Monday, December 23, 2019

السفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية الفقرة الرابعة عشر .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية الفقرة الرابعة عشر .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية الفقرة الرابعة عشر .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

16 - The Wisdom of Compassion in the Word of Solomon

الفقرة الرابعة عشر:
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فأعطيت هذه الأمة المحمدية رتبة سليمان عليه السلام في الحكم، ورتبة داود عليه السلام.   فما أفضلها من أمة.
ولما رأت بلقيس عرشها مع علمها ببعد المسافة واستحالة انتقاله في تلك المدة عندها، «قالت كأنه هو»، وصدقت بما ذكرناه من تجديد الخلق بالأمثال، وهو هو، وصدق الأمر، كما أنك في زمان التجديد عين ما أنت في الزمن الماضي.
ثم إنه من كمال علم سليمان التنبيه الذي ذكره في الصرح.
فقيل لها «ادخلي الصرح» وكان صرحا أملس لا أمت فيه من زجاج.
فلما رأته حسبته لجة أي ماء، «وكشفت عن ساقيها». حتى لا يصيب الماء ثوبها.
فنبهها بذلك على أن عرشها الذي رأته من هذا القبيل، وهذا غاية الانصاف.
فإنه أعلمها بذلك إصابتها في قولها «كأنه هو».
فقالت عند ذلك «رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان»: أي إسلام سليمان: «لله رب العالمين».. (

قال رضي الله عنه :  ( فأعطيت هذه الأمّة المحمّديّة رتبة سليمان - عليه السّلام - في الحكم ، ورتبة داود - عليه السّلام - . فما أفضلها من أمّة . ولمّا رأت بلقيس عرشها مع علمها ببعد المسافة واستحالة انتقاله في تلك المدّة عندهاقالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ[ النمل : 42 ] وصدقت بما ذكرناه من تجديد الخلق بالأمثال ، وهو هو ، وصدق الأمر ، كما أنّك في زمان التّجديد عين ما أنت في الزّمن الماضي . ثمّ إنّه كمال علم سليمان التّنبيه الّذي ذكره في الصّرح .قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ وكان صرحا أملس لا أمت فيه من زجاج . فلمّا رأته حسبته لجّة أي ماء وَكَشَفَتْ عَنْ ساقَيْها[ النمل : 44 ] . حتّى لا يصيب الماء ثوبها . فنبّهها بذلك على أن عرشها الّذي رأته من هذا القبيل وهذا غاية الإنصاف . فإنّه أعلمها بذلك إصابتها في قولها :كَأَنَّهُ هُوَ[ النمل: 42 ] . )
فقالت عند ذلك :" رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ أي إسلام سليمان لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ" [ النمل : 44 ] . )

قال رضي الله عنه :  (فأعطيت )، أي أعطى اللّه تعالى علماء (هذه الأمة المحمدية) الحاملون لعلوم النقل منهم وهم المجتهدون (رتبة سليمان عليه السلام في الحكم) إن أصابوا ورتبة داود عليه السلام في العلم إن أخطأوا يعني ثواب ذلك وهو الأجران : على الصواب والأجر على الخطأ (فما أفضلها من أمة) حيث أدركت ثواب النبيين في ذلك .
ولما رأت بلقيس عرشها مستقرا عند سليمان عليه السلام مع علمها ، أي بلقيس ببعد المسافة بين بلادها وبيت المقدس وعلمها استحالة انتقاله ، أي العرش في تلك المدة القليلة التي فارقت عرشها فيها وهو في بلادها عندها ، أي النسبة إليها .
وقد علم بحالها ذلك سليمان عليه السلام لما قالَ نَكِّرُوا لَها عَرْشَها نَنْظُرْ أَ تَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لا يَهْتَدُونَ ( 41 ) فَلَمَّا جاءَتْ قِيلَ أَهكَذا عَرْشُكِ قالَتْ كَأَنَّهُ هو "[ النمل: 41 - 42 ]
، أي هذا العرش "هُوَ"، أي عرشها وصدقت في قولها ذلك بما ، أي بسبب الذي ذكرناه من تجديد الخلق ، أي المخلوقات بالأمثال في كل لمحة ومع ذلك التجديد هو ، أي الخلق بحاله في عين الغافل المحجوب الذي لا شعور عنده بالتجديد المذكور ، فلم يلزم أن يكون غير الخلق الأول عند المكلفين بالأمر الشرعي حتى يقتضي كذب الأمر بتكليف ما لا يمكن بقاؤه ، أو غير ما كلف ولهذا قال :
(وصدق الأمر) الشرعي المتوجه على المكلفين مع تجديدهم في كل لمحة

قال رضي الله عنه :  (كما أنك) يا أيها المكلف في عالم كونك مخلوقا (في زمان التجديد) لك في عالم الأمر الإلهي الذي أنت وكل شيء قائم به عين ما أنت في الزمن الماضي فعالم رؤية المخلوقات كلها على ما هي عليه متصوّرة بالصورة المختلفة في الحس والعقل هو عالم الخلق وهو الذي فيه المخلوقات موصوفون بالصفات ، وفيه الأشياء موجودة ، وفيه التكليف بالأمر والنهي ، وهو عالم الشهادة وعالم الملك .
قال تعالى :" تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ( 1 )" [ الملك : 1 ] ، وعالم رؤية المخلوقات كلها ظاهرة من العدم راجعة إلى العدم كلمح بالبصر من غير استقرار شيء أصلا في الحس ، والعقل هو عالم الأمر الذي قال تعالى :أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ[ الأعراف : 54 ] ، وهو عالم الغيب وعالم الملكوت الذي قال تعالى :وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ( 75 ) [ الأنعام : 75].

، وقال تعالى :الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ[ يس : 83 ] ، وليس المخلوقات في هذا العالم موصوفين بالصفات أصلا إلا باعتبار العالم الأوّل ، وإنّما الأوصاف فيه كلها راجعة إلى الحق تعالى ، وفيه يكون الحق سمع العبد وبصره ولا يتصوّر تكليف ولا مكلف أصلا ، لأن الأشياء كلها فيه هالكة كما قال تعالى :كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ[ القصص : 88 ] وكُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ( 26 ) وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ( 27 ) [ الرحمن : 26  27 ] .
ولا يبقى فيه العارف أكثر من لمح بالبصر في شهوده ، ويقع الغلط للسالك في هذا العالم كثيرا ، ويظن أنه ساقط التكليف في وقت شهوده طرفا من ذلك ، فيكفر بالجحود للقواطع الشرعية المتوجهة عليه وهو لا يشعر فتنطمس بصيرته عن الترقي ويحسبون أنهم مهتدون .

قال رضي الله عنه :  (ثم إنه) ، أي الشأن (من كمال علم سليمان) عليه السلام (التنبيه) ، أي الإيقاظ والتفهيم لبلقيس الذي ذكره ، أي تذكره في الصرح الممرد من قوارير أي زجاج صاف فقيل لها ، أي بلقيس ادْخُلِي الصَّرْحَ، وهو القصر وكل بناء عال وكان ، أي ذلك الصرح صرحا أملس ، أي ناعما صافيا (لا أمت) ، أي لا ارتفاع .
قال تعالى :لا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً( 107 ) [ طه : 107 ] ، أي لا انخفاض ولا ارتفاع فيه ، أي في ذلك الصرح من زجاج أبيض ، وهو نظير عرشها اتخذه سليمان عليه السلام يشبه السرير على وجه الأرض " فَلَمَّا رَأَتْهُ " أبيض صافيا يتلألأ من بريقه ولمعانه في شعاع الشمس "حَسِبَتْهُ لُجَّةً"، أي ماء يترقرق .
قال رضي الله عنه :  (فكشفت) ، أي بلقيس ("عَنْ ساقَيْها" حتى لا يصيب) ذلك (الماء ثوبها فنبهها) ، أي سليمان عليه السلام (بذلك) ، أي بأمرها بدخول الصرح على أن عرشها الذي رأته مستقرا عنده من هذا القبيل ، أي ليس هو بعرشها في عالم الأمر

الإلهي ، وهو عرشها في عالم الخلق الرحماني ، وهي في توهم في كل ما هي متحققة به كما توهمت الزجاج ماء ، وأثر ذلك التوهم في نفسها حتى كشفت عن ساقيها لتخوض في ذلك الماء الذي رأته ، وهو زجاج على خلاف ما ترى ، فنبهها بذلك على الأمر العظيم .

قال رضي الله عنه :  (وهذا)  من سليمان عليه السلام (غاية الإنصاف فإنه) ، أي سليمان عليه السلام (أعلمها بذلك) الأمر (إصابتها) ، أي كونها مصيبة في قولها ، أي بلقيس عن عرشها كَأَنَّهُ هُوَ فعلمت أنها في توهم من أمرها وشأنها كله فقالت عند ذلك رَبِّ، أي يا رب إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي في جميع ما كنت أعتقده من أمر الدين ، حيث رأت نفسها متوهمة في كل ما تعتقده في محسوساتها الدنيوية ، فكيف بمعقولاتها الدينية وَأَسْلَمْتُ، أي دخلت في دين الإسلام مَعَ سُلَيْمانَ عليه السلام أي إسلام سليمان عليه السلام: لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ[ النمل : 44 ] ، أي مالكهم والعالم بهم على ما هم عليه في أنفسهم من غير توهم في علمه تعالى .

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فأعطيت هذه الأمة المحمدية رتبة سليمان عليه السلام في الحكم، ورتبة داود عليه السلام.   فما أفضلها من أمة.
ولما رأت بلقيس عرشها مع علمها ببعد المسافة واستحالة انتقاله في تلك المدة عندها، «قالت كأنه هو»، وصدقت بما ذكرناه من تجديد الخلق بالأمثال، وهو هو، وصدق الأمر، كما أنك في زمان التجديد عين ما أنت في الزمن الماضي.
ثم إنه من كمال علم سليمان التنبيه الذي ذكره في الصرح.
فقيل لها «ادخلي الصرح» وكان صرحا أملس لا أمت فيه من زجاج.
فلما رأته حسبته لجة أي ماء، «وكشفت عن ساقيها». حتى لا يصيب الماء ثوبها.
فنبهها بذلك على أن عرشها الذي رأته من هذا القبيل، وهذا غاية الانصاف.
فإنه أعلمها بذلك إصابتها في قولها «كأنه هو».
فقالت عند ذلك «رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان»: أي إسلام سليمان: «لله رب العالمين».. (

قال رضي الله عنه :  ( فأعطيت هذه الأمة المحمدية رتبة سليمان عليه السلام في الحكم ) بالإصابة .

قال رضي الله عنه :  ( ورتبة داود عليه السلام ) بالاجتهاد فجمع هذه الأمة رتبة سليمان ورتبة داود عليهما السلام ( فما أفضلها ) تعجب أي فما أفضل رتبة سليمان ورتبة داود عليهما السلام ( من أمة ) محمدية ولا يتوهم أفضلية الأمة عليهما في هذه الرتبة ، لأن هذه الرتبة لسليمان وداود عليهما السلام أعطيت من اللّه أوّلا وبالذات وللأمة بواسطة روحانيتهما .

قال رضي الله عنه :  ( ولما رأت بلقيس عرشها مع علمها ببعد المسافة واستحالة انتقاله في تلك المدة عندها قالت كأنه هو ) أي حكمت بالمغايرة على وجه التشبيه.
 (وصدقت بما ذكرناه من تجديد الخلق بالامتثال وهو هو وصدق الأمر ) فكان كلام بلقيس جامعا بين الكثرة والوحدة .
فقولها كأن إشارة إلى المثلية فإن مثل الشيء من حيث أنه لا يكون عينه
وقولها هو إشارة إلى العينية فإن مثل الشيء عين ذلك الشيء بحسب الحقيقة .

قال رضي الله عنه :  ( كما أنك في زمان التجديد عين ما أنت في زمن الماضي ثم أنه من كمال علم سليمان عليه السلام التنبيه الذي ذكره في الصرح فقيل لها ادخلي الصرح وكان صرحا أملس لا أمت ).
أي لا عوج ( فيه من زجاج فلما رأته حسبته لجة أي ماء فكشفت عن ساقيها حتى لا يصيب الماء ثوبها فنبهها بذلك على أن عرشها الذي رأته من هذا القبيل ) أي من قبيل التشابه .

قال رضي الله عنه :  ( وهذا ) التنبيه ( غاية الانصاف ) من سليمان عليه السلام ( فإنه أعلمها ) أي فإن سليمان عليه السلام أعلم بلقيس ( بذلك ) التنبيه ( أصابتها في قولها كأنه هو فقالت عند ذلك ) التنبيه (" رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ") بالعصيان إلى هذا الوقت ( وَ ) الآن (أَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ أي إسلام سليمان) عليه السلام ، أي تبعت له في الإسلام (لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ).

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فأعطيت هذه الأمة المحمدية رتبة سليمان عليه السلام في الحكم، ورتبة داود عليه السلام.   فما أفضلها من أمة.
ولما رأت بلقيس عرشها مع علمها ببعد المسافة واستحالة انتقاله في تلك المدة عندها، «قالت كأنه هو»، وصدقت بما ذكرناه من تجديد الخلق بالأمثال، وهو هو، وصدق الأمر، كما أنك في زمان التجديد عين ما أنت في الزمن الماضي.
ثم إنه من كمال علم سليمان التنبيه الذي ذكره في الصرح.
فقيل لها «ادخلي الصرح» وكان صرحا أملس لا أمت فيه من زجاج.
فلما رأته حسبته لجة أي ماء، «وكشفت عن ساقيها». حتى لا يصيب الماء ثوبها.
فنبهها بذلك على أن عرشها الذي رأته من هذا القبيل، وهذا غاية الانصاف.
فإنه أعلمها بذلك إصابتها في قولها «كأنه هو».
فقالت عند ذلك «رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان»: أي إسلام سليمان: «لله رب العالمين».. (
قال رضي الله عنه :  (فأعطيت هذه الأمة المحمدية رتبة سليمان عليه السلام في الحكم، ورتبة داود عليه السلام.   فما أفضلها من أمة. ولما رأت بلقيس عرشها مع علمها ببعد المسافة واستحالة انتقاله في تلك المدة عندها، «قالت كأنه هو»، وصدقت بما ذكرناه من تجديد الخلق بالأمثال، وهو هو، وصدق الأمر، كما أنك في زمان التجديد عين ما أنت في الزمن الماضي.
ثم إنه من كمال علم سليمان التنبيه الذي ذكره في الصرح. فقيل لها «ادخلي الصرح» وكان صرحا أملس لا أمت فيه من زجاج. فلما رأته حسبته لجة أي ماء، «وكشفت عن ساقيها». حتى لا يصيب الماء ثوبها. فنبهها بذلك على أن عرشها الذي رأته من هذا القبيل، وهذا غاية الانصاف. فإنه أعلمها بذلك إصابتها في قولها «كأنه هو». فقالت عند ذلك «رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان»: أي إسلام سليمان: «لله رب العالمين».. (

النص واضح و لا يحتاج  إلى زيادة شرح.

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فأعطيت هذه الأمة المحمدية رتبة سليمان عليه السلام في الحكم، ورتبة داود عليه السلام.   فما أفضلها من أمة.
ولما رأت بلقيس عرشها مع علمها ببعد المسافة واستحالة انتقاله في تلك المدة عندها، «قالت كأنه هو»، وصدقت بما ذكرناه من تجديد الخلق بالأمثال، وهو هو، وصدق الأمر، كما أنك في زمان التجديد عين ما أنت في الزمن الماضي.
ثم إنه من كمال علم سليمان التنبيه الذي ذكره في الصرح.
فقيل لها «ادخلي الصرح» وكان صرحا أملس لا أمت فيه من زجاج.
فلما رأته حسبته لجة أي ماء، «وكشفت عن ساقيها». حتى لا يصيب الماء ثوبها.
فنبهها بذلك على أن عرشها الذي رأته من هذا القبيل، وهذا غاية الانصاف.
فإنه أعلمها بذلك إصابتها في قولها «كأنه هو».
فقالت عند ذلك «رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان»: أي إسلام سليمان: «لله رب العالمين».. (

قال رضي الله عنه :  (فأعطيت هذه الأمّة المحمدية رتبة سليمان في الحكم ورتبة داوود ، فما أفضلها من أمّة ! ولمّا رأت بلقيس عرشها مع علمها ببعد المسافة واستحالة انتقاله في تلك المدّة عندها ،   ( قالَتْ كَأَنَّه ُ هُوَ )   وصدقت بما ذكرناه من تجديد الخلق بالأمثال ، وهو هو ، وصدق الأمر ، كما أنّك في زمان التجديد عين ما أنت في الزمان الماضي ، ثمّ إنّه من كمال علم سليمان التنبيه الذي ذكره في الصرح ف   ( قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ )   وكان صرحا أملس ، لا أمت فيه ، من زجاج   ( فَلَمَّا رَأَتْه ُ حَسِبَتْه ُ لُجَّةً )   أي ماء   ( وَكَشَفَتْ عَنْ ساقَيْها )   ، حتى لا يصيب الماء ثوبها ، فنبّهها بذلك على أنّ عرشها الذي رأته من هذا القبيل ، وهذا غاية الإنصاف ) .

يشير رضي الله عنه : إلى أنّ تقييد الوجود في الصورة العرشية عند سليمان وبلقيس لم يكن إعادة العين ، ولا نقل الموجود المشهود في سبأ إلى مجلس سليمان ، فإنّ ذلك محال ، ولكنّه إعدام لذلك الشكل العرشي في سبأ وإيجاد لمثله عندهما من علم الخلق الجديد ، فهو إيجاد المثل ، لا إيجاد العين وذلك إيهام وإيماء وتنبيه للمثل بإظهار المثل .
وكذلك كان الصرح يوهم من رآه أنّه ماء صاف يموج مثل ما يتخيّل من لا معرفة له بحقيقة تجديد الخلق مع الأنفاس أنّ الثاني عين الأوّل ، وأنّ المجسّد الممثّل من الصورة العرشية عين عرش بلقيس الذي في سبأ .

فصحّح سليمان في تنبيهه إيّاها في قوله :  ( إِنَّه ُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ من قَوارِيرَ )  لا كما ظنّت أنّه الماء أو اللجّة فكشفت عن ساقيها - أنّ قولها :  ( كَأَنَّه ُ هُوَ )  صادق ، إذ ليس هو هو ، بل كأنّه ، هو ، وهكذا سؤال سليمان عنها  ( أَهكَذا عَرْشُكِ )  لعلمه بالأمر في نفسه .

قال رضي الله عنه  : ( فإنّه أعلمها بذلك إصابتها في قولها :  "كَأَنَّه ُ هُوَ"  فقالت عند ذلك :  "رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ لِلَّه ِ رَبِّ الْعالَمِينَ"  ) .
يعني : ظلمت نفسي بتأخير الإيمان إلى الآن ، و « أسلمت » - برفع التاء - عطف على ما نوت من التوبة والرجوع إلى الله من الظلم الذي اعترفت بها .

بمعنى تبت ورجعت عمّا ظلمت نفسي واعترفت وأسلمت مع سليمان لله ، لو كان عطفا على « ظلمت » لم يستقم الكلام ، ولم ينتظم ولو عطفت الكلمة أعني « أسلمت » على « قالت » لصحّ المعنى ، وكان إخبارا عن الجنّ أنّها قالت : ظلمت نفسي ، وأسلمت هي مجزوم التاء ، كناية عن بلقيس ، أنّها أسلمت لله ربّ العالمين مع سليمان ، أي إسلام سليمان لله ربّ العالمين .

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فأعطيت هذه الأمة المحمدية رتبة سليمان عليه السلام في الحكم، ورتبة داود عليه السلام.   فما أفضلها من أمة.
ولما رأت بلقيس عرشها مع علمها ببعد المسافة واستحالة انتقاله في تلك المدة عندها، «قالت كأنه هو»، وصدقت بما ذكرناه من تجديد الخلق بالأمثال، وهو هو، وصدق الأمر، كما أنك في زمان التجديد عين ما أنت في الزمن الماضي.
ثم إنه من كمال علم سليمان التنبيه الذي ذكره في الصرح.
فقيل لها «ادخلي الصرح» وكان صرحا أملس لا أمت فيه من زجاج.
فلما رأته حسبته لجة أي ماء، «وكشفت عن ساقيها». حتى لا يصيب الماء ثوبها.
فنبهها بذلك على أن عرشها الذي رأته من هذا القبيل، وهذا غاية الانصاف.
فإنه أعلمها بذلك إصابتها في قولها «كأنه هو».
فقالت عند ذلك «رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان»: أي إسلام سليمان: «لله رب العالمين».. (
قال رضي الله عنه :  (فأعطيت هذه الأمة المحمدية رتبة سليمان عليه السلام في الحكم ) أي بالقرآن والحديث.  ( ورتبة داود في الحكمة ) بالاجتهاد .

قال رضي الله عنه :  ( فما أفضلها من أمة ، ولما رأت بلقيس عرشها مع علمها ببعد المسافة واستحالة انتقاله في تلك المدة عندها قالت -   " كَأَنَّه هُوَ "   - وصدقت بما ذكرناه من تجديد الخلق بالأمثال وهو هو ) .
أي بالحقيقة السريرية والعين المعينة العلمية لا بحسب الوجود المشخص .

قال رضي الله عنه :  ( وصدق الأمر ، كما أنك في زمان التجديد عين ما أنت في الزمن الماضي ، ثم إنه من كمال علم سليمان التنبيه الذي ذكره في الصرح - فقيل لها  " ادْخُلِي الصَّرْحَ " وكان صرحا أملس لا أمت فيه من زجاج " فَلَمَّا رَأَتْه حَسِبَتْه لُجَّةً " أي ماء "وكَشَفَتْ عَنْ ساقَيْها " - حتى لا يصيب الماء ثوبها فنبهها بذلك على أن عرشها الذي رأته من هذا القبيل ،وهذا غاية الإنصاف) .

يعنى إن تقيد الوجود في الصورة العرشية عند سليمان لم يكن إعادة العين ، ولا نقل الوجود المشهود في سبأ إلى مجلس سليمان فإن ذلك محال ، بل إعدام لذلك الشكل في سبإ وإيجاد لمثله عند سليمان من علم الخلق الجديد فهو إيجاد المثل لا إيجاد العين .

وذلك إيهام وتنبيه لها بإظهار المثل ، فإن الصرح موهم للرائي أنه ماء صاف ، كما أن المثل من الصورة العرشية موهم أنه عين العرش الذي كان في سبأ ، فنبهها سليمان بقوله " إِنَّه صَرْحٌ مُمَرَّدٌ من قَوارِيرَ " على أن قولها   " كَأَنَّه هُوَ "  صادق إذ ليس هو هو بل كأنه هو ، وكذا سؤال سليمان عنها " أَهكَذا عَرْشُكِ " ولم يقل : أهذا عرشك ، لعلمه بالأمر في نفس الأمر .

"" أضاف بالى زادة : فإنه كما كان الصرح مماثلا للماء كذلك كان وجود العرش عند سليمان مماثلا لوجوده في سبأ ، وهذا تنبيه فعلى كالتنبيه القولي في سؤاله بقوله - أَهكَذا عَرْشُكِ )   - ولم يقل أهذا عرشك ، فنبهت بهذين التنبيهين لتجديد الخلق مع الأنفاس وهو آية كاملة على قدرته باعثة على الإيمان به اهـ جامى .
( من وجه ) وهو من حيث أن ربها رب العالمين ( لكن لا يقوى قوته ) أي لا يساوى انقيادها تقييد فرعون برب خاص اهـ بالى .
فكان إيمان بلقيس لإطلاقه فوق إيمان السحرة وإيمان فرعون في القوة ، فكان إيمان فرعون كإيمان السحرة في القوة لكنه لم يقبل منه لعدم وقوعه في وقته. اهـ بالى  . ""

قال رضي الله عنه :  ( فإنه أعلمها بذلك إصابتها في قولها " كَأَنَّه هُوَ "  فقالت عند ذلك " رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي" أي اعترفت بظلم نفسي بتأخير الإيمان إلى الآن " وأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ "   أي إسلام سليمان "لِلَّه رَبِّ الْعالَمِينَ "  )
يعنى قيد فرعون إيمانه بقوله "آمَنْتُ أَنَّه لا إِله إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ به بَنُوا إِسْرائِيلَ " وإنما نسب إليه الشيخ الإيمان برب موسى وهارون لأن إيمان بني إسرائيل إنما كان برب موسى وهارون فأسند إليه مجازا ، وإلا لم يقل فرعون " رَبِّ مُوسى وهارُونَ " وقيد إيمانه بإيمان بني إسرائيل .

وأطلقت بلقيس بقولها " رَبِّ الْعالَمِينَ " وإن كان يلحق تقييده إطلاقها من وجه ، لأن رب موسى وهارون رب العالمين ، لأن كلا منهما اتبع إسلامه إسلام نبيه ، ولكن لا يقوى إسلامه قوة إسلامها لدلالة إسلامها على كمال اليقين حين قرنت إسلامها بإسلام سليمان دون إسلامه "الفرعون" ، فإن إسلامه كان في حال الخوف ورجا النجاة من الغرق بإسلامه .

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فأعطيت هذه الأمة المحمدية رتبة سليمان عليه السلام في الحكم، ورتبة داود عليه السلام.   فما أفضلها من أمة.
ولما رأت بلقيس عرشها مع علمها ببعد المسافة واستحالة انتقاله في تلك المدة عندها، «قالت كأنه هو»، وصدقت بما ذكرناه من تجديد الخلق بالأمثال، وهو هو، وصدق الأمر، كما أنك في زمان التجديد عين ما أنت في الزمن الماضي.
ثم إنه من كمال علم سليمان التنبيه الذي ذكره في الصرح.
فقيل لها «ادخلي الصرح» وكان صرحا أملس لا أمت فيه من زجاج.
فلما رأته حسبته لجة أي ماء، «وكشفت عن ساقيها». حتى لا يصيب الماء ثوبها.
فنبهها بذلك على أن عرشها الذي رأته من هذا القبيل، وهذا غاية الانصاف.
فإنه أعلمها بذلك إصابتها في قولها «كأنه هو».
فقالت عند ذلك «رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان»: أي إسلام سليمان: «لله رب العالمين».. (

قال رضي الله عنه :  ( فأعطيت هذه الأمة المحمدية رتبة سليمان في الحكم ورتبة داود ، عليهما السلام . فما أفضلها من أمة . ). أما رتبة سليمان ، فبالإصابة في الحكم ، كما أصاب فيه .
وأما رتبة داود ، فبالاجتهاد ، وإن وقع خلاف ما في علم الله   ولما رأت بلقيس عرشها مع علمها ببعد المسافة واستحالة انتقاله في تلك المدة عندها ،

قالت : ( "كأنه هو" . ) أي ، حكمت بالمغايرة والمشابهة ، فإن التشبيه لا يكون الا بين المتغائرين . ( وصدقت بما ذكرناه من تجديد الخلق بالأمثال . )
ومثل الشئ لا يكون عينه من حيث التعين . ( وهو هو وصدق الأمر . ) أي ، هو هو
بحسب الحقيقة .

قال رضي الله عنه :  ( كما أنك في زمان التجديد عين ما أنت في الزمن الماضي . ثم إنه من كمال علم سليمان التنبيه الذي ذكره في الصرح ، فقيل لها : "ادخلي الصرح " وكان صرحا أملس لا أمت فيه ).
 أي ، لا عوج فيه ولا نتو . ( من زجاج . ) بيان (صرحا ).

قال رضي الله عنه :  ( فلما رأته حسبته لجة ، أي ماء ، "فكشفت عن ساقيها " حتى لا يصيب الماء ثوبها . فنبهها بذلك على أن عرشها الذي رأته من هذا القبيل . وهذا غاية الإنصاف .
فإنه أعلمها بذلك إصابتها في قولها : "كأنه هو " ) .
أي ، نبهها على أن حال عرشها كحال الصرح في كون كل منهما مماثلا مشابها للآخر : أما العرش ، فلأنه انعدم ، وما أوجده الموجد مماثل لما انعدم .
وأما الصرح ، فلأنه من غاية لطفه وصفائه صار شبيها بالماء الصافي مماثلا له ، وهو غيره .
فنبهها بالفعل على أنها صدقت في قولها : ( كأنه هو ) .
فإنه ليس عينه بل مثله . وهذا غاية الإنصاف من سليمان ، فإنه صوبها في قولها : (كأنه هو). وهذا التنبيه الفعلي كالتنبيه القولي الذي في سؤاله بقوله : ( أهكذا عرشك ) . ولم يقل : أهذا عرشك .
قال رضي الله عنه :  ( فقالت عند ذلك : "رب إني ظلمت نفسي " ) أي ، بالكفر والشرك إلى الآن .
( "وأسلمت مع سليمان " أي ، إسلام سليمان لله رب العالمين ) أي ، والآن أسلمت مع سليمان ، أي ، كما أسلم سليمان لله رب العالمين . و ( مع ) في هذا الموضع ك‍ ( مع ) في قوله هو : ( لا يخزى الله النبي والذين آمنوا معه ) .
وقوله رضي الله عنه  : ( وكفى بالله شهيدا محمد رسول الله والذين معه ) .
ولا شك أن زمان إيمان المؤمنين ما كان مقارنا لزمان إيمان الرسول .
وكذلك إسلام بلقيس ما كان عند إسلام سليمان .
فالمراد : كما أنه آمن بالله ، آمنت بالله ، وكما أنه أسلم ، أسلمت لله .

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ
:
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فأعطيت هذه الأمة المحمدية رتبة سليمان عليه السلام في الحكم، ورتبة داود عليه السلام.   فما أفضلها من أمة.
ولما رأت بلقيس عرشها مع علمها ببعد المسافة واستحالة انتقاله في تلك المدة عندها، «قالت كأنه هو»، وصدقت بما ذكرناه من تجديد الخلق بالأمثال، وهو هو، وصدق الأمر، كما أنك في زمان التجديد عين ما أنت في الزمن الماضي.
ثم إنه من كمال علم سليمان التنبيه الذي ذكره في الصرح.
فقيل لها «ادخلي الصرح» وكان صرحا أملس لا أمت فيه من زجاج.
فلما رأته حسبته لجة أي ماء، «وكشفت عن ساقيها». حتى لا يصيب الماء ثوبها.
فنبهها بذلك على أن عرشها الذي رأته من هذا القبيل، وهذا غاية الانصاف.
فإنه أعلمها بذلك إصابتها في قولها «كأنه هو».
فقالت عند ذلك «رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان»: أي إسلام سليمان: «لله رب العالمين».. (

قال رضي الله عنه :  (فأعطيت هذه الأمّة المحمّديّة رتبة سليمان عليه السّلام في الحكم ، ورتبة داود عليه السّلام ، فما أفضلها من أمّة).

قال رضي الله عنه :  ( فأعطيت هذه الأمة المحمدية رتبة سليمان في الحكم ) إذا أصابوا ، ( ورتبة داود ) إذا أخطئوا ، ( فما أفضلها من أمة ) إذا كانوا في الخطأ على رتبة بعض الأنبياء الخلفاء ، بحيث يلحق خطؤهم بحكم اللّه في وجوب العمل والتسوي به في الجملة .

قال رضي الله عنه :  (ولمّا رأت بلقيس عرشها مع علمها ببعد المسافة واستحالة انتقاله في تلك المدّة عندها "قالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ" [ النمل : 42 ] وصدقت بما ذكرناه من تجديد الخلق بالأمثال ، وهو هو ، وصدق الأمر ، كما أنّك في زمان التّجديد عين ما أنت في الزّمن الماضي ، ثمّ إنّه كمال علم سليمان التّنبيه الّذي ذكره في الصّرح "قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ" [ النمل : 44 ] ، وكان صرحا أملس لا أمت فيه من زجاج ؛"فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً"[ النمل : 44 ] ، أي : ماء "وَكَشَفَتْ عَنْ ساقَيْها"[ النمل : 44 ] ، حتّى لا يصيب الماء ثوبها ، فنبّهها بذلك على أن عرشها الّذي رأته من هذا القبيل ، وهذا غاية الإنصاف ، فإنّه أعلمها بذلك إصابتها في قولها :"كَأَنَّهُ هُوَ"[ النمل : 42 ] ، فقالت عند ذلك :" قالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ " أي : إسلام سليمان "لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ"[ النمل : 44 ] ،)

ثم أشار إلى ظهور هذا العلم في بلقيس عند إسلامها، وسببه مثل ظهور الخوارق في آصف ، وهو أتم لها من الخوارق إذ المقصود منها تقويته لا غير .
فقال : ( ولما رأت بلقيس عرشها ) عند سليمان ( مع علمها ببعد المسافة ) بين هذا المكان والمكان الأول ، ( واستحالة انتقاله في تلك المدة عندها ) ، وإن أمكن بتعدد الأزمنة في الجملة ، ولم تعلم انتفاءه ( قالت "كَأَنَّهُ هُوَ" [ النمل : 42 ].

أي : مثله ( وصدقت ) في أنه مثله ، وإن كان عينه في الواقع الأعراض أو الأركان لشبه المعاد بالمثل ، حتى أنه لا يتميز عنه عندنا ، وإن تميز في الواقع ( بتعدد الشخص في المثل ) دون المعاد ، ( وهو ) أي : المرئي عند سليمان ( هو ) عرش بلقيس الذي كان في مكانها.

ولذلك ( صدق الأمر ) في قوله : " أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِها قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ" [ النمل : 38 ] ، فإنه أمر في صورة الخبر ؛ ليعتقد المأمور أن في امتثاله تصديقه ، وفي تركه تكذيبه فيبادر إلى الامتثال لإيثاره تصديقه وينفر عن تكذيبه ، وهذا الصدق باعتبار المعنى الحقيقي .

قال رضي الله عنه :  ( كما أنك في زمان التجديد عين ما أنت في الزمان الماضي ) ؛ لاتحاد الشخص في صورة الاتحاد ، ولا بدّ من تعدده في المثل ، ( ثم إنه من كمال علم سليمان ) الذي به اطلاعه على أنه لو صدقها في هذا القول باعتبار المعنى المجازي ، واعترفت بذلك مع كونه قائلا بخلافها بالمعنى الحقيقي كان ذلك سبب كمالها في الإسلام بأن تعرف ميله إلى ترجيح الصدق بأي وجه أمكن.
وكذا اطلاعه على ( تنبيه ) صدقها في الاشتباه بالأمر المشتبه الآخر ، ( الذي ذكره ) بلسان الحال (في) وضع (الصرح) مشابها للماء تنبيها على أن الاشتباه فيه مثل الاشتباه في العرش .

قال رضي الله عنه :  ( فقيل لها : ادخلي الصرح ) ، وسبب الاشتباه أنه ( كان صرحا أملس ) مستوية أجزاء سطحه غاية الاستواء ( لا أمت فيه ) أي : لا ارتفاع لبعض أجزائه على بعض وكان صاف ؛ لأنه ( من زجاج ) ، فاشتبه الماء الساكن عند عدم الريح وغيرها من تحركاته ،("فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً " [ النمل  :44] ).
 أي : ماء ،(" وَكَشَفَتْ عَنْ ساقَيْها "[ النمل : 44 ] ، حتى لا يصيب الماء ثوبها ) بحسب حسبانها ، فهو وإن قصد بذلك ظهور ما على ساقيها من الشعر الذي أخبرته به الجن ، لما قيل إنها كانت بنت جنية ، فتظهر أسرارهم إليه .

قال رضي الله عنه :  ( فنبهها ) أيضا ( بذلك ) أي : بوضع الصرح على الهيئة المذكورة ؛ ليشتبه باللجة ( على أن عرشها الذي رأته ) ، وقالت فيه :" كَأَنَّهُ هُوَ" [ النمل : 42 ] .
( من هذا القبيل ) أي : اشتباه المعاد بالأمثال ، ( وهذا غاية الإنصاف ) من سليمان إذ صدقها على الوجه المجازي فيما يحكم بخلافه على الوجه الحقيقي ، ( فإنه أعلمها بذلك إصابتها في قولها كأنه هو ) في الجملة ، وإن خالفته في قوله :" أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِها " [ النمل : 38 ] ،

قال رضي الله عنه :  (فقالت عند ذلك ) من رؤية الإنصاف على خلاف ما يقوله ، مع ترجيح جانب ما قاله ؛ لكونه المعنى الحقيقي ترجيحا للصدق بأي وجه كان ،" رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي " [ النمل : 44 ] بتأخير الإيمان بمن له تلك المعجزات ، وهذا العلم الكامل ، وهذا الإنصاف بعد عبادتي للشمس من دونك .

قال رضي الله عنه :  ( وأسلمت مع سليمان أي : إسلام سليمان ) بحيث أكون معه في إسلامه ( للّه رب العالمين ) لا لسليمان ، إذ الإسلام له باعتبار كونه مظهرا جامعا إلهيّا شبه عبادة الشمس .

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فأعطيت هذه الأمة المحمدية رتبة سليمان عليه السلام في الحكم، ورتبة داود عليه السلام.   فما أفضلها من أمة.
ولما رأت بلقيس عرشها مع علمها ببعد المسافة واستحالة انتقاله في تلك المدة عندها، «قالت كأنه هو»، وصدقت بما ذكرناه من تجديد الخلق بالأمثال، وهو هو، وصدق الأمر، كما أنك في زمان التجديد عين ما أنت في الزمن الماضي.
ثم إنه من كمال علم سليمان التنبيه الذي ذكره في الصرح.
فقيل لها «ادخلي الصرح» وكان صرحا أملس لا أمت فيه من زجاج.
فلما رأته حسبته لجة أي ماء، «وكشفت عن ساقيها». حتى لا يصيب الماء ثوبها.
فنبهها بذلك على أن عرشها الذي رأته من هذا القبيل، وهذا غاية الانصاف.
فإنه أعلمها بذلك إصابتها في قولها «كأنه هو».
فقالت عند ذلك «رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان»: أي إسلام سليمان: «لله رب العالمين».. (

قال رضي الله عنه :  ( فأعطيت هذه الامّة المحمّديّة ) - لكونهم ورثة الخاتم - ( رتبة سليمان في الحكم ، ورتبة داود ، فما أفضلها من امّة ) .
واعلم أنّ القرابة المستدعية للوراثة لا بدّ وأن تكون بين كل نبي وامّته ، ومن ثمّة ترى في أمر بلقيس وقصّتها سراية الحكمين المتناقضين مع جمعيّتهما ، من أحكام تلك القرابة القاضية بالوراثة .
وإلى ذلك أشار بقوله : ( ولمّا رأت بلقيس عرشها - مع علمها ببعد المسافة واستحالة انتقاله في تلك المدّة - عندها “  قالَتْ كَأَنَّه ُ هُوَ “  [ 27 / 42 ] وصدّقت بما ذكرناه من تجديد الخلق بالأمثال . وهو هو ) في نفس الأمر .
قال رضي الله عنه :  ( وصدق الأمر ) في حكمه بالاتّحاد ، كما صدقت بقيس في حكمها بالمغايرة .
أما الثاني فلما ذكر من أمر التجديد .
وأما الأول فظاهر يعرف كل أحد من نفسه ، ( كما أنّك ) لا تشكّ أنّه ( في زمان التجديد عين ما أنت في الزمن الماضي ) .
 
إشارة سليمان عليه السّلام بالتباس أمر الوجود على الناس
هذا بيان علم سليمان ، وأنّه النعمة السابغة على البريّة ، وأما بيان إثباته لذلك العلم ، وأنّه الحجّة البالغة فيه .
فإليه أشار بقوله : ( ثمّ إنّه من كمال علم سليمان التنبيه الذي ذكره في الصرح ) أي استحضره فإنّ « الذكر » هو استحضار الشيء ، وهو إمّا بالفعل في القلب ، وإما بالقول في الحسّ ، وهذا يشملهما .
أما الأول فظاهر ، وأما الثاني فلدلالة قوله : ( فـ “ قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ“ ) [ 27 / 44 ] وهو البيت العالي المروّق ، الخالص من الشوب ، الصافي من الكدر .

ومنه جاء : « صراحا » أي جهارا ، و « هذا أمر صريح » أي لا تعريض فيه ولا خفاء . وفيه إيماء إلى ما أشار إليه سليمان قولا ، وهو قوله سائلا عنها : “  أَهكَذا عَرْشُكِ “  [ 27 / 42 ] فإن ذلك تنبيه قوليّ غير صريح في المراد ، وهذا فعليّ محسوس صريح فيه .

قال رضي الله عنه :  ( وكان صرحا أملس ، لا أمت فيه ) ولا اعوجاج .
قال رضي الله عنه :  ( من زجاج "  فَلَمَّا رَأَتْه ُ حَسِبَتْه ُ لجة "  ماء  فـ " كَشَفَتْ عَنْ ساقَيْها "  حتى لا يصيب الماء ثوبها .  فنبّهها بذلك على أنّ عرشها الذي رأته من هذا القبيل ، وهذا غاية الإنصاف فإنّه أعلمها بذلك إصابتها في قولها "كَأَنَّه ُ هُوَ "  ) .
ذاهلة عن تلك الإصابة بإدخالها في صرح صريح المحسوسات وإراءتها ما عليه كلمتها من المطابقة للواقع ، والمخالفة لما عليه الأمر في نفسه.

قال رضي الله عنه :  ( فقالت عند ) ظهور ( ذلك ) الحجّة البالغة والتنبيه الصريح : (رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي “) بظلام الجهل وحجاب الكفر فيما كنت عليه قبل .

قال رضي الله عنه :  (" وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ"  أي إسلام سليمان ) ، يعني أنّ المعيّة إنما هو في الإسلام ( “لِلَّه ِ رَبِّ الْعالَمِينَ “) [ 27 / 44 ] .

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :قال الشيخ رضي الله عنه :  (فأعطيت هذه الأمة المحمدية رتبة سليمان عليه السلام في الحكم، ورتبة داود عليه السلام.   فما أفضلها من أمة.
ولما رأت بلقيس عرشها مع علمها ببعد المسافة واستحالة انتقاله في تلك المدة عندها، «قالت كأنه هو»، وصدقت بما ذكرناه من تجديد الخلق بالأمثال، وهو هو، وصدق الأمر، كما أنك في زمان التجديد عين ما أنت في الزمن الماضي.
ثم إنه من كمال علم سليمان التنبيه الذي ذكره في الصرح.
فقيل لها «ادخلي الصرح» وكان صرحا أملس لا أمت فيه من زجاج.
فلما رأته حسبته لجة أي ماء، «وكشفت عن ساقيها». حتى لا يصيب الماء ثوبها.
فنبهها بذلك على أن عرشها الذي رأته من هذا القبيل، وهذا غاية الانصاف.
فإنه أعلمها بذلك إصابتها في قولها «كأنه هو».
فقالت عند ذلك «رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان»: أي إسلام سليمان: «لله رب العالمين».. (

قال رضي الله عنه :  ( فأعطيت هذه الأمّة المحمّديّة رتبة سليمان - عليه السّلام - في الحكم ، ورتبة داود - عليه السّلام - . فما أفضلها من أمّة .  ولمّا رأت بلقيس عرشها مع علمها ببعد المسافة واستحالة انتقاله في تلك المدّة عندها قالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ[ النمل : 42 ] وصدقت بما ذكرناه من تجديد الخلق بالأمثال ، وهو هو ، وصدق الأمر ، كما أنّك في زمان التّجديد عين ما أنت في الزّمن الماضي .  ثمّ إنّه كمال علم سليمان التّنبيه الّذي ذكره في الصّرح . "قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ" وكان صرحا أملس لا أمت فيه من زجاج . فلمّا رأته حسبته لجّة أي ماءوَكَشَفَتْ عَنْ ساقَيْها[ النمل : 44 ] . حتّى لا يصيب الماء ثوبها . فنبّهها بذلك على أن عرشها الّذي رأته من هذا القبيل وهذا غاية الإنصاف . فإنّه أعلمها بذلك إصابتها في قولها :"كَأَنَّهُ هُوَ"[ النمل: 42 ] .)

قال رضي الله عنه  : ( فأعطيت هذه الأمة المحمدية رتبة سليمان ) بالإصابة ( في الحكم ورتبة داود عليهما السلام ) بالاجتهاد ( فما أفضلها مرتبة ) .
ثم أنه رضي اللّه عنه أشار بوجه آخر إلى كمال علم سليمان عليه السلام في قصة بلقيس .

فقال رضي الله عنه  : ( ولما رأت بلقيس عرشها مع علمها ببعد المسافة واستحالة انتقاله في تلك المدة عندها قالت :كَأَنَّهُ هُوَ) حاكمة بالمشابهة والمغايرة ( وصدقت لما ذكرناه من تجديد الأمثال وهو هو ) في نفس الأمر ( وصدق الأمر ) في حكمه بالاتحاد ( كما أنك في زمان التجديد عين ما أنت في الزمان الماضي .
ثم إنه من كمال علم سليمان التنبيه الذي ذكره في الصرح فقيل لها :ادْخُلِي الصَّرْحَوكان صرحا أملس لا أمت ) ، أي لا عوج ولا بثق

 قال رضي الله عنه  : ( فيه من زجاجفَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةًأي ماء ، فكشفت عن ساقيها حتى لا يصيب الماء ثوبها فنبهها بذلك على أن عرشها الذي رأته من هذا القبيل . وهذا غاية الإنصاف فإنه أعلمها بذلك ) ، أي بكون الصرح مماثلا للماء ( إصابتها في قولها "كَأَنَّهُ هُوَ") ، فإنه كما كان الصرح مماثلا للماء كذلك كان وجود العرش عند سليمان عليه السلام مماثلا لوجوده في سبأ وهذا تنبيه فعلي كالتنبيه القولي في سؤاله بقوله :
أهكذا عرشك حيث لم يقل : هذا عرشك فتنبهت بهذين التنبيهين لتحديد الخلق مع الأنفاس وهو آية كاملة على قدرته تعالى باعثة على الإيمان به
  
قال رضي الله عنه :  ( فقالت عند ذلك :" رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ" أي إسلام سليمان "لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ" [ النمل : 44 ] . )

.
الفقرة الرابعة عشر على منتدي إتقوا الله ويعلمكم الله 
واتساب

No comments:

Post a Comment