Monday, November 18, 2019

السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية الفقرة الثامنة .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية الفقرة الثامنة .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية الفقرة الثامنة .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرةالثامنة : 
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأمّا ما رويناه ممّا أوحى اللّه به إليه لئن لم تنته لأمحونّ اسمك من ديوان النبوّة ، أي أرفع عنك طريق الخبر وأعطيك الأمور على التّجلّي ، والتّجلّي لا يكون إلّا بما أنت عليه من الاستعداد الّذي به يقع الإدراك الذّوقي ، فتعلم أنّك ما أدركت إلّا بحسب استعدادك فتنظر في هذا الأمر الّذي طلبت ، فلمّا لم تره تعلم أنّه ليس عندك الاستعداد الّذي تطلبه وأنّ ذلك من خصائص الذّات الإلهيّة ، وقد علمت أنّ اللّه أعطى كلّ شيء خلقه فإن لم يعطك هذا الاستعداد الخاصّ ، فما هو خلقك ، ولو كان خلقك لأعطاكه الحقّ الّذي أخبر أنّه أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ [ طه : 50 ] فتكون أنت الّذي تنتهي عن مثل هذا السّؤال من نفسك ، لا تحتاج فيه إلى نهي إلهي وهذه عناية من اللّه بالعزير عليه السّلام علم ذلك من علمه وجهله من جهله ).
 
قال رضي الله عنه :  ( وأمّا ما رويناه ممّا أوحى اللّه به إليه لئن لم تنته لأمحونّ اسمك من ديوان النبوّة ، أي أرفع عنك طريق الخبر وأعطيك الأمور على التّجلّي ، والتّجلّي لا يكون إلّا بما أنت عليه من الاستعداد الّذي به يقع الإدراك الذّوقي ، فتعلم أنّك ما أدركت إلّا بحسب استعدادك فتنظر في هذا الأمر الّذي طلبت ، فلمّا لم تره تعلم أنّه ليس عندك الاستعداد الّذي تطلبه وأنّ ذلك من خصائص الذّات الإلهيّة ، وقد علمت أنّ اللّه أعطى كلّ شيء خلقه فإن لم يعطك هذا الاستعداد الخاصّ ، فما هو خلقك ، ولو كان خلقك لأعطاكه الحقّ الّذي أخبر أنّه أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ [ طه : 50 ] فتكون أنت الّذي تنتهي عن مثل هذا السّؤال من نفسك ، لا تحتاج فيه إلى نهي إلهي وهذه عناية من اللّه بالعزير عليه السّلام علم ذلك من علمه وجهله من جهله ).

قال رضي الله عنه :   (وأما ما رويناه) في الحديث النبوي (مما أوحى اللّه) تعالى (به إليه) ، أي عزير عليه السلام من قوله له زيادة في المعاتبة (لئن لم تنته) عن طلب ما سألته (لأمحون اسمك) ، أي أزيل حقيقتك (من ديوان النبوّة ) وأوقفك في مقام الولاية أي (أرفع عنك طريق الخبر) بالوحي النبوي ، فلا أكشف لك عن الأمور على مقدار ما هي عليه في نفسها وأدرك إلى أن أفيض عليك الإمداد على قدر استعدادك (وأعطيك الأمور) الغيبية (على) طريق (التجلي) ، أي الانكشاف بحسب استعدادك وأقطع عنك الخبر بالوحي (والتجلي) بالأمور الغيبية (لا يكون) أبدا (إلا بما أنت) كائن (عليه من الاستعداد الذي به يقع الإدراك) منك (الذوقي) لذلك الأمر الذي تدركه (فتعلم) حينئذ (أنك ما أدركت أمرا إلا بحسب استعدادك) ، أي قوّتك القابلة ووسعك المتهيىء ، فتنال من كل أمر على قدرك لا على قدر ذلك الأمر في نفسه .
قال رضي الله عنه :  (فتنظر في هذا الأمر الذي طلبت) وهو الاطلاع على سر القدر (فلما لم تره) وجد عندك مع توجهك على حصوله (تعلم أنه) ، أي الشأن (ليس عندك الاستعداد) ، أي التهيؤ والقبول (للذي تطلبه) من ذلك السر المذكور (و) تعلم (أن ذلك من خصائص الذات الإلهية ) لا يقدر عليه غيره تعالى (وقد علمت أن اللّه) تعالى ("أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ") من استعداده الخاص القابل لما تهيأ له من المدد الفياض الدائم بحكم قوله تعالى: "الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ."
قال رضي الله عنه :  (ولم يعطك) سبحانه (هذا الاستعداد الخاص) لقبول فيض هذا الوسع المذكور للإحاطة بسر القدر الإلهي (فما هو) ، أي هذا الاستعداد (خلقك ولو كان خلقك) ثابتا في الأزل لعينك الثابتة قبل إضافة الوجود في حال العدم الأصلي (لأعطاكه الحق) تعالى (الذي أخبر أنه "أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ") ولم يمنع شيئا ما استعد له وتهيأ لقبوله أصلا (فتكون أنت الذي تنتهي عن مثل هذا السؤال) المذكور انتهاء صادرا (من نفسك لا تحتاج فيه) ، أي في هذا الانتهاء (إلى نهي إلهي) يرد عليك (وهذا) الأمر الذي وقع للعزير عليه السلام (عناية) ، أي اعتناء (من اللّه) تعالى (بالعزير عليه السلام علم ذلك) المذكور (من علمه) من الناس (وجهله من جهله) منهم وهو حق في نفسه كما ذكر.

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأمّا ما رويناه ممّا أوحى اللّه به إليه لئن لم تنته لأمحونّ اسمك من ديوان النبوّة ، أي أرفع عنك طريق الخبر وأعطيك الأمور على التّجلّي ، والتّجلّي لا يكون إلّا بما أنت عليه من الاستعداد الّذي به يقع الإدراك الذّوقي ، فتعلم أنّك ما أدركت إلّا بحسب استعدادك فتنظر في هذا الأمر الّذي طلبت ، فلمّا لم تره تعلم أنّه ليس عندك الاستعداد الّذي تطلبه وأنّ ذلك من خصائص الذّات الإلهيّة ، وقد علمت أنّ اللّه أعطى كلّ شيء خلقه فإن لم يعطك هذا الاستعداد الخاصّ ، فما هو خلقك ، ولو كان خلقك لأعطاكه الحقّ الّذي أخبر أنّه أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ [ طه : 50 ] فتكون أنت الّذي تنتهي عن مثل هذا السّؤال من نفسك ، لا تحتاج فيه إلى نهي إلهي وهذه عناية من اللّه بالعزير عليه السّلام علم ذلك من علمه وجهله من جهله ).
 
شرع في تحقيق العتب بقوله : ( مما أوحى اللّه به إليه ) يريد أن الانتهاء عن مثل هذا السؤال واجب عليك إما بنهي إلهي وإما بنهي عن نفسك والفرق بينهما إن الإلهي يتعلق بوجود المنهي عنه بمعنى وجد في المحل ثم نهاه اللّه عنه والنهي عن النفس يتعلق بعدمه بمعنى لم يوجد في المحل أصلا فلما سأل نهى اللّه عن السؤال الذي لا يناسب حاله فانتهى عن السؤال مع الندامة فقال : لولا لم أسأل لظنه أن عدم صدوره خير من أن يصدر فبين اللّه أن وجود السؤال منه .
ثم النهي عنه عناية له في حقه بقوله : ( لئن لم تنته ) بنهي إلهي عن السؤال عن الاطلاع الخاص للَّه ( لأمحونّ اسمك من ديوان النبوة ) كي يحصل الانتهاء منك بنفسك أي لا بد من الانتهاء عن السؤال الذي ليس في استعدادك.
 قوله : ( أي ارفع ) قائم مقام جواب أما تقديره فمعناه ارفع ( عنك طريق الخبر وأعطيك الأمور على التجلي والتجلي لا يكون إلا بما أنت عليه من الاستعداد الذي به يقع الإدراك الذوقي فتعلم أنك ما أدركت إلا بحسب استعدادك فتنظر في هذا ) أي ( الأمر الذي طلبت فإذا لم تره ) أي الأمر الذي طلبته.
( تعلم أنه ليس عندك الاستعداد الذي تطلبه و ) تعلم ( أن ذلك ) الأمر ( من خصائص الذات الإلهية وقد علمت أن اللّه تعالى أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ فإذا لم يعطك هذا الاستعداد الخاص فما هو خلقك ولو كان خلقك لأعطاكه الحق الذي أخبر أنه أعطى كل شيء خلقه فتكون ) على هذا التقدير .
( أنت الذي تنتهي عن مثل هذا السؤال من نفسك لا تحتاج فيه إلى نهي إلهي ) ولم أفعل بك ذلك بل أبقيتك على نبوتك وجعلتك محتاجا إلى نهي إلهي وهذا أعلى مرتبة لك من أن تنتهي من نفسك فإن النبوة لاشتمالها الولاية أعلى مرتبة من الولاية بدونها فلما علم العزير حمد اللّه على عنايته له فزالت ندامته على سؤاله والنهي عنه.
هذا هو الذي انكشف لي في هذا المقام فعلى هذا التحقيق لا عتب على عزير على هذا المطلب بل صح من الأنبياء بمثل هذا السؤال حيث لم يعتب عليه وإن لم تقبل مسألتهم ( وهذا ) أي ما فعله الحق بالعزير ( عناية من اللّه بالعزير عليه السلام ) لا عتب عليه أخبر اللّه بها بقوله : لئن لم تنته لأمحونّ اسمك من ديوان النبوة .

فدل قوله : لئن لم تنته على أن مطلب العزير على طريقة خاصة ( علم ذلك ) العناية ذكر الإشارة باعتبار التأديب ( من علمه وجهل من جهله ) فلما علم من كلامه أنه لا يعلم سر القدر إلا اللّه أو ممن يطلعه اللّه من الأنبياء والأولياء شرع في بيان الولاية والنبوة.

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأمّا ما رويناه ممّا أوحى اللّه به إليه لئن لم تنته لأمحونّ اسمك من ديوان النبوّة ، أي أرفع عنك طريق الخبر وأعطيك الأمور على التّجلّي ، والتّجلّي لا يكون إلّا بما أنت عليه من الاستعداد الّذي به يقع الإدراك الذّوقي ، فتعلم أنّك ما أدركت إلّا بحسب استعدادك فتنظر في هذا الأمر الّذي طلبت ، فلمّا لم تره تعلم أنّه ليس عندك الاستعداد الّذي تطلبه وأنّ ذلك من خصائص الذّات الإلهيّة ، وقد علمت أنّ اللّه أعطى كلّ شيء خلقه فإن لم يعطك هذا الاستعداد الخاصّ ، فما هو خلقك ، ولو كان خلقك لأعطاكه الحقّ الّذي أخبر أنّه أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ [ طه : 50 ] فتكون أنت الّذي تنتهي عن مثل هذا السّؤال من نفسك ، لا تحتاج فيه إلى نهي إلهي وهذه عناية من اللّه بالعزير عليه السّلام علم ذلك من علمه وجهله من جهله ).

قال رضي الله عنه : ( وأمّا ما رويناه ممّا أوحى اللّه به إليه لئن لم تنته لأمحونّ اسمك من ديوان النبوّة ، أي أرفع عنك طريق الخبر وأعطيك الأمور على التّجلّي ، والتّجلّي لا يكون إلّا بما أنت عليه من الاستعداد الّذي به يقع الإدراك الذّوقي ، فتعلم أنّك ما أدركت إلّا بحسب استعدادك فتنظر في هذا الأمر الّذي طلبت ، فلمّا لم تره تعلم أنّه ليس عندك الاستعداد الّذي تطلبه وأنّ ذلك من خصائص الذّات الإلهيّة ، وقد علمت أنّ اللّه أعطى كلّ شيء خلقه فإن لم يعطك هذا الاستعداد الخاصّ ، فما هو خلقك ، ولو كان خلقك لأعطاكه الحقّ الّذي أخبر أنّه أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ [طه : 50] فتكون أنت الّذي تنتهي عن مثل هذا السّؤال من نفسك ، لا تحتاج فيه إلى نهي إلهي وهذه عناية من اللّه بالعزير عليه السّلام علم ذلك من علمه وجهله من جهله ).

قلت: ظاهر كلامه رضي الله عنه، أن القضاء حكم الله في الأشياء وأما سباق المعنى فيقتضي أن القضاء حكم الأشياء في الله فتأمل ذلك. 
والذي أراه أن القضاء حكم الله تعالى وليس للممكنات تأثير وأن المعدوم ليس بشيء
وأن الشيء ليس إلا الموجود وموجوديته شيئيته.
ولا يقال: إن هذا يفضي إلى تجدد العلم لله تعالى. 
فإنا نقول: إن علم الله تعالی تابع للموجودات حال وجودها وذلك ثابت في الأزل إلى الأبد، لأن ما بينهما لا ماضي فيه ولا مستقبل عند الله تعالی بل الجميع حاضر.
فما يتجدد له علم .
وأما الدليل على صحة القدر والقضاء، فإن العالم ممکن وكل ممكن فلا يقع في نفس الأمر إلا أحد طرفيه.
فالممتنع في نفس الأمر ليس بممکن، والممكن الذي لا بد أن يقع فليس إلا واجب.
فصور الواجب بأزمنته وأمكنته معلومة الله تعالى دائما أزلا وإبدا ولا يتعدي الموجود زمانه ، فشيئيته حال وجوده فقط، فيكون سر القدر أنه أحد طرفي الممكن.
أعني الذي لا بد أن يقع في نفس الأمر، وهو أحد المحتملين فلا شيء إلا بقضاء، وهو وقوع أحد المحتملين، وقدر، وهو الترتيب الذي لابد أن يقع، لأن أحكام الأعيان الثابتة في حال عدمها.
فإن المعدوم لا يتصف بالثبوت لأنه ليس بشيء.
وما بقي من هذه الحكمة فظاهر.

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأمّا ما رويناه ممّا أوحى اللّه به إليه لئن لم تنته لأمحونّ اسمك من ديوان النبوّة ، أي أرفع عنك طريق الخبر وأعطيك الأمور على التّجلّي ، والتّجلّي لا يكون إلّا بما أنت عليه من الاستعداد الّذي به يقع الإدراك الذّوقي ، فتعلم أنّك ما أدركت إلّا بحسب استعدادك فتنظر في هذا الأمر الّذي طلبت ، فلمّا لم تره تعلم أنّه ليس عندك الاستعداد الّذي تطلبه وأنّ ذلك من خصائص الذّات الإلهيّة ، وقد علمت أنّ اللّه أعطى كلّ شيء خلقه فإن لم يعطك هذا الاستعداد الخاصّ ، فما هو خلقك ، ولو كان خلقك لأعطاكه الحقّ الّذي أخبر أنّه أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ [ طه : 50 ] فتكون أنت الّذي تنتهي عن مثل هذا السّؤال من نفسك ، لا تحتاج فيه إلى نهي إلهي وهذه عناية من اللّه بالعزير عليه السّلام علم ذلك من علمه وجهله من جهله ).
 
قال رضي الله عنه :  وأمّا ما رويناه ممّا أوحى الله به إليه : « لئن لم تنته لأمحونّ اسمك عن ديوان النبوّة » أي أرفع عنك طريق الخبر وأعطيك الأمور على التجلَّي ، والتجلَّي لا يكون إلَّا بما أنت عليه من الاستعداد الذي به يقع الإدراك الذوقي ، فتعلم أنّك ما أدركت إلَّا بحسب استعدادك . فتنظر في هذا الأمر الذي طلبت ، فإذا لم تره تعلم أنّه ليس عندك الاستعداد الذي تطلبه ، وأنّ ذلك من خصائص الذات الإلهية. وقد علمت أنّ الله أعطى كلّ شيء خلقه ، ولم يعطك هذا الاستعداد الخاصّ فما هو خلقك ولو كان خلقك لأعطاكه الحقّ الذي أخبر أنّه أعطى كلّ شيء خلقه فتكون أنت الذي ينتهي عن مثل هذا السؤال من نفسك ، لا تحتاج فيه عن نهي إلهي ) .

يشير رضي الله عنه إلى أنّ الكشف بسرّ القدر يعطي الأدب الحقيقيّ في السؤال والانتهاء عن السؤال ، فإنّ من خصائصه الاطَّلاع على مقتضى الوجود المطلق الإلهي .
والاطَّلاع على مقتضى العين الثابتة التي للسائل ، وخصوص استعداده الذاتي غير المجعول ، فإذا لم يشهد ما يطلب في نوع استعداده الذاتي ، انتهى عن طلبه وسؤاله ضرورة .

قال رضي الله عنه : ( وهذا عناية من الله - تعالى - بالعزير عليه السّلام علم ذلك من علمه ، وجهل ذلك من جهله .)

يشير رضي الله عنه:  إلى أنّ رجال الكمال من أهل الله لا يفتخرون بما هو عرضيّ لهم من الربوبية وأسماء الربّ ، ولا يظهرون بها ، وإنّما يظهرون بالذاتيات وهي العبودية ، ويقتضي كمال التحقّق بالعبودية أن لا يشاركوا الحق في اسم كالوليّ .
وأن يظهروا ويتسمّوا باسم يخصّهم من حيث العبودية المحضة ، وليس ذلك إلَّا النبيّ والرسول ، ولم يتسمّ الله بهما ، فلمّا انقطعت النبوّة والرسالة ، لم يبق لهم منهما اسم يتسمّون به ، فانقصم ظهور استظهارهم لأجل ذلك ، وهذا سرّ عزيز المنال ، لم يعثر عليه قبله ، ومن قبله قالوا بغيره

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأمّا ما رويناه ممّا أوحى اللّه به إليه لئن لم تنته لأمحونّ اسمك من ديوان النبوّة ، أي أرفع عنك طريق الخبر وأعطيك الأمور على التّجلّي ، والتّجلّي لا يكون إلّا بما أنت عليه من الاستعداد الّذي به يقع الإدراك الذّوقي ، فتعلم أنّك ما أدركت إلّا بحسب استعدادك فتنظر في هذا الأمر الّذي طلبت ، فلمّا لم تره تعلم أنّه ليس عندك الاستعداد الّذي تطلبه وأنّ ذلك من خصائص الذّات الإلهيّة ، وقد علمت أنّ اللّه أعطى كلّ شيء خلقه فإن لم يعطك هذا الاستعداد الخاصّ ، فما هو خلقك ، ولو كان خلقك لأعطاكه الحقّ الّذي أخبر أنّه أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ [ طه : 50 ] فتكون أنت الّذي تنتهي عن مثل هذا السّؤال من نفسك ، لا تحتاج فيه إلى نهي إلهي وهذه عناية من اللّه بالعزير عليه السّلام علم ذلك من علمه وجهله من جهله ).
 
قال رضي الله عنه :  (وأما ما رويناه مما أوحى الله به إليه « لئن لم تنته لأمحون اسمك من ديوان النبوة ، أي أرفع عنك طريق الخبر وأعطيك الأمور على التجلي ، والتجلي لا يكون إلا بما أنت عليه من الاستعداد الذي به يقع الإدراك الذوقي ، فتعلم أنك ما أدركت إلا بحسب استعدادك فتنظر في هذا الأمر الذي طلبت ، فإذا لم تره تعلم أنه ليس عندك الاستعداد الذي تطلبه وأن ذلك من خصائص الذات الإلهية ، وقد علمت أن الله أعطى كل شيء خلقه ، فإذا لم يعطك هذا الاستعداد الخاص فما هو خلقك ولو كان خلقك لأعطاكه ؟  الحق الذي أخبر أنه " أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَه "  فتكون أنت الذي تنتهي عن مثل هذا السؤال من نفسك ، لا تحتاج فيه إلى نهى آخر) .

إنما تدرك الكيفيات بالذوق لأنها وجدانية مدركة بقوى نفسانية ومزاج خاص للروح المدرك كما في الطعوم المذوقة أو الروائح المشمومة ، فإن لم يكن له قوة الذوق والشم لا يجد الطعوم والروائح ولا يميزها في المذوق والمشموم ، وإن علمها وتميز بالعقل بعضها عن بعض .
وأما الحديث المروي في عتبه فإنه يفيد أن الكشف سر القدر يقتضي الأدب الحقيقي في السؤال وتركه ، لأنه إذا رفع عنه لإخبار وكشف له عن عينه اطلع على ما في عينه ، فإن رأى فيه الأمر الذي طلبه علم أنه أعطى ذلك باستعداده .
وإن لم يره علم أنه ليس فيه استعداد ذلك الأمر الذي يطلبه وأنه من خصائص الذات الإلهية ، وقد أعطى كل شيء خلقه يعطيه هذا الاستعداد الخاص وإلا كان في عينه الثابتة الغير المجعولة ، فلما لم يكن فيها انتهى عن مثل هذا السؤال من نفسه من غير احتياج فيه إلى نهى إلهي.

قال رضي الله عنه : (وهذا عناية من الله بعزير عليه السلام ،علم ذلك من علمه وجهل من جهله)
فإنه تأديب إلهي كما قال عليه الصلاة والسلام « أدبنى ربى فأحسن تأديبى.
""  أضاف بالي زادة : 
(علم ذلك) العناية (من علمه) وحمل هذا الكلام على العناية والمراد به نفسه قدس سره (وجهل من جهل) وحمل القول على العتب فلا يصح حمل الكلام على العتب. أهـ بالى . ""

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأمّا ما رويناه ممّا أوحى اللّه به إليه لئن لم تنته لأمحونّ اسمك من ديوان النبوّة ، أي أرفع عنك طريق الخبر وأعطيك الأمور على التّجلّي ، والتّجلّي لا يكون إلّا بما أنت عليه من الاستعداد الّذي به يقع الإدراك الذّوقي ، فتعلم أنّك ما أدركت إلّا بحسب استعدادك فتنظر في هذا الأمر الّذي طلبت ، فلمّا لم تره تعلم أنّه ليس عندك الاستعداد الّذي تطلبه وأنّ ذلك من خصائص الذّات الإلهيّة ، وقد علمت أنّ اللّه أعطى كلّ شيء خلقه فإن لم يعطك هذا الاستعداد الخاصّ ، فما هو خلقك ، ولو كان خلقك لأعطاكه الحقّ الّذي أخبر أنّه أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ [ طه : 50 ] فتكون أنت الّذي تنتهي عن مثل هذا السّؤال من نفسك ، لا تحتاج فيه إلى نهي إلهي وهذه عناية من اللّه بالعزير عليه السّلام علم ذلك من علمه وجهله من جهله ).

قال رضي الله عنه :  ( وأما ما رويناه مما أوحى الله به إليه : " لئن لم تنته ، لأمحون اسمك من ديوان النبوة" ) .
أي ، أرفع عنك طريق الخبر ، وأعطيك الأمور على التجلي ، والتجلي لا يكون إلا بما أنت عليه من الاستعداد الذي به يقع الإدراك الذوقي ، فتعلم أنك ما أدركت إلا بحسب استعدادك ، فتنظر في هذه الأمر الذي طلبت ، فلما لم تره ، تعلم أنه ليس عندك الاستعداد الذي تطلبه ، وإن ذلك من خصائص الذات الإلهية .

قال الشيخ رضي الله عنه :  (فقد علمت أن الله " أعطى كل شئ خلقه " . فإن لم يعطك هذا الاستعداد الخاص ، فما هو خلقك ، ولو كان خلقك ، لأعطاكه الحق الذي أخبر أنه أعطى كل شئ خلقه . فتكون أنت الذي تنتهي عن مثل هذا السؤال من نفسك ، لا تحتاج إلى نهى إلهي . وهذا عناية من الله بالعزير ، عليه السلام . علم ذلك من علمه ، وجهله من جهله . )

جواب ( أما ) قوله : ( أي أرفع ) . تقديره : وأما ما رويناه من قوله تعالى ب‍ ( لئن لم تنته
لأمحون اسمك من ديوان النبوة ) . فمعناه : أرفع عنك طريق الخبر ، وأعطيك الأمور على التجلي .
ولما كانت النبوة مأخوذة من ( النبأ ) وهو الخبر ، فسر طريق الكشف ، لأن النبي ولى ، ومن شأن الأولياء الكشف ، فإذا ارتفع الحجاب وانكشف حقائق الأمور ، علم أن الحق ما يعطى لأحد شيئا إلا بحسب الاستعداد .
فإذا نظر ولم يجد في عينه استعداد ما يطلبه ، ينتهى عن الطلب ويتأدب بين يدي الله ، ولا يطلب ما ليس في وسعه واستعداده .
ويعلم أن مطلوبه مخصوص بالحق ، ليس لغيره فيه ذوق ولا كشف .

ويعلم أن الله أعطى كل شئ خلقه ، أي استعداده الذي يخلق في الشهادة بحسبه عند تعين المهيات وفيضها أزلا ، فمن أعطى له الحق هذا الاستعداد الخاص وجعله خليفة ، يصدر منه ذلك ، كالإحياء من عيسى عليه السلام وشق القمر من نبينا ، صلى الله عليه وسلم ، والتصرفات التي يتعلق بالقدرة .
ومن لم يعط له ذلك ، لم يمكن صدوره منه ، سواء طلب ذلك أو لم يطلب
.
ولما كان ظاهر الخبر سلب النبوة عنه وإبعاده من حضرته وهذا لا يليق بمراتب الأنبياء صلوات الله عليهم .

لأنهم المصطفون من العباد وأعيانهم مقتضية لها لا يمكن سلبها عنهم - صرح بأن هذا العتب عناية من الله في حقه وتأديب ، كما قال صلى الله عليه وسلم : " أدبني ربي ، فأحسن تأديبي " علم هذا المعنى من علم من أهل الحجاب والطغيان .
أو لما كان الخبر في الباطن والحقيقة وعدا ، لا وعيدا ، والوعيد عناية من الله في حقه .
 قال رضي الله عنه  : ( علم ذلك الوعد  من علمه ، وجهله من جهله . )

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ
:
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأمّا ما رويناه ممّا أوحى اللّه به إليه لئن لم تنته لأمحونّ اسمك من ديوان النبوّة ، أي أرفع عنك طريق الخبر وأعطيك الأمور على التّجلّي ، والتّجلّي لا يكون إلّا بما أنت عليه من الاستعداد الّذي به يقع الإدراك الذّوقي ، فتعلم أنّك ما أدركت إلّا بحسب استعدادك فتنظر في هذا الأمر الّذي طلبت ، فلمّا لم تره تعلم أنّه ليس عندك الاستعداد الّذي تطلبه وأنّ ذلك من خصائص الذّات الإلهيّة ، وقد علمت أنّ اللّه أعطى كلّ شيء خلقه فإن لم يعطك هذا الاستعداد الخاصّ ، فما هو خلقك ، ولو كان خلقك لأعطاكه الحقّ الّذي أخبر أنّه أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ [ طه : 50 ] فتكون أنت الّذي تنتهي عن مثل هذا السّؤال من نفسك ، لا تحتاج فيه إلى نهي إلهي وهذه عناية من اللّه بالعزير عليه السّلام علم ذلك من علمه وجهله من جهله ).

قال رضي الله عنه :  ( وأمّا ما رويناه ممّا أوحى اللّه به إليه لئن لم تنته لأمحونّ اسمك من ديوان النبوّة ، أي أرفع عنك طريق الخبر وأعطيك الأمور على التّجلّي ، والتّجلّي لا يكون إلّا بما أنت عليه من الاستعداد الّذي به يقع الإدراك الذّوقي ، فتعلم أنّك ما أدركت إلّا بحسب استعدادك فتنظر في هذا الأمر الّذي طلبت ، فلمّا لم تره تعلم أنّه ليس عندك الاستعداد الّذي تطلبه وأنّ ذلك من خصائص الذّات الإلهيّة ، وقد علمت أنّ اللّه أعطى كلّ شيء خلقه ؛ فإن لم يعطك هذا الاستعداد الخاصّ ، فما هو خلقك ، ولو كان خلقك لأعطاكه الحقّ الّذي أخبر "أنّه أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ" [ طه : 50 ] ، فتكون أنت الّذي تنتهي عن مثل هذا السّؤال من نفسك ، لا تحتاج فيه إلى نهي إلهي وهذه عناية من اللّه بالعزير عليه السّلام علم ذلك من علمه وجهله من جهله ) .

وأشار إلى أن ذلك العتاب ليس هو قوله : " لئن تنته . . . إلى آخره " ، بل هو عتابه يتبين به استحالة حصول مسئوله بطريق الكشف .
فقال : ( وأما ما رويناه فيما أوحى اللّه به إليه ) فيه إشارة إلى أنه كيف يكون عتابا يقطع الوحي ، وهو عين الوحي ( لئن لم تنته لأمحون اسمك عن ديوان النبوة ) ، كيف وليس إشارة إلى عزل عن النبوة ، فإن الأنبياء - عليهم السّلام - معصومون عن ذلك بالإجماع .

فمعناه ما ذكره الشيخ - رحمه اللّه - ( أي : أرفع عنك طريق الخبر ) أي : الوحي في بيان استحالة حصول هذا المسؤول لقصوره عن إفادة الظمآنية .
( وأعطيك الأمور ) أي : حقائق الأشياء ( على التجلي ) أي : تجلي العلم الإلهي الشامل ما عليها المفيد للظمآنية لكمال ما فيه .
وحينئذ يتبيّن لك استحالة حصول مسئولك إذ ( التجلي لا يكون إلا بما أنت عليه من الاستعداد ) ، وإنما كان هذا التجلي مفيدا للظمآنية إذ هو ( الذي يقع به الإدراك الذوقي ) ، وهو فوق الإدراك بالحس والعقل ، وإنما تبيّن استحالته مع أنه لا ثبات للأمر المحال أصلا ؛ لأن الاطلاع على هذا العلم الإلهي .

وإن لم يفد للعبد الاطلاع على جميع ما فيه يفيده الاطلاع على جميع ما في استعداده ، ( فتعلم أنك ما أدركت ) شيئا مما أدركته ( إلا بحسب استعدادك ) الذي اطلعت فيه على كله ، ( فتنظر ) أي : تتأمل ( في هذا الأمر الذي طلبته ) على ظن عدم استحالته ، ( فلما لم تره ) مع رؤية كل ما كان في استعدادك ( تعلم أنه ليس عندك الاستعداد الذي يطلبه ) لحصول مسئولك ، فينكشف لك استحالة هذا الأمر في حق المخلوق بطريق الذوق .

قال رضي الله عنه : ( وأنه من خصائص الذات الإلهية ) بحيث لا يمكن أن يحصل لغيره تعالى ، وإن اطلع على علمه ؛ فهو إنما ثبت في العلم الإلهي لا مكانة في حقه ، ولا ثبات له من حيث الاستحالة في موضع أصلا ، فهو إنما يعرف ذوقا بهذا الطريق ، وكيف لا تعلم ذوقا أنه محال في حقّك.

قال رضي الله عنه :  (وقد علمت أن اللّه أعطى كل شيء خلقه ، ولم يعطك هذا الاستعداد الخاص ؛ فما هو خلقك ) .
وذلك لأنه ( لو كان ذوقك لأعطاكه الحق ) ، وإن لم يجب عليه شيء بالنظر إلى علو رتبته ، فلا ينافي ذلك وجوب شيء عليه بحسب سنته وحكمته ، ومقتضى خبره الصدق ووعده الحق ؛ فإنه ( الذي أخبر أنه "أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ" )[ طه : 50 ] .
وإذا علمت استحالة ذلك بهذا الكشف (  فتكون أنت الذي تنتهي عن مثل هذا السؤال من نفسك لا تحتاج فيه إلى نهي الإلهي ) ، وإن أمكن في حق مخلوق إذا رأيت استحالته في حقك ، فكيف إذا علمت استحالته في حق الكل .

وهذا الخبر على هذا التأويل ليس عتابا ولا زجرا سابقا عليه ، بل هو ( عناية من اللّه بعزير عليه السّلام في بيان استحالة مسئوله ) بحيث يفيده الطمأنينة الكلية فيه ( علم ذلك من علمه ) ، فأوله بما ذكرنا ، ( وجهل ذلك من جهله ) ، فظنه عتابا أو زجرا سابقا عليه .
ثم استشعر سؤالا بأنه كيف يكون قوله : « لأمحونّ اسمك عن ديوان النبوة » رواه ابن قتيبة في المعارف وكذلك الغزالي في الإحياء وغيرهما.
عناية مع أنه وعيد بمحو رتبة النبوة التي كانت له مع الولاية إذ غاية العناية على ما ذكر ؟ ثم إنه نقله إلى محض الولاية .
فأجاب بأن المحو لا بدّ من وقوعه في حقّ الأنبياء بعد الموت ، فمرجعهم إلى محض الولاية مع أنها لا تنزل لهم عن حالهم ، فذلك بتكميل ولايتهم ، وجعلها أتم مما كانت لهم مع النبوة ، وإن كانت ولاية النبيّ حال نبوته أكمل من ولاية كل ولي غير نبي ، إذ لا نهاية لمراتب القرب من اللّه .

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأمّا ما رويناه ممّا أوحى اللّه به إليه لئن لم تنته لأمحونّ اسمك من ديوان النبوّة ، أي أرفع عنك طريق الخبر وأعطيك الأمور على التّجلّي ، والتّجلّي لا يكون إلّا بما أنت عليه من الاستعداد الّذي به يقع الإدراك الذّوقي ، فتعلم أنّك ما أدركت إلّا بحسب استعدادك فتنظر في هذا الأمر الّذي طلبت ، فلمّا لم تره تعلم أنّه ليس عندك الاستعداد الّذي تطلبه وأنّ ذلك من خصائص الذّات الإلهيّة ، وقد علمت أنّ اللّه أعطى كلّ شيء خلقه فإن لم يعطك هذا الاستعداد الخاصّ ، فما هو خلقك ، ولو كان خلقك لأعطاكه الحقّ الّذي أخبر أنّه أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ [ طه : 50 ] فتكون أنت الّذي تنتهي عن مثل هذا السّؤال من نفسك ، لا تحتاج فيه إلى نهي إلهي وهذه عناية من اللّه بالعزير عليه السّلام علم ذلك من علمه وجهله من جهله ).
 
قال رضي الله عنه عما أجيب به عزير عليه السّلام:  (وأما ما رويناه مما أوحى الله به إليه : « إن لم تنته لأمحونّ اسمك من ديوان النبوّة » أي أرفع عنك طريق الخبر ) - هذا وقع جواب « أما » أي فمعناه أرفع عنك طريق الإنباء والرسالة والخبر الذي هو طرف خلقيّتك .
 ( وأعطيك الأمور على التجلَّي ) الحقّاني ، ( والتجلَّي لا يكون إلا بما أنت عليه من الاستعداد الذي به يقع الإدراك الذوقي ) إذ الذوقيّ من الإدراك هو الذي بلغ في الاتّحاد الوجودي الذي يستلزم الإدراك مبلغا لا يكون للثنوية الكونية هناك مجال أصلا ، وذلك هو الذي في القابلية الأصليّة الأوليّة .
فإذا أدركت شيئا بمجرّد الذوق إنّما تعرف ذلك وتحقّقه بأن تستقصي فيما عندك من قوى الاستعلام وآلات استحصال النتائج ، ولم تجد شيئا منها مما يستحصل به ذلك ( فتعلم أنك ما أدركت إلا بحسب استعدادك ) .

ثمّ إنّك إذا عرفت أن التجلَّي بما عليه الاستعداد هو مبدأ الإدراك الذوقي ، فإذا طلبت شيئا (فتنظر في هذا الأمر الذي طلبت ، فلمّا لم تره ) في ذلك التجلَّي ( تعلم أنّه ليس عندك الاستعداد الذي تطلبه ) - وهو الذي يعطي ذلك المطلوب وتذوقه به .
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأنّ ذلك من خصائص الذات الإلهيّة ) أنها في تجلَّيها لكل أحد إنما يظهر له خصوصيّته المختصّة به .

(وقد علمت أن الله " أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَه ُ " ولم يعطك هذا الاستعداد الخاصّ فما هو خلقك ، ولو كان خلقك لأعطاكه الحقّ الذي أخبر أنّه:  أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَه ُ " [ 20 / 50 ] .
فتكون أنت الذي تنتهي عن مثل هذا السؤال من نفسك ، لا تحتاج فيه إلى نهي إلهي .
( وهذه عناية من الله بعزير ) حيث وفّقه الله لهذا السؤال ، ووفّقه على ما يرقيه من مواقف الغيبة ومستفاض النبأ والخبر إلى مواطن الحضور ومشاهد التجلي والعيان ( علم ذلك من علمه ، وجهله من جهله ) فإنّ فهم أمثال هذا الكلام يحتاج إلى ذوق يعزّ واجده جدّا .

الولاية والنبوّة
ثمّ لما استشعر من هذا القول أنّه يستلزم تعظيم أمر الولاية وترجيحها على النبوّة ، أخذ فيما يحقّق ذلك من البيان قائلا :

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأمّا ما رويناه ممّا أوحى اللّه به إليه لئن لم تنته لأمحونّ اسمك من ديوان النبوّة ، أي أرفع عنك طريق الخبر وأعطيك الأمور على التّجلّي ، والتّجلّي لا يكون إلّا بما أنت عليه من الاستعداد الّذي به يقع الإدراك الذّوقي ، فتعلم أنّك ما أدركت إلّا بحسب استعدادك فتنظر في هذا الأمر الّذي طلبت ، فلمّا لم تره تعلم أنّه ليس عندك الاستعداد الّذي تطلبه وأنّ ذلك من خصائص الذّات الإلهيّة ، وقد علمت أنّ اللّه أعطى كلّ شيء خلقه فإن لم يعطك هذا الاستعداد الخاصّ ، فما هو خلقك ، ولو كان خلقك لأعطاكه الحقّ الّذي أخبر أنّه أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ [ طه : 50 ] فتكون أنت الّذي تنتهي عن مثل هذا السّؤال من نفسك ، لا تحتاج فيه إلى نهي إلهي وهذه عناية من اللّه بالعزير عليه السّلام علم ذلك من علمه وجهله من جهله ).
 
قال رضي الله عنه : ( وأمّا ما رويناه ممّا أوحى اللّه به إليه لئن لم تنته لأمحونّ اسمك من ديوان النبوّة ، أي أرفع عنك طريق الخبر وأعطيك الأمور على التّجلّي ، والتّجلّي لا يكون إلّا بما أنت عليه من الاستعداد الّذي به يقع الإدراك الذّوقي ، فتعلم أنّك ما أدركت إلّا بحسب استعدادك فتنظر في هذا الأمر الّذي طلبت ، فلمّا لم تره تعلم أنّه ليس)

قال رضي الله عنه : (وأما ما رويناه مما أوحى اللّه به إليه لئن لم تنته لأمحون اسمك من ديوان النبوة أي أرفع عنك ).

يعني أرفع عنك جواب ما ، أي أرفع عنك ( طريق الخبر ) والإنباء الذي هو طريق الأنبياء.
فقال رضي الله عنه  : (وأعطيك الأمور على التجلي والتجلي لا يكون إلا بما أنت عليه من الاستعداد الذي به يقع الإدراك الذوقي فتعلم أنك ما أدركت إلا بحسب استعدادك فتنظر في هذا الأمر الذي طلبت فما لم تره ) .
وفي بعض النسخ فلما لم تره في ذلك التجلي الذي أعطيك الأمور بحسبه

قال رضي الله عنه :  (تعلم أنه ليس عندك الاستعداد الّذي تطلبه وأنّ ذلك من خصائص الذّات الإلهيّة ، وقد علمت أنّ اللّه أعطى كلّ شيء خلقه فإن لم يعطك هذا الاستعداد الخاصّ ، فما هو خلقك ، ولو كان خلقك لأعطاكه الحقّ الّذي أخبر"أنّهأَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ" [ طه : 50 ] فتكون أنت الّذي تنتهي عن مثل هذا السّؤال من نفسك ، لا تحتاج فيه إلى نهي إلهي وهذه عناية من اللّه بالعزير عليه السّلام علم ذلك من علمه وجهله من جهله .  واعلم أنّ الولاية هي الفلك المحيط العامّ ، ولهذا لم تنقطع ، وله الإنباء العامّ .)

قال رضي الله عنه :  ( تعلم أنه ليس عندك الاستعداد الذي تطلبه ) ، أي تطلب ذلك الاستعداد الأمر الذي طلبته .
( وأن ذلك من خصائص الذات الإلهية وقد علمت أن اللّه أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ) ، أي استعداده الذي يخلق في الشهادة بحسبه ( ولم يعطك هذا الاستعداد الخاص فما هو ) ، أي هذا الاستعداد قال رضي الله عنه :  (خلقك ولو كان خلقك لأعطاك الذي أخبر أنهأَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ فتكون أنت الذي تنتهي عن مثل هذا السؤال من نفسك لا تحتاج فيه إلى نهي إلهي ، وهذا ) الذي ذكرناه في معنى محو اسمه عن ديوان النبوة ( عناية من اللّه بالعزير ) ووعد لا عتب ووعيد .

قال رضي الله عنه :  ( علم ذلك من علمه وجهله من جهله ) . اعلم أن المعاد على ضربين
أحدهما : إعادة الصور المركبة من أجزاء مخصوصة بعد افتراق تلك الأجزاء وجمعها على نحو هيئتها الأولى وإعدادها لاتصال روحها بها اتصال تدبير مقوّم لتلك الصورة وممكن إياها من التصور الخصيص بتلك الصورة وروحها ، ومن هذا القبيل كان إعادة حمار العزير عليه السلام .
والثاني : حراسة الصورة المركبة من انفكاك أجزائها عن مفارقة الروح عنها لعدم استعداد الصورة لقيام الحياة بها المستلزمة لإقبال الروح على تدبير تلك الصورة .
فإن بعض الأرواح لكماله لكسب الصورة زمان تدبيره لها صفة البقاء الذي تقتضيه ذاته ، وأيضا لم يعرض عنها بحيث يوجب انفكاك أجزائها لضعفه وعجزه عن الجمع بين الطرفين : الدنيا والآخرة .
فإن الأرواح الكاملة لا يشغلها شأن عن شأن فلم يعرض عن هذا العالم بكل وجه فمثل هذا الجسد المحروس من الانفكاك متن أمدّ بقوة وأمر بكسبه ضربا من الاعتدال اتصلت به الحياة واستعد لإقبال الروح عليه بالتدبير . ومن هذا النوع كانت إعادة عزير عليه السلام .
.
واتساب

No comments:

Post a Comment