Monday, December 23, 2019

السفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية الفقرة السادسة عشر .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية الفقرة السادسة عشر .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية الفقرة السادسة عشر .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

16 - The Wisdom of Compassion in the Word of Solomon

الفقرة السادسة عشر:
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (  فكان إسلام بلقيس إسلام سليمان إذ قالت «مع سليمان» فتبعته.   فما يمر بشيء من العقائد إلا مرت به معتقدة ذلك.
كما نحن على الصراط المستقيم الذي الرب عليه لكون نواصينا في يده.
ويستحيل مفارقتنا إياه.
فنحن معه بالتضمين، وهو معنا بالتصريح، فإنه قال «وهو معكم أين ما كنتم».
ونحن معه بكونه آخذا بنواصينا.    فهو تعالى مع نفسه حيثما مشى بنا من صراطه.
فما أحد من العالم الا على صراط مستقيم، وهو صراط الرب تعالى.
وكذا علمت بلقيس من سليمان فقالت «لله رب العالمين» وما خصصت عالما من عالم. )

قال رضي الله عنه :  ( فكان إسلام بلقيس إسلام سليمان إذ قالت :مَعَ سُلَيْمانَ فتبعته . فما يمرّ بشيء من العقائد إلّا مرّت به معتقدة ذلك . كما نحن على الصّراط المستقيم الّذي الرّبّ تعالى عليه لكون نواصينا في يده . ويستحيل مفارقتنا إيّاه . فنحن معه بالتضمين وهو معنا بالتّصريح ، فإنّه قال :وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ [ الحديد : 4 ] ونحن معه بكونه آخذا بنواصينا . فهو اللّه تعالى مع نفسه حيثما مشى بنا من صراطه ، فما أحد من العالم إلّا على صراط مستقيم وهو صراط الرّبّ تعالى . وكذلك علمت بلقيس من سليمان فقالت :لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ [ النمل : 44 ] وما خصّصت عالما من عالم . )

قال رضي الله عنه :  (فكان إسلام بلقيس) هو (إسلام سليمان) عليه السلام (إذ) ، أي لأنها (قالت) ، أي بلقيس (مَعَ سُلَيْمانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ فتبعته) ، أي بلقيس تبعت سليمان عليه السلام (فما يمر بشيء من العقائد) الإيمانية إلا مرت ، أي بلقيس به ، أي بذلك الشيء معتقدة ذلك بقلبها وهذا معنى معيتها في الإسلام لسليمان عليه السلام كما نحن معشر المخلوقات كلها إن علمت وإن جهلت فإن علمت انتفعت بعلمها وكانت على بصيرة من أمرها وعلى هدى من اللّه تعالى ، وإن جهلت تضررت بجهلها وكانت على عمى وضلالة .

قال تعالى :" فَمَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها" [ يونس : 108 ] على الصراط ، أي الطريق المستقيم من غير اعوجاج ولا ميل عن الحق أصلا أي الرب سبحانه عليه لكون نواصينا ، أي رؤوسنا موضع العقل والتدبير والإرادة والقصد للأمور كلها في يده تعالى يتصرف فينا كيف يشاء كما قال سبحانه :" ما مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ" [ هود : 56 ] .
والدابة كل ما دب من العدم إلى الوجود كما مر في فص هود عليه السلام ويستحيل عقلا وشرعا مفارقتنا معشر المخلوقات إياه تعالى ، أي انفصالنا عنه كما يستحيل اتصالنا به .

قال رضي الله عنه :  (فنحن) كلنا (معه) ، أي مع الحق تعالى أينما كان ، أي في أي حضرة من حضرات أسمائه سبحانه نزل فيها وتجلى بها ولكن بالتضمين ، أي من حيث اقتضاء الآية المذكورة لذلك وهو بطريق التبعية لأنا آثار أسمائه فمعيتنا له أثرية لا مؤثرية كمعيته تعالى لنا فنحن به معه لا بنا معه وهو به معنا لا بنا معنا ، لأنه الغني عنا ونحن المفتقرون إليه تعالى ، فلولاه لما كنا معه وهو سبحانه معنا بالتصريح ، إذ لو لم يكن معنا لما كنا ، فكونه معنا عين وجودنا به ، وكوننا معه عين ظهوره بنا

قال رضي الله عنه :  (فإنه) تعالى (قال) مصرحا بمعيته لنا (وهو معكم أينما كنتم) ، أي في أي حالة كنتم فيها وصورة تصورتم بها (ونحن معه) سبحانه بكونه تعالى (آخذا بنواصينا) ، أي قيوما علينا يتصرف بنا كيف شاء ، فمعيتنا له عين معيته لنا ، فهو قيوم علينا لا قيام لنا إلا به فهو معنا من هذا الوجه ونحن معه كذلك ، ولكنه من طرفه بالإرادة ومن طرفنا بالاضطرار فهو تعالى حينئذ مع نفسه سبحانه حيث ما مشى بنا ، أي تصرف فينا ظاهرا وباطنا بإظهارنا لنا ورؤيتنا بنا من صراطه المستقيم وهو عطاؤه الفضل ومنه العدل . وحكمه الفضل وظهور فرعه بما يقتضيه الأصل .

قال رضي الله عنه :  (فما أحد من العالم) في الحس والعقل (إلا على صراط مستقيم) بحكم التبعية لمالك النواصي وقاهر الأعداء في الصياصي وهو ، أي الصراط المستقيم صراط الرب تعالى الذي يمشي به فينا ، أي يتصرف فيه بنا فيظهر بأوصافه وأسمائه ويبطن بذاته وهويته وهما قدم التجلي وقدم الاستتار ولذا ، أي لكون الأمر كذلك علمت بلقيس من سليمان عليه السلام ، أي صارت عالمة منه لإسلامها بحكم التبعية له ، كما أنّا مع الحق تعالى بحكم التبعية له ، وهو سبحانه على صراط مستقيم في جميع شؤونه ، فنحن كذلك على صراط مستقيم في جميع شؤوننا ، ولا يضر إلا الجهل بما الأمر عليه في نفسه ، ومنه ظهرت المعاصي والمخالفات .

فقالت ، أي بلقيس :وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمان َلِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ فأطلقت إسلامها للّه في جميع حضراته سبحانه لإطلاق الربوبية في جميع العوالم وما خصصت عالما من عالم وهذا كله استفادته من حكم التبعية لسليمان عليه السلام في الإسلام من غير استقلال لها في ذلك ، لأنها لو استقلت دخلت تحت حكم عقلها وحسها ، فيلزم من ذلك التخصيص ، ويكون عقدها مخصوصا بصورة التجلي فتفتضح يوم التحوّل في الصور يوم القيامة ، فمعيتها لسليمان عليه السلام أنتجت لها حكم الإطلاق كما نقول ذلك في المقلدين في عقائدهم لما جاءت به الرسل ، ووردت به الكتب من غير تأويل ولا تشبيه إذا أسلموا لها كإيمان السلف الصالحين ، ومن هنا قيل : من لا شيخ له فشيخه الشيطان ، وورد في السبعين ألفا الذين يدخلون الجنة بغير حساب من هذه الأمة. رواه البخاري ومسلم
أن مع كل واحد منهم سبعين ألفا ، أي يؤمنون كإيمانهم ويسلمون معهم للّه رب العالمين ، وأصلها معية الأنبياء والمرسلين .
قال اللّه تعالى :وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً ( 69 ) ذلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفى بِاللَّهِ عَلِيماً( 70 ) [ النساء : 69 - 70 ] ، والمراد الطاعة فيما ورد في الكتاب والسنة مع الإسلام له على حسب ما هو عليه ، كما نقل عن الإمام الشافعي رضي اللّه عنه أنه كان يقول : آمنت باللّه وبما جاء عن اللّه على مراد اللّه وآمنت برسول اللّه وبما جاء به رسول اللّه على مراد رسول اللّه .


شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (  فكان إسلام بلقيس إسلام سليمان إذ قالت «مع سليمان» فتبعته.   فما يمر بشيء من العقائد إلا مرت به معتقدة ذلك.
كما نحن على الصراط المستقيم الذي الرب عليه لكون نواصينا في يده.
ويستحيل مفارقتنا إياه.
فنحن معه بالتضمين، وهو معنا بالتصريح، فإنه قال «وهو معكم أين ما كنتم».
ونحن معه بكونه آخذا بنواصينا.    فهو تعالى مع نفسه حيثما مشى بنا من صراطه.
فما أحد من العالم الا على صراط مستقيم، وهو صراط الرب تعالى.
وكذا علمت بلقيس من سليمان فقالت «لله رب العالمين» وما خصصت عالما من عالم. )

قال رضي الله عنه :  ( فكان إسلام بلقيس إسلام سليمان عليه السلام إذ قالت مع سليمان عليه السلام فتبعه ) في الإسلام ( فما يمر سليمان عليه السلام بشيء من العقائد إلا مرّت ) بلقيس ( به ).

أي بذلك الشيء مع سليمان عليه السلام ( معتقدة ) أي حال كون بلقيس معتقدة ( ذلك ) الشيء ( كما كنا نحن على الصراط المستقيم الذي الرب تعالى عليه لكون نواصينا في يده ويستحيل مفارقتنا إياه ).
 فإذا كان الأمر كذلك ( فنحن معه بالتضمين وهو معنا بالتصريح فإنه قال "وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ" ) وهذا هو التصريح .

قال رضي الله عنه :  ( ونحن معه بكونه آخذا بنواصينا ) وهو معنى التضمين فلما اتجه أن يقال إذا كان الحق معنا لزم أن يكون تابعا لنا كما إذا كنا معه اعتبارا بمعنى مع وكون الحق تابعا لشيء من الأشياء محال.
فكيف يصح معيته بنا دفع ذلك بقوله : ( فهو تعالى مع نفسه حيث ما مشى بنا من صراطه فما أحد من العالم إلا على صراط مستقيم وهو صراط الرب فهو عيننا ) من حيث الوجود والحقيقة وإن كان غيرنا باعتبار تعيناتنا الشخصية فكونه معنا من حيث الوجود والوحدة معنا عين مشيته مع نفسه.
فكما علمنا أنا كنا مع الحق بالتبعية ( وكذا علمت بلقيس من سليمان عليه السلام ) أنه مع اللّه بالتبعية فتبعته في الإسلام لتكون مع اللّه بالتبعية كما كان سليمان عليه السلام .

قال رضي الله عنه :  ( فقالت للَّه رب العالمين وما خصصت عالما من عالم ) أي ما خصصت إسلامها رب عالم بل أضافت إسلامها رب جميع العوالم.


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (  فكان إسلام بلقيس إسلام سليمان إذ قالت «مع سليمان» فتبعته.   فما يمر بشيء من العقائد إلا مرت به معتقدة ذلك.
كما نحن على الصراط المستقيم الذي الرب عليه لكون نواصينا في يده.
ويستحيل مفارقتنا إياه.
فنحن معه بالتضمين، وهو معنا بالتصريح، فإنه قال «وهو معكم أين ما كنتم».
ونحن معه بكونه آخذا بنواصينا.    فهو تعالى مع نفسه حيثما مشى بنا من صراطه.
فما أحد من العالم الا على صراط مستقيم، وهو صراط الرب تعالى.
وكذا علمت بلقيس من سليمان فقالت «لله رب العالمين» وما خصصت عالما من عالم. )

قال رضي الله عنه :  (  فكان إسلام بلقيس إسلام سليمان إذ قالت «مع سليمان» فتبعته.   فما يمر بشيء من العقائد إلا مرت به معتقدة ذلك. كما نحن على الصراط المستقيم الذي الرب عليه لكون نواصينا في يده.ويستحيل مفارقتنا إياه. فنحن معه بالتضمين، وهو معنا بالتصريح، فإنه قال «وهو معكم أين ما كنتم». ونحن معه بكونه آخذا بنواصينا.    فهو تعالى مع نفسه حيثما مشى بنا من صراطه. فما أحد من العالم الا على صراط مستقيم، وهو صراط الرب تعالى.
وكذا علمت بلقيس من سليمان فقالت «لله رب العالمين» وما خصصت عالما من عالم. )

النص واضح و لا يحتاج  إلى زيادة شرح.

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (  فكان إسلام بلقيس إسلام سليمان إذ قالت «مع سليمان» فتبعته.   فما يمر بشيء من العقائد إلا مرت به معتقدة ذلك.
كما نحن على الصراط المستقيم الذي الرب عليه لكون نواصينا في يده.
ويستحيل مفارقتنا إياه.
فنحن معه بالتضمين، وهو معنا بالتصريح، فإنه قال «وهو معكم أين ما كنتم».
ونحن معه بكونه آخذا بنواصينا.    فهو تعالى مع نفسه حيثما مشى بنا من صراطه.
فما أحد من العالم الا على صراط مستقيم، وهو صراط الرب تعالى.
وكذا علمت بلقيس من سليمان فقالت «لله رب العالمين» وما خصصت عالما من عالم. )

قال رضي الله عنه :  (فكان إسلام بلقيس إسلام سليمان ، إذ قالت :  ( مَعَ سُلَيْمانَ )  فتبعته فما يمرّ بشيء من العقائد إلَّا مرّت به معتقدة ذلك كما نحن على الصراط المستقيم الذي الربّ عليه ، لكون نواصينا بيده وتستحيل مفارقتنا إيّاه ،فنحن معه بالتضمين ، وهو معنا بالتصريح.
 فإنّه قال :   " وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ "  ونحن معه بكونه آخذا بنواصينا ) .

يعني رضي الله عنه : أنّ كوننا على الصراط المستقيم لكون نواصينا بيد الحق الذي هو على الصراط المستقيم ، فنحن معه على الصراط في ضمن كونه على الصراط المستقيم ، ككون بلقيس في إسلامها بالتضمين والتبعية لإسلام سليمان .

قال رضي الله عنه : ( فهو تعالى مع نفسه حيثما مشى بنا من صراطه فما من أحد من العالم إلَّا على صراط مستقيم وهو صراط الربّ تعالى ، وكذا علمت بلقيس من سليمان . فقالت :  " لِلَّه ِ رَبِّ الْعالَمِينَ "  وما خصّصت عالما من عالم ).

يشير رضي الله عنه : إلى أنّ التسخير السليمانيّ لم يكن بالهمّة والجمعية وتسليط الوهم ، وبالأقسام العظام ، وأسماء الله الكرام ، بل بمجرّد الأمر ، ويحتمل ذلك ، لمن يكون اختصاصا له من الله بذلك ، وفي ظاهر الاحتمال دلالة أن يكون بأسماء الله العظام ، وبالكلمات والأقسام في بدو أمره ، ثمّ بلغ الغاية في إتقانها حتى انقادت له الخلائق ، وأطاعه الجنّ والإنس والطير وغيرها بمجرّد الأمر والتلفّظ بما يريد من غير جمعية ولا تسليط وهم وهمّة ، عطاء وهبة من الله ، أن يقول للشيء : "كن فيكون".

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (  فكان إسلام بلقيس إسلام سليمان إذ قالت «مع سليمان» فتبعته.   فما يمر بشيء من العقائد إلا مرت به معتقدة ذلك.
كما نحن على الصراط المستقيم الذي الرب عليه لكون نواصينا في يده.
ويستحيل مفارقتنا إياه.
فنحن معه بالتضمين، وهو معنا بالتصريح، فإنه قال «وهو معكم أين ما كنتم».
ونحن معه بكونه آخذا بنواصينا.    فهو تعالى مع نفسه حيثما مشى بنا من صراطه.
فما أحد من العالم الا على صراط مستقيم، وهو صراط الرب تعالى.
وكذا علمت بلقيس من سليمان فقالت «لله رب العالمين» وما خصصت عالما من عالم. )

قال رضي الله عنه :  (فكان إسلام بلقيس إسلام سليمان إذ قالت " مَعَ سُلَيْمانَ " فتبعته ، فما يمر بشيء من العقائد إلا مرت به معتقدة ذلك ، كما كنا نحن على الصراط المستقيم الذي الرب تعالى عليه لكون نواصينا في يده ويستحيل مفارقتنا إياه ، فنحن معه بالتضمين وهو معنا بالتصريح )
إنما كان فرعون تحت حكم الوقت حيث كان الوقت وقت غلبة بني إسرائيل ونجاتهم وغرقه ، فخصص إيمانه بإيمانهم تقليدا ورجاء للخلاص كخلاصهم لا يقينا ، فكأنه لما رأى الدولة معهم مال إليهم ، وقايس التخصيص على تخصيص السحرة وأخطأ في القياس كإبليس ، فإن إيمان السحرة يتقيد بإيمان النبيين ، والنابع يجب أن يتقيد إيمانه بإيمان نبيه ،
وإنه قيد إيمانه بإيمان بني إسرائيل فكم بين الإيمانين ؟
وأيضا كان تخصيص السحرة بعد التعميم في قولهم " آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ " واستشعارهم أن القبط لغاية تعمقهم في الضلال يحسبون رب العالمين فرعون.
وبين إسلامه وإسلام بلقيس بون بعيد لأن المعية في قولها دالة على أنها تعتقد اعتقاد سليمان مطلقا في جميع الأشياء ، كما نحن بالتبعية مع الرب تعالى على الصراط المستقيم لكون نواصينا بيده فهو على الصراط المستقيم.
فامتنع انفكاكنا عنه فنحن على صراط ربنا بالتبعية ، وهو معنى قوله بالتضمين :
أي على الصراط المستقيم في ضمن كونه عليه لأنه الكل ونحن كالجزء من الكل ، وهو آخذ نواصينا معنا بالتصريح .

"" أضاف بالى زادة : فلما اتجه أن يقال إذا كان الحق معنا لزم أن يكون تابعا لنا ، كما إذا كنا معه اعتبارا بمعنى مع ، وكون الحق تابعا محال .
فكيف يصح معيته بنا دفع ذلك بقوله ( فهو تعالى مع نفسه حيث ما مشى بنا ) فهو عيننا من حيث الوجود والحقيقة وإن كان غيرنا باعتبار تعيناتنا الشخصية ، فكونه معنا من حيث الوجود والوحدة معناه مشيئته معنا عين مشيئته مع نفسه ، فكما علمنا أنا كنا مع الحق بالتبعية .
( وكذا علمت بلقيس من سليمان ) أنه مع الله بالتبعية ، فتبعته في الإسلام لتكون مع الله بالتبعية كما كان سليمان. اهـ بالى
( فما هو ) أي فما كان اختصاص سليمان بذلك التسخير ( من كونه تسخيرا ) وإلا لما عمم الله التسخير في حقنا ( فإن الله يقول ). اهـ  بالى زادة. "" .

قال رضي الله عنه :  ( فإنه قال تعالى " وهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ " ونحن معه بكونه آخذا بنواصينا فهو تعالى مع نفسه حيث ما مشى بنا من صراطه ، فما أحد من العالم إلا على صراط مستقيم وهو صراط الرب تبارك وتعالى ، وكذا علمت بلقيس من سليمان فقالت " لِلَّه رَبِّ الْعالَمِينَ " وما خصصت عالما من عالم )
لأنها علمت أن سليمان مع الرب ، والرب مع الكل بأسمائه ، فيكون سليمان مع الكل لكونه مع الله بجميع أسمائه ، ولهذا سخر الكل بأسماء الله .

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (  فكان إسلام بلقيس إسلام سليمان إذ قالت «مع سليمان» فتبعته.   فما يمر بشيء من العقائد إلا مرت به معتقدة ذلك.
كما نحن على الصراط المستقيم الذي الرب عليه لكون نواصينا في يده.
ويستحيل مفارقتنا إياه.
فنحن معه بالتضمين، وهو معنا بالتصريح، فإنه قال «وهو معكم أين ما كنتم».
ونحن معه بكونه آخذا بنواصينا.    فهو تعالى مع نفسه حيثما مشى بنا من صراطه.
فما أحد من العالم الا على صراط مستقيم، وهو صراط الرب تعالى.
وكذا علمت بلقيس من سليمان فقالت «لله رب العالمين» وما خصصت عالما من عالم. )

قال رضي الله عنه :  ( فكان إسلام بلقيس إسلام سليمان ، إذ قالت : "مع سليمان" فتبعته . )
أي ، كان إسلام بلقيس كإسلام سليمان غير مقيد برب مخصوص ، بل مطلقا ، لذلك قالت : ( أسلمت مع سليمان لله رب العالمين ) . فتبعته في الإسلام .

قال رضي الله عنه :  ( فما يمر بشئ من العقائد إلا مرت به معتقدة ذلك ، كما كنا نحن على الصراط المستقيم الذي الرب تعالى عليه ، لكون نواصينا في يده ، وتستحيل مفارقتنا إياه . )

أي ، ما يمر سليمان بشئ من المراتب ولا يعتقد في الحق عقيدة بحسب ما يدركه من الحق ذوقا وشهودا وعلما ووجودا ، إلا مرت بلقيس معه بذلك العقد واعتقدت في الحق كذلك ، لأنه ، عليه السلام ، كان متبوعها ، والتابع للشخص في عقائده لا يكون إلا على تلك العقائد ، وإلا لا يكون تابعا فيها .
فذلك ، أي  ذلك المرور والمتابعة ، كمتابعتنا للرب في قوله تعالى : ( وما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربى على صراط مستقيم ) .
وامتناع مفارقتنا منه لكون نواصينا في يده .
فقوله رضي الله عنه  : ( ذلك ) مبتدأ ، خبره : ( كما كنا نحن ) . ولا يتوهم أنه مفعول لقوله : (معتقدة) .

قال رضي الله عنه :  (فنحن معه بالتضمين ، وهو معنا بالتصريح . فإنه قال : "وهو معكم أينما كنتم" . ونحن معه لكونه آخذا بنواصينا . ) .

لما كان كل ما هو مشهود ومحقق عين الوجود الحق ، والأعيان باقية على حال عدمها ، أو موجودة بالوجود ، وكان الحق معنا ظاهرا صريحا ، وأعياننا معه باطنا وضمنا . هذا في التحقق .

وكذلك في المشي على الصراط المستقيم : فإنه يكون على الصراط صريحا ، ونحن عليه بالتبعية ، لأنه ليس في الوجود غيره ، وأعياننا العدمية على ذلك الصراط بتبعيته وفي ضمن وجوده ، لكونه آخذا بنواصينا .

قال رضي الله عنه :  ( فهو تعالى مع نفسه حيث ما مشى بنا من صراطه . فما أحد من العالم إلا على صراط مستقيم ، وهو صراط الرب تعالى . )
أي ، إذا كان كل ما هو مشهود عين الحق ، فالحق مع نفسه حيث ما كان ، إذ ليس هويتنا إلا وجودا متعينا ، والوجود عين الحق ، فهو مع نفسه لا مع غيره ، وهو على صراط مستقيم ، فما أحد من العالم إلا وهو على صراط مستقيم .
وهو صراط الرب أي ، صراط اسم ( الرب ) ، إذ لكل اسم صراط خاص موصوف بالاستقامة بالنسبة إلى ذلك الاسم ، وصراط الله هو المستقيم المطلق الجامع للطرق كلها ، وله الربوبية
الكاملة .

لذلك قال تعالى : ( الحمد لله رب العالمين ) .
( وكذا علمت بلقيس من سليمان ،فقالت : "لله رب العالمين". وما خصصت عالما من عالم.) أي ، علمت بلقيس أن سليمان مع الله بالتبعية ، فتبعته لتكون مع الله بالتبعية .
وما خصت في قولها : ( رب العالمين ) عالما من عالم ، ليكون لها نصيبا من الربوبية في العوالم كلها ، فإن الله يرب جميع العالمين وهي بالتبعية معه .

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ
:
قال الشيخ رضي الله عنه :  (  فكان إسلام بلقيس إسلام سليمان إذ قالت «مع سليمان» فتبعته.   فما يمر بشيء من العقائد إلا مرت به معتقدة ذلك.
كما نحن على الصراط المستقيم الذي الرب عليه لكون نواصينا في يده.
ويستحيل مفارقتنا إياه.
فنحن معه بالتضمين، وهو معنا بالتصريح، فإنه قال «وهو معكم أين ما كنتم».
ونحن معه بكونه آخذا بنواصينا.    فهو تعالى مع نفسه حيثما مشى بنا من صراطه.
فما أحد من العالم الا على صراط مستقيم، وهو صراط الرب تعالى.
وكذا علمت بلقيس من سليمان فقالت «لله رب العالمين» وما خصصت عالما من عالم. )

قال رضي الله عنه :  (فكان إسلام بلقيس إسلام سليمان إذ قالت : " مَعَ سلَيْمانَ"  فتبعته ، فما يمرّ بشيء من العقائد إلّا مرّت به معتقدة ذلك ، كما نحن على الصّراط المستقيم الّذي الرّبّ تعالى عليه لكون نواصينا في يده ، ويستحيل مفارقتنا إيّاه ، فنحن معه بالتضمين وهو معنا بالتّصريح ، فإنّه قال :" وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ " [ الحديد : 4 ] ، ونحن معه بكونه آخذا بنواصينا ، فهو اللّه تعالى مع نفسه حيثما مشى بنا من صراطه ، فما أحد من العالم إلّا على صراط مستقيم وهو صراط الرّبّ تعالى ، وكذلك علمت بلقيس من سليمان؛ فقالت :"لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ " [ النمل : 44 ] وما خصّصت عالما من عالم).

قال رضي الله عنه :  ( فكان إسلام بلقيس إسلام سليمان ) في علو الرتبة ( إذ قالت مع سليمان ) ، وإن لم يكن لإيمانها هذه الرتبة بذاتها أمكن أن تكون له هذه الرتبة بالتبعية ، كعبد الوزير يمكنه أن يدخل بتبعية الوزير المواضع المخصوصة للسلطان ما لا يمكنه أن يدخلها لو انفرد ( فتبعته ) ، فما يمر سليمان ( بشيء من العقائد ) المفصلة ( إلا مرت به ) مجملة لكونها ( معتقدة ذلك ) أي : اعتقاد سليمان ، وإن لم يتفصل لها ذلك الاعتقاد ، فتحصل لها تلك الاعتقادات بالتضمين ، كما يحصل لسليمان بالتصريح ، فهذا الفرق بينهما مستمر كالفرق بيننا وبين ربنا في المرور على صراطه ، بل في كوننا معه .

كما أشار إليه بقوله رضي الله عنه  : ( كما كنا نحن ) أي : جملة الناس ( على الصراط المستقيم الذي الرب تعالى عليه ) في أفعاله بنا ، فإنها مستقيمة له ؛ فهي مستقيمة لنا باعتبار تبعيتنا له ، وإن كانت غير مستقيمة لنا باعتبار ما يكتسب منها من الصفات الذميمة أو كانت قبيحة.
وإنما تبعناه ( لكون نواصينا في يده ) ، وإنما لم تكن هذه الجهة جهة الاكتساب لنا ؛ لأنها ضرورية لا اختيار لنا فيها ، والكسب إنما يتعلق بالاختيار ؛ وذلك لأنه ( يستحيل مفارقتنا إياه ) ، وإذا كانت استقامتنا في الأفعال القبيحة بتبعيته .

قال رضي الله عنه :  ( فنحن معه ) على الصراط المستقيم لا قدرة لنا من دونه ، والقدرة المكتسبة غير مؤثرة في حصول الفعل نفسه بل في صفاته .
فلذلك صرح بكونه معنا ، ولم يصرح بكوننا معه ، فإنه قال في بيان كونه معناوَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ ،فصرح وقال في بيان كوننا معه :" مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ " [ هود : 56 ] .
فلم يصرح بل أفهم ( بالتضمين ) أنه نحن معه بكونه آخذ بناصيتها ، وإذا صح أن كوننا بالتضمين لتبعيتنا إياه ، فلا يكون الحق تابعا لنا في اكتسابنا ؛ فهو تعالى مع نفسه حيث ما مشى بنا في أفعالنا من صراط مستقيم أو غير مستقيم بالنسبة إلينا ؛ فإنه مستقيم بالنسبة إليه لا يلحقه بتبعيتنا إياه القبائح التي تلحقنا .

وإذا كان له المشي على جميع صراطنا ، وهو على صراط مستقيم دائما ، فما بقي أحد من العالم إلا على صراط مستقيم ، وإن لم يستقم بوجه آخر عقلا أو عرفا أو شرعا ؛ فإن الوجود خير كله ، وإنما جهة الشرفية نسبة عدم الغير أو عدم كماله إليه ، ولكن جهة الخيرية مخصوصة بمفيض الوجود .
ولذلك يقول : هو من جهة الاستقامة ، إنما هو صراط الرب تبارك وتعالى لا صراطنا ، إذ ليس منا إفاضة الوجود الذي هو الخير ، بل إنما يكون منا إفادة الصفات بمظاهرنا ، وهي منشئة الاكتساب الذي يقسم الصراط إلى المستقيم وغيره .
ويقسم الأفعال إلى الحسن والقبيح ، وكما علمنا هذه الدقائق كذا علمت بلقيس من سليمان أنه مع اللّه على جميع صراطه على ما هو ربه عليه من جهة الاستقامة .

حيث ثابت له فقالت للّه رب العالمين ، فتجمع صراط العالم في الوصول إلى ربها وما خصصت عالما من عالم ليحصل لها الوصول إلى ربها من جميع الوجوه من غير قصد أن تكتسب شيئا من الاكتسابات القبيحة أو الحسنة حتى يحتاج إلى تمييز بعضها عن بعض ، بل قصدت جهة الجذب الذي أقله يوازي عمل الثقلين ، فهذا من سريان علمه إليها كسريان الكرامة إلى آصف ؛ فافهم ، فإنه مزلة للقدم .

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (  فكان إسلام بلقيس إسلام سليمان إذ قالت «مع سليمان» فتبعته.   فما يمر بشيء من العقائد إلا مرت به معتقدة ذلك.
كما نحن على الصراط المستقيم الذي الرب عليه لكون نواصينا في يده.
ويستحيل مفارقتنا إياه.
فنحن معه بالتضمين، وهو معنا بالتصريح، فإنه قال «وهو معكم أين ما كنتم».
ونحن معه بكونه آخذا بنواصينا.    فهو تعالى مع نفسه حيثما مشى بنا من صراطه.
فما أحد من العالم الا على صراط مستقيم، وهو صراط الرب تعالى.
وكذا علمت بلقيس من سليمان فقالت «لله رب العالمين» وما خصصت عالما من عالم. )

قال رضي الله عنه :   ( فكان إسلام بلقيس إسلام سليمان ، إذ قالت : " مَعَ سُلَيْمانَ")[ 27 / 44 ].
وعنت بهذه المعيّة المقارنة بسليمان في نفس هذا الانقياد والإذعان بما يستتبعه ، لا المقارنة الزمانيّة و المكانيّة .

وبيّن أن المراد بالمعيّة والمقارنة إذا كان هو المقارنة في الفعل ، يلزم أن يكون المتقارنان متساويين في طريان ما يلزم ذلك الفعل من الأحوال والأوضاع .
وبلقيس إذ  قارنت بسليمان تلك المقارنة ( فتبعته ) في سائر عقائده وأحواله ، ولازمته في مسالكه بجميع أغوارها وأنجادها .

قال رضي الله عنه :  ( فما يمرّ بشيء من العقائد إلا مرّت به معتقدة ، ذلك كما نحن على الصراط المستقيم الذي الربّ عليه ، لكون نواصينا في يده ، ويستحيل مفارقتنا إيّاه ) .
فيجب مقارنتنا له في جميع الأفعال والأقوال وجملة الأحوال .

وبيّن أن المعية من الطرفين وأنّ عين العبد في عدمه الأصلي كما كان ، ( فنحن معه بالتضمين ) مختفيا في ضمنه ، ( وهو معنا بالتصريح ) ظاهرا في مجلاه .
ومن ثمّة ترى في الكلام المنزل السماوي الذي هو المبيّن الكاشف عن الأمر بما هو عليه ظاهرا مفصحا عن ذلك ( فإنّه قال : “وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ “  ) [ 57 / 4 ] مصرّحا بمعيّته لنا ، فهو معنا بهذا النصّ الصريح في المعيّة ( ونحن معه بكونه آخذ بنواصينا ) وهو إنما يدلّ على المعيّة ضمنا ، فإنّ دلالته على المعيّة عقليّة ضمنيّة . إذ الناصية لغة هي : قصاص الشعر .

وهي ما ينتهي به الشعر مقدّما كان أو مؤخّرا ، وذلك في عرف أهل الذوق عبارة عن الكثرة الإحاطية التي قد انحشرت في الإنسان وظهر سواد ازدحامها على الدماغ ، فإنّ فيه مدارك الشعور والإشعار ، ومصادر الأفعال الاختيارية التي من جملتها الكلام ، الذي هو منتهى غايات الكثرة المتّصل طرفها بالوحدة ، فإنّه صورة العلم ، وهو ظاهر الوجود كما عرفت .

وبيّن أنّ الآخذة بالناصية هو الذي يتحرّك بها وفيها ، فإنّ لكلّ كثرة جهة جمعيّة ، هي الآخذ بأزمّة آثارها وإظهار مطاوي أسرارها ، فإنّ تلك الكثرة هي باطن تلك الجهة من وجه ، وإن كان ظاهرها من آخر ، وهذا هو الوجه الذي نتكلم عليه .

ولذلك قال رضي الله عنه: ( فهو تعالى مع نفسه حيثما مشى بنا من صراطه ) فإنّ النفس في عرفهم مشتقّ من النفس المنسوب إلى الرحمن ، وبيّن أنّ تلك الجهة الجمعيّة التي بها يظهر العالم بأجناسه وأنواعه وأشخاصه لا بدّ لها من هيأة وحدانيّة اعتداليّة في كلّ منها ، هي منهج ظهور ذلك النوع وصراط صورته الخاصّة ، بحيث لو تجاوز عنها إلى طرفيها من الإفراط والتفريط لم يمكن ظهورها أصلا .

قال رضي الله عنه: ( فما أحد من العالم إلا على صراط مستقيم ، وهو صراط الربّ تعالى ) فإنّه لكل نوع ربّ يحفظ ذلك الهيئة الوحدانيّة على استقامتها .
قال رضي الله عنه: ( وكذا علمت بلقيس من سليمان ) عند إسلامها من دقائق حكمه ، وإذعانها له في لطائف إرشاده وهدايته ، ( فقالت “  لِلَّه ِ رَبِّ الْعالَمِينَ “  ) [ 27 / 44 ] مفصحة عن معبودها بأسمائه الإلهيّة والربوبيّة ، وسماته الكيانيّة ، بما يكشف عن المعيّة المذكورة ، لما في الربّ من معنى النسبة التي يلازم طرفيها معا .

ولذلك عمّت ( وما خصّصت عالما من عالم ) فإنّه لو أنّها ما علمت من سليمان تلك المعيّة الإطلاقية ما عمّت ، بل خصّصت كما خصّص بنو إسرائيل .

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :قال الشيخ رضي الله عنه :  (  فكان إسلام بلقيس إسلام سليمان إذ قالت «مع سليمان» فتبعته.   فما يمر بشيء من العقائد إلا مرت به معتقدة ذلك.
كما نحن على الصراط المستقيم الذي الرب عليه لكون نواصينا في يده.
ويستحيل مفارقتنا إياه.
فنحن معه بالتضمين، وهو معنا بالتصريح، فإنه قال «وهو معكم أين ما كنتم».
ونحن معه بكونه آخذا بنواصينا.    فهو تعالى مع نفسه حيثما مشى بنا من صراطه.
فما أحد من العالم الا على صراط مستقيم، وهو صراط الرب تعالى.
وكذا علمت بلقيس من سليمان فقالت «لله رب العالمين» وما خصصت عالما من عالم. )

قال رضي الله عنه :  (فكان إسلام بلقيس إسلام سليمان إذ قالت :مَعَ سُلَيْمانَ فتبعته .)
مخصوص ( إذ قالت ) : أسلمت ( مع سليمان ) لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ( فتبعته).

قال رضي الله عنه :  (فما يمرّ بشيء من العقائد إلّا مرّت به معتقدة ذلك . كما نحن على الصّراط المستقيم الّذي الرّبّ تعالى عليه لكون نواصينا في يده . ويستحيل مفارقتنا إيّاه .
فنحن معه بالتضمين وهو معنا بالتّصريح ، فإنّه قال :وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ[ الحديد : 4 ] ونحن معه بكونه آخذا بنواصينا .  فهو اللّه تعالى مع نفسه حيثما مشى بنا من صراطه ، فما أحد من العالم إلّا على صراط مستقيم وهو صراط الرّبّ تعالى .  وكذلك علمت بلقيس من سليمان فقالت :لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ[ النمل : 44 ] وما )

قال رضي الله عنه :  (فما يمر ) سليمان ( بشيء من العقائد إلا مرت به معتقدة ذلك كما كنا نحن على الصراط المستقيم الذي الرب تعالى عليه لكون نواصينا في يده وتستحيل مفارقتنا إياه ) ، فقوله ذلك إما مفعول لمعتقدة ، أي معتقدة بأمر سليمان به ، وإما مبتدأ خبره كما كنا والأول أظهر ، ولعله رضي اللّه عنه أراد بعموم اعتقادها لما مر به سليمان إحاطته به إجمالا لا تفصيلا فإن مساواة اعتقادها لاعتقاده كما وكيفا مستبعدة جدا .

قال رضي الله عنه :  ( فنحن معه بالتضمين وهو معنا بالتصريح ) . وذلك لأن معيته الذاتية معنا عبارة عن قيوميته لنا بتجليه الوجود فينا أو معيتنا معه عبارة عن قيامنا به ضمن ذلك التجلي ومعنى به قيامنا ظهور ظلالنا وعكوسنا فيه .
فإن أعياننا الثابتة لا تزال على العدمية ما شمت رائحة الوجود فنحن معه وقائمون به في ضمن ظلالنا وعكوسنا فيه وهو معنا بالقيومية بصريح ذاته وظاهر وجوده فنحن معه بالتضمين وهو معنا بالتصريح .

وعلى هذا المنوال وقع في التنزيل بيان معيته ومعيتنا معه ( فإنه قال ) في بيان معيته معنا ( وهو معكم أينما كنتم ) ، فصرح بمعيته معنا ( ونحن معه بكونه ) ، أي بسبب كونه ( آخذا بنواصينا ) كما يدل عليه قوله تعالى :ما مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها[ هود : 56]
، ولا شك أن المأخوذ بناصيته يكون مع الآخذ بها ، فمعيتنا معه لا تفهم من صريح الآية بل هي مندرجة في ضمنها مفهومة بالتبعية ، وإن كان آخذا بنواصينا ( فهو تعالى مع نفسه حيث ما مشى بنا من صراطه ) ، فالصراط الذي مشى بنا عليه صراطه الذي هو عليه .

قال رضي الله عنه :  ( فما أحد من العالم إلا على صراط مستقيم وهو صراط الرب تعالى ) الصراط ، الذي يمشي بناء عليه ( وكذا ) ، أي مثل ما قلنا من أنه ما أحد من العالم إلا على صراط مستقيم هو صراط الرب.

 قال رضي الله عنه :  (علمت بلقيس من ) حال ( سليمان ) فعلمت أنه ليس إلا على صراط مستقيم وهو صراط الرب فتبعته وهو تابع منقاد لربه الذي يمشي به فتبعت بلقيس مضاربه وانقادت له ( فقالت ) أسلمت (لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) ، وأضافت الرب الذي

قال رضي الله عنه :  ( خصّصت عالما من عالم . )
أسلمت له إلى العالمين كلهم ( وما خصصت عالما من عالم ) بإضافة الرب إليه كما خصص بنو إسرائيل موسى وهارون بذلك ، فإن منشأ التخصيص اعتقاد أن ما عدا المضاف إليه ليس على صراط مستقيم والأمر بخلاف ذلك كما علمت .

.
الفقرة السادسة عشر على منتدي إتقوا الله ويعلمكم الله 
واتساب

No comments:

Post a Comment