Monday, December 23, 2019

السفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية الفقرة التاسعة .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية الفقرة التاسعة .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية الفقرة التاسعة .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم إنه كيف يقدم سليمان اسمه على اسم الله كما زعموا وهو من جملة من أوجدته الرحمة: فلا بد أن يتقدم الرحمن الرحيم ليصح استناد المرحوم.
هذا عكس الحقائق: تقديم من يستحق التأخير وتأخير من يستحق التقديم في الموضع الذي يستحقه.
ومن حكمة بلقيس وعلو علمها كونها لم تذكر من ألقى إليها الكتاب، وما عملت ذلك إلا لتعلم أصحابها أن لها اتصالا إلى أمور لا يعلمون طريقها، وهذا من التدبير الإلهي في الملك، لأنه إذا جهل طريق الإخبار الواصل للملك خاف أهل الدولة على أنفسهم في تصرفاتهم، فلا يتصرفون إلا في أمر إذا وصل إلى سلطانهم عنهم يأمنون غائلة ذلك التصرف.
فلو تعين لهم على يدي من تصل الأخبار إلى ملكهم لصانعوه وأعظموا له الرشا حتى يفعلوا ما يريدون ولا يصل ذلك إلى ملكهم.
فكان قولها «ألقي إلي» ولم تسم من ألقاه سياسة منها أورثت الحذر منها في أهل مملكتها وخواص مدبريها، وبهذا استحقت التقدم عليهم.  )
قال رضي الله عنه :  (  ثمّ إنّه كيف يقدّم سليمان اسمه على اسم اللّه كما زعموا وهو من جملة من أوجدته الرّحمة .  فلا بدّ أن يتقدّم الرّحمن الرّحيم ليصحّ استناد المرحوم .  هذا عكس الحقائق : تقديم من يستحقّ التّأخير وتأخير من يستحقّ التّقديم في الموضع الذي يستحقّه .
ومن حكمة بلقيس وعلوّ علمها كونها لم تذكر من ألقى إليها الكتاب ؛ وما عملت ذلك إلّا لتعلم أصحابها أنّ لها اتّصالا إلى أمور لا يعلمون طريقها ، وهذا من التّدبير الإلهيّ في الملك ، لأنّه إذا جهل طريق الإخبار الواصل للملك خاف أهل الدّولة على أنفسهم في تصرّفاتهم ، فلا يتصرّفون إلا في أمر إذا وصل إلى سلطانهم عنهم يأمنون غائلة ذلك التّصرّف . فلو تعيّن لهم على يدي من تصل الأخبار إلى ملكهم لصانعوه وأعطوا له الرّشا حتّى يفعلوا ما يريدون ولا يصل ذلك إلى ملكهم . فكان قولها :أُلْقِيَ إِلَيَّ[ النمل : 29 ] ولم تسمّ من ألقاه سياسة منها أورثت الحذر منها في أهل مملكتها وخواصّ مدبّريها وبهذا استحقّت التّقدّم عليهم . )

قال رضي الله عنه :  (ثم إنه) ، أي الشأن (كيف يقدم سليمان) عليه السلام (اسمه في) كتابه إلى بلقيس (على اسم اللّه) تعالى (كما زعموا) ، أي علماء الرسوم الظاهرة والعقول القاصرة الذين يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم غافلون عن الآخرة والحال هو ، أي سليمان عليه السلام من جملة من أوجدته الرحمة العامة ، لأنه شيء والرحمة وسعت كل شيء ، وكتبت له الرحمة الخاصة ، لأنه من الذين أنعم اللّه عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين .

قال رضي الله عنه :  (فلا بد أن يتقدم) ذكر اسمه على اسم اللّه (الرحمن الرحيم ليصح استناد المرحوم) إلى الراحم والأثر إلى المؤثر ، (هذا) الأمر (عكس الحقائق) ، لأنها تعطي تقديم الأصل على الفرع وهنا (تقديم من يستحق التأخير) وهو ذكر الصورة السليمانية التي هي مظهر عند الحس والعقل للحضرة الإلهية الرحمانية الرحيمية (وتأخير من يستحق التقديم ) وهو ذكر الهوية الذاتية الموصوفة بالرحمة العامة والخاصة في الحضرة الاسمائية في الموضع ، أي المقام الذي يستحقه ، أي كل من يستحق التأخير ويستحق التقديم ، فإن خطاب سليمان عليه السلام لبلقيس الكافرة الجاهلة باللّه تعالى يقتضي تقديم صورته المظهرية التي بها يحضر الحق تعالى عند الغافل المحجوب عن شهود الغيب ، فإنه لا يعرف ذلك إلا بالآلة كالمعنى الذي لا يفهمه الجاهل الغبي بالإشارة .

فيقال له بنطق العبارة ثم يذكر له المقصود بعد ذلك ، فيتحقق الفرق بالجمع والجمع بالفرق ، فموضع الخطاب معها يقتضي عكس الحقائق المذكورة ، ولهذا لما أسلمت قدمت ما قدمه سليمان وأخرت ما أخره سليمان على طبق كتابه إليها فقالت :وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ[ النمل : 44 ] ، وذكرت رب العالمين موضع الرحمن المتجلي على عرش الوجود ، والرحيم المتجلي على عرش الإيمان ، إشارة إلى تحققها بالاسمين واطلاعها على الاسم الرب الذي ينزل إلى سماء الدنيا كما ورد « ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا » .رواه أبو داود

قال رضي الله عنه :  (ومن حكمة بلقيس) ، أي فطنتها وذكائها وقابليتها للكمال (وعلو) ، أي ارتفاع (علمها) الذي كانت فيه قبل إسلامها بإلهام الحق تعالى لها وإجرائه على قلبها ولسانها من باب نطق الاستعداد لا أثر القوّة الكمالية الإنسانية (كونها) ، أي بلقيس (لم تذكر) لقومها (من ألقى إليها الكتاب) وهو الهدهد الذي كان رسول سليمان عليه السلام إليها فقالَتْ: " يا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ" ( 29 ) [ النمل : 29 ] .
وما عملت ، أي بلقيس ذلك ، أي تركت ذكر الهدهد الذي جاء إليها بالكتاب إلا لتعلم أصحابها ، أي قومها أن لها اتصالا .
أي معرفة واطلاعا إلى أمور خفية لا يعلمون طريقها ولا كيفية الوصول إليها .
وهذا الأمر من جملة التدبير الإلهي والتوفيق الرباني لها في سياسة الملك وبقاء السلطنة لها على قومها .
لأنه ، أي الشأن إذا جهل طريق الإخبار عن الأمور الواصل ذلك الإخبار للملك خاف أهل الدولة من العساكر والأجناد على أنفسهم في تصرفاتهم واستيلائهم على ما هو تحت أيديهم من الولايات مخافة أن ينكشف أمرهم من حيث لا يعرفون كيف انكشافه فلا يتصرفون إلا في أمر صحيح بحيث إذا وصل ذلك إلى سلطانهم عنهم وانكشف عنده يأمنون غائلة ذلك التصرف ولا يتأتى عليهم ضرر منه فلو تعين لهم .
أي لأهل الدولة على يدي من يوصل الأخبار عنهم وعن أحوالهم إلى ملكهم لصانعوه .
أي صنعوا إليه المعروف وأهدوا إليه الهدايا وأعظموا .
أي أكثروا له الرشا بالضم جمع رشوة وهو البرطيل « هي الإكرامية غير المستحقة » على سكوته وعدم إخباره عنهم .
حتى يفعلوا في تصرفاتهم ما يريدون من الأفعال ولا يصل خبر ذلك إلى ملكهم .
فكان قولها ، أي بلقيس ألقى بالبناء للمجهول إليّ ، أي ألقى إليّ ملق ولم تسمّ من ألقاه سياسة منها لرعاياها وأرباب ولايتها أورثت ، أي تلك السياسة الحذر.
أي الخوف منها ، أي من بلقيس في أهل مملكتها من الرعية والأجناد وخواص مدبّريها من الوزراء وبهذا الأمر استحقت ، أي بلقيس التقديم عليهم بالملك والسلطنة مع أنها امرأة وهم رجال ، فاقتضت الحكمة الإلهية ملكها عليهم ودخولهم تحت حيطتها ونفوذ أمرها فيهم إن شاؤوا وإن أبوا وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشاءُ[ البقرة : 247 ] .

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم إنه كيف يقدم سليمان اسمه على اسم الله كما زعموا وهو من جملة من أوجدته الرحمة: فلا بد أن يتقدم الرحمن الرحيم ليصح استناد المرحوم.
هذا عكس الحقائق: تقديم من يستحق التأخير وتأخير من يستحق التقديم في الموضع الذي يستحقه.
ومن حكمة بلقيس وعلو علمها كونها لم تذكر من ألقى إليها الكتاب، وما عملت ذلك إلا لتعلم أصحابها أن لها اتصالا إلى أمور لا يعلمون طريقها، وهذا من التدبير الإلهي في الملك، لأنه إذا جهل طريق الإخبار الواصل للملك خاف أهل الدولة على أنفسهم في تصرفاتهم، فلا يتصرفون إلا في أمر إذا وصل إلى سلطانهم عنهم يأمنون غائلة ذلك التصرف.
فلو تعين لهم على يدي من تصل الأخبار إلى ملكهم لصانعوه وأعظموا له الرشا حتى يفعلوا ما يريدون ولا يصل ذلك إلى ملكهم.
فكان قولها «ألقي إلي» ولم تسم من ألقاه سياسة منها أورثت الحذر منها في أهل مملكتها وخواص مدبريها، وبهذا استحقت التقدم عليهم.  )
قال رضي الله عنه :  ( ثم إنه كيف تقدم سليمان عليه السلام كما زعموا وهو ) أي سليمان عليه السلام (من جملة من أوجدته الرحمة) الرحمانية ومن جملة من رحمته الرحيمية بإفاضة الكمالات المختصة به .
قال رضي الله عنه :  ( فلا بد أن يتقدم الرحمن الرحيم ليصح استناد المرحوم ) إليهما لكونه علة لوجود سليمان عليه السلام ومرحوميته ( هذا ) أي تقديم سليمان عليه السلام اسمه على اسم اللّه ( عكس الحقائق ) وهو ( تقديم من يستحق التأخير وتأخير من يستحق التقديم في الموضع الذي يستحقه ).

وسليمان عليه السلام مع كونه عالما بذلك كيف يقدم اسمه الذي يستحق التأخير على اسم اللّه الذي يستحق التقديم مع أن اسم اللّه يستحق في ابتداء كل أمر ذي بال وكتاب سليمان عليه السلام أمر ذو بال يجب تقديم اسم اللّه على ما في الكتاب .

ثم شرع في بيان حكمة بلقيس بقوله ( ومن حكمة بلقيس وعلوّ علمها كونها لم تذكر ) لحواشيها ( من ألقى إليها الكتاب وما عملت ) بلقيس ( ذلك ) العمل ( إلا لتعلم ) بلقيس من الأعلام ( أصحابها أن لها اتصالا إلى أمور لا يعلمون طريقها ) أي لا يعلمون حواشيها الطريق الواصل إلى تلك الأمور التي وصلت إلى بلقيس .
قال رضي الله عنه :  ( وهذا ) أي ما عملته بلقيس مع حواشيها ( من التدبير الإلهي في الملك لأنه إذا جهل طريق الاخبار الواصل للملك خاف أهل الدولة على أنفسهم في تصرفاتهم فلا يتصرفون إلا في أمر إذا وصل ) ذلك ( الأمر إلى سلطانهم عنهم ) أي عن أهل الدولة ( يأمنون غائلة ذلك التصرف فلو تعين لهم ) أي لأهل الدولة كوزراء السلاطين ( على يدي من ) قوله على يدي من متعلق بتصل ومن فاعله أي لو تعين لهم من على يديه .

قال رضي الله عنه :  ( تصل الأخبار إلى ملكهم ) متعلق بتصل ( لصانعوه ) أي لخدموا صاحب تلك اليدين ( وأعطوا له الرشا ) بضم الراء جمع رشوة .
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( حتى يفعلوا ما يريدون ولا يصل ذلك ) الأخبار ( إلى ملكهم فكان قولها ) أي قول بلقيس ( ألقي إليّ ولم تسم من ألقاه سياسة منها أورثت الحذر منها ) أي من بلقيس.
قال رضي الله عنه :  ( في أهل مملكتها وخواص مدبرها وبهذا ) العلم ( استحقت ) بلقيس ( التقدم عليهم ) أي على خواص مدبرها مع كونها امرأة يجب تأخيرها عن مرتبة الرجال

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم إنه كيف يقدم سليمان اسمه على اسم الله كما زعموا وهو من جملة من أوجدته الرحمة: فلا بد أن يتقدم الرحمن الرحيم ليصح استناد المرحوم.
هذا عكس الحقائق: تقديم من يستحق التأخير وتأخير من يستحق التقديم في الموضع الذي يستحقه.
ومن حكمة بلقيس وعلو علمها كونها لم تذكر من ألقى إليها الكتاب، وما عملت ذلك إلا لتعلم أصحابها أن لها اتصالا إلى أمور لا يعلمون طريقها، وهذا من التدبير الإلهي في الملك، لأنه إذا جهل طريق الإخبار الواصل للملك خاف أهل الدولة على أنفسهم في تصرفاتهم، فلا يتصرفون إلا في أمر إذا وصل إلى سلطانهم عنهم يأمنون غائلة ذلك التصرف.
فلو تعين لهم على يدي من تصل الأخبار إلى ملكهم لصانعوه وأعظموا له الرشا حتى يفعلوا ما يريدون ولا يصل ذلك إلى ملكهم.
فكان قولها «ألقي إلي» ولم تسم من ألقاه سياسة منها أورثت الحذر منها في أهل مملكتها وخواص مدبريها، وبهذا استحقت التقدم عليهم.  ) 
قال رضي الله عنه :  ( ثم إنه كيف يقدم سليمان اسمه على اسم الله كما زعموا وهو من جملة من أوجدته الرحمة: فلا بد أن يتقدم الرحمن الرحيم ليصح استناد المرحوم. هذا عكس الحقائق: تقديم من يستحق التأخير وتأخير من يستحق التقديم في الموضع الذي يستحقه. ومن حكمة بلقيس وعلو علمها كونها لم تذكر من ألقى إليها الكتاب، وما عملت ذلك إلا لتعلم أصحابها أن لها اتصالا إلى أمور لا يعلمون طريقها، وهذا من التدبير الإلهي في الملك، لأنه إذا جهل طريق الإخبار الواصل للملك خاف أهل الدولة على أنفسهم في تصرفاتهم، فلا يتصرفون إلا في أمر إذا وصل إلى سلطانهم عنهم يأمنون غائلة ذلك التصرف.فلو تعين لهم على يدي من تصل الأخبار إلى ملكهم لصانعوه وأعظموا له الرشا حتى يفعلوا ما يريدون ولا يصل ذلك إلى ملكهم.
فكان قولها «ألقي إلي» ولم تسم من ألقاه سياسة منها أورثت الحذر منها في أهل مملكتها وخواص مدبريها، وبهذا استحقت التقدم عليهم.  )النص واضح و لا يحتاج  إلى زيادة شرح.

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم إنه كيف يقدم سليمان اسمه على اسم الله كما زعموا وهو من جملة من أوجدته الرحمة: فلا بد أن يتقدم الرحمن الرحيم ليصح استناد المرحوم.
هذا عكس الحقائق: تقديم من يستحق التأخير وتأخير من يستحق التقديم في الموضع الذي يستحقه.
ومن حكمة بلقيس وعلو علمها كونها لم تذكر من ألقى إليها الكتاب، وما عملت ذلك إلا لتعلم أصحابها أن لها اتصالا إلى أمور لا يعلمون طريقها، وهذا من التدبير الإلهي في الملك، لأنه إذا جهل طريق الإخبار الواصل للملك خاف أهل الدولة على أنفسهم في تصرفاتهم، فلا يتصرفون إلا في أمر إذا وصل إلى سلطانهم عنهم يأمنون غائلة ذلك التصرف.
فلو تعين لهم على يدي من تصل الأخبار إلى ملكهم لصانعوه وأعظموا له الرشا حتى يفعلوا ما يريدون ولا يصل ذلك إلى ملكهم.
فكان قولها «ألقي إلي» ولم تسم من ألقاه سياسة منها أورثت الحذر منها في أهل مملكتها وخواص مدبريها، وبهذا استحقت التقدم عليهم.  )
قال رضي الله عنه :  ( ثم إنّه كيف يقدّم سليمان اسمه على اسم الله - كما زعموا - وهو من جملة من أوجدته الرحمة ؟!  فلا بدّ أن يتقدّم الرحمن الرحيم » أي على اسم سليمان « ليصحّ استناد المرحوم ، هذا عكس الحقائق : تقديم من يستحقّ التأخير وتأخير من يستحقّ التقديم في الموضع الذي يستحقّه ) .

يشير رضي الله عنه إلى حقيقة التفاضل بين الأسماء ، كتفاضل الرحمن على الرحيم ، فمع أنّ سليمان اسم إلهي في نفسه على مقتضى التحقيق ، ولكن بالنسبة إلى الله المتعيّن بذاته في ألوهيته متقيّد عن كل تقدير بخصوصية مادّة سليمانية ، وسليمان عارف بذلك .

فلا يقدّم المقيّد على المطلق ، كما لا يتقدّم الرحيم على الرحمن ، إذ الرحمن - الموجد لسليمان والمظهر عموم حكم سلطانه على العالم - يستحقّ التقديم بالذات على من أوجده ممّن سليمان واحد منهم ولا سيّما في أوّل الكتاب أو صدره ، فهذا لا يليق بكمال سليمان عليه السّلام وعلمه ومعرفته ، حاشاه عن ذلك .

قال رضي الله عنه : ( ومن حكمة بلقيس وعلوّ علمها - كونها لم تذكر من ألقى إليها الكتاب ، وما عملت ذلك إلَّا لتعلم أصحابها أنّ لها اتّصالا إلى أمور لا يعلمون طريقها ، وهذا من التدبير الإلهي في الملك ، لأنّه إذا جهل طريق الإخبار الواصل للملك ، خاف أهل الدولة على أنفسهم في تصرّفاتهم ، فلا يتصرّفون إلَّا في أمر إذا وصل إلى سلطانهم يأمنون غائلة ذلك التصرّف ، فلو تعيّن لهم على يدي من تصل الأخبار إلى ملكهم ، لصانعوه وأعظموا له الرشى ، حتى يفعلوا ما يريدون ، ولا يصل ذلك إلى ملكهم ، فكان قولها : ( أُلْقِيَ إِلَيَّ ) ولم تسمّ من ألقاه سياسة منها أورثت الحذر منها في أهل مملكتها وخواصّ مدبّرها ، وبهذا استحقّت التقدّم عليهم ) .

قال العبد : كلّ هذا مشروح لا يحتاج فيه إلى مزيد بيان .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم إنه كيف يقدم سليمان اسمه على اسم الله كما زعموا وهو من جملة من أوجدته الرحمة: فلا بد أن يتقدم الرحمن الرحيم ليصح استناد المرحوم.
هذا عكس الحقائق: تقديم من يستحق التأخير وتأخير من يستحق التقديم في الموضع الذي يستحقه.
ومن حكمة بلقيس وعلو علمها كونها لم تذكر من ألقى إليها الكتاب، وما عملت ذلك إلا لتعلم أصحابها أن لها اتصالا إلى أمور لا يعلمون طريقها، وهذا من التدبير الإلهي في الملك، لأنه إذا جهل طريق الإخبار الواصل للملك خاف أهل الدولة على أنفسهم في تصرفاتهم، فلا يتصرفون إلا في أمر إذا وصل إلى سلطانهم عنهم يأمنون غائلة ذلك التصرف.
فلو تعين لهم على يدي من تصل الأخبار إلى ملكهم لصانعوه وأعظموا له الرشا حتى يفعلوا ما يريدون ولا يصل ذلك إلى ملكهم.
فكان قولها «ألقي إلي» ولم تسم من ألقاه سياسة منها أورثت الحذر منها في أهل مملكتها وخواص مدبريها، وبهذا استحقت التقدم عليهم.  ) 
قال رضي الله عنه :  ( ثم إنه كيف يقدم سليمان اسمه على اسم الله كما زعموا ، وهو من جملة من أوجدته الرحمة الرحمانية فلا بد أن يتقدم الرحمن الرحيم ليصح استناد المرحوم ، هذا عكس الحقائق ، تقديم من يستحق التأخير وتأخير من يستحق التقديم في الموضع الذي يستحقه )

أي لما تحقق التفاضل بين الأسماء امتنع عادة أن يقدم سليمان اسمه على اسم الله ، مع أن سليمان اسم إلهي أوجدته الرحمة الرحمانية مقيدة بالمادة السليمانية من جملة مظاهر اسم الرحمن المطلق عارف بذلك .
فلا يقدم المقيد على المطلق كما لا يتقدم الرحيم على الرحمن .

لأن الرحمن الذي أوجد سليمان وأظهر عموم حكم سلطته على العالم ، يستحق التقدم بالذات على من أوجدهم ممن سليمان من جملتهم ، فلا يليق بكمال علم سليمان ومعرفته تأخيره ، سيما في موضع الاستحقاق الذي هو أول الكلام وصدر الكتاب ومفتتح الدعوة إلى الحق .

قال رضي الله عنه :  (ومن حكمة بلقيس وعلو علمها كونها لم تذكر من ألقى إليها الكتاب ، وما عملت ذلك إلا لتعلم أصحابها أن لها اتصالا إلى أمور لا يعلمون طريقها ، وهذا من التدبير الإلهي في الملك ، لأنه إذا جهل طريق الإخبار الواصل للملك خاف أهل الدولة على أنفسهم في تصرفاتهم ، فلا يتصرفون إلا في أمر إذا وصل إلى سلطانهم عنهم يأمنون غائلة ذلك التصرف فلو تعين لهم على يدي ؟ من تصل الأخبار إلى ملكهم لصانعوه وأعظموا له الرشا حتى يفعلوا ما يريدون ولا يصل ذلك إلى ملكهم فكان قولها  "أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ " ولم تسمّ من ألقاه سياسة منها أورثت الحذر منها في أهل مملكتها وخواص مدبريها ، وبهذا استحقت التقدم عليهم ) هذا غنى عن الشرح .

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم إنه كيف يقدم سليمان اسمه على اسم الله كما زعموا وهو من جملة من أوجدته الرحمة: فلا بد أن يتقدم الرحمن الرحيم ليصح استناد المرحوم.
هذا عكس الحقائق: تقديم من يستحق التأخير وتأخير من يستحق التقديم في الموضع الذي يستحقه.
ومن حكمة بلقيس وعلو علمها كونها لم تذكر من ألقى إليها الكتاب، وما عملت ذلك إلا لتعلم أصحابها أن لها اتصالا إلى أمور لا يعلمون طريقها، وهذا من التدبير الإلهي في الملك، لأنه إذا جهل طريق الإخبار الواصل للملك خاف أهل الدولة على أنفسهم في تصرفاتهم، فلا يتصرفون إلا في أمر إذا وصل إلى سلطانهم عنهم يأمنون غائلة ذلك التصرف.
فلو تعين لهم على يدي من تصل الأخبار إلى ملكهم لصانعوه وأعظموا له الرشا حتى يفعلوا ما يريدون ولا يصل ذلك إلى ملكهم.
فكان قولها «ألقي إلي» ولم تسم من ألقاه سياسة منها أورثت الحذر منها في أهل مملكتها وخواص مدبريها، وبهذا استحقت التقدم عليهم.  ) 
فقال رضي الله عنه : ( ثم إنه كيف يقدم سليمان اسمه على اسم الله كما زعموا ، وهو من جملة من أوجدته الرحمة ) أي ، الرحمة الرحمانية ، والرحمان الذي هو الموجد له متأخر عن اسم الله ، فمعلوله ومرحومه بالطريق الأولى أن يتأخر عنه .
( فلا بد أن يتقدم "الرحمن الرحيم " ليصح إسناد المرحوم ) أي ، فلا بد أن يتقدم الاسم "الله" و "الرحمن" الذي يوجد سليمان على "الرحيم " ، والرحيم الذي يخصه بالكمالات على المرحوم الذي هو سليمان ، لأن العلة بالذات متقدمة على معلولها ، ليصح الإسناد المرحوم إلى راحمه وموجده .

قال رضي الله عنه :  ( هذا عكس الحقائق : تقديم من يستحق التأخير وتأخير من يستحق التقديم في الموضع الذي يستحقه . )
أي ، هذا القول الذي قيل في سليمان ، عكس ما يقتضيه علوم الحقائق من تقديم من يستحق التأخير ، وهو سليمان ، وتأخير من يستحق التقديم ، وهو الله وأسماؤه ، في موضع لا يستحق إلا التقديم .
فإن العادة في ابتداء الأمور تقديم اسم الحق عليها .
كما قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : ( كل أمر ذي بال لم يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم ، فهو أبتر ) .
فقوله رضي الله عنه  : ( تقديم ) يجوز أن يكون خبر للمبتدأ المحذوف ، أي ، هو تقديم . أو عطف بيان لهذا .
( ومن حكمة بلقيس وعلو علمها ) أي ، ومن جملة معارفها وعلو مرتبة علمها .
( كونها لم تذكر من ألقى إليها الكتاب ، وما عملت ذلك إلا لتعلم أصحابها ) من ( الإعلام ) . أي ، عملت بلقيس ذلك لتعلم وتخبر توابعها .
( أن لها اتصالا إلى أمور لا يعلمون طريقها ) أي ، إلى أسرار ومعاني من عالم الجبروت والملكوت ، لا يعلمون طريق الوصول إليها .

قال رضي الله عنه :  ( وهذا من التدبير الإلهي في الملك ، لأنه إذا جهل طريق الإخبار الواصل للملك ، خاف أهل الدولة على أنفسهم في تصرفاتهم ، فلا يتصرفون إلا في أمر إذا وصل إلى سلطانهم عنهم ، يأمنون غائلة ذلك التصرف . فلو تعين لهم على يدي من يصل الأخبار إلى ملكهم ، لصانعوه وأعظموا له الرشى ) . "الرشى " جمع رشوة .
فلو تعين لهم أن الأخبار على يدي من يصل إلى الملك ، لخدموه وأعظموا له أنواعا من الرشوة.

قال رضي الله عنه :  ( حتى يفعلوا ما يريدون ولا يصل ذلك إلى ملكهم . فكان قولها : ( ألقى إلى ) ولم تسم من ألقاه سياسة منها أورثت الحذر منها في أهل مملكتها وخواص مدبريها ، وبهذا استحقت التقدم عليهم . )  المعنى كله ظاهر .

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ
:
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم إنه كيف يقدم سليمان اسمه على اسم الله كما زعموا وهو من جملة من أوجدته الرحمة: فلا بد أن يتقدم الرحمن الرحيم ليصح استناد المرحوم.
هذا عكس الحقائق: تقديم من يستحق التأخير وتأخير من يستحق التقديم في الموضع الذي يستحقه.
ومن حكمة بلقيس وعلو علمها كونها لم تذكر من ألقى إليها الكتاب، وما عملت ذلك إلا لتعلم أصحابها أن لها اتصالا إلى أمور لا يعلمون طريقها، وهذا من التدبير الإلهي في الملك، لأنه إذا جهل طريق الإخبار الواصل للملك خاف أهل الدولة على أنفسهم في تصرفاتهم، فلا يتصرفون إلا في أمر إذا وصل إلى سلطانهم عنهم يأمنون غائلة ذلك التصرف.
فلو تعين لهم على يدي من تصل الأخبار إلى ملكهم لصانعوه وأعظموا له الرشا حتى يفعلوا ما يريدون ولا يصل ذلك إلى ملكهم.
فكان قولها «ألقي إلي» ولم تسم من ألقاه سياسة منها أورثت الحذر منها في أهل مملكتها وخواص مدبريها، وبهذا استحقت التقدم عليهم.  ) 
قال رضي الله عنه :  (ثمّ إنّه كيف يقدّم سليمان اسمه على اسم اللّه كما زعموا وهو من جملة من أوجدته الرّحمة ، فلابدّ أن يتقدّم الرّحمن الرّحيم ليصحّ استناد المرحوم ، هذا عكس الحقائق : تقديم من يستحقّ التّأخير وتأخير من يستحقّ التّقديم في الموضع الذي يستحقّه ) .

( ثم ) أي : بعد ما عرفت اعتبار التفاضل بالفعل في نظر الكمال فيما بين المظاهر الخلقية بعضها بالنظر إلى بعض ، فكيف لا يقع اعتبار التفاضل فيما بين أسماء الحق وبين الخلائق ( أنه كيف يقدم سليمان اسمه على اسم اللّه كما زعموا ) ، فإنه وإن صار أكمل المظاهر بالفعل ، وصار ثابتا عن الحق ، فرتبته نازلة عن رتبة الرحمة النازلة عن رتبة الإلهية كيف ( وهو من جملة من أوجدته الرحمة ).
 
أي : التي هي المدلول التضمني للرحمن الرحيم ، ( فلابدّ أن يتقدم ) في الواقع ( الرحمن الرحيم ) على سليمان المرحوم ؛ ( ليصح إسناد المرحوم ) المعلول إلى علته الرحمن الرحيم ، فيجب تأخر اسم سليمان في الذكر عن الرحمن الرحيم المتأخرين عن اسم اللّه ، فلو قدم اسمه عليهما كان خطأ ،

وإليه الإشارة بقوله : ( هذا ) أي : تقديم سليمان اسمه على هذه الأسماء الإلهية ، ( عكس الحقائق ) أي : عكس مقتضاها ( تقديم من يستحق التأخير ) ، وهو المعلول ( وتأخير من يستحق التقديم ) ، وهو العلة ( في الموضع الذي يستحقه ) ؛ لإشعاره بالعلية والمعلولية ، فهو وإن حسن في موضع باعتبار آخر ، ولا يحسن في مثل هذا الموضع أصلا ؛ لأنه أشعر بأنه مرحوم بهما أولا ، وراحم بتجليهما والتحقق بهما ثانيا .

قال رضي الله عنه :  ( ومن حكمة بلقيس وعلوّ علمها كونها لم تذكر من ألقى إليها الكتاب ؛ وما عملت ذلك إلّا لتعلم أصحابها أنّ لها اتّصالا إلى أمور لا يعلمون طريقها ، وهذا من التّدبير الإلهيّ في الملك ، لأنّه إذا جهل طريق الإخبار الواصل للملك خاف أهل الدّولة على أنفسهم في تصرّفاتهم ، فلا يتصرّفون إلّا في أمر إذا وصل إلى سلطانهم عنهم يأمنون غائلة ذلك التّصرّف ، فلو تعيّن لهم على يدي من تصل الأخبار إلى ملكهم لصانعوه وأعطوا له الرّشا حتّى يفعلوا ما يريدون ، ولا يصل ذلك إلى ملكهم ، فكان قولها :أُلْقِيَ إِلَيَّ[ النمل : 29 ] ولم تسمّ من ألقاه سياسة منها أورثت الحذر منها في أهل مملكتها وخواصّ مدبّريها وبهذا استحقّت التّقدّم عليهم ) .

ثم أشار إلى بقية ما يتعلق بالآية مع الإشارة إلى كمال عقل بلقيس ؛ ليتم بذلك تمسكه على منع تقديم سليمان اسمه على اسم اللّه في الكتاب ، بقوله : إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ [ النمل : 29 ] ؛ وليشير بذلك إلى ما أثر فيها كتابه من إعطاء نصيب من الرحمتين في تدبير المملكة .

فقال رضي الله عنه  : ( ومن حكمة بلقيس ) أي : علمها الذي استحكمت به أمر المملكة ، ( وعلو علمها ) على العلوم أكبر ولاة الأمر ( كونها لم تذكر من ألقي إليها الكتاب ) ، وهو الطير مع أنه أمر عجيب ، وفيه تعظيم شأن من أرسله بعموم تصرفه في أجناس العالم وأنواعه مع أن المشورة تتعلق ببيان حاله ، ( وما علمت ذلك ) للاختصار.
إذ لا يبالي به مع هذه الفوائد ، ولا بجهلها بالملقي ، إذ ثبت في الأخبار أن الطير لما ألقي الكتاب على صدرها وهي نائمة حك عليه برجله ، حتى تنبهت فعلمت به.
فما عملت ذلك ( إلا ليعلم أصحابها أن لها اتصالا إلى أمور ) من مملكتها ومملكة غيرها ( لا يعلمون طريقها ) الذي تسلكه لتحصلها وتصل به أخبارها إليها .
( وهذا ) إن لم يكن له فائدة متوقعة في المستقبل ، فهو في الحال شبيه بالآلة ، إذ هو( من التدبير الإلهي في الملك ).

لأن انتظام أمور أكثر الخلائق في جهلهم بما يفعله إلا له بهم ، فكيف إذا كانت له مع ذلك فائدة متوقعة في المستقبل ، ( فإن إذا جهل طريق الإخبار الواصل للملك ) من مملكته أو مملكة غيره ( خاف أهل الدولة على أنفسهم في تصرفاتهم ) .
فإنها المتعلقة بالمملكة أو بخاصة أنفسهم من وصول أخبار ظلمهم وإفسادهم فيها من حيث لا يشعرون ، فإذا خافوا .

قال رضي الله عنه :  (فلا يتصرفون إلا في أمر إذا وصل ذلك الأمر إلى سلطانهم خبر عنهم يؤمنون غائلة ذلك التصرف ) ؛ لسلامته عن الظلم والإفساد ، وهم إنما يخافون هذا الخوف الموجب لصلاح تصرفاتهم كلها عن عدم تعين طريق الإخبار الواصل إلى ملكهم ، ( فلو تعين لهم ) طريق الإخبار ، وعلموا ( على يدي من يصل الإخبار إلى ملكهم ، لصانعوه ) بأنواع المودة .
( وأعظموا له الرّشا ) ليخفي عليهم مظالمهم ومفاسدهم ، وينهي عنهم ما يريد ملكهم رضا عنهم وتقريبا لهم .

قال رضي الله عنه :  ( حتى يفعلوا ما يريدون ) من أنواع الظلم والفساد ، كما نرى من أهل زماننا ، ( ولا يصل ذلك إلى ملكهم ) ؛ لأنه عين للإيصال طريقا وعرفه الناس ، وهو لا توصل إليه الأمور على ما هي عليه إذ لا يصل إليه شيء حينئذ ، فإن أوصله غيره أجمعوا على تكذيبه بواسطته ؛ فإن تم كلامه عنده ، فربما لا يوصل إلا بعد مدة لا يمكن تداركهم إلا بصعوبة ( فكان قولها إني ألقي إليّ ) بصيغة المبني للمفعول .
قال رضي الله عنه :  ( ولم تسم من ألقاه ) مع كونه طيرا من غير مملكتها ، ولا يمكن معه مصانعتهم ، وإعظام رشا له لو أوصله أخبارهم إليها مع أنه لا يمكنه ذلك ( سياسة فيها ) أي : تدبيرا في مملكتها ( أورثت الحذر منها في أهل مملكتها ) أي : عامة من يسكنها ، ( وخواص مدبريها ) وهم العمال المتصرفون في مملكتها من معرفتهم وصول أمور إلى ملكهم بطريق لا يعلمونه ، ففيه سد مسالك الفساد بالكلية ؛ لأن إخفاء هذا الطريق في غاية الصعوبة يحتاج إلى علم عظيم ، وتدبير حكيم ، ( وبهذا ) أي :
باختصاصها بزيادة العلم والسياسة ( استحقت التقديم ) برتبة السلطنة ( عليهم ) مع كونهم رجالا من شأنهم التقديم للسلطنة ، وغيرها من الأمور العظام .

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم إنه كيف يقدم سليمان اسمه على اسم الله كما زعموا وهو من جملة من أوجدته الرحمة: فلا بد أن يتقدم الرحمن الرحيم ليصح استناد المرحوم.
هذا عكس الحقائق: تقديم من يستحق التأخير وتأخير من يستحق التقديم في الموضع الذي يستحقه.
ومن حكمة بلقيس وعلو علمها كونها لم تذكر من ألقى إليها الكتاب، وما عملت ذلك إلا لتعلم أصحابها أن لها اتصالا إلى أمور لا يعلمون طريقها، وهذا من التدبير الإلهي في الملك، لأنه إذا جهل طريق الإخبار الواصل للملك خاف أهل الدولة على أنفسهم في تصرفاتهم، فلا يتصرفون إلا في أمر إذا وصل إلى سلطانهم عنهم يأمنون غائلة ذلك التصرف.
فلو تعين لهم على يدي من تصل الأخبار إلى ملكهم لصانعوه وأعظموا له الرشا حتى يفعلوا ما يريدون ولا يصل ذلك إلى ملكهم.
فكان قولها «ألقي إلي» ولم تسم من ألقاه سياسة منها أورثت الحذر منها في أهل مملكتها وخواص مدبريها، وبهذا استحقت التقدم عليهم.  ) 
قال رضي الله عنه :  ( ثمّ إنّه كيف يقدم سليمان اسمه على اسم الله - كما زعموا - وهو من جملة من أوجدته الرحمة ) المسبوقة باللَّه .
وقال رضي الله عنه :  ( فلا بدّ أن يتقدّم « الرحمن الرحيم » ليصحّ استناد المرحوم ) يعني سليمان فإنّك قد عرفت أن المقدّم - ذكرا أو فكرا أو كتابة - من الأسماء لا بدّ وأن يكون أصلا لما يتأخّر ويتفرّع عليه ، حتى يكون على ترتيب نظم الحقائق ، فإنّ المستحقّ للتقديم في كل جمعيّة ومزاج إنّما هو الأمر الكلَّي النافذ الحكم فيما دونه من

الجزئيّات المتفرّعة عنه ، فإنّ رتبة الجزئيّات المتفرّعة إنما هو التأخير ، فلا بدّ من تأخير سليمان . فلو قدّم على الاسمين يكون على غير الترتيب .
فقوله رضي الله عنه :  ( هذا عكس الحقائق ، تقديم من يستحقّ التأخير ، وتأخير من يستحقّ التقديم في المواضع الذي يستحقّه ) إشارة إليه .

بلقيس كانت عالمة حكيمة
ثم أشار إلى وجه نسبة بلقيس إلى سليمان ، والرابطة القاضية بينهما بهذه المراسلة وما يتبعها من الهداية والاهتداء ، بما في بلقيس من تدبير سياسة الملك وتأسيس بنيان السلطنة وإرهاص أمرها.

بقوله رضي الله عنه :  ( ومن حكمة بلقيس وعلوّ علمها كونها لم تذكر من ألقى إليها الكتاب . وما عملت ذلك إلَّا ليعلم أصحابها أنّ لها إيصالات إلى أمور لا يعلمون طريقها وهذا من التدبير الإلهي في الملك . لأنّه إذا جهل طريق الأخبار الواصل للملك خاف أهل الدولة على أنفسهم في تصرّفاتهم ،فلا يتصرّفون إلا في أمر إذا وصل إلى سلطانهم عنهم يأمنون غائلة ذلك التصرّف.
فلو تعيّن لهم « على يدي من تصل الأخبار إلى ملكهم » لصانعوه وأعظموا له الرشا ، حتى يفعلوا ما يريدون ولا يصل ذلك إلى ملكهم . فكان قولها : “ أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ “[ 27 / 29 ] ولم تسمّ من ألقاه - سياسة منها ، أورثت الحذر منها في أهل مملكتها وخواصّ مدبّريها . وبهذا )

الوجه من المناسبة التي بينها وبين سليمان ( استحقّت التقدم عليهم ) والاختصاص بالمكاتبة إليها . هذه حكمة بلقيس التي هي عالمة الجنّ .

"" أضاف المحقق : في التفاسير أن أم بلقيس كانت جنية راجع مجمع البيان : 7
/ 224 ، سورة النمل / 45 . الدر المنثور : 7 / 363 ، عن مجاهد .
وقال ابن العربي في الفتوحات الباب العاشر ومائتان في المكاشف  :
« قالت بلقيس كَأَنَّهُ هُوَ وهو كان لم يكن غيره فطلبنا عين السبب الموجب لجهلها به
حتى قالت : "كَأَنَّهُ هُوَ " فعلمنا إن ذلك حصل لها من وقوفها مع الحركة المعهودة في قطع المسافة البعيدة.
وهذا القول الذي صدر منها يدل عندي أنها لم تكن كما قيل متولدة بين الإنس والجان إذ لو كانت كذلك لما بعد عليها مثل هذا من حيث علمها بأبيها وما تجده في نفسها من القوة على ذلك .أهـ .""

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم إنه كيف يقدم سليمان اسمه على اسم الله كما زعموا وهو من جملة من أوجدته الرحمة: فلا بد أن يتقدم الرحمن الرحيم ليصح استناد المرحوم.
هذا عكس الحقائق: تقديم من يستحق التأخير وتأخير من يستحق التقديم في الموضع الذي يستحقه.
ومن حكمة بلقيس وعلو علمها كونها لم تذكر من ألقى إليها الكتاب، وما عملت ذلك إلا لتعلم أصحابها أن لها اتصالا إلى أمور لا يعلمون طريقها، وهذا من التدبير الإلهي في الملك، لأنه إذا جهل طريق الإخبار الواصل للملك خاف أهل الدولة على أنفسهم في تصرفاتهم، فلا يتصرفون إلا في أمر إذا وصل إلى سلطانهم عنهم يأمنون غائلة ذلك التصرف.
فلو تعين لهم على يدي من تصل الأخبار إلى ملكهم لصانعوه وأعظموا له الرشا حتى يفعلوا ما يريدون ولا يصل ذلك إلى ملكهم.
فكان قولها «ألقي إلي» ولم تسم من ألقاه سياسة منها أورثت الحذر منها في أهل مملكتها وخواص مدبريها، وبهذا استحقت التقدم عليهم.  ) 
قال رضي الله عنه :  ( ثمّ إنّه كيف يقدّم سليمان اسمه على اسم اللّه كما زعموا وهو من جملة من أوجدته الرّحمة .  فلا بدّ أن يتقدّم الرّحمن الرّحيم ليصحّ استناد المرحوم .)

فقال رضي الله عنه : ( ثم إنه كيف يقدم سليمان اسمه ) في مكتوبه إلى بلقيس ( على "اسْمَ اللَّهِ " كما زعموا ) ، أي الظاهريون من أهل التفسير ( وهو ) ، أي والحال أن سليمان ( من جملة ما أوجدته الرحمة ) الرحمانية وخصصته الرحمة الرحيمية بكمالاته متأخر طبعا عن الرحيم الرحمن المتأخرين عن الاسم اللّه .
فقال رضي الله عنه : ( فلا بد أن يتقدم الرحمن الرحيم ) ، عليه وضعا ليصح استناده المرحوم إليها على وجه يوافق فيه الوضع الطبع أو فلا بد أن يتقدما في نفس الأمر ويتحققا أولا لعلتهما ( ليصح استناد المرحوم ) المعلول إليهما وإذا كانا متقدمين في نفس الأمر فينبغي أن يقدما في الذكر أيضا

قال رضي الله عنه :  (هذا عكس الحقائق : تقديم من يستحقّ التّأخير وتأخير من يستحقّ التّقديم في الموضع الذي يستحقّه
.  ومن حكمة بلقيس وعلوّ علمها كونها لم تذكر من ألقى إليها الكتاب ؛ وما عملت ذلك إلّا لتعلم أصحابها أنّ لها اتّصالا إلى أمور لا يعلمون طريقها ، وهذا من التّدبير الإلهيّ في الملك ، لأنّه إذا جهل طريق الإخبار الواصل للملك خاف أهل الدّولة على أنفسهم في تصرّفاتهم ، فلا يتصرّفون إلّا في أمر إذا وصل إلى سلطانهم عنهم يأمنون غائلة ذلك التّصرّف . فلو تعيّن لهم على يدي من تصل الأخبار إلى ملكهم لصانعوه وأعطوا له الرّشا حتّى يفعلوا ما يريدون ولا يصل ذلك إلى ملكهم .  فكان قولها :"أُلْقِيَ إِلَيَّ "[ النمل : 29 ] ولم تسمّ من ألقاه سياسة منها أورثت الحذر منها في أهل مملكتها وخواصّ مدبّريها وبهذا استحقّت التّقدّم عليهم . )

قال رضي الله عنه :  (هذا ) ، أي ما زعمه الظاهريون ( عكس الحقائق ) التي ينبغي أن يكون الأمر عليها وما زعموه هو ( تقديم من يستحق التأخير ) يعني اسم سليمان ( وتأخير من يستحق التقديم ) يعني اللّه الرحمن الرحيم ولما كان من يستحق التأخير في حدّ ذاته قد يعرض له في بعض المواضع ما يقتضي تأخيره ولا شك أن هذا التقديم والتأخر عكس الحقائق فذلك قيده.

بقوله رضي الله عنه  : ( في الموضع الذي يستحقه ) ، أي في الموضع الذي يستحق فيه من يستحق التأخير التأخير لا في الموضع الذي يستحق فيه التقديم وكذا الحال فيمن يستحق التقديم .
قوله رضي الله عنه  : ( ومن حكمة بلقيس وعلو ) مرتبة ( علمها كونها بحيث لم تذكر اسم من ألقى الكتاب ) ، حيث قالت :" أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ " [ النمل : 29 ] على صيغة المبني للمفعول .
قوله رضي الله عنه  : ( وما عملت ذلك إلا لتعلم أصحابها ) من الإعلام ( أن لها اتصالا إلى أمور ) من أحوال الملك والحوادث الذي تتجدد فيه ( لا يعلمون طريقها ) الذي منه وصل العلم بها إلى بلقيس .
قال رضي الله عنه :  ( وهذا من التدبير الإلهي في الملك لأنه إذا جهل طريق الإخبار الواصل للملك ) ، أي إلى الملك .
 قوله رضي الله عنه  : ( خاف أهل الدولة على أنفسهم في تصرفاتهم فلا يتصرفون إلا في أمر إذا وصل إلى سلطانهم عنهم يأمنون غائلة ذلك التصرف فلا تعين لهم ) أنه ( على يدي من تصل الإخبار إلى ملكهم لصانعوه ) ، أي عاملوه .
قال رضي الله عنه :  ( وأعظموا له الرشا ) جمع رشوة ( حتى يفعلوا ما يريدون ولا يصل ذلك إلى ملكهم فكان قولها :أُلْقِيَ إِلَيَّ) على صيغة البناء للمفعول .

قال رضي الله عنه :  ( ولم تسم من ألقاه سياسة منها أورثت الحذر منها في أهل مملكتها وخواص مدبريها ، ولهذا استحقت ) بلقيس ( التقديم عليهم ) بالسلطنة .

 .
 السفر السادس عشر الفقرة الثامنة على منتدي إتقوا الله ويعلمكم الله  
واتساب

No comments:

Post a Comment