Monday, December 2, 2019

السفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية الفقرة العشرون .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية الفقرة العشرون .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية الفقرة العشرون .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

15 - The Wisdom of Prophecy in the Word of Jesus

الفقرة العشرون :
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم قال متمما للجواب «ما قلت لهم إلا ما أمرتني به» فنفى أولا مشيرا إلى أنه ما هو.
ثم أوجب القول أدبا مع المستفهم، ولو لم يفعل ذلك لاتصف بعدم علم الحقائق وحاشاه من ذلك، فقال «إلا ما أمرتني به» وأنت المتكلم على لساني وأنت لساني.
فانظر إلى هذه التنبئة الروحية الإلهية ما ألطفها وأدقها، «أن اعبدوا الله» فجاء بالاسم «الله» لاختلاف العباد في العبادات واختلاف الشرائع، لم يخص اسما خاصا دون اسم، بل جاء بالاسم الجامع للكل.
ثم قال «ربي وربكم»، ومعلوم أن نسبته إلى موجود ما بالربوبية ليست عين نسبته إلى موجود آخر، فلذلك فصل بقوله «ربي وربكم» بالكنايتين كناية المتكلم وكناية المخاطب.
«إلا ما أمرتني به» فأثبت نفسه مأمورا وليست سوى عبوديته، إذ لا يؤمر إلا من يتصور منه الامتثال وإن لم يفعل.   )

قال رضي الله عنه :  ( ثمّ قال متمّما للجواب ما قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا ما أَمَرْتَنِي بِه ِفنفى أوّلا مشيرا إلى أنّه ما هو ثمّة . ثمّ أوجب القول أدبا مع المستفهم ، ولو لم يفعل كذلك لاتّصف بعدم علم الحقائق وحاشاه من ذلك ، فقال :إِلَّا ما أَمَرْتَنِي بِهِ وأنت المتكلّم على لساني وأنت لساني.  فانظر إلى هذه التّنبئة الرّوحيّة الإلهيّة ما ألطفها وأدقّها أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ فجاء بالاسم « اللّه » لاختلاف العبّاد في العبادات واختلاف الشّرائع ؛ ولم يخصّ اسما خاصا دون اسم ، بل جاء بالاسم الجامع للكلّ .
ثمّ قال :رَبِّي وَرَبَّكُمْ ومعلوم أنّ نسبته إلى موجود ما بالرّبوبيّة ليست عين نسبته إلى موجود آخر ، فلذلك فصّل بقوله :رَبِّي وَرَبَّكُمْ بالكنايتين كناية المتكلّم وكناية المخاطب .إِلَّا ما أَمَرْتَنِي بِهِ[ المائدة : 117 ] فأثبت نفسه مأمورا وليست سوى عبوديّته ، إذ لا يؤمر إلّا من يتصوّر منه الامتثال وإن لم يفعل . )

ثم قال ، أي عيسى عليه السلام متمما للجواب عن الاستفهام المذكور ما قُلْتُ لَهُمْ، أي للناس إِلَّا ما أَمَرْتَنِي بِهِ [ المائدة : 117 ] فنفى ، أي عيسى عليه السلام من حيث إنه الحق المقيد بالصورة يعني نفى قوله لهم أوّلا ، أي في ابتداء هذا الكلام حال كونه مشيرا بقوله هذا إلى أنه ، أي عيسى عليه السلام من حيث إنه نفس الصورة المقيدة للحق تعالى ما هو ، أي موجود ثم بالفتح ، أي
هناك يعني في حضرة الحق المطلق المستفهم له في حضرة تقيده بالصورة .

ثم أوجب ، أي نقض ذلك النفي بإيجاب القول أدبا مع المستفهم الحق فإنه استفهمه عن حضرة نفس الصورة المقيدة للحق حتى ينفي القول عنها مطلقا ، وإنما استفهمه عن حضرة كونه الحق المقيد بالصورة .

ولو لم يفعل ، أي عيسى عليه السلام كذلك ، أي ينفي القول عنه من حيثية كونه نفس الصورة ، ويشتبه من حيثية كونه الحق المقيد بالصورة ، يعني ما قلت لهم شيئا من تلقاء نفسي ، أي قولا بنفسي ، وإنما قلت لهم :ما أَمَرْتَنِي بِهِ، أي قولا بأمرك .
 وذلك من حضرة كونه ملكا روحانيا كما قال تعالى عن الملائكةوَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَوالقول عمل اللسان لا تصف عليه السلام بعدم معرفة علم الحقائق وحاشاه من ذلك الاتصاف ، لأنه رسول الحقيقة إلى بني إسرائيل أرسل بها إليهم ليكمل شريعتهم .
 كما أرسل موسى عليه السلام بالشريعة إليهم ، فلما كذبوه وما آمن معه إلا قليل أرسل اللّه تعالى محمدا صلى اللّه عليه وسلم إلى كافة العالمين بالشريعة والحقيقة معا ليظهره على الدين كلهوَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ[ التوبة : 32 ] .

فقال ، أي عيسى عليه السلام :ما قُلْتُ لَهُمْإِلَّا ما أَمَرْتَنِي بِهِوأنت المتكلم على لساني وفي المشرب المحمدي الذاتي أنت لساني الذي أتكلم به وهو الإشارة إلى كونه ما قال إلا من كونه الحق المقيد بالصورة فانظر يا أيها السالك إلى هذه التثنية  في قوله :أَمَرْتَنِيفأثبت نفسه مأمورا مع ربه الآمر له الروحية ، أي المنسوبة إلى الروح لأنه روح اللّه الإلهية لأنه عبد اللّه ما ألطفها من حيث اقتضاؤها الآمر والمأمور ، والروح من أمر اللّه تعالى بحكم قوله :وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي[ الإسراء : 85 ] .
 وأمره تعالى كما قال :إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ[ النحل : 40 ] ومنه قوله تعالى :إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ( 59 ) [ آل عمران : 59 ] .

فعيسى عليه السلام روح اللّه وهو من أمر اللّه وهو مأمور اللّه وهو مخلوق اللّه وهو كلمة اللّه وهو قول اللّه وهو عبد اللّه وما أدقها .
أي هذه التثنية أيضا لخفاء معناها عند الكشف عنها في مقام الأرواح الأمريةأَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ، أي افعلوا عبادته تعالى يا أيها المكلفون بها .
فجاء ، أي عيسى عليه السلام باسم اللّه دون غيره من الأسماء الإلهية
 (لاختلاف العبّاد) جمع عبد أو بالتشديد جمع عابد في العبادات فكل عبد أو عابد يعبده تعالى بمقدار استطاعته في حضوره في تلك العبادة وبالكيفية المتوجهة عليه منها فيكون أثرا عن تجلي اسم إلهي خاص ولأجل اختلاف الشرائع.

 فكل شريعة لأمة من الأمم تكليفا باعتبار ما تقتضيه بحقائقها ، وتستعد له بنفوسها من حضرات الأسماء الإلهية متوجهة على تأثيرها ، كذلك فالأمر من اللّه تعالى لعيسى عليه السلام أن يأمر من لقيهم من الناس تأكيدا للشرائع التي كانت عليها بنو إسرائيل في زمان أنبيائهم ، وحثا لقومه على لزوم أحكامهم وإلزاما لهم بالشريعة المحمدية إن أدركوها في زمانها ، وهذا معنى اختلاف الشرائع في أمر عيسى عليه السلام بالعبادة المختلفة فيها .

قال رضي الله عنه :  (ولم يخص) ، أي عيسى عليه السلام اسما خاصا كقوله : اعبدوا الرحمن أو اللطيف أو القدير أو العليم ونحو ذلك دون اسم آخر من تلك الأسماء الإلهية بل جاء بالاسم الجامع للكل وهو اسم اللّه الجامع لجميع أسمائه سبحانه جمعية ذاتية تقتضي انفراد كل اسم بحيطته الخاصة به ، وإن كان كل اسم إلهي جامعا لجميع الأسماء الإلهية أيضا ، ولكنها جمعية صفاتية لا ذاتية ، لأنها تدخل تحت حيطة ذلك الاسم الجامع لها لا تحت حكم الذات بما تقتضيه ثم قال ، أي عيسى عليه السلامرَبِّي وَرَبُّكُمْ[ آل عمران : 51 ] .

فكان فصل إجمال أسمائه تعالى المجموعة في الاسم اللّه بظهور الربوبية في كل مربوب ومعلوم أن نسبته تعالى إلى وجود ما ، أي شيء من الأشياء بالربوبية التي اقتضت وصف العبودية في كل شيء ليست عين نسبته سبحانه بالربوبية أيضا إلى موجود آخر غير الأوّل فلذلك فصل مجمل ما في لفظ اللّه من الأسماء الكثيرة بقوله :رَبِّي وَرَبُّكُمْتفصيلا حاصلا بالكنايتين وهما الضميران المتصلان كناية ، أي الضمير المتكلم ، وهو الياء المثناة التحتية في الأوّل وكناية المخاطب وهو الكاف والميم الدالة على جميع المذكور في الثانيإِلَّا ما أَمَرْتَنِي بِهِفأثبت ، أي عيسى عليه السلام نفسه مأمورا بأمر اللّه تعالى له .

قال رضي الله عنه :  (وليست) نفسه المأمورة ، إذ لا نفس له لأنه روح اللّه ، والروح من أمر اللّه وأمر اللّه تعالى قيوميته على خلقه سوى عبوديته ، أي اتصاف روحه بوصف العبودية للّه تعالى إذ ، أي لأنه لا يؤمر بأمر من الأمور إلا من يتصور منه الامتثال لذلك الأمر وإن لم يفعل ما أمر به لموته قبل وقت المأمور أو امتناعه منه ، وعيسى عليه السلام وإن لم يكن له نفس ففيه قبول وصف العبودية للّه تعالى باعتبار الحقيقة الملكية والصور الآدمية ، ونفسه التي قال عنها :"تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي" هي الحق المقيد
بالصورة كما تقدم ذكره لا نفس الصورة والحق المقيد هو الأمر النازل بالروح والطبيعة ومجموع العناصر .

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم قال متمما للجواب «ما قلت لهم إلا ما أمرتني به» فنفى أولا مشيرا إلى أنه ما هو.
ثم أوجب القول أدبا مع المستفهم، ولو لم يفعل ذلك لاتصف بعدم علم الحقائق وحاشاه من ذلك، فقال «إلا ما أمرتني به» وأنت المتكلم على لساني وأنت لساني.
فانظر إلى هذه التنبئة الروحية الإلهية ما ألطفها وأدقها، «أن اعبدوا الله» فجاء بالاسم «الله» لاختلاف العباد في العبادات واختلاف الشرائع، لم يخص اسما خاصا دون اسم، بل جاء بالاسم الجامع للكل.
ثم قال «ربي وربكم»، ومعلوم أن نسبته إلى موجود ما بالربوبية ليست عين نسبته إلى موجود آخر، فلذلك فصل بقوله «ربي وربكم» بالكنايتين كناية المتكلم وكناية المخاطب.
«إلا ما أمرتني به» فأثبت نفسه مأمورا وليست سوى عبوديته، إذ لا يؤمر إلا من يتصور منه الامتثال وإن لم يفعل.   )

قال رضي الله عنه :  ( ثم قال ) العبد الصالح ( متمما للجواب ) إذ الجواب يحصل بقوله إن كنت قلته فقد علمته فعدّ ذلك من متمماته ( ما قلت لهم إلا ما أمرتني فنفى أوّلا ) عن نفسه قولا ( مشيرا إلى أنه ما هو ثمة ) أي إلى أن عيسى عليه السلام ليس هو موجودا في هذا المقام حتى يقول قولا بل الوجود كله اللّه ( ثم أوجب القول أدبا مع المستفهم ولو لم يفعل كذلك لا تصف ) عيسى عليه السلام ( بعدم العلم بالحقائق وحاشاه من ذلك ) فلو لم يثبت الهوية الإلهية بعد نفيه الهوية العيسوية لكان نفيا مطلقا وليس كذلك بل الأمر الإثبات بعد النفي أو نفي بعد الإثبات فأثبت الهوية الإلهية ( فقال : إلا ما أمرتني به وأنت المتكلم على لساني وأنت لساني ) فأثبت الهوية الإلهية في ضمن الهوية العيسوية فالقول قول الحق واللسان لسان الحق لكن ظهر في الصورة العيسوية .
قال رضي الله عنه :  ( فانظر إلى هذه التنبئة ) من الأنباء على وزن تفعله ( الروحية الإلهية ) أي فانظر إلى هذا الإخبار الروحي الإلهي ومن التنبي باعتبار السؤال من طرف الحق والجواب من عيسى عليه السلام يعني فانظر إلى هذا السؤال والجواب ( ما ألطفها ) بعبارتها ( وما أدقها ) بإشارتها ( أن اعبدوا اللّه فجاء ) عيسى عليه السلام ما أمر اللّه به  .

قال رضي الله عنه :  ( بالاسم اللّه لاختلاف العباد في العبادات واختلاف الشرائع ولم يخص اسما خاصا دون اسم ) ولم يقل أن اعبدوا الرحمن أو غيره من الأسماء الخاصة .
( بل جاء بالاسم الجامع للكل ) أي لجميع الأسماء ( ثم قال ) عيسى عليه السلام ( له ) : أي اللّه ( ربي وربكم ومعلوم أن نسبته ) أي نسبة الحق ( إلى موجود ما بالربوبية غير نسبة إلى موجود آخر ) فإن عبد الرحيم ليس عبد القهار.
 قال رضي الله عنه :  ( فلذلك ) أي فلكون نسبة الربوبية باختلاف المظاهر ( فصل ) عيسى عليه السلام الرب ( بقوله رَبِّي وَرَبَّكُمْ بالكنايتين كناية المتكلم به وكناية المخاطب إِلَّا ما أَمَرْتَنِي بِهِ فأثبت نفسه مأمورا وليست نفسه سوى عبوديته إذ لا يؤمر إلا من يتصور منه الامتثال ) إلى الأمر .
( وإن لم يفعل ) فكان نفسه عين عبوديته وإلا لما قال إلا ما أمرتني.
 
شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم قال متمما للجواب «ما قلت لهم إلا ما أمرتني به» فنفى أولا مشيرا إلى أنه ما هو.
ثم أوجب القول أدبا مع المستفهم، ولو لم يفعل ذلك لاتصف بعدم علم الحقائق وحاشاه من ذلك، فقال «إلا ما أمرتني به» وأنت المتكلم على لساني وأنت لساني.
فانظر إلى هذه التنبئة الروحية الإلهية ما ألطفها وأدقها، «أن اعبدوا الله» فجاء بالاسم «الله» لاختلاف العباد في العبادات واختلاف الشرائع، لم يخص اسما خاصا دون اسم، بل جاء بالاسم الجامع للكل.
ثم قال «ربي وربكم»، ومعلوم أن نسبته إلى موجود ما بالربوبية ليست عين نسبته إلى موجود آخر، فلذلك فصل بقوله «ربي وربكم» بالكنايتين كناية المتكلم وكناية المخاطب.
«إلا ما أمرتني به» فأثبت نفسه مأمورا وليست سوى عبوديته، إذ لا يؤمر إلا من يتصور منه الامتثال وإن لم يفعل.   )

قوله: وأما هذه الكلمة العيسوية لما قام لها الحق في مقام حتى يعلم ونعلم، يعني أنه مقام" لعيسى في مقام قوله تعالى: "لنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منگم والصابرين (محمد: 31) .
وهو مقام معلوم أي يكون الحق تعالى يعلم الأمر على ما هو عليه ومع ذلك يستفهم عنه لتقوم حجته على العباد بالمعاينة .
فهذا هو المقام الذي عامل به الحق تعالی عیسی علیه السلام، في قوله:"أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله"  (المائدة: 116) مع علمه تعالی بما قال.
وقد التزم" عيسى عليه السلام، الأدب في كونه أجاب مع علمه أن الله تعالی عالم بالحال غیر محتاج إلى الجواب.
لكن حيث يسئله فلا بد أن يجيب في التفرقة، لأن السؤال إنما يقع في لسان التفرقة لكونه عليه السلام، يعلم أن التفرقة هي عين الجمع.
لأن السؤال كان مع العلم فالجمع حاصل والذي يقتضيه هويته أنه ليس له من الأمر شيء .
وعلل کونه تعالى يعلم بأنه هو القائل واللسان نفسه .
ولي في هذا المعنى أبيات
شهدت نفسك فينا وهي واحدة    …..      كثيرة ذات أوصاف وأسماء
ونحن فيك شهدنا بعد كثرتنا     ……   عينا بها اتحد المرآئی والرائي
فأول أنت من قبل الظهور لنا  …….   وآخر عند عود النازح النای
وظاهر في سواد العين أشهده  …..       وباطن في امتیازاتی واخفاء
أنت الملقن سري ما أفوه به   ……       أنت نطقي والمصغي لنجواي
وهو قول الشيخ رضي الله عنه: 
وأنت اللسان الذي اتكلم به واستشهد بقول رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وما ذكره إلى آخر الحكمة ظاهر.

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم قال متمما للجواب «ما قلت لهم إلا ما أمرتني به» فنفى أولا مشيرا إلى أنه ما هو.
ثم أوجب القول أدبا مع المستفهم، ولو لم يفعل ذلك لاتصف بعدم علم الحقائق وحاشاه من ذلك، فقال «إلا ما أمرتني به» وأنت المتكلم على لساني وأنت لساني.
فانظر إلى هذه التنبئة الروحية الإلهية ما ألطفها وأدقها، «أن اعبدوا الله» فجاء بالاسم «الله» لاختلاف العباد في العبادات واختلاف الشرائع، لم يخص اسما خاصا دون اسم، بل جاء بالاسم الجامع للكل.
ثم قال «ربي وربكم»، ومعلوم أن نسبته إلى موجود ما بالربوبية ليست عين نسبته إلى موجود آخر، فلذلك فصل بقوله «ربي وربكم» بالكنايتين كناية المتكلم وكناية المخاطب.
«إلا ما أمرتني به» فأثبت نفسه مأمورا وليست سوى عبوديته، إذ لا يؤمر إلا من يتصور منه الامتثال وإن لم يفعل.   )

قال رضي الله عنه : ( ثم قال متمّما للجواب : ما قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا ما أَمَرْتَنِي به فنفى أوّلا مشيرا إلى أنّه ما هو ثمّ )
يعني في قوله : « ما قُلْتُ لَهُمْ » ) ثم أوجب القول أدبا مع المستفهم (
يعني في قوله : « إِلَّا ما أَمَرْتَنِي به » .

قال رضي الله عنه  : ) ولو لم يفعل كذلك ، لاتّصف بعدم علم الحقائق وحاشاه من ذلك ، فقال : « إِلَّا ما أَمَرْتَنِي به » وأنت المتكلَّم على لساني وأنت لساني ( .
قال رضي الله عنه : « فانظر إلى هذه التنبئة الروحية ما ألطفها وأدقّها ! »
يعني في قوله : « ما أَمَرْتَنِي » مع أنّه عينه ، فأفرد الحق بتاء الكناية عن المخاطب ، وحدّد نفسه وميّزه من حيث مأموريته بياء كناية المتكلَّم « أَنِ اعْبُدُوا الله » فجاء بالاسم « الله » لاختلاف العبّاد في العبادات واختلاف الشرائع ، ولم يعيّن اسما خاصّا دون اسم ، بل جاء بالاسم الجامع للكلّ .

ثم قال رضي الله عنه : « رَبِّي وَرَبَّكُمْ » ومعلوم أنّ نسبته إلى موجود ما بالربوبية ليست عين نسبته إلى موجود آخر . فلذلك فصّل بقوله : « رَبِّي وَرَبَّكُمْ » بالكنايتين : كناية المتكلَّم وكناية المخاطب . « إِلَّا ما أَمَرْتَنِي به » فأثبت نفسه مأمورا وليست سوى عبوديته ، إذ لا يؤمر إلَّا من يتصوّر منه الامتثال وإن لم يفعل ).

ويقول العبد : اغْفِرْ لِي فهو الآمر ، والحق المأمور ، فما يطلبه الحق من العبد بأمره هو بعينه ما يطلبه العبد من الحق بأمره » يعني الإجابة « ولهذا كان كلّ دعاء  مجابا ولا بدّ وإن تأخّر ، كما تتأخّر بعض المكلَّفين ممّن أقيم مخاطبا بإقامة الصلاة ، فلا يصلَّي في وقت فيؤخّر الامتثال ويصلَّي في وقت آخر إن كان متمكَّنا من ذلك ، ولا بدّ من الإجابة ولو بالقصد .

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم قال متمما للجواب «ما قلت لهم إلا ما أمرتني به» فنفى أولا مشيرا إلى أنه ما هو.
ثم أوجب القول أدبا مع المستفهم، ولو لم يفعل ذلك لاتصف بعدم علم الحقائق وحاشاه من ذلك، فقال «إلا ما أمرتني به» وأنت المتكلم على لساني وأنت لساني.
فانظر إلى هذه التنبئة الروحية الإلهية ما ألطفها وأدقها، «أن اعبدوا الله» فجاء بالاسم «الله» لاختلاف العباد في العبادات واختلاف الشرائع، لم يخص اسما خاصا دون اسم، بل جاء بالاسم الجامع للكل.
ثم قال «ربي وربكم»، ومعلوم أن نسبته إلى موجود ما بالربوبية ليست عين نسبته إلى موجود آخر، فلذلك فصل بقوله «ربي وربكم» بالكنايتين كناية المتكلم وكناية المخاطب.
«إلا ما أمرتني به» فأثبت نفسه مأمورا وليست سوى عبوديته، إذ لا يؤمر إلا من يتصور منه الامتثال وإن لم يفعل.   )
 
قال رضي الله عنه :  ( ثم قال متمما للجواب
" ما قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا ما أَمَرْتَنِي به " - فنفى أولا مشيرا إلى أنه ما هو ثمة ثم أوجب القول أدبا مع المستفهم ، ولو لم يفعل كذلك لا تصف بعدم العلم بالحقائق وحاشاه من ذلك ، فقال – " إِلَّا ما أَمَرْتَنِي به " وأنت المتكلم على لساني وأنت لساني ، فانظر إلى هذه التنبئة الروحية الإلهية ما ألطفها وأدقها )
في قوله « ما أَمَرْتَنِي به » مع أنه عينه فأفرد الحق بتاء الكناية عن المخاطب ، وحدد نفسه وميزه من حيث مأموريته بتاء كناية المتكلم .

قال رضي الله عنه :  (" أَنِ اعْبُدُوا الله " - فجاء باسم الله لاختلاف العباد في العبادات واختلاف الشرائع ولم يعين اسما خاصا دون اسم بل بالاسم الجامع للكل ، ثم قال – " رَبِّي ورَبَّكُمْ " - ومعلوم أن نسبته إلى موجود ما بالربوبية ليست عين نسبته إلى موجود آخر فلذلك فصل بقوله – " رَبِّي ورَبَّكُمْ " - بالكنايتين كناية المتكلم وكناية المخاطب – " إِلَّا ما أَمَرْتَنِي به "- فأثبت نفسه مأمورا وليست) أي المأمورية
"" أضاف بالي زادة(ما هو ثمة ) إشارة إلى أن عيسى ليس هو موجودا في هذا المقام حتى يقول قولا بل الوجود كلمة الله ( وحاشاه من ذلك ) فلو لم يثبت الهوية الإلهية بعد ففي الهوية العيسوية لكان نفيا مطلقا وليس الأمر كذلك ، بل الأمر الإثبات بعد النفي أو النفي بعد الإثبات اهـ بالى .
فإن عبد الرحيم ليس بعبد القهار ( فلذلك ) أي فلكون نسبة الربوبية باختلاف المظاهر ( فصل بقوله  "رَبِّي ورَبَّكُمْ " ) اهـ بالى . ""

 قال رضي الله عنه : (سوى عبوديته ، إذ لا يؤمر إلا من يتصور منه الامتثال وإن لم يفعل . )

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم قال متمما للجواب «ما قلت لهم إلا ما أمرتني به» فنفى أولا مشيرا إلى أنه ما هو.
ثم أوجب القول أدبا مع المستفهم، ولو لم يفعل ذلك لاتصف بعدم علم الحقائق وحاشاه من ذلك، فقال «إلا ما أمرتني به» وأنت المتكلم على لساني وأنت لساني.
فانظر إلى هذه التنبئة الروحية الإلهية ما ألطفها وأدقها، «أن اعبدوا الله» فجاء بالاسم «الله» لاختلاف العباد في العبادات واختلاف الشرائع، لم يخص اسما خاصا دون اسم، بل جاء بالاسم الجامع للكل.
ثم قال «ربي وربكم»، ومعلوم أن نسبته إلى موجود ما بالربوبية ليست عين نسبته إلى موجود آخر، فلذلك فصل بقوله «ربي وربكم» بالكنايتين كناية المتكلم وكناية المخاطب.
«إلا ما أمرتني به» فأثبت نفسه مأمورا وليست سوى عبوديته، إذ لا يؤمر إلا من يتصور منه الامتثال وإن لم يفعل.   )

قال رضي الله عنه :  (ثم ،قال متمما للجواب : "ما قلت لهم إلا ما أمرتني به" فنفى أولا مشيرا إلى أنه ما هو ثمة) لما كان ( ما ) في ( ما قلت ) للنفي ، قال : ( نفى أولا ) .
وهذا النفي إشارة إلى نفى وجوده وفناء تعينه في وجود الحق وتعينه الذاتي ، فما كان الوجود
العيسوي باقيا ليقول قولا .

قال رضي الله عنه :  ( ثم ، أوجب القول أدبا مع المستفهم . ولو لم يفعل كذلك ، لا تصف بعدم علم الحقائق حاشاه عن ذلك ، فقال : " إلا ما أمرتني به " . وأنت المتكلم على لساني وأنت لساني )
أي ، أثبت أمر الحق وهويته . وقوله بلسان الصورة العيسوية بقوله : ( إلا ما أمرتني به ) بعد نفى هويته العدمية .
ولو لم يفعل كذلك ، لكان غير عالم بالحقائق ، إذ نفى الهوية العيسوية بلا إثبات الهوية الإلهية يكون نفيا مطلقا ، وليس ذلك من شأن العلماء الراسخين . ولما أثبت القول لعيسى والقائل هو الحق .
قال رضي الله عنه عن لسان عيسى ، عليه السلام : ( وأنت المتكلم وأنت لساني . )
( فانظر إلى هذه التنبئة الروحية الإلهية ما ألطفها وأدقها . ) ( التنبئة ) تفعلة من ( نبأ ) . وأكثر الناظرين فيه قرأوا ( تثنئة ) من الثنى .
وهو تصحيف منهم ، إذ هذه الحكمة حكمة نبوية ولا يحتاج لتثنئة ، بالثاء ، إلى الوصف الروحية والإلهية أي ، فانظر إلى هذا الإنباء الروحاني الإلهي ما ألطفها ، أي عبارة ، وما أدقها ، أي إشارة .
وما جعلني الله مطلعا إلى مثل هذه الإشارات اللطيفة في هذا الكتاب إلا بعون ومدد من روحانية هذا الكامل ، رضي الله عنه ، وأرضاه منه .

قال رضي الله عنه :  ("أن اعبدوا الله " . فجاء بالاسم ( الله ) لاختلاف العباد في العبادات واختلاف الشرائع ، ولم يخص اسما خاصا دون اسم ، بل جاء بالاسم الجامع للكل. )
أي ، جاء بالاسم ( الله ) الجامع للكل ، فإن لكل من العباد ربا خاصا من هذه الحضرة الإلهية ، ولكل شريعة اسما حاكما عليه من مطلق الشريعة الرحمانية .
قال رضي الله عنه :  ( ثم ، قال له : "ربى وربكم " . ومعلوم أن نسبته إلى موجود ما بالربوبية ،ليست عين نسبته إلى موجود آخر ) لأن عبد ( المنعم ) ليس عبد ( المنتقم ) وعبد ( الرحيم ) ليس عبد ( القهار).

قال رضي الله عنه :  ( فلذلك فصل بقوله : "ربى وربكم" بالكنايتين : كناية المتكلم وكناية المخاطب ) ظاهر .
قال رضي الله عنه :  ("إلا ما أمرتني به " فأثبت نفسه مأمورا ، وليست سوى عبوديته ، إذ لا يؤمر إلا من يتصور منه الامتثال وإن لم يفعل . ) نقل الكلام إلى ما مر ، ليقرر ما يتعلق بمقام العبودية .
أي ، قال : ( ما أمرتني به ) فجعل نفسه مأمورا .
وليست هذه الحالة ، أو المأمورية ، سوى مقام العبودية ، إذ لا يؤمر إلا من يمكن أن يمتثل
بالأمر .

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ
:
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم قال متمما للجواب «ما قلت لهم إلا ما أمرتني به» فنفى أولا مشيرا إلى أنه ما هو.
ثم أوجب القول أدبا مع المستفهم، ولو لم يفعل ذلك لاتصف بعدم علم الحقائق وحاشاه من ذلك، فقال «إلا ما أمرتني به» وأنت المتكلم على لساني وأنت لساني.
فانظر إلى هذه التنبئة الروحية الإلهية ما ألطفها وأدقها، «أن اعبدوا الله» فجاء بالاسم «الله» لاختلاف العباد في العبادات واختلاف الشرائع، لم يخص اسما خاصا دون اسم، بل جاء بالاسم الجامع للكل.
ثم قال «ربي وربكم»، ومعلوم أن نسبته إلى موجود ما بالربوبية ليست عين نسبته إلى موجود آخر، فلذلك فصل بقوله «ربي وربكم» بالكنايتين كناية المتكلم وكناية المخاطب.
«إلا ما أمرتني به» فأثبت نفسه مأمورا وليست سوى عبوديته، إذ لا يؤمر إلا من يتصور منه الامتثال وإن لم يفعل.   )

قال رضي الله عنه :  (ثمّ قال متمّما للجواب :ما قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا ما أَمَرْتَنِي بِهِ[ المائدة : 117 ] ، فنفى أوّلا مشيرا إلى أنّه ما هو ثمّة ، ثمّ أوجب القول أدبا مع المستفهم ، ولو لم يفعل كذلك لاتّصف بعدم علم الحقائق وحاشاه من ذلك ، فقال :إِلَّا ما أَمَرْتَنِي بِهِ[ المائدة : 117 ] ، وأنت المتكلّم على لساني وأنت لساني ) .

قال رضي الله عنه :  ( ثم قال ) عيسى عليه السّلام ( متمما للجواب ) بإلحاق زيادة تفيد أنه كما لا علم له باعتبار هويته المشعرة بالتفرقة ، فلا قول له أيضا ، وإنما هو للحق وهو به أمر ، والعبد وإن ظهر بصورته يكون به مأمورا( ما قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا ما أَمَرْتَنِي بِهِ [ المائدة : 117 ] ، فنفى أولا ) القول باعتبار نسبته إلى هويته ، ( مشيرا ) بذلك النفي ( إلى أنه ) أي : القول ( ما هو ثمة ) أي :
في هويته من حيث هو هويته ، ( ثم أوجب القول ) أي : المستفهم ( أدبا مع المستفهم ) بأن المستفهم منه ، وإن اعتبر منسوبا في نظر التفرقة المتضمنة للجمع ( لا تصف بعدم علم الحقائق ) ؛ لإشعاره بتصور نظره على التفرقة مع تضمنها للجمعية ، ( وحاشاه من ذلك ) .
ولما كان عالما بالحقائق غلب عليه نظر الجمع الذي كان في ضمن التفرقة ، ( فقال : إلّاما أَمَرْتَنِي بِهِ [ المائدة : 117 ] ) ، فإنه وإن كان على لساني في نظر التفرقة إلا أنه لا أمر سواك ، ( وأنت المتكلم على لساني ) ، وإن ظهرت التفرقة ، ولكن نظري الجمعية ، فكيف أكون متكلما بلسانك ، وهو أبعد من أن أكلمك بلساني .

قال رضي الله عنه :  ( فانظر إلى هذه التثنية الروحية الإلهية ما ألطفها وأدقها ) في قوله :إِلَّا ما أَمَرْتَنِي بِهِ[ المائدة : 117 ] ، في جعله القول لربه في نظر التفرقة ، باعتبار تضمنها الجمعية مع نفيها عن التفرقة من حيث هي تفرقة ، ومع اعتبار الجمعية جعل الحق المتكلم على لسانه أمرا ، وجعله مع ذلك مأمورا مع ظهوره بصورة الأمر في حق من دونه ، بقوله :" أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ " [ المائدة : 117 ] ، وإنما ذكر التثنية للإشارة إلى أن هذه اللطيفة الدقيقة لا تكاد تنكشف على الأولياء إلا بواسطة الأنبياء وتبينهم ، بل لا تنكشف لكل نبي إلا لمن غلبت عليه الروحية الإلهية .

قال رضي الله عنه :  ( فجاء ) في بيان المعبود ( بالاسم ) الجامع ( اللّه ) ؛ ليشير إلى أنه يأمر كل عابد أن يعبد من الأسماء الإلهية ما تتأتى له عبادته في استعداده مع أنه لا يمكن التنصيص على تلك الأسماء بأعيانها ، فاقتصر على ذكر الاسم الجامع لها ؛ وذلك ( لاختلاف العبادة ) من العباد من حيث استنادهم إلى الأسماء الخاصة الطالبة للعبادة المخصوصة ، (واختلاف الشرائع).

الموجبة لاختلاف العبادات ، وهو عليه السّلام ، وإن خص شريعته ؛ لكنه علم أنها تنسخ بشريعة نبينا عليه السّلام ، وأنه سينزل في أمته ، فلابدّ من أمرهم بإقامة هذه الشريعة حينئذ ، وقد بشر عليه السّلام قومه بمجيء نبينا عليه السّلام بعده ، فكأنه أمرهم أيضا بمتابعته عند مجيئه صلّى اللّه عليه وسلّم ، ولم يعين لبيان المعبود ( اسما خاصّا ) ، وإن وقعت عبادة كل عابد للاسم الخاص ، بل جاء ( بالاسم الجامع للكل ) من الأسماء .
"" أضاف المحقق : الاسم الجامع : هو اسمه تعالى ؛ لأنه اسم الذات المسماة بجميع الأسماء الموصوفة بجميع الصفات ( لطائف الإعلام ص 21 ) .""

قال رضي الله عنه : ( ثمّ قال :رَبِّي وَرَبَّكُمْ[ المائدة : 117 ] ، ومعلوم أنّ نسبته إلى موجود ما بالرّبوبيّة ليست عين نسبته إلى موجود آخر ، فلذلك فصّل بقوله :رَبِّي وَرَبَّكُمْ [ المائدة : 117 ] ، بالكنايتين كناية المتكلّم وكناية المخاطب ،إِلَّا ما أَمَرْتَنِي بِهِ ،[ المائدة : 117 ] ، فأثبت نفسه مأمورا وليست سوى عبوديّته ، إذ لا يؤمر إلّا من يتصوّر منه الامتثال وإن لم يفعل )

وإن لم تتأت عبادته إلا من الإنسان الكامل مع أنه أمر للعامة ؛ لأنه علم بالقرينة أنه ليس المراد عبادة هذا الاسم من حيث جمعه ، بل من حيث الأسماء الداخلة تحته .
وإليه الإشارة بقوله : ( ثم قال :رَبِّي وَرَبَّكُمْ [ المائدة : 117 ] ) ؛ وذلك لأنه ( معلوم أن نسبته إلى موجود ما بالربوبية ليست عين نسبته إلى آخر ) ، وكل نسبة تقتضي اسما خاصّا ، فلا يعبد أحدا عند الأمر بعبادة هذا الاسم الجامع سوى الاسم الخاص الداخل فيه .
قال رضي الله عنه :  ( فلذلك فصل ) تلك الأسماء نوع تفصيل ، ( بقوله :رَبِّي وَرَبَّكُمْ [ المائدة : 117 ]

قال رضي الله عنه :  (بالكنايتين )  المضاف إليهما اسم الرب ( كناية المتكلم ) ، وإن لم تتأت عبادة ذلك الرب إلا من الكمّل لا من كل كامل ، بل ممن كان عيسوي القلب من الأولياء ، فأمرهم أولا لسبقهم نسبه إليهم ، وامتثالا لأوامره ، ( وكناية المخاطب ) وهو يشمل الأسماء الجزئية التي لا تنحصر ؛ لكونها بعدد عابديها ، فلا يمكن التنصيص على كل منها لمخصوصها ، كما لا يمكن التنصيص على كل واحد منهم ، وإنما كان للاسم الجامع هذا التفصيل ؛ لأن ظهوره في المظاهر إنما يكون بحسبه ؛ فلذلك لما قال الحق في مظهره :اعْبُدُوا اللَّهَ[ المائدة : 117 ] ، أمرا .

قال عيسى عليه السّلام :( إِلَّا ما أَمَرْتَنِي بِهِ [ المائدة : 117 ] ، فأثبت نفسه مأمورا ) ، إذ ليس لنفسه في أمر التكليف سوى المأمورية . ثم فسّر مأموريته بعبوديته ، وإن لم تكن مطلق المأمورية عبودية ؛ وذلك لأن مأموريته ( ليست سوى عبوديته ) ؛ لأنها امتثال أمر التكليف ، ومطلق الأمر يقتضي مطلق الامتثال ( إذ لا يؤمر إلا من يتصور منه الامتثال ) فيقصد منه ذلك ، ( وإن لم يفعل ) فإن كان الأمر للتكليف كان الامتثال عبوديته وإلا كانت إجابة دعاء .
وذلك لأن الأمر يكون بحسب الأمر والمأمور كالتجلي الإلهي بحسب المحل.

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم قال متمما للجواب «ما قلت لهم إلا ما أمرتني به» فنفى أولا مشيرا إلى أنه ما هو.
ثم أوجب القول أدبا مع المستفهم، ولو لم يفعل ذلك لاتصف بعدم علم الحقائق وحاشاه من ذلك، فقال «إلا ما أمرتني به» وأنت المتكلم على لساني وأنت لساني.
فانظر إلى هذه التنبئة الروحية الإلهية ما ألطفها وأدقها، «أن اعبدوا الله» فجاء بالاسم «الله» لاختلاف العباد في العبادات واختلاف الشرائع، لم يخص اسما خاصا دون اسم، بل جاء بالاسم الجامع للكل.
ثم قال «ربي وربكم»، ومعلوم أن نسبته إلى موجود ما بالربوبية ليست عين نسبته إلى موجود آخر، فلذلك فصل بقوله «ربي وربكم» بالكنايتين كناية المتكلم وكناية المخاطب.
«إلا ما أمرتني به» فأثبت نفسه مأمورا وليست سوى عبوديته، إذ لا يؤمر إلا من يتصور منه الامتثال وإن لم يفعل.   )

فلذلك قال رضي الله عنه  : ( ثمّ قال متمّما للجواب : " ما قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا ما أَمَرْتَنِي به " فنفى أولا مشيرا إلى أنّه ما هو ) عيسى ( ثمّ ) - أي عند القول - ( ثمّ أوجب القول أدبا مع المستفهم ) لأنّه سأل عن القول وبيّن أنّ عين العبد وإن كانت ممحوّة الوجود بالذات فينفى عنه الصفات الوجوديّة ضرورة .
ولكن باعتبار أنّه عبد مأمور لا يخلو عن الوجود ، فلا ينفى عنه الوجود وأوصافه من جميع وجوهه ، بل بوجه ووجه ( ولو لم يفعل كذلك لا تصف بعدم علم الحقائق - حاشاه من ذلك ) فإنّ صاحب علم الحقائق يعرف كل حقيقة بوجهها - وجه نفي - كما قال : " ما قُلْتُ لَهُمْ " ووجه إثبات ( فقال : " إِلَّا ما أَمَرْتَنِي به " [ 5 / 117 ] وأنت المتكلَّم على لساني ) - أي في قرب الفرائض - ( وأنت لساني ) يعني في قرب النوافل .

قال رضي الله عنه :  ( فانظر إلى هذه التثنية الروحيّة الإلهيّة ) التي قد اشتملت عليها الكلمة العيسويّة ، وكيفيّة سريانها في سائر أحوالها وأفعالها وأقوالها:
أوّلا في أمر التحقّق والتوهّم اللذين في أصل خلقته .
"" أضاف المحقق : في شرح القيصري: « التنبئة » . وقال : « التنبئة تفعلة من نبأ . وأكثر الناظرين فيه قرؤا « تثنية » من الثني .
وهو تصحيف منهم إذ هذه الحكمة نبوية ولا يحتاج التثنية - بالثاء - إلى الوصف بالروحية والإلهية .
أي فانظر إلى هذا الإنباء الروحاني الإلهي ما ألطفها - أي عبارة - وما أدقها - أي إشارة».""

وثانيا في الآية التي نزلت في حكاية إحيائها الموتى واحتمالها للوجهين كما سبق بيانه .
وثالثا في السؤال عنها : " أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ " حيث ثنّى الخطاب والإلهيّة . وكذلك في الجواب حيث ثنّى ضمير المتكلم في " كُنْتُ قُلْتُه ُ" وثنّى القول وثنّى العلم مرتين ، وثنّى ضمير الخطاب بـ " إِنَّكَ أَنْتَ " .
وفي استيناف الجواب أيضا تثنية ، وكذلك اشتماله على النفي والإيجاب فيه تثنية .

اللطائف الذوقيّة في محاورة عيسى عليه السّلام 
ثمّ إنّ هذا الجواب مع دلالته على التوحيد الجمعي الختمي وإشارته إلى القربين له لطيف معنى ودقيق فحوى . وإليه أشار بقوله رضي الله عنه  : ( ما ألطفها وأدقّها ! ) أما وجه لطفها فهو إيراد الجواب مطابقا للسؤال ، حيث أنّ في السؤال ثنويّة في مقولة ، يعني قوله : " اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ " أتى في جوابه بمثل ذلك .
ووجه دقّتها هو أنّه قد أدرج في عبارته ما يلوّح على الثنويّة المشتمل عليها كلمته من التروّح والتأله ، حيث قال : " إِلَّا ما أَمَرْتَنِي به " وذلك لأن « الأمر » إشارة إلى طرف تروّحه - فإنّ الروح منه  - والتاء إلى التألَّه ، فإنّه مع اشتماله عليه كناية عن الحقّ .
وهاهنا تلويح آخر ، وهو أنّ التمييز بين الكنايتين - أعني التاء والياء المشار بهما إلى الحقّ والعبد - تميّز نسبيّ اعتباريّ ، لا حقيقيّ في الدرج ، أعني في عالم الامتزاج والتركيب .
وذلك لأنّه إنما يتمايزان بتحتيّة النقطتين وفوقيّتهما .
ويمكن أن يشار بوجه الدقة واللطف إلى هذا التلويح .

وذلك المأمور به الذي قيل لهم : ( " أَنِ اعْبُدُوا الله " فجاء باسم " الله " لاختلاف العباد في العبادات والشرايع ، ولم يخصّ اسما خاصا دون اسم ) من الأسماء الجزئيّة التي تتحوّل أحكامها بتجدّد الأزمنة والاستعدادات .
( بل جاء باسم الجامع للكل ) فإن كلامه لا بدّ وأن يكون تامّا كاملا شاملا ليطابق ما أصله في الجواب من الجمع بين التنزيه والتشبيه والنفي والإثبات ، وسائر المتقابلات .

ثمّ إنه لما أمرهم بعبادة الله - وهو الدالّ على جميع الأرباب إجمالا - أتى بما يخصّ تفصيلا ، إفصاحا بما هو المطلوب من دعوة الامّة المختصّة به ، وتمكينا لذلك في خواطرهم - فإنّ التفصيل بعد الإجمال أمكن وأوقع - وتطبيقا لما جبل عليه الكلمة العيسويّة من الثنويّة بقوله :
( ثمّ قال " رَبِّي وَرَبَّكُمْ " ومعلوم أن نسبته إلى موجود بالربوبيّة ليست عين نسبته إلى موجود آخر ) ضرورة لزوم تغاير النسبة عند تغاير أحد المنتسبين .

قال رضي الله عنه :  ( فلذلك فصّل بقوله : "رَبِّي وَرَبَّكُمْ " بالكنايتين : كناية المتكلم وكناية المخاطب ) اللتان هما أدلّ ما يفصّل به الإجمال ويميّز به العام ، ولذلك قيل : "إنهما أعرف المعارف في صناعة آداب الألفاظ " .
ثمّ إنّه قد أشار في هذه الآية إلى أنّه عابد لله في قوله لهم ذلك ، فإنّه تحت حكم الأمر في ذلك الفعل ، على ما أشار إليه قوله : ( " إِلَّا ما أَمَرْتَنِي به " فأثبت نفسه مأمورا ، وليست ) نفسه في أفعاله وأقواله : ( سوى عبوديّته)

فعلم أن ذلك القول منه لهم عين عبوديّته لله على أيّ معنى حمل ، وذلك هو مقتضى أصل استعداده .
قال رضي الله عنه :  ( إذ لا يؤمر إلا من يتصوّر منه الامتثال وإن لم يفعل ولمّا كان الأمر تنزل بحكم المراتب ) فإن الأمر هاهنا بمعنى طلب الفعل ، فهو فعل ، وهو آخر مراتب التنزّلات ، وله الإحاطة وبه تحصل المرتبة.

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم قال متمما للجواب «ما قلت لهم إلا ما أمرتني به» فنفى أولا مشيرا إلى أنه ما هو.
ثم أوجب القول أدبا مع المستفهم، ولو لم يفعل ذلك لاتصف بعدم علم الحقائق وحاشاه من ذلك، فقال «إلا ما أمرتني به» وأنت المتكلم على لساني وأنت لساني.
فانظر إلى هذه التنبئة الروحية الإلهية ما ألطفها وأدقها، «أن اعبدوا الله» فجاء بالاسم «الله» لاختلاف العباد في العبادات واختلاف الشرائع، لم يخص اسما خاصا دون اسم، بل جاء بالاسم الجامع للكل.
ثم قال «ربي وربكم»، ومعلوم أن نسبته إلى موجود ما بالربوبية ليست عين نسبته إلى موجود آخر، فلذلك فصل بقوله «ربي وربكم» بالكنايتين كناية المتكلم وكناية المخاطب.
«إلا ما أمرتني به» فأثبت نفسه مأمورا وليست سوى عبوديته، إذ لا يؤمر إلا من يتصور منه الامتثال وإن لم يفعل.   )

قال رضي الله عنه :  ( ثم قال متمما للجواب «ما قلت لهم إلا ما أمرتني به» فنفى أولا مشيرا إلى أنه ما هو. ثم أوجب القول أدبا مع المستفهم، ولو لم يفعل ذلك لاتصف بعدم علم الحقائق وحاشاه من ذلك، فقال «إلا ما أمرتني به» وأنت المتكلم على لساني وأنت لساني. فانظر إلى هذه التنبئة الروحية الإلهية ما ألطفها وأدقها، «أن اعبدوا الله» فجاء  )

قال رضي الله عنه :  (ثم قال ) عليه السلام ( متمما للجواب ما قلت لهم ) ، أي الناس ( إلا ما أمرتني به ، فنفى أولا ) بكلمة النفي القول عن نفسه .
( مشيرا ) بهذا النفي ( إلى أنه ما هو ثمة ) بل هو فإن الحق مستهلك تعينه في الوجود المطلق ، فإن القول متحقق لا محالة ، فالمنفي هو نسبته آل عيسى عليه السلام وانتفاء النسبية إنما هو بانتفاء المنسوب إليه .

قال رضي الله عنه :  ( ثم أوجب القول ) بعد نفيه ( أدبا مع المستفهم ولو لم يفعل كذلك ) ، أي لم يجمع بين النفي والإيجاب ( لاتصف بعدم علم الحقائق ) فإنه لو اقتصر على النفي أخل بالصورة لثبوت القول له صورة ، ولو اقتصر على الإيجاب أخل بالحقيقة إذ لا قابل إلا اللّه ( وحاشاه من ذلك ) ، أي من عدم علم الحقائق فإن رتبة الكلام النبوي تأبى ذلك .
قال رضي الله عنه :  ( فقال ) تفسير وبيان لإيجاب القول ("إِلَّا ما أَمَرْتَنِي بِهِ "وأنت المتكلم ) بهذا الكلام ( على لساني ) كما يقتضيه قرب الفرائض .

قال رضي الله عنه :  ( وأنت لساني ) كما يقتضيه قرب النوافل ( فانظر إلى هذه التثنية ) أي تثنية الفرق بالجمع والتنزيه بالتحديد والوحدة بالكثرة والسعة بالضيق والنفي بالإيجاب وقرب الفرائض بقرب النوافل ( الروحية ) ، أي الصادرة من عيسى الذي هو روح اللّه صورة .
قال رضي الله عنه :  ( والإلهية حقيقة ما ألطفها وأدقها ) لدلالتها على الجمعية الكمالية وصحح بعض الشارحين التنبئة بالنون بفعله من النبأ لا بالثاء المنقوطة ثلاث نقاط .

قال رضي الله عنه :  ( بالاسم «الله» لاختلاف العباد في العبادات واختلاف الشرائع، لم يخص اسما خاصا دون اسم، بل جاء بالاسم الجامع للكل. ثم قال «ربي وربكم»، ومعلوم أن نسبته إلى موجود ما بالربوبية ليست عين نسبته إلى موجود آخر، فلذلك فصل بقوله «ربي وربكم» بالكنايتين كناية المتكلم وكناية المخاطب. «إلا ما أمرتني به» فأثبت نفسه مأمورا وليست سوى عبوديته، إذ لا يؤمر إلا من يتصور منه الامتثال وإن لم يفعل. )

وقال رضي الله عنه  : التثنية بالثاء تصحيف ولا يخفى أن الأولى الحكم بالتصحيف عليها أولى كيف وهذه الكلمة صححت في النسخة المقروءة على الشيخ رضي اللّه عنه بالثاء المثلثة ثم بين الأمر المأمور به ( أن اعبدوا اللّه ، فجاء بالاسم اللّه ) الجامع لجميع الأسماء ( لاختلاف العباد ) جمع عابد ( في العبادات ) فلكل وجهة من تلك الأسماء هو موليها ( واختلاف الشرائع ) ، أي الطرق الموصلة المسلوكة لهم ، فإن كل طريق شريعة ، وإن كان الكل داخلا تحت شريعة واحدة ، وحمل الشرائع على الشرائع المختلفة التي للأنبياء يخدشه أن عيسى عليه السلام لا يأمر أمته إلا بالعبادة على شريعة خاصة ( ولم يخص اسما خاصا دون اسم ) آخر ( بل جاء بالاسم اللّه الجامع للكل ) ، أي لكل الأسماء أو لكل العباد والشرائع .

وقال رضي الله عنه  : ( ثم قال ) عيسى عليه السلام تفصيلا ( له ) ، أي للاسم اللّه ( ربي وربكم ومعلوم أن نسبته ) ، أي نسبة الاسم اللّه ( إلى موجود ما بالربوبية ليست عين نسبته إلى موجود آخر ) ، لأن لكل موجود خصوصية ليست لسائر الموجودات تطلب أسما خاصا يربيه .
وقال رضي الله عنه  : ( فلذلك فصل ) بالتشديد ما أجمل في الاسم اللّه ( بقوله : ربي وربكم بالكنايتين : كناية المتكلم وكناية المخاطب ) ، يعني المخاطبين فإن تفصيل المضاف إليه تفصيل المضاف ويجوز أن يكون فصل بالتخفيف ، أي فصل بعض الأسماء عن بعض ثم أعاد رضي اللّه عنه قوله (إِلَّا ما أَمَرْتَنِي بِهِ) لبيان ما يتعلق بمقام عبوديته ( فأثبت ) عيسى عليه السلام ( نفسه مأمورا ) ثانيا بعدما نفاه أولا .

وقال رضي الله عنه  : ( وليست ) علة إثبات مأموريته أو ليست نفسه المأمورة من هذه الحيثية ( سوى عبوديته إذ لا يؤمر ) بشيء ( إلا من يتصور منه الامتثال وإن لم يفعل ). أي الحال والشأن الذي تتصف به أهل المراتب.

  .
السفر الخامس عشر الفقرة العشرون على منتدي إتقوا الله ويعلمكم الله
واتساب

No comments:

Post a Comment