Monday, December 2, 2019

السفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية الفقرة الثامنة .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية الفقرة الثامنة .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية الفقرة الثامنة .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134هـ:
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولو أتى جبريل أيضا بصورته النورية الخارجة عن العناصر والأركان إذ لا يخرج عن طبيعته لكان عيسى لا يحيي الموتى إلا حتى يطهر في تلك الصورة الطبيعية النورية لا العنصرية مع الصورة البشرية من جهة أمه.
فكان يقال فيه عند إحيائه الموتى هو لا هو، و تقع الحيرة في النظر إليه كما وقعت في العاقل عند النظر الفكري إذا رأى شخصا بشريا من البشر يحيي الموتى، و هو من الخصائص الإلهية، إحياء النطق لا إحياء الحيوان، بقي الناظر حائرا، إذ يرى الصورة بشرا بالأثر الإلهي.
فأدى بعضهم فيه إلى القول بالحلول، و أنه هو الله بما أحيا به من الموتى، و لذلك نسبوا إلى الكفر و هو الستر لأنهم ستروا الله الذي أحيا الموتى بصورة بشرية عيسى.)
.

قال رضي الله عنه :  ( ولو أتى جبرئيل بصورته النّوريّة الخارجة عن العناصر والأركان - إذ لا يخرج عن طبيعته - لكان عيسى لا يحيي الموتى إلّا حين يظهر في تلك الصّورة الطبيعيّة النّوريّة لا العنصريّة مع الصّورة البشريّة من جهة أمّه فكان يقال فيه عند إحيائه الموتى هو لا هو .  وتقع الحيرة في النّظر إليه كما وقعت في العاقل عند النّظر الفكريّ إذا رأى شخصا بشريّا من البشر يحيي الموتى ، وهو من الخصائص الإلهيّة ، إحياء النّطق لا إحياء الحيوان بقي النّاظر حائرا ، إذ يرى الصّورة بشرا بالأثر الإلهي .  فأدى بعضهم فيه إلى القول بالحلول ، وأنّه هو اللّه بما أحيا به الموتى ، ولذلك نسبوا إلى الكفر وهو السّتر لأنّهم ستروا اللّه الّذي أحيا الموتى بصورة بشريّة عيسى) .

فقال تعالى :" لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ " [ المائدة : 17 ] فجمعوا بين الخطأ والكفر في تمام الكلام كلّه لا بقولهم هو اللّه ولا بقولهم ابن مريم .
ولو أتى جبريل إلى مريم عليها السلام بصورته النورية التي خلقه اللّه تعالى عليها الخارجة عن العناصر الأربعة والأركان التي لا بد لكل مولد من المركبات الجسمانية أن يكون مستمدا منها إذ ، أي لأنه يعني جبريل عليه السلام لا يخرج عن طبيعته التي هو مركب الصورة منها .
وهي منقسمة إلى أربعة أقسام نظير العناصر الأربعة والأركان الأربعة ، وهي :
1 - الحرارة
2 - والبرودة
3 -  والرطوبة
4 - واليبوسة .
وأرواح الملائكة العلوية عليهم السلام منفوخة في صور جسمانية لطيفة طبيعية مركبة من هذه الطبائع الأربع المذكورة من العناصر (لكان عيسى) عليه السلام (لا يحيي الموتى) ولا يبرئ الأكمه والأبرص ولا يخلق الطير من الطين أيضا (إلا حين "حتى" يظهر في تلك الصورة) الملكية الجبريلية (الطبيعة النورية لا العنصرية مع) ظهوره أيضا في الصورة البشرية الإنسانية العنصرية من جهة أمه مريم عليها السلام .
لأنه متولد عن هاتين الصورتين حينئذ الصورة الطبيعية الملكية والصورة العنصرية الإنسانية (فكان يقال فيه عند إحيائه الموتى) وإبراء الأكمه والأبرص حيث يظهر في الصورتين معا فيكون ملكا بشرا (هو) .
أي عيسى عليه السلام من حيث الصورة البشرية ، لأنه بشر ابن مريم عليها السلام (لا هو) عيسى عليه السلام ، لأنه في الصورة الطبيعية الملكية ، لأنه ملك من نفخ جبريل عليه السلام .
(وتقع الحيرة) حينئذ عند العقلاء (في النظر إليه) ، لأنهم يرون بشرا يفعل فعل ملك فيقولون بشر للصورة ، ويقولون ملك للفعل ، كما قالت النسوة المفتتنات بيوسف عليه السلام عنه من فرط حسنه وجماله .

وحكى تعالى ذلك حيث قال : " فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حاشَ لِلَّهِ ما هذا بَشَراً إِنْ هذا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ " [ يوسف : 31 ] .
(كما وقعت) ، أي الحيرة (في) الإنسان (العاقل عند النظر الفكري إذا رأى شخصا بشريا )، أي من البشر يحيي الموتى وهو ، أي إحياء الموتى من جملة الخصائص الإلهية إحياء النطق الإنساني ، لأنه أبلغ لكمال الحيوان الناطق لا إحياء مطلق الحيوان من غير نطق كإحياء أبي يزيد رضي اللّه عنه النملة .
وإحياء شيخنا الشيخ عبد القادر الكيلاني رضي اللّه عنه الهرة وكان اسمها لؤلؤة ، وقد ماتت وألقيت على المزبلة فناداها لؤلؤة ، فجاءت مسرعة إليه .
والملا عبد الرحمن الجامي قدس اللّه سره أحيا الدجاجة التي وضعها السلطان مطبوخة قدامه وهي ميتة لا مذبوحة امتحانا له ، فصفق بيديه حتى قامت من الصحن مسرعة .
ومثل هذا الأمر لا يوقع حيرة بل كرامة عند الناظرين ، وإنما الحيرة في إحياء إنسان ، فإنه إذا صار من أحد.

قال رضي الله عنه :  (بقي الناظر) إلى ذلك (حائرا) فيه إذ يرى الصورة من ذلك الشخص الذي صدر منه إحياء الميت بشرا وهو مع ذلك ظاهر (بالأثر الإلهي) " والأثر إلهيا " .
الذي هو مخصوص به سبحانه وهو إحياء الموتى فأدى ، أي أوصل هذا الأمر بعضهم ، أي بعض العقلاء فيه ، أي في حق ذلك الشخص الذي أحيا الميت (إلى القول بالحلول) أي حلول اللّه تعالى المخصوص بإحياء الموتى في ذلك الشخص .
 كما قالته طائفة من النصارى في عيسى عليه السلام وفي رهابينهم وقسيسهم .
وتبعتهم الرافضية في علي وأولاده رضي اللّه عنهم .
والدروز والتيامنة والنصيرية في الحاكم بأمر اللّه وفي عقلائهم ، والباطنية في كل شيء ، وهو كفر صريح كما أوضحوا رده في علم الكلام .

وقد رميت به المحققون من أهل اللّه تعالى عند من لا خلاق له من جهلة العلماء الذين لا يعرفون اصطلاح الشرع في الكتاب والسنة .
ويعدلون عنه إلى اصطلاح آخر درج عليه أهل الكلام وأدى ذلك أيضا بعضهم وهم طائفة من النصارى أيضا إلى القول في عيسى عليه السلام أنه هو اللّه تعالى بما أحيا به من الموت وذلك مخصوص باللّه تعالى لا يقدر عليه غيره سبحانه ولذلك ، أي لأجل ما صدر منهم من القول المذكور نسبوا في شرعنا المحمدي إلى الكفر كما يأتي .

وهو ، أي الكفر معناه الستر لأنهم ، أي القائلين بذلك ستروا اللّه تعالى الذي أحيا الموتى وهو متجل عند الناظرين بصورة بشرية عيسى عليه السلام كما هو متجل بصورة روحانية عنده فقال اللّه تعالى :" لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ " [ المائدة : 17 ] .

وهم النصارى قالوا ذلك من جهلهم بما الأمر عليه في نفسه فجمعوا بين الخطأ بترك ما هو الصواب والكفر في الدين في تمام الكلام الذي قالوه كله وهو قولهم :إ" ِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ " ، لا جمعوا بين الخطأ والكفر بقولهم : "هُوَ، أي عيسى عليه السلام اللَّهَ من حيث إنه تعالى متجل بالصورة العيسوية بسبب أنه قيوم عليها إلا أنها مخلوقة له لا بالحلول ولا الاتحاد ولا الانحلال .

واللّه تعالى يتجلى في أي صورة شاء في الدنيا والآخرة من غير أن يتغير عن إطلاقه الحقيقي وتنزيهه الذاتي عن مشابهة كل شيء لما ظهر لموسى عليه السلام في صورة النار والشجر "فَلَمَّا أَتاها نُودِيَ يا مُوسى( 11 ) إِنِّي أَنَا رَبُّكَ " [ طه : 11 - 12 ] .
وقال النبي صلى اللّه عليه وسلم : « رأيت ربي في أحسن صورة » . رواه الدارمي والطبري
وقال صلى الله عليه وسلم  : "  ويتحوّل يوم القيامة في الصور لأهل المحشر "  .
كما ورد في حديث مسلم ولا بقولهم أيضا هُوَعيسى عليه السلام ابْنُ مَرْيَمَ، لأنه ابن مريم من غير شبهة .

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولو أتى جبريل أيضا بصورته النورية الخارجة عن العناصر والأركان إذ لا يخرج عن طبيعته لكان عيسى لا يحيي الموتى إلا حتى يطهر في تلك الصورة الطبيعية النورية لا العنصرية مع الصورة البشرية من جهة أمه.
فكان يقال فيه عند إحيائه الموتى هو لا هو، و تقع الحيرة في النظر إليه كما وقعت في العاقل عند النظر الفكري إذا رأى شخصا بشريا من البشر يحيي الموتى، و هو من الخصائص الإلهية، إحياء النطق لا إحياء الحيوان، بقي الناظر حائرا، إذ يرى الصورة بشرا بالأثر الإلهي.
فأدى بعضهم فيه إلى القول بالحلول، و أنه هو الله بما أحيا به من الموتى، و لذلك نسبوا إلى الكفر و هو الستر لأنهم ستروا الله الذي أحيا الموتى بصورة بشرية عيسى.)
.
 
قال رضي الله عنه :  (ولو أتى جبرائيل عليه السلام بصورته النورية الخارجية عن العناصر ) والسماوات فإن كلها عنصرية .

قال رضي الله عنه :  ( والأركان إذ ) أي حيث ( لا يخرج عن ) صورة ( طبيعية ) النورية ( لكان عيسى عليه السلام لا يحيي الموتى إلا حين يظهر في تلك الصورة الطبيعية النورية لا العنصرية مع الصورة البشرية من جهة أمّه فكان يقال فيه ) أي في حق عيسى عليه السلام حين تلبسه بالصورتين ( عند إحيائه الموتى هو ) من حيث تلبسه بالصورة البشرية ( لا هو )  من حيث تلبسه بالصورة النورية .

قال رضي الله عنه :  ( وتقع الحيرة في النظر إليه كما وقعت في العاقل عند النظر الفكري إذا رأى شخصا سويا من البشر يحيي الموتى وهو ) أي إحياء الموتى ( من الخصائص الإلهية إحياء النطق ) أي يحيي الإنسان الميت ناطقا لعيسى عليه السلام مجيبا لدعوته فكان الأحياء مع النطق .
قال رضي الله عنه :  ( لا احياء الحيوان ) أي لا الإحياء الذي يتحرك الميت ويقوم من قبره بدون النطق إذ لو كان كذلك لم يكن معجزة فلما أحيى سام فقام وشهد نبوته ثم رجع إلى أول حاله تحيروا فيه فاختلفوا على حسب مظهر نظرهم ( بقي الناظر حائرا إذ يرى الصورة بشرا بالأثر الإلهي فأدّى ) نظر ( بعضهم فيه ) أي في حق عيسى عليه السلام ( إلى القول بالحلول ) .

يعني قال بعضهم من النصارى أن اللّه تعالى حل عيسى عليه السلام فأحيا الموتى ( وأنه ) أي وبعد قولهم بالحلول قال ذلك البعض أن عيسى ( هو اللّه بما ) أي بسبب الذي ( أحيا به الموتى ) وهو قوله : قمبِإِذْنِ اللَّهِ ( ولذلك ) أي ولأجل أن بعضهم قالوا إن اللّه حل في صورة عيسى عليه السلام وأن عيسى عليه السلام هو اللّه ( نسبوا إلى الكفر وهو الستر لأنهم ستروا اللّه الذي أحيا الموتى ) قوله ( بصورة بشرية ) تنازع فيه ستروا وأحيا فأيهما عمل حذف مفعول الآخر ( عيسى ) عليه السلام بيان لصورة بشرية .

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولو أتى جبريل أيضا بصورته النورية الخارجة عن العناصر والأركان إذ لا يخرج عن طبيعته لكان عيسى لا يحيي الموتى إلا حتى يطهر في تلك الصورة الطبيعية النورية لا العنصرية مع الصورة البشرية من جهة أمه.
فكان يقال فيه عند إحيائه الموتى هو لا هو، و تقع الحيرة في النظر إليه كما وقعت في العاقل عند النظر الفكري إذا رأى شخصا بشريا من البشر يحيي الموتى، و هو من الخصائص الإلهية، إحياء النطق لا إحياء الحيوان، بقي الناظر حائرا، إذ يرى الصورة بشرا بالأثر الإلهي.
فأدى بعضهم فيه إلى القول بالحلول، و أنه هو الله بما أحيا به من الموتى، و لذلك نسبوا إلى الكفر و هو الستر لأنهم ستروا الله الذي أحيا الموتى بصورة بشرية عيسى.)
.

قال رضي الله عنه :  ( ولو أتى جبريل أيضا بصورته النورية الخارجة عن العناصر والأركان إذ لا يخرج عن طبيعته لكان عيسى لا يحيي الموتى إلا حتى يطهر في تلك الصورة الطبيعية النورية لا العنصرية مع الصورة البشرية من جهة أمه.  فكان يقال فيه عند إحيائه الموتى هو لا هو، و تقع الحيرة في النظر إليه كما وقعت في العاقل عند النظر الفكري إذا رأى شخصا بشريا من البشر يحيي الموتى، و هو من الخصائص الإلهية، إحياء النطق لا إحياء الحيوان، بقي الناظر حائرا، إذ يرى الصورة بشرا بالأثر الإلهي.فأدى بعضهم فيه إلى القول بالحلول، و أنه هو الله بما أحيا به من الموتى، و لذلك نسبوا إلى الكفر و هو الستر لأنهم ستروا الله الذي أحيا الموتى بصورة بشرية عيسى.).
معناه ظاهر.

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولو أتى جبريل أيضا بصورته النورية الخارجة عن العناصر والأركان إذ لا يخرج عن طبيعته لكان عيسى لا يحيي الموتى إلا حتى يطهر في تلك الصورة الطبيعية النورية لا العنصرية مع الصورة البشرية من جهة أمه.
فكان يقال فيه عند إحيائه الموتى هو لا هو، و تقع الحيرة في النظر إليه كما وقعت في العاقل عند النظر الفكري إذا رأى شخصا بشريا من البشر يحيي الموتى، و هو من الخصائص الإلهية، إحياء النطق لا إحياء الحيوان، بقي الناظر حائرا، إذ يرى الصورة بشرا بالأثر الإلهي.
فأدى بعضهم فيه إلى القول بالحلول، و أنه هو الله بما أحيا به من الموتى، و لذلك نسبوا إلى الكفر و هو الستر لأنهم ستروا الله الذي أحيا الموتى بصورة بشرية عيسى.)
.
 
قال رضي الله عنه :  (ولو أتى جبرئيل في صورته النورية الخارجة عن العناصر والأركان - إذ لا يخرج عن طبيعته - لكان عيسى لا يحيي الموتى إلَّا حين يظهر في تلك الصورة الطبيعية النورية لا العنصرية مع الصورة البشرية من جهة أمّه ، فكان يقال فيه عند إحيائه الموتى : « هو لا هو » وتقع الحيرة في النظر إليه ) .

يشير ضي الله عنه : فيما سردنا وأوردنا من نصّ الفصّ إلى أنّ الإحياء والإبراء من خصائص الأرواح ، لكونها جملة أسماء اللاهوت ، وإحياء عيسى لما أحياء من جهة جبرئيل الأمين ، فإنّ الحياة للأرواح ذاتية ، فإنّها أنفاس رحمانية ، وإحياء عيسى وغيره ممّن أحيا فمن الروح الأمين أو غيره ، فلا يكون الإحياء منه إلَّا إذا كان عيسى على تلك الصورة التي كان عليها جبرئيل حين تمثّل لإلقاء الكلمة إلى مريم .
وفيما ذكر رضي الله عنه : إشارة أيضا إلى أنّ جبرئيل سلطان العناصر ، وأنّ له أن يظهر في السماوات السبع وما تحتها من العنصريات والعناصر لأهلها بأيّ صورة شاء من صور العنصريات بحسب الموطن والمقام والمناسبة واستعداد من ظهر له ، وأنّ صورته الأصلية غير عنصرية ، بل طبيعية نورية ما بين الثامن والسابع ، وأنّه ليس له أن يخرج عن هذه الطبيعة التي هي له بالأصالة إلى ما فوقها إلَّا أن يشاء الله ، فهو لا يتعدّى سدرة المنتهى .
فلو كان تمثّل جبرئيل عند النفخ في صورة عنصر أو عنصرين ، لما كان الإحياء من عيسى إلَّا بعد ظهوره بتلك الصورة ، ولو كان جبرئيل إذ ذاك في صورته الأصلية الطبيعية النورية ، لكان الحكم كالحكم في الواقع ، فلم يكن يحيي عيسى إلَّا إذا ظهر في صورة جبرئيل الأصلية مع جمعه بين ذلك وبين صورته البشرية من جهة أمّه ، إذ لا يخرج على كل حال عن صورته الأصلية وطبيعته ، فلا بدّ له من الظهور بصورة أصله من جهة جبرئيل ومن جهة أمّه ، حتى لا يخرج بالكلَّية عن طبيعته وصورته الإنسانية .
فيقال فيه :
« هو لا هو » وفات المراد المطلوب وهو إحياؤه وإبراؤه في صورة بشرية ، وإلَّا لكان إحياء عيسى على ذلك التقدير في تلك الصورة الجبرئيلية مع الصورة البشرية ، فيراه الرائي متحوّلا من صورته العيسوية إلى صورته الجبرئيلية ووقعت الحيرة .

قال رضي الله عنه : ( كما وقعت في العاقل عند النظر الفكريّ ، إذا رأى شخصا بشريّا من البشر يحيي الموتى - وهو من الخصائص الإلهية - إحياء النطق لا إحياء الحيوان ، بقي الناظر حائرا ، إذ يرى الصورة بشرا بالأثر إلهيا ) .
يعني رضي الله عنه : كان يحيي بالنطق ، فيقول : قم حيّا بالله أو بإذن الله أو باسم الله ، فتخرج الموتى بالنطق والدعاء ، فتجيبه فيما كلَّمها به نطقا ، لا إحياء الحيوان الذي يبقى حيّا عمرا على ما نقل في قصّة أنّه أحيا بنطقه سام بن نوح عليه السّلام فشهد بنبوّته ، ثمّ ترجّع على حالته .

قال رضي الله عنه : ( فأدّى بعضهم فيه) أي عند إحيائه الموتى
( إلى القول بالحلول ) يعني نسبوا الإحياء إلى الله حال حلوله في صورة عيسى
( وأنّه هو الله بما أحيا به الموتى ، ولذلك نسبوا إلى الكفر وهو الستر ، لأنّهم ستروا الله الذي أحيا الموتى بصورة بشرية عيسى ).

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولو أتى جبريل أيضا بصورته النورية الخارجة عن العناصر والأركان إذ لا يخرج عن طبيعته لكان عيسى لا يحيي الموتى إلا حتى يطهر في تلك الصورة الطبيعية النورية لا العنصرية مع الصورة البشرية من جهة أمه.
فكان يقال فيه عند إحيائه الموتى هو لا هو، و تقع الحيرة في النظر إليه كما وقعت في العاقل عند النظر الفكري إذا رأى شخصا بشريا من البشر يحيي الموتى، و هو من الخصائص الإلهية، إحياء النطق لا إحياء الحيوان، بقي الناظر حائرا، إذ يرى الصورة بشرا بالأثر الإلهي.
فأدى بعضهم فيه إلى القول بالحلول، و أنه هو الله بما أحيا به من الموتى، و لذلك نسبوا إلى الكفر و هو الستر لأنهم ستروا الله الذي أحيا الموتى بصورة بشرية عيسى.)
.
 
قال رضي الله عنه :  (ولو أتى جبريل بالصور النورية الخارجة عن العناصر والأركان إذ لا يخرج عن طبيعته لكان عيسى لا يحيى الموتى إلا حين يظهر في تلك الصورة النورية لا العنصرية مع الصورة البشرية من جهة أمه فكان يقال فيه عند إحيائه الموتى هو لا هو ، وتقع الحيرة في النظر إليه ) .
لما كان الإحياء والإبراء من خصائص الأرواح ، لأن الحياة لها ذاتية كانت له خاصية الإحياء من جهة جبريل ، فكان عيسى ينتسب إليه في تلك الخاصية على الصورة التي تمثل بها عند النفخ وإلقاء الكلمة إلى مريم ، لأنه عليه السلام نتيجة تلك الصورة ولهذا يغلب على الولد ما يغلب على الوالد من الأخلاق والهيئات النفسانية حين ينفصل عنه مادة الولد ، ولو أتى بصورة غير الصورة البشرية لما قدر عيسى على الإحياء إلا في تلك الصورة سواء كانت عنصرية عارضية مما له عليها حكم وسلطنة أو نورية طبيعية له .
"" أضاف بالي زادة : ( فكان يقال فيه ) حين تلبسه بالصورتين عند إحيائه الموتى ( هو ) من حيث تلبسه بالصورة البشرية ( لا هو ) من حيث تلبسه بالصورة النورية اهـ بالى . ""

ومعنى قوله رضي الله عنه  : إذ لا يخرج عن طبيعته أنه لا يتجاوز عن صورته النورية الطبيعية إلى ما فوقه ، لأن التمثل بصورة ما تحت قهره وسلطنته في قوته ومنعته كما في صورة العنصريات ، وفيه إشارة إلى أن جبريل سلطان العناصر .
وعلى الأصل الذي قررناه فله أن يتمثل بصورة ما في حيز الفلك السابع وجميع ما تحته ، وليس في قوته أن يتمثل في صورة ما فوق السدرة .

هذا على ما ذكره الشيخ قدس سره : وعندي أن جبريل لو لم يتمثل بصورة البشر لم يتولد عيسى من ماء مريم ونفخه لعدم الجنسية بينه وبين مريم ، ولم تسر الشهوة فيها فضلا عن عدم قدرته على الإحياء في تلك الصورة ويعضد ما قلناه قوله : على تقدير تمثل جبريل عن إلقاء الكلمة إليها في الصورة النورية لكان عيسى لا يحيى الموتى إلا حين يظهر في تلك الصورة الطبيعية النورية مع الصورة البشرية من جهة أمه .
وذلك لأن النسبتين يجب كونهما محفوظين فيه عند فعله فكذا يجب حفظ النسبة بين أصليهما في تكونه ، ولو كان عيسى عند الإحياء متمثلا في الصورة النورية الجبريلية مع الصورة البشرية لما في سنخه لكان متحولا عن الطينة البشرية إلى الجوهر النوري ، ولكان يقال فيه إنه عيسى بحسب الهيئة البشرية ليس بعيسى بحسب الجوهر النوري ، فتقع فيه الحيرة من الناظرين ولم تتحقق فائدة الإعجاز

قال رضي الله عنه :  ( كما وقعت في العاقل عند النظر الفكري إذا رأى شخصا بشريا يحيى الموتى ، وهو من الخصائص الإلهية إحياء النطق لا إحياء الحيوان ، بقي الناظر حائرا إذ يرى الصورة بشرا للأثر الإلهي ).
أي لكانت الحيرة واقعة في أنه عيسى أوليس عيسى كما وقعت ، مع كونه غير متحرك لا في صورته ولا في طينته من العقلاء بحسب النظر الفكري ، حين رأوا شخصا بشريا لا شك فيه صدر عنه خاصية إلهية هي إحياء الموتى إحياء النطق والدعاء ، يعنى إحياء بالنطق والدعاء ، فكان يقول : قم حيا بإذن الله أو باسم الله أو باللَّه ، فيحيا ويجيبه فيما كلمه به ويقول لبيك إذا دعاه ، لا إحياء الحيوان الذي يمشى ويأكل ويبقى حيا مدة على ما روى في قصته أنه أحيا بنطقه سام بن نوح فشهد بنبوته ثم رجع إلى حالته ، فبقوا حائرين فيه كيف تصدر الآثار الإلهية من البشر

"" أضاف بالي زادةقوله ( وهو ) أي إحياء الموتى ( من الخصائص الإلهية إحياء النطق ) أي يحيى الإنسان الميت ناطقا كعيسى مجيبا لدعوته فكان الإحياء إحياء مع النطق ( لا إحياء الحيوان ) أي لا الإحياء الذي يتحرك ويقوم بدون النطق ، إذ لو كان كذلك لم يكن معجزة ، فلما أحيا سام فقام وشهد بنبوته عليه السلام ثم رجع إلى أول حاله تحيروا فيه فاختلفوا على حسب نظرهم بقي الناظر حائرا اهـ بالى""  .

قال رضي الله عنه :  ( فأدى بعضهم فيه إلى القول بالحلول وأنه هو الله بما أحيا به من الموتى ، ولذلك نسبوا إلى الكفر وهو الستر ، لأنهم ستروا الله الذي أحيا الموتى بصورة بشرية عيسى )

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولو أتى جبريل أيضا بصورته النورية الخارجة عن العناصر والأركان إذ لا يخرج عن طبيعته لكان عيسى لا يحيي الموتى إلا حتى يطهر في تلك الصورة الطبيعية النورية لا العنصرية مع الصورة البشرية من جهة أمه.
فكان يقال فيه عند إحيائه الموتى هو لا هو، و تقع الحيرة في النظر إليه كما وقعت في العاقل عند النظر الفكري إذا رأى شخصا بشريا من البشر يحيي الموتى، و هو من الخصائص الإلهية، إحياء النطق لا إحياء الحيوان، بقي الناظر حائرا، إذ يرى الصورة بشرا بالأثر الإلهي.
فأدى بعضهم فيه إلى القول بالحلول، و أنه هو الله بما أحيا به من الموتى، و لذلك نسبوا إلى الكفر و هو الستر لأنهم ستروا الله الذي أحيا الموتى بصورة بشرية عيسى.)
.
 
قال رضي الله عنه :  ( ولو أتى جبرئيل بصورته النورية الخارجة عن العناصر والأركان - إذ لا يخرج عن طبيعته - لكان عيسى لا يحيى الموتى إلا حين يظهر في تلك الصورة الطبيعية النورية ، لا العنصرية . )
أي ، لو ظهر جبرئيل بصورته النورية التي له في السدرة الخارجة عن طبيعة السماوات والعناصر - فإن كلها عنصرية - لكان عيسى لا يحيى الموتى إلا حين تظهر في تلك الصورة الطبيعية النورية لا العنصرية ، لأن تلك الصورة أيضا جزء للعلة ، وهي له طبيعية ، والشئ لا يخرج عن طبيعته بمجرد تنزله إلى مرتبه ما هو تحته . ففي الكلام تقديم وتأخير .
هذا على أن ( إذ ) للتعليل . ويجوز أن يكون بمعنى ( حين ) ، فيكون إذ لا يخرج في موضعه . ومعناه
حينئذ : لو أتى جبرئيل بصورته النورية حين لا يخرج عن طبيعته النورية ولا يتمثل بالصورة العنصرية ، لكان عيسى لا يحيى الموتى إلا حين يظهر في تلك الصورة .

قال رضي الله عنه :  (مع الصورة البشرية من جهة أمه ، فكان يقال فيه عند إحيائه الموتى : هو لا هو . )
أي ، كان يظهر عيسى حين الإحياء في الصورة الطبيعية النورية مع الصورة البشرية المستفادة من جهة أمه ، فكان يقال فيه حينئذ : بشر وليس ببشر . كما قال الناظرون في يوسف ، عليه السلام : ( ما هذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم ) . لغلبة النورية عليه .

قال رضي الله عنه :  ( ويقع الحيرة في النظر إليه ، كما وقعت في العاقل عند النظر الفكري إذا رأى شخصا بشريا من البشر يحيى الموتى ، وهو من الخصائص الإلهية إحياء النطق لا إحياء الحيوان ، بقي الناظر حائرا . إذ يرى الصورة بشرا بالأثر الإلهي . )
( الباء ) في قوله : ( بالأثر ) باء الملابسة . أي ، ملتبسا بالأثر الإلهي . ومعناه : أنه لو كان
كذلك ، لوقع الناظر إليه في الحيرة ، كما تحير أرباب العقل عند النظر الفكري في
حاله . لأنهم رأوا شخصا بشريا بالصورة أحيا الموتى بقوله : ( قم بإذن الله ) . أو :
قم باسم الله .

قال رضي الله عنه :  ( إحياء النطق ) أي ، إحياء للميت الناطق مع نطقه ، فقام الميت ناطقا ملبيا مجيبا لدعوته . لا إحياء كحياة الحيوان حتى يتحرك الميت في قبره ، أو يقوم منه ويمشي بحيث يعلم أنه حي مجردا عن النطق ، إذ لو كان كذلك ، لنسبوه إلى السيميا من النيرنجات والطلسمات وغيرهما .
فلما قام ونطق - كما جاء في قصته أنه أحيا سام بن نوح : فقام وشهد بنبوته ، ثم رجع على ما كان تحيروا في إحيائه ، لأنه من الخصائص الإلهية .

قال رضي الله عنه :  ( فأدى بعضهم فيه إلى القول بالحلول ، وأنه هو الله بما أحيا به الموتى . ولذلك نسبوا إلى الكفر وهو الستر ، لأنهم ستروا الله الذي أحيا الموتى بصورة بشرية عيسى ، عليه السلام . )
أي ، فأدى نظر بعضهم فيه إلى القول بالحلول ، فقالوا : إن الله حل في صورة عيسى ، فأحيى الموتى . وقال بعضهم : إن المسيح هو الله . ولما ستروا الله بالصورة العيسوية المقيدة فقط ، نسبوا إلى الكفر .

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ
:
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولو أتى جبريل أيضا بصورته النورية الخارجة عن العناصر والأركان إذ لا يخرج عن طبيعته لكان عيسى لا يحيي الموتى إلا حتى يطهر في تلك الصورة الطبيعية النورية لا العنصرية مع الصورة البشرية من جهة أمه.
فكان يقال فيه عند إحيائه الموتى هو لا هو، و تقع الحيرة في النظر إليه كما وقعت في العاقل عند النظر الفكري إذا رأى شخصا بشريا من البشر يحيي الموتى، و هو من الخصائص الإلهية، إحياء النطق لا إحياء الحيوان، بقي الناظر حائرا، إذ يرى الصورة بشرا بالأثر الإلهي.
فأدى بعضهم فيه إلى القول بالحلول، و أنه هو الله بما أحيا به من الموتى، و لذلك نسبوا إلى الكفر و هو الستر لأنهم ستروا الله الذي أحيا الموتى بصورة بشرية عيسى.)
.

قال رضي الله عنه :  ( ولو أتى جبرائيل بصورته النّوريّة الخارجة عن العناصر والأركان إذ لا يخرج عن طبيعته لكان عيسى لا يحيي الموتى إلّا حين يظهر في تلك الصّورة الطّبيعيّة النّوريّة لا العنصريّة مع الصّورة البشريّة من جهة أمّه . فكان يقال فيه عند إحيائه الموتى هو لا هو ، وتقع الحيرة في النّظر إليه كما وقعت في العاقل عند النّظر الفكريّ إذا رأى شخصا بشريّا من البشر يحيي الموتى ، وهو من الخصائص الإلهيّة ، إحياء النّطق لا إحياء الحيوان بقي النّاظر حائرا ، إذ يرى الصّورة بشرا بالأثر الإلهي ).

قال رضي الله عنه :  ( ولو أتى جبريل بصورته النورية ) ، وتسمى صورة وإن لم تكن شكلا ولا صورة جسمية ولا نوعية لما في ذلك من تقيد مطلق الطبيعة النورية بقيد خاص ؛ ليقيد الجسم بشكل خاص أو جسمية أو نوعية ، فغاية ذلك أنه يقيد بالصورة ( الخارجة عن ) صور ( العناصر والأركان ) ، لكنها صورة طبيعية نورية .

قال رضي الله عنه :  ( إذ لا يخرج عن طبيعته ) النورية ، وإن تقيدت هذه الطبيعة ، فليست ظلمانية مخرجة له عما كان عليه بخلاف الصورة الجسمانية والنوعية والشكل ، فإنها ظلمانية مخرجة للأصل عن طبيعته التي تكون عليها لو فرض مجردا عنها ، فيبقى جبريل في هذه الصورة على تجرده بخلاف الأجسام ، ( لكان عيسى عليه السّلام لا يحيي الموتى إلا حين يظهر في تلك الصورة الطبيعية النورية لا العنصرية ) لم يذكر التلبس هاهنا ؛ لامتناع أن يتلبس العنصري بصورة نورية من حيث هو عنصري ، وإن جاز أن يظهر بذلك بغلبة الروحانية على جسمانيته ، ولا يتأتى ذلك لأهل الشعبذة "الشعوذة"؛ فلا حاجة إلى الفرق باعتبار هذه الصورة ، ولكن لا بدّ له
الظهور بهذه الصورة أن يكون مقرونا ( مع الصورة البشرية من جهة أمه ) ؛ لأنه لزمه من أمر محقق ، فإن أمكن الظهور بهما مع امتناع التلبس بهما معا .

قال رضي الله عنه :  ( فكان يقال عند إحيائه الموتى : ) ظاهرا بالصورة النورية مع الصورة البشرية ( هو ) عيسى مع أنه يقال أيضا : ( لا هو ) ، ( وتقع الحيرة في النظر إليه ) حيرة يصعب رفعها ؛ لأنها من الأمر المحسوس ( كما وقعت ) الحيرة في إحيائه من غير ظهوره بالصورة النورية ( في العاقل عند النظر الفكري ) حيرة يسهل رفعها ؛ لكثرة المعارضة والمناقضة فيه بخلاف الأمر المحسوس ، فلم نعبأ بوقوع هذه الحيرة .

وذلك أنه يتحير العاقل ( إذا رأى شخصا بشريّا ) أي : في صورة البشر مع أنه في الواقع أيضا ( من البشر يحيي الموتى ) من الناطقين ، ( وهو ) أي : الأمر والشأن من ( الخصائص الإلهية إحياء الناطق لا إحياء الحيوان ) ، فإنه قد يظهر به المشعبذ مع أنه لا يظهر بإحياء الناطق أصلا ( بقي الناظر حائرا ) في هذه الحيرة السهلة رفعها ، مع أن هذه السهولة تقتضي عدم بقاء هذه الحيرة ، ( إذ يرى الصورة ) أي :
صورة المحيي ( بشرا ) مضروبا ( بالأثر الإلهي ) المخصوص وهو دون الظهور بالصورة النورية في إفادة هذه الحيرة .
 قال رضي الله عنه : (فأدى بعضهم فيه إلى القول بالحلول ، وأنّه هو اللّه بما أحيا به الموتى ، ولذلك نسبوا إلى الكفر وهو السّتر لأنّهم ستروا اللّه الّذي أحيا الموتى بصورة بشريّة عيسى.)

قال رضي الله عنه : ( فأدى بعضهم فيه ) أي : في حق عيسى أو في هذا التحير السهل رفعه ( إلى القول بالحلول ) أي : حلول ذات اللّه القائم بها هذا الأثر وبالاتحاد ، وهو ( أنه هو اللّه ) مع أنه لا شكّ في استجماعه الكمالات كلها ، ولم يروا ذلك في عيسى عليه السّلام ، وإنما رأوا فيه إحياء بعض الموتى ، فقالوا : هو اللّه ( بما أحيا به ) أي : بإحيائه من ( الموتى ) أي : بعضهم ، وفيه
""شعبذ يشعبذ ، وقال الثعالبي : لا أصل لقولهم مشعبذ ، وإنما هو بالواو ، وقد أثبته الزمخشريّ وغيره ، وتقول العامة : الشّعبثة ، ( انظر : تاج العروس )"" .

إشارة إلى أنه لو كان اللّه حالا فيه أو متحدا لكان إحياء الجميع منسوبا إليه مع أنه لا ينسب إليه إحياء الجميع بالاتفاق .
قال رضي الله عنه : ( ولذلك نسبوا ) فنسبوا أي : القائلون بالحلول والاتحاد ( إلى الكفر ) بهذا القول لا يجعله مظهرا إلهيّا كما يقوله الصوفية ؛ وذلك لأن الكفر ( هو الستر ) الذي هو نقيض الظهور ، فلا يتأتى في القول به ؛ ( لأنهم ستروا اللّه الذي أحيا الموتى ) ظاهرا في المظهر العيسوي ( بصورة بشرية عيسى عليه السّلام ) ، إذ جعلوا هذه الصورة محلا لذاته ، وليس محليتها للذات كمحلية الجوهر للعرض ، إذ يبعد القول بجعل ذات الحق عرضا لذات غيره بحيث لا يوجد بدونها ، ولا هي كمحلية المكان للمتمكن .
ولا شكّ أن المكان سائر للمتمكن غالبا ، وكذا إذا جعلوا ذات الحق متحدة بذات عيسى مع أنهم يرون عيسى في صورة بشريته ، وهذا المعنى في الاتحاد أتم وأعم .
فقال تعالى :" لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ " [ المائدة : 17 ] ، فكفرهم في جعلهم جهة الربوبية متحدة بجهة البشرية .

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولو أتى جبريل أيضا بصورته النورية الخارجة عن العناصر والأركان إذ لا يخرج عن طبيعته لكان عيسى لا يحيي الموتى إلا حتى يطهر في تلك الصورة الطبيعية النورية لا العنصرية مع الصورة البشرية من جهة أمه.
فكان يقال فيه عند إحيائه الموتى هو لا هو، و تقع الحيرة في النظر إليه كما وقعت في العاقل عند النظر الفكري إذا رأى شخصا بشريا من البشر يحيي الموتى، و هو من الخصائص الإلهية، إحياء النطق لا إحياء الحيوان، بقي الناظر حائرا، إذ يرى الصورة بشرا بالأثر الإلهي.
فأدى بعضهم فيه إلى القول بالحلول، و أنه هو الله بما أحيا به من الموتى، و لذلك نسبوا إلى الكفر و هو الستر لأنهم ستروا الله الذي أحيا الموتى بصورة بشرية عيسى.)
.
 
قال رضي الله عنه :  (ولو أتى جبرئيل بصورته النوريّة الخارجة عن العناصر والأركان ) لا الطبيعة .
( إذ لا تخرج عن طبيعتها) - فإنّ الكل داخل تحت الطبيعة بما عرفت من قبل - ( لكان عيسى لا يحيي الموتى إلَّا حين يظهر في تلك الصورة الطبيعية النوريّة ) التي عليها الفاعل للإحياء - بناء على الأصل السابق .

قال رضي الله عنه :  ( لا العنصريّة مع الصورة البشريّة من جهة امّه ) أي لا يمكن له الإحياء في الصورة العنصريّة التي مع الصورة البشريّة من جهة امّه ، التي هي طرف القابل ، فإنّه في القبول يتبعها .
ومن ثمّة ترى عيسى عند قبوله الأحكام المنزلة بالأوضاع المشروعة إنّما يقبل منها ما يتعلَّق بالانقياد والإذعان كما سبق بيانه آنفا .
وأمّا في الفعلمثل الإحياء وإظهار المعجزة - فلا يمكن له ذلك إلا بأن يتأسّى الفاعل .
وفي بعض النسخ : « من الصورة البشريّة » وهو أظهر .

وملخّص الكلام أنّه لو لم يكن الإحياء منه في صورته العنصريّة التي مع الصورة البشريّة المستحصلة من امّه لوقعت الحيرة حينئذ . ( فكان يقال فيه عند إحيائه الموتى : هو ) من حيث إحيائه الموتى ، ( لا هو ) من حيث أنّه عيسى . لتبائن الصورتين حينئذ في مداركهم ( وتقع الحيرة في النظر ) الحسّي ( إليه ، كما وقعت في العاقل عند النظر الفكري ، إذ رأى شخصا بشريّا من البشر يحيي الموتى ، وهو من الخصائص الإلهيّة ) التي لا يمكن ذلك بنوع من الصناعات العمليّة والأعمال الطلسميّة .
فإنّ غاية ما تكلَّموا عليها تهيّؤ مادّة قابلة وتركيب أركان معيّنة ، بمقادير متّزنة بالميزان الذي عندهم ، حتى يفاض عليها نفس من العبد لا إحياء البدن الميّت فإن ذلك مما لا كلام لهم ولغيرهم عليه أصلا ، سيّما إذا كان ( إحياء النطق ) - أي إحياء ناطق من الحيوان - ( لا إحياء الحيوان ) فقط على ما هو المتبادر إلى الأذهان من إحياء الموتى ، فإنّه ليس من الخصائص الإلهيّة في شيء .
""  أضاف المحقق : لعله إشارة إلى ما قاله الكاشاني : " يعني إحياء بالنطق والدعاء ، فكان يقول : قم حيّا بإذن اللَّه أو : باسم اللَّه أو : باللَّه .
فيحيا ويجيبه فيما كلمه به ويقول : « لبّيك » إذا دعاه . لا إحياء الحيوان الذي يمشي ويأكل ويبقى حيّا مدّة - على ما روي في قصّته أنّه أحيا سام بن نوح ، فشهد بنبوته ، ثمّ رجع إلى حالته
" .""

إذ عند ورود التعفينات وإيرادها على الجيف الموتى لا بدّ من حصول الحيوانات منها وتولدها فيها .
ويمكن أن يحمل إحياء النطق على الإحياء بالكلام والخطاب أو الدعاء منه - كما قيل إنّه ورد كذلك - لولا وقوعه في مقابلة قوله : « لا إحياء الحيوان » فاستشعار ذلك منه على سبيل الإيماء وضرب من الإيهام والإشارة ، لا منطوق اللفظ وفحوى العبارة .

علميّة الاعتقاد بالإلهيّة في عيسى عليه السّلام
هذا إذا ثبت ورود ذلك ، وإلا فلا حاجة إليه ، فإن إحياء الموتى مطلقا من الخصائص الإلهيّة ، ولذلك ( بقي الناظر حائرا ، إذ يرى الصورة ) بالصورة ( بشرا ، بالأثر إلها ) فإنّها من الخصائص الإلهيّة ، كما تقرّر عند أهل النظر أنّ وجود الخاصّة يستلزم وجود صاحبها ، فلا بدّ وأن يكون الناظر حائرا عند رؤيته ذلك .

قال رضي الله عنه :  ( فأدّى بعضهم فيه ) ذلك النظر ( إلى القول بالحلول ) لما هم عليه أبدا في أصل ذوقهم ومشربهم من ثنويّة العلَّة والمعلول ، فإنّهم ما خلعوا قطَّ نعلي تعدّد المتقابلين ، مع توجّههم وقصدهم على مطايا النيّات بلوغ طوى التنزيه المقدّس عن التثنّي والتغاير .

ولذلك ذهبوا إلى القول بالحالّ والمحل ، ( وأنّه هو الله بما أحيا  الموتى ، ولذلك نسبوا إلى الكفر - وهو الستر - لأنّهم ستروا الله الذي أحيا الموتى بصورة بشريّة عيسى) ، فقال : "لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ الله هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ" [ 5 / 17 ].

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولو أتى جبريل أيضا بصورته النورية الخارجة عن العناصر والأركان إذ لا يخرج عن طبيعته لكان عيسى لا يحيي الموتى إلا حتى يطهر في تلك الصورة الطبيعية النورية لا العنصرية مع الصورة البشرية من جهة أمه.
فكان يقال فيه عند إحيائه الموتى هو لا هو، و تقع الحيرة في النظر إليه كما وقعت في العاقل عند النظر الفكري إذا رأى شخصا بشريا من البشر يحيي الموتى، و هو من الخصائص الإلهية، إحياء النطق لا إحياء الحيوان، بقي الناظر حائرا، إذ يرى الصورة بشرا بالأثر الإلهي.
فأدى بعضهم فيه إلى القول بالحلول، و أنه هو الله بما أحيا به من الموتى، و لذلك نسبوا إلى الكفر و هو الستر لأنهم ستروا الله الذي أحيا الموتى بصورة بشرية عيسى.)
.
 
قال رضي الله عنه :  (ولو أتى جبريل أيضا بصورته النورية الخارجة عن العناصر والأركان إذ لا يخرج عن طبيعته لكان عيسى لا يحيي الموتى إلا حتى يطهر في تلك الصورة الطبيعية النورية لا العنصرية مع الصورة البشرية من جهة أمه. فكان يقال فيه عند )

قال رضي الله عنه :  ( ولو أتي جبريل بصورته النورية الخارجة عن طباع العناصر والأركان ) ، أي المرتقية عنها لا عن الطبيعة مطلقا ( إذ ) هو طبيعي نوري ( لا يخرج عن طبيعته النورية ) ، وإن خرج من العناصر والأركان .

وذلك لأن جبريل سلطان العناصر وله أن يظهر في السماوات السبع وما تحتها من العناصر والعنصريات لأهليها بأي صورة شاء من صورها بحسب الموطن والمقام والمناسبة واستعداد من ظهر له .
وأن يخرج عن صورها بالترقي عنها والرجوع إلى صورته الأصلية الطبيعية النورية ، فإن صورته الأصلية غير عنصرية بل طبيعية نورية ما بين الفلك الثامن والسابع وليس له أن يخرج عن هذه الطبيعة التي هي له بالأصالة بالترقي إلى ما فوقها وهذا معنى ما روى أنه لا يتعدى سدرة المنتهى .
فإن السدرة هي منتهى السابع صعودا والثامن هبوطا ( لكان عيسى لا يحيي الموتى إلا حين يظهر في تلك الصورة الطبيعية النورية لا ) الصورة ( العنصرية ) ظهورا جامعا ( مع الصورة البشرية من جهة أمه ) فتكون طبيعته نورية غير عنصرية في صورة بشرية

 قال رضي الله عنه : ( إحيائه الموتى هو لا هو، و تقع الحيرة في النظر إليه كما وقعت في العاقل عند النظر الفكري إذا رأى شخصا بشريا من البشر يحيي الموتى، و هو من الخصائص الإلهية، إحياء النطق لا إحياء الحيوان، بقي الناظر حائرا، إذ يرى الصورة بشرا بالأثر الإلهي.)

قال رضي الله عنه : (فكان يقال فيه ) ، أي في عيسى ( عند إحياء الموتى ) أنه ( هو ) ، أي جبريل بطبيعته النورية الغير العنصرية ( لا هو ) بصورته البشرية ( وتقع الحيرة في النظر إليه ) هل هو جبريل أوليس بجبريل ( كما وقعت الحيرة في العاقل عند النظر الفكري إذا رأى شخصا بشريا ) ، أي على صورة البشر ( من نوع البشر يحيي الموتى وهو ) ، أي إحياء الموتى ( من الخصائص الإلهية ) .

التي لا تكون لغير اللّه بالصناعات العملية والأعمال الطلسمية ، فإن غاية ما تكلم أربابها عليه بهيئة مادة قابلة وتركيب أركان معينة بمقادير متزنة بالميزان الذي عندهم حتى يفيض عليها نفس من المبدأ أو إرادة الميت حيا صورة لا حقيقة لا إحياء ما مات بعدما كان حيا حقيقة وهو المراد بإحياء الموتى ، فإن ذلك مما لا كلام لأحد عليه أصلا .

قال رضي الله عنه : ( إحياء النطق ) منصوب على أنه مفعول مطلق لقوله : محيي الموتى أو مرفوع على أنه بيان وتفسير للضمير المرفوع ، والمراد بالإحياء النطق أما الإحياء الذي يوجب نطق الجسم المائت والذي يحصل بنطق المحيي ودعائه
وقوله : قم بإذن اللّه ، وعلى الأول فهو إما بيان للواقع على ما روى في قصته أنه أحيا سام بن نوح فنطق وشهد بنبوته ثم رجع إلى حالته
وحينئذ معنى قوله : ( لا إحياء الحيوان ) ، أي الحيوان الذي يمشي ويأكل ويبقى حيا مدة ، فحاصله أن الإحياء الواقع من عيسى ذاك لا هذا ، وإما تقييد للإحياء ليصير من الخصائص الإلهية وفيه أن إحياء الجيف مطلقا سواء كانت جيف الحيوانات الناطقة أو غيرها من الخصائص الإلهية.
فإذا ظهر على يد أحد فإما معجز أو كرامة أو استدراج أجراه اللّه على يده . وأما إحياء الحيوان بمعنى جعل المادة قابلة لفيضان الحياة من المبدأ فليس من الخصائص الإلهية فيمكن أن يحصل بالتعملات الصناعية كالتعقبات وغيرها .

وعلى الثاني أيضا يحتمل أن يكون بيانا للواقع ، فإن إحياء سام بن نوح كان بنطقه ودعائه ، وإن يكون تقييدا فإن الإحياء بمجرد النطق والدعاء من الخصائص الإلهية لا إحياء الحيوان بتهيئة المادة لفيضان الحال عليها .
والذي يخطر ببالي أن المراد بإحياء النطق إحياء لا يظهر من الحي أثرا من آثار الحياة إلا النطق وبإحياء الحيوان أن يحصل فيه مزاج معدل مسوى بحيث إن تظهر الخواص الحيوانية كلها على الطريقة المعهودة كالمشي والأكل والشرب والبقاء مدة طويلة وغير ذلك.
 قال رضي الله عنه :  ( بقي ) ذلك العاقل ( الناظر حائرا ) في أنه بشرا وإله ( إذ رأى الصورة بشرا متلبسا بالأثر الإلهي ) الذي هو من خصائصه وهو الإحياء ههنا.

قال رضي الله عنه :  (فأدى بعضهم فيه إلى القول بالحلول، و أنه هو الله بما أحيا به من الموتى، و لذلك نسبوا إلى الكفر و هو الستر لأنهم ستروا الله الذي أحيا الموتى بصورة بشرية عيسى. )

قال رضي الله عنه :   ( فأدى ) النظر ( بعضهم فيه ) ، اي في الشخص البشري المحيي للموتى ( إلى القول بالحلول ) ، أي حلول اللّه في صورته البشرية ( وأنه ) ، أي وإلى القول بأنه ( هو اللّه سبحانه بما أحيا به من الموتى ) يعني الحكم بإلهيته إنما هو باعتبار ما حل فيه لا باعتبار صورته .
قال رضي الله عنه :  ( ولذلك ) القول بالحلول بأنه هو اللّه من حيث ما حل فيه ( نسبوا إلى الكفر ) والكفر مطلقا ( هو الستر ) والمذموم منه ستر الحق بالباطل ، وإنما صار قوله بالحلول سببا لنسبتهم إلى الكفر ( لأنهم ) لما ذهبوا إلى القول بالحلول ( ستروا اللّه الذي أحيا الموتى ) ، أي حكموا باستتاره .
( بصورة بشرية عيسى ) ، لأن الحال لا محالة مستتر بما حل فيه ولذلك كفرهم اللّه سبحانه.
.
السفر الخامس عشر الفقرة الثامنة على منتدي إتقوا الله ويعلمكم الله 
واتساب

No comments:

Post a Comment