإذن بتكوّن الطائر أو بالنفخ ؟
فيكون طائرا صورة ومعنى . لأن الأمر فيه حينئذ تنزّل على مدارجه المقدّرة من المراتب الاستيداعية والاستقرارية ، والموجب لذلك الكون إذا الله ، لا نفخ عيسى فنسبة تكوّنه إليه من طريق التوهّم .
هذا على تقدير أن يكون العامل في المجرور « يكون » ( لا « ينفخ » ) .
( ويحتمل أن يكون العامل فيه « ينفخ » ) وحينئذ يكون الطائر من النافخ بإذن الله ، إذ الإذن في عرف التحقيق نفاذ الأمر . فإذا كان الطائر من النافخ بنفاذ أمر الله فيه ، يكون من عيسى وهو روح الله . فيكون الأمر في تكوّن الطائر على هذا التقدير على غير مدارجه المقدّرة ، لا استيداعية منها ولا استقرارية . بل على معارجه الجعليّة ومرابطة المزاجيّة التوليديّة .

وأنت عرفت أن أمر التكوين والتوليد لا بدّ وأن يكون على الحكم المعتاد ، وهو أن يكون تولَّد كل فرد من أبويه النوعي - كما عرفت في قضية تمثّل جبرئيل في صورة البشر - فلا بدّ وأن يكون الاشتراك بتمام الحقيقة بين الوالدين وولده وبين المكوّن والمتكوّن .
وإذ لم يكن الاشتراك هاهنا بين عيسى وما تكوّن من نفخه إلا في معنى الجسميّة والإحساس - الذي هو حقيقة الحيوان - صرّح بذلك إفصاحا بما مهّد أولا ، وإشعارا بما ينبئ عن الوجه المحقّق ثانيا في قوله :
قال رضي الله عنه :  ( فيكون طائرا من حيث صورته الجسميّة الحسيّة ) .
أمّا الأول فظاهر مما مرّ . وأما الثاني فلأن تكوّن الطير من حيث أنّه من عيسى محقّق ، ضرورة أنه ترتّب على نفخه بإذن الله ، فهو منه على طريق التحقيق ، كما أن إحياء الموتى على ما صرّح به من الحيثيّة المذكورة من عيسى على طريق التحقيق .

وإذا تقرّر هذا الموضع هكذا لدى المتفطَّن لا يخفى حينئذ عليه وهن ما قيل في توجيهه من أنّه : طير من حيث الجسميّة والحسّ ، لا بالحقيقة ، فإنّه لا حقيقة له وراء ذلك . فظهر أنّه الوجه المحقّق من الوجهين .
""أضاف المحقق:  القائل الكاشاني وقد اعترض عليه القيصري أيضا حيث قال: « وفيه نظر لأن المخلوق الطير بالحقيقة لا صورة الطير ، وليس جعل الصورة مجردة عن روحه مما يعدّ من المعجزات ""

لا يقال : الكون والإحياء المحقّق إنما هو من الله ؟
لأنّا نقول : الكلام فيما نسب إلى عيسى : إنّ له وجهين تحقيقيّ وتوهّمي ، ( وكذلك ) جميع ما ينسب إليه من خوارق العادات له هذان الوجهان ، كقوله: ( " تُبْرِئُ الأَكْمَه َ وَالأَبْرَصَ " [ 5 / 110 ] وجميع ما ينسب إليه وإلى إذن الله ) مما يتعلَّق بالكون والوجود ( أو إذن الكناية ) وذلك فيما يتعلَّق بأحوال الوجود وأحكامه ، كما ( في مثل قوله  : "وَتُبْرِئُ الأَكْمَه َ وَالأَبْرَصَ بِإِذْنِي "  [ 5 / 110 ] و ) قوله : " فَأَنْفُخُ فِيه ِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ الله " [ 3 / 49 ] على طريقة اللفّ والنشر .

قال رضي الله عنه :  (وإذا تعلَّق المجرور " بـ " ينفخ فيكون النافخ مأذونا له في النفخ ، ويكون الطائر عن النافخ بإذن الله . وإذا كان النافخ نافخا لا عن الإذن  ، فيكون التكوّن للطائر طائرا بإذن الله ، فيكون العامل عند ذلك " يكون " ، فلو لا أنّ في الأمر توهّما )
كما في الثاني ( وتحقّقا ) كما في الأول  ( ما قبلت هذه الصورة هذين الوجهين ، بل لها هذان الوجهان لأن النشأة العيسويّة تعطي ذلك).

ما ظهر من عيسى من جهة انتسابه إلى مريم ونفخ جبرئيل عليه السّلام
إنّ سائر ما يظهر من عيسى من جلائل الأحوال وكرائم الأخلاق كلَّها ، إمّا أن يكون محقّقا من جهة مريم - من الأوصاف العبديّة الخلقيّة - وإمّا مقدّرا من جهة جبرئيل وروحانيّته المعنويّة من الله من الأوصاف الإلهيّة

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فكان إحياء عيسى للأموات إحياء محققا من حيث ما ظهر عن نفخه كما ظهر هو عن صورة أمه. وكان إحياؤه أيضا متوهما أنه منه وإنما كان لله.
فجمع بحقيقته التي خلق عليها كما قلناه أنه مخلوق من ماء متوهم وماء محقق: ينسب إليه الإحياء بطريق التحقيق من وجه وبطريق التوهم من وجه، فقيل فيه من طريق التحقيق «هو يحي الموتى»، وقيل فيه من طريق التوهم «فتنفخ فيها فتكون طيرا بإذني» فالعامل في المجرور «يكون» لا قوله «تنفخ».
ويحتمل أن يكون العامل فيه تنفخ، فيكون طائرا من حيث صورته الجسمية الحسية.
وكذلك «تبرئ الأكمه والأبرص» وجميع ما ينسب «إليه وإلى إذن الله وإذن الكناية في مثل قوله بإذني وبإذن الله.
فإذا تعلق المجرور «بتنفخ» فيكون النافخ مأذونا له في النفخ ويكون الطائر عن النافخ بإذن الله. وإذا كان النافخ نافخا لا عن الإذن، فيكون التكوين للطائر طائرا بإذن الله، فيكون العامل عند ذلك «يكون».
فلو لا أن في الأمر توهما وتحققا ما قبلت هذه الصورة هذين الوجهين. بل لها هذان الوجهان لأن النشأة العيسوية تعطي ذلك. )

قال رضي الله عنه :  (فكان إحياء عيسى للأموات إحياء محققا من حيث ما ظهر عن نفخه كما ظهر هو عن صورة أمه.  وكان إحياؤه أيضا متوهما أنه منه وإنما كان لله. )

قال رضي الله عنه :  ( فكان إحياء عيسى عليه السلام للأموات إحياء محققا ) ، أي انتساب الإحياء إليه أمرا محققا ( من حيث ما ظهر ) ، أي من حيث ظهور ذلك الإحياء ( عن نفخه ) وترتبه عليه ( كما ظهر هو عن صورة اللّه وكان إحياؤه أيضا متوهما أنه منه ) .
"" أضاف المحقق : وفي نسخة [ أمه ] بدل [ اللّه ] وهو ما اعتمدناه وأثبتناه في نسخة المتن في الأعلى .""

أي وكان انتساب الإحياء إليه بأنه منه أيضا متوهما ، فإن الإحياء بسبب التحقيق إنما هو منتسب إلى اللّه سبحانه ، لأن الفاعل الحقيقي والمؤثر في الوجود إنما هو اللّه سبحانه ، فانتسابه إلى عيسى يكون متوهما من ترتبه على نفخه صورة( وإنما كان ) الإحياء حقيقة ( للّه ) صادرا عنه.
وفي بعض النسخ : وإنما كان من اللّه وهو أظهر

قال رضي الله عنه :  ( فجمع بحقيقته التي خلق عليها كما قلناه أنه مخلوق من ماء متوهم وماء محقق: ينسب إليه الإحياء بطريق التحقيق من وجه وبطريق التوهم من وجه، فقيل فيه من طريق التحقيق «هو يحي الموتى»، وقيل فيه من طريق التوهم «فتنفخ فيها فتكون طيرا بإذني» فالعامل في المجرور «يكون» لا قوله «تنفخ».  ويحتمل أن يكون العامل فيه تنفخ، فيكون طائرا من حيث صورته الجسمية الحسية.  وكذلك «تبرئ الأكمه والأبرص» وجميع ما ينسب «إليه )

قال رضي الله عنه :  ( فجمع ) عيسى عليه السلام في الإحياء بين التحقيق والتوهم ( بحقيقته ) ، أي لأجل حقيقته (التي خلق عليها كما قلناه أنه مخلوق من ماء متوهم ومن ماء محقق ) فكما كان للتحقيق والتوهم دخل في حقيقته فكذلك لهما دخل في الإحياء ( ينتسب إليه الإحياء بطريق التحقيق من وجه ) وهو ظهوره عن نفخه .
قال رضي الله عنه :  ( وبطريق التوهم من وجه ) وهو أن الفاعل الحقيقي إنما هو اللّه سبحانه ، فالإحياء بحسب الحقيقة له وليس لعيسى إلا المظهرية ( فقيل فيه ) ، أي في عيسى ( من طريق التحقيق ) نظرا إلى ترتب الإحياء على نفخه ("ويُحْيِ الْمَوْتى ") فأسند الإحياء إليه لا إلى اللّه سبحانه .
قال رضي الله عنه :  ( وقيل فيه من طريق التوهم ) نظرا إلى أن المحيي في الحقيقة هو اللّه سبحانه ، وإسناد الإحياء إلى عيسى إنما هو على سبيل التوهم ( فتنفخ فيه ) ، أي فيما تخلقكَهَيْئَةِ الطَّيْرِ( فيكون طيرا بإذن اللّه ) ، أي كونه ذا حياة وطيران إنما هو بإذن اللّه ونفاذ أمره  .
قال رضي الله عنه :  (والعامل في المجرور ) على هذا المعنى قوله ( فيكون لا ) قوله ( تنفخ ويحتمل أن يكون العامل فيه ) ، أي في المجرور قوله : ( تنفخ ) ، فإن النفخ أيضا بإذن اللّه يجعل عين النافخ أولا بالقبض الأقدس مستعدا قابلا للتصرف ، وبتمكينه ثانيا بالقبض المقدس في الوجود العيني مع إلهام قلبي أو وحي نازل فيشر بكونه طائرا ذا حياة وطيران على نفخ عيسى فيكون من قبيل الوجه المحقق.

قال رضي الله عنه :   ( فيكون ) حينئذ ما خلقه عيسىكَهَيْئَةِ الطَّيْرِ( طائرا ) من جهة نفخه وقوله : ( من حيث صورته الحسية الجسمية ) إشارة إلى أن النفخ لا يفيد إلا حياة الجسم المنفوخ فيه ، وأما خصوصية كونه طائرا لا من حيث الحقيقة وفيه نظر .
فإنه إذا تعلقت الحياة بالصورية الطيرية يكون طيرا بالحقيقة لا محالة .
وقيل : هو بيان المناسبة بين المكوّن الذي هو عيسى وبين المكوّن الذي هو الطير لا بد منها في التكوين كما في التوليد فيه بعد .
وقيل : معناه فيكون طائرا محققا صادرا من عيسى من حيث صورته المحققة الحسية الجسمية ، لأن الكلام في جهة التحقيق ( وكذلك يشتمل ) على جهة التحقيق والتوهم إبراء الأكمة والأبرص المنسوب إلى عيسى عليه السلام بالحقيقة في قوله تعالى : ("وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ" [ المائدة : 110 ] وجميع ما ينسب ) تارة ( إليه ) ، أي إلى عيسى عليه السلام من الأفعال الخارقة للعادات

قال رضي الله عنه :  ( وإلى إذن الله وإذن الكناية في مثل قوله بإذني وبإذن الله.
فإذا تعلق المجرور «بتنفخ» فيكون النافخ مأذونا له في النفخ ويكون الطائر عن النافخ بإذن الله. وإذا كان النافخ نافخا لا عن الإذن، فيكون التكوين للطائر طائرا بإذن الله، فيكون العامل عند ذلك «يكون». فلو لا أن في الأمر توهما وتحققا ما قبلت هذه الصورة هذين الوجهين. بل لها هذان الوجهان لأن النشأة العيسوية تعطي ذلك. )

قال رضي الله عنه :    (و) تارة (إلى بإذن اللّه) ، أي الإذن المضاف إلى اللّه (أو إذن الكناية) ، أي الإذن المضاف إلى ضمير هو كناية عن اللّه ( في مثل قوله بإذني ) كما قال تعالى :" وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيها فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتى بِإِذْنِي " [ المائدة  :110]

قال رضي الله عنه :   (وفي مثل قوله : بإذن اللّه ) كما قال تعالى حكاية عنه :فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللَّهِ،وَأُحْيِ الْمَوْتى بِإِذْنِ اللَّهِ[ آل عمران : 49 ] .
قال رضي الله عنه :   ( فإذا تعلق المجرور بتنفخ فيكون النافخ مأذونا في النفخ ويكون ) ، أي يوجد ( الطير عن النافخ ) ، أي الذي ينفخ (بِإِذْنِ اللَّهِ) فيترتب وجود الطائر على نفخه الذي وقع بالإذن ويكون ترتبه عليه على وجه التحقيق ( وإذا ) تعلق المجرور بقوله فيكون ( كان النافخ نافخا لا عن الإذن فيكون التكوين ) ، أي التكوين ( للطائر ) بالإذن ( ويكون العامل ) في المجرور ( عند ذلك ) .

قوله رضي الله عنه  : ( فيكون ) فنسبة التكوين إلى عيسى عليه السلام وترتبه على نفخه تكون على وجه التوهم ( فلو لا أن الأمر ) ، أي أمر عيسى بحسب أصل خلقته ( توهما وتحققا ما قبلت هذه الصورة ) الكلامية التي وقعت في بيان معجزاته ( هذين الوجهين ) ، أي وجهي التحقيق والتوهم ( بل لها ) ، أي لتلك الصورة الكلامية ( هذان الوجهان ، لأن النشأة العيسوية تعطى ذلك ) كما عرفت .

.
السفر الخامس عشر الفقرة السادسة على منتدي إتقوا الله ويعلمكم الله 
واتساب

No comments:

Post a Comment