Monday, December 23, 2019

السفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية الفقرة الخامسة .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية الفقرة الخامسة .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية الفقرة الخامسة .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وهذه معرفة لا يغيب عنها سليمان، بل هي من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده، يعني الظهور به في عالم الشهادة.
فقد أوتي محمد صلى الله عليه وسلم ما أوتيه سليمان، وما ظهر به: فمكنه الله تعالى تمكين قهر من العفريت الذي جاءه بالليل ليفتك به فهم بأخذه وربطه بسارية من سواري المسجد حتى يصبح فتلعب به ولدان المدينة، فذكر دعوة سليمان عليه السلام فرده الله خاسئا.
فلم يظهر عليه السلام بما أقدر عليه وظهر بذلك سليمان.
ثم قوله «ملكا» فلم يعم، فعلمنا أنه يريد ملكا ما.
ورأيناه قد شورك في كل جزء من الملك الذي أعطاه الله، فعلمنا أنه ما اختص إلا بالمجموع من ذلك، وبحديث العفريت، أنه ما اختص إلا بالظهور. وقد يختص بالمجموع والظهور.
ولو لم يقل صلى الله عليه وسلم في حديث العفريت «فأمكنني الله منه» لقلنا إنه لما هم بأخذه ذكره الله دعوة سليمان ليعلم أنه لا يقدره الله على أخذه، فرده الله خاسئا.
فلما قال فأمكنني الله منه علمنا أن الله تعالى قد وهبه التصرف فيه.
ثم إن الله ذكره فتذكر دعوة سليمان فتأدب معه، فعلمنا من هذا أن الذي لا ينبغي لأحد من الخلق بعد سليمان الظهور بذلك في العموم. ) .

قال رضي الله عنه :  (وهذه معرفة لا يغيب عنها سليمان عليه السّلام ، بل هي من الملك الّذي لا ينبغي لأحد من بعده ، يعني الظّهور به في عالم الشّهادة .  فقد أوتي محمّد صلى اللّه عليه وسلّم ما أوتيه سليمان ، وما ظهر به . فمكّنه اللّه تعالى تمكين قهر من العفريت الّذي جاءه باللّيل ليفتك به فهمّ بأخذه وربطه بسارية من سواري المسجد حتّى يصبح فتلعب به ولدان المدينة ، فذكر دعوة سليمان فردّه  اللّه خاسئا . فلم يظهر عليه السّلام بما أقدر عليه وظهر بذلك سليمان .
ثمّ قوله :مُلْكاً[ النساء : 54 ] فلم يعمّ ، فعلمنا أنّه يريد ملكا ما . ورأيناه قد شورك في كلّ جزء من الملك الّذي أعطاه اللّه ، فعلمنا أنّه ما اختصّ إلّا بالمجموع من ذلك ، وبحديث العفريت ، أنّه ما اختصّ إلّا بالظّهور ، وقد يختصّ بالمجموع والظّهور . ولو لم يقل صلى اللّه عليه وسلّم في حديث العفريت : « فأمكنني اللّه منه » لقلنا إنّه لمّا هم بأخذه ذكّره اللّه دعوة سليمان ليعلم أنّه لا يقدره اللّه على أخذه . فردّه اللّه خاسئا . فلمّا قال فأمكنني اللّه منه علمنا أنّ اللّه تعالى قد وهبه التّصرّف فيه . ثمّ إنّ اللّه ذكّره فتذكّر دعوة سليمان فتأدّب معه ، فعلمنا من هذا أنّ الّذي لا ينبغي لأحد من الخلق بعد سليمان الظّهور بذلك في العموم . )

قال رضي الله عنه :  (وهذه معرفة) بالحق تعالى كشفية ذوقية (لا يغيب عنها سليمان عليه السلام ) ومنها كان كتابه المذكور بل هي ، أي هذه المعرفة (من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده ) ، كما دعا اللّه تعالى بذلك فحصل له في قوله :رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي[ ص : 35 ] .
يعني بالذي لا ينبغي لأحد من بعده الظهور به أي بهذا الملك العرفاني والمقام الرباني الرحماني في عالم الشهادة أي عالم الحس والعقل فقد أوتي محمد نبينا صلى اللّه عليه وسلّم أي آتاه اللّه تعالى ما أوتيه سليمان عليه السلام من الملك ولكنه صلى اللّه عليه وسلم ما ظهر به في عالم الشهادة كما ظهر سليمان عليه السلام فمكنه ، أي مكن محمدا صلى اللّه عليه وسلّم اللّه تعالى تمكين قهر واستيلاء من العفريت وهو العاتي المتمرد من الجن الذي جاءه عليه السلام بالليل ليفتك به صلى اللّه عليه وسلّم .

أي يضره ويؤذيه فهم ، أي شرع واهتم بأخذه ، أي مسكه والقبض عليه وربطه بسارية ، أي عمود أو عضادة من سواري المسجد الحرام المدني حتى يصبح ، أي يدخل في الصباح فيلعب به ولدان المدينة فذكر .
أي تذكر صلى اللّه عليه وسلّم بدعوة أخيه سليمان عليه السلام ، في قوله :رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِيفرده ، أي العفريت اللّه تعالى خاسئا ، أي حقيرا ذليلا فلم يقدر على ما أراد بالنبي عليه السلام كما أخبر بذلك صلى اللّه عليه وسلّم في الحديث الصحيح «. رواه البخاري والنسائي

قال رضي الله عنه :  (فلم يظهر) ، أي النبي (عليه السلام مما أقدر) ، أي أقدره اللّه تعالى (عليه) من ذلك الملك (وظهر بذلك) الملك سليمان عليه السلام ثم قوله ، أي سليمان عليه السلام ربهَبْ لِيمُلْكاًفلم يعم في جميع العوالم وإن قال :لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِيفليس فيه إفادة العموم فعلمنا أنه ، أي سليمان عليه السلام يريد ملكا ما يعني ، أي ملك كان لكنه لا ينبغي لأحد من الناس ، فهو نظير السؤال في القدر من العزير عليه السلام ، وسؤال إبراهيم عليه السلام في طمأنينة قلبه باليقين ، فكأنه طلب أن اللّه تعالى يملكه في الخلق ملكا بطريق الظهور الإلهي في حقيقته السليمانية بتجلي القيومية من حضرة اسمه تعالى المالك ، ولو على شيء واحد ليعرف ويتحقق بصفة الملك الإلهي لكل شيء ذوقا ، زيادة على مجرد النسبة الاستخلافية الحاصلة لبني آدم بمقتضى الأحكام الشرعية من قوله تعالى :وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ[ الحديد : 7 ] .

قال رضي الله عنه :  (ورأيناه) ، أي سليمان عليه السلام (قد شورك) ، أي شاركه غيره في كل جزء ، أي فرد من أجزاء (الملك الذي أعطاه اللّه) تعالى ، أي لسليمان عليه السلام كما وقع لنبينا صلى اللّه عليه وسلم في قصة العفريت ، وفي واقعة جن نصيبين التي أشار إليها الحق تعالى بقوله :قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ[ الجن : 1 ] ، إلى آخره .ووقع للأولياء المحمديين كثير من ذلك كأبي البيان الدمشقي وغيره .

قال رضي الله عنه :  (فعلمنا) من ذلك (أنه) ، أي سليمان عليه السلام (ما اختص) دون غيره (إلا بالمجموع) المتفرق في غيره من ذلك ، أي الملك وبحديث العفريت المذكور قريبا علمنا منه أنه ، أي سليمان عليه السلام ما اختص دون غيره إلا بالظهور فقط ، وغيره لم يظهر بذلك مع مشاركته له فيه وقد يختص ، أي سليمان عليه السلام بالمجموع للأجزاء كلها والظهور بذلك معا ولو لم يقل أي نبينا محمد صلى اللّه عليه وسلم في حديث العفريت المذكور فأمكنني اللّه تعالى منه لقلنا إنه صلى اللّه عليه وسلم لما هم بأخذه والقبض عليه (ذكّره اللّه) تعالى (دعوة سليمان) عليه السلامرَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِيليعلم ، أي نبينا صلى اللّه عليه وسلم أنه لا يقدره اللّه تعالى على أخذه ، أي العفريت (فردّه) ، أي العفريت اللّه تعالى خاسئا ، لأن ذلك أمر مختص بسليمان عليه السلام فلما قال ، أي نبينا صلى اللّه عليه وسلم (فأمكنني اللّه) تعالى منه ، أي من العفريت (علمنا أن اللّه تعالى قد وهبه التصرف فيه) كما وهب سليمان عليه السلام إلا أن سليمان اختص بالظهور به دون غيره .

قال رضي الله عنه :  (ثم إن اللّه) تعالى (ذكره) ، أي نبينا صلى اللّه عليه وسلم (فتذكر دعوة سليمان) عليه السلام وهي الظهور بذلك (فتأدب) أي نبينا صلى اللّه عليه وسلم معه أي مع سليمان عليه السلام لأنه صلى اللّه عليه وسلم أكثر الناس أدبا وكمالا كما قال عليه السلام : «أدبني ربي فأحسن تأديبي»   فعلمنا من هذا الأمر المذكور أن الملك (الذي لا ينبغي لأحد من الخلق بعد سليمان) عليه السلام كما دعا هو بذلك (الظهور بذلك) الملك (في العموم) ، أي عموم أجزاء الملك .

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وهذه معرفة لا يغيب عنها سليمان، بل هي من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده، يعني الظهور به في عالم الشهادة.
فقد أوتي محمد صلى الله عليه وسلم ما أوتيه سليمان، وما ظهر به: فمكنه الله تعالى تمكين قهر من العفريت الذي جاءه بالليل ليفتك به فهم بأخذه وربطه بسارية من سواري المسجد حتى يصبح فتلعب به ولدان المدينة، فذكر دعوة سليمان عليه السلام فرده الله خاسئا.
فلم يظهر عليه السلام بما أقدر عليه وظهر بذلك سليمان.
ثم قوله «ملكا» فلم يعم، فعلمنا أنه يريد ملكا ما.
ورأيناه قد شورك في كل جزء من الملك الذي أعطاه الله، فعلمنا أنه ما اختص إلا بالمجموع من ذلك، وبحديث العفريت، أنه ما اختص إلا بالظهور. وقد يختص بالمجموع والظهور.
ولو لم يقل صلى الله عليه وسلم في حديث العفريت «فأمكنني الله منه» لقلنا إنه لما هم بأخذه ذكره الله دعوة سليمان ليعلم أنه لا يقدره الله على أخذه، فرده الله خاسئا.
فلما قال فأمكنني الله منه علمنا أن الله تعالى قد وهبه التصرف فيه.
ثم إن الله ذكره فتذكر دعوة سليمان فتأدب معه، فعلمنا من هذا أن الذي لا ينبغي لأحد من الخلق بعد سليمان الظهور بذلك في العموم. ) .

قال رضي الله عنه :  ( وهذه معرفة ) وهي معرفة الحق من الخلق بأمهات أسمائه ( لا يغيب عنها سليمان عليه السلام ) لكونه متصرفا في الملك متحققا بمعرفة الأسماء الإلهية ليمكن التصرف بها في الملك كله .
( بل هي ) أي بل هذه المعرفة ( من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده ) أي من بعد سليمان عليه السلام ( يعني الظهور به ) أي بهذا الملك ( في عالم الشهادة ) .
فدعا سليمان عليه السلام اختصاص ظهور الملك لا نفس الملك فجاز أن يعطي هذا الملك لأحد بعده لكن لا يظهر به ( فقد أوتي محمدا صلى اللّه عليه وسلم ما أوتيه سليمان عليه السلام وما ظهر ) أي ولم يظهر محمد عليه السلام ( به ) .
لأن ظهوره مختص بسليمان عليه السلام ( فمكنه اللّه ) أي محمدا بتشديد الكاف ( تمكين قهر من العفريت ) أي من كفرة الجن
قال رضي الله عنه :  ( الذي جاءه ) أي جاء الرسول عليه السلام ( بالليل ليضل به ) وفي بعض النسخ ليفتك به أي ليقتله غفلة ( فهمّ ) أي قصد الرسول عليه السلام ( بأخذه ) أي بأخذ العفريت ( وربطه بسارية ) أي بعمد ( من سواري ) أي من عمود ( المسجد حتى ) أن ( يصبح فيلعب به ) أي بهذا العفريت ( ولدان المدينة فذكر ) الرسول عليه السلام ( دعوة سليمان عليه السلام ) وهي قوله "وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي" .

قال رضي الله عنه :  ( فردّه اللّه ) أي العفريت ( خاسئا ) من الظفر على محمد صلى اللّه عليه وسلم ( فلم يظهر ) محمد ( عليه السلام بما أقدر عليه ) على البناء للمجهول أي جعل الحق محمدا قادرا على العفريت ( وظهر بذلك ) .
أي بما أقدر عليه محمد عليه السلام ( سليمان عليه السلام ثم قوله ملكا فلم يعم فعلمنا أنه ) أي سليمان عليه السلام ( يريد ملكا ما ) أي ملكا خاصا من الأملاك .
قال رضي الله عنه :  ( ورأيناه ) أي رأينا سليمان عليه السلام ( قد شورك ) سليمان عليه السلام مع غيره ( في كل جزء من الملك الذي أعطاه اللّه فعلمنا أنه ) أي أن سليمان عليه السلام ( ما اختص إلا بالمجموع من ذلك ) الملك الخاص المعطى له وأما أجزاء ذلك الملك الخاص فلا اختصاص لسليمان عليه السلام به .

فكان المجموع مختصا والأجزاء مشتركة ( و ) علمنا ( بحديث العفريت أنه ) أي أن سليمان عليه السلام ( ما اختص إلا بالظهور وقد يختص ) أي وقد اختص سليمان عليه السلام ( بالمجموع ) .
إذ لا يعطى هذا المجموع غير سليمان عليه السلام فلا شورك في نفس المجموع فكيف يشارك في الظهور بالمجموع وهو الملك المركب من الأجزاء ( والظهور ) أي اختص سليمان عليه السلام بظهور جزء جزء من الملك الذي أعطاه اللّه فلا يختص سليمان عليه السلام بذات جزء جزء .

قال رضي الله عنه :  ( فلو لم يقل عليه السلام في حديث العفريت فأمكنني اللّه منه ) أي أعطاني اللّه قدرة وتصرفا في العفريت ( لقلنا إنه لما همّ بأخذه ) أي بأخذ هذا العفريت ( ذكره اللّه دعوة سليمان عليه السلام ليعلم الرسول عليه السلام أنه لا يقدره اللّه ) من الأقدار .
أي ليعلم الرسول عليه السلام أن اللّه لا يعطي له القدرة ( على أخذه فردّه اللّه خاسئا فلما قال فامكنني اللّه منه علمنا ) من هذا القول ( إن اللّه تعالى قد وهبه التصرف فيه ) أي في العفريت .

قال رضي الله عنه :  ( ثم إن اللّه ذكره ) من التذكير ( فتذكر ) الرسول عليه السلام ( دعوة سليمان عليه السلام فتأدب معه فعلمنا من هذا ) أي من حديث العفريت ( أن ) هذا ( الذي ) أي الملك الذي ( لا ينبغي لأحد من الخلق بعد سليمان عليه السلام الظهور بذلك ) الملك ( في العموم ) أي لا يظهر تصرفه في ذلك الملك في عموم الخلائق فعلم اختصاصه بالظهور بحديث العفريت واختصاصه بالمجموع باشتراكه في أجزاء الملك .

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وهذه معرفة لا يغيب عنها سليمان، بل هي من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده، يعني الظهور به في عالم الشهادة.
فقد أوتي محمد صلى الله عليه وسلم ما أوتيه سليمان، وما ظهر به: فمكنه الله تعالى تمكين قهر من العفريت الذي جاءه بالليل ليفتك به فهم بأخذه وربطه بسارية من سواري المسجد حتى يصبح فتلعب به ولدان المدينة، فذكر دعوة سليمان عليه السلام فرده الله خاسئا.
فلم يظهر عليه السلام بما أقدر عليه وظهر بذلك سليمان.
ثم قوله «ملكا» فلم يعم، فعلمنا أنه يريد ملكا ما.
ورأيناه قد شورك في كل جزء من الملك الذي أعطاه الله، فعلمنا أنه ما اختص إلا بالمجموع من ذلك، وبحديث العفريت، أنه ما اختص إلا بالظهور. وقد يختص بالمجموع والظهور.
ولو لم يقل صلى الله عليه وسلم في حديث العفريت «فأمكنني الله منه» لقلنا إنه لما هم بأخذه ذكره الله دعوة سليمان ليعلم أنه لا يقدره الله على أخذه، فرده الله خاسئا.
فلما قال فأمكنني الله منه علمنا أن الله تعالى قد وهبه التصرف فيه.
ثم إن الله ذكره فتذكر دعوة سليمان فتأدب معه، فعلمنا من هذا أن الذي لا ينبغي لأحد من الخلق بعد سليمان الظهور بذلك في العموم. ) .

قال رضي الله عنه :  ( وهذه معرفة لا يغيب عنها سليمان، بل هي من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده، يعني الظهور به في عالم الشهادة.فقد أوتي محمد صلى الله عليه وسلم ما أوتيه سليمان، وما ظهر به: فمكنه الله تعالى تمكين قهر من العفريت الذي جاءه بالليل ليفتك به فهم بأخذه ربطه بسارية من سواري المسجد حتى يصبح فتلعب به ولدان المدينة، فذكر دعوة سليمان عليه السلام فرده الله خاسئا. فلم يظهر عليه السلام بما أقدر عليه وظهر بذلك سليمان. ثم قوله «ملكا» فلم يعم، فعلمنا أنه يريد ملكا ما. ورأيناه قد شورك في كل جزء من الملك الذي أعطاه الله، فعلمنا أنه ما اختص إلا بالمجموع من ذلك، وبحديث العفريت، أنه ما اختص إلا بالظهور. وقد يختص بالمجموع والظهور. ولو لم يقل صلى الله عليه وسلم في حديث العفريت «فأمكنني الله منه» لقلنا إنه لما هم بأخذه ذكره الله دعوة سليمان ليعلم أنه لا يقدره الله على أخذه، فرده الله خاسئا. فلما قال فأمكنني الله منه علمنا أن الله تعالى قد وهبه التصرف فيه. ثم إن الله ذكره فتذكر دعوة سليمان فتأدب معه، فعلمنا من هذا أن الذي لا ينبغي لأحد من الخلق بعد سليمان الظهور بذلك في العموم.(

قال، رضي الله عنه: ليس الأمر كما قالوه وإن أوهم تمزيق کسری کتاب النبي عليه السلام ، صدق من من توهم ذلك.
ثم ذكر أن ذكر سليمان الرحمن الرحيم هو إرادة إبراز حکم الرحمتین 
أما الأولى، فهو قوله الرحمن وهذه هي رحمة الامتنان. 
 قال: والرحمة الأخرى، هي التي كتبها على نفسه بقوله تعالى: "كتب ربكم على نفسه الرحمة " [الأنعام: 54] وبسط القول في ذلك.
واعلم أن هذا الكلام من الشيخ، رضي الله عنه، ليس هو من حضرة المعرفة بل من حضرة العلم إلا اليسير من كلامه وذلك اليسير غیر مخلص، لأنه، رضي الله عنه، راعى فيه مراتب عقول المحجوبين.
لأنه، عليه صلى الله عليه وسلم  قال الشيخ رضي الله عنه :  للشيخ : خذ هذا فاخرج به للناس والمعرفة لا يليق بالناس وإنما يليق بهم العلم. 
وأما العارفون فهم صفات الله تعالی عن شهود منهم، 
لذلك فالشيخ قد أطال وبين فلا نحتاج نحن إلى زيادة شرح.

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وهذه معرفة لا يغيب عنها سليمان، بل هي من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده، يعني الظهور به في عالم الشهادة.
فقد أوتي محمد صلى الله عليه وسلم ما أوتيه سليمان، وما ظهر به: فمكنه الله تعالى تمكين قهر من العفريت الذي جاءه بالليل ليفتك به فهم بأخذه وربطه بسارية من سواري المسجد حتى يصبح فتلعب به ولدان المدينة، فذكر دعوة سليمان عليه السلام فرده الله خاسئا.
فلم يظهر عليه السلام بما أقدر عليه وظهر بذلك سليمان.
ثم قوله «ملكا» فلم يعم، فعلمنا أنه يريد ملكا ما.
ورأيناه قد شورك في كل جزء من الملك الذي أعطاه الله، فعلمنا أنه ما اختص إلا بالمجموع من ذلك، وبحديث العفريت، أنه ما اختص إلا بالظهور. وقد يختص بالمجموع والظهور.
ولو لم يقل صلى الله عليه وسلم في حديث العفريت «فأمكنني الله منه» لقلنا إنه لما هم بأخذه ذكره الله دعوة سليمان ليعلم أنه لا يقدره الله على أخذه، فرده الله خاسئا.
فلما قال فأمكنني الله منه علمنا أن الله تعالى قد وهبه التصرف فيه.
ثم إن الله ذكره فتذكر دعوة سليمان فتأدب معه، فعلمنا من هذا أن الذي لا ينبغي لأحد من الخلق بعد سليمان الظهور بذلك في العموم. ) .

قال رضي الله عنه : (وهذه معرفة لا يغيب عنها سليمان عليه السّلام بل هي من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده ) .
يعني الظهور به في عالم الشهادة يشير إلى أنّ سليمان كان عارفا بأنّ الله هو العامل بسليمان وغيره ما يصدر عنه من الأعمال والتصرّفات والتسخيرات ، ولو لم يشهد أنّ الله عينه وجميع قواه وجوارحه ، لما يأتي له هذا السلطان والحكم الكلَّي والأمر الفعلي .

قال رضي الله عنه : ( فقد أوتي محمّد صلى الله عليه وسلَّم ما أوتي سليمان عليه السّلام وما ظهر به ، فمكَّنه الله - تعالى - تمكين قهر من العفريت الذي جاءه بالليل ليفتك به ، فهم بأخذه وربطه بسارية من سواري المسجد ، حتى يصبح ، فيلعب به ولدان المدينة ، فذكر دعوة سليمان عليه السّلام فردّه الله خاسئا ، فلم يظهر عليه السّلام بما أقدره الله عليه ، فظهر بذلك سليمان . ثم قوله : « مُلْكاً » فلم يعمّ ، فعلمنا أنّه يريد ملكا ما ، ورأيناه قد شورك في كل جزء من الملك الذي أعطاه الله ، فعلمنا أنّه ما اختصّ إلَّا بالمجموع من ذلك ، وبحديث العفريت أنّه ما اختصّ إلَّا بالظهور ، وقد يختصّ بالمجموع والظهور ، ولو لم يقل صلى الله عليه وسلم في حديث العفريت : « فأمكنني الله منه » لقلنا : إنّه لمّا همّ بأخذه ، ذكَّره الله دعوة سليمان عليه السّلام فعلم أنّه لا يقدره الله على أخذه ، فردّه الله خاسئا ، فلمّا قال : « فأمكنني الله منه » علمنا أنّه قد وهبه الله التصرّف فيه ، ثم إنّ الله ذكَّره فتذكَّر دعوة سليمان عليه السّلام فتأدّب معه ، فعلمنا من هذا أنّ الذي لا ينبغي لأحد من الخلق بعد سليمان الظهور بذلك في العموم ) .

قال العبد : كل هذا مشروح لا مزيد عليه .

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وهذه معرفة لا يغيب عنها سليمان، بل هي من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده، يعني الظهور به في عالم الشهادة.
فقد أوتي محمد صلى الله عليه وسلم ما أوتيه سليمان، وما ظهر به: فمكنه الله تعالى تمكين قهر من العفريت الذي جاءه بالليل ليفتك به فهم بأخذه وربطه بسارية من سواري المسجد حتى يصبح فتلعب به ولدان المدينة، فذكر دعوة سليمان عليه السلام فرده الله خاسئا.
فلم يظهر عليه السلام بما أقدر عليه وظهر بذلك سليمان.
ثم قوله «ملكا» فلم يعم، فعلمنا أنه يريد ملكا ما.
ورأيناه قد شورك في كل جزء من الملك الذي أعطاه الله، فعلمنا أنه ما اختص إلا بالمجموع من ذلك، وبحديث العفريت، أنه ما اختص إلا بالظهور. وقد يختص بالمجموع والظهور.
ولو لم يقل صلى الله عليه وسلم في حديث العفريت «فأمكنني الله منه» لقلنا إنه لما هم بأخذه ذكره الله دعوة سليمان ليعلم أنه لا يقدره الله على أخذه، فرده الله خاسئا.
فلما قال فأمكنني الله منه علمنا أن الله تعالى قد وهبه التصرف فيه.
ثم إن الله ذكره فتذكر دعوة سليمان فتأدب معه، فعلمنا من هذا أن الذي لا ينبغي لأحد من الخلق بعد سليمان الظهور بذلك في العموم. ) .

قال رضي الله عنه :   (وهذه معرفة لا يغيب عنها سليمان عليه السلام ، بل هي من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده يعنى الظهور به في عالم الشهادة ) يعنى أن سليمان كان عارفا بأن الله هو العامل بسليمان وغيره ما يصدر عنه من الأعمال والتصرفات والتسخيرات ،

ولو لم يشهد أن الله عينه وجميع قواه وجوارحه لما تأتي له هذا السلطان والحكم الكلى ( فقد أوتى محمد عليه الصلاة والسلام ما أوتيه سليمان وما ظهر ، فمكنه الله تمكين قهر من العفريت الذي جاءه بالليل ليفتك به ) وفي نسخة : ليضل به .

قال رضي الله عنه :   ( فهم بأخذه وربطه بسارية من سواري المسجد حتى يصبح فيلعب ولدان المدينة به فذكر دعوة سليمان عليه السلام فرده الله خاسئا فلم يظهر عليه الصلاة والسلام بما أقدر عليه وظهر بذلك سليمان ، ثم قوله -   "مُلْكاً" .
فلم يعم فعلمنا أنه يريد ملكا ما ورأيناه قد شورك في كل جزء وجزء من الملك الذي أعطاه الله فعلمنا أنه ما اختص إلا بالمجموع من ذلك وبحديث العفريت إنه ما اختص إلا بالظهور ، وقد يختص سليمان بالمجموع والظهور ولو لم يقل صلى الله عليه وسلم في حديث العفريت « فأمكنني الله منه » لقلنا إنه لما هم بأخذه ذكره الله دعوة سليمان ليعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لا يقدره الله على أخذه فرده الله خاسئا ، فلما قال « فأمكنني الله منه » علمنا أن الله تعالى قد وهبه التصرف فيه ، ثم إن الله ذكره فتذكر دعوة سليمان فتأدب معه فعلمنا من هذا أن الذي لا ينبغي لأحد من الخلق بعد سليمان الظهور بذلك في العموم ) وهذا كله ظاهر .


مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وهذه معرفة لا يغيب عنها سليمان، بل هي من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده، يعني الظهور به في عالم الشهادة.
فقد أوتي محمد صلى الله عليه وسلم ما أوتيه سليمان، وما ظهر به: فمكنه الله تعالى تمكين قهر من العفريت الذي جاءه بالليل ليفتك به فهم بأخذه وربطه بسارية من سواري المسجد حتى يصبح فتلعب به ولدان المدينة، فذكر دعوة سليمان عليه السلام فرده الله خاسئا.
فلم يظهر عليه السلام بما أقدر عليه وظهر بذلك سليمان.
ثم قوله «ملكا» فلم يعم، فعلمنا أنه يريد ملكا ما.
ورأيناه قد شورك في كل جزء من الملك الذي أعطاه الله، فعلمنا أنه ما اختص إلا بالمجموع من ذلك، وبحديث العفريت، أنه ما اختص إلا بالظهور. وقد يختص بالمجموع والظهور.
ولو لم يقل صلى الله عليه وسلم في حديث العفريت «فأمكنني الله منه» لقلنا إنه لما هم بأخذه ذكره الله دعوة سليمان ليعلم أنه لا يقدره الله على أخذه، فرده الله خاسئا.
فلما قال فأمكنني الله منه علمنا أن الله تعالى قد وهبه التصرف فيه.
ثم إن الله ذكره فتذكر دعوة سليمان فتأدب معه، فعلمنا من هذا أن الذي لا ينبغي لأحد من الخلق بعد سليمان الظهور بذلك في العموم. ) .

قال رضي الله عنه :  ( وهذه معرفة لا يغيب عنها سليمان ، عليه السلام ، بل هي من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده ، يعنى ، الظهور به في عالم الشهادة . )
أي ، لا تفوت مثل هذه المعرفة عن سليمان ، لأنه من المرسلين لكافة الخلائق جنا وإنسا ، ومن الخلفاء المتصرفين في الرعية .
وقد علمت أن الخليفة لا بد وأن يكون متحققا بالأسماء الإلهية ومعرفتها ، ليمكن له التصرف بها في العالم .
وإنما جعل المعرفة من الملك ، لأن الملك دولة الظاهر وسلطنته ، وهي لا تحصل إلا بروحها التي هي الدولة الباطنة ، وروح هذه الدولة هي المعرفة بالله وأسمائه التي بها يتصرف في الأكوان ، فالمعرفة روح دولته ، كما أن الولاية باطن نبوته وروحها .

وقوله رضي الله عنه  : ( يعنى الظهور به ) تفسير ( لا ينبغي لأحد ) أي ، لا ينبغي لأحد أن يظهر بهذا لملك في الشهادة ، لا أنه لا يؤتى لأحد . فإن الأقطاب والكمل متحققون بهذا المقام قبله وبعده ، ولكن لا يظهرون به .

قال رضي الله عنه :  ( فقد أوتى محمد ، صلى الله عليه وسلم ، ما أوتيه سليمان وما ظهر به ) أي ، فلم يظهر به ( محمد ، عليه السلام : فمكنه الله تعالى تمكين قهر من العفريت الذي جاء بالليل ليضل به . )
وفي نسخه : ( ليفتك به ) ( فهم بأخذه وربطه بسارية من سواري المسجد ) أي ، بعمود من عمد المسجد .
قال رضي الله عنه :  ( حتى يصبح فيلعب به ولدان المدينة فذكر ) أي ، رسول الله ، صلى الله عليه وسلم .
( دعوة سليمان ، عليه السلام ، فرده الله خاسئا ) أي ، رد العفريت خاسئا عن الظفر عليه .
قال رضي الله عنه :  ( فلم يظهر ، عليه السلام ، بما أقدر عليه ) على المبنى للمفعول . أي ، جعله الله قادرا . (  وظهر بذلك سليمان .

ثم قوله : ( ملكا ) ، فلم يعم ، فعلمنا أنه يريد ملكا ما ) من الأملاك المتعلقة بالعالم ، أي ملكا خاصا .
( ورأيناه قد شورك في كل جزء جزء من الملك الذي أعطاه الله ، فعلمنا أنه ) أي ، إن سليمان . ( ما اختص إلا بالمجموع من ذلك وبحديث العفريت ) أي ، وعلمنا بحديث العفريت .
( إنه ما اختص إلا بالظهور . وقد يختص سليمان بالمجموع والظهور . ) ( وقد ) هاهنا للتحقيق .
كقوله تعالى : ( قد يعلم الله ) . أي ، سليمان اختص بمجموع أجزاء الملك وبالظهور بالتصرف فيها .

قال رضي الله عنه :  ( ولو لم يقل ، صلى الله عليه وسلم ، في حديث العفريت : "فأمكنني الله تعالى منه " لقلنا إنه لما هم بأخذه ، ذكره الله دعوة سليمان ، ليعلم رسول الله أنه لا يقدره الله) بسكون القاف من ( الإقدار ) .

قال رضي الله عنه :  ( على أخذه ، فرده الله خاسئا . فلما قال : "فأمكنني الله منه " علمنا أن الله تعالى قد وهبه التصرف فيه . ثم إن الله ذكره ، فتذكر دعوة سليمان ، فتأدب معه ، فعلمنا من هذا أن الذي لا ينبغي لأحد من الخلق بعد سليمان الظهور بذلك في العموم . )

وليس غرضنا من هذه المسألة إلا الكلام والتنبيه على "الرحمتين " اللتين ذكرهما سليمان في الاسمين اللذين تفسيرهما بلسان العرب : "الرحمن الرحيم " . )
نبه بهذا الكلام على أن الأسماء اللفظية أسماء الأسماء الإلهية .
وهي عبارة عن الحقائق الإلهية وأعيانها التي هي مظاهرها . كما مر بيانه في المقدمات .
( فقيد رحمة الوجوب . ) كما قال : ( بالمؤمنين رؤوف رحيم ) .
وقال : "سأكتبها للذين يتقون " .

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ
:
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وهذه معرفة لا يغيب عنها سليمان، بل هي من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده، يعني الظهور به في عالم الشهادة.
فقد أوتي محمد صلى الله عليه وسلم ما أوتيه سليمان، وما ظهر به: فمكنه الله تعالى تمكين قهر من العفريت الذي جاءه بالليل ليفتك به فهم بأخذه وربطه بسارية من سواري المسجد حتى يصبح فتلعب به ولدان المدينة، فذكر دعوة سليمان عليه السلام فرده الله خاسئا.
فلم يظهر عليه السلام بما أقدر عليه وظهر بذلك سليمان.
ثم قوله «ملكا» فلم يعم، فعلمنا أنه يريد ملكا ما.
ورأيناه قد شورك في كل جزء من الملك الذي أعطاه الله، فعلمنا أنه ما اختص إلا بالمجموع من ذلك، وبحديث العفريت، أنه ما اختص إلا بالظهور. وقد يختص بالمجموع والظهور.
ولو لم يقل صلى الله عليه وسلم في حديث العفريت «فأمكنني الله منه» لقلنا إنه لما هم بأخذه ذكره الله دعوة سليمان ليعلم أنه لا يقدره الله على أخذه، فرده الله خاسئا.
فلما قال فأمكنني الله منه علمنا أن الله تعالى قد وهبه التصرف فيه.
ثم إن الله ذكره فتذكر دعوة سليمان فتأدب معه، فعلمنا من هذا أن الذي لا ينبغي لأحد من الخلق بعد سليمان الظهور بذلك في العموم. ) .

قال رضي الله عنه :  (وهذه معرفة لا يغيب عنها سليمان عليه السّلام ، بل هي من الملك الّذي لا ينبغي لأحد من بعده ، يعني الظّهور به في عالم الشّهادة ، فقد أوتي محمّد صلّى اللّه عليه وسلّم ما أوتيه سليمان ، وما ظهر به ؛ فمكنه اللّه تعالى تمكين قهر من العفريت الّذي جاءه باللّيل ليفتك به فهمّ بأخذه وربطه بسارية من سواري المسجد حتّى يصبح فتلعب به ولدان المدينة ، فذكر دعوة سليمان فردّه اللّه خاسئا ، فلم يظهر عليه السّلام بما أقدر عليه وظهر بذلك سليمان ، ثمّ قوله :مُلْكاً[ النساء : 54 ] ، فلم يعمّ ، فعلمنا أنّه يريد ملكا ما ، ورأيناه قد شورك في كلّ جزء من الملك الّذي أعطاه اللّه ، فعلمنا أنّه ما اختصّ إلّا بالمجموع من ذلك ، وبحديث العفريت ، أنّه ما اختصّ إلّا بالظّهور ، وقد يختصّ بالمجموع والظّهور ) .

قال رضي الله عنه :  ( وهذه ) أي :  معرفة أولية كل شيء وآخريته وظاهريته وباطنيته مندرجة في هذه الأسماء الإلهية الشاملة سائر أسمائه ، ( معرفة لا يغيب عنها سليمان ) في جميع أحواله ، فكان يرى الحق بكليته في كل شيء مع الخصوصيات التي له باعتبار تفاصيل الأشياء من حيث اندراجها في كليته ؛ فلذلك كان مجلي الرحمانية المتضمنة للرحيمية ، ( بل هو ) أي : دوام هذه المعرفة له .

قال رضي الله عنه :  ( من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده ) ، إذ به ناسب الحق والخلق مناسبة كلية مندرجة فيها المناسبات الخاصة للأشياء من غير اختلال فيها بالغيبة عنها الموجبة للحجاب عن الحق والخلق بمقدار ما غاب عنه من هذه المعرفة ، فكان يتصرف في الكل بالتصرف الكلي مندرجة فيها الجزئيات .
ولما أوهم ذلك فضيلة على نبينا صلّى اللّه عليه وسلّم ، أزال ذلك بقوله : ( يعني الظهور به في عالم الشهادة ) ؛ لأنه لم يكن لمحمد صلّى اللّه عليه وسلّم في الدنيا ولا أنه لا يظهر به في عالم الغيب أبدا ( فقد أوتي محمد صلّى اللّه عليه وسلّم ) في عالم الشهادة ( ما أوتيه سليمان عليه السّلام ) من هذا الملك الذي به تصرفه في الجن والإنس والطير والوحش ، ( وما ظهر به ) في عالم الشهادة ، وسيظهر به يوم القيامة ، فيجعل من آمن به من أهل الجنة ومن كفر به من أهل النار .

والدليل على أنه صلّى اللّه عليه وسلّم أوتيه ما روي عن أبي هريرة عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنه قال : « أن عفريتا من الجن تغلب عليّ البارحة ؛ ليقطع عليّ صلاتي ، فأمكنني اللّه منه ، فأخذته فأردت أن أربطه بسارية من سواري المسجد ، حتى ينظر إليه كلكم ، فذكرت دعوة أخي سليمانقالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ[ ص : 35 ] ، فرددته خاسئا » رواه ابن حبان والبيهقي.

قال رضي الله عنه :  ( فمكنه اللّه تمكين قهر ) ، وهو غاية التصرف ( من العفريت الذي جاءه بالليل ) خصّ مجيئه بالليل ؛ لأنه أهول ( ليفتك به ) ، وفي نسخة :
" ليضل به " ، والتمكين من مثل هذا العفريت الذي يقصد مثل هذا النبي تمكين من كل عفريت ( فهم بأخذه وربطه ) ، وهذا لا ينافي ما سبق من أخذه ؛ لتعلق هذا بالمجموع من الأخذ والربط ( بسارية من سواري المسجد ) خصه لإفادته غاية الشهرة ؛ لأن المسجد من شأنه أن يدخله كل أحد بخلاف البيت ( حتى يصبح فتلعب به ولدان المدينة ) .

وهذا غاية القهران يصير من يقصد أشد الناس بالفتك ملعبا لصبيان البلد قويهم وضعيفهم ، وإن يصير من يعتاد الاختفاء عن نظر أهل العلم والفضل عاجزا عن الاختفاء عن الصبيان ، ( فذكر دعوة سليمان ) ، وهي قوله : "وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي" [ ص : 35 ] ،
فرده صلّى اللّه عليه وسلّم خاسئا ، فلم يظهر عليه السّلام بما أقدر عليه من قهره وربطه وجعله ملعبا للصبيان ، وظهر بذلك سليمان ، فاستعملهم إجمالا ساقه من الغوص في البحر ، ومن بناء البلدان وغير ذلك ، وقتل بعضهم وحبس بعضهم في نحو قمقمة .

ثم إنه عليه السّلام لو ظهر به لم يكن فعله منافيا لمقتضى دعوة سليمان ، ولكن لم يظهر به ؛ لأنه وإن كان في معنى التصرف الكلي إلا أنه في صورة الجزئي ، فلم ير الظهور به لائقا بكماله ، إذ ( قوله ملكا ) نكرة في سياق الأبيات ( فلم يعم ) كل فرد ونوع من الملك .

قال رضي الله عنه :  ( فعلمنا أنه يريد ) بهذه الدعوة ( ملكا ما ) أي : نوعا أو فردا خاصّا منه ، ولكن ليس المراد أي نوع وفرد ؛ لأنّا ( رأيناه قد شورك في كل جزء ) جزء أي : فرد فرد ، ونوع نوع ؛ لأنه جزء من مجموع الأفراد والأنواع ( من الملك الذي أعطاه اللّه ) .
ولا شكّ أنه استجابة لهذا الدعاء لا زائد على ما دعاه ، وهو مجموع أنواعه وأفراده ، ( فعلمنا أنه ما اختص إلا بالمجموع من ذلك ) الملك الكلي الشامل على الملك المجموع ، والذي هو جزء منه والمجموع أيضا ليس من خواصه على الإطلاق ، إذ علمنا ( تحديث العفريت ) الذي التمكين منه تمكين كلي ( أنه ما اختص إلا بالظهور بالمجموع ) .
وإنما حصل الظهور ببعض أجزائه ، وإن شاركه في الكل لمحمد صلّى اللّه عليه وسلّم ؛ ولذلك يقول :
( قد يختص ) غيره بالمجموع من غير ظهور به كنبيّنا صلّى اللّه عليه وسلّم والظهور من غير جمع كسائر الملوك ، وبعض من يسمع تسخيره للجن ، وبعض الشيوخ المسخرين للطيور والوحوش ، ولكن لا يفهم هذا من القرآن والحس إنما علم به الظهور من غير جمع .

قال رضي الله عنه :  (ولو لم يقل صلّى اللّه عليه وسلّم في حديث العفريت : « فأمكنني اللّه منه » .  لقلنا : إنّه لمّا هم بأخذه ذكّره اللّه دعوة سليمان ليعلم أنّه لا يقدره اللّه على أخذه ، فردّه اللّه خاسئا ، فلمّا قال فأمكنني اللّه منه علمنا أنّ اللّه تعالى قد وهبه التّصرّف فيه ، ثمّ إنّ اللّه ذكّره فتذكّر دعوة سليمان فتأدّب معه ، فعلمنا من هذا أنّ الّذي لا ينبغي لأحد من الخلق بعد سليمان الظّهور بذلك في العموم ،).

فلذلك قال رضي الله عنه  : ( ولو لم يقل صلّى اللّه عليه وسلّم في حديث العفريت : « فأمكنني اللّه منه » ؛ لقلنا أنه صلّى اللّه عليه وسلّم لما هم يأخذه لربطه ذكره اللّه دعوة سليمان ؛ ليعلم أنه لا يقدره اللّه على أخذه ) ، وإن كان هذا الأخذ جزء من المجموع إلا أنه قد حصل له الجزء الآخر ، فلو حصل هذا معه  لحصل له المجموع ، ولا يدل على هذا كونه مردودا خاسئا ، إذ نقول على ذلك التقدير لم يجعل اللّه له سلطانا عليه ، كما لم يجعله على عباده المصطفين.

قال رضي الله عنه  : ( فرده اللّه خاسئا ، فلما قال :  " فأمكنني اللّه منه » ) ؛ لئلا يكون عدم تسلط الشيطان مثل عدم تسلطه صلّى اللّه عليه وسلّم فيتكافآن ، ويلزم تفضيل سليمان عليه السّلام عليه ( علمنا أن اللّه قد وهبه التصرف فيه ) تكميلا لملكه الذي هو من جملة فضائله وكمالاته .
( ثم إن اللّه ذكره ) دعوة سليمان ، فتذكر دعوة سليمان ، فعلم أنه لو ظهر به لكان رادّا لدعوة سليمان وأمكنه ردّا لدعوة ، لكن فيه إساءة الأدب ( معه ، فتأدب ) سليمان عليه السّلام معه ، ( فعلمنا من هذا ) التقرير أن : مراد سليمان عليه السّلام بالملك ( الذي لا ينبغي لأحد من الخلق ) احترز به عن ملك الحق ، فإنه أشمل من ملك سليمان بكل حال من الأزل إلى الأبد ، ( بعد سليمان الظهور بذلك في العموم ) ، إذ علمنا من الحديث أن المراد من الاختصاص الظهور ، ومن الحس الاختصاص بالمجموع .

ثم أشار - رحمه اللّه - إلى أنه ليس غرضه بيان ما اختص به سليمان عليه السّلام من هذا الملك ، ولا بيان فضيلة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في أنه أوتي مثل ما أوتي سليمان عليه السّلام .

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وهذه معرفة لا يغيب عنها سليمان، بل هي من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده، يعني الظهور به في عالم الشهادة.
فقد أوتي محمد صلى الله عليه وسلم ما أوتيه سليمان، وما ظهر به: فمكنه الله تعالى تمكين قهر من العفريت الذي جاءه بالليل ليفتك به فهم بأخذه وربطه بسارية من سواري المسجد حتى يصبح فتلعب به ولدان المدينة، فذكر دعوة سليمان عليه السلام فرده الله خاسئا.
فلم يظهر عليه السلام بما أقدر عليه وظهر بذلك سليمان.
ثم قوله «ملكا» فلم يعم، فعلمنا أنه يريد ملكا ما.
ورأيناه قد شورك في كل جزء من الملك الذي أعطاه الله، فعلمنا أنه ما اختص إلا بالمجموع من ذلك، وبحديث العفريت، أنه ما اختص إلا بالظهور.  وقد يختص بالمجموع والظهور.
ولو لم يقل صلى الله عليه وسلم في حديث العفريت «فأمكنني الله منه» لقلنا إنه لما هم بأخذه ذكره الله دعوة سليمان ليعلم أنه لا يقدره الله على أخذه، فرده الله خاسئا.
فلما قال فأمكنني الله منه علمنا أن الله تعالى قد وهبه التصرف فيه.
ثم إن الله ذكره فتذكر دعوة سليمان فتأدب معه، فعلمنا من هذا أن الذي لا ينبغي لأحد من الخلق بعد سليمان الظهور بذلك في العموم. ) .

ملك سليمان الذي لا ينبغي لأحد
قال رضي الله عنه :  ( وهذه معرفة لا يغيب عنها سليمان عليه السّلام ) يعني رؤية هذه الأسماء التي لها الإحاطة التامّة والجمعية الكاملة من الخلق ( بل هي من ) جملة ( الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده ) .

وهاهنا تلويح يدلَّك على أمور لا بدّ من الاطَّلاع عليها ، وهو أنّ للتسعة الإحاطة التامّة والجمعيّة الكماليّة - كما عرفت غير مرّة - وبيّن أنّها إذا وقعت في مرتبة العشرات لاكتساب الجمعيّة البرزخيّة التي هناك لها مزيد كمال ، ولذلك تراه يترتّب عليها حينئذ إشعار بأمور تستتبعه آثار في عالم الإظهار .
لإبرازه النسب التي هي منبع العجائب وأصل بدائع الصنائع - كما بيّن في موضعه - ولوقوع ذلك العدد في اسم سليمان موقعه وإحاطته بطرفيه بوحدتهما الكماليّة قد ظهر منه ما ظهر ، وهو الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده - كما لا يخفى .

كان لرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم مثل ملك سليمان ولا يتظاهر به
ثمّ إن ذلك الملك قد يكون بحسب العلم والشعور ، وقد يكون بحسب الوجود والظهور ، والذي اختصّ به سليمان بين الكمّل هو الظهور به .
وإليه أشار بقوله : ( يعني الظهور به في عالم الشهادة ) المسمّاة بعالم الملك أيضا ، ( فقد أوتي محمّد عليه الصلاة والسّلام ما أوتي به سليمان وما ظهر به ) ، ومن تأمّل في كيفيّة انطواء الاسمين على ذلك العدد يظهر له ذلك .
والذي يدلّ على أنّه أوتي محمّد صلَّى الله عليه وسلَّم ذلك الملك أنّه جاءه عفريت أي خبيث ، من الجن

قال رضي الله عنه :  ( فمكَّنه الله تمكين قهر من العفريت الذي جاءه بالليل ليفتك به ، فهمّ بأخذه وربطه بسارية من سواري المسجد حتى يصبح فيلعب به ولدان المدينة ، فذكر دعوة سليمان فردّه الله خاسئا ، فلم يظهر عليه بما أقدر عليه ، وظهر بذلك سليمان ) .

قال رضي الله عنه :  ( ثم قوله “  مُلْكاً “) أي ثمّ إظهاره ، فإنّ القول أبين مراتب الإظهار ( فلم يعمّ ، فعلمنا ) بتنكير الملك في قوله وإظهاره ( أنّه يريد ملكا ما ) خاصّا من الأملاك ، ( ورأيناه قد شورك في كل جزء جزء من الملك ) فإنّ لكل أحد من النبيّين تصرّفا في جزء من أجزاء الملك ( الذي أعطاه الله تعالى ، فعلمنا ) بهذه الآية المنزلة ( أنّه ما اختصّ إلا بالمجموع من ذلك ) الأملاك .

فأحديّة جمع الكلّ هو الملك الخاصّ الذي سأله هذا ، وعلمناه لمنطوق كلامه ( وبحديث العفريت أنّه ما اختصّ إلا بالظهور وقد يختصّ بالمجموع والظهور ) الذين هما أثر رحمة الامتنان ورحمة الوجوب . و « قد » هاهنا للتحقيق ، مثل : “  قَدْ يَعْلَمُ الله “  [ 24 / 63 ] . .

قال رضي الله عنه :  (ولو لم يقل صلَّى الله عليه وسلَّم في حديث العفريت : « فأمكنني الله منه » لقلنا : إنّه لما همّ بأخذه ذكَّر الله دعوة سليمان ، ليعلم أنّه لا يقدره الله على أخذه ، فردّه الله خاسئا . فلما قال : « أمكنني الله منه » علمنا أنّ الله تعالى قد وهبه التصرّف فيه ، ثمّ إنّ الله ذكَّره فتذكَّر دعوة سليمان ، فتأدّب معه . فعلمنا من هذا أنّ الذي لا ينبغي لأحد من الخلق بعد سليمان الظهور بذلك في العموم ) على ما هو مؤدّى الرحمتين .

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وهذه معرفة لا يغيب عنها سليمان، بل هي من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده، يعني الظهور به في عالم الشهادة.
فقد أوتي محمد صلى الله عليه وسلم ما أوتيه سليمان، وما ظهر به: فمكنه الله تعالى تمكين قهر من العفريت الذي جاءه بالليل ليفتك به فهم بأخذه وربطه بسارية من سواري المسجد حتى يصبح فتلعب به ولدان المدينة، فذكر دعوة سليمان عليه السلام فرده الله خاسئا.
فلم يظهر عليه السلام بما أقدر عليه وظهر بذلك سليمان.
ثم قوله «ملكا» فلم يعم، فعلمنا أنه يريد ملكا ما.
ورأيناه قد شورك في كل جزء من الملك الذي أعطاه الله، فعلمنا أنه ما اختص إلا بالمجموع من ذلك، وبحديث العفريت، أنه ما اختص إلا بالظهور.  وقد يختص بالمجموع والظهور.
ولو لم يقل صلى الله عليه وسلم في حديث العفريت «فأمكنني الله منه» لقلنا إنه لما هم بأخذه ذكره الله دعوة سليمان ليعلم أنه لا يقدره الله على أخذه، فرده الله خاسئا.
فلما قال فأمكنني الله منه علمنا أن الله تعالى قد وهبه التصرف فيه.
ثم إن الله ذكره فتذكر دعوة سليمان فتأدب معه، فعلمنا من هذا أن الذي لا ينبغي لأحد من الخلق بعد سليمان الظهور بذلك في العموم. ) .

قال رضي الله عنه :  ( وهذه معرفة لا يغيب عنها سليمان عليه السّلام ، بل هي من الملك الّذي لا ينبغي لأحد من بعده ، يعني الظّهور به في عالم الشّهادة .  فقد أوتي محمّد صلى اللّه عليه وسلم ما أوتيه سليمان ، وما ظهر به . فمكّنه اللّه تعالى تمكين قهر من العفريت الّذي جاءه باللّيل ليفتك به فهمّ بأخذه وربطه بسارية من سواري المسجد حتّى يصبح فتلعب به ولدان المدينة ، فذكر دعوة سليمان فردّه اللّه خاسئا . فلم يظهر عليه السّلام بما أقدر عليه وظهر بذلك سليمان .
ثمّ قوله :مُلْكاً[ النساء : 54 ] فلم يعمّ ، فعلمنا أنّه يريد ملكا ما . ورأيناه قد)

قال رضي الله عنه :  ( وهذه ) المعرفة المتعلقة بالرحمتين الامتنانية والوجوبية وما انجر الكلام إليه في بيانهما ( معرفة لا يغيب عنها سليمان عليه السلام بل هي من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده ) ، فإنه لا ينحصر في الملك الصوري والمعنوي كيف وهو من الأنبياء الكاملين ، فمرتبة كماله تقتضي التحقق بأمثال هذه المعارف ، ولما كان الملك الذي أتاه اللّه سبحانه سليمان ولم يؤته أحدا غيره من بعده ، هو الظهور بعموم التصرف في عالم الشهادة لا التمكن منه ، فإن ذلك مما آتاه اللّه غيره من الكمل نبيا كان أو وليا .
فسر الملك بقوله : ( يعني الظهور به في عالم الشهادة )
ثم علله بقوله : ( فقد أوتي محمد صلى اللّه عليه وسلم ما أوتيه سليمان ) من الملك والتصرف ( و ) لكنه صلى اللّه عليه وسلم ( ما ظهر به ) كما ظهر سليمان ( فمكنه اللّه تعالى تمكين قهر من العفريت الذي جاءه بالليل ليفتك به فهم بأخذه وربطه بسارية من سواري المسجد حتى يصبح مربوطا بها ، فيلعب به ولدان المدينة فذكر ) رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ( دعوة سليمان عليه السلام ) وأمسك حتى أخذه وربطه تأدبا . رواه ابن حبان

"" يشير إلى الحديث: « عن أبي هريرة يقول : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : إنّ عفريتا من الجن جعل يأتي البارحة ليقطع علي صلاتي فأمكنني اللّه منه فأردت أن آخذه فأربطه إلى سارية من سواري المسجد حتى تصبحوا فتنظروا إليه كلكم قال ثم ذكرت قول أخي سليمان رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي قال فرده اللّه خاسئا ".أهـ ""

قال رضي الله عنه :  ( فرده اللّه ) ، أي العفريت بتركه هذا التأدب ( خاسئا عن الظفر به فلم يظهر نبينا صلى اللّه عليه وسلم بما أقدر عليه ) من التصرف في العفريت ( وظهر بذلك سليمان ثم قوله ملكا ) ، من غير أداة تفيد الشمول والاستغراق ( فلم يعمّ ) كل ملك (فعلمنا أنه يريد ) في دعائه ( ملكا ما ) من الإملاك لا كل ملك فإنه لو كان يريد كل ملك لاختص به مجموع الأملاك وكل جزء جزء أيضا ، فإنه كما أن كل جزء جزء من الملك من أفراد الملك كذلك مجموع الأجزاء أيضا من أفراده ، فيلزم أن لا يشاركه أحد في ملك ما ، والأمر ليس كذلك كيف

قال رضي الله عنه :  (شورك في كلّ جزء من الملك الّذي أعطاه اللّه ، فعلمنا أنّه ما اختصّ إلّا بالمجموع من ذلك ، وبحديث العفريت ، أنّه ما اختصّ إلّا بالظّهور ، وقد يختصّ بالمجموع والظّهور .  ولو لم يقل صلى اللّه عليه وسلم في حديث العفريت : « فأمكنني اللّه منه » لقلنا إنّه لمّا هم بأخذه ذكّره اللّه دعوة سليمان ليعلم أنّه لا يقدره اللّه على أخذه . فردّه اللّه خاسئا . فلمّا قال فأمكنني اللّه منه علمنا أنّ اللّه تعالى قد وهبه التّصرّف فيه . ثمّ إنّ اللّه ذكّره فتذكّر دعوة سليمان فتأدّب معه ، فعلمنا من هذا أنّ الّذي لا ينبغي لأحد من الخلق بعد سليمان الظّهور بذلك في العموم .  )

قال رضي الله عنه :  ( وقد رأيناه قد شورك في كل جزء من الملك الذي أعطاه اللّه فعلمنا أنه ) ، أي سليمان عليه السلام ( ما اختص بفرد ) من أفراد الملك ( إلا بالمجموع من أفراد ذلك ) الملك ،
أي الانفراد وهو مجموع الأفراد لما عرفت أن مجموع الأفراد أيضا فرد من ذلك الملك ، فما اختص بكل فرد فرد من أجزاء ذلك المجموع ( وعلمنا بحديث العفريت أنه ما اختص إلا بالظهور وقد يختص بالمجموع وبالظهور ) به لا بالتمكن منه وبالظهور ببعض .

قال رضي الله عنه :  ( ولو لم يقل ) نبينا ( صلى اللّه عليه وسلم في حديث العفريت : فأمكنني اللّه منه ) ، أي من (حديث العفريت ) فعلمنا أنه لما هم بأخذه (ذكره اللّه دعوة سليمان ليعلم أنه لا يقدره اللّه ) من الإقدار ( على أخذه فرده اللّه خاسئا ذليلا فلما قال : فأمكنني اللّه منه علمنا أن اللّه تعالى قد وهبه التصرف فيه ) ، بما شاء من الأخذ والربط وغيرهما .

قال رضي الله عنه :  ( ثم إن اللّه ذكره فتذكر دعوة سليمان فتأدب معه ) كمال التأدب حيث لم يظهر بالتصرف في الخصوص فكيف في العموم ( فعلمنا من هذا ) الذي ذكر من تنكير الملك وحديث العفريت ( أن ) الملك ( الذي لا ينبغي لأحد من الخلق بعد سليمان الظهور بذلك في العموم ) لا التمكن منه في العموم ولا الظهور ببعض .

 .
واتساب

No comments:

Post a Comment