Monday, December 23, 2019

السفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية الفقرة الثالثة .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية الفقرة الثالثة .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية الفقرة الثالثة .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فأتى سليمان بالرحمتين: رحمة الامتنان ورحمة الوجوب اللتان هما الرحمن الرحيم.    فامتن بالرحمن وأوجب بالرحيم.  وذا الوجوب من الامتنان.
فدخل الرحيم في الرحمن دخول تضمن.
فإنه كتب على نفسه الرحمة سبحانه ليكون ذلك للعبد بما ذكره الحق من الأعمال التي يأتي بها هذا العبد، حقا على الله تعالى أوجبه له على نفسه يستحق بها هذه الرحمة- أعني رحمة الوجوب.  ومن كان من العبيد بهذه المثابة فإنه يعلم من هو العامل منه.
والعمل مقسم على ثمانية أعضاء من الإنسان. )

قال رضي الله عنه :  (فأتى سليمان بالرّحمتين : رحمة الامتنان ورحمة الوجوب اللّتان هما الرّحمن الرّحيم . فامتنّ بالرّحمن وأوجب بالرّحيم . وهذا الوجوب من الامتنان .  فدخل الرّحيم في الرّحمن دخول تضمّن . فإنّه كتب على نفسه الرّحمة سبحانه ليكون ذلك للعبد بما ذكره الحقّ من الأعمال الّتي يأتي بها هذا العبد ، حقّا على اللّه أوجبه له على نفسه يستحقّ بها هذه الرّحمة أعني رحمة الوجوب . ومن كان من العبيد بهذه المثابة فإنّه يعلم من هو العامل منه . والعمل منقسم على ثمانية أعضاء من الإنسان . )

قال رضي الله عنه :  (فأتى سليمان) عليه السلام في كتابه المذكور (بالرحمتين) الإلهيتين :
الأولى (رحمة الامتنان) منه تعالى على خلقه وبها أعطى الاستعدادات لقبول ما يفيض من الإمداد على الكل وهو قوله سبحانه وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ وهذا الوسع منة من الحق تعالى وفضل من غير سبب سابق ، بل هو سبب للفيض اللاحق
(و)الثانية (رحمة الوجوب) ، أي الإيجاب منه تعالى على نفسه لا بإيجاب أحد عليه وهو قوله تعالى :" فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِنا يُؤْمِنُونَ" [ الأعراف : 156 ] ، وقوله :"كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ " [ الأنعام : 54 ] ،
 أي أوجبها اللتين هما رحمة (الرحمن) ورحمة (الرحيم فامتن) ، أي أنعم وتفضل سبحانه على كل شيء فأوجده مستعدا لكل ما هو مستعد له (بالرحمن) المستوي على العرش وهي رحمة العامة وأوجب ، أي أحق وألزم عدلا منه سبحانه (بالرحيم) وهي رحمة الخاصة من قوله تعالى :أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى[ طه : 50 ].
 والهداية أيضا إعطاء للمستعد لها خلقه

ولكن أفردها ليميز أهلها عن أهل الضلالة كما قال :يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ[ النحل : 93 ] ومن لم يستعد للهداية ولو أفاضها عليه فإنه لا يقبلها كما قال سبحانه :وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى[ فصلت : 17 ] .

قال رضي الله عنه :  (وهذا الوجوب) في الرحمة هو (من) جملة (الامتنان) أيضا على الكل والرحمة واحدة لا تنقسم ، لأنه هو الذي أوجبها على نفسه فإيجابه لها على نفسه عين الامتنان منه (فدخل) الاسم (الرحيم في) الاسم (الرحمن) ورحمة الوجوب في رحمة الامتنان ورحمة الخصوص في رحمة العموم (دخول تضمن) كدخول العام في الخاص والأمر الكلي في الجزئي ، لأن الخاص هو المقصود وكذلك الجزئي وهو الكلي ، والعام جزء الخاص .

وكذلك الكلي كأنه جزء للجزئي ، والمرحومون بالرحمة الخاصة رحمة الوجوب هم المعتبرون وهم المقصودون وهم الجامعون كما قال تعالى :قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا خالِصَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ[ الأعراف : 32 ] ، وإنما لم تكن خالصة في الدنيا لأنها ليست بدار جزاء ، والآخرة هي دار الجزاء فكانت لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا من باب رحمة الامتنان فتشاركوا فيها مع الكافرين ، وفي الآخرة تكون للمؤمنين خاصة من دون الكافرين من باب رحمة الوجوب التي يخص اللّه تعالى من بها من يشاء .

وقال تعالى في حق الكافرين :أُولئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ[ هود : 16] ،
وأخبر تعالى أنه تقطع لهم ثياب من نار ، وأن شجرة الزقوم تنبت في أصل الجحيم فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْها فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ ( 66 ) ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْها لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ( 67 ) [ الصافات : 66 - 67 ] ، فليس لهم إلا ما أعطت حقائقهم مما استعدوا له من العقاب . ولهذا قال تعالى :وَما ظَلَمُونا وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ[ البقرة : 57 ] .

قال رضي الله عنه :  (فإنه) ، أي اللّه تعالى (كتب على نفسه) ، أي ذاته وهي الوجود المطلق (الرحمة سبحانه) وهي إفاضة الوجود على الأعيان الثابتة في الأصل بطريق المنة فظهرت موجودة على حسب ما كانت ثابتة فيه من الأعيان العدمية (ليكون ذلك) ، أي كناية الرحمة منسوبا (للعبد) المكلف وغيره (بما ذكره الحق) تعالى في القرآن من الأعمال بيان لما ذكره التي يأتي بها هذا العبد كما قال بعضهم : من فضله عليك أن خلق ونسب إليك « حكمة ابن عطاء الله السكندري » .
حقا على اللّه تعالى كما قال :وَكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ[ الروم : 47 ] ، أي على أنفسهم وشياطينهم بالطاعة والموافقة ، وعلى أعدائهم بالحفظ والغلبة (أوجبه) ، أي ذلك الحق له ، أي لعبد اللّه تعالى (على نفسه يستحق) ، أي ذلك العبد (بها) ، أي بسبب تلك الأعمال (هذه الرحمة أعني رحمة الوجوب) وهي رحمة الاختصاص التي قال تعالى :يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ[ البقرة : 105 ] .
قال رضي الله عنه :  (ومن كان من العبيد بهذه المثابة) ، أي الحالة المذكورة فإنه ، أي ذلك العبد (يعلم من هو العامل منه) ومن غيره أيضا للأعمال الاختيارية الصادرة عنه في الخير فضلا وفي الشر عدلا.
(والعمل) الذي كلف اللّه تعالى به الإنسان (منقسم على ثمانية أعضاء من الإنسان) المكلف اليدين والرجلين والعينين والأذنين واللسان والقلب والبطن والفرج .


شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فأتى سليمان بالرحمتين: رحمة الامتنان ورحمة الوجوب اللتان هما الرحمن الرحيم.    فامتن بالرحمن وأوجب بالرحيم.  وذا الوجوب من الامتنان.
فدخل الرحيم في الرحمن دخول تضمن.
فإنه كتب على نفسه الرحمة سبحانه ليكون ذلك للعبد بما ذكره الحق من الأعمال التي يأتي بها هذا العبد، حقا على الله تعالى أوجبه له على نفسه يستحق بها هذه الرحمة- أعني رحمة الوجوب.  ومن كان من العبيد بهذه المثابة فإنه يعلم من هو العامل منه.
والعمل مقسم على ثمانية أعضاء من الإنسان. ).

قال رضي الله عنه :  ( فأتى سليمان بالرحمتين رحمة الامتنان ) وهي ما يحصل من اللّه تعالى للعبد بدون مقابلة عمل من أعماله بل عناية سابقة في حق عبده كإعطاء الوجود والقدرة للعمل والصحة فإنها رحمة من اللّه للعبد ليست في مقابلة عمل بل منة وعطاء محض من اللّه تعالى ( ورحمة الوجوب ) .
وهي التي تحصل من اللّه للعبد بمقابلة عمله كإعطاء ثواب أعمالهم في الجنة ( اللتان هما الرحمن الرحيم فامتن ) أي امتن الحق ( بالرحمن ) لعموم حكمه على جميع الموجودات فامتن بقوله :" وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ "
وبقوله :" رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً"
قال رضي الله عنه :  ( وأوجب ) أي جعل الحق على نفسه الرحمة واجبا ( بالرحيم ) المخصص بالرحمن العام ( وهذا الوجوب ) أي وجوب رحمة الوجوب ( من الامتنان فدخل الرحيم في الرحمن دخول تضمن ) يعني دخول الخاص تحت العام وإنما كانت رحمة الوجوب من الامتنان .

قال رضي الله عنه :  ( فإنه كتب على نفسه الرحمة سبحانه ليكون ذلك ) وجوب الرحمة ( للعبد بما ) أي بسبب الذي ( ذكره الحق من الأعمال ) بيان لما أو لضميره ( التي يأتي بها هذا العبد ) قوله :
قال رضي الله عنه :  ( حقا ) خبر ليكون ( على اللّه ) متعلق بحقا ( أوجبه ) الضمير المنصوب المتصل يرجع إلى اللّه وجوب الرحمة ( له ) يتعلق بأوجبه والضمير المجرور المتصل يرجع إلى العبد أي أوجب الحق الرحمة ( على نفسه ) للعبد على نفسه يتعلق بأوجبه ( يستحق بها ) أي يستحق العبد بإتيان الأعمال التي أمره الحق أن يفعلها.

قال رضي الله عنه :  ( هذه الرحمة ) مفعول يستحق ( أعني رحمة الوجوب ) يعني أن العبد من حيث أنه عبد يجب عليه إتيان أوامر مولاه فلا تجب الرحمة على المولى في مقابلتها شيء .
فإذا قدر المولى وأوجب على نفسه لعبده شيئا في مقابلة عمله يستحق العبد بذلك الشيء بسبب عمله فوصل ذلك الشيء للعبد من المولى في مقابلة عمله فذلك امتنان وعطاء محض .
ومن ذلك قالوا الجنة فضل إلهي فلا يستحق بها العبد إلا بفضل اللّه تعالى فإن جعل الحق الأعمال أسبابا للجنة وهو من جملة فضل اللّه فكان وجوب الرحمة من رحمة الامتنان.
قال رضي الله عنه :   ( ومن كان من العبيد بهذه المثابة ) أي محققا بهذه المرتبة ومشاهدا إياها وهي مرتبة أن يكون الحق موجبا على نفسه الرحمة للعبد ( فإنه ) أي فإن ذلك العبد ( يعلم من هو العامل منه ) .
أي يعلم ذلك العبد يقينا ان العامل في الحقيقة من نفسه هو الحق ويعلم أن العمل لا يستند إليه إلا بحسب الظاهر وأما العبد الذي لم يكن بهذه المثابة فهو يزعم أنه عامل في الحقيقة ولما قال إن العامل في الحقيقة من صورة العبد هو الحق شرع في بيانه.
بقوله رضي الله عنه  :( والعمل منقسم على ثمانية أعضاء من الإنسان ) لكل عضو عمل خاص له يعمل الإنسان ذلك العمل بذلك العضو على ما لا يخفى

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فأتى سليمان بالرحمتين: رحمة الامتنان ورحمة الوجوب اللتان هما الرحمن الرحيم.    فامتن بالرحمن وأوجب بالرحيم.  وذا الوجوب من الامتنان.
فدخل الرحيم في الرحمن دخول تضمن.
فإنه كتب على نفسه الرحمة سبحانه ليكون ذلك للعبد بما ذكره الحق من الأعمال التي يأتي بها هذا العبد، حقا على الله تعالى أوجبه له على نفسه يستحق بها هذه الرحمة- أعني رحمة الوجوب.  ومن كان من العبيد بهذه المثابة فإنه يعلم من هو العامل منه.
والعمل مقسم على ثمانية أعضاء من الإنسان. )

قال رضي الله عنه :  (فأتى سليمان بالرحمتين: رحمة الامتنان ورحمة الوجوب اللتان هما الرحمن الرحيم.    فامتن بالرحمن وأوجب بالرحيم.  وذا الوجوب من الامتنان. فدخل الرحيم في الرحمن دخول تضمن. فإنه كتب على نفسه الرحمة سبحانه ليكون ذلك للعبد بما ذكره الحق من الأعمال التي يأتي بها هذا العبد، حقا على الله تعالى أوجبه له على نفسه يستحق بها هذه الرحمة- أعني رحمة الوجوب.  ومن كان من العبيد بهذه المثابة فإنه يعلم من هو العامل منه. والعمل مقسم على ثمانية أعضاء من الإنسان. )

قلت : قال بعضهم: إنما كتب سليمان عليه السلام، اسمه قبل اسم الله تعالى في قوله: إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم (الروم: 27) 
خوفا على اسم الله تعالى من الإحراق   فإن عوائد الجبابرة من الملوك أن يهينوا المرسل بتمزيق أول اسم في كتابه.
فأراد سليمان، عليه السلام، أن يكون التمزيق في اسمه لا في اسم الله تعالى.
فلذلك قدمه وأخر ذكر اسم الله تعالی. 
قال، رضي الله عنه: (ليس الأمر كما قالوه وإن أوهم تمزيق کسری کتاب النبي عليه السلام ، صدق من من توهم ذلك.)
ثم ذكر أن ذكر سليمان الرحمن الرحيم هو إرادة إبراز حکم الرحمتین 
أما الأولى، فهو قوله الرحمن وهذه هي رحمة الامتنان. 
 قال: والرحمة الأخرى، هي التي كتبها على نفسه بقوله تعالى: "كتب ربكم على نفسه الرحمة " [الأنعام: 54] وبسط القول في ذلك.

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فأتى سليمان بالرحمتين: رحمة الامتنان ورحمة الوجوب اللتان هما الرحمن الرحيم.    فامتن بالرحمن وأوجب بالرحيم.  وذا الوجوب من الامتنان.
فدخل الرحيم في الرحمن دخول تضمن.
فإنه كتب على نفسه الرحمة سبحانه ليكون ذلك للعبد بما ذكره الحق من الأعمال التي يأتي بها هذا العبد، حقا على الله تعالى أوجبه له على نفسه يستحق بها هذه الرحمة- أعني رحمة الوجوب.  ومن كان من العبيد بهذه المثابة فإنه يعلم من هو العامل منه.
والعمل مقسم على ثمانية أعضاء من الإنسان. )

قال رضي الله عنه : « فأتى سليمان بالرحمتين » يعني : في مضمون كتابه أوّلا في البسملة « رحمة الوجوب ورحمة الامتنان اللتين هما الرحمن الرحيم » .
يشير رضي الله عنه إلى أنّ الرحمتين عين الاسمين في حق الحق ، لأحدية الاسم والمسمّى في ذاته .
واعلم : أنّ الرحمن كما ذكرنا عبارة عن الحق من كونه عين الوجود العامّ بين العالمين ،
فعمّ بهذه الرحمة جميع الأسماء والحقائق ، فهي رحمة الامتنان على كل موجود لم يكن لعينه موجودا ، فأوجده الله بهذه الرحمة .
ولفظ الرحمن في وزانه يقتضي العموم ، ولمّا عمّت رحمته الكلّ اقتضت أن يخصّ بعمومها كلّ عين عين من الأعيان بخصوصية ذاتية .
لذلك التعيّن فيرحمها برحمة يصلح لها ويصلحها ، فالرحيم فيه مبالغة لتعميم التخصيص ، وللرحمن من الرحيم تخصيص التعميم ، وللرحيم من الرحمن تخصيص التعميم ، وللرحيم من الرحمن تعميم التخصيص ، فكلّ منهما إذن في كلّ منهما .

قال رضي الله عنه : ( فامتنّ بالرحمن وأوجب بالرحيم ، وهذا الوجوب من الامتنان ، فدخل الرحيم في الرحمن دخول تضمّن ، فإنّه كتب على نفسه الرحمة ، سبحانه ليكون ذلك للعبد بما ذكره الحق من الأعمال يأتي بها هذا العبد حقا على الله أوجبه له على نفسه يستحقّ بها هذه الرحمة أعني رحمة الوجوب ) .
يشير إلى قوله :  ( وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ) فامتنّ على الكلّ بتعميم الرحمة ثمّ أوجبها بقوله  تعالى :   ( فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ )   .
وقوله : « سبقت رحمتي غضبي » امتنان على الكلّ أيضا بإيجاب الرحمة ، فافهم ، فإنّه ذوق نادر غريب ، هذا معنى قوله : « فدخل الرحيم في الرحمن » .
وقوله : « فإنّه ( كَتَبَ عَلى نَفْسِه ِ الرَّحْمَةَ ) » يعني الرحمة التي سبقت غضبه .
وقوله : « ليكون للعبيد » أي أجاب الرحمة بالكتابة على نفسه حقا عليه ، « استحقّوها بها » أي بالأعمال بإيجابه لهم هذه الرحمة .

قال رضي الله عنه : ( ومن كان من العبيد بهذه المثابة ، فإنّه يعلم من هو العامل به ؟ ) .

يشير رضي الله عنه إلى أنّ رحمة الوجوب هي التي استحقّها المتّقون بتقواهم وأعمالهم الصالحة ، فإنّها رحمة خاصّة من الرحيم بهذه الأعمال المستدعية لمجازاة الله بما يناسبها ، ثمّ أشار إلى من يكون له هذه التقوى والرحمة الخاصّة ، فإنّه يكون عالما بأنّ الله هو العامل به جميع أعماله المقتضية لهذه الرحمة ، فإنّ هذا العلم أعلى مراتب هذه الرحمة للمتّقي .

قال رضي الله عنه :  « والعمل مقسّم على ثمانية أعضاء من الإنسان ،) يعني : أنّ هويّة العبد هو الله .

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فأتى سليمان بالرحمتين: رحمة الامتنان ورحمة الوجوب اللتان هما الرحمن الرحيم.    فامتن بالرحمن وأوجب بالرحيم.  وذا الوجوب من الامتنان.
فدخل الرحيم في الرحمن دخول تضمن.
فإنه كتب على نفسه الرحمة سبحانه ليكون ذلك للعبد بما ذكره الحق من الأعمال التي يأتي بها هذا العبد، حقا على الله تعالى أوجبه له على نفسه يستحق بها هذه الرحمة- أعني رحمة الوجوب.  ومن كان من العبيد بهذه المثابة فإنه يعلم من هو العامل منه.
والعمل مقسم على ثمانية أعضاء من الإنسان. )

قال رضي الله عنه :  ( فامتن بالرحمن وأوجب بالرحيم ، وهذا الوجوب من الامتنان فدخل الرحيم في الرحمن دخول تضمن ، فإنه كتب على نفسه الرحمة سبحانه ليكون ذلك للعبيد بما ذكره الحق من الأعمال التي يأتي بها هذا العبد حقا على الله أوجبه له على نفسه يستحق بها هذه الرحمة أعنى رحمة الوجوب )

فامتن على الكل بالرحمن أي بتعميم الرحمة في قوله : ( رَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ )
وأوجبها في قوله :  ( فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ ).
وقوله « سبقت رحمتي غضبى » امتنان أيضا على الكل بإيجاب الرحمة لهم على نفسه ، وهو معنى قوله : فدخل الرحيم في الرحمن دخول تضمن ، يعنى دخول الخاص تحت العام ، لأنه إنما أوجب الرحمة السابقة على الغضب في قوله -   ( كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِه الرَّحْمَةَ )   - ليكون للعبد ما ذكره من الأعمال التي أوجدها الله على يده وأجراها عليه تلك الرحمة وذلك الثواب الذي وعده على تلك الأعمال حقا له على الله أوجبه على نفسه له بسبب الكتابة عليها امتنانا يستحق ذلك العبد بها هذه الرحمة ،
فذلك وجوب في تضمن الامتنان إذ الكتابة على نفسه امتنان .
قال رضي الله عنه :  ( ومن كان من العبيد بهذه المثابة فإنه يعلم من هو العامل منه ) وفي نسخة العامل به أي ومن كان من العبيد مستحقا لرحمة الوجوب بالتقوى والعمل الصالح يعلم أن الله هو العامل بهذا العبد أو من هذا العبد هذه الأعمال التي تستدعى هذه الرحمة على سبيل المجازاة بما يناسبها ، فإن هذا العلم من أعلى مراتب التقوى .

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( والعمل منقسم على ثمانية أعضاء من الإنسان ) أي هوية العبد هو حقيقة الله أدرجت في اسمه ، فالعبد اسم الله وهويته المسماة هو الله.

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فأتى سليمان بالرحمتين: رحمة الامتنان ورحمة الوجوب اللتان هما الرحمن الرحيم.    فامتن بالرحمن وأوجب بالرحيم.  وذا الوجوب من الامتنان.
فدخل الرحيم في الرحمن دخول تضمن.
فإنه كتب على نفسه الرحمة سبحانه ليكون ذلك للعبد بما ذكره الحق من الأعمال التي يأتي بها هذا العبد، حقا على الله تعالى أوجبه له على نفسه يستحق بها هذه الرحمة- أعني رحمة الوجوب.  ومن كان من العبيد بهذه المثابة فإنه يعلم من هو العامل منه.
والعمل مقسم على ثمانية أعضاء من الإنسان. )

قال رضي الله عنه :  ( فأتى سليمان بالرحمتين : رحمة الامتنان ، ورحمة الوجوب اللتان هما " الرحمن الرحيم " . فأمتن بالرحمن وأوجب بالرحيم ، وهذا الوجوب من الامتنان ، فدخل "الرحيم " في "الرحمن " دخول التضمن . )
اعلم ، أن الرحمة صفة من الصفات الإلهية ، وهي حقيقة واحدة ، لكنها ينقسم بالذاتية وبالصفاتية ، أي ، يقتضيها أسماء الذات وأسماء الصفات عامة . وكل منهما عامة وخاصة ، فصارت أربعة ، ويتفرع منها إلى أن يصير المجموع مائة رحمة .
وإليه أشار رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : ( إن لله مائة رحمة ، أعطى واحدة منها لأهل الدنيا كلها ، وادخر تسعة وتسعين إلى الآخرة يرحم بها عباده ) فالرحمة العامة والخاصة الذاتيتان ما جاء في البسملة من ( الرحمن الرحيم ) .

والرحمة الرحمانية عامة ، لشمول الذات جميع الأشياء علما وعينا ،
والرحيمية خاصة ، لأنها تفصيل تلك الرحمة العامة الموجب لتعين كل من الأعيان بالاستعداد الخاص بالفيض الأقدس .
والصفاتية ما ذكره في الفاتحة من ( الرحمن الرحيم ) ، الأولى عامة الحكم ، لترتبها على ما أفاض الوجود العام العلمي من الرحمة العامة الذاتية ، والثانية تخصيصها بحسب الاستعداد الأصلي الذي لكل عين من الأعيان .
وهما نتيجتان للرحمتين الذاتيتين :
العامة والخاصة فإذا علمت  ذلك ، فاعلم أن سليمان أتى بالرحمتين ، منها رحمة الامتنان . وهي ما حصل من الذات بحسب العناية الأولى .

وإنما سماها ب‍ ( الامتنان ) لكونها ليست في مقابلة عمل من أعمال العبد ، بل منة سابقة من الله في حق عبده .  ورحمة الوجوب أي رحمة في مقابلة العمل .
وأصل هذا الوجوب قوله تعالى : ( كتب على نفسه الرحمة ) . أي ، أوجبها على نفسه ( فامتن ) أي ، الحق تعالى . ( بالرحمن ) العام الحكم على جميع الموجودات بتعيين أعيانها في العلم وإيجادها في العين ، كما قال : ( رحمتي وسعت كل شئ ). و

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ربنا وسعت كل شئ رحمة وعلما ) . أي ، وجودا وعلما .
فإن الرحمة العامة هو الوجود العام لجميع الأشياء ، وهو النور المذكور في قوله تعالى : ( الله نور السماوات والأرض ) . الذي به يظهر كل شئ من ظلمة العدم .
( وأوجب بالرحيم ) المخصص على نفسه أن يوصل كلا من الأعيان إلى ما يقتضيه استعداده .

ولما كان هذا الإيجاب أيضا منة منه تعالى على عباده ، قال : ( وهذا الوجوب من الامتنان ) أي ، من الرحمة الامتنانية ، إذ ليس للمعدوم أن يوجب شيئا على الحق فيما يوجده ، ويمكنه من الطاعات والعبادات . فدخل الرحمة الرحيمية في الرحمة الرحمانية دخول الخاص تحت العام .

قال رضي الله عنه :  ( فإنه كتب على نفسه الرحمة سبحانه ، ليكون ذلك للعبد بما ذكره الحق من الأعمال التي يأتي بها هذا العبد حقا على الله أوجبه له على نفسه يستحق بها هذه الرحمة ، أعني رحمة الوجوب . ) هذا تعليل لقوله : ( وهذا الوجوب من الامتنان ) .
وذلك إشارة إلى وجوب الرحمة على نفسه .

و ( حقا ) منصوب بقوله : ( ليكون ) . أي ، إيجاب الحق على نفسه الرحمة للعباد من الامتنان ، لأنه كتب وفرض على نفسه الرحمة ، ليكون ذلك حقا على الله للعبد في مقابلة أعماله التي كلفه بها مجازاة له وعوضا عن عمله ، وذلك على سبيل الامتنان .
فإن العبد يحب عليه طاعة سيده والإتيان بأوامره ، فإذا أعطاه شيئا آخر في مقابلة أعماله ، يكون ذلك رحمة للعبد وامتنانا منه عليه .
فقوله : ( أوجبه ) أي ، أوجب ذلك الوجوب الحق للعبد على نفسه ، ليستحق العبد بها ، أي بتلك الأعمال ، الرحمة التي أوجبها الحق على نفسه امتنانا .

قال رضي الله عنه :  ( ومن كان من العبيد بهذه المثابة ، فإنه يعلم من هو العامل منه ) وفي بعض النسخ : ( به ) .
أي ، ومن كان من العبيد بمثابة أن يكون الحق موجبا على نفسه الرحمة له ، يكون ذا نور من الله منور القلب به محبوبا .
كما قال تعالى : "فسأكتبها للذين يتقون " . ومن كان كذلك ، يكون الحق سمعه وبصره ، كما نطق به الحديث .
فيعلم يقينا أن العامل الحقيقي من نفس العبد هو الحق الذي معه .
أو العامل في الحقيقة هو الحق ، لكن بالعبد ليكون العبد كالآته له .

قال رضي الله عنه :  ( والعمل ينقسم على ثمانية أعضاء من الإنسان ) وهي : اليدان ، والرجلان ، والسمع ، والبصر ، واللسان ، والجبهة .
إذ باليدين يتمكن من التوضي والتطهر ، وعلى الرجلين يقوم في الصلاة ويسعى ويحج ، وبالسمع يتمكن من سماع كلام الله وكلام رسول الله ، وبالبصر يتمكن من المشاهدة في جميع أعماله ، وباللسان يثنى على الله تعالى ويسبحه ويقرء كلامه ، وبالجبهة يسجد في صلاته .

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ
:
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فأتى سليمان بالرحمتين: رحمة الامتنان ورحمة الوجوب اللتان هما الرحمن الرحيم.    فامتن بالرحمن وأوجب بالرحيم.  وذا الوجوب من الامتنان.
فدخل الرحيم في الرحمن دخول تضمن.
فإنه كتب على نفسه الرحمة سبحانه ليكون ذلك للعبد بما ذكره الحق من الأعمال التي يأتي بها هذا العبد، حقا على الله تعالى أوجبه له على نفسه يستحق بها هذه الرحمة- أعني رحمة الوجوب.  ومن كان من العبيد بهذه المثابة فإنه يعلم من هو العامل منه.
والعمل مقسم على ثمانية أعضاء من الإنسان. )

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فأتى سليمان بالرّحمتين : رحمة الامتنان  ورحمة الوجوب اللّتان هما الرّحمن الرّحيم ، فامتنّ بالرّحمن وأوجب بالرّحيم ، وهذا الوجوب من الامتنان ، فدخل الرّحيم في الرّحمن دخول تضمّن ، فإنّه كتب على نفسه الرّحمة سبحانه ليكون ذلك للعبد بما ذكره الحقّ من الأعمال الّتي يأتي بها هذا العبد ، حقّا على اللّه أوجبه له على نفسه يستحقّ بها هذه الرّحمة أعني رحمة الوجوب ، ومن كان من العبيد بهذه المثابة فإنّه يعلم من هو العامل منه ، والعمل منقسم على ثمانية أعضاء من الإنسان ).
 ""إضافة المحقق : الرحمة الامتنانية : هي السابقة ، سميت بذلك لأن اللّه تعالى امتن بها على الخلائق قبل استحقاقها ، لأنها سابقة على ما يصدر منهم من الأفعال التي توجب لهم استحقاقا ، والرحمة الامتنانية الخاصة : يعني بها رحمة اللّه تعالى لعبده ، حيث وفقه للقيام بما يوجب له من الأفعال استحقاق الثواب عليها ( لطائف الإعلام ص 161 ) .""

قال رضي الله عنه :  ( فأتى سليمان بالرحمتين ) في كتابه لتجليهما عليه ؛ ليطمع من تابعه في نصيب منهما ( رحمة الامتنان ) لا في مقابلة عمل ( ورحمة الوجوب ) في مقابلته بحسب الوعد الإلهي مع أنه لا يجب عليه شيء .
قال رضي الله عنه :  ( اللتين هما الرحمن الرحيم ) أي : مفهوم هذين الاسمين لا بطريق الترادف ، وإلا كان تكرارا بلا فائدة ، بل لا بدّ من التباين مع التواصل ( فامتن بالرحمن ) الدال بكثرة حروفه على كثرة أفراد مدلوله ، وهي الرحمة العامة التي لا تتصور أن تكون جميع أفرادها في مقابلة العمل ، سيما وقد دخلت فيه رحمة الإيجاد السابق على العمل .
قال رضي الله عنه :  ( وأوجب بالرحيم ) الدال بقلة حروفه على قلة أفراد مدلوله ، وهي أفراد خاصة لا بد لها من تخصيص وهو العمل ، ( وهذا الوجوب ) ليس ما يقوله المعتزلة أنه يجب على اللّه تعالى إثابة المطيع والانتقام للعاصي بل هو( من الامتنان ) .

فإن الإثابة فضل كما أن الانتقام عدل ، ولكنه في حكم الواجب بوعده الصادق ، ( فدخل الرحيم في الرحمن دخول تضمن ) ، وإن كان شأن العام أن يدخل تحت مفهوم اللفظ الدال على الخاص بطريق التضمن ، وذلك باعتبار أن خصوصيته ليست أمرا زائدا على الامتنان كما تقوله المعتزلة ،
فهو داخل دخول أفراد الخاص تحت العام ، وهو مشبه دلالة التضمن من حيث أنه بعض ما صدق عليه العام ، كما أن المدلول التضمني بعض المفهوم الخطابي .
وكيف تجب هذه الرحمة على اللّه ولا موجب سواه ولا يوجب أخذ شيئا على نفسه ما لم يكن فيه جر نفع أو دفع الضر عنه ما لم يتعلق به شيء منهما ، بل غاية ما فيه أنه تعالى وعد المطيعين الإثابة فإنه :" كَتَبَ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ "[ الأنعام : 12 ] .
قال رضي الله عنه :  ( سبحانه ) أن يكتب عليه أحد سواه ومن أن يصل إليه نفع أو ضر ، وإنما كتبه ؛ ( ليكون ذلك ) المكتوب  (للعبد ) لا بحيث يذم الرب لو لم يفعل به ذلك لولا وعده السابق .

فهو إنما يكون له ( بما ذكره الحق ) ، وخبره صدق ، ووعده حق لا محالة ، وكيف يجب على اللّه ذلك الثواب الأبدي بحيث يذم بتركه ( من الأعمال التي يأتي بها هذا العبد ) ، وقد سبق عليه إنعامات من الحق يستحق الشكر عليها ، وهي لا تفي بشكره ، وإن وفت كفت لما مضى ، ولا يستوجب جزاء فضلا عن الأبدي الشامل على وجوه الإنعام والإكرام.

بل غايته أن يكون ( حقّا ) ثابتا ( على اللّه ) ؛ لأنه ( أوجبه له ) بوعده إذا أتى على وجه الاكتساب على بقية يستحق بها هذه الرحمة مفعول يستحق ، وبينها بقوله : ( أعني رحمة الوجوب ) ؛ لئلا يتوهم أنها رحمة الامتنان العامة ؛ لأنه نفى الوجوب عنها على وجه المبالغة .

وكيف تكون واجبة على اللّه الوجوب الحقيقي مع أنه إنما يستحقها إذا أتى بها على وجه يعتد به من الاعتقاد الصحيح والأركان والشرائط والآداب .
ومن جملة ما يجب أن يعتقد فيها أنه ليس يعامل بها على الحقيقة ، فكيف يجب له ثواب على اللّه بما ليس من عمله ، بل هو من أعمال الحق .

وإليه الإشارة بقوله : ( ومن كان من العبيد بهذه المثابة ) أي : بحيث يستحق على أعماله هذه الرحمة الوجوبية ، ( فإنه يعلم ) لإيمانه بالقدر ( من هو العامل فيه ) بالإيجاد ، وهل الأثر لقدرة الموجد أو المكتسب ، وكيف لا يكون الحق عاملا بالحقيقة فيه .
( والعمل ) المستند إلى العبد ( ينقسم على ثمانية أعضاء من الإنسان ) اليد والرجل والفم "اللسان" والأذن والعين والبطن والفرج .

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فأتى سليمان بالرحمتين: رحمة الامتنان ورحمة الوجوب اللتان هما الرحمن الرحيم.    فامتن بالرحمن وأوجب بالرحيم.  وذا الوجوب من الامتنان.
فدخل الرحيم في الرحمن دخول تضمن.
فإنه كتب على نفسه الرحمة سبحانه ليكون ذلك للعبد بما ذكره الحق من الأعمال التي يأتي بها هذا العبد، حقا على الله تعالى أوجبه له على نفسه يستحق بها هذه الرحمة- أعني رحمة الوجوب.  ومن كان من العبيد بهذه المثابة فإنه يعلم من هو العامل منه.
والعمل مقسم على ثمانية أعضاء من الإنسان. ).

قال رضي الله عنه :  ( فأتى سليمان بالرحمتين : رحمة الامتنان ، ورحمة الوجوب ، اللتان هما الرحمن الرحيم ) كاشفا بهما عن معنى اسم الله ، المصدّر به الكتاب ، تبيينا للذّات بأظهر أوصافها ، وتحقيقا لمبادئ ما ظهر من الكثرة الكونيّة في الوحدة الوجوديّة .
قال رضي الله عنه :  ( فامتنّ بالرحمن ) أي بتعميم الرحمة والوجود على الكل بدون سابقة استعداد مقتضية لها ، كما قال تعالى : “ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ “  [ 7 / 156 ] .
( وأوجب بالرحيم ) أي بتخصيص الرحمة التي هي العلم والكمالات على من يستجلبها باستعداده ، كما قال : " فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ “  [ 7 / 156 ] .

عموميّة اسم الرحيم ودخوله في الرحمن بالتضمّن  ، وإذ قد ظهر لك أنّ الرحمة الامتنانيّة حيث ليس للمرحوم عين أصلا ، ثمّ بها ظهر المرحومون وعمّت لهم .
والوجوبية حيث ليس للمرحومين كمال ثمّ بها انفردوا بالكمال وخصّوا بما يليق به انتسابهم إلى جناب الراحم وجلاله الأحدي : كأن إلى مثل هذا المعنى أشار قول إمام المحقّقين جعفر الصادق:
"الرحمن اسم خاصّ صفته عامة . والرحيم اسم عامّ صفته خاصّة " .
وبيّن أنّ الوجود العام - يعني الرحمة الامتنانية - له الإحاطة بالكل : فالوجوبيّة منها مندرجة فيها - اندراج الجزء تحت الكل .

وإليه أشار بقوله : ( وهذا الوجوب من الامتنان ، فدخل الرحيم في الرحمن دخول تضمّن ).
وبيّن  أنّ هذا غير اعتبار العموم والخصوص فإنّ دخول الخاصّ تحت العامّ ليس دخول تضمّن ثمّ إنّه وإن أمكن اعتبار العموم والخصوص في الرحمتين ، ولكن ليس فيما نحن بصدده ، فإنّ هذه النسبة إنما تتصور عند اتّحادهما وحملهما بهو هو ، وهو غير مراد هاهنا .

ولذلك علّله بقوله : ( فإنّه كتب على نفسه الرحمة سبحانه ) فإنّ نسبة بعض المكتوب إلى الجملة من الكتاب نسبة الجزء إلى كله ، لا نسبة الجزئي الخاص إلى كليّه العام ، وهذا المكتوب هو رحمة الوجوب إنما كتبه .
قال رضي الله عنه :  ( ليكون ذلك للعبد بما ذكره الحقّ من الأعمال التي يأتي بها هذا العبد حقّا على الله أوجبه له على نفسه ، فيستحقّ بها ) .
أي بتلك الأعمال (هذه الرحمة - أعني رحمة الوجوب) كما عبّر عنه الحديث القدسيّ المفصح عن قرب النوافل .

تسمية العبد باسم الأول والآخر والظاهر والباطن  
قال رضي الله عنه :  ( ومن كان من العبد بهذه المثابة ) في القرب بالتزام النوافل من الأعمال ( فإنّه يعلم من هو العامل منه ) - أي من العبد ، فإنّ له أعضاء عاملة وغير عاملة .

قال رضي الله عنه :  ( والعمل مقسم على ثمانية أعضاء من الإنسان ) - اليدين والرجلين والسمع والبصر واللسان والجبهة.

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :قال الشيخ رضي الله عنه :  (فأتى سليمان بالرحمتين: رحمة الامتنان ورحمة الوجوب اللتان هما الرحمن الرحيم.    فامتن بالرحمن وأوجب بالرحيم.  وذا الوجوب من الامتنان.
فدخل الرحيم في الرحمن دخول تضمن.
فإنه كتب على نفسه الرحمة سبحانه ليكون ذلك للعبد بما ذكره الحق من الأعمال التي يأتي بها هذا العبد، حقا على الله تعالى أوجبه له على نفسه يستحق بها هذه الرحمة- أعني رحمة الوجوب.  ومن كان من العبيد بهذه المثابة فإنه يعلم من هو العامل منه.
والعمل مقسم على ثمانية أعضاء من الإنسان. )

قال رضي الله عنه :  ( فأتى سليمان بالرّحمتين : رحمة الامتنان ورحمة الوجوب اللّتان هما الرّحمن الرّحيم . فامتنّ بالرّحمن وأوجب بالرّحيم . وهذا الوجوب من الامتنان . فدخل الرّحيم في الرّحمن دخول تضمّن. فإنّه كتب على نفسه الرّحمة سبحانه ليكون ذلك للعبد بما ذكره الحقّ من)

فقال رضي الله عنه  : ( فأتى سليمان ) في البسملة ( بالرحمتين ) وهما : ( رحمة الامتنان ) وهي الرحمة الصادرة من محض الوهب الإلهي لا في مقابلة استعداد كلي أو جزئي ( ورحمة الوجوب ) وهي التي أوجبها الحق سبحانه على نفسه في مقابلة أحد الاستعدادين ، ثم وصف الرحمتين بما يدل على أن كلا منهما من أي اسم يفهم من الاسمين المذكورين في البسملة

فقال :رضي الله عنه   ( اللتان هما الرحمن الرحيم ) ، أي الرحمتان المذكورتان اللتان يقتضيهما الاسم الرحمن والاسم الرحيم ( فامتن بالرحمن ) لا في مقابلة أمر بل بمحض الموهبة فتجلى بصور الاستعدادات فالرحمة الامتناهية هي الفيض الأقدس ( وأوجب بالرحيم ) ما يقتضيه الاستعدادات الحاصلة بالرحمة الرحمانية ( وهذا الوجوب ) أيضا ( من ) مقتضيات ( الامتنان ) إذ ليس ثمة من يوجب عليه سبحانه أمرا مّا .

بل هو أوجب على نفسه كما قال :
كتب على نفسه الرحمة وحيث كان ذلك الإيجاب من محض المنة من غير وجود مقتض كانت الرحمة المرتبة عليه راجعة إلى الامتنان .
كما أشار إليه بقوله رضي الله عنه : ( فدخل الرحيم في الرحمن دخول تضمن ) بحيث يندرج فيه فكلما اقتضاه الاسم الرحيم يكون بعضا من مقتضيات الاسم الرحمن وهذا المعنى هو المراد بالدخول الضمني وإنما قلنا : هذا الوجوب من الامتنان ( فإنه كتب على نفسه الرحمة ) لا غيره ( سبحانه ) عن أن يكتب عليه غيره وإنما كتب ( ليكون ذلك ) المكتوب رحمة الوجوب ( للعبد ) ، أي بسبب ( بما ذكره الحق ) وعينه

 قال رضي الله عنه :  ( الأعمال الّتي يأتي بها هذا العبد ، حقّا على اللّه أوجبه له على نفسه يستحقّ بها هذه الرّحمة أعني رحمة الوجوب .  ومن كان من العبيد بهذه المثابة فإنّه يعلم من هو العامل منه .  والعمل منقسم على ثمانية أعضاء من الإنسان . )

قال رضي الله عنه :   ( من الأعمال التي يأتي بها العبد حقا على اللّه أوجبه ) ، أي ذلك المكتوب أو ذلك الحق ( له ) ، أي للعبد ( على نفسه فيستحق ) العبد ( بها ) ، أي بتلك الأعمال .

قال رضي الله عنه :  ( هذه الرحمة أعني رحمة الوجوب ومن كان من العبيد بهذه المثابة ) ، أي بمثابة أن يأتي بالأعمال التي كتب الحق على نفسه الرحمة في مقابلتها ( فإنه يعلم ) بأدنى التفات ( من هو العامل منه ) من الأعضاء فإن أعضاءه بعضها عاملة وبعضها غير عاملة وإنما قال : من العامل مع أن الظاهر ما العامل منه ، لأنه لما أسند العمل إليه فكأنه من ذوي العلم أو لأنها هوية الحق كما سيجيء ( والعمل مقسم على ثمانية أعضاء من الإنسان ) غالبا وهي اليدان والرجلان والسمع والبصر واللسان والجبهة .

 .
واتساب

No comments:

Post a Comment