Monday, December 2, 2019

السفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية الفقرة الثانية والعشرون .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية الفقرة الثانية والعشرون .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية الفقرة الثانية والعشرون .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

15 - The Wisdom of Prophecy in the Word of Jesus

الفقرة الثانية والعشرون :
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ثم قال «وكنت عليهم» ولم يقل على نفسي معهم كما قال ربي وربكم. «شهيدا ما دمت فيهم» لأن الأنبياء شهداء على أممهم ما داموا فيهم.
«فلما توفيتني»: أي رفعتني إليك وحجبتهم عني وحجبتني عنهم «كنت أنت الرقيب عليهم» في غير مادتي، بل في موادهم إذ كنت بصرهم الذي يقتضي المراقبة.
فشهود الإنسان نفسه شهود الحق إياه.
وجعله بالاسم الرقيب لأنه جعل الشهود له فأراد أن يفصل بينه و بين ربه حتى يعلم أنه هو لكونه عبدا وأن الحق هو الحق لكونه ربا له، فجاء لنفسه بأنه شهيد و في الحق بأنه رقيب، وقدمهم في حق نفسه فقال «عليهم شهيدا ما دمت فيهم» إيثارا لهم في التقدم وأدبا، وأخرهم في جانب الحق عن الحق في قوله «الرقيب عليهم» لما يستحقه الرب من التقديم بالرتبة )  

قال رضي الله عنه :  ( ثمّ قال :وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ ولم يقل على نفسي معهم كما قال ربّي وربّكم شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ لأنّ الأنبياء شهداء على أممهم ما داموا فيهم .فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي أي رفعتني إليك حجبتهم عنّي وحجبتني عنهم كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ في غير مادتي ، بل في موادّهم .  إذ كنت بصرهم الّذي يقتضي المراقبة . فشهود الإنسان نفسه شهود الحقّ إيّاه .
وجعله بالاسم الرّقيب لأنّه جعل الشّهود له . فأراد أن يفصّل بينه وبين ربّه حتّى يعلم أنّه هو لكونه عبدا في الواقع وأنّ الحقّ هو الحقّ لكونه ربّا له ، فجاء لنفسه بأنّه شهيد ، وفي الحقّ بأنّه رقيب .  وقدّمهم في حقّ نفسه فقال :عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْإيثار لهم في التّقدّم وأدبا ، وأخّرهم في جانب الحقّ عن الحقّ في قوله :الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْلما يستحقّه الرّبّ من التّقدّم بالرّتبة . )

قال رضي الله عنه :  (ثم قال) ، أي عيسى عليه السلام (وكنت عليهم) ، أي على الناس الذين كانوا في زمانه ، ولم يقل أيضا على نفسي معهم كما قال الشيخ رضي الله عنه :  اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ
عَلَيْهِمْ شَهِيداً، أي شاهدا مطلقا ما دُمْتُ[ المائدة : 117 ] ، أي مدة دوامي قائما فِيهِمْ. لأن الأنبياء والمرسلين عليهم السلام أرسلهم اللّه تعالى ليكونوا شهداء على أممهم ما داموا قائمين فيهم ، قال تعالى :يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً( 45 ) [ الأحزاب : 45 ] . وقال تعالى :لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً[ البقرة : 143 ] .

قال رضي الله عنه :  (فلما توفيتني) بالوفاة الاختيارية وهي الموت الاختياري بغلبة أحكام الروحانية على مقتضيات البشرية (أي رفعتني إليك) ، يعني من حضيض النفس البشرية إلى أوج حضرتك القدسية وحجبتهم ، أي الناس بإشغالهم بأحكام نفوسهم وغفلاتهم المستولية على قلوبهم عني من حيث أني الروح الخالص المصفى من كدرات الطبائع وأوساخ العناصر وحجبتني عنهم بدوام شهودك في حضرة وجودك على بساط كرمك وجودك كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِم ْبهم لا بي في غير مادتي وهي نشأته الروحانية الطبيعية العنصرية بل في موادهم الروحانية الطبيعية العنصرية إذ ، أي لأنك كنت بصرهم الذي يقتضي المراقبة لأفعالهم وإن لم يشعروا بذلك لنفاذ حكمك فيهم بالغواية عن الحق المبين .

قال رضي الله عنه :  (فشهود الإنسان ) ، أي رؤيته ومعاينته نفسه بغفلته أولا ويبصر ثانيا شهود الحق تعالى إياه ، أي رؤيته تعالى ومعاينته لنفس ذلك الإنسان ثانيا في حال اتصافه بالوجود بعد شهوده له أوّلا في حال اتصافه بالثبوت في عدمه الأصلي ، وكما أن الإنسان في شهوده نفسه ورؤيته لها ومعاينته إياها له بصيرة قلبية هي المشاهدة الرائية في نفس الأمر ، وله بصر هو مظهر بصيرته وصورة تجليها على بعض مدركاتها ، فكذلك الحق تعالى له بصر قديم هو صفة من صفات ذاته الأزلية يضاف إليه الشهود والرؤية حقيقة في نفس الأمر ، وله بصيرة وبصر خلقهما لعبده فهما مظهر لبصره القديم ، وصورة تجليه من حيث اسمه البصير كما تجلى باسمه القادر وصفة القدرة في قدرة عبده الحادثة .

وهكذا باقي الأوصاف والأسماء بصفة القيومية واسم القيوم بلا حلول ولا اتحاد .
قال رضي الله عنه :  (وجعله ) ، أي شهود الحق تعالى لهم باسم الرقيب في قوله :كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ لأنه عليه السلام جعل الشهود له بقوله :وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ فأراد أن يفصل ، أي يفرق بينه وبين ربه تعالى حتى يعلم بالبناء للمفعول أي يعلم السامع لهذا الكلام من الناس أنه ، أي عيسى عليه السلام هو ، أي عيسى عليه السلام لكونه عليه السلام عبدا من عبيد اللّه تعالى.

كما قال عليه السلام أول ما نطق وهو في المهد :إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ، وأن الحق تعالى القيوم عليه وعلى نفسه بما كسبت هو الحق تعالى لكونه سبحانه ربا ، أي مالكا له ، أي لعيسى عليه السلام فجاء عليه السلام لنفسه في كلامه بأنه شهيد وجاء في الحق تعالى بأنه رقيب عليهم وقدمهم ، أي الناس في حق نفسه فقال :وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ [ المائدة : 117 ] .
فقوله : شهيدا مؤخر عن قوله عليهم إيثارا ، أي سماحة لهم في التقدم الذكرى وأدبا في المسارعة إلى امتثال الأمر ، لأن الحق تعالى أرسله وأمره بالشهود عليهم ، فإنهم ركن في الامتثال ، فقدمهم مراعاة للأدب مع مولاه الذي أمرهم وأخرهم .
أي الناس في جانب الحق تعالى عن ذكر الحق تعالى في قوله : كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ لما يستحقه الرب سبحانه من التقدم على الكل بالرتبة فإن رتبته أعلى من أن يقال إنها أعلا من كل الرتب .

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( ثم قال «وكنت عليهم» ولم يقل على نفسي معهم كما قال ربي وربكم. «شهيدا ما دمت فيهم» لأن الأنبياء شهداء على أممهم ما داموا فيهم.
«فلما توفيتني»: أي رفعتني إليك وحجبتهم عني وحجبتني عنهم «كنت أنت الرقيب عليهم» في غير مادتي، بل في موادهم إذ كنت بصرهم الذي يقتضي المراقبة.
فشهود الإنسان نفسه شهود الحق إياه.
وجعله بالاسم الرقيب لأنه جعل الشهود له فأراد أن يفصل بينه و بين ربه حتى يعلم أنه هو لكونه عبدا وأن الحق هو الحق لكونه ربا له، فجاء لنفسه بأنه شهيد و في الحق بأنه رقيب، وقدمهم في حق نفسه فقال «عليهم شهيدا ما دمت فيهم» إيثارا لهم في التقدم وأدبا، وأخرهم في جانب الحق عن الحق في قوله «الرقيب عليهم» لما يستحقه الرب من التقديم بالرتبة )  

قال رضي الله عنه :  ( ثم قال ) عيسى عليه السلام ( وكنت عليهم ) أي على الأمم ( ولم يقل على نفسي معهم ) أي لم يفصل من نفسه وأنفسهم ( كما قال ربي وربكم ) أي كما فصل بين ربه وربهم بقوله " رَبِّي وَرَبَّكُمْ " ( شهيدا ما دمت فيهم ) .
وإنما قال هذا القول ( لأن الأنبياء شهداء على أممهم ما داموا فيهم فلما توفيتني أي رفعتني إليك ) وإنما فسر توفيتني برفعتي ليثبت حياة عيسى عليه السلام ( وحجبتهم عني وحجبتني عنهم كنت أنت الرقيب عليهم في غير مادتي بل في موادهم ) بمعنى المعية بحكم واللّه معكم لا بمعنى الحلول في موادهم الروحانية والجسمانية فإنه محال في حق اللّه كما ثبت عند أهل اللّه .

قال رضي الله عنه :  ( إذا كنت ) تعليل لقوله بل في موادهم ( بصرهم الذي يقتضي المراقبة ) وهو البصر المجرد عن المواد وهو النور الإلهي ( فشهود الإنسان ) أي الإنسان الكامل ( نفسه شهود الحق إياه ) لكون الحق بصر الإنسان الكامل دون غيره .
( وجعله ) أي جعل عيسى عليه السلام ذلك الشهود في الحق ( بالاسم الرقيب لأنه ) أي لأن عيسى عليه السلام ( جعل الشهود له ) أي للحق في قوله " وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً" لأن شهود عيسى عليه السلام شهود الحق في مادة عيسى عليه السلام فلم يفصل بينه وبين ربه ( فأراد أن يفصل بينه وبين ربه ) كما هو عادة العالمين بالحقائق .

قال رضي الله عنه :  ( حتى يعلم أنه هو ) أي أن عيسى عليه السلام هو عيسى عليه السلام ( لكونه عبدا ) في الواقع ( و ) يعلم ( أن الحق هو الحق ) في الواقع ( لكونه ربا له فجاء لنفسه بأنه شهيد ) لأن الشهيد قد يؤخذ بمعنى الشاهد على الشخص الحاضر عنده .
( و ) جاء ( في الحق بأنه رقيب ) لأن الرقيب هو الشاهد على الشيء أزلا وأبدا وفرق بين نفسه وبين ربه في الشهود عليهم لذلك قيد شهوده بقولهما دُمْتُ فِيهِمْوأطلق في الحق بقوله "أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ ".

قال رضي الله عنه :  ( وقدمهم في حق نفسه فقال " عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ " إيثارا لهم في التقدم وأدبا وآخرهم في جانب الحق عن الحق في قوله "الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ " لما يستحق الرب من التقدم بالرتبة ثم اعلم ) عيسى عليه السلام على صيغة الماضي.

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( ثم قال «وكنت عليهم» ولم يقل على نفسي معهم كما قال ربي وربكم. «شهيدا ما دمت فيهم» لأن الأنبياء شهداء على أممهم ما داموا فيهم.
«فلما توفيتني»: أي رفعتني إليك وحجبتهم عني وحجبتني عنهم «كنت أنت الرقيب عليهم» في غير مادتي، بل في موادهم إذ كنت بصرهم الذي يقتضي المراقبة.
فشهود الإنسان نفسه شهود الحق إياه.
وجعله بالاسم الرقيب لأنه جعل الشهود له فأراد أن يفصل بينه و بين ربه حتى يعلم أنه هو لكونه عبدا وأن الحق هو الحق لكونه ربا له، فجاء لنفسه بأنه شهيد و في الحق بأنه رقيب، وقدمهم في حق نفسه فقال «عليهم شهيدا ما دمت فيهم» إيثارا لهم في التقدم وأدبا، وأخرهم في جانب الحق عن الحق في قوله «الرقيب عليهم» لما يستحقه الرب من التقديم بالرتبة )  

قال رضي الله عنه : ( ثم قال «وكنت عليهم» ولم يقل على نفسي معهم كما قال ربي وربكم. «شهيدا ما دمت فيهم» لأن الأنبياء شهداء على أممهم ما داموا فيهم.  «فلما توفيتني»: أي رفعتني إليك وحجبتهم عني وحجبتني عنهم «كنت أنت الرقيب عليهم» في غير مادتي، بل في موادهم إذ كنت بصرهم الذي يقتضي المراقبة.  فشهود الإنسان نفسه شهود الحق إياه.  وجعله بالاسم الرقيب لأنه جعل الشهود له فأراد أن يفصل بينه و بين ربه حتى يعلم أنه هو لكونه عبدا وأن الحق هو الحق لكونه ربا له، فجاء لنفسه بأنه شهيد و في الحق بأنه رقيب، وقدمهم في حق نفسه فقال «عليهم شهيدا ما دمت فيهم» إيثارا لهم في التقدم وأدبا، وأخرهم في جانب الحق عن الحق في قوله «الرقيب عليهم» لما يستحقه الرب من التقديم بالرتبة )  
ما ذكره  ظاهر.

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( ثم قال «وكنت عليهم» ولم يقل على نفسي معهم كما قال ربي وربكم. «شهيدا ما دمت فيهم» لأن الأنبياء شهداء على أممهم ما داموا فيهم.
«فلما توفيتني»: أي رفعتني إليك وحجبتهم عني وحجبتني عنهم «كنت أنت الرقيب عليهم» في غير مادتي، بل في موادهم إذ كنت بصرهم الذي يقتضي المراقبة.
فشهود الإنسان نفسه شهود الحق إياه.
وجعله بالاسم الرقيب لأنه جعل الشهود له فأراد أن يفصل بينه و بين ربه حتى يعلم أنه هو لكونه عبدا وأن الحق هو الحق لكونه ربا له، فجاء لنفسه بأنه شهيد و في الحق بأنه رقيب، وقدمهم في حق نفسه فقال «عليهم شهيدا ما دمت فيهم» إيثارا لهم في التقدم وأدبا، وأخرهم في جانب الحق عن الحق في قوله «الرقيب عليهم» لما يستحقه الرب من التقديم بالرتبة )  

قال رضي الله عنه :  (ثم قال : وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ ولم يقل : على نفسي معهم . كما قال : رَبِّي وَرَبَّكُمْ ، " شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ " لأن الأنبياء شهداء على أممهم ما داموا فيهم . " فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي " أي رفعتني إليك وحجبتهم عنّى وحجبتني عنهم. " كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ " في غير مادّتي بل في موادّهم ، إذ كنت بصرهم الذي يقتضي المراقبة ، فشهود الإنسان نفسه شهود الحق إيّاه ، وجعله باسم « الرقيب »)  لأنّه جعل الشهود له  .
يعني : بعين شهودهم أنفسهم بالحق ، فأراد أن يفصل بينه وبين ربّه حتى يعلم أنّه هو ، لكونه عبدا في الواقع وأنّ الحق هو الحق ،لكونه ربّا له ، فجاء لنفسه بأنّه شهيد وفي الحق بأنّه رقيب .
يعني : لأنّ الشهيد يكون بالنسبة إلى وقت دون وقت وبالنسبة إلى مشهود دون مشهود ، والرقيب يقتضي دوام الرقبى إلَّا إذا أضيف إلى الحق الدائم الوجود ، فيقتضي دوام الشهود ، فافهم .

قال رضي الله عنه :  ( وقدّم « هم » في حق نفسه ، فقال : " عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ " إيثارا لهم في التقدّم وأدبا ) .
يعني: إيثار التربية والرقيب  بلا وساطة كله لأمرهم إلى ربّهم وربّه وأدبا مع ربّهم .

قال رضي الله عنه : ( وأخّر « هم » في جانب الحق عن الحق في قوله : " الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ " لما يستحقّه الربّ من التقدّم في الرتبة .)
يعني : حجاب تعيّن عيسى وحجابيّتهم ، فإنّهم إنّما حجبوا بالصورة الشخصية التعيّنية وحصروا الحق فيه ، فكفروا أي ستروا وغابوا عن الحق المتعيّن فيه وفيهم وفي الكلّ من غير حصر ، وذلك الحجاب الستر كان غيبا لهم .

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( ثم قال «وكنت عليهم» ولم يقل على نفسي معهم كما قال ربي وربكم. «شهيدا ما دمت فيهم» لأن الأنبياء شهداء على أممهم ما داموا فيهم.
«فلما توفيتني»: أي رفعتني إليك وحجبتهم عني وحجبتني عنهم «كنت أنت الرقيب عليهم» في غير مادتي، بل في موادهم إذ كنت بصرهم الذي يقتضي المراقبة.
فشهود الإنسان نفسه شهود الحق إياه.
وجعله بالاسم الرقيب لأنه جعل الشهود له فأراد أن يفصل بينه و بين ربه حتى يعلم أنه هو لكونه عبدا وأن الحق هو الحق لكونه ربا له، فجاء لنفسه بأنه شهيد و في الحق بأنه رقيب، وقدمهم في حق نفسه فقال «عليهم شهيدا ما دمت فيهم» إيثارا لهم في التقدم وأدبا، وأخرهم في جانب الحق عن الحق في قوله «الرقيب عليهم» لما يستحقه الرب من التقديم بالرتبة )  

قال رضي الله عنه :  ( ثم قال : " وكُنْتُ عَلَيْهِمْ "  ولم يقل على نفسي معهم ، كما قال – " رَبِّي ورَبَّكُمْ " ، "شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ " لأن الأنبياء شهداء على أممهم ما داموا فيهم  " فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي " . أي رفعتني إليك وحجبتهم عنى وحجبتني عنهم " كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ " في غير مادتي بل في موادهم إذ كنت بصرهم الذي يقتضي المراقبة فشهود الإنسان نفسه شهود الحق إياه ، وجعله باسم الرقيب لأنه جعل الشهود له )
أي لنفسه فعظم الله ونزهه عن أن يشاركه في الاسم أدبا بعين شهودهم أنفسهم بالحق .

قال رضي الله عنه :  ( فأراد أن يفصل بينه وبين ربه حتى يعلم أنه هو لكونه عبدا ، وأن الحق هو الحق لكونه ربا له ، فجاء لنفسه بأنه شهيد وفي الحق بأنه رقيب ، وقدمهم في حق نفسه فقال : "عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ" ( إيثارا لهم في التقدم وأدبا )
لأن الحق في أنفسهم شهيدا عليهم أيضا ومع الحق فإن التقدم يفيد الاختصاص : أي كنت عليهم خاصة شهيدا دون غيرهم ، لأنه ليس في وسعي الشهادة على جميع الأمم ، فما كنت شهيدا إلا على ما أشهدتنى عليه ، وأما أنت فكنت أنت الرقيب عليهم ، وعلىّ وعلى كل شيء .

قال رضي الله عنه :  ( وأخرهم في جانب الحق عن الحق في قوله : " أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ " لما يستحقه الرب من التقدم بالرتبة ) ومن الرقبة على كل أحد كما ذكر .

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( ثم قال «وكنت عليهم» ولم يقل على نفسي معهم كما قال ربي وربكم. «شهيدا ما دمت فيهم» لأن الأنبياء شهداء على أممهم ما داموا فيهم.
«فلما توفيتني»: أي رفعتني إليك وحجبتهم عني وحجبتني عنهم «كنت أنت الرقيب عليهم» في غير مادتي، بل في موادهم إذ كنت بصرهم الذي يقتضي المراقبة.
فشهود الإنسان نفسه شهود الحق إياه.
وجعله بالاسم الرقيب لأنه جعل الشهود له فأراد أن يفصل بينه و بين ربه حتى يعلم أنه هو لكونه عبدا وأن الحق هو الحق لكونه ربا له، فجاء لنفسه بأنه شهيد و في الحق بأنه رقيب، وقدمهم في حق نفسه فقال «عليهم شهيدا ما دمت فيهم» إيثارا لهم في التقدم وأدبا، وأخرهم في جانب الحق عن الحق في قوله «الرقيب عليهم» لما يستحقه الرب من التقديم بالرتبة )  

قال رضي الله عنه :  ( ثم قال : ( وكنت عليهم ) ولم يقل : على نفسي معهم . كما قال : " ربى وربكم شهيدا ما دمت فيهم " . لأن الأنبياء شهداء على أممهم ما داموا فيهم.)
أي ، قال : "وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم " .
ولم يقل : وكنت شهيدا على نفسي ، وأنفسهم المشهود عليهم . كما فصل بين ربه وربهم بقوله : ( ربى وربكم ) لأن الأنبياء شهداء على أممهم ، و ( الشهيد ) اسم من أسماء الحق ، فهم مظاهره ، فالحق هو الشهيد عليهم بأعيان الأنبياء ، لا غيره
 .
قال رضي الله عنه :  ("فلما توفيتني " أي ، رفعتني إليك وحجبتهم عنى وحجبتني عنهم "كنت أنت الرقيب عليهم" في غير مادتي ، بل في موادهم . )
أي ، كنت أنت الرقيب عليهم في عين موادهم الروحانية والجسمانية بحكم المعية وبحكم الهوية الظاهرة فيهم المتسترة بهم .
قال رضي الله عنه :  ( إذ كنت بصرهم الذي يقتضى المراقبة . فشهود الإنسان نفسه شهود الحق إياه وجعله بالاسم الرقيب . ) أي ، جعل عيسى ذلك الشهود للحق بالاسم الرقيبي .
( لأنه جعل الشهود له . ) أي ، لأن عيسى ، عليه السلام ، جعل الشهود للحق بقوله : " كنت أنت الرقيب عليهم " . ومعناه : أن الحق يرقبهم ويشاهدهم من عين أعيانهم وهم لا يشعرون  

( فأراد أن يفصل بينه وبين ربه حتى يعلم أنه هو ) أي ، ليعلم أن عيسى هو العبد .
( لكونه عبدا ) في الواقع . ( وأن الحق هو الحق ، لكونه ربا له ، فجاء لنفسه بأنه شهيد ، وفي الحق بأنه رقيب . ) أي ، أراد عيسى ، عليه السلام ، أن يفصل بينه وبين ربه ، فجاء لنفسه بالشهيد ، وللحق بالرقيب .
و ( الشهيد ) تارة يؤخذ بمعنى المشاهد ، فيكون بمعنى الرقيب . وتارة يؤخذ بمعنى الشاهد الذي
يشهد على الشخص والحاضر عنده .
ولما كانت الأنبياء شهداء على أممهم يوم القيامة بالمعنى الأخير ، أتى في حق نفسه بالشهيد وفي الحق بالرقيب ، لأنه يشهد عليهم ما دام فيهم لا غير ، والحق رقيب عليهم أزلا وأبدا حيث كانوا دنيا وآخرة .
( وقدمهم في حق نفسه ، فقال : "عليهم شهيدا ما دمت فيهم " . إيثارا لهم في التقدم وأدبا ، وأخرهم في جانب الحق عن الحق في قوله : "الرقيب عليهم " لما يستحقه الرب من التقدم بالرتبة . ) أي ، قدم ضمير ( هم ) على الاسم ( الشهيد ) الذي جاء لنفسه بقوله : (عليهم شهيدا) وأخر ضمير ( هم ) عن الاسم ( الرقيب ) في قوله : ( كنت أنت الرقيب عليهم ) لما يستحق الرب من التقديم في المرتبة ، وتأخير ما جاء لنفسه ، لإيثار التقدم ولمراعاة الأدب بين يدي الحق ، إذ الكلام معه ، أو الأدب معهم ، لأنهم أيضا مظاهره ، وليتعلموا منه ذلك فيتأدبوا.

وأيضا ، التقديم يفيد الحصر فهو في حق الحق صادق ، إذ معناه : أنت الرقيب عليهم لا غيرك ، وفي حق نفسه لم يصدق ، لأنه ليس هو الشهيد عليهم فقط .  ( ثم ، أعلم ) على صيغة الماضي من ( الإعلام ) .

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ
:
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( ثم قال «وكنت عليهم» ولم يقل على نفسي معهم كما قال ربي وربكم. «شهيدا ما دمت فيهم» لأن الأنبياء شهداء على أممهم ما داموا فيهم.
«فلما توفيتني»: أي رفعتني إليك وحجبتهم عني وحجبتني عنهم «كنت أنت الرقيب عليهم» في غير مادتي، بل في موادهم إذ كنت بصرهم الذي يقتضي المراقبة.
فشهود الإنسان نفسه شهود الحق إياه.
وجعله بالاسم الرقيب لأنه جعل الشهود له فأراد أن يفصل بينه و بين ربه حتى يعلم أنه هو لكونه عبدا وأن الحق هو الحق لكونه ربا له، فجاء لنفسه بأنه شهيد و في الحق بأنه رقيب، وقدمهم في حق نفسه فقال «عليهم شهيدا ما دمت فيهم» إيثارا لهم في التقدم وأدبا، وأخرهم في جانب الحق عن الحق في قوله «الرقيب عليهم» لما يستحقه الرب من التقديم بالرتبة )  

قال رضي الله عنه :  ( ثمّ قال :وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ [ المائدة : 117 ] ، ولم يقل على نفسي معهم كما قال ربّي وربّكم شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ [ المائدة : 117 ] ؛ لأنّ الأنبياء شهداء على أممهم ما داموا فيهم ،فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي [ المائدة : 117 ] ، أي : رفعتني إليك وحجبتهم عنّي وحجبتني عنهم كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ [ المائدة : 117 ] ، في غير مادتي ، بل في موادّهم ، إذ كنت بصرهم الّذي يقتضي المراقبة ؛ فشهود الإنسان نفسه شهود الحقّ إيّاه ، وجعله بالاسم الرّقيب لأنّه جعل الشّهود له ، فأراد أن يفصّل بينه وبين ربّه حتّى يعلم أنّه هو لكونه عبدا في الواقع وأنّ الحقّ هو الحقّ لكونه ربّا له ، فجاء لنفسه بأنّه شهيد ، وفي الحقّ بأنّه رقيب ).

قال رضي الله عنه :  (ثم قال :وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً )[ المائدة : 117 ] أخذ مقام الجمع لنفسه ومقام الفرق لهم ؛ لأنه لما أقام له الحق في مقام الفرق المقرون بالجمع غلب على كل منهم ما تقتضيه حقيقته من الجمع والتفرقة ، ( ولم يقل : كنت على نفسي معهم ) شهيدا باعتبار التفرقة في الكل مقرونة بالجمعية ، ( كما قال :رَبِّي وَرَبِّكُمْ )[ هود : 56 ] .
فأخذ التفرقة في الاسم الجامع الإلهي على مقتضى ما أقام له الحق في مقام التفرقة مقرونة بالجمع ؛ لأن هذا الاقتران كان في الكل أولا ، ثم غلب على كل ما تقتضيه حقيقته ، ثم قيد شهادته عليهم بدوامه فيهم ، فقال : شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ [ المائدة : 117 ] .

وإن كان مقتضى الجمع الغالب عليه ألا تنقطع شهادته أبدا ؛ لأن شهادته عليهم ليس باعتبار هذه الجمعية بل باعتبار كونه بينهم ، فتقيد شهادته عليهم بمدة نبوته لهم ؛ ( لأن الأنبياء شهداء على أممهم ما داموا فيهم ) ؛ لأن نبوتهم مقيدة بتلك المدة ، ولا تمكن الشهادة بعد ذلك منهم كما أشار إليه بقوله :فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي[ المائدة : 117 ] .
ولما كان المشهور في معناه الإماتة ، وهو عليه السّلام حي فسره ، بقوله : ( أي : رفعتني إليك ) ، كما قال عزّ وجل إذ قال اللّه :يا عِيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَّ[ آل عمران : 55 ] ، وهذا الرفع وإن قربه من علام الغيوب لا يبقي له شهادة عليهم ، أي : يحجبون عنه عند مزيد استغراقه في الحق ، كما يحجبون عنه مع غاية إشراق نور الحق عليه .

وإليه الإشارة بقوله : ( وحجبتهم عني ) ، فلم يمكنهم مراجعتي في موضع الشبهات ، (وحجبتني عنهم ) ، فلم يمكنني الاطلاع على أفعالهم القبيحة لأمنعهم عنها ، (كنت أنت الرقيب عليهم ) .
ولما كان ظاهره الحصر مع أن كل واحد مراقب لنفسه قيده بقوله : ( في غير مادتي ) ، فلم أكن رقيبا عليهم ، ولا شهيدا لا بنفسي ولا بك .
ثم قال : ( بل في موادهم ) مع أن شهود الحق للأشياء لا يتوقف على كونه ظاهرا في مادة شخص ؛ لأن المراقبة تقتضي ذلك إذ لا يكون إلا بالبصر الظاهر ، فكأنه قال : كنت أنت الرقيب عليهم في موادهم ، ( إذ كنت بصرهم الذي يقتضي المراقبة ) ، وإن لم يصر بصرهم عين الحق لاختصاص ذلك بالكمّل وهم أهل القصور.
قال رضي الله عنه :  ( فشهود الإنسان نفسه ) كاملا أو قاصرا ( شهود الحق إياه ) ، فإنه لما لم يكن وجوده من ذاته كان من ظهور الحق فيه فهو من جملة مظاهره ، ولكن لقصوره لا القصور يتجوز فيه بأنه هو لإشعاره بتناسي التشبيه ، ولا يتأتى في المظاهر القاصرة ، وهذا الشهود وإن كان أعم من المراقبة ؛ لتوقفها على البصر الظاهر دونه لم يستعمله في حق اللّه تعالى مع عموم شهوده باعتبار كونه في مقر غيره ، واعتبار ظهوره في الماديات ، بل ( جعله ) أي :
شهود الحق ( بالاسم الرقيب ) المقيد بظهوره في الماديات ، أي : عيسى عليه السّلام ( جعل الشهود ) له أولا ؛ ليشعر بأن كونه شهيدا عليهم لا يتقيد بكونه في مادته أو مادتهم ، بل يشاهدهم في شهود الحق إياهم ، باعتبار التفرقة التي أقام الحق فيها لعيسى عليه السّلام مع الجمعية ، فلو أتى بهذا اللفظ في حق اللّه لالتبس بالحق .

قال رضي الله عنه :  ( فأراد أن يفصل بينه وبين ربه ) بتميز اللفظين المستعملين فيهما ؛ لأنه يدل على أنه إنما يميز بينهما لتمييزهما في الواقع ، ( حتى يعلم أنه هو ) وإن بلغ ما بلغ عند تجلي الحق في مادته ، فإنه يتميز عنه ( بكونه عبدا ) ، وإن الحق وإن ظهر في مظهره ( هو الحق ) تميز عنه ( بكونه ربّا ) ، فلابد مما يشعر بهذا التميز وأقله تميز الألفاظ ، ( فجاء لنفسه بأنه شهيد ، وفي الحق بأنه رقيب ) ؛ ليشعر بأنه باعتبار ظهور الحق فيه ، صار شهوده عامّا بالنظر إلى سابق حاله ، والحق باعتبار ظهوره في مادته ، صار شهوده خاصّا بقدر ما تقتضيه حقيقة عيسى عليه السّلام .

قال رضي الله عنه :  (وقدّمهم في حقّ نفسه فقال :عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ [ المائدة : 117 ] ، إيثارا لهم في التّقدّم وأدبا ، وأخّرهم في جانب الحقّ عن الحقّ في قوله :الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ )[ المائدة : 117 ] ، لما يستحقّه الرّبّ من التّقدّم بالرّتبة )

ثم أشار إلى مبالغة عيسى عليه السّلام في هذه العبودية بغاية التذلل ؛ فقال : ( وقدمهم ) أي :
اللفظ الدال عليهم على اللفظ الدال عليه ( في حق نفسه ، فقال :عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ )[ المائدة : 117 ] ، وإنما ذكره ؛ ليشير بأن تقدمه في كنت ودمت ؛ لضرورة اتصال الضمير ( إيثارا لهم في التقدم ) الذي أعطيه ، فتعاظم به ، وهو خلاف التواضع اللازم للعبودية ، ( وأدبا ) ؛ لئلا يتكبر على عباد اللّه ، ولو فيهم كافر ، ( وآخرهم في جانب الحق عن الحق ) وإن اعتبر ظهوره فيهم في المراقبة وهو متأخر عنهم في ( قوله :كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ )[ المائدة : 117 ] ، كما ( في قوله :وَأَنْتَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) [ المائدة : 117]
( لما يستحقه الرب من التقديم بالرتبة ) ، فلابدّ من اعتباره مع اعتبار ظهوره فيهم .


شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( ثم قال «وكنت عليهم» ولم يقل على نفسي معهم كما قال ربي وربكم. «شهيدا ما دمت فيهم» لأن الأنبياء شهداء على أممهم ما داموا فيهم.
«فلما توفيتني»: أي رفعتني إليك وحجبتهم عني وحجبتني عنهم «كنت أنت الرقيب عليهم» في غير مادتي، بل في موادهم إذ كنت بصرهم الذي يقتضي المراقبة.
فشهود الإنسان نفسه شهود الحق إياه.
وجعله بالاسم الرقيب لأنه جعل الشهود له فأراد أن يفصل بينه و بين ربه حتى يعلم أنه هو لكونه عبدا وأن الحق هو الحق لكونه ربا له، فجاء لنفسه بأنه شهيد و في الحق بأنه رقيب، وقدمهم في حق نفسه فقال «عليهم شهيدا ما دمت فيهم» إيثارا لهم في التقدم وأدبا، وأخرهم في جانب الحق عن الحق في قوله «الرقيب عليهم» لما يستحقه الرب من التقديم بالرتبة )  

 قال رضي الله عنه :  (ثمّ قال : " وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ " - ولم يقل : « على نفسي معهم » كما قال : " رَبِّي وَرَبَّكُمْ " ، " شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ" لأن الأنبياء شهداء على أممهم ما داموا فيهم) .

وفي تكرار ضميري المتكلَّم والغائب ما هو مقتضى الكلمة العيسويّة ( " فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي " أي رفعتني إليك وحجبتهم عنّي ، وحجبتني عنهم ، " كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ " في غير مادّتي ، بل في موادّهم ، إذ كنت بصرهم الذي يقتضي المراقبة ، فشهود الإنسان نفسه شهود الحقّ إيّاه . وجعله بالاسم الرقيب لأنه جعل الشهود له ) - لدلالته على الحضور.

قال رضي الله عنه :  ( فأراد أن يفصل بينه وبين ربّه حتى يعلم أنّه هو ) يعني أن عيسى في غيب كمونة وعدميّته الأصليّة ( لكونه عبدا ، وأنّ الحقّ هو الحقّ ) أي الحيّ القائم الدائم الباقي ( لكونه ربّا له ، فجاء لنفسه بأنّه شهيد ، وفي الحقّ بأنّه رقيب ) .
ووجه اختصاص نفسه بالشهيد لإشعاره بأنّ عيسى في الهويّة الإطلاقيّة وصرافة غيبها من حيث أنّه عبد ، وبيّن أنّ لتلك الهويّة تعانق الأطراف وجمعيّة الأضداد - على ما بيّن غير مرّة - فلا بدّ وأن يكون ذلك الغيب هو الحضور ، والشهيد هو الحاضر .
ثمّ إنّ الحضور أمر نسبي إنما يتصور بين اثنين ، فإنّ الحاضر إنما يقال له ذلك باعتبار قرينه ، فعلم على مسلك الاشتقاق الكبير وجه مناسبة الرقيب  واختصاصه هاهنا بالحقّ .

على أنّ هاهنا تلويحا يكشف عن وجهي الاختصاص كشفا بيّنا ، فإنّ الشهيد مع أن عقده عقد العبد ، فإن بيّناتهما يتوافقان بالموادّ ، كما أنّ الرقيب باعتبار ملاحظة الأوّل والآخر هو الربّ ، وعقد الربّ بفضله هو عقده .
قال رضي الله عنه :  (وقدّمهم في حقّ نفسه فقال : " عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ "  إيثارا لهم في التقدّم ، وأدبا ) لما هو مقتضى مقام تواضع الكمّل وإشارة أيضا على اختصاص شهادته بهم.

قال رضي الله عنه :  ( وأخّرهم في جانب الحق عن الحقّ في قولهم: " الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ " لما يستحقّه الرب من التقدّم بالرتبة ) وعدم اختصاص رقابته تعالى بهم .

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( ثم قال «وكنت عليهم» ولم يقل على نفسي معهم كما قال ربي وربكم. «شهيدا ما دمت فيهم» لأن الأنبياء شهداء على أممهم ما داموا فيهم.
«فلما توفيتني»: أي رفعتني إليك وحجبتهم عني وحجبتني عنهم «كنت أنت الرقيب عليهم» في غير مادتي، بل في موادهم إذ كنت بصرهم الذي يقتضي المراقبة.
فشهود الإنسان نفسه شهود الحق إياه.
وجعله بالاسم الرقيب لأنه جعل الشهود له فأراد أن يفصل بينه و بين ربه حتى يعلم أنه هو لكونه عبدا وأن الحق هو الحق لكونه ربا له، فجاء لنفسه بأنه شهيد و في الحق بأنه رقيب، وقدمهم في حق نفسه فقال «عليهم شهيدا ما دمت فيهم» إيثارا لهم في التقدم وأدبا، وأخرهم في جانب الحق عن الحق في قوله «الرقيب عليهم» لما يستحقه الرب من التقديم بالرتبة )

قال رضي الله عنه :  ( ثم قال «وكنت عليهم» ولم يقل على نفسي معهم كما قال ربي وربكم. «شهيدا ما دمت فيهم» لأن الأنبياء شهداء على أممهم ما داموا فيهم. «فلما توفيتني»: أي رفعتني إليك وحجبتهم عني وحجبتني عنهم «كنت أنت الرقيب عليهم» في غير مادتي، بل في موادهم إذ كنت بصرهم الذي يقتضي المراقبة. فشهود الإنسان نفسه شهود الحق إياه. وجعله بالاسم الرقيب لأنه جعل الشهود له فأراد أن يفصل بينه و بين ربه حتى يعلم أنه هو لكونه عبدا وأن الحق هو الحق لكونه ربا له، فجاء لنفسه بأنه شهيد و في الحق بأنه رقيب، وقدمهم في حق نفسه فقال «عليهم شهيدا ما دمت فيهم» إيثارا لهم في التقدم وأدبا، وأخرهم في جانب الحق عن الحق في قوله «الرقيب عليهم» لما يستحقه الرب من التقديم بالرتبة.)

قال رضي الله عنه :  ( ثم قال : "وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ " ولم يقل على نفسي معهم كما قال : ربي وربكم "شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ" لأن الأنبياء شهداء على أممهم ما داموا فيهم ) لا على أنفسهم مع الأمم ( فلما توفيتني ) .
ولما كان التوفي ظاهرا في الإماتة وعيسى عليه السلام لم يمت بل رفعه اللّه إلى السماء فسره رضي اللّه عنه بقوله : ( أي رفعتني إليك وحجبتهم عني وحجبتني عنهم ) ، فلما لم أبق متمكنا من الشهادة عليهم (كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ) [ المائدة : 117 ] باعتبار مقام الفرق ( في غير مادتي بل في موادهم ) وأما باعتبار مقام الجمع ففي غير مادة ( إذ كنت بصرهم الذي يقتضي المراقبة فشهود الإنسان نفسه شهود الحق إياه ) في مقام الفرق .

قال رضي الله عنه :  ( و ) إنما ( جعله ) أي جعل عيسى الحق مذكورا ( بالاسم الرقيب ) ولم يذكره مثل نفسه بالشهيد ( لأنه ) عليه السلام ( جعل الشهود له ) ، أي لنفسه ( فأراد أن يفصل بينه وبين ربه ) فيما يعبر به عنهما ( حتى يعلم أنه هو ) ، أي عيسى هو عيسى لا الحق بوجه ( لكونه عبدا ) أو وجه العبودية التي هي جهة التعين والتقيد غير وجه الربوبية والحقية ( وأن الحق هو الحق ) ، لا عيسى ( لكونه ربا له ) وجهة الربوبية التي هي جهة الإطلاق غير جهة العبدية ( فجاء عيسى لنفسه بأنه شهيد ) وإنما خصه بالشهيد لما سبق من أن الأنبياء شهداء على أممهم ( وجاء في الحق بأنه رقيب ) فرقا بينه وبين الحق .

قال رضي الله عنه :  ( وقدمهم في حق نفسه فقال :عَلَيْهِمْ شَهِيداً) لا شهيد عليهم (ما دُمْتُ فِيهِمْ إيثارا لهم ) على نفسه ( في التقدم ) كما يقتضيه مقام تواضع الكمل ، وإشارة أيضا إلى اختصاص شهادته لهم دون سائر الأمم ( وأدبا ) ، أي قدمهم على نفسه لمراعاة الأدب بين يدي الحق إذ الكلام معه أو لمراعاة الأدب معهم لأنهم مظاهره ( وآخرهم في جانب الحق عن الحق في قوله الرقيب عليهم بما يستحقه الرب من التقدم بالرتبة ) ولعدم اختصاص رقابته.

  .
السفر الخامس عشر الفقرة الثانية والعشرون على منتدي إتقوا الله ويعلمكم الله
واتساب

No comments:

Post a Comment