Monday, December 2, 2019

السفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية الفقرة التاسعة .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية الفقرة التاسعة .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية الفقرة التاسعة .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فقال تعالى «لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم» فجمعوا بين الخطأ والكفر في تمام الكلام كله لأنه لا بقولهم هو الله، ولا بقولهم ابن مريم، فعدلوا بالتضمين من الله من حيث إحياء الموتى إلى الصورة الناسوتية البشرية بقولهم ابن مريم وهو ابن مريم بلا شك.
فتخيل السامع أنهم نسبوا الألوهية لصورة وجعلوها عين الصورة وما فعلوا، بل جعلوا الهوية الإلهية ابتداء في صورة بشرية هي ابن مريم، ففصلوا بين الصورة والحكم، لا أنهم جعلوا الصورة عين الحكم كما كان جبريل في صورة البشر ولا نفخ، ثم نفخ، ففصل بين الصورة والنفخ وكان النفخ من الصورة، فقد كانت ولا نفخ، فما هو النفخ من حدها الذاتي. )
 
قال رضي الله عنه :  ( فعدلوا بالتّضمين من اللّه من حيث أحيا الموتى إلى الصّورة النّاسوتيّة البشريّة بقولهم ابن مريم وهو ابن مريم بلا شكّ . فتخيّل السّامع أنّهم نسبوا الألوهيّة للصّورة وجعلوها عين الصّورة وما فعلوا بل جعلوا الهويّة الإلهيّة ابتداء في صورة بشريّة هي ابن مريم ، ففصلوا بين الصّورة والحكم . لا أنّهم جعلوا الصّورة عين الحكم . كما كان جبرئيل في صورة البشر ولا نفخ ، ثمّ نفخ ، ففصل بين الصّورة والنّفخ وكان النّفخ من الصّورة ، فقد كانت ولا نفخ.
فما هو النفخ من حدّها الذّاتي ؟ )

قال رضي الله عنه :  (فعدلوا ) ، أي الكافرون (بالتضمين من اللّه ) تعالى ، أي بسبب جعلهم اللّه تعالى في ضمن بشرا آخر غيره وهو الصورة (من حيث) أنهم وجدوا منه إحياء الموتى وذلك مخصوص باللّه تعالى عدولا منهم إلى الصورة العيسوية (الناسوتية البشرية) الظاهرة لهم بقولهم ، أي بسبب قولهم هو المسيح ابن مريم فما قالوا :
هو المسيح فقط ، ولا قالوا هو ابن مريم فقط .
وإنما جمعوا بينهما وقالوا هو المسيح ابن مريم فأخطأوا وكفروا .
فإنه إذا كان هو المسيح من حيث ظهوره في صورته في حال تجليه بها من باب القيومية لا يكون ابن مريم في ذلك الاعتبار لاستهلاك الصورة الناسوتية في الحقيقة الروحانية التي هو من أمر اللّه تعالى .

وأمر اللّه تعالى كلمح بالبصر ، وهو مقام الفناء الذي عند العارفين باللّه تعالى ، الذي لا يمكن التحقق بالمعرفة والتجليات الإلهية عندهم إلا به ، وإذا كان هو المسيح ابن مريم باعتبار الصورة الناسوتية لم يكن هو اللّه تعالى أصلا ، ولا كان جانب الروحانية الأمرية معتبرا فيه ، بل المعتبر فيه حينئذ جانب الطبيعة وجهة الالتباس في الخلق الجديد ، فجعله في تلك الحالة هو اللّه قول بكون اللّه مخلوقا ، وهو كفر ، وجمع الشيئين فيه حلول للإله في الخلق وهو كفر أيضا وجهل محض .

قال رضي الله عنه :  (وهو) ، أي عيسى عليه السلام باعتبار صورته الناسوتية (ابن مريم بلا شك) ، لأنها ولدته فتخيل السامع في نفسه من قولهم ذلك (أنهم نسبوا الألوهية للصورة) حيث قالوا : إن اللّه هو المسيح ابن مريم ، أي الذي ولدته مريم وتخيل أنهم جعلوها .
أي الألوهية عين الصورة العيسوية الناسوتية وهم ما فعلوا ذلك بل جعلوا الهوية .
أي الذات الإلهية ابتداء ، أي من حين ابتداء ظهور عيسى عليه السلام حالة في صورة بشرية ناسوتية هي .
أي تلك الصورة ابن مريم وقالوا بالحلول وهو كفر ففصلوا بقولهم ذلك بين الصورة البشرية العيسوية الناسوتية والحكم الصادر منها وهو إحياء الموتى لا أنهم جعلوا تلك الصورة العيسوية عين الحكم فكان منها إحياء الموتى ، وإنما قالوا في ذلك كما كان جبريل عليه السلام في صورة بشر ولا نفخ ، فكانت صورة بشرية .

قال رضي الله عنه :  (ثم نفخ) فظهر حكم آخر غيرها على خلاف مقتضاها (ففصل بين الصورة) التي ظهر بها أوّلا (والنفخ) الذي ظهر ثانيا (وكان النفخ) ظاهرا من الصورة فأشبه أن يكون منها فيكون النافخ عينها ولكنه تبين (فقد كانت) الصورة البشرية ظاهرة ولا  نفخ منها فما هو النفخ من حدها الذاتي بحيث يكون داخلا في ماهيتها بل هو أمر آخر عرض لها بسبب حلول حقيقة أخرى فيها ، وذلك النفخ ظاهر عن تلك الحقيقة الأخرى وهكذا قولهم في عيسى عليه السلام وهو خطأ وكفر.

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فقال تعالى «لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم» فجمعوا بين الخطأ والكفر في تمام الكلام كله لأنه لا بقولهم هو الله، ولا بقولهم ابن مريم، فعدلوا بالتضمين من الله من حيث إحياء الموتى إلى الصورة الناسوتية البشرية بقولهم ابن مريم وهو ابن مريم بلا شك.
فتخيل السامع أنهم نسبوا الألوهية لصورة وجعلوها عين الصورة وما فعلوا، بل جعلوا الهوية الإلهية ابتداء في صورة بشرية هي ابن مريم، ففصلوا بين الصورة والحكم، لا أنهم جعلوا الصورة عين الحكم كما كان جبريل في صورة البشر ولا نفخ، ثم نفخ، ففصل بين الصورة والنفخ وكان النفخ من الصورة، فقد كانت ولا نفخ، فما هو النفخ من حدها الذاتي. )
 
قال رضي الله عنه :  ( فقال تعالى :لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ *فجمعوا بين الخطأ ) وهو حصر الحق في الصورة العيسوية ( والكفر ) وهو ستر الحق فيهما ( في تمام الكلام كله ) فكفروا بقولهم هذا بالكفر الشرعي ( لا بقولهم هو اللّه ) لأنه هو اللّه من حيث تعينه بالصورة

العيسوية وإحياء الموتى وخلق الطير فاللّه ليس هو من حيث تعينه بصورة أخرى فكان عيسى عليه السلام هو لا هو ( ولا بقولهم ابن مريم ) أي لتصديق هذا القول ( فعدلوا بالتضمين ) أي بأن جعلوا الحق في الصورة العيسوية وهو قولهم إن اللّه يحلّ في صورة عيسى عليه السلام .

قال رضي الله عنه :  ( من اللّه ) متعلق بعدلوا ( من حيث أنه ) أي من حيث أن اللّه ( أحيا الموتى ) قوله ( إلى الصورة الناسوتية البشرية ) متعلق بعدلوا ( بقولهم ابن مريم وهو ابن مريم بلا شك ) وهو دليل عدولهم من اللّه إلى الصورة الناسوتية ( فتخيل السامع ) أي سامع قولهمإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ .
قال رضي الله عنه :  ( أنهم ) أي القائلون بهذا القول ( نسبوا الألوهية ) ابتداء للصورة العيسوية ( وجعلوها ) أي الألوهية ( عين الصورة وما فعلوا ) ذلك ( بل جعلوا الهوية الإلهية ابتداء ) حالة ( في صورة بشرية ) صورة عيسى عليه السلام ( وهي ابن مريم ) وهو صورة سترهم ( ففصلوا بين الصورة ) العيسوية ( والحكم ).
أي الهوية الإلهية فكفروا بالكفر اللغوي وهو الستر إذ كل صورة وهي إستار طلعته لأن الكفر الشرعي في تمام الكلام كله وهو معنى قولهم بالحلول أي اللّه حالّ في صورة عيسى عليه السلام فأحيا الموتى فلما قالوا بالحلول حكموا أن اللّه هو عيسى وهو معنى قوله لا بقولهم هو اللّه وحصروا اللّه في المسيح فما جمع الكفر والخطأ إلا في قولهم هذا .

قال رضي الله عنه :  ( لا أنهم جعلوا الصورة عين الحكم ) ابتداء وإنما نسبهم الحق إلى الكفر لا إلى الخطأ فإن خطأهم وهو الحصر في قولهم " إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ " ظاهر بين .
وأما كفرهم فلا يدل ظاهر الآية عليه لأن ظاهر قولهم "إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ " لا يدل على العينية والكفر هو الستر والستر يقتضي المغايرة فلما نسبهم الحق في قولهم هذا إلى الكفر ارتفع تخيل السامع فظهر الحق بما قلناه من أنهم فصلوا بين الصورة والحكم ابتداء.

ولو أنهم لم يفعلوا ما قلناه لم ينسبوا إلى الكفر ولم يقل الحق في حقهملَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ *[ المائدة : 17 ] الآية فكانت الهوية ولا عيسى عليه السلام ثم وجد لتحققها بدونه ( كما كان جبرائيل ) متمثلا ( في صورة البشر ولا نفخ ثم نفخ ففصل ) أي فرق ( بين الصورة والنفخ ) سواء كان النفخ من صورة جبرائيل في عيسى عليهما السلام أو من صورة عيسى عليه السلام في الطير ( وكان النفخ ) أي وجد ( من الصورة فقد كانت ) أي وجدت الصورة ( ولا نفخ ) فإذا فصل بين الصورة والنفخ .

قال رضي الله عنه :  ( فما هو النفخ من حدها الذاتي ) أي ليس النفخ من الحد الذاتي للصورة سواء كانت الصورة لجبرائيل أو لعيسى عليهما السلام لوجود الصورة بدون النفخ ولا الصورة العيسوية حدا ذاتيا للهوية الإلهية لتحقق الهوية بدون الصورة العيسوية ولا الأحياء حدا ذاتيا للصورة العيسوية لوجودها قبل الأحياء.

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فقال تعالى «لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم» فجمعوا بين الخطأ والكفر في تمام الكلام كله لأنه لا بقولهم هو الله، ولا بقولهم ابن مريم، فعدلوا بالتضمين من الله من حيث إحياء الموتى إلى الصورة الناسوتية البشرية بقولهم ابن مريم وهو ابن مريم بلا شك.
فتخيل السامع أنهم نسبوا الألوهية لصورة وجعلوها عين الصورة وما فعلوا، بل جعلوا الهوية الإلهية ابتداء في صورة بشرية هي ابن مريم، ففصلوا بين الصورة والحكم، لا أنهم جعلوا الصورة عين الحكم كما كان جبريل في صورة البشر ولا نفخ، ثم نفخ، ففصل بين الصورة والنفخ وكان النفخ من الصورة، فقد كانت ولا نفخ، فما هو النفخ من حدها الذاتي. )

قال رضي الله عنه :  (فقال تعالى «لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم» فجمعوا بين الخطأ والكفر في تمام الكلام كله لأنه لا بقولهم هو الله، ولا بقولهم ابن مريم، فعدلوا بالتضمين من الله من حيث إحياء الموتى إلى الصورة الناسوتية البشرية بقولهم ابن مريم وهو ابن مريم بلا شك.  فتخيل السامع أنهم نسبوا الألوهية لصورة وجعلوها عين الصورة وما فعلوا، بل جعلوا الهوية الإلهية ابتداء في صورة بشرية هي ابن مريم، ففصلوا بين الصورة والحكم، لا أنهم جعلوا الصورة عين الحكم كما كان جبريل في صورة البشر ولا نفخ، ثم نفخ، ففصل بين الصورة والنفخ وكان النفخ من الصورة، فقد كانت ولا نفخ، فما هو النفخ من حدها الذاتي. )
معناه ظاهر.

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فقال تعالى «لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم» فجمعوا بين الخطأ والكفر في تمام الكلام كله لأنه لا بقولهم هو الله، ولا بقولهم ابن مريم، فعدلوا بالتضمين من الله من حيث إحياء الموتى إلى الصورة الناسوتية البشرية بقولهم ابن مريم وهو ابن مريم بلا شك.
فتخيل السامع أنهم نسبوا الألوهية لصورة وجعلوها عين الصورة وما فعلوا، بل جعلوا الهوية الإلهية ابتداء في صورة بشرية هي ابن مريم، ففصلوا بين الصورة والحكم، لا أنهم جعلوا الصورة عين الحكم كما كان جبريل في صورة البشر ولا نفخ، ثم نفخ، ففصل بين الصورة والنفخ وكان النفخ من الصورة، فقد كانت ولا نفخ، فما هو النفخ من حدها الذاتي. )

قال رضي الله عنه :  ( فقال : "لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ الله هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ "  فجمعوا بين الخطأ والكفر في تمام الكلام ). بعد قولهم : إنّ الله هو .

وقال : ( لا بقولهم هو الله ) يعني : لم يكفروا بقولهم : إن الله هو ، فإنّ الله هو لنفسه هو .
قال رضي الله عنه :  ( ولا بقولهم : المسيح ابن مريم ) بل بما حصروا الله في هوية عيسى بن مريم ، ولم يكفروا بقولهم : إنّ الله هو حملا لهوية عيسى على الله ، إذ هوية عيسى مع هوية العالم كلَّه هو الله المتجلَّي بوجوده الحق في جميع العالم أبدا ، كما مرّ ، ولكن كفروا بوصفهم هوية الله في صورة ابن مريم على التعيين.

قال رضي الله عنه : ( فعدلوا بالتضمين من الله من حيث أحيا الموتى إلى الصورة الناسوتيّة البشرية بقولهم : ابن مريم وهو ابن مريم بلا شكّ ، فتخيّل السامع أنّهم نسبوا الإلهية للصورة وجعلوها عين الصورة وما فعلوا ، بل جعلوا الهوية الإلهية ابتداء في صورة بشرية هي ابن مريم ، ففصلوا بين الصورة والحكم ، لا أنّهم جعلوا الصورة عين الحكم ) .

يعني رضي الله عنه : أنّهم قالوا : " إِنَّ الله هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ " ، ففصلوا بين الصورة المسيحية المريمية وبين الله بالهوية .
ولم يقولوا : الله المسيح بن مريم ، فتخيّل السامع أنّهم نسبوا الألوهية القائمة بذات الله إلى الصورة المسيحية وما فعلوا ذلك ، بل فصلوا بالهوية بين الصورة العيسوية وبين الحكم بحمل اللاهوت على الهوية ، فاقتضت حصر الإلهية في عيسى بن مريم .

قال رضي الله عنه : « بل جعلوا الهوية الإلهية ابتداء في صورة بشرية هي ابن مريم » .
أي جعلوا الله بهويته موضوعا ، وحملوا الصورة عليه فحدّدوا الهوية الإلهية وجعلوها محصورة في صورة الناسوت المعيّنة وهي غير محصورة ، بل له هوية الكلّ ، فجمعوا بين الكفر بأنّ الله هو هذا .
فستروا الهوية الإلهية في عيسى ، وبين الخطأ بأنّه ليس إلَّا فيه - أي هي هي هو لا غير ، وقد كان هو عين الكلّ - ولا في البعض ، بل مطلقا في ذاته عن كل قيد وإطلاق ، كما عرفت .

قال رضي الله عنه : « كما كان جبرئيل في صورة البشر ولا نفخ ، ثم نفخ ، ففصل بين الصورة والنفخ ، وكان النفخ من الصورة ، فقد كانت الصورة ولا نفخ ، فما هو النفخ من حدّها الذاتي ».

يشير رضي الله عنه : إلى أنّ هذا الاختلاف كما كان بين حقيقة الصورة البشرية ، لكون الصورة متحقّقة بلا وجود النفخ ، وليس النفخ من ذاتيات الصورة البشرية ، فكذلك كانت الهوية الإلهية موجودة متحقّقة بلا صورة عيسوية .
وكانت الصورة العيسوية أيضا، قبل ظهور الإحياء الإلهية المنسوبة إليه، من حيث ذاك الإحياء ، فليست هذه الصورة من حدّ الألوهية ، ولا الألوهية وهويّته من حدّها ، فكذلك ولذلك وقع الاختلاف بالفصل في هذه الصورة .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فقال تعالى «لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم» فجمعوا بين الخطأ والكفر في تمام الكلام كله لأنه لا بقولهم هو الله، ولا بقولهم ابن مريم، فعدلوا بالتضمين من الله من حيث إحياء الموتى إلى الصورة الناسوتية البشرية بقولهم ابن مريم وهو ابن مريم بلا شك.
فتخيل السامع أنهم نسبوا الألوهية لصورة وجعلوها عين الصورة وما فعلوا، بل جعلوا الهوية الإلهية ابتداء في صورة بشرية هي ابن مريم، ففصلوا بين الصورة والحكم، لا أنهم جعلوا الصورة عين الحكم كما كان جبريل في صورة البشر ولا نفخ، ثم نفخ، ففصل بين الصورة والنفخ وكان النفخ من الصورة، فقد كانت ولا نفخ، فما هو النفخ من حدها الذاتي. )
فقال تعالى : ( " لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ الله هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ " - فجمعوا بين الخطأ والكفر في تمام الكلام كله لا بقولهم هو الله ولا بقولهم ابن مريم ) .

أي فأدى النظر الفكري إلى بقاء الناظر حائرا فأدى بعضهم في حق عيسى إلى القول بالحلول ، وأنه هو الله في صورة المسيح من حيث أحيا المسيح به الموتى ، فنسبوا في ذلك إلى الكفر لأنهم ستروا الله بصورة بشرة عيسى ، حيث توهموا أنه فيها فكفرهم الله تعالى بقوله – " لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ الله هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ " - لأنهم بين الخطأ والكفر في تمام الكلام لا في أجزائه لأنهم لم يكفروا بحمل هو على الله لأن الله هو .
"" أضاف بالي زادةيعنى قال بعضهم من النصارى : إن الله حل في عيسى فأحيا الموتى ، وبعضهم قال : إنه هو الله بما أحيا اهـ . بالى
قوله ( بصورة بشرية ) تنازع فيه ستروا وأحيا فأيهما عمل حذف المفعول الآخر اه ( فجمعوا بين الخطأ ) وهو حصر الحق في الصورة العيسوية . ( والكفر ) وهو ستر الحق فيها ( في تمام الكلام كله ) فكفروا بقولهم هذا بالكفر الشرعي ( لا بقولهم هو الله ) لأنه هو الله من حيث تعينه بالصورة العيسوية وإحياؤه الموتى ، وليس الله هو من حيث تعينه بصورة أخرى ( ولا بقولهم ابن مريم ) اهـ بالى .""

ولا بحمل الله عليه فيقولوا هو الله لأنه الله ، ولا بقولهم ابن مريم لأنه ابن مريم بل بحصر الحق في هوية المسيح ابن مريم وتوهمهم حلوله فيه ، والله ليس بمحصور في شيء بل هو المسيح وهو العالم كله ، فجمعوا بين الخطأ بالحصر وبين ستر الحق بصورة بشرة عيسى .

قال رضي الله عنه :  ( فعدلوا بالتضمين من الله من حيث أنه أحيا الموتى إلى الصورة الناسوتية البشرية بقولهم ابن مريم وهو ابن مريم بلا شك ، فتخيل السامع أنهم نسبوا الألوهية للصورة وجعلوها عين الصورة ، وما فعلوا بل جعلوا الهوية ابتداء في صورة بشرية هي ابن مريم ، ففصلوا بين الصورة والحكم لأنهم جعلوا الصورة عين الحكم ) .

أي فعدلوا إلى الصورة الناسوتية البشرية من الله من جهة أنه أحيا الموتى بالتضمين : أي بأن جعلوه تعالى في ضمن الصورة الناسوتية وذلك عين الحلول بقولهم :
أي فعدلوا بقولهم ابن مريم وهو كما قالوا ابن مريم ، لكن السامع تخيل أنهم نسبوا الألوهية إلى الصورة وجعلوها عين الصورة ، وهم لم يفعلوا ذلك بل حصروا الهوية الإلهية ابتداء في صورة بشرية هي ابن مريم ، ففصلوا بين الصورة المسيحية والحكم عليها بالإلهية بهو الذي الفصل ، فأفاد كلامهم الحصر لا أنهم جعلوا صورة المسيح عين الحكم عليها بالإلهية ، والظاهر أن الشيخ استعمل الحكم بمعنى المحكوم عليه ليطابق تفسيره الآية .
فإن الله في الآية محكوم عليه والمسيح هو المحكوم به . وقد يستعمل الحكم كثيرا بمعنى المحكوم به فلا حرج أن يستعمل بمعنى المحكوم عليه للملابسة ، وأراد أنهم أرادوا حلول الحق في صورة عيسى فأخطئوا في العبارة المتوهمة للحصر فهم السامع أنهم يقولون إن الله هو صورة عيسى ، وهم يقولون بالفصل أي بالفرق ، وهو أن الله في صورة عيسى ، فمعناه حل الحق في عيسى ابن مريم فالحكم على هذا حلول الله .

قال رضي الله عنه :  ( كما كان جبريل في صورة البشر ولا نفخ ، ثم نفخ ففصل بين الصورة والنفخ ، وكان النفخ من الصورة فكانت ولا نفخ فما هو النفخ من حدها الذاتي ).

أي جعلوا الهوية الإلهية في صورة بشرية ففصلوا بينهما كما فصل بين الصورة والنفخ بأن جبريل كان في الصورة البشرية ولا نفخ وكان النفخ ، فليس النفخ من ذاتيات الصورة ، فكذلك كانت الهوية قبل النفخ فليس النفخ من ذاتيات الصورة ، فكذلك كانت الهوية الإلهية متحققة بدون الصورة العيسوية قبلها .

"" أضاف بالي زادة(ففصلوا بين الصورة والحكم ) أي الهوية الإلهية فكفروا بالكفر اللغوي وهو الستر ، إذ كل صورة هي إستار طلعته لا بالكفر الشرعي ، وهو معنى قولهم بالحلول أي الله حال في صورة عيسى فأحيا الموتى ، فلما قالوا بالحلول حكموا أن الله هو عيسى ، وهو معنى قوله لا بقولهم هو الله وحصروا الله في المسيح .
فما جمع الكفر والخطأ إلا في قولهم هذا ( لا أنهم جعلوا الصورة عين الحكم ) ابتداء ، وإنما نسبهم الحق إلى الكفر لا إلى الخطأ .
فإن خطأهم وهو الحصر في قولهم – "إِنَّ الله هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ " ظاهر بين ، وأما كفرهم فلا يدل ظاهر قولهم عليه لأن ظاهر قولهم إن الله هو المسيح لا يدل إلا على العينية .
والكفر للستر والستر يقتضي المغايرة ، فلما نسبهم الحق في قولهم هذا إلى الكفر ارتفع تخيل السامع ، فظهر أن الحق ما قلناه من أنهم فصلوا بين الصورة والحكم ابتداء ، ولو لم يفعلوا لم ينسبوا إلى الكفر فكانت الهوية ولا عيسى ثم وجد لتحقيقها بدونه اهـ بالى . ""

وكذلك كانت الصورة العيسوية متحققة قبل إحياء الموتى المنسوب إلى الإلهية ، فليست إحداهما ذاتية للأخرى ، لا الصورة العيسوية للهوية الإلهية ولا الإحياء المنسوب إلى الإلهية للصورة العيسوية .

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فقال تعالى «لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم» فجمعوا بين الخطأ والكفر في تمام الكلام كله لأنه لا بقولهم هو الله، ولا بقولهم ابن مريم، فعدلوا بالتضمين من الله من حيث إحياء الموتى إلى الصورة الناسوتية البشرية بقولهم ابن مريم وهو ابن مريم بلا شك.
فتخيل السامع أنهم نسبوا الألوهية لصورة وجعلوها عين الصورة وما فعلوا، بل جعلوا الهوية الإلهية ابتداء في صورة بشرية هي ابن مريم، ففصلوا بين الصورة والحكم، لا أنهم جعلوا الصورة عين الحكم كما كان جبريل في صورة البشر ولا نفخ، ثم نفخ، ففصل بين الصورة والنفخ وكان النفخ من الصورة، فقد كانت ولا نفخ، فما هو النفخ من حدها الذاتي. )
 
قال رضي الله عنه :  ( فقال الله تعالى : " لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح بن مريم " . فجمعوا بين الخطأ والكفر في تمام الكلام كله . ) أي ، جمعوا بين الكفر ، وهو ستر الحق بالصورة العيسوية ، وبين الخطأ ، وهو حصر هوية الله في كلمة العيسوية .
والمراد بقوله : ( في تمام الكلام ) أي ، بمجموع قولهم ، ( إن الله هو المسيح بن مريم ) .
جمعوا بين الكفر والخطأ .
( لا بقولهم هو الله ، ولا بقولهم ابن مريم . ) لأن قولهم : ( هو الله ) أو ( الله هو ) صادق من حيث إن هوية الحق هي التي تعينت وظهرت بالصورة العيسوية ، كما ظهرت بصورة العالم كله.
وقولهم : ( المسيح بن مريم ) أيضا صادق ، لأنه ابن مريم بلا شك ، لكن تمام الكلام ومجموعه غير صحيح ، لأنه يفيد حصر الحق في صورة عيسى ، وهو باطل ، لأن العالم كله غيبا وشهادة صورته ، لا عيسى فقط . "بل احدي تجلياته في صوره تعالي اللانهائية "

قال رضي الله عنه :  ( فعدلوا بالتضمين من الله من حيث أحيا الموتى إلى الصورة الناسوتية البشرية بقولهم :" ابن مريم " وهو " ابن مريم " بلا شك ) .
( من الله ) متعلق بقوله : ( فعدلوا ) . و ( الباء ) في قوله : ( بالتضمين ) بمعنى ( مع ) . أي ، فعدلوا من الله إلى الصورة البشرية مع تضمينه فيها من حيث إنه إحياء الموتى ، فقالوا : ( المسيح بن مريم ) .
وهو ابن مريم بلا شك ، كما قالوا ، لكن جعلوا الله في ضمن صورته ، وهو القول بالحلول 

قال رضي الله عنه :  (فتخيل السامع أنهم نسبوا الألوهية للصورة وجعلوها عين الصورة . وما فعلوا ، بل جعلوا الهوية الإلهية ابتداء في صورة بشرية هي ابن مريم ، ففصلوا بين الصورة والحكم . )
أي ، تخيل السامع أن الذين قالوا بالحلول ، نسبوا الألوهية إلى الصورة العيسوية وجعلوا الألوهية عين تلك الصورة . وليس كذلك .
بل جعلوا الهوية الإلهية ابتداء حالة في الصورة البشرية التي لعيسى ، وتلك الصورة هي ابن مريم ، فالقائلون بالحلول فصلوا أولا بين الصورة وبين الإلهية في الحكم ، أي ، بين الحكم عليها بأنها إله .
أو بين الحكم ، أي ، بين المحكوم عليه وهو الهوية الإلهية . ف‍ ( الحكم ) مستعمل بمعنى المحكوم عليه ، كما يستعمل بمعنى المحكوم به .

قال رضي الله عنه :  ( إلا أنهم جعلوا الصورة عين الحكم ) أي ، فصلوا بين الصورة وبين الهوية الإلهية ابتداء ، إلا أنهم جعلوا الصورة في ثاني الحال عين تلك الهوية في الحمل بقولهم : ( إن الله هو المسيح بن مريم ) . لأن المحمول عين الموضوع في الحمل بالمواطاة .
فتخيل السامع أنهم نسبوا الألوهية إلى الصورة العيسوية ، فحصروها في تلك الصورة . وهو الخطاء .
وقوله : ( عين الحكم ) أي ، جعلوا الصورة عين ما وقع الحكم عليه .

قال رضي الله عنه :  ( كما كان جبرئيل في صورة البشر ولا نفخ ، ثم نفخ ففصل بين الصورة والنفخ ، وكان النفخ من الصورة ، فقد كانت ولا نفخ . )
أي ، كانت الهوية الإلهية وما كانت الصورة العيسوية ، وكانت الصورة العيسوية ، وما كان الإحياء .
كما كان جبرئيل متمثلا في صورة البشر وما كان النفخ حاصلا ، ثم نفخ ، فحصل الفصل بين الصورة والنفخ بأن كانت الصورة موجودة ولا نفخ ، وإن كان النفخ حاصلا من الصورة .
قال رضي الله عنه :  ( فما هو النفخ من حدها الذاتي ) ، ( ما ) بمعنى ( ليس ) . والضمير للفصل .
أي ، فليس النفخ من الحدود الذاتية للصورة وأجزائها ، لتحقق الصورة قبل وجود النفخ .
وكذلك الصورة العيسوية ليست من الحدود الذاتية للهوية الإلهية ، لتحقق الهوية قبل تلك الصورة ، وليس الإحياء أيضا من ذاتيات الصورة العيسوية ، لتحققها مع عدم الإحياء .

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ
:
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فقال تعالى «لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم» فجمعوا بين الخطأ والكفر في تمام الكلام كله لأنه لا بقولهم هو الله، ولا بقولهم ابن مريم، فعدلوا بالتضمين من الله من حيث إحياء الموتى إلى الصورة الناسوتية البشرية بقولهم ابن مريم وهو ابن مريم بلا شك.
فتخيل السامع أنهم نسبوا الألوهية لصورة وجعلوها عين الصورة وما فعلوا، بل جعلوا الهوية الإلهية ابتداء في صورة بشرية هي ابن مريم، ففصلوا بين الصورة والحكم، لا أنهم جعلوا الصورة عين الحكم كما كان جبريل في صورة البشر ولا نفخ، ثم نفخ، ففصل بين الصورة والنفخ وكان النفخ من الصورة، فقد كانت ولا نفخ، فما هو النفخ من حدها الذاتي. )
 
قال رضي الله عنه :  (فقال تعالى :لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ [ المائدة : 17 ] ، فجمعوا بين الخطأ والكفر في تمام الكلام كلّه لا بقولهم هو اللّه ولا بقولهم ابن مريم ، فعدلوا بالتّضمين من اللّه من حيث أحيا الموتى إلى الصّورة النّاسوتيّة البشريّة بقولهم ابن مريم ، وهو ابن مريم بلا شكّ ، فتخيّل السّامع أنّهم نسبوا الألوهيّة للصّورة ، وجعلوها عين الصّورة ، وما فعلوا بل جعلوا الهويّة الإلهيّة ابتداء في صورة بشريّة هي ابن مريم ، ففصلوا بين الصّورة والحكم ، لا أنّهم جعلوا الصّورة عين الحكم ) .

وإليه الإشارة بقوله : ( فجمعوا بين الخطأ ) في جعل الجهتين المختلفتين متحدة ، ( والكفر ) اللغوي يجعل الذات الإلهية الظاهرة في صورة بشرية عيسى مستورة فيها ، وهو نقيض مقتضى الظهور ( في تمام الكلام ) ، وهو قوله :إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ[ المائدة : 17 ] .

ثم قال : ( كله ) ؛ دفعا لتوهم تمامه عند قوله : هو المسيح ، ولو فرض منقطعا عنده يشعر باتحاد الجهتين الموجب للخطأ والكفر ؛ لأن ذكر المسيح يحتمل أن يكون لبيان المظهر ، فكأنهم قالوا : إن اللّه هو الظاهر في هذا المظهر كأنه عينه ، فإذا قيل : ابن مريم ؛ فهذا الوصف ليس لبيان المظهرية بل بيان لجهة البشرية .
فهو مشعر باتحاد الجهتين لدلالته على أنه من جهة كونه ابن مريم هو اللّه ، إذ لا دخل لكونه ابن مريم في المظهرية ، حتى يفهم منه المبالغة في كونه كأنه هو الظاهر فافهم ؛ لأنه ( لا بقولهم : هو اللّه ) المشعر بانفراد جهة الإلهية وإن فرض ظهورها في المسيح ، ( ولا بقولهم : ابن مريم ) المشعر بانفراد جهة العبودية .

والكناية تعود إلى الموجود والقضية مهملة في قوة الجزئية ، أي : بعض الموجودات اللّه وهو الموجود المطلق ، وبعض الموجودات ابن مريم وهو من الموجودات المقيدة ، ويحتمل أن تعود الكناية إلى المحيي أي : المحيي حقيقة هو اللّه ، والمحيي تسببا هو المسيح ؛ لأنه أتى بالنفخ والدعاء سببين له وهو وإن لم يجر له ذكر لكن الإحياء موجب لهذه الحيرة ، فكأنه مذكورا ، فإذا جمعوا بين الكلامين صار المعنى أن اللّه الموجود المطلق هو المسيح من الموجودات المقيدة ، أو أن اللّه المحيي هو المسيح المحيي من حيث كونه ابن مريم.

 فجعلوا جهة العبودية التي يشعر بها كونه ابن مريم عين جهة الربوبية التي بها الإحياء ، ولا يتصور الاتحاد مع فناء الأمرين ؛ لأن الباقي أمر ثالث حدث بعد فنائهما ، ولا مع فناء أحدهما ؛ لأن الباقي لا يتحد مع الفاني ، ولا مع بقائهما بحالهما ، بل إنما يتصور ذلك بجعل أحدهما متضمنا للآخر ، ( فعدلوا بالتضمين ) أي : تضمين جهة الألوهية جهة البشرية عند القول باتحادهما ( من اللّه ).
أي : من القول بظهوره في مظهر المسيح ( من حيث أحيا الموتى ) في هذا المظهر مع أنه لم يظهر فيه بجميع أسمائه وصفاته التي إلهيته بمجموعها لا بعضها ( إلى الصورة الناسوتية ) التي هي عين ( البشرية ) لا تنقلب إلى الألوهية أصلا ، والمظهرية ليست باعتبار هذه الصورة ، بل باعتبار الروح الذي منه ( بقولهم : ابن مريم ) إذ جعلوه وصفا للمسيح من حيث مظهريته ، وهو يشعر بغلبة هذا الوصف لهذه المظهرية على تقدير أن تفعل المظهرية ، لكن لا دخل لكونه ابن مريم في علية هذه المظهرية ، فذكره يشعر باتحاد الجهتين الموجب ستر الذات الإلهية في هذه الصورة الناسوتية البشرية ، وهو الكفر والغلط ، وكيف لا يكون قولا بتضمين جهة الإلهية في جهة البشرية ، ( وهو ابن مريم بلا شكّ ) .

ولو كان التضمين لجهة البشرية في جهة الألوهية ، لكانت جهة الإلهية ظاهرة باختفاء جهة البشرية ، واختفاؤها يوجب الشك في كونه ابن مريم ، لكن لم يشك في ذلك أصلا ، ولا شكّ أن متأخريهم إنما قالوا ذلك بسماعهم إياه من قدمائهم ، ويبعد من قدمائهم القول بالاتحاد ، بل غايته أنهم قالوا هذا القول على قصد الظهور.

أي : أنه تعالى من حيث إحياؤه ظهر في هذا المظهر الذي نقول فيه : إنه ابن مريم ، ( فتخيل السامع أنهم نسبوا الألوهية للصورة ) البشرية لعيسى عليه السّلام ؛ وذلك لأنهم ( جعلوها ) أي : الألوهية ( عين الصورة ) لفظا من غير إشعار بحرف التشبيه المحذوف ، بل جعلوا قولهم : ابن مريم مانعا لتقديره لإشعاره باتحاد الجهتين بلا تشبيه ، ولكنهم ( ما فعلوا ) أي : ما قصدوا نسبة الألوهية إلى المسيح ، وما جعلوها عين صورته البشرية .

قال رضي الله عنه :  ( بل جعلوا الهوية الإلهية ابتداء ) أي : في أول الكلام ظاهرة ( في صورة بشرية ) بظهوره في الروح المتعلق بهذه الصورة ، فكأنه ظاهر فيها وجعلوا آخر الكلام دالا على أن هذه الصورة ، وإن ظهرت فيها الهوية الإلهية ( هي ابن مريم ، ففصلوا ) أي : قصدوا الفصل والفرق ( بين الصورة والحكم ) بالإلهية .
وجعلوا لكل واحدة جهة منفصلة عن الأخرى ( لا أنهم جعلوا الصورة عين الحكم ) بالإلهية ، وإن أتوا بلفظ ستشعر بذلك مانع من تقدير حرف التشبيه ، وكيف يقصدون ذلك ولا شك أن هذه الألوهية بالإحياء ، وقد كانت هذه الصورة البشرية مدة بلا إحياء ، ثم ثبت له الإحياء والمتأخر لا يكون غير المتقدم .

قال رضي الله عنه :  (كما كان جبرائيل في صورة البشر ولا نفخ ، ثمّ نفخ ، ففصل بين الصّورة والنّفخ وكان النّفخ من الصّورة ، فقد كانت ولا نفخ ، فما هو النفخ من حدّها الذّاتي؟)

قال رضي الله عنه :  ( كما كان جبريل في صورة البشر ولا نفخ ، ثم نفخ ففصل ) تأخر النفخ عن صورة بشريته ( بين الصورة والنفخ ) ، فلم تكن جهة صورة البشرية في جبريل عين النفخ ، وإن تقرر أنه ( كان النفخ من الصورة ) البشرية لا تتصور بدونها ، ومع ذلك لا يكون النفخ عنها لتأخره عنها ، ( فقد كانت ) الصورة البشرية لجبريل لما تمثل لها بشرا سويّا ( ولا نفخ ) .
"قالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا، فقالَ إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّا"[ مريم : 18 ، 19 ] ، فخلف مدة هذه المقالة عن النفخ مع تحقق الصورة البشرية له هذه المدة .

قال رضي الله عنه :  ( ثم نفخ ) وهو في هذه الصورة ، فلو كانت الصورة البشرية عين النفخ أو عين بعضها لكان النفخ ذاتيّا لها ، فلا توجد بدونه لكنه وجدت الصورة بدونه ، ( فما هو ) أي : الأمر والشأن ( النفخ من حدها الذاتي ) لامتناع المقارنة فيه في الأحوال والأزمنة كلها ، فكذلك يحكم بالتغاير بين جهة بشرية عيسى عليه السّلام ، والإحياء الذي به تتوهم إلهيته ، وكيف يحكم على هيئته بالإلهية التي هذا الإحياء بعض صفاتها لا كلها ، وأنه ليس له من الإحياء سوى هذا النفخ الذي يشبه نفخ جبريل ، وكما لم يكن هذا النفخ عن جهة البشرية ، فكذا عيسى عليه السّلام للإحياء ليس عين جهة البشرية ؛ فافهم .

وقد وقعت الحيرة فيه من حيث كونه بشرا يحيي الموتى لا بشريته الإنسانية الحقيقية التي في أمه ، والصورة الممثلة التي كانت في جبريل حين نفخ روحه في أمه إحيائه أنه من كون روحه من اللّه ، وكونه من جبريل .

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فقال تعالى «لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم» فجمعوا بين الخطأ والكفر في تمام الكلام كله لأنه لا بقولهم هو الله، ولا بقولهم ابن مريم، فعدلوا بالتضمين من الله من حيث إحياء الموتى إلى الصورة الناسوتية البشرية بقولهم ابن مريم وهو ابن مريم بلا شك.
فتخيل السامع أنهم نسبوا الألوهية لصورة وجعلوها عين الصورة وما فعلوا، بل جعلوا الهوية الإلهية ابتداء في صورة بشرية هي ابن مريم، ففصلوا بين الصورة والحكم، لا أنهم جعلوا الصورة عين الحكم كما كان جبريل في صورة البشر ولا نفخ، ثم نفخ، ففصل بين الصورة والنفخ وكان النفخ من الصورة، فقد كانت ولا نفخ، فما هو النفخ من حدها الذاتي. )
 
قال رضي الله عنه :  (فجمعوا بين الخطأ والكفر في تمام الكلام كلَّه ، لأنّه ) - أي الكفر المنصوص عليه في الآية - ( لا بقولهم : « هو الله » ) أي المسيح .
لأنّ مؤدّى قولهم أنّ المسيح من حيث هويّته الله - وفي عبارته هذه إشارة إليه - ولا شكّ في صدقه ، ( ولا بقولهم : " ابْنُ مَرْيَمَ " ) فإنّ المسيح من حيث الصورة ابن مريم بلا شكّ بل بالجمع بينهما ، فإنّهم به ستروا الله بصورة بشريّة عيسى .

ثمّ إنّه لما بيّن أنهم جمعوا بين الخطأ والكفر في قولهم هذا ، وقد بيّن وجه كفرهم فيه ، شرع في تبيين خطأهم بقوله : ( فعدلوا بالتضمين ) - أي بسبب جعلهم الحقّ في ضمن المسيح حالَّا فيه - ( من الله - من حيث أحيا الموتى إلى الصورة الناسوتيّة البشريّة بقولهم : " ابْنُ مَرْيَمَ " فإنّك قد عرفت في مطلع الفصّ هذا أنّ محل الروح عندهم يسمّى بالناسوت .

قال رضي الله عنه :  ( وهو ابن مريم بلا شكّ ) وإن ظهر من هذا أيضا كفرهم ، ولكن الغرض من هذا الكلام تبيين خطأهم .
وذلك لأنّهم عبّروا عن تلك العقيدة بقوله : "إِنَّ الله هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ " بحمل هو هو.
وذلك إنما يقتضي الاتّحاد بين المحكوم عليه وبه ، لا تضمينه له ( فتخيّل السامع ) من عبارتهم هذه ( أنّهم نسبوا الإلهيّة للصورة وجعلوها عين الصورة ) على ما هو مؤدّى مثل ذلك الكلام .
أمّا نسبة الالوهيّة للصورة ، فبحمل المسيح بن مريم بهويّتها على الله بهو هو ، وأما جعلها عين الصورة فبوصفهم المحمول ذلك بالابن ، فحيث يخيّل السامع من كلامهم خلاف ما قصدوه من أصل عقيدتهم التي جبلوا عليها أوّلا.

 قال رضي الله عنه :  ( وما فعلوا ) ذلك النسبة على وفق ما فهم السامع من كلامهم وطبق ما يخيّل من معتقدهم ( بل جعلوا الهويّة الإلهيّة ابتداء في صورة بشريّة - هي ابن مريم - ففصّلوا بين الصورة والحكم ).

وهو نسبة الإلهيّة - تفصيل الحالّ عن المحلّ ، ( لا أنّهم جعلوا الصورة عين الحكم ) على ما هو المفهوم من كلامهم ، والمقصود من خلقتهم ، وهو أنّ الصورة التشبيهيّة عين الحكم المعنويّ التنزيهيّ .
وظاهر أنّ المراد بـ « الحكم » هاهنا هو نسبة الالوهيّة لا المحكوم عليه ، ولا القول بالحلول . وب « الفصل » هو التفرقة ، لا إيراد ضمير الفصل ، فإنّه من التعسّفات البعيدة التي لا يليق سلوكها بالمحصّلين ، فكيف بالمحقّقين  !
"" إضافة المحقق : تعريض للكاشاني حيث قال في شرح هذا المقطع: « حصروا الهوية الإلهية ابتداء في صورة بشرية هي ابن مريم ، ففصّلوا بين الصورة المسيحية والحكم عليها بالإلهية بـ « هو » - ضمير الفصل - فأفاد كلامهم الحصر لا أنهم جعلوا صورة المسيح عين الحكم عليها بالإلهية .
والظاهر أن الشيخ استعمل « الحكم » بمعنى المحكوم عليه ، ليطابق تفسيره الآية ، فإنّ اللَّه في الآية محكوم عليه ، والمسيح هو المحكوم به .
وقد يستعمل الحكم كثيرا بمعنى المحكوم به ، فلا حرج أن يستعمل بمعنى المحكوم عليه للملابسة وأراد أنهم أرادوا حلول الحق في صورة عيسى ، وهم يقولون بالفصل ، أي بالفرق وهو أن اللَّه في صورة عيسى .
فمعناه : حلّ الحقّ في عيسى بن مريم . فالحكم على هذا حلول اللَّه " .""

وبـ « الخطأ » هو التعبير بما يخالف مقاصدهم ، بل ينافيه ، لا الحصر المستفاد من الفصل فإنّه من الكفر لا الخطأ .
إذ حصر الحقّ في صورة بشريّة عيسى هو ستره المذكور المفسّر به الكفر فلا بدّ وأن يكون الخطأ معنى وراء ذلك حتّى يصحّ أن يقال : إنّ كلامهم جامع لهما .

تنبيه كاشف لا بدّ من تذكره هاهنا :
الوحدة الإلهية لا تعاند الكثرة
اعلم أنّ الهويّة الإلهيّة - لانتفاء أحكام المتقابلات فيها - وحدتها ليست هي الوحدة المعاندة للكثرة ، بل هي الشاملة لها ، المستجمعة معها ، فعبّر عنها هاهنا بالحكم ، تنبيها على هذه النكتة ، وتنزّلا أيضا إلى مسلك النصارى في ذلك ، فإنّهم جعلوا الالوهيّة موطن ثالث الثلاثة وقالوا فيها بالأقانيم المتكثّرة .

ثمّ إنّهم فصّلوا في المسيح بما كان عليه من إحياء الموتى ( كما كان جبرئيل في صورة البشر - ولا نفخ - ثم نفخ . ففصّل بين الصورة والنفخ و ) الدليل على ذلك أنّه (كان النفخ من الصورة) بشهادة المشاهدة ، وبيّن أن تلك الصورة ما لزمها النفخ ، ( فقد كانت ولا نفخ ) ، فعلم أنّه ليس من ذاتيّات تلك الصورة ولا من لوازمها ( فما هو النفخ من حدّها الذاتي ) فإنّ الذي يدخل في الحدود لا أقلّ من أن يكون من لوازمها .
ثمّ إنّه إذا استمرّ المراء بين أهل النظر في أمر عيسى اختلف آراؤهم فيه .

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فقال تعالى «لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم» فجمعوا بين الخطأ والكفر في تمام الكلام كله لأنه لا بقولهم هو الله، ولا بقولهم ابن مريم، فعدلوا بالتضمين من الله من حيث إحياء الموتى إلى الصورة الناسوتية البشرية بقولهم ابن مريم وهو ابن مريم بلا شك.
فتخيل السامع أنهم نسبوا الألوهية لصورة وجعلوها عين الصورة وما فعلوا، بل جعلوا الهوية الإلهية ابتداء في صورة بشرية هي ابن مريم، ففصلوا بين الصورة والحكم، لا أنهم جعلوا الصورة عين الحكم كما كان جبريل في صورة البشر ولا نفخ، ثم نفخ، ففصل بين الصورة والنفخ وكان النفخ من الصورة، فقد كانت ولا نفخ، فما هو النفخ من حدها الذاتي. )
 
قال رضي الله عنه :  ( فقال تعالى «لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم» فجمعوا بين الخطأ والكفر في تمام الكلام كله لأنه لا بقولهم هو الله، ولا بقولهم ابن مريم )

قال رضي الله عنه :  (فقال : "لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ" قالُوا " إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ " فجمعوا بين الخطأ والكفر في تمام الكلام كله ) لا في أجزائه .

وإنما قلنا : الجمع بين الخطأ والكفر في تمام الكلام لا في أجزائه لأنه ، أي الجمع بينهما ( لا ) يتحقق ( بقولهم ) المسيح ( هو اللّه ) ، أو اللّه هو المسيح فقط ، فإن حمل على أن هوية الحق سبحانه هي التي تعينت وظهرت بالصورة المسيحية كما ظهرت بصور العالم كلها من غير أن يلاحظ فيه معنى الحصر فهو صدق لا شك فيه .
وإن لوحظ فيه معنى الحصر فهو كفر وستر لما هو الحق عليه من عموم سريانه في الموجودات كلها ، وإن حمل على أن الهوية الإلهية حالة في الصورة المسيحية فهو أيضا كفر إذ ظهورها في الأشياء ظهور المطلق في المقيد لا ظهور الحال في المحل فليس فيه إلا الكفر على بعض التقادير .

قال رضي الله عنه :  ( و ) كذلك الجمع بينهما ( لا ) يتحقق ( بقولهم ابن مريم ) فقط ، لأنه ابن مريم بلا شك فليس فيه كفر ولا خطأ أصلا فالجمع بينهما أنه هو مجموع الكلام لأنهم ضمنوا المسيح الإلهية واعتقدوها في ضمنه على وجه الحلول ( فعدلوا ) حال كونهم متلبسين ( بالتضمين ) ، أي بجعل اللّه من حيث هو أحيا الموتى في ضمن المسيح ونسبة الإحياء إليه ( من اللّه ) المضمن في صورة المسيح .

قال رضي الله عنه :  ( من حيث ) إنه ( أحيا الموتى إلى الصورة الناسوتية البشرية ) المسيحية فانفهم منه أن اللّه تعالى من حيث أنه أحيا الموتى إنما هو الصورة المسيحية ، وذلك خلاف معتقدهم فهو خطأ منهم ما عمدوه ، ولكن لزم من كلامهم وذلك العدول إنما يظهر ( بقول ابن مريم ) حيث أجروه على المسيح المحمول على اللّه المحيي للموتى

قال رضي الله عنه :  ( فعدلوا بالتضمين من الله من حيث إحياء الموتى إلى الصورة الناسوتية البشرية بقولهم ابن مريم وهو ابن مريم بلا شك. فتخيل السامع أنهم نسبوا الألوهية لصورة وجعلوها عين الصورة وما فعلوا، بل جعلوا الهوية الإلهية ابتداء في صورة بشرية هي ابن مريم، ففصلوا بين الصورة والحكم، لا أنهم جعلوا الصورة عين الحكم . كما كان جبريل في صورة البشر ولا نفخ، ثم نفخ، ففصل بين الصورة والنفخ وكان النفخ من الصورة، فقد كانت ولا نفخ، فما هو النفخ من حدها الذاتي. )

فعدلوا بالتضمين من الله من حيث إحياء الموتى إلى الصورة الناسوتية ( وهو ) من حيث صورته الناسوتية ( ابن مريم بلا شك ) لا من حيث ما أحيا به الموتى فيتبادر الفهم أنه من حيث صورته الناسوتية محمول على اللّه ( فتخيل السامع أنهم نسبوا الألوهية ) وأثبتوها ( للصورة وجعلوها ) بل الموصوف بها وهو اللّه ( عين الصورة ) المسيحية ( وما فعلوا ) من ذلك عن قصد بل توهمه السامع من كلامهم .
قال رضي الله عنه :  ( بل جعلوا الهوية الإلهية ابتداء ) ، أي في ابتداء كلامهم حيث قالوا : إن اللّه هو المسيح حالة ( في صورة بشرية هي ابن مريم ) ، لا ما حل فيها ( ففصلوا بين الصورة والحكم ) أي الإلهية التي هي المحكوم بها فإنهم ما حكموا على الصورة بل ما حل فيها.

قال رضي الله عنه :  ( لا أنهم جعلوا الصورة عين الحكم ) ، أي الإلهية على عين الموصوف بها ، ثم إنه رضي اللّه عنه لما بين أنهم فصلوا بين حكم الإلهية والصورة المسيحية شبه هذا الفصل بفصل جبريل بين النفخ والصورة البشرية .
فقال رضي الله عنه  : ( كما كان جبريل في صورة ) البشر أولا ( ولا نفخ منه ) في مريم ( ثم نفخ فيها ففصل بين الصورة ) البشرية ( والنفخ ) حيث تخلق النفخ عنها ( و ) لكن ( كان النفخ ) صادرا ( من الصورة ) آخرا فقد كانت الصورة ولا نفخ منها ( فما هو ) ، أي النفخ ( من حدها الذاتي ) الذي لم يفصل عنها ولا لازمها الخارجي كذلك ، ثم إنه لما استمر من العقلاء أهل النظر النظر في أمر عيسى عليه السلام وكان له وجوه متعددة اختلفت آراؤهم فيه .

.
السفر الخامس عشر الفقرة التاسعة على منتدي إتقوا الله ويعلمكم الله 
واتساب

No comments:

Post a Comment