Monday, December 2, 2019

السفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية الفقرة الخامسة عشر .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية الفقرة الخامسة عشر .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الخامس عشر فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية الفقرة الخامسة عشر .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

15 - The Wisdom of Prophecy in the Word of Jesus

الفقرة الخامسة عشر:
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134هـ:
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما أرواح السماوات السبع و أعيانها فهي عنصرية، فإنها من دخان العناصر المتولد عنها، و ما تكون عن كل سماء من الملائكة فهو منها، فهم عنصريون و من فوقهم طبيعيون: و لهذا وصفهم الله بالاختصام أعني الملأ الأعلى لأن الطبيعة متقابلة، و التقابل الذي في الأسماء الإلهية التي هي النسب، إنما أعطاه النفس.
ألا ترى الذات الخارجة عن هذا الحكم كيف جاء فيها الغنى عن العالمين؟.
فلهذا أخرج العالم على صورة من أوجدهم، وليس إلا النفس الإلهي.  )  

قال رضي الله عنه :  ( وأمّا أرواح السّموات السبع وأعيانها فهي عنصريّة ، فإنّها من دخان العناصر المتولّد عنها . وما تكوّن من كلّ سماء من الملائكة فهو منها ، فهم عنصريّون ومن فوقهم طبيعيّون ، ولهذا وصفهم اللّه بالاختصام - أعني الملأ الأعلى - لأنّ الطّبيعة متقابلة .
والتّقابل الّذي في الأسماء الإلهيّة الّتي هي النّسب إنّما أعطاه النّفس . ألا ترى الذّات الخارجة عن هذا الحكم كيف جاء فيها الغنى عن العالمين ؟ فلهذا خرج العالم على صورة من أوجدهم ، وليس إلّا النّفس الإلهيّ . )

قال رضي الله عنه :  (وأما أرواح) ، أي ملائكة (السماوات السبع وأعيانها) ، أي أعيان السماوات السبع وهي ذواتها (فهي عنصرية فإنها) متكونة من دخان العناصر وبخارها يوم خلقها اللّه تعالى (المتولد) ذلك الدخان عنها ، أي عن العناصر وما تكون بتشديد لواو (عن كل سماء) من السماوات السبع من الملائكة بيان للمتكون فهو ، أي ذلك المتكون منها ، أي من نوع تلك السماء .

قال تعالى :" وَأَوْحى فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها " [ فصلت : 12 ] ، وهو الذي تعمل به ملائكة تلك السماء كما قال تعالى :" وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ " [ الأنبياء : 27 ] فهم ، أي ملائكة السماوات السبع عنصريون ، أي مخلوقون من دخان العناصر الأربعة فهم ألطف من الجن والشياطين المخلوقين من العناصر الأربعة وفي الكل قوّة التشكل والتصوّر في الصور المختلفة على حسب ما يريدون من غير أن يتغيروا عن صورهم الأصلية العنصرية لغلبة الروحانية ولطافة الجسمانية ومن فوقهم ، أي من فوق ملائكة السماوات السبع عليهم السلام ملائكة طبيعيون ، أي مخلوقون من الطبيعة لا من العناصر ؛ ولهذا ، أي لكونهم طبيعيين وصفهم اللّه تعالى في القرآن بالاختصام ، أي المجادلة والاختلاف فيما بينهم أعني بهم الملأ الأعلى وهم ملائكة العرش والكرسي وما شاكل ذلك .

قال تعالى عن نبيه عليه السلام :" ما كانَ لِي مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلى إِذْ يَخْتَصِمُونَ" [ ص : 69 ] وفي حديث الترمذي بإسناده عن ابن عباس .
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : " أتاني الليلة آت من ربي " .
وفي رواية : « أتاني الليلة ربي في أحسن صورة ، فقال : يا محمد ، فقلت : لبيك ربي وسعديك ، قال هل تدري فيم يختصم الملأ الأعلى ؟
قلت : لا أعلم . قال : فوضع يديه بين كتفي حتى وجدت بردها بين ثديي ، أو قال في نحري ، فعلمت ما في السماوات وما في الأرض ، أو قال ما بين المشرق والمغرب .
قال : يا محمد هل تدري فيم يختصم الملأ الأعلى ، قلت : نعم في الدرجات والكفارات ونقل الأقدام إلى الجماعات وإسباغ الوضوء في السبرات . وانتظار الصلاة بعد الصلاة ومن حافظ عليهن عاش بخير ومات بخير وكان من ذنوبه كيوم ولدته أمه .
قال : يا محمد ، قلت : لبيك وسعديك ، قال : إذا صليت فقل : اللهم إني أسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين وإذا أردت بعبادك فتنة فاقبضني إليك غير مفتون .
قال : والدرجات إفشاء السلام وإطعام الطعام والصلاة بالليل والناس نيام " . رواه الترمذي والدارقطني
لأن الطبيعة باعتبار أقسامها الأربعة متقابلة فبعضها يقابل بعضا ، وبالتقابل يقع الاختلاف ويصدر الاختصام .

قال رضي الله عنه :  (والتقابل الذي في الأسماء الإلهية) المنقسمة إلى أسماء جلال وأسماء جمال وأسماء ذاتية وأسماء فعلية (التي هي) مجرد (النّسب) جمع نسبة وهي الاعتبارات الذاتية إنما أعطاه ، أي أعطى التقابل المذكور (النّفس) بفتح الفاء (الرحماني) الحامل لصور العالم كلها وهو عالم الإمكان والأعيان الثابتة بلا وجود التي هي غير مجعولة ألا ترى الذات الإلهية الخارجة عن هذا الحكم وهو التقابل الذي هو مقتضى النسب الأسمائية الصادر عن النفس الرحماني ، والعالم الإمكاني المعدوم الفاني كيف جاء فيها ، أي في تلك الذات الغنى عن العالمين .

قال تعالى : " واللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ " [ آل عمران : 97 ] ، فلهذا ، أي لكون التقابل الاسمائي مقتضى النفس الرحماني خرج العالم من العدم إلى الوجود على صورة من أوجدهم ، أي أشخاص العالم المختلفة وليس الذي أوجدهم إلا النّفس بفتح الفاء الرحماني الإلهي ثم ذلك النفس المذكور انبعث عنه القلم الأعلى ، وهو العقل الأوّل وهو الروح القدسي ، ثم بقيّة الأرواح المهيمة الذين سماهم اللّه تعالى بالعالمين من الملائكة عليهم السلام .

فقال لإبليس :أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِينَ[ ص : 75 ]  ، ثم انبعث عن القلم الأعلى نفسه وهو اللوح المحفوظ وهو الروح الأعظم المنفوخ منه في جميع العالم على حسب الاستعداد ، ثم ظهر عن اللوح المحفوظ عالم الطبيعة فالقلم واللوح والطبيعة منطويات في النفس الإلهي ، لأنها اعتبارات فيه ، وكذلك ما بعدها إلى آخر المراتب . ولهذا قال صلى اللّه عليه وسلم : « إني لأجد نفس الرحمن يأتيني من جهة اليمن » .
كان ذلك هو الأنصار من أهل الصفة مع أنهم أجسام إنسانية ، فانطوت مراتبهم كلها في أصلهم الثابت فسماهم به .

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما أرواح السموات السبع و أعيانها فهي عنصرية، فإنها من دخان العناصر المتولد عنها، و ما تكون عن كل سماء من الملائكة فهو منها، فهم عنصريون و من فوقهم طبيعيون: و لهذا وصفهم الله بالاختصام أعني الملأ الأعلى لأن الطبيعة متقابلة، و التقابل الذي في الأسماء الإلهية التي هي النسب، إنما أعطاه النفس.
ألا ترى الذات الخارجة عن هذا الحكم كيف جاء فيها الغنى عن العالمين؟.
فلهذا أخرج العالم على صورة من أوجدهم، وليس إلا النفس الإلهي. )  

قال رضي الله عنه :  ( وأما أرواح السماوات السبع ) المدبرة لأجسامها ( وأعيانها ) أي وأجسام السماوات السبع ( فهي عنصرية ) وصورة من الطبيعة ( فإنها ) أي السماوات السبع متولدة ( من دخان العناصر المتولد عنها ) أي الدخان الذي تولد عن العناصر فالأرواح المنطبعة المدبرة بالعناصر أيضا عناصر .
قال رضي الله عنه :  (وما تكون) من التكون (عن كل سماء من الملائكة فهو) أيضا ( منها ) أي من العناصر(فهم ) أي الملائكة الذين تكونوا من السماوات السبع ( عنصريون ) كالسماوات ( و ) ما تكون ( من فوقهم ) أي من فوق هذه الملائكة طبيعيون فالعرش والكرسي مع أرواحهما وملائكتهما ( طبيعيون ) فما من صورة من الصور مما سوى اللّه إلا وهي صورة من صور الطبيعة ما عدا الملائكة المهيمة ومنهم العقل الأول فإنهم نوريون وإن كانوا طبيعيين  لكنهم لا داخلون تحت حكم الطبيعة وما من صورة من صور الطبيعة الإلهية إلا وهي إما عنصري وإما طبيعية

قال رضي الله عنه :  ( ولهذا ) أي ولأجل كون الملائكة التي فوق السماوات السبع طبيعيين ( وصفهم اللّه بالاختصام ) في الحديث القدسي قوله ( أعني الملأ الأعلى ) تفسير للملائكة الموصوفة بالاختصام وإنما وصف الحق الملأ الأعلى بالاختصام ( لأن الطبيعة متقابلة ) وهي مظهر ولاية الأسماء المتقابلة فأجسام الأرواح الملائكة العلوية المسماة بالأعلى لملإ الأعلى والملائكة المهيمية المخلوقة من جلال اللّه أجسام نورية طبيعية وهي أول ما خلق اللّه من الأجسام.
 قال رضي الله عنه :  ( والتقابل الذي في الأسماء الإلهية التي هي النسب إنما أعطاه النفس ) الرحماني وهو عين الطبيعة فكان التقابل للطبيعة لذاتها وللأسماء بسبب كون الطبيعة محلا لولايتها فكان التقابل في الأسماء والطبيعة لا في الذات من حيث هي ( ألا ترى الذات ) وهي الذات الأحدية ( الخارجة عن هذا الحكم ) أي عن حكم التقابل ( كيف جاء فيها الغني عن العالمين ) ولم يجئ في حق الذات الداخلة في حكم التقابل الغني عن العالمين .

قال رضي الله عنه :  ( فلهذا ) أي فلأجل كون التقابل حاصلا في الحضرة الاسمائية ( خرج العالم على صورة من أوجدهم ) أي العالم ( وليس ) من أوجدهم إلا ( النفس الإلهي ) فخرج العالم يتقابل بعضها بعضا فالطبيعة والعالم والنفس الإلهي يقتضي كل واحد منها التقابل .

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما أرواح السموات السبع و أعيانها فهي عنصرية، فإنها من دخان العناصر المتولد عنها، و ما تكون عن كل سماء من الملائكة فهو منها، فهم عنصريون و من فوقهم طبيعيون: و لهذا وصفهم الله بالاختصام أعني الملأ الأعلى لأن الطبيعة متقابلة، و التقابل الذي في الأسماء الإلهية التي هي النسب، إنما أعطاه النفس.
ألا ترى الذات الخارجة عن هذا الحكم كيف جاء فيها الغنى عن العالمين؟.
فلهذا أخرج العالم على صورة من أوجدهم، وليس إلا النفس الإلهي.  )  

قال رضي الله عنه :  ( وأما أرواح السموات السبع و أعيانها فهي عنصرية، فإنها من دخان العناصر المتولد عنها، و ما تكون عن كل سماء من الملائكة فهو منها، فهم عنصريون و من فوقهم طبيعيون: و لهذا وصفهم الله بالاختصام أعني الملأ الأعلى لأن الطبيعة متقابلة، و التقابل الذي في الأسماء الإلهية التي هي النسب، إنما أعطاه النفس. ألا ترى الذات الخارجة عن هذا الحكم كيف جاء فيها الغنى عن العالمين؟. فلهذا أخرج العالم على صورة من أوجدهم، وليس إلا النفس الإلهي.  )  

يعني: أن الحق تعالی وصف نفسه بأن له نفسا فتناسب أن يكون منه النفخ، إذ النفخ هو ضرب من النفس. 
قال: وبالنفخ كانت الطبيعة والعناصر والمولدات بل وأرواح السماوات وأعيانها وهي عنصرية، فإنها من دخان العناصر إشارة إلى قوله تعالى:
"ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها" (فصلت: 11) يعني من حقيقة هذا الدخان.
قال: وملائكة ذلك عنصريون 
قال: ومن فوقهم طبيعيون، 
قال: ولذلك وصفهم بالاختصام في ایرادهم أن الملأ الأعلى يختصمون 
ثم ذكر أن التقابل الذي بين الأسماء ليس هو من هذا القبيل بل من النفس الرحماني، وهذا عندي فيه توقف، لأن النفس وحداني فلا يعطي التقابل 
وإنما التقابل الأسمائي عرضي من حركة النفس. 
وأما الغني عن العالمين، فهو في مقام «کنت کنزا لم أعرف"
وهو بعينه الذي عرف ثم أخذ ينسب إلى الإنسان وقوع الاختلاف في أخلاقه وأحواله، وإنما هو للاختلاف الذي بين اليدين إشارة إلى قوله تعالى: "ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي " (ص: 75) .
فكونهما يدين اثنين دل على اختلاف طبيعة الإنسان، وأما احتقاره بالعنصريات فما يقدر أن يرد عليه السلام .

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما أرواح السموات السبع و أعيانها فهي عنصرية، فإنها من دخان العناصر المتولد عنها، و ما تكون عن كل سماء من الملائكة فهو منها، فهم عنصريون و من فوقهم طبيعيون: و لهذا وصفهم الله بالاختصام أعني الملأ الأعلى لأن الطبيعة متقابلة، و التقابل الذي في الأسماء الإلهية التي هي النسب، إنما أعطاه النفس.
ألا ترى الذات الخارجة عن هذا الحكم كيف جاء فيها الغنى عن العالمين؟.
فلهذا أخرج العالم على صورة من أوجدهم، وليس إلا النفس الإلهي.  )

قال رضي الله عنه :  (وأمّا أرواح السماوات السبع وأعيانها فهي عنصرية ، فإنّها من دخان العناصر المتولَّد عنها ، وما يكون عن كل سماء من الملائكة فهو منها ، فهم عنصريون ، ومن فوقهم طبيعيون ، ولهذا وصفهم الله بالاختصام ، أعني الملأ الأعلى ، لأنّ الطبيعة متقابلة ، والتقابل الذي في الأسماء الإلهية التي هي النسب إنّما أعطاه النفس ، ألا ترى الذات الخارجة عن هذا الحكم كيف جاء فيها الغنى عن العالمين ؟ فلهذا خرج العالم على صورة من أوجدهم وليس إلَّا النفس الإلهيّ  ) .

يعني رضي الله عنه : أنّ النفس لمّا نسب إلى الرحمن وكان صفة له ، فإنّه يضاف وينسب إلى الحق الرحمن جميع ما يستلزمه النفس من التنفيس وقبول صور الحروف والكلمات الكونية والأسماء الإلهية والحرارة والرطوبة والحياة وسرّ التقابل الذي في حقيقة الجمعية الأحدية والنفسية الرحمانية .
فإنّ النفس عبارة عن الوجود الفائض بمقتضيات الأسماء الإلهية ومقتضيات قوابلها وحقائقها جميعا ، فله أحدية جمع الجمعين مع الوجود بين المتقابلات والمتماثلات والمتنافيات والمتشاكلات الإلهية والكونية جميعا ، وفيه أيضا سرّ الجمع بين الفعل والانفعال ، والهيولانية المّادّة القابلة للصور كلَّها والطبيعة الفعّالة لها فيه ، كما قد أشرنا إلى كل ذلك في الفصّ الآدمي والشيثي وغيرهما بما فيه مقنع للأولياء ، فاذكر .

ونزيد هاهنا بما لم يذكر وهو أنّ الطبيعة الكلَّية وإن كانت - كما ذكرنا - هي الحقيقة الفعّالة للصور كلَّها إلهيّها وكونيّها ، علوا وسفلا ، فإنّها أيضا عين المادّة التي حصرت قوابل العالم كلَّه ، ففيه قابلية هيولانية لأن يفعل في النفس جميع الصور ، فهي بانفعالاتها المادية الهيولانية تفعل صور الفاعليات الأسمائية أيضا من الوجود الحق ، فهي فاعلة من وجه ، منفعلة من آخر ، لحقيقتها الجمعية الأحدية النفسية ، فإنّها عين النفس الممتدّ من حقيقة الحقائق الكبرى بأحدية جمع الحقائق الفعلية والانفعالية جامعا لحقائق المراتب والوجود ، فافهم .

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما أرواح السموات السبع و أعيانها فهي عنصرية، فإنها من دخان العناصر المتولد عنها، و ما تكون عن كل سماء من الملائكة فهو منها، فهم عنصريون و من فوقهم طبيعيون: و لهذا وصفهم الله بالاختصام أعني الملأ الأعلى لأن الطبيعة متقابلة، و التقابل الذي في الأسماء الإلهية التي هي النسب، إنما أعطاه النفس.
ألا ترى الذات الخارجة عن هذا الحكم كيف جاء فيها الغنى عن العالمين؟.
فلهذا أخرج العالم على صورة من أوجدهم، وليس إلا النفس الإلهي. )

قال رضي الله عنه :  (وأما أرواح السماوات السبع وأعيانها فهي عنصرية ، فإنها من دخان العناصر المتولدة عنها ) .
هكذا ذهب بعض الصوفية وأهل الشرع وكثير من الحكماء الإسلاميين والقدماء الإشراقيين في كون السماوات السبع وعلى هذا المذهب الأرواح العلوية ، إشارة إلى ما فوق العناصر وأرواح السماوات وأعيانها إلى ما تولد عنها :
أي العناصر ( وما تكون عن كل سماء من الملائكة ) أي نفوسها المنطبعة ( فهو منها ) أي من العناصر .
قال رضي الله عنه :  ( فهم عنصريون وما من فوقهم طبيعيون ، ولهذا وصفهم الله بالاختصام أعنى الملأ الأعلى لأن الطبيعة متقابلة )
هذا معلوم مما ذكرناه آنفا ، والاختصام بين الملإ الأعلى إنما هو لاختلاف نشأتهم ، لأن الغالب على بعضهم صفة القهر وعلى بعضهم قوة المحبة وصفتها فتختلف مقتضيات نشأتهم فيختصمون.

قال رضي الله عنه :  ( والتقابل الذي في الأسماء الإلهية التي هي النسب إنما أعطاه النفس الرحماني ، ألا ترى الذات الخارجة عن هذا الحكم كيف جاء فيها الغنى عن العالمين ، فلهذا خرج العالم على صورة من أوجدهم )
إنما التقابل الذي في الأسماء أعطاه النفس أي الوجود لأن التقابل لا يكون بين الأشياء العدمية والمعاني العلمية ، فإن عين الحرارة والبرودة والسواد والبياض في العقل والعلم معا أي منها يجتمع في ذهن الناس ولا تقابل ، والأسماء لا تتقابل إلا في صورها التي يتحقق بها حقائق تلك النسب الأسمائية ، ولولا وجوداتها بظهورها في الصور لم تتقابل وذلك الظهور هو النفس الرحماني ، فلهذا ما كانت الإلهية بالأسماء غنية عن العالمين .
إنما الغنى هو الذات الخارجة عن حكم النفس ، فلهذا خرج العالم على صورة من أوجده من الإله أي الحضرة الواحدية الأسمائية .

"" أضاف بالي زادةقوله ( لأن الطبيعة متقابلة ) وهي مظهر ولاية الأسماء المتقابلة فأجسام الأرواح والملائكة العلوية المسماة بالملإ الأعلى والملائكة المهيمة المخلوقة من جلال الله أجسام نورية طبيعية ، وهي أول ما خلق الله تعالى من الأجسام اهـ بالى
قوله ( والتقابل الذي في الأسماء إنما أعطاه النفس الرحماني ) وهو عين الطبيعة فكان التقابل الطبيعة للذات أو للأسماء بسبب كون الطبيعة محلا لولايتها ؟؟؟ ،
فكان التقابل في الأسماء والطبيعة لا في الذات من حيث هي .
قوله ( فلهذا ) أي فلأجل كون التقابل حاصلا في الحضرة الأسمائية ( خرج العالم على صورة من أوجدهم وليس إلا النفس الإلهي ) فخرج العالم يتقابل بعضهم بعضا ، فالطبيعة والعالم والنفس الإلهي يقتضي كل واحد منها التقابل اهـ بالى""

قال رضي الله عنه :  ( وليس ) من أوجد أعيان العالم ( إلا النفس الإلهي ) والضمير المنصوب في أوجدهم للعالم باعتبار أعيانه على التغليب.

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما أرواح السموات السبع و أعيانها فهي عنصرية، فإنها من دخان العناصر المتولد عنها، و ما تكون عن كل سماء من الملائكة فهو منها، فهم عنصريون و من فوقهم طبيعيون: و لهذا وصفهم الله بالاختصام أعني الملأ الأعلى لأن الطبيعة متقابلة، و التقابل الذي في الأسماء الإلهية التي هي النسب، إنما أعطاه النفس.
ألا ترى الذات الخارجة عن هذا الحكم كيف جاء فيها الغنى عن العالمين؟.
فلهذا أخرج العالم على صورة من أوجدهم، وليس إلا النفس الإلهي. )  

لذلك قال رضي الله عنه: ( وأما أرواح السماوات السبع وأعيانها فهي عنصرية ، فإنها من دخان العناصر المتولد عنها . ) وإليه ذهب الحكماء الإسلاميون
والمحققون أصحاب الذوق والشهود وكثير من الحكماء الإشراقيين .
وأرواح السماوات نفوسها المنطبعة المدبرة لها ، لا عقولها ونفوسها المجردة ، فإنها من صور الطبيعية النورية العنصرية .
قال رضي الله عنه :  ( وما تكون عن كل سماء من الملائكة فهو منها . ) ، ( تكون ) من ( التكون ) .
أو بالياء من ( الكون ). أي وما يكون عن جنس كل سماء ومادتها من الملائكة فهو من العناصر .
ولا ينبغي أن يتوهم أن المراد بالملائكة هنا نفوسها المنطبعة فقط ، فإن لكل سماء نفسا منطبعة ، وملائكة خلقها الله من مادة كل منها بحيث كادت لا يتناهى .

قال رضي الله عنه في الباب الثالث عشر من فتوحاته :
( ثم خلق جوف الكرسي أفلاكا فلكا من جوف فلك . وخلق في كل فلك عالما منه يعمرونه ، سماهم ( ملائكة ) يعنى رسلا .
قال رضي الله عنه :  ( فهم عنصريون ومن فوقهم طبيعيون . ) أي ، الملائكة السماوية عنصريون ، ومن فوقهم من ملائكة العرش والكرسي ونفوسهما الناطقة والمنطبعة والعقول المجردة - كلها طبيعيون .
قال رضي الله عنه  في الباب الثالث عشر من فتوحاته :
( إن أول جسم خلقه الله أجسام أرواح الملائكة المهيمة في جلال الله . ومنهم العقل الأول والنفس
الكلية وإليها انتهت الأجسام النورية المخلوقة من نور الجلال . وما ثم ملك من هؤلاء الملائكة من وجد بواسطة غيره إلا النفس التي دون العقل .
وكل ملك خلق بعد هؤلاء ، فداخلون تحت حكم الطبيعة . فهم من جنس أفلاكها التي خلقوا منها وهم عمارها والمراد هاهنا بالطبيعة ، الطبيعة العنصرية .
لذلك قال : فهم من جنس أفلاكها . وبالجسم النوري الجسم الطبيعي الغير العنصري .
قال رضي الله عنه :  (ولهذا وصفهم الله ب‍ " الاختصام " ، " أعني الملأ الأعلى " لأن الطبيعة متقابلة ) أي ، ولأجل أن الملائكة التي فوق السماوات ، وهم الملأ الأعلى ، طبيعية ، وصفهم الله بالاختصام ، لأن الطبيعة متقابلة .

وذلك لأنها محل ولاية الأسماء ومظهر أحكامها . والأسماء الإلهية متقابلة :
فإن ( الرحيم ) يقابل ( المنتقم ) ، ( القهار ) و ( المعز ) يقابل ( المذل ) . وكذلك جميع الأسماء .
ولما كانت الصفات المتقابلة التي في المرتبة الإلهية لا يظهر تقابلها إلا في مظاهرها - الموجودة في الخارج ومادة الوجود الخارجي التي منها يتعين الموجودات هو النفس الرحماني .
قال رضي الله عنه :  ( والتقابل الذي في الأسماء الإلهية التي هي النسب ، إنما أعطاه النفس . )
أي ، أظهره النفس بقابليته ، لأن التقابل غير حاصل في الأسماء ، ثم يحصل منه ، فإن التعينات الأسمائية في الحضرة الإلهية والعلمية يقتضى ذلك التقابل .
ولو لم يكن تقابلها في الباطن ، لم يكن أيضا في الظاهر ، إذا الظاهر صورة الباطن ، والوجود الخارجي يخرج ما في الباطن إلى الظاهر .
وكون أعيان السواد والبياض والحرارة والبرودة في الذهن مجتمعة ، لا يمنع تقابلها ، كما لا يمنع التقابل الذي بين النقيضين المجتمعين في العقل ، دون الخارج .
فلا يقال : الأسماء لا يتقابل إلا في صورها التي يتحقق بها حقائق تلك النسب ، ولولا وجوداتها بظهوراتها في الصور ، لم يتقابل ( ألا ترى الذات الخارجة عن هذا الحكم . )
أي ، عن حكم التقابل .
وهي الذات الإلهية من حيث المرتبة ( الأحدية ) . ( كيف جاء فيها الغنى عن العالمين ؟ ) وقد مر في أول الكتاب أن الذات الإلهية من حيث أحديتها موصوفة بالغنى عن العالمين ، ومن حيث إلهيتها وأسمائها موصوفة بالافتقار حيث

قال : ( فالكل مفتقر   ......     ما الكل مستغن )
وهذا أيضا دليل على أن التقابل في الحضرة الأسمائية حاصل    

قال رضي الله عنه : ( فلهذا خرج العالم على صورة من أوجدهم ، وليس إلا النفس الإلهي .)
أي ، فلهذا خرج العالم يتقابل بعضها بعضا ، كما يتقابل الأسماء بعضها بعضا .
فهو موجود على صورة من أوجدهم . وليس ذلك الموجود إلا ( النفس الرحماني ) .
وضمير المفعول في ( أوجدهم ) عائد إلى ( العالم ) . جمعه باعتبار ( الأعيان ) .
واعلم ، أن ظاهر هذا الكلام أن ( النفس الرحماني ) عين المرتبة الإلهية ، وفي الحقيقة هو التجلي الوجودي الظاهر عن المرتبة الإلهية ، وصورتها الحاملة أحكام الأسماء ، ولهذا نسب إلى ( الرحمان ) الذي هو الاسم الجامع .
ولما كان حاملا لما في المرتبة الإلهية من الأسماء وأحكامها وصورة كلية لها ، جعل النفس عين من أوجدهم ، كما يقال لنبينا ، صلى الله عليه وسلم ، الاسم الأعظم . وهو صاحبه ، لكونه مظهرا للإسم ( الله ) .

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ
:
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما أرواح السموات السبع و أعيانها فهي عنصرية، فإنها من دخان العناصر المتولد عنها، و ما تكون عن كل سماء من الملائكة فهو منها، فهم عنصريون و من فوقهم طبيعيون: و لهذا وصفهم الله بالاختصام أعني الملأ الأعلى لأن الطبيعة متقابلة، و التقابل الذي في الأسماء الإلهية التي هي النسب، إنما أعطاه النفس.
ألا ترى الذات الخارجة عن هذا الحكم كيف جاء فيها الغنى عن العالمين؟.
فلهذا أخرج العالم على صورة من أوجدهم، وليس إلا النفس الإلهي.  )  

قال رضي الله عنه : ( وأمّا أرواح السّموات السبع وأعيانها ؛ فهي عنصريّة ، فإنّها من دخان العناصر المتولّد عنها ، وما تكوّن من كلّ سماء من الملائكة فهو منها ، فهم عنصريّون ومن فوقهم طبيعيّون ، ولهذا وصفهم اللّه بالاختصام أعني الملأ الأعلى ؛ لأنّ الطّبيعة متقابلة ، والتّقابل الّذي في الأسماء الإلهيّة الّتي هي النّسب إنّما أعطاه النّفس).  

قال رضي الله عنه :  ( وأما أرواح السماوات السبع وأعيانها ) أي : أفلاكها ، ( فهي عنصرية ) ، وإن أجمع أكثر الفلاسفة على أن هذه الأفلاك ليست عنصرية فضلا عن أرواحها .

واستدل على كون السماوات السبع عنصرية بقوله : ( فإنها من دخان العناصر ) على ما هو مذهب المسلمين ، وقدماء الإشراقيين بموجب قوله تعالى :ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ[ فصلت : 11 ] ، وهي دخان الآية ، والدخان ، وإن لم يكن إحدى العناصر الأربعة ، فلا شكّ في تولده منها كما قال ( المتولد عنها ).
وقد روي أنه تعالى خلق جوهرا ؛ فنظر إليه بعين الهيبة ، فذاب فصار نصفه ماء ونصفه نارا ، فتموج الماء بالنار ، فارتفع منه دخان صار منه السماء ، وتلطفه بعضه ، فصار منه الهواء .
ثم أشار إلى عنصرية أرواحها بقوله : ( وما تكون عن كل سماء من الملائكة ) ، وإن لم تكن أجسامها ، ( فهو منها ) كالقوى الجسمانية والأرواح الحيوانية ، ( فهم عنصريون ) حاملون طبائعها ؛ فلذلك تفارق أجرامها ، وتحترق كما ورد به الشرع ، فالأثر به فيها أظهر ( ومن فوقهم ) من الأرواح العلوية ( طبيعيون ) ، وإن أنكر جمهور الفلاسفة ، ولم يظهر لها معنى الأثر بمفارقة أجرامها ؛ فقد ظهر فيها اختلاف الأفعال .

ثم استدل على طبيعتها لكونها خلاف المشهور بقوله : ( ولهذا وصفهم اللّه بالاختصام ) ، وهو إما فيما بينهم باعتبار التقابل الذي في أفعالهم ، أو في اعتراضهم على اللّه في خلق آدم ، وذلك قوله تعالى :( ما كانَ لِي مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلى إِذْ يَخْتَصِمُونَ )[ ص : 69 ] ، وهم الأرواح العلوية ؛ ولذلك بيّن الضمير في قوله : « وصفهم » بقوله : ( أعني :بِالْمَلَإِ الْأَعْلى[ ص : 69 ] )، وهذا الاختصام لا بدّ له من مبدأ فيهم ، فهو إما الطبيعة وإما الأسماء الإلهية لكن الأول أظهر.

قال رضي الله عنه :  ( لأن الطبيعة متقابلة ) بالذات إذ بها اختلاف ، فالأفعال والانفعالات الذاتية ، ( والتقابل الذي في الأسماء الإلهية ) ليس من ذواتها ؛ لأنها عبارة من المعاني المتضمنة للأمور ( التي هي النسب ) بين الذات الإلهية وسائر الكائنات التي هي صور الطبيعة التي تضمنها النفس ، فالتقابل فيها ليس من ذواتها إذ النسب لا يقتضي شيئا إلا باعتبار طرفيها .
إما من الذات أو النفس أو الطبيعة ، لكن الأسماء الإلهية من حيث تقدمها لا تقبل شيئا من الطبيعة الحادثة ، فهو إما من الذات أو من النفس الذي هو مبدأ الطبيعة ، لكن الذات ليس فيها اختلاف الجهات ، فهذا التقابل في الأسماء ( إنما أعطاه النفس ) إياها .

قال رضي الله عنه : (ألا ترى الذّات الخارجة عن هذا الحكم كيف جاء فيها الغنى عن العالمين ؟  فلهذا خرج العالم على صورة من أوجدهم ، وليس إلّا النّفس الإلهيّ )

واستدل على أنه ليس من إعطاء الذات بقوله : ( ألا ترى الذات الخارجة عن هذا الحكم ) أي : حكم النفس والإيجاد ( كيف جاء فيها الغنى عن العالمين ) ، فلو كان التقابل في الأسماء من الذات الإلهية كان فيها الاختلاف أولا ، ويكون فيها مجملا لوحدتها ؛ فلا بدّ لذلك من تفصيل ، وحينئذ فيما فيه هو الموجب بالذات اختلاف الصور الكونية كإيجاب النفس الإنساني اختلاف صور الحروف اللفظية .
قال رضي الله عنه :  ( فلهذا ) أي : فلأجل غنى الذات عن العالمين لم يخرج العالم على صورتها ليس فيه شيء من التقابل ، كما أنه ليس في الذات بل ( خرج العالم على صورة من أوجدهم ) أي : أفراده المتقابلة علوّا وسفلا ، وحركة وسكونا ، وهو إما الطبيعة أو الأسماء الإلهية أو النفس ، لكن الطبيعة قابلة فلا تكون فاعلة والأسماء قديمة فلا تكون فاعلة للأمر الحادث بلا واسطة ، فتعين أنه ( ليس ) موجدهم لقريب ( إلا النفس ) ، فهو حامل للمعاني المناسبة لما في العالم من مبدأ الفعل والانفعال .
وكما أن النفس الإنساني حامل للطبائع الأربعة من : الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة التي هي مبادئ الفعل والانفعال ، فكذلك النفس ( الإلهي ) حامل لما يوجب أفعالها وانفعالاتها ،

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما أرواح السموات السبع و أعيانها فهي عنصرية، فإنها من دخان العناصر المتولد عنها، و ما تكون عن كل سماء من الملائكة فهو منها، فهم عنصريون و من فوقهم طبيعيون: و لهذا وصفهم الله بالاختصام أعني الملأ الأعلى لأن الطبيعة متقابلة، و التقابل الذي في الأسماء الإلهية التي هي النسب، إنما أعطاه النفس.
ألا ترى الذات الخارجة عن هذا الحكم كيف جاء فيها الغنى عن العالمين؟.
فلهذا أخرج العالم على صورة من أوجدهم، وليس إلا النفس الإلهي.  )  

قال رضي الله عنه :  (وأما أرواح السماوات وأعيانها فهي عنصريّة ، فإنّها من دخان العناصر المتولَّد عنها )
تولَّد لطيف الأجزاء الدخانيّة من كثيف الأجزاء الناريّة ، فإنّ ألطف أجزاء النار هي التي يعلوها في صورة الدخان ، وفي الدخان أيضا أجزاء لطيفة وكثيفة ، فاللطيف منها يتولَّد منه أرواح السماوات وإليه أشار بقوله رضي الله عنه  :
قال رضي الله عنه :  ( وما تكوّن عن كلّ سماء من الملائكة فهو منها ، فهم عنصريّون ومن فوقهم ) من العقول المجرّدة المسمّاة بلسان الشريعة ب « الملإ الأعلى » طبيعيّون ، فلهذا وصفهم الله بالاختصام - أعني الملأ الأعلى - لأنّ الطبيعة متقابلة ، والتقابل الذي في الأسماء الإلهيّة التي هي النسب إنّما أعطاه النفس )

مبدأ التقابل في العالم
فعلم من هذا أنّ التقابل وما يستتبعه من الاختصام إنّما هو أولا  وبالذات من النفس ، وثانيا وبالعرض من الأسماء ، فلا تعلَّل اختصام الملإ الأعلى بتقابل الأسماء ، فإنّ النفس هو مبدأ التقابل وأصله .
قال رضي الله عنه :  ( ألا ترى الذات الخارجة عن هذا الحكم كيف جاء فيها الغنى عن العالمين ؟ )
 وهو مما يسقط نسبة العالم عنها مطلقا ، ( فلهذا ) أي لأنّ الذات لها الغنى ( خرج العالم على صورة من أوجدهم ) فإنّها مستغنية عن نسبة الإيجاد ( وليس ) الموجد ( إلا النفس الإلهي ) فعلم من هذا الفرق بين نفس الحقّ المتّصفة بالنفس وبين ذاته .
وكأنّك قد نبّهت في المقدّمة أنّ من الجلالة ما يلوّح عليهما تلويحا بيّنا فلا نعيده .
وليس في الوجود بمراتبه ظاهرا وباطنا إلا النفس الإلهي.

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما أرواح السموات السبع و أعيانها فهي عنصرية، فإنها من دخان العناصر المتولد عنها، و ما تكون عن كل سماء من الملائكة فهو منها، فهم عنصريون و من فوقهم طبيعيون: و لهذا وصفهم الله بالاختصام أعني الملأ الأعلى لأن الطبيعة متقابلة، و التقابل الذي في الأسماء الإلهية التي هي النسب، إنما أعطاه النفس.
ألا ترى الذات الخارجة عن هذا الحكم كيف جاء فيها الغنى عن العالمين؟.
فلهذا أخرج العالم على صورة من أوجدهم، وليس إلا النفس الإلهي.  )  

قال رضي الله عنه :  ( وأما أرواح السموات السبع و أعيانها فهي عنصرية، فإنها من دخان العناصر المتولد عنها، و ما تكون عن كل سماء من الملائكة فهو منها، فهم عنصريون و من فوقهم طبيعيون: و لهذا وصفهم الله بالاختصام أعني الملأ الأعلى لأن الطبيعة متقابلة، و التقابل الذي في الأسماء الإلهية التي هي النسب، إنما أعطاه النفس )

قال رضي الله عنه :  ( وأما أرواح السماوات السبع ) يعني نفوسها المنطبعة فإن عقولها ونفوسها المجردة من الصور الطبيعية النورية لا العنصرية ( وأعيانها فهي عنصرية فإنها من دخان العناصر المتولد عنها ) ، كما تتولد الأجزاء اللطيفة الدخانية عن النار ، فإن ألطف أجزاء النار هي التي تعلوها في صورة الدخان وفي دخان النار أجزاء لطيفة وكثيفة ، وكذلك في دخان العناصر ، فمن كثيف دخانها خلقت أعيان السماوات ومن لطيفها أرواحها .
قال رضي الله عنه :  ( وما تكون عن ) مادة ( كل سماء من الملائكة ) التي هي عمادها ( فهو ) مخلوق ( منها ) ، أي من مادتها كما أن آدم وبنيه الذين هم عماد الأرض مخلوقون من الأرض .
قال رضي اللّه عنه في الباب الثالث عشر من الفتوحات :
خلق في جوف الكرسي أفلاكا فلكا في جوف فلك وخلق في كل فلك عالما منه يعمرونه وسماهم ملائكة .
"" أضاف الجامع : قال الشيخ رضي الله عنه في الفتوحات الباب الرابع عشر عن الكرسي وعماره من الملائكة:-
"ثم أوجد الكرسي في جوف هذا العرش وجعل فيه ملائكة من جنس طبيعته
فكل فلك أصل لما خلق فيه من عمارة كالعناصر فيما خلق منها من عمارها
كما خلق آدم من تراب وعمر به وببنيه الأرض
وقسم في هذا الكرسي الكريم الكلمة إلى خبر وحكم وهما القدمان اللتان تدلتا له من العرش كما ورد في الخبر النبوي
ثم خلق في جوف الكرسي الأفلاك فلكا في جوف فلك
وخلق في كل فلك عالما منه يعمرونه سماهم ملائكة يعني رسلا
وزينها بالكواكب وأَوْحى في كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها إلى أن خلق صور المولدات.أهـ. ""

قال رضي الله عنه :  ( فهم ) ، أي الملائكة المتكونون من مادة كل سماء كلهم ( عنصريون ومن فوقهم ) من ملائكة العرش والكرسي ونفوسهما المنطبعة والمجردة والعقول المسمون بلسان الشريعة بالملأ الأعلى كلهم ( طبيعيون ولهذا ) ، أي لكونهم طبيعيين ( وصفهم اللّه تعالى بالاختصام أعني ) يعني بالضمير المنصوب في وصفهم اللّه ( الملأ الأعلى )
حيث قال : ما كان لي من علم بالملأ الأعلى إذ يختصمون ، وإنما كان كونهم طبيعيين مقتضيا لوصفهم بالاختصام ( لأن الطبيعة )  من حيث ظاهرها حاملة للصور المتقابلة وقابلة إياها.

ومن حيث باطنها فعالة لها ففيها قوة الفعل والانفعال والتأثير والتأثر ولا شك أن هذه الأمور فيها ( متقابلة ) وليس المراد بالاختصام إلا التقابل بحيث يقتضي كل واحد منهم خلاف ما يقتضيه الآخر ( والتقابل الذي في الأسماء الإلهية التي هي النسب ) اللاحقة للذات الإلهية باعتبار توجهها إلى عالم الظهور ( إنما أعطاه النفس ) فإنه إن لم يمتد الوجود الحق من غيبه الإطلاقي إلى مرتبة الظهور لم تتعين الأسماء .
ولا شك أن النفس إنما هو الوجود الحق باعتبار هذا الامتداد ، فلو لم تكن النفس لم تتعين الأسماء فكيف يتحقق التقابل بينها ، فظهر أنه ما أعطى الأسماء الإلهية التقابل إلا النفس ، وكذلك لا يظهر هذا التقابل في الخارج إلا بالنفس فإنه إذا لم يمتد الوجود على الماهيات الممكنة لم يظهر التقابل بين الأسماء بظهور آثارها المتقابلة .
ولما ذكر أن التقابل الذي بين الأسماء إنما أعطاه النفس لا الذات من حيث نوره وأوضحه

قال رضي الله عنه :  ( ألا ترى الذات الخارجة عن هذا الحكم كيف جاء فيها الغنى عن العالمين؟.   فلهذا أخرج العالم على صورة من أوجدهم، وليس إلا النفس الإلهي.)

بقوله رضي الله عنه  : ( ألا ترى الذات ) البحت ( الخارجة عن هذا الحكم ) ، أي عن حكم النفس ( كيف جاء فيها الفناء عن العالمين ) ولا شك أن في مرتبة الفناء وهي مقام الأحدية الذاتية لا تتقابل الأسماء لعدم تعينها حينئذ فضلا عن تقابلها ( فلهذا ) ، أي الفناء الذات عن العالمين ( خرج العالم على صورة من أوجدهم ) أورد ضمير ذوي العلم تغليبا أو بناء على أن الكل ذو العلم في نظر أهل الكشف .

قال رضي الله عنه :  ( وليس ) الموجد ( إلا النفس الإلهي ) ، لأن الذات البحت لها الفناء عن نسبة الإيجاد ، وليس إيجاد النفس الإلهي للأشياء إلا ظهوره بصورها فليس في الوجود مراتبه ظاهرا وباطنا إلا النفس الإلهي .

 .
السفر الخامس عشر الفقرة الخامسة عشر على منتدي إتقوا الله ويعلمكم الله
واتساب

No comments:

Post a Comment