Monday, December 23, 2019

السفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية الفقرة العاشرة .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية الفقرة العاشرة .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية الفقرة العاشرة .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما فضل العالم من الصنف الإنساني على العالم من الجن بأسرار التصريف وخواص الأشياء، فمعلوم بالقدر الزماني: فإن رجوع الطرف إلى الناظر به أسرع من قيام القائم من مجلسه، لأن حركة البصر في الإدراك إلى ما يدركه أسرع من حركة الجسم فيما يتحرك منه، فإن الزمان الذي يتحرك فيه البصر عين الزمان الذي يتعلق بمبصره مع بعد المسافة بين الناظر والمنظور : فإن زمان فتح البصر زمان تعلقه بفلك الكواكب الثابتة، وزمان رجوع طرفه إليه هو عين زمان عدم إدراكه.
والقيام من مقام الإنسان ليس كذلك: أي ليس له هذه السرعة.
فكان آصف ابن برخيا أتم في العمل من الجن، فكان عين قول آصف بن برخيا عين الفعل في الزمن الواحد.  فرأى في ذلك الزمان بعينه سليمان عليه السلام عرش بلقيس مستقرا عنده لئلا يتخيل أنه أدركه وهو في مكانه من غير انتقال، )

قال رضي الله عنه :  (  وأمّا فضل العالم من الصّنف الإنسانيّ على العالم من الجنّ بأسرار التّصريف وخواصّ الأشياء ، فمعلوم بالقدر الزّمانيّ : فإنّ رجوع الطّرف إلى النّاظر به أسرع من قيام القائم من مجلسه ؛ لأنّ حركة البصر في الإدراك إلى ما يدركه أسرع من حركة الجسم فيما يتحرّك منه ، فإنّ الزّمان الّذي يتحرّك فيه البصر عين الزّمان الّذي يتعلّق بمبصره مع بعد المسافة بين النّاظر والمنظور فإنّ زمان فتح البصر زمان تعلّقه بفلك الكواكب الثّابتة وزمان رجوع طرفه إليه عين زمان عدم إدراكه . والقيام من مقام الإنسان ليس كذلك . أي ليس له هذه السّرعة . فكان آصف بن برخيا أتمّ في العمل من الجنّ ، فكان عين قول آصف بن برخيا عين الفعل في الزّمن الواحد . فرأى في ذلك الزّمان بعينه سليمان عليه السّلام عرش بلقيس مستقرّا عنده لئلا يتخيّل أنّه أدركه وهو في مكانه من غير انتقال . )

قال رضي الله عنه :  (وأما فضل) ، أي فضيلة الشخص (العالم) ، أي المتصف بالعلم والإدراك (من الصنف) ، أي النوع (الإنساني) ، أي المنسوب إلى الإنسان وهو الآدمي كوزير سليمان عليه السلام آصف بن برخيا الذي جاء بعرش بلقيس في طرفة عين من سبأ إلى بيت المقدس بدعوة دعا اللّه تعالى بها في ذلك على الشخص العالم ، أي المتصف بالعلم والإدراك من نوع الجن كالعفريت الذي قال لسليمان عليه السلام :أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ[النمل: 39] .

وكان سليمان عليه السلام يجلس للحكومة إلى العصر (بأسرار) متعلق بالعالم الأوّل أو الثاني بطريق التنازع (التعريف) في عالم الشهادة (وخواص الأشياء) فالعفريت لا يعلم من القوة الإلهية التي قام بها كل شيء وقدر بها كل شيء إلا مقدار ما تعين منها في صورته وظهر بهويته ، فلهذا قال على مقتضى علمه وإدراكه وآصف بن برخيا رضي اللّه عنه علمها كلها فلم يتعين منها عنده في صورته ولا ظهر بهويته شيء بل أسلم لها إطلاقها ونظرها بها لا به وهي أمر واحد كلمح بالبصر ففعل بها ما فعل وقال ما قال .

قال رضي الله عنه :  (فمعلوم) ، أي الفضل والمزية في ذلك (بالقدر الزماني) فانظر كم بين قول العفريت وقول آصف من التفاوت في بطء الزمان وسرعته (فإن رجوع الطرف) لحظ العين (إلى الناظر به) ، أي بالطرف من الناس في قول آصف رضي اللّه عنه قبل أن يرتد إليك طرفك (أسرع من قيام القائم) ، أي الذي يريد القيام من مجلسه الذي هو جالس فيه (لأن حركة البصر في الإدراك) ، أي الرؤية يعني وصوله (إلى ما يدركه)

من المبصرات (أسرع من حركة الجسم فيما) ، أي في الموضع الذي (يتحرك) ذلك الجسم منه ، (فإن الزمان الذي يتحرك فيه البصر) إلى الشيء المبصر هو عين الزمان الذي يتعلق بمبصره اسم مفعول ، أي مبصر ذلك البصر مع بعد المسافة بين الناظر والمنظور .

 فإن زمان فتح البصر هو عين زمان تعلقه ، أي البصر بفلك الكواكب الثابتة وهو الفلك الثامن مع هذه المسافة الطويلة من الأفلاك السبعة الشفافة والبعد بينها ومقدار مسافة العناصر وكذلك زمان رجوع طرفه ، أي الناظر إليه بعد الإدراك عين زمان عدم إدراكه ، أي الناظر لذلك الشيء وإن بعدت المسافة والقيام من مقام الإنسان ، أي موضع إقامته وهو مجلسه ليس كذلك أي ليس له هذه السرعة التي للمبصر في توجه الطرف ورجوعه .

قال رضي الله عنه :  (فكان آصف بن برخيا ) وزير سليمان عليه السلام (أتم) وأكمل (في العمل من الجن فكان عين قول آصف بن برخيا) المذكور رضي اللّه عنه وهو دعاؤه اللّه تعالى بحضور عرش بلقيس (عين الفعل) الإلهي المكون لعرش بلقيس في بيت المقدس بعد إعدامه من سبأ في الزمن الواحد .
فرأى في ذلك الزمان الواحد بعينه سليمان عليه السلام عرش بلقيس مستقرا عنده ، أي في مجلسه ذلك لئلا يتخيل بالبناء للمجهول له لذكر الاستقرار أنه ، أي سليمان عليه السلام (أدركه) ، أي العرش (وهو) ، أي العرش (في مكانه) ببلاد سبأ من أقصى اليمن (من غير انتقال) لذلك العرش .

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما فضل العالم من الصنف الإنساني على العالم من الجن بأسرار التصريف وخواص الأشياء، فمعلوم بالقدر الزماني: فإن رجوع الطرف إلى الناظر به أسرع من قيام القائم من مجلسه، لأن حركة البصر في الإدراك إلى ما يدركه أسرع من حركة الجسم فيما يتحرك منه، فإن الزمان الذي يتحرك فيه البصر عين الزمان الذي يتعلق بمبصره مع بعد المسافة بين الناظر والمنظور : فإن زمان فتح البصر زمان تعلقه بفلك الكواكب الثابتة، وزمان رجوع طرفه إليه هو عين زمان عدم إدراكه.
والقيام من مقام الإنسان ليس كذلك: أي ليس له هذه السرعة.
فكان آصف ابن برخيا أتم في العمل من الجن، فكان عين قول آصف بن برخيا عين الفعل في الزمن الواحد.  فرأى في ذلك الزمان بعينه سليمان عليه السلام عرش بلقيس مستقرا عنده لئلا يتخيل أنه أدركه وهو في مكانه من غير انتقال، )

قال رضي الله عنه :  ( وما أفضل العالم ) وهو آصف بن برخيا وزير سليمان عليه السلام ( من الصنف الإنساني على العالم من الجن ) وهو من قال : "مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ" ( بأسرار التصرف ) يتعلق بالعالم ( وخواص الأشياء فمعلوم ) .
أي ذلك الفضل معلوم (بالقدر الزماني فإن رجوع الطرف إلى الناظر ) قوله : ( به ) يتعلق بالناظر والضمير المجرور راجع إلى الطرف ( أسرع من قيام القائم من مجلسه لأن حركة البصر في الإدراك ) .
قال رضي الله عنه :  ( إلى ما يدركه ) متعلق بالحركة ( أسرع من حركة الجسم فيما يتحرك منه فإن الزمان الذي يتحرك فيه البصر عين الزمان الذي يتعلق بمبصره مع بعد المسافة بين الناظر والمنظور فإن زمان فتح البصر عين زمان تعلقه بتلك الكواكب الثابتة وزمان رجوع طرفه إليه ).
أي زمان رجوع طرف العين إلى الناظر ( عين زمان عدم إدراكه والقيام من مقام الإنسان ليس كذلك أي ليس له هذه السرعة فكان ) .
قوله: ( آصف بن برخيا ) وهو قوله "أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ" ( أتم في العلم من الجن ) وأتمية العمل توجب أتمية العلم فكان العلم من الإنس بأسرار التصرف أفضل من العالم من الجن.
( فكان عين قول آصف بن برخيا عين فعله في الزمن الواحد ) فإن قوله أهل التصرف وجميع قواه عين الحق من وجه خاص يتصرفون فيما يريدون بإذن اللّه .
فكان قول آصف بمنزلة قول اللّه تعالى "كُنْ فَيَكُونُ " في أن قول الحق عين فعله في الزمن الواحد .
وبذلك كان وزيرا لسليمان عليه السلام ( فرأى في ذلك الزمان ) الضمير المحدود في ( بعينه ) راجع إلى الزمان ( سليمان عليه السلام عرش بلقيس ) حال كون العرش ( مستقرا عنده ) أي موجودا أو حاصلا عند سليمان عليه السلام وإنما قال تعالى "مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ" بعد قوله "فَلَمَّا رَآهُ " ( لئلا يتخيل ) على المبني للمفعول .
( أنه أدركه ) أي أن سليمان عليه السلام أدرك العرش ( وهو ) والحال أن العرش ثابت ( في مكانه من غير انتقال ) بأن رافع الحجاب من البين فرآه سليمان عليه السلام بدون حصول عنده فلما قال مستقرا عنده زال ذلك التخيل .
وعلم أن العرش قد انتقل عن مكانه بفعل آصف وحصل عند سليمان فرآه عنده هذا عند من كان عنده باتحاد الزمان انتقال فكان استقرار العرش عند سليمان عنده بالانتقال ، وأما عند من لم يكن عنده باتحاد الزمان انتقال .


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما فضل العالم من الصنف الإنساني على العالم من الجن بأسرار التصريف وخواص الأشياء، فمعلوم بالقدر الزماني: فإن رجوع الطرف إلى الناظر به أسرع من قيام القائم من مجلسه، لأن حركة البصر في الإدراك إلى ما يدركه أسرع من حركة الجسم فيما يتحرك منه، فإن الزمان الذي يتحرك فيه البصر عين الزمان الذي يتعلق بمبصره مع بعد المسافة بين الناظر والمنظور : فإن زمان فتح البصر زمان تعلقه بفلك الكواكب الثابتة، وزمان رجوع طرفه إليه هو عين زمان عدم إدراكه.
والقيام من مقام الإنسان ليس كذلك: أي ليس له هذه السرعة.
فكان آصف ابن برخيا أتم في العمل من الجن، فكان عين قول آصف بن برخيا عين الفعل في الزمن الواحد.  فرأى في ذلك الزمان بعينه سليمان عليه السلام عرش بلقيس مستقرا عنده لئلا يتخيل أنه أدركه وهو في مكانه من غير انتقال، )

قال رضي الله عنه :  ( وأما فضل العالم من الصنف الإنساني على العالم من الجن بأسرار التصريف وخواص الأشياء، فمعلوم بالقدر الزماني: فإن رجوع الطرف إلى الناظر به أسرع من قيام القائم من مجلسه، لأن حركة البصر في الإدراك إلى ما يدركه أسرع من حركة الجسم فيما يتحرك منه، فإن الزمان الذي يتحرك فيه البصر عين الزمان الذي يتعلق بمبصره مع بعد لمسافة بين الناظر والمنظور : فإن زمان فتح البصر زمان تعلقه بفلك الكواكب الثابتة، وزمان رجوع طرفه إليه هو عين زمان عدم إدراكه. والقيام من مقام الإنسان ليس كذلك: أي ليس له هذه السرعة.فكان آصف ابن برخيا أتم في العمل من الجن، فكان عين قول آصف بن برخيا عين الفعل في الزمن الواحد. فرأى في ذلك الزمان بعينه سليمان عليه السلام عرش بلقيس مستقرا عنده لئلا يتخيل أنه أدركه وهو في مكانه من غير انتقال، )

النص واضح و لا يحتاج  إلى زيادة شرح.

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما فضل العالم من الصنف الإنساني على العالم من الجن بأسرار التصريف وخواص الأشياء، فمعلوم بالقدر الزماني: فإن رجوع الطرف إلى الناظر به أسرع من قيام القائم من مجلسه، لأن حركة البصر في الإدراك إلى ما يدركه أسرع من حركة الجسم فيما يتحرك منه، فإن الزمان الذي يتحرك فيه البصر عين الزمان الذي يتعلق بمبصره مع بعد المسافة بين الناظر والمنظور : فإن زمان فتح البصر زمان تعلقه بفلك الكواكب الثابتة، وزمان رجوع طرفه إليه هو عين زمان عدم إدراكه.
والقيام من مقام الإنسان ليس كذلك: أي ليس له هذه السرعة.
فكان آصف ابن برخيا أتم في العمل من الجن، فكان عين قول آصف بن برخيا عين الفعل في الزمن الواحد.  فرأى في ذلك الزمان بعينه سليمان عليه السلام عرش بلقيس مستقرا عنده لئلا يتخيل أنه أدركه وهو في مكانه من غير انتقال، )

قال رضي الله عنه : ( وأمّا فضل العالم الإنسان على العالم من الجنّ بأسرار التصرّف وخواصّ الأشياء فمعلوم بالقدر الزماني ، فإنّ رجوع الطرف إلى الناظر به أسرع من قيام القائم من مجلسه ، لأنّ حركة البصر في الإدراك إلى ما يدركه أسرع من حركة الجسم فيما يتحرّك منّا ، لأنّ الزمان الذي يتحرّك فيه البصر عين الزمان الذي يتعلَّق بمبصره مع بعد المسافة بين الناظر والمنظور ، فإنّ زمان فتح البصر زمان تعلَّقه بفلك الكواكب الثابتة ، وزمان رجوع طرفه إليه عن زمان عدم إدراكه ، والقيام من مقام الإنسان ليس كذلك ، أي ليس له هذه السرعة ، فكان آصف بن برخيا ، أتمّ في العمل من الجنّ ، وكان عين قول آصف بن برخيا عين الفعل في الزمان الواحد ، فرأى في ذلك الزمان بعينه سليمان عليه السّلام عرش بلقيس مستقرّا عنده ، لئلَّا يتخيّل أنّه يدركه وهو في مكانه من غير انتقال ) .

قال العبد : يشير رضي الله عنه إلى أنّ وجود عرش بلقيس عند سليمان عليه السّلام قبل ارتداد طرفه إليه ليس كما زعم الجمهور من أهل الظاهر وعلماء الرسوم من إتيان آصف بعرش بلقيس من سبأ على ما كان موجودا .
ولم يره سليمان عليه السّلام في سبأ كشفا واطَّلاعا ، بل كان تصرّفا عجيبا غريبا إلهيا بإعدام عرشها في سبأ في عين إيجاده عند سليمان .
بمعنى أنّه سلب بتصرّفه العلمي الكامل الصورة العرشية عن وجوده المتعيّن فيها بسبإ ، وخلع عنه تلك الهيئة ، وخلعها عليه عند سليمان في عين ذلك الزمان .
فزمان قول آصف :   ( أَنَا آتِيكَ به قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ )  كان عين زمان انعدام عرش بلقيس في سبأ وإيجاده عند سليمان عليه السّلام وذلك من عين التصرّف الكلَّي الذي أعطاه الله - تعالى - كرامة لسليمان عليه السّلام وهذا التصرّف أعلى تصرّف أقدر الله من شاء من عباده عليه ، وهو من حيث العلم الكامل بالخلق الجديد ، كما عرفت فيما أسلفنا لك .

إنّ صور العالم كلَّها هيئات وأشكال ونقوش ظهرت في مرآة الوجود الحقّ أو تعيّنات الوجود الحق في صور حقائق العالم ، وأعيانها الثابتة في العلم القديم - التي كانت معدومة من حيث هي هي - لها حقائق الأعيان ،
فالقابل من الوجود الحق لصورة عين من الأعيان على الوجه الأوجه الأوّل الأولى أو المتعيّن منه في عين من الأعيان ، والظاهر بها وفيها ، والمظهرة المعيّنة هي له على الوجه الثاني في ذوق أهل المعاني والمغاني إنّما يتلبّس بصورتها عند انسحابه أو ملابسته أو محاذاته لتلك العين ، وباتّصال الفيض الوجودي الذي يعقب ذلك الفيض الأوّل ينخلع الأوّل عن تلك الصورة إلى غيرها من الصور الأخر التي لتلك العين في غير ذلك الموطن والحضرة ،

حتى يظهر ذلك الوجود بصورة ذلك التعيّن في جميع مراتب الوجود ومواطنه ، ويتلبّس الوجود المتعيّن ثانيا العاقب للأولى بتلك الصورة عند انسحابه عليها أو محاذاته لها كذلك ،
وكذلك الأمر دائما أبدا لا إلى نهاية أو غاية . كما كان لا عن بداية كالماء الجاري في نهر ( وَلَه ُ الْمَثَلُ الأَعْلى )  إذا حاذى موضعا من النهر ،
فإنّ الماء يتشكَّل بحسب ذلك الموضع ويجري عليه بحسبه ويظهر فيه بموجبه ، ولا يثبت ولا يبقى بل يمرّ بالجريان ويعقبه الماء بالفيضان بقطرات أو أجزاء مائية غير الأجزاء والقطرات الأولى ، وهذا لا ريب فيه عقلا وكشفا صحيحا ،

ولكنّ الحسّ يدرك الاتّصال في أحدية سطح الماء دائما ، لغلبة الوحدة الوجودية الحقّة على الكثرة وجودا وعينا ، كغلبة الكثرة على الوجود علما وتعقّلا ،
فكذلك الفيض النفسي الرحماني ، والوجود الجودي الإحسانيّ دائم الجريان متوالي الفيضان من الغيب والشهادة ، ثم منها إلى الغيب متواصل السريان في صور الحقائق كدوام الذاتي بالاقتضاء الذاتي لا يتغيّر عنه أزلا وأبدا ،

ولا يزال عليه دائما أبد الآبدين ودهر الداهرين ما دامت ذات المفيض المتجلَّي بالتجلَّي الذاتي وهي دائمة ، والذي اقتضته الذات الإلهية لذاتها فإنّها لا تزال عليه فلا يزال ولا يزول ولا يحول أبد الآباد ومنتهى الآماد ، فالوجود الحق الجاري والنفس الرحمانيّ الساري في حقائق الأشياء وأعيانها دائم أبدا وما ثمّ إلَّا وجود واحد وتجلّ واحد لا ينتهي أبد الآبدين ،
ولكنّه دائم التعيّن متنوّع التجلَّي والتبيّن بحسب خصوصيات القوابل وبموجب قابليات الأعيان والمظاهر ، كالماء ماء واحد وتعيّن القطرات والأجزاء المائيّة بحسب المعيّنات ممّا يجري عليه بتقدير العلم وفرض العقل من حيث كل موضع معيّن معيّن له بحسبه وموجبه ، فافهم

واعلم : أنّه أعلى الأذواق وأجلى المشاهد وأحلى المشارب ، جعلنا الله وإيّاك من أهله بمنّه وفضله وطوله .
فلمّا كان آصف عليه السّلام عارفا بهذه الحقيقة إمّا كشفا أو إعلاما من الله بذلك أو من كون الله أعطاه التصرّف في الوجود الكوني جمعا أو فرادى ، فاستمرّ تصرّفه على ذلك كرامة له ولسليمان ولما أراد الله من كمال الظهور بكمال التصرّف الوجودي في النوع الإنساني لتسخير الجنّ والإنس وغيرهما لمظهره الأكمل في ذلك العصر وهو سليمان عليه السّلام ،
فتصرّف آصف بخلع الصورة العرشية من وجوده في سبأ ، وخلعها عليه في الحال عينه عند سليمان في زمان واحد من غير ريث ولا تراخ ، إظهارا لكمال تصرّفه الذي آتاه الله .

وإنّما حملته على ذلك ، الغيرة على سليمان وله وللملك الذي آتاه الله من الجنّ لئلَّا يتوهّموا أنّ تصرّفهم أعلى وأتمّ من تصرّف سليمان وآصف ، فأظهر لهم أنّ الملك والتصرّف الذي أعطاهما ، أعني سليمان وآصف عليهم السّلام خارق لعادات الجنّ وسحرتهم في تصرّفاتهم الخصيصة بهم من تقريب البعيد وبالإتيان بالأعمال الشاقّة الخارجة عن قوّة البشر ، والخارقة لعادات أهل النظر بالفكر في المعتاد ،
وذلك بفضل روحانية في الجنّ وقوّة آتاهم الله من التصوّر والتشكَّل بأشكال مختلفة للرائين من البشر ، فإنّ وجود صورهم من الهواء والنار على أنحاء مختلفة وضروب متخالفة ومؤتلفة لا تتناهى شخصياتها وجزئيّاتها وإن انحصرت أمّهات أصنافهم .
وأممهم على أربع أمّهات ، فإنّ الغالب على نشآتهم إمّا الهواء أو النار أو هما معا متساويين غير متساويين على الماء والتراب مطلقا ، والعنصران الثقيلان - وهما الماء والأرض - مغلوبان في نشآت الجنّ على نحو غلبتهما على الهواء والنار في المولَّدات المعهودة المشهودة الكثيفة الثقيلة مثل مغلوبية البرودة والرطوبة في الفلفل وأمثاله ،
ومثل غلبة البرودة والرطوبة على الحرارة واليبوسة في لبّ الخيار - مثلا - وأمثاله على درجات دقائق لا تكاد تنحصر ولا يحصيها إلَّا موجدها ، الله تعالى.

 ثمّ مع مغلوبية هذين الأسطقسّين الثقيلين في نشآت الجنّ والشياطين ، فإمّا أن يكون الغالب الجزء الهوائيّ على الجزء الناري أو بالعكس .
والأوّل : الجنّ المؤمنون بالله والملائكة والكتب والرسل المتديّنون بالأديان والملل من اليهود والنصارى والمجوس والمسلمين .
والثاني : الشياطين والمردة والعفاريت والأبالسة الكفرة ، فهم نوعان وكل واحد من النوعين بعد ذلك مع مغلوبية الثقيلين وأغلبية اللطيفين ، فإمّا أن يكون أحد الثقيلين غالبا على الآخر كالماء مثلا أو الأرض .
فالصنف الغالب في نشأتهم الماء على الأرض ، مع مغلوبيتهما تحت اللطيفين ، على أصناف : صنف أشخاصهم عمّار البحار ، وآخر في الأنهار ، وآخر أشخاصه في الآبار ، وآخر أشخاصه في العيون .
والغالب عليهم الأرض على الماء في نشأتهم أيضا على أصناف كذلك ،
منهم : عمرة الدور والمساكن والنواويس والمقابر ، ومنهم : عمرة الأودية ، ومنهم : عمرة الجبال والشعاب والمعادن ،
ومنهم : عمرة البساتين والمواضع النزيهة والرياض ، ومنهم : من يكونون في الفيافي والمهامه   والمجاهل والمعالم والطرقات .
والغالب على الكلّ إمّا النار على باقي الأجزاء أو الهواء ، وقد ذكرنا من أحوال نشآتهم وأخلاقهم وصورهم وأشكالهم ضوابط كلَّية فيما أسلفنا في هذا الكتاب ، فاذكر .
وأمّا قبائلهم وأساميهم وأفعالهم وصورهم فمذكورة مفصّلة في كتب علوم الروحانيات والدعوات والاستنزالات والتسخيرات ، ما هذا الكتاب موضع ذكر ذلك ، والله الموفّق .
ولا يحصي على التفصيل أشخاصهم إلَّا الله تعالى .
وبموجب نشآتهم أعطاهم الله التصرّف بما ليس في قوّة البشر غير الكمّل والمتصرّفين والروحانيين من صنف الإنسان الكامل ، ولكن ليس للجنّ هذا العلم وقوّة الهمّة من غير توسّط حركة جسمانية إلَّا القول ، وكان قول آصف عليه السّلام حين فعله اختصاصا من الله وإكراما من عين إكرامه لسليمان .
فلمّا رأت الجنّ هذا النوع من التصرّف آمنوا به وبسليمان إلَّا أفذاذا شذّوا ، فقيّدهم وسجنهم سليمان وآصف .
والجنّ وأكابرهم وملوكهم وكبراؤهم إلى الآن منقادون مسخّرون للخواتيم السليمانية والعزائم والأقسام الآصفية على أيدي أهل العلم الروحاني والله الموفّق الوهّاب يهب من يشاء ما يشاء ، لا ربّ غيره ، عليه التكلان وهو المستعان .

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما فضل العالم من الصنف الإنساني على العالم من الجن بأسرار التصريف وخواص الأشياء، فمعلوم بالقدر الزماني: فإن رجوع الطرف إلى الناظر به أسرع من قيام القائم من مجلسه، لأن حركة البصر في الإدراك إلى ما يدركه أسرع من حركة الجسم فيما يتحرك منه، فإن الزمان الذي يتحرك فيه البصر عين الزمان الذي يتعلق بمبصره مع بعد المسافة بين الناظر والمنظور : فإن زمان فتح البصر زمان تعلقه بفلك الكواكب الثابتة، وزمان رجوع طرفه إليه هو عين زمان عدم إدراكه.
والقيام من مقام الإنسان ليس كذلك: أي ليس له هذه السرعة.
فكان آصف ابن برخيا أتم في العمل من الجن، فكان عين قول آصف بن برخيا عين الفعل في الزمن الواحد.  فرأى في ذلك الزمان بعينه سليمان عليه السلام عرش بلقيس مستقرا عنده لئلا يتخيل أنه أدركه وهو في مكانه من غير انتقال، )

قال رضي الله عنه :  (وأما فضل العالم من الصنف الإنسانى على العالم من الجن بأسرار التصريف وخواص الأشياء فمعلوم بالقدر الزماني ، فإن رجوع الطرف إلى الناظر به أسرع من قيام القائم من مجلسه ، لأن حركة البصر في الإدراك إلى ما يدركه أسرع من حركة الجسم فيما يتحرك منه ، فإن الزمان الذي يتحرك فيه البصر عين الزمان الذي يتعلق بمبصره مع بعد المسافة بين الناظر والمنظور ، فإن زمان فتح البصر زمان تعلقه بفلك الكواكب الثابتة ، وزمان رجوع طرفه إليه عين زمان عدم إدراكه ، والقيام من مقام الإنسان ليس كذلك أي ليس له هذه السرعة فكان آصف بن برخيا أتم في العمل من الجن ، وكان عين قول آصف بن برخيا عين الفعل في الزمان الواحد ، فرأى في ذلك الزمان بعينه سليمان عليه السلام عرش بلقيس مستقرا عنده لئلا يتخيل أنه أدركه وهو في مكانه من غير انتقال ) عالم الإنس .

"" أضاف بالى زادة : ( بالقدر الزماني ) فمن كان زمان إتيانه بالعرش أقل فهو أفضل ، فالعالم الإنسانى أفضل. اهـ عبد الرحمن جامى .
وأتمية العمل توجب أتمية العلم ، فكان العالم من الإنس بأسرار التصرف أفضل من العالم من الجن.  اهـ ""

هو آصف بن برخيا ، وهو مع فنون علمه كان مؤيدا من عند الله معانا من عالم القدرة بإذن الله وتأييده ، أعطاه الله التصرف في عالم الكون والفساد بالهمة والقوة الملكوتية فتصرف في عرش بلقيس بخلع صورته عن مادته في سبإ ، وإيجاده عند سليمان ، فإن النقل بالحركة أسرع من ارتداد طرف الناظر إليه محال ، إذ النقل زماني ، وحركة البصر نحو المبصر آنية لوقوع الإبصار في فتح البصر في وقت واحد ، فإذن ليس حصول عرش بلقيس عند سليمان بالنقل من مكان إلى مكان ولا بانكشاف صورته على سليمان في مكانه .

لقوله :  "فَلَمَّا رَآه مُسْتَقِرًّا عِنْدَه "   - فلم يبق إلا أنه كان بالتصرف الإلهي من عالم الأيدي والقدرة فكان وقت قول آصف : "َنَا آتِيكَ به قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ "   .
عين وقت انعدام العرش في سبإ وإيجاده عند سليمان ، وهذا التصرف أعلى مراتب التصرف الذي خص الله به من شاء من عباده وأقدره عليه .
وما كان ذلك إلا كرامة لسليمان حيث وهب الله تعالى لبعض أصحابه وأحد خاصته هذا التصرف العظيم وهو من كمال العلم بالخلق الجديد ، فإن الفيض الوجودي والنفس الرحماني دائم السريان والجريان في الأكوان كالماء الجاري في النهر ، فإنه على الاتصال يتجدد على الدوام ، فكذلك تعينات الوجود الحق في صورة الأعيان الثابتة في العلم القديم لا يزال يتجدد على الاتصال .
فقد يخلع التعيين الأول الوجودي عن بعض الأعيان في بعض المواضع ، ويتصل به الذي يعقبه في موضع آخر ، وما ذلك إلا ظهور العين العلمي في هذا الموضع واختفاؤه في الموضع الأول مع كون العين بحاله في العلم وعالم الغيب .

ولما كان آصف عارفا بهذا المعنى معتنى به من عند الله مخصوصا منه بالتصرف في الوجود الكوني ، وقد آثر الله تعالى سليمان بصحته وآزره وقواه بمعونته إكراما له وإتماما لنعمته عليه في تسخير الجن والإنس والطير والوحوش ، وإعلاء القدرة وإعظاما لملكه سلط الغيرة على آصف فغار على سليمان وملكه الذي آتاه من أن يتوهم الجن أن تصرفهم الذي أعطاهم الله أعلى وأتم من تصرف سليمان وذويه .
فأعلمهم أن الملك والتصرف الذي أعطى على بعض أصحاب سليمان من خوارق العادات أعلى وأتم من الذي خص الجن به من الأعمال الشاقة الخارجة عن قوة البشر ، والخارق للعادة بحسب الفكر والنظر .
واعلم أن الجن أرواح قوية متجسدة في أجرام لطيفة يغلب عليها الجوهر الناري والهوائى
"" أضاف بالى زادة : (وكان عين قول آصف ) أي قول أهل التصرف جميع قواه عين الحق من وجه خاص يتصرفون فيما يريدون بإذن الله ، فكان قوله بمنزلة قول الله - كُنْ فَيَكُونُ )   - في آن قول الحق عين فعله في الزمان الواحد وبذلك كان وزير سليمان . أهـ. بالى ""

كما غلب علينا الجوهر الأرضي والمائى ، وللطافة جواهر أجسامهم وقوة أرواحهم أقدرهم الله على التشكل بالأشكال المختلفة ، والتمكن من حركات سريعة وأعمال عن وسع البشر متجاوزة ، كالملائكة إلا أنها سفلية والملائكة علوية ، والله أعلم .

والزمان في قول الشيخ قدس سره فإن الزمان الذي يتحرك فيه البصر عين الزمان الذي يتعلق بمبصره .
وفي قوله : فإن زمان فتح البصر زمان تعلقه بفلك الكواكب الثابتة ، وكل زمان استعمله في الفص المتقدم بمعنى الآن الذي أوردناه في الشرح ، وهو الزمان الذي لا يقبل الانقسام في الخارج لصغره ويقبله في الوهم المسمى بالزمان الحاضر لا الذي هو نهاية الماضي وبداية المستقبل ، فإن ذلك عدمي وهذا وجودي ولفظ الآن يطلق عليها بالاشتراك اللفظي.


مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما فضل العالم من الصنف الإنساني على العالم من الجن بأسرار التصريف وخواص الأشياء، فمعلوم بالقدر الزماني: فإن رجوع الطرف إلى الناظر به أسرع من قيام القائم من مجلسه، لأن حركة البصر في الإدراك إلى ما يدركه أسرع من حركة الجسم فيما يتحرك منه، فإن الزمان الذي يتحرك فيه البصر عين الزمان الذي يتعلق بمبصره مع بعد المسافة بين الناظر والمنظور : فإن زمان فتح البصر زمان تعلقه بفلك الكواكب الثابتة، وزمان رجوع طرفه إليه هو عين زمان عدم إدراكه.
والقيام من مقام الإنسان ليس كذلك: أي ليس له هذه السرعة.
فكان آصف ابن برخيا أتم في العمل من الجن، فكان عين قول آصف بن برخيا عين الفعل في الزمن الواحد.  فرأى في ذلك الزمان بعينه سليمان عليه السلام عرش بلقيس مستقرا عنده لئلا يتخيل أنه أدركه وهو في مكانه من غير انتقال، )

قال رضي الله عنه :  ( وأما فضل العالم من الصنف الإنساني . ) وهو ( آصف بن برخيا ) .
( على العالم من الجن ) وهو الذي قال : أنا أتيك به قبل أن تقوم من مقامك وهو المتصرف ( بأسرار التصريف وخواص الأشياء ) أي ، التصرفات النفسانية مع معاونة من التأثيرات الفلكية وخواص طبائع الأشياء . ( فمعلوم ) أي ، في هذه الصورة .

قال رضي الله عنه :  ( بالقدر الزماني : فإن رجوع الطرف إلى الناظر به أسرع من قيام القائم من مجلسه لأن حركة البصر في الإدراك إلى ما يدركه ، أسرع من حركة الجسم فيما يتحرك منه ، فإن الزمان الذي يتحرك فيه البصر ، عين الزمان الذي يتعلق بمبصره مع بعد المسافة بين الناظر والمنظور .  فإن زمان فتح البصر زمان تعلقه بفلك الكواكب الثابتة ، وزمان رجوع طرفه إليه هو عين زمان عدم إدراكه . والقيام من مقام الإنسان ليس كذلك ، أي ، ليس له هذه السرعة . فكان قول آصف بن برخيا  . أتم في العلم من الجن . )

لأنه تصرف في عين العرش بالإعدام والإيجاد في واحد حتى أعدمه في موضعه وأوجده عند سليمان ، عليه السلام .

قال رضي الله عنه :  ( فكان عين قول آصف بن برخيا عين الفعل في الزمن الواحد ، فرأى في ذلك الزمان بعينه سليمان ، عليه السلام ، عرش بلقيس مستقرا عنده ) .

لأن القول من الكمل كقول الحق للشئ المطلوب وجوده : ( كن ) فيكون ذلك الشئ بإذن الله . وذلك لأن الحق صار عين جوارحهم وعين قواهم الروحانية والجسمانية . وبهذه النسبة كان هذا الكامل وزيرا لسليمان ، عليه السلام ، الذي كان قطب وقته ومتصرفا وخليفة على العالم .

وخوارق العادات قل ما يصدر من الأقطاب والخلفاء ، بل من وزرائهم وخلفائهم بقيامهم العبودية التامة واتصافهم بالفقر الكلى ، فلا يتصرفون لأنفسهم في شئ . ومن جملة كمالات الأقطاب ومنن الله عليهم أن لا يبليهم بصحبة الجهلاء ، بل يرزقهم صحبة العلماء الأمناء ، يحملون عنهم أثقالهم وينفذون أحكامهم وأقوالهم .

قال رضي الله عنه :  ( لئلا يتخيل أنه أدركه وهو في مكانه من غير انتقال ) تعليل لقوله : ( فرآه مستقرا عنده في الحال ) لئلا يتخيل - على صيغة المبنى للمفعول - أن سليمان ، عليه السلام ، أدرك العرش وهو في مكانه ، أي العرش في مكانه ، من غير انتقال .
وذلك بأن ارتفع الحجاب من البين ، فرأى سليمان ذلك وشاهده .

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ
:
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما فضل العالم من الصنف الإنساني على العالم من الجن بأسرار التصريف وخواص الأشياء، فمعلوم بالقدر الزماني: فإن رجوع الطرف إلى الناظر به أسرع من قيام القائم من مجلسه، لأن حركة البصر في الإدراك إلى ما يدركه أسرع من حركة الجسم فيما يتحرك منه، فإن الزمان الذي يتحرك فيه البصر عين الزمان الذي يتعلق بمبصره مع بعد المسافة بين الناظر والمنظور : فإن زمان فتح البصر زمان تعلقه بفلك الكواكب الثابتة، وزمان رجوع طرفه إليه هو عين زمان عدم إدراكه.
والقيام من مقام الإنسان ليس كذلك: أي ليس له هذه السرعة.
فكان آصف ابن برخيا أتم في العمل من الجن، فكان عين قول آصف بن برخيا عين الفعل في الزمن الواحد.  فرأى في ذلك الزمان بعينه سليمان عليه السلام عرش بلقيس مستقرا عنده لئلا يتخيل أنه أدركه وهو في مكانه من غير انتقال، )

قال رضي الله عنه :  (وأمّا فضل العالم من الصّنف الإنسانيّ على العالم من الجنّ بأسرار التّصريف وخواصّ الأشياء ، فمعلوم بالقدر الزّمانيّ : فإنّ رجوع الطّرف إلى النّاظر به أسرع من قيام القائم من مجلسه ؛ لأنّ حركة البصر في الإدراك إلى ما يدركه أسرع من حركة الجسم فيما يتحرّك منه ، فإنّ الزّمان الّذي يتحرّك فيه البصر عين الزّمان الّذي يتعلّق بمبصره مع بعد المسافة بين النّاظر والمنظور ، فإنّ زمان فتح البصر زمان تعلّقه بفلك الكواكب الثّابتة وزمان رجوع طرفه إليه عين زمان عدم إدراكه ، والقيام من مقام الإنسان ليس كذلك ، أي ليس له هذه السّرعة ، فكان آصف بن برخيا أتمّ في العمل من الجنّ ، فكان عين قول آصف بن برخيا عين الفعل في الزّمن الواحد ، فرأى في ذلك الزّمان بعينه سليمان عليه السّلام عرش بلقيس مستقرّا عنده لئلا يتخيّل أنّه أدركه وهو في مكانه من غير انتقال ،)

"" أضافة المحقق :  كهزّ الرّديني جزء بيت من المتقارب ، وهو لأبي داود الآيادي في « الأنور ومحاسن الأشعار » للشماطي ص ( 231 ) ، و « التشبيهات » لابن أبي عون ص ( 52 ) ، يروى البيت بتمامه :  كهزّ الرّدينيّ بين الأكفّ ... جرى في الأنابيب ثم اضطرب "".
.
ولما فرغ عن بيان تعلق الرحمتين بالكاتب ، وهو سليمان عليه السّلام ، والمكتوب إليها ، وهي بلقيس أشار إلى تعلقها ببعض أصحاب سليمان عليه السّلام في الإتيان بعرشها عنده من جملة هذه القصة ، مع بيان فضله عن أصحابه من الجن في ذلك .
فقال رضي الله عنه  : ( وأما فضل العالم من الصّنف الإنساني ) ، وهو آصف بن برخيا وزير سليمان عليه السّلام المشار إليه بقوله عزّ وجل قال :الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ[ النمل : 40 ] .

وفي قوله رضي الله عنه  : من الصنف الإنساني إشارة إلى كمال مناسبته لسليمان بحيث صار من صنف الكمّل من الإنسان حتى اطلع على اللوح المحفوظ ، فعلم ما فيه من أسرار التصريف ( على العالم من الجن ) المشار إليه بقوله عزّ وجل : قالعِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ[ النمل : 39 ] .
وكان عالما بخواص الأشياء ( بأسرار التصريف ) ، وهو الإيجاد والإعدام ( وخواص الأشياء ) التي بها التأثير فيها ، والأول يتعلق بالأول والثاني بالثاني ، ( فمعلوم بالقدر الزماني ) ، فإن الفعل الواحد بالشخص إذا حصل من فاعل في زمان أقصر .

ومن آخر في زمان أطول يدل على مزية الأول فيه ، وهذه المزية تدل على فضل علمه به ، فكيف إذا حصل الفعل المفتقر إلى مدة مديدة من واحد في زمان واحد ، ومن آخر في زمانين فصاعدا ، فإنه يدل على أن الأول ما حصله عن تحريك ، وإنما حصله من اطلاعه على أسرار التصريف .
وعلى أن الثاني حصله عن تحريك في غاية السرعة عن اطلاعه على خواص الأشياء ، فعلم بذلك فضل علم آصف القائل : ( "أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ"[ النمل : 40 ] ) على فضل علم العفريت القائل :"أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ" [ النمل : 39 ] .

قال رضي الله عنه :  ( فإن رجوع الطرف ) "" المحقق : أي الإتيان في كلامه موقت بارتداد الطرف ورجوعه ""
المفهوم من قبل أن يرتد إليك طرفك من المنظور ( إلى الناظر به أسرع من قيام القائم من مجلسه ) المفهوم من قوله قبل أن تقوم من مقامك ؛ ( لأن حركة البصر ) بخروج الشعاع منه ( في ) طريق الإدراك ، وأصلا ( إلى ما يدركه ) من صور المبصرات ( أسرع من حركة الجسم فيما يتحرك منه ) إلى أي : مقصد كان وإن قرب غاية القرب .
إذ لا بدّ له من ثلاثة أزمنة زمان كونه في المبدأ ، وزمان كونه في الوسط ، وزمان انتهائه إلى المقصد ، فإن رجع احتاج إلى ثلاثة أزمنة أخرى زمان سكونه في المنتهى الأول ، وزمان تحركه في الوسط ، وزمان وصوله إلى المنتهى الثاني الذي هو المبدأ في الحركة الأولى ، بخلاف حركة البصر إلى صور المبصرات ورجوعه إلى الباصر .

قال رضي الله عنه :  ( فإن الزمان الذي يتحرك فيه البصر ) لخروج الشعاع منه ( عين الزمان الذي ) يصل إلى مقصده ، وهو كونه ( يتعلق بمبصره مع بعد المسافة بين الناظر والمنظور ) بحيث لو تحرك فيها الجسم لطالت المدة جدّا ، ( فإن زمان فتح البصر ) الموجب لتحركه إلى المبصرات ، هو بعينه ( زمان ) وصوله إلى المبصرات البعيدة جدّا ، فإنه زمان ( تعلقه بفلك الكواكب الثابتة ) ، وبعد ما بينهما مدة ثمانية آلاف سنة بحركة الأجسام العنصرية كما بين الأرض ، وفلك القمر مدة خمسمائة عام ، وكذا ما بين كل فلكين ، وتحت كل فلك ( وزمان رجوع طرفه إليه ) ؛ لانطباع المرئي في بصره ( عين زمان إدراكه ) أي : وصول شعاعه إلى المبصر ، وهذا الرجوع أيضا يحتاج في حركة الجسم العنصري إلى ثمانية آلاف سنة أخرى في البصر بتحرك هذه الحركة خروجا ورجوعا في زمان واحد مسافة لو تحرك فيها الجسم العنصري ، لافتقر إلى مدة ستة عشر ألف سنة .

وفي كلام الشيخ - رحمه اللّه - إشارة إلى الجمع بين مذهبي الشعاع والانطباع ،
فدلّ هذا على أن الفعل الحاصل في مدة ارتداد الطرف أسرع منه في مدة قيام الشخص من مقامه ؛ وذلك لأنه :
قال رضي الله عنه :  ( القيام من مقام الإنسان ليس كذلك ) أي : ليست هذه الحركة كحركة البصر ، إذ ( ليس له هذه السرعة ) ؛ لافتقاده إلى زمانين فصاعدا ؛ لأن زمان ابتدائه غير زمان حصوله على الكمال ، فإذا كان فعل آصف يفتقر إلى زمان واحد ، وقول الجن إلى زمانين ،
قال رضي الله عنه :   ( فكان آصف بن برخيا أتم في العمل من قول الجن ) ؛ لأنه حصل في أقصر مدة عن كمال علمه بأسرار التصريف ، ولو حصله الجن لم يتأت منه في تلك المدة ؛ لأن علمه كان بخواص الأشياء ولا بدّ من استجماعها .

قال رضي الله عنه :  ( فكان عين قول آصف بن برخيا ) : أنا آتيك به ( عين الفعل ) إتيان عرش بلقيس ، إذ حصل بمجرد قصده من غير تحريك ( في الزمن الواحد ) ، كما يحصل المعلول مع العلة في زمانها ، وإن كان لها التقدم في الرتبة ، فصدق في إتيانه قبل ارتداد طرف سليمان عليه السّلام ( عرش بلقيس ) ، لا في مكانه الأول ولا منتقلا منه ، بل ( مستقرّا عنده ) ، أي : في مكان قريب .
وإنما قال تعالى في كتابه :"فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ"[ النمل : 40 ] .
ولم يكتف بقوله :"فَلَمَّا رَآهُ"[ النمل : 40 ] ، ولا بقوله :"مُسْتَقِرًّا"[ النمل : 40 ] ، .

قال رضي الله عنه :  ( لئلا يتخيل ) ( أنه أدركه  ، وهو في مكانه) الأول ( من غير انتقال ) له أصلا فضلا عن الانتقال إلى مكان سليمان عليه السّلام ، كيف؟

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما فضل العالم من الصنف الإنساني على العالم من الجن بأسرار التصريف وخواص الأشياء، فمعلوم بالقدر الزماني: فإن رجوع الطرف إلى الناظر به أسرع من قيام القائم من مجلسه، لأن حركة البصر في الإدراك إلى ما يدركه أسرع من حركة الجسم فيما يتحرك منه، فإن الزمان الذي يتحرك فيه البصر عين الزمان الذي يتعلق بمبصره مع بعد المسافة بين الناظر والمنظور : فإن زمان فتح البصر زمان تعلقه بفلك الكواكب الثابتة، وزمان رجوع طرفه إليه هو عين زمان عدم إدراكه.
والقيام من مقام الإنسان ليس كذلك: أي ليس له هذه السرعة.
فكان آصف ابن برخيا أتم في العمل من الجن، فكان عين قول آصف بن برخيا عين الفعل في الزمن الواحد.  فرأى في ذلك الزمان بعينه سليمان عليه السلام عرش بلقيس مستقرا عنده لئلا يتخيل أنه أدركه وهو في مكانه من غير انتقال، )

فضل الإنس علي الجنّ
قال رضي الله عنه :  (أمّا فضل العالم من الصنف الإنساني على العالم من الجنّ بأسرار التصريف وخواصّ الأشياء ، فمعلوم بالقدر الزماني ، فإنّ رجوع الطرف إلى الناظر به أسرع من قيام القائم من مجلسه.)

( لأنّ حركة البصر في الإدراك إلى ما يدركه ) - لكونه من اللطائف البرزخيّة التي إنما غلب عليه التروّح وانقهر التجسّم - ( أسرع من حركة الجسم فيما يتحرّك منه ) لغلبة الكثافة العائقة له في حركته .
قال رضي الله عنه :  ( فإنّ الزمان الذي يتحرّك فيه البصر عين الزمان الذي يتعلَّق بمبصره مع بعد المسافة بين الناظر والمنظور . فإنّ زمان فتح البصر زمان تعلَّقه بفلك الكواكب الثابتة ، وزمان رجوع طرفه إليه عين زمان عدم إدراكه).
وذلك لأنّ هذه الحركة ليست للأجسام التي في حيطة الزمان حتى تكون متقدّرة به - تقدّر حركات الأجسام به - بل للقوّة الجسدانيّة التي هي البرزخ بين لطيف الروح وكثيف الجسم ، فإنما تتقدّر بباطن الزمان ، المسمى بلسان الاصطلاح ب « الآن الدائم » و « الدهر » فلا يكون حينئذ للزمان - الذي هو النقوش والأشكال المترتّبة عليه - قدر عند هذه الحركة أصلا .
فعلم أن الزمان هاهنا بمعناه ، وأنّ الآن الذي يتقدّر به هذه الحركة هو

باطن الزمان وأصله ، لا جزؤه في الخارج - كما قيل في توجيه هذا الموضع  : فإنّ الزمان لا جزء له في الخارج ، إذ هو متّصل واحد في نفسه ، إنما يفصله الوهم .
""  أضاف الجامع : يقول الشيخ كمال الدين القاشاني عن باطن الزمان :
" باطن الزمان : هو المسمى باصطلاح القوم : الوقت ، وهو الحال المتوسط بين الماضي والمستقبل وله الدوام .
فإن هذا الحال هو الظرف المعنوي الذي هو محل جميع المعلومات التي كانت جميعها متعلقة به وكائنة فيه من الحضرة العلمية ، وكل معلوم كان حاصلا في حصة معنوية منه بجميع توابعه وبه . ويسمى : الآن الدائم ، والحال الدائم المضاف إلى الحضرة العندية المشار إليها بقوله : " ليس عند ربكم صباح ولا مساء " ، ولهذا كان هذا الحال هو باطن الزمان وأصله الذي لا ماضي ولا مستقبل فيه ، بل كل لمحة منه مشتملة على مجموع الأزمنة بحكم المرتبة الأولى ، وكل لحظة منه كالدهور من الزمان المتعارف ، والدهور منه كلمحة من هذا الزمان الظاهر الغالب عليه حكم الماضي والمستقبل .أهـ
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي : " علم الزمان هو علم شريف منه يعرف الأزل ... وهذا علم لا يعلمه إلا الأفراد من الرجال ، وهو المعبر عنه : بالدهر الأول ، ودهر الدهور ". أهـ ""

كيفية إحضار عرش بلقيس
قال رضي الله عنه :  ( والقيام من مقام الإنسان ) لكونه حركة الجسم المتقدّرة بالزمان ( ليس كذلك ، أي ليس له هذه السرعة . فكان آصف بن برخيا أتمّ في العمل من الجنّ ) ضرورة أن عمله غير متخلَّلة بالزمان ، وهو الغاية في تلك الحركة المطلوبة .
قال رضي الله عنه :  ( فكان عين قول آصف بن برخيا عين الفعل في الزمن الواحد . فرأى في ذلك الزمان بعينه سليمان عليه السّلام عرش بلقيس مستقرّا عنده ) .

وإنما صرّح بالاستقرار ( لئلا يتخيّل أنّه أدركه وهو في مكانه من غير انتقال ، ولم يكن عندنا باتّحاد الزمان انتقال ) ضرورة أن الانتقال لا بدّ له من الزمان ، ليطابق الحركة والزمان والمسافة ، فهو ما كان من قبيل الانتقال.

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما فضل العالم من الصنف الإنساني على العالم من الجن بأسرار التصريف وخواص الأشياء، فمعلوم بالقدر الزماني: فإن رجوع الطرف إلى الناظر به أسرع من قيام القائم من مجلسه، لأن حركة البصر في الإدراك إلى ما يدركه أسرع من حركة الجسم فيما يتحرك منه، فإن الزمان الذي يتحرك فيه البصر عين الزمان الذي يتعلق بمبصره مع بعد المسافة بين الناظر والمنظور : فإن زمان فتح البصر زمان تعلقه بفلك الكواكب الثابتة، وزمان رجوع طرفه إليه هو عين زمان عدم إدراكه.
والقيام من مقام الإنسان ليس كذلك: أي ليس له هذه السرعة.
فكان آصف ابن برخيا أتم في العمل من الجن، فكان عين قول آصف بن برخيا عين الفعل في الزمن الواحد.
فرأى في ذلك الزمان بعينه سليمان عليه السلام عرش بلقيس مستقرا عنده لئلا يتخيل أنه أدركه وهو في مكانه من غير انتقال، )

قال رضي الله عنه :  (وأمّا فضل العالم من الصّنف الإنسانيّ على العالم من الجنّ بأسرار التّصريف)
قال رضي الله عنه :  ( وأما فضل العالم من الصنف الإنساني ) وهو آصف بن برخيا ( على العالم من الجن ) ، الذي قال :" أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ " [ النمل : 39 ] .
وقوله : ( بأسرار التصريف وخواص الأشياء ) من قبيل التنازع بين العالمين ، أي العالم بأسرار يتمكن من العلم بها إلى التصرف في العالم وبخواص الأشياء التي يتوسل بها إلى ذلك التصرف

قال رضي الله عنه :  (وخواصّ الأشياء ، فمعلوم بالقدر الزّمانيّ : فإنّ رجوع الطّرف إلى النّاظر به أسرع من قيام القائم من مجلسه ؛ لأنّ حركة البصر في الإدراك إلى ما يدركه أسرع من حركة الجسم فيما يتحرّك منه ، فإنّ الزّمان الّذي يتحرّك فيه البصر عين الزّمان الّذي يتعلّق بمبصره مع بعد المسافة بين النّاظر والمنظور فإنّ زمان فتح البصر زمان تعلّقه بفلك الكواكب الثّابتة وزمان رجوع طرفه إليه عين زمان عدم إدراكه . والقيام من مقام الإنسان ليس كذلك . أي ليس له هذه السّرعة . فكان آصف بن برخيا أتمّ في العمل من الجنّ ، فكان عين قول آصف بن برخيا عين الفعل في الزّمن الواحد .)

قال رضي الله عنه :  ( فمعلوم بالقدر الزماني ) فمن كان زمان إتيانه بالعرش أقل فهو أفضل فالعالم الإنساني أفضل .
( فإن رجوع الطرف ) الإتيان في كلامه موقت بارتداد الطرف ورجوعه ( إلى الناظر به ) ، أي بالطرف ( أسرع ) مما وقت الجني الإتيان بالعرش به أعني ( من قيام القائم من مجلسه لأن حركة البصر ) يعني تعلق الإبصار بالمبصر سماه حركة بناء على توهم خروج النور من البصر إلى المبصر فإن جعلت حركة البصر عبارة عن انفتاح الجفنين ورجوعه عن انطباقهما فهي حركة حقيقة لكن كلامه في الأولى أظهر وعلى كل تقدير فحركة المبصر.

قال رضي الله عنه :  ( في الإدراك إلى ما يدركه ) من المبصرات ( أسرع من حركة الجسم فيما يتحرك منه ) ، أي في مسافة يتحرك الجسم مبتدئة حركته منها ، أي من قطعها ( فإن الزمان الذي يتحرك فيه البصر ) إلى المبصر ( عين الزمان الذي يتعلق بمبصره ) ، أي أن حركة البصر نحو المبصر عين تعلقه بالمبصر فإنهما آنيان لا زمانيان إلا أن إطلاق الزمان على المعنى الأعم من الآن والزمان شائع فالحركة والمتعلق يقعان في آن واحد .

قال رضي الله عنه :  ( مع بعد المسافة بين الناظر والمنظور فإن زمان فتح البصر وحركته ) نحو المبصر إذا أراد الناظر أن ينظر إلى فلك الكواكب الثابتة مثلا ( زمان تعلقه ) بعينه ( بفلك الكواكب الثابتة ) بل آنة آنة ( وزمان رجوع طرفه إليه عين زمان عدم إدراكه ) بل آنة آنة ( والقيام من مقام الإنسان ليس كذلك ، أي ليس له هذه السرعة ) فإنه زمان لا آني .
قال رضي الله عنه :  ( فكان ) قول ( آصف بن برخيا ) أتم وأسرع ( في العمل من الجن ) حيث لم يتخلف عنه العمل بخلاف قول العفريت فإنه قد تخلف عنه العمل ( فكان عين قول آصف بن برخيا ) " أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ" [ النمل : 40 ] .
( عين الفعل ) الواقع ( في الزمان الواحد ) يعني الآن وهذا على سبيل المبالغة فإن قوله :
زماني وفعله آني والكون القول عين الفعل قال تعالى بعد قوله :" أَنَا آتِيكَ " من غير تعرض لفعل آخر فلما رآه مستقرا.

قال رضي الله عنه :  ( فرأى في ذلك الزّمان بعينه سليمان عليه السّلام عرش بلقيس مستقرّا عنده لئلا يتخيّل أنّه أدركه وهو في مكانه من غير انتقال .

قال رضي الله عنه :  ( فرآه في ذلك الزمان بعينه ) ، أي رأى ( سليمان عليه السلام عرش بلقيس مستقرا عنده ) وإنما قال مستقرا عنده ، ولم يقتصر على قوله : "فَلَمَّا رَآهُ " ( لئلا يتخيل ) على صيغة البناء للمفعول ( أنه أدركه وهو في مكانه ) برفع الحجاب بينهما ( من غير انتقال) ، أي لم يتحقق عندنا يعني المكاشفين بالخلق الجديد .


 .
 السفر السادس عشر الفقرة العاشرة على منتدي إتقوا الله ويعلمكم الله 
واتساب

No comments:

Post a Comment