Monday, November 18, 2019

السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية الفقرة السادسة .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية الفقرة السادسة .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية الفقرة السادسة .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي


موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
14 - The Wisdom of Destiny in the Word of Ezra

الفقرةالسادسة:

جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فلما كان مطلب العزير على الطّريقة الخاصّة لذلك وقع العتب عليه كما ورد في الخبر ولو طلب الكشف الّذي ذكرناه ربّما كان لا يقع عتب في ذلك .
والدّليل على سذاجة قلبه قوله في بعض الوجوه "أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها"[البقرة : 259] .
وأمّا عندنا فصورته عليه السّلام في قوله هذا كصورة إبراهيم عليه السّلام في قوله: "رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى" [ البقرة : 260 ] ويقتضي ذلك الجواب بالفعل الّذي أظهره الحقّ فيه في قوله تعالى: "فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ"
فقال له : "وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً " [ البقرة : 259]
فعاين كيف تنبت الأجسام معاينة تحقيق فأراه الكيفيّة .
فسأل عن القدر الّذي لا يدرك إلّا بالكشف للأشياء في حال ثبوتها في عدمها فما أعطي ذلك فإنّ ذلك من خصائص الإطّلاع الإلهي .
فمن المحال أن يعلمه إلّا هو فإنّها المفاتح الأول أعني مفاتح الغيب الّتي لا يعلمها إلّا هو وقد يطلع اللّه من شاء من عباده على بعض الأمور من ذلك . )

قال رضي الله عنه :  ( فلما كان مطلب العزير على الطّريقة الخاصّة لذلك وقع العتب عليه كما ورد في الخبر ولو طلب الكشف الّذي ذكرناه ربّما كان لا يقع عتب في ذلك .
والدّليل على سذاجة قلبه قوله في بعض الوجوه "أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها"[البقرة: 259] .  وأمّا عندنا فصورته عليه السّلام في قوله هذا كصورة إبراهيم عليه السّلام في قوله: "رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى" [ البقرة : 260 ] ويقتضي ذلك الجواب بالفعل الّذي أظهره الحقّ فيه في قوله تعالى: "فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ". فقال له : "وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً " [ البقرة : 259] . فعاين كيف تنبت الأجسام معاينة تحقيق فأراه الكيفيّة .
فسأل عن القدر الّذي لا يدرك إلّا بالكشف للأشياء في حال ثبوتها في عدمها فما أعطي ذلك فإنّ ذلك من خصائص الإطّلاع الإلهي . فمن المحال أن يعلمه إلّا هو فإنّها المفاتح الأول أعني مفاتح الغيب الّتي لا يعلمها إلّا هو وقد يطلع اللّه من شاء من عباده على بعض الأمور من ذلك . )

قال رضي الله عنه :  (فلما كان مطلب العزير) عليه السلام تحصيل العلم عنده بكيفية إعادة بناء بيت المقدس ، وتعيين السبب والوقت والفاعل بوجه ، جزي ليكشف عن ذلك على الطريقة الخاصة النبوية الحاصلة بالوحي الجبرائيلي (لذلك) ، أي لأجل هذا السبب (وقع العتب) ، أي المعاتبة من اللّه تعالى عليه في ذلك كما ورد في الخبر الإلهي قال اللّه تعالى: "أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها" [ البقرة : 259 ] الآية .
حيث كان عند طريقة العلم الكامل المذكور (فلو) أنه عليه السلام (طلب الكشف) عن ذلك بالوجه (الذي ذكرناه) من طريق التجلي الإلهي بالذوق الوجداني من مقام ولايته (ربما كان لا يقع عليه عتب) من جهة الحق تعالى (في ذلك) السؤال الذي سأله .
قال رضي الله عنه :  (والدليل) عندنا (على سذاجة) ، أي عدم التركيب (قلبه) ، أي العزير عليه السلام كبقية الأنبياء عليهم السلام ، فإنهم يهملون النظر في الأمور من جهتهم عقلا وكشفا ، ويطلبون العلم بها من جهة ربهم بطريقهم النبوي الخاص قوله عليه السلام (في بعض الوجوه) ، أي الجهات التي أرادها حين مر على بيت المقدس ، وقد خربها بختنصر وقتل اليهود ("أَنَّى") أي كيف (" يُحْيِي هذِهِ")، أي القرية بمعنى البلدة بإعادة بنيانها وإرجاع أهلها يسكنون فيها ("اللَّهُ") سبحانه ("بَعْدَ مَوْتِها") [ البقرة  : 259 ].

أي خرابها وذهاب أهلها ، فإنه عليه السلام لولا سذاجة قلبه وعدم تكلفه وتصنعه في الأمور ما وقع منه السؤال عن ذلك ، مع كمال إيمانه بالقضاء والقدر ومعرفته بسعة قدرة اللّه تعالى عن أبلغ من ذلك ؛ ولهذا أجابه اللّه تعالى عن سؤاله ذلك بأن أماته مائة عام ، ثم بعثه وأراه العبرة في نفسه غيرة عليه أن يسأل عن مثل ذلك مع كمال مقامه ورفعة شأنه ، هذا عند طائفة من أهل طريق اللّه تعالى .
قال الغزالي رحمه اللّه تعالى : وانظر كيف تحمل لإخوة يوسف عليه السلام ما فعلوه بيوسف عليهم السلام ، ولم يتحمل للعزير عليه السلام كلمة واحدة سئل عنها في القدر (وأما عندنا) ، أي معشر المحققين من أهل اللّه تعالى.
قال رضي الله عنه :  (فصورته) ، أي العزيز (عليه السلام في قوله هذا) المذكور (كصورة إبراهيم) الخليل (عليه السلام في قوله) طالبا عين اليقين بعد علم اليقين (رب) ، أي رب ("أَرِنِي") ، أي اكشف لي معاينة (" كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى ") [ البقرة : 260 ] .
ولهذا ذكرت قصة إبراهيم عليه السلام متصلة بقصة العزير عليه السلام حتى كأنها قصة واحدة ، ولما كان ابن زكريا عليه السلام في مقام معاينة ذلك من نفسه سماه اللّه تعالى يحيى ، ولم يجعل له من قبل سميا ، وكان يحيي دائما بالحياة الإلهية عن كشف وشهود ، قال تعالى: "يا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا" [ مريم : 7 ] .
وقد ألبسه اللّه تعالى خلعة هذا الاسم الخاص به مثل خصوصية اسم اللّه به تعالى كما قال سبحانه "هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا "  [ مريم : 65 ] ، أي تعلم أحدا يسمي اللّه غيره تعالى ، فقد نال هذا المقام يحيى عليه السلام من غير طلب بل من باب الاختصاص والمنة .
وقد طلب العزير وإبراهيم عليهما السلام لينالاه من باب الكسب فوصل إليه العزير في نفسه وإبراهيم عليه السلام في الطيور الأربعة ، ولا بد فيه من شهود مثال يظهر فيه ، ولهذا قتل يحيى عليه السلام وقطع رأسه ليتحقق في مثال نفسه على وجه الشهادة ، فإن الشهداء أحياء عند ربهم يرزقون .
ولما كان له هذا المقام لا من باب الكسب فكان هو المطلوب له لا الطالب وهو مستمر له ، لأنه يحيي بصيغة المضارع الشامل للحال والاستقبال كان هو الذي يذبح الموت في صورة كبش يوم القيامة بين الجنة والنار بعد عرضه على أهل الجنة وأهل النار كما ورد في الخبر الصحيح ، وسيأتي في الحكمة اليحيوية مشرب غير هذا من حضرة أخرى إلهية .
قال رضي الله عنه :  (ويقتضي ذلك) ، أي قوله في سؤاله: "رَبِّ أَرِنِي " إلى آخره (الجواب) عن السؤال بالفعل لا بالقول ، فإن القول يوصل إلى علم اليقين وهو موجود فيه عليه السلام ، ولا يوصل إلى عين اليقين ، لا الفعل الذي ( أظهره الحق) تعالى (فيه) ، أي في العزير عليه السلام (في قوله) تعالى: "فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عام " ٍليرى ما سأل عنه ويعاينه ("ثُمَّ بَعَثَهُ") .
أي أحياه اللّه تعالى (فقال له) سبحانه بأن أوحى إليه بذلك : "قالَ كَمْ لَبِثْتَ قالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عامٍ فَانْظُرْ إِلى طَعامِكَ وَشَرابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلى حِمارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ  (وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ")، أي عظام حمار("كَيْفَ نُنْشِزُها")، أي نرفعها ونضم بعضها إلى بعض ("ثُمَّ نَكْسُوها")، أي تلك العظام بأن ننبت لها منها عليها ("لَحْماً") كما كانت من قبل (فعاين كيف تنبت الأجسام) والعظام (معاينة تحقيق) فلما تبين له قال: "أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" [ البقرة : 259 ] .
أي أنا أعلم علم يقين من قبل بذلك والآن عاينته عين اليقين (فأراه) الحق تعالى (الكيفية) ، أي كيفية الإحياء للموتى .

قال رضي الله عنه :  (فسأل) ، أي عزير عليه السلام بما وقع منه مما ذكر (عن) سر (القدر) الإلهي (الذي لا يدرك) من طريق الأنبياء والأخبار (إلا بالكشف) الذوقي (للأشياء) المحسوسة والمعقولة والموهومة (في حال ثبوتها في عدمها) الأصلي من غير وجود لها (فما أعطي) ، أي ما أعطاه اللّه تعالى ذلك وإنما أماته عام فأرجع نفسه إلى عينها الثابتة في عدمها الأصلي ، ثم أعادها كما كانت فذاقت كيفية ذلك ولم تكشف عن عينها الثابتة في العدم كيف هي وكيف أحوالها فإن ذلك الكشف المذكور (من خصائص الاطلاع الإلهي) بالعلم القديم (فمن المحال) عقلا وشرعا (أن يعلمه) ، أي ذلك الكشف عن الأعيان الثابتة على ما هي عليه كلها (إلا هو) سبحانه .
قال رضي الله عنه :  (فإنها) أي تلك الأشياء الثابتة والأعيان العدمية الممكنة (هي المفاتيح الأول أعني مفاتيح الغيب) وهو الوجود الذاتي المطلق .
كما قال تعالى "الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ" [ البقرة : 3 ] ، أي باللّه تعالى الغائب عنهم ، لأن الوجود المطلق القديم فلا ينفتح فيظهر إلا بالمفاتيح المذكورة (التي لا يعلمها) كلها إلا (هو) تعالى بحكم قوله سبحانه "وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ" [ الأنعام : 59 ] .
وقد يطلع اللّه تعالى بطريق الكشف من يشاء من عباده الأنبياء والأولياء بالورثة عن الأنبياء على بعض الأمور من ذلك السر الذي للقدر الإلهي في بعض الأحوال دون بعض ولا يعلم ذلك على التفصيل إلا اللّه تعالى .
قال تعالى :"عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً ( 26 ) إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ" [ الجن : 72 ] الآية .
وقال تعالى : "وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِما شاءَ" [ البقرة : 255 ] .

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فلما كان مطلب العزير على الطّريقة الخاصّة لذلك وقع العتب عليه كما ورد في الخبر ولو طلب الكشف الّذي ذكرناه ربّما كان لا يقع عتب في ذلك .
والدّليل على سذاجة قلبه قوله في بعض الوجوه "أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها"[ البقرة : 259 ] .
وأمّا عندنا فصورته عليه السّلام في قوله هذا كصورة إبراهيم عليه السّلام في قوله: "رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى" [ البقرة : 260 ] ويقتضي ذلك الجواب بالفعل الّذي أظهره الحقّ فيه في قوله تعالى: "فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ"
فقال له : "وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً " [ البقرة : 259]
فعاين كيف تنبت الأجسام معاينة تحقيق فأراه الكيفيّة .
فسأل عن القدر الّذي لا يدرك إلّا بالكشف للأشياء في حال ثبوتها في عدمها فما أعطي ذلك فإنّ ذلك من خصائص الإطّلاع الإلهي .
فمن المحال أن يعلمه إلّا هو فإنّها المفاتح الأول أعني مفاتح الغيب الّتي لا يعلمها إلّا هو وقد يطلع اللّه من شاء من عباده على بعض الأمور من ذلك . )

( لذلك ) أي لكون مطلب العزير على الطريقة الخاصة للَّه تعالى ( وقع العتب عليه ) جواب لما لذلك يتعلق بوقع ( كما ورد ) ذلك العتب ( في الخبر) وهو لئن لم تنته لأمحونّ اسمك من ديوان النبوة.

( ولو طلب ) العزير بهذا المطلب ( الكشف الذي ذكرناه ) الذي طريق الأنبياء والأولياء ( ربما كان لا يقع عليه عتب في ذلك ) الطلب كما كان إبراهيم عليه السلام فإن مطلبه أمر ممكن حصوله للإنسان .
لذلك لم يقع عليه عتب الحق على العزير علم أن ما طلبه من الخصائص الإلهية .
( والدليل على سذاجة قلبه قوله عز وجل في بعض الوجوه :أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها) حيث لم يعلم وقوع العتب عليه بهذا السؤال قوله في بعض الوجوه إشارة إلى اختلاف المفسرين في تفسير هذه الآية.
فإن منهم من قال : قائل هذا الكلام العزير وهو ما اختاره الشيخ وقيل : أرميا وقيل : الخضر وقيل : كان علجا كافرا هذا المعنى الذي ذكر في مطلب العزير وهو وقوع العتب عليه في مطلبه الذي على الطريقة الخاصة على أخذ البعض لا مطلقا يدل عليه قوله : ( وأما عندنا فصورته في قوله هذا ) أي فيأَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها ( كصورة إبراهيم عليه السلام في قوله :أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى ويقتضي ذلك ) أي وتقتضي صورة سؤال العزير .
( الجواب بالفعل الذي أظهره الحق فيه ) أي في نفس العزير (في قوله فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ فقال له : انظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما فعاين كيف تنبت الأجسام معاينة تحقيق فأراه الكيفية ) كما أراها إبراهيم عليه السلام فلا فرق في المطلب بالنظر إلى الآية وإنما كانت التفرقة في الطلب بين إبراهيم وعزير عليهما السلام من أمر خارج وهو العتب .
( فسأل ) هذا استئناف لما تقدم من قوله : فلما كان مطلب العزير أي فتعين أن سأله ( عن القدر الذي لا يدركه إلا بالكشف للأشياء في حال ثبوتها في عدمها فما أعطى ) الحق ( ذلك ) السؤال بل ردّه وأعطى ما يمكن في حقه وأنفع في نفسه فأراه الكيفية كما أجاب لمن سأل عن الأهلة فقال : قل هي مواقيت للناس والحج فأعطى الاطلاع على غير الطريقة الخاصة التي طلبها فلا يذوق كيفية الإحياء بل يشاهدها .
( فإن ذلك ) أي الاطلاع بسرّ القدر ذوقا ( من خصائص الاطلاع الإلهي فمن المحال أن يعلمه ) أي أن يعلم سر القدر ذوقا ( إلا هو ) وإنما لم يعلم سرّ القدر على هذه الطريقة الخاصة إلا اللّه ( فإنها ) أي فإن الأعيان الثابتة .
( المفاتح الأول أعني مفاتح الغيب التي لا يعلمها إلا هو وقد يطلع اللّه من يشاء من عباده على بعض الأمور من ذلك ) الغيب كما قال تعالى "عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ " كمحمد عليه السلام في انشقاق القمر .
وعيسى عليه السلام في إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فلما كان مطلب العزير على الطّريقة الخاصّة لذلك وقع العتب عليه كما ورد في الخبر ولو طلب الكشف الّذي ذكرناه ربّما كان لا يقع عتب في ذلك .
والدّليل على سذاجة قلبه قوله في بعض الوجوه "أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها"[ البقرة : 259 ] .
وأمّا عندنا فصورته عليه السّلام في قوله هذا كصورة إبراهيم عليه السّلام في قوله: "رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى" [ البقرة : 260 ] ويقتضي ذلك الجواب بالفعل الّذي أظهره الحقّ فيه في قوله تعالى: "فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ"
فقال له : "وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً " [ البقرة : 259]
فعاين كيف تنبت الأجسام معاينة تحقيق فأراه الكيفيّة .
فسأل عن القدر الّذي لا يدرك إلّا بالكشف للأشياء في حال ثبوتها في عدمها فما أعطي ذلك فإنّ ذلك من خصائص الإطّلاع الإلهي .
فمن المحال أن يعلمه إلّا هو فإنّها المفاتح الأول أعني مفاتح الغيب الّتي لا يعلمها إلّا هو وقد يطلع اللّه من شاء من عباده على بعض الأمور من ذلك . )

قال رضي الله عنه :  ( فلما كان مطلب العزير على الطّريقة الخاصّة لذلك وقع العتب عليه كما ورد في الخبر ولو طلب الكشف الّذي ذكرناه ربّما كان لا يقع عتب في ذلك . والدّليل على سذاجة قلبه قوله في بعض الوجوه "أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها"[ البقرة : 259 ].
وأمّا عندنا فصورته عليه السّلام في قوله هذا كصورة إبراهيم عليه السّلام في قوله: "رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى" [ البقرة : 260 ] ويقتضي ذلك الجواب بالفعل الّذي أظهره الحقّ فيه في قوله تعالى: "فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ". فقال له : "وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً " [ البقرة : 259]. فعاين كيف تنبت الأجسام معاينة تحقيق فأراه الكيفيّة . فسأل عن القدر الّذي لا يدرك إلّا بالكشف للأشياء في حال ثبوتها في عدمها فما أعطي ذلك فإنّ ذلك من خصائص الإطّلاع الإلهي . فمن المحال أن يعلمه إلّا هو فإنّها المفاتح الأول أعني مفاتح الغيب الّتي لا يعلمها إلّا هو وقد يطلع اللّه من شاء من عباده على بعض الأمور من ذلك . )

قلت: ظاهر كلامه رضي الله عنه، أن القضاء حكم الله في الأشياء وأما سباق المعنى فيقتضي أن القضاء حكم الأشياء في الله فتأمل ذلك. 
والذي أراه أن القضاء حكم الله تعالى وليس للممكنات تأثير وأن المعدوم ليس بشيء وأن الشيء ليس إلا الموجود وموجوديته شيئيته.
ولا يقال: إن هذا يفضي إلى تجدد العلم لله تعالى. 
فإنا نقول: إن علم الله تعالی تابع للموجودات حال وجودها وذلك ثابت في الأزل إلى الأبد، لأن ما بينهما لا ماضي فيه ولا مستقبل عند الله تعالی بل الجميع حاضر.
فما يتجدد له علم .
وأما الدليل على صحة القدر والقضاء، فإن العالم ممکن وكل ممكن فلا يقع في نفس الأمر إلا أحد طرفيه.
فالممتنع في نفس الأمر ليس بممکن، والممكن الذي لا بد أن يقع فليس إلا واجب.
فصور الواجب بأزمنته وأمكنته معلومة الله تعالى دائما أزلا وإبدا ولا يتعدي الموجود زمانه ، فشيئيته حال وجوده فقط، فيكون سر القدر أنه أحد طرفي الممكن.
أعني الذي لا بد أن يقع في نفس الأمر، وهو أحد المحتملين فلا شيء إلا بقضاء، وهو وقوع أحد المحتملين، وقدر، وهو الترتيب الذي لابد أن يقع، لأن أحكام الأعيان الثابتة في حال عدمها.
فإن المعدوم لا يتصف بالثبوت لأنه ليس بشيء.
وما بقي من هذه الحكمة فظاهر.

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فلما كان مطلب العزير على الطّريقة الخاصّة لذلك وقع العتب عليه كما ورد في الخبر ولو طلب الكشف الّذي ذكرناه ربّما كان لا يقع عتب في ذلك .
والدّليل على سذاجة قلبه قوله في بعض الوجوه "أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها"[ البقرة : 259 ] .
وأمّا عندنا فصورته عليه السّلام في قوله هذا كصورة إبراهيم عليه السّلام في قوله: "رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى" [ البقرة : 260 ] ويقتضي ذلك الجواب بالفعل الّذي أظهره الحقّ فيه في قوله تعالى: "فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ"
فقال له : "وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً " [ البقرة : 259]
فعاين كيف تنبت الأجسام معاينة تحقيق فأراه الكيفيّة .
فسأل عن القدر الّذي لا يدرك إلّا بالكشف للأشياء في حال ثبوتها في عدمها فما أعطي ذلك فإنّ ذلك من خصائص الإطّلاع الإلهي .
فمن المحال أن يعلمه إلّا هو فإنّها المفاتح الأول أعني مفاتح الغيب الّتي لا يعلمها إلّا هو وقد يطلع اللّه من شاء من عباده على بعض الأمور من ذلك . )

قال رضي الله عنه :  ( فلمّا كان مطلب العزير عليه السّلام على الطريقة الخاصّة لذلك ، وقع العتب عليه ، كما ورد الخبر . فلو طلب الكشف الذي ذكرناه ربما ما كان يقع عليه عتب في ذلك ، والدليل على سذاجة قلبه قوله في بعض الوجوه : " أَنَّى يُحْيِي هذِه ِ الله بَعْدَ مَوْتِها " ) .
وورد الجواب على صورة العتب ، وهو لوقوع السؤال منه على أمر يقتضي خلاف ما هو بصدده من الرسالة والأمر والنهي على صيغة الاستبعاد والاستعظام في مقام عظيم يصغر بالنسبة إليه كل عظيم .
فإن كان مطلبه هو سرّ القدر من كيفية تعلَّق القدرة بالمقدور من قوله : " أَنَّى يُحْيِي هذِه ِ الله بَعْدَ مَوْتِها " من طريقة الوحي والإخبار المعهود عند الرسل ، فقد طلبه من الوجه الذي لا يعطى ، فلا جرم ورد الجواب على صورة العتب الموهم عند من لا تحقّق له بحقائق المخاطبات الإلهية .

قال رضي الله عنه : ( وأمّا عندنا فصورته عليه السّلام في قوله هذا كقول إبراهيم عليه السّلام في قوله : " رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى " ويقتضي ذلك ، الجواب بالفعل الذي أظهره الحق فيه في قوله : " فَأَماتَه ُ الله مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَه ُ " . فقال له : " وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً " ، فعاين كيف تنبت الأجسام معاينة تحقيق ، فأراه الكيفية . فسأل عن القدر الذي لا يدرك إلَّا بالكشف للأشياء في حال ثبوتها في عدمها ، فما أعطي ذلك ، فإنّ ذلك من خصائص الاطَّلاع الإلهي ، فمن المحال أن يعلمه إلَّا هو ، وقد يطلع الله من شاء من عباده على بعض الأمور من ذلك . )

قال العبد : علَّل رضي الله عنه نفي العلم بتعلَّق القدرة بالمقدور ذوقا عن غير الحق ، وأثبته لله خاصّة بقوله : « إذ له الوجود المطلق » لأنّ الوجود المطلق الحقيقيّ لا يتقيّد بعين دون عين ، ولا تحقّق دون خلق ، ولا تعيّن دون حقّ ، فإنّه في الحق المطلق عينه مطلقا كذلك .
وفي الحقائق الغيبية العينية العلمية عينها ، وفي الإله عينه ، فهو القدير الذي تتعلَّق قدرته بالمقدورات وعين المقدورات المقدّرة بالفعل والانفعال والتأثير والتأثّر الذاتي من نفسه لنفسه في نفسه ، فلا بدّ أن يختصّ به ذوقا .
ولا قدم لعين معيّن من الأعيان في ذلك ذوقا ، فقد تعلَّقت الحقيقة التي سمّيت قدرة في الإلهية - وهي الفعل الذاتي والتأثير في الذات - بجميع المقدورات .
حيث لم يوجد عين من الأعيان ، فانفعلت المقدورات بالذات والاستعداد الذاتي ، وكان الحق هو عين كل مقدور وقدرها ، فوقع الفعل والانفعال والتأثير والتأثّر بين فاعل هو عين المنفعل ، وعين الأثر والقدر ، فإن لم يكن وجودا مطلقا يعمّ ويستغرق القادر والقدرة والمقدور والفعل والفاعل والانفعال والمنفعل ، لم يعلم هذا السرّ ذوقا ، فهو مخصوص بالحق أي الوجود المطلق دون الخلق .
وأيضا : إذا كان الوجود مقيّدا بعين ، فلو فرضنا اطَّلاع ذلك العين ذوقا بتعلَّق القدرة بها من حيث قدرها ، وكون الحق عينها ، فليس لها أن يطَّلع على تعلَّق القدرة المطلقة بمقدور آخر ذوقا ، لتقيّد الوجود بها بحسب قدرها ، ثمّ تعلَّق القدرة المطلقة من القدير المطلق تعلَّق مطلق ليس لمقيّد فيه ذوق ولا قدم إلَّا من انطلق من قيوده ، وانحلّ عن عقد عقوده ، فلم يحضر الأمر في معهوده ومشهوده من ختوم الكمّل وكمّل الختوم .
صلوات الله الكاملات ، والتحيّات الفاضلات ، والتجلَّيات الشاملات عليهم .

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فلما كان مطلب العزير على الطّريقة الخاصّة لذلك وقع العتب عليه كما ورد في الخبر ولو طلب الكشف الّذي ذكرناه ربّما كان لا يقع عتب في ذلك .
والدّليل على سذاجة قلبه قوله في بعض الوجوه "أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها" [البقرة: 259].
وأمّا عندنا فصورته عليه السّلام في قوله هذا كصورة إبراهيم عليه السّلام في قوله: "رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى" [ البقرة : 260 ] ويقتضي ذلك الجواب بالفعل الّذي أظهره الحقّ فيه في قوله تعالى: "فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ"
فقال له : "وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً " [ البقرة : 259]
فعاين كيف تنبت الأجسام معاينة تحقيق فأراه الكيفيّة .
فسأل عن القدر الّذي لا يدرك إلّا بالكشف للأشياء في حال ثبوتها في عدمها فما أعطي ذلك فإنّ ذلك من خصائص الإطّلاع الإلهي .
فمن المحال أن يعلمه إلّا هو فإنّها المفاتح الأول أعني مفاتح الغيب الّتي لا يعلمها إلّا هو وقد يطلع اللّه من شاء من عباده على بعض الأمور من ذلك . )

قال رضي الله عنه : (فلما كان مطلب العزيز عليه السلام على الطريقة الخاصة لذلك وقع العتب عليه كما ورد في الخبر ، فلو طلب الكشف الذي ذكرناه ربما ما كان يقع عليه عتب في ذلك ، والدليل على سذاجة قلبه قوله في بعض الوجوه " أَنَّى يُحْيِي هذِه الله بَعْدَ مَوْتِها" ) .

 الطريقة الخاصة طريقة الوحي الإلهي المختصة بالأنبياء ، ولذلك وقع العتب أي ورد الجواب على طريقة العتاب ، لما ورد في الخبر : "لئن لم تنته لأمحون اسمك من ديوان النبوة "
لأن السؤال منه كان على خلاف مقتضى مقام الرسالة من الأمر والنهى لوقوعه على صيغة الاستبعاد والاستعظام لقدرة الله ، وكان حق مقامه أن يستصغر في جنب قدرة الله كل عظيم ، لأن كل مستبعد ومستعظم عقلا وعرفا فإنه في جنب قدرة الله سهل يسير وأمر حقير ، فإن كان مطلبه في قوله : " أَنَّى يُحْيِي هذِه الله بَعْدَ مَوْتِها " الاطلاع على سر القدر وكيفية تعلق القدرة بالمقدور من طريقة الوحي والإخبار المعهود عند الرسل .

""  أضاف بالي زادة :  (فلما كان مطلب العزيز ) وهو قوله "أَنَّى يُحْيِي هذِه الله بَعْدَ مَوْتِها " - ( على الطريقة الخاصة ) لله تعالى ، يدل عليه قوله بعده فطلب أن يكون له قدرة تتعلق بالمقدور ، وقوله فطلب ما لا يمكن وجوده في الخلق ذوقا ، فلا يجوز أن يكون المراد بها طريق الوحي كما جوزه البعض .
( لذلك ) أي لكون مطلبه على الطريقة الخاصة لله تعالى ( وقع العتب عليه كما ورد في الخبر ) وهو « لئن لم تنته لأمحون اسمك من ديوان النبوة » ( ولو طلب ) بهذا المطلب ( الكشف الذي ذكرناه ) الذي طريق الأنبياء والأولياء .
( ربما كان لا يقع عليه عتب ) في ذلك الطلب كما كان إبراهيم عليه السلام فإن مطلبه أمر ممكن حصوله للإنسان لذلك لم يقع عليه عتب ، فلما عتب الحق على العزيز علم أن مطلبه من الخصائص الإلهية .اهـ بالى"" .

فقد طلبه على الوجه الذي لا ينبغي فلا يعطى ، فلا جرم ورد الجواب على صورة العتاب لأن السؤال سؤال من لا تحقق له بحقائق المخاطبات الإلهية ، فلو طلب الكشف الذي هو طريق علمه فربما لم يقع عليه عتب في ذلك .
والدليل على سذاجة قلبه قوله في بعض الوجوه " أَنَّى يُحْيِي هذِه الله " أي من حيث أنه طلب الاطلاع من طريق الوحي على وجه الاستبعاد والاستعظام ، فإما أن يكون مطلبه من طريق الكشف والتجلي على وجه الشهود للطمأنينة فلا دليل فيه على سذاجة قلبه وعدمها ولا عتب .
وكان أنى  للتعجب كقول زكريا لمريم " أَنَّى لَكِ هذا " وإن كان من طريق العقل والنظر فلا سذاجة في استحقاق العتب .
هذا إذا كان المراد من الطريق الخاصة طريقة النبوة الخاصة به ، ويجوز أن يكون المراد بها الطريقة الخاصة باللَّه ، أي الاطلاع على القدر ذوقا ، المشار إليه في قوله : فسأل عن القدر ، إلى قوله : فطلب ما لا يمكن وجوده في الخلق ذوقا ، وحينئذ يكون المراد من بعض طلب شهود تعلق القدرة بالمقدور ذوقا كما ذكر الشيخ واستدل عليه بالعتب .
لكنه لا يليق ذلك بمنصب النبوة ، فإن جهل ذلك لا يليق بعلماء الأمم فضلا عن الأنبياء.

قال رضي الله عنه :  ( وأما عندنا فصورته عليه الصلاة والسلام في قوله هذا كصورة إبراهيم في قوله تعالى : "أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى " . ويقتضي ذلك الجواب بالفعل الذي أظهره الحق فيه في قوله: " فَأَماتَه الله مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَه " فقال له : " وانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً".  فعاين كيف تنبت الأجسام معاينة تحقيق فأراه الكيفية ، فسأل عن القدر الذي لا يدرك إلا بالكشف للأشياء في حال ثبوتها في عدمها ، فما أعطى ذلك من خصائص الاطلاع الإلهي فمن المحال أن يعلمه إلا هو . فإنها المفاتيح الأول أعنى مفاتيح الغيب التي لا يعلمها إلا هو ، وقد يطلع الله من يشاء من عباده على بعض الأمور من ذلك )
يعنى أن قوله
:  " أَنَّى يُحْيِي هذِه " عند أهل الحق طلب المعاينة للطمأنينة كسؤال إبراهيم ، فكان حق الجواب أن يريه عيانا وهو الإجابة بالفعل .
ولما كان الاطلاع على سر القدر والشهود لحقائق الأعيان وأحوالها كلها حال ثبوتها مما ليس لعين معين فيه قدم لأن ذلك من حقائق الحضرة الإلهية إذ لا يسع العين المقيد الاطلاع المطلق أراه في عينه بإماتته مائة عام ثم بعثه .
وقوله : "وانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ " حتى عاين كيفية الإحياء وتعلق القدرة بالمقدور معاينة تحقيق ولم يعطه ما دل عليه سؤاله من الاطلاع على تعلق القدرة بإحياء أهل القرية كلها ذوقا .

""  أضاف الجامي بالي زادة : 
(فأراه الكيفية ) كما أراها إبراهيم فلا فرق في المطلب بالنظر إلى الآية ، وإنما كانت التفرقة في المطلب بين إبراهيم وعزيز من أمر خارج وهو العتب ، بل طلب عليه الصلاة والسلام أن يريه الحق كيفية إحياء الموتى ، ليكون في ذلك صاحب شهود لا صاحب نظر واستدلال ، ولا أهل خبر واستخبار.اهـ جامى .
( فما أعطى ذلك ) بل رده وأعطى ما يمكن في حقه وأنفع في نفسه ، فأراه الكيفية كما أجاب لمن سأل عن الأهلة فقال : " قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ والْحَجِّ " فأعطى الاطلاع على غير الطريقة الخاصة المطلوبة فلا يذوق كيفية الإحياء بل يشاهدها اهـ بالي.
( على بعض الأمور من ذلك ) الغيب كما قال تعالى :" عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِه أَحَداً إِلَّا من ارْتَضى من رَسُولٍ "  كمحمد عليه الصلاة والسلام في انشقاق القمر ، وعيسى في إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص اهـ بالى .""

فإن ذلك إنما يكون بالاطلاع على أعيانهم وأحوالها وهو القدر الذي استأثر الله بعلمه ، فإن حقائق الأعيان مفاتيح الغيب الأول لأنها حقائق الأسماء الذاتية ، إذ الذات مع كل عين اسم إلهي هو مفتاح خزانة الغيب الذي فيها ، وتلك المفاتيح إنما هي بيد الله إذا اطلع عين واحدة على الأعيان الأخرى وإلا لم تكن مقيدة ، لكن قد يطلع من يشاء من عباده على بعض ذلك إلا عين الكامل الخاتم ، فإنه مطلق عن القيود أو أحدى الشاهد والمشهود .
فالأعيان كلها في عينه والأسماء جميعا مندرجة في اسمه الذي هو الاسم الأعظم ، وقوله فسأل ليس عطفا على فأراه عطف الفعل على الفعل .
فإن السؤال ليس بمرتب على الإرادة ولم يعقبها بل هو من باب عطف قصة على قصة بعد تمام القصة الأولى باستثناف هو كالتعليل لما قبله كما في قصة البقرة وعطف أولها على آخرها بقوله  : " وإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً "  فكأنه لما بين كيف إجابة الفعل .
قال : فكان سؤاله عن القدر فلم يعطه ما سأل لكونه محالا بالنسبة إليه ، لامتناع إحاطة المقيد بالمطلق فأراه في عينه .

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (فلما كان مطلب العزير على الطّريقة الخاصّة لذلك وقع العتب عليه كما ورد في الخبر ولو طلب الكشف الّذي ذكرناه ربّما كان لا يقع عتب في ذلك .
والدّليل على سذاجة قلبه قوله في بعض الوجوه "أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها" [البقرة: 259 ] .
وأمّا عندنا فصورته عليه السّلام في قوله هذا كصورة إبراهيم عليه السّلام في قوله: "رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى" [ البقرة : 260 ] ويقتضي ذلك الجواب بالفعل الّذي أظهره الحقّ فيه في قوله تعالى: "فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ"
فقال له : "وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً " [ البقرة : 259]
فعاين كيف تنبت الأجسام معاينة تحقيق فأراه الكيفيّة .
فسأل عن القدر الّذي لا يدرك إلّا بالكشف للأشياء في حال ثبوتها في عدمها فما أعطي ذلك فإنّ ذلك من خصائص الإطّلاع الإلهي .
فمن المحال أن يعلمه إلّا هو فإنّها المفاتح الأول أعني مفاتح الغيب الّتي لا يعلمها إلّا هو وقد يطلع اللّه من شاء من عباده على بعض الأمور من ذلك . )

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فلما كان مطلب " العزير " على الطريقة الخاصة ، لذلك وقع العتب عليه ، كما ورد في الخبر . ولو طلب الكشف الذي ذكرناه ، ربما كان لا يقع عليه عتب في ذلك .)
المراد ب‍ ( الطريقة الخاصة ) طريق الذوق . وهو الاتصاف هنا بصفة القدرة على الإحياء ذوقا . وإنما وقع العتب عليه ، لأنها من الخصائص الإلهية ويدل عليه .
ما ذكره من بعد ، وطلب أن يكون له قدرة يتعلق بالمقدور .
ويجوز أن يكون المراد بها طريق الوحي . لكن الأول أولى ، إذ لا تعتب على ما يطلبه نبي بالوحي .
إلا أن يقال العتب مترتب على الطلب على سبيل التعجب والاستغراب بالنسبة إلى القدرة العظيمة الإلهية . وذلك عين سوء الأدب مع الله .

أي ، لما كان طلب العزير الاطلاع على سر القدر ذوقا واتصافا بالقدرة ، أو بطريق الوحي - إذ هو الطريقة الخاصة بالأنبياء لكونهم يحترزون عن النظر بالعقل في الأمور الإلهية خصوصا في مثل هذا المقام مع الاستغراب والتعجب - وقع العتب عليه .

كما ورد في الخبر من أنه قيل له : ( لئن لم تنته يا عزير ، لأمحون اسمك من ديوان النبوة ) .
لأن مثل هذا السؤال لا يليق بمن تحقق بالحقائق الإلهية وعلم طريقها .
وكان الواجب أن يستصغر كل عظيم بالنسبة إلى قدرته تعالى .
فمن سذاجة قلبه سأل ما سأل على الطريقة الخاصة حتى وقع في معرض العتب .
ولو كان على طريق الكشف لحصول الاطمينان ، لا على طريق التعجب والاستغراب ، لما وقع
عليه العتب .
كما لم يقع على إبراهيم إذ قال : ( رب أرني كيف تحيى الموتى . قال . . . ) - الآية .
وهذا المعنى بلسان أهل الظاهر ، لذلك قال فيما بعد : ( وأما عندنا ) إلى آخره.

قال رضي الله عنه :  ( والدليل على سذاجة قلبه قوله في بعض الوجوه : " أنى يحيى هذه الله بعد موتها " . ) أي ، والدليل على سذاجة قلبه قوله : " أنى يحيى هذه الله بعد موتها" .
وإنما قال : ( في بعض الوجوه ) فإن أصحاب التفاسير اختلفوا في أن المار على القرية
الخاوية القائل بهذا الكلام من كان ؟
فمنهم من قال إنه عزير ، عليه السلام . وهو قول ( قتادة ) . وقال ( وهب ) : هو ( إرميا ) . وقيل ( الخضر ) وقال ( الحسن ) : ( كان علجا كافرا مر على قرية ، وكان على حمار ، ومعه سلة تبن ) . وقيل : تين وعنب . والله أعلم .
فمعناه : الدليل على سذاجة قلبه هذا القول في بعض الوجوه المذكورة .

قال رضي الله عنه :  ( وأما عندنا فصورته ، عليه السلام ، في قوله هذا كصورة إبراهيم : "أرني كيف تحيى الموتى" . ويقتضي ذلك الجواب بالفعل الذي أظهره الحق فيه في قوله : ( فأماته الله مائة عام ثم بعثه فقال له وانظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما  . فعاين كيف تنبت الأجسام معاينة تحقيق ، فأراه الكيفية . )
أي ، وأما عند أهل الكشف ، فصورة قوله ، عليه السلام ، من حيث المعنى كصورة قول إبراهيم ، عليه السلام : " رب أرني كيف تحيي الموتى . قال : أو لم تؤمن ؟ " أي ، ليس قوله : " أنى يحيى هذه الله بعد موتها " بمعنى الاستبعاد والتعجب .

فإن المتحقق بمقام النبوة والولاية لا يستبعد من الله القادر الموجد المحيي المميت أن يعيد الأموات ويوجدهم مرة أخرى .
بل المؤمن بالأنبياء ، الكامل في إيمانه ، لا يستبعد ذلك ، فإنه يقدح في إيمانه ، فكيف يتصور من النبي قد وإنما هو شأن المحجوبين بالعادة عن القدرة الإلهية .
بل بمعنى كيف : فإنه ، عليه السلام ، يطلب أن يريه الحق كيفية إحياء الموتى ، ليكون في ذلك صاحب شهود ، ويقتضي ذلك ، أي السؤال ، الجواب بالفعل ، فأجابه بإماتته وإعادته ثانيا ، فيشاهد كيف تنبت الأجسام ، شهودا محققا .
وفي قوله : " كيف تنبت " إشارة إلى ما ذكره في الفتوحات ، في الباب الرابع والستين ، من أن أجسام الأموات تنبت من " عجب الذنب " .
والظاهر أن المراد بالأجزاء الأصلية التي لم تتفتت  .

قال رضي الله عنه :  ( فسأل عن القدر الذي لا يدرك إلا بالكشف للأشياء في حال ثبوتها في عدمها  ، فما أعطى ذلك ، فإن ذلك من خصائص الاطلاع الإلهي . )
( فسأل ) ليس عطفا على قوله : ( فأراه ) إذ السؤال لم يكن بعد الإراءة ، بل قبلها . فهو استيناف .
ومعناه : أنه سأل الله أن يطلعه على سر القدر الذي هو العلم بالأعيان حال ثبوتها في
عدمها ، وبكيفية تعلق القدرة بالمقدور . فما أعطى ذلك . فإنه مخصوص بالله ولمن
أراد أن يطلعه .
كما قال رضي الله عنه  : ( ولا يحيطون بشئ من علمه إلا بما شاء ) . بل أراه كيفية الإحياء في نفسه ، وما أراه الأعيان لا عين نفسه ولا عين غيره من أهل القرية ، وما اطلعه على كيفية تعلق القدرة بالمقدور اطلاعا على سبيل الذوق ، لأنه لا يكون إلا لصاحب القدرة بالإيجاد ، فهو من خصائص الاطلاع الإلهي .
ولا يلزم من شهود كيفية الإحياء الاطلاع بعين نفسه التي هي الثابتة في علم الله تعالى ، ولا الاطلاع بكيفية تعلق القدرة بالمقدور على سبيل الذوق . وما يذكر بعد يدل على ما ذكرناه .
( فمن المحال أن يعلمه إلا هو ، فإنها ) أي ، الأعيان .
قال رضي الله عنه : ( المفاتيح الأول ، أعني ، مفاتيح الغيب التي لا يعلمها إلا هو ، ) كما قال تعالى : ( وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ) .
واعلم ، أن الأعيان هي المفاتيح الأول بالنسبة إلى الشهادة ، لا مطلقا ، فإن الأسماء الذاتية المقتضية للأعيان هي المفاتيح الأول مطلقا ، لأنها مفاتيح الأعيان وأربابها أيضا
قال رضي الله عنه : ( وقد يطلع الله من يشاء من عباده على بعض الأمور من ذلك . )
كما قال : ( ولا يحيطون بشئ من علمه إلا بما شاء ) .

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ
:
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فلما كان مطلب العزير على الطّريقة الخاصّة لذلك وقع العتب عليه كما ورد في الخبر ولو طلب الكشف الّذي ذكرناه ربّما كان لا يقع عتب في ذلك .
والدّليل على سذاجة قلبه قوله في بعض الوجوه "أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها"[ البقرة : 259 ] .
وأمّا عندنا فصورته عليه السّلام في قوله هذا كصورة إبراهيم عليه السّلام في قوله: "رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى" [ البقرة : 260 ] ويقتضي ذلك الجواب بالفعل الّذي أظهره الحقّ فيه في قوله تعالى: "فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ"
فقال له : "وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً " [ البقرة : 259]
فعاين كيف تنبت الأجسام معاينة تحقيق فأراه الكيفيّة .
فسأل عن القدر الّذي لا يدرك إلّا بالكشف للأشياء في حال ثبوتها في عدمها فما أعطي ذلك فإنّ ذلك من خصائص الإطّلاع الإلهي .
فمن المحال أن يعلمه إلّا هو فإنّها المفاتح الأول أعني مفاتح الغيب الّتي لا يعلمها إلّا هو وقد يطلع اللّه من شاء من عباده على بعض الأمور من ذلك . )

قال رضي الله عنه :  ( فلما كان مطلب العزير على الطّريقة الخاصّة لذلك وقع العتب عليه كما ورد في الخبر ولو طلب الكشف الّذي ذكرناه ربّما كان لا يقع عتب في ذلك ، والدّليل على سذاجة قلبه قوله في بعض الوجوه : " أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها" [ البقرة : 259]
وأمّا عندنا فصورته عليه السّلام في قوله هذا كصورة إبراهيم عليه السّلام في قوله :"رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى"[البقرة : 260 ] ، ويقتضي ذلك الجواب بالفعل الّذي أظهره الحقّ فيه في قوله تعالى :فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عامٍ ؛فقال له :"وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً"[ البقرة : 259 ] ؛ فعاين كيف تنبت الأجسام معاينة تحقيق فأراه الكيفيّة ، فسأل عن القدر الّذي لا يدرك إلّا بالكشف للأشياء في حال ثبوتها في عدمها فما أعطي ذلك ، فإنّ ذلك من خصائص الإطّلاع الإلهي ، فمن المحال أن يعلمه إلّا هو فإنّها المفاتح الأول أعني مفاتح الغيب الّتي لا يعلمها إلّا هو وقد يطلع اللّه من شاء من عباده على بعض الأمور من ذلك ) .

قال رضي الله عنه :  ( فلما كان مطلب عزير ) معرفة سر القدر في إحياء الموتى ( على الطريقة الخاصة ) عن طريقة النظر ؛ ( لذلك وقع العتب عليه ، كما ورد في الخبر ) : " أنه لم يزل يسأل عن القدر ، فزجر فلم ينزجر ، فمحي عن النبوة " ، ومعناه أنه لم يجب ، وقطع عليه الوحي ، وإلا فالأنبياء معصومون عن الانعزال بالإجماع ؛ فلهذا عبّر الشيخ رضي اللّه عنه بالعتب ، وليس المراد به قوله تعالى فيما أوحى اللّه : « لئن لم تنته لأمحونّ اسمك عن ديوان النبوة » ، فإنه بالوحي إليه ولا قطع للنبوة معه ، بل هو عناية في حقّه عليه السّلام لا عتاب على ما يأتي بيانه ، ( فلو طلب الكشف الذي ذكرناه ) أي : الكشف عن أعين البصائر والأبصار .
قال رضي الله عنه :  ( ربما كان لا يقع عليه عتب في ذلك ) ؛ لأنه أعلى من الوحي الذي كان يأخذ منه بنبوته ؛ لأن ولايته أعلى من نبوته ، وإن كانت ليس ولاية من ليس بنبي أعلى من نبوة نبي ، ولا كشفه أعلى من الوحي على ما يأتي في كلام الشيخ - رحمه اللّه - ولفظه ربما يشير أنه لو كان مطلوبه كشف ما لا يمكن كشفه لغير الحق كان العتاب بحاله .
قال رضي الله عنه :  ( والدليل على سذاجة قلبه ) عن المقدمات النظرية ، وطلبها لتقوية ما علم بالوحي ، ونشر تعزيره على أهل النظر قوله : ( في بعض الوجوه أني ) ليس للاستبعاد بمعنى : من أين بل معنى كيف فاندفع شبهة من زعم أن القائل كان كافرا مستبعدا لإحياء من اللّه تعالى ورد بأنه لا يليق به جعله آية للناس بطريق الإكرام له ، ولا يمكنه التشبث في عطف قصته على قصة إبراهيم ، إنها إنما عطفت عليها للتزويد في أن أي : القصتين أعجب قصة من بالغ التلبيس في أمر الإحياء ، وهو إبراهيم المخرج من النور إلى الظلمات ، أم قصة من بالغ في رفع التلبيس فيه وهو عزير المخرج من الظلمات إلى النور .

وقد أشار بإدخال الكاف على قصة دون قصة نمرود أن قصته أعجب ، إذ لا نظير له سابق في دعوى الربوبية ، اضطر لتصحيحها إلى مثل هذه التلبيسات.
قال رضي الله عنه : ( وقصة عزير لها نظير سابق هو قصة إبراهيم عليه السّلام ) ؛ ولذلك أوردها عزّ وجل بعدها بقوله :"وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ " [ الزخرف : 26 ]
فعلم من ذلك أن قوله :"أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها"[ البقرة : 259 ] ليس سؤالا عن القدر بل هو متأخر عنه ، فإنه لما تحقق بهذا الجواب وجود الإحياء أخذ يسأل عن أسبابه ؛ ( فسأل عن القدر الذي ) به يعرف ترتب المسببات على أسبابها بمقتضى ذوات كل من الأسباب والمسببات من التأثير والتأثر ؛ فلذلك ( لا يدرك إلا بالكشف للأشياء ) أي :
أعيانها على ما هي عليه تأثيرا وتأثرا ، ولا يتأتى ذلك إلا بالاطلاع على العلم الإلهي ، إذ لا يمكن الكشف عنها إلا ( في حال ثبوتها ) ، ولا ثبوت لها فيما سوى العلم الإلهي ؛ لكونها ( في حال عدمها ) في الخارج فلا مقر لها هناك ولا ثبوت ، ولا معنى للاطلاع على الشيء إلا إدراكه على ما هو عليه والاطلاع على العلم الإلهي ، وإن أمكن في الجملة .
قال رضي الله عنه : ( فما أعطى ) عزير عليه السّلام ( ذلك ) في هذا السؤال ، فإن ذلك ( من خصائص الاطلاع الإلهي ) ، فإنه إنما اطلع عليها لحضور ذاته مع لوازمها لذاته المحررة ، ومن لوازمها ظهوره ، وهو متنوع على ظهوره في ذاته ، وهو بالفعل دائما وإلى ظهوره في المظاهر ، وهو بالقوة في الأزل .
وهو إنما يكمل عند الخروج إلى الفعل وهو فتح ، فلابدّ له من خزانة هي الأسماء الإلهية ، ومن فاتح هو الاسم الأعظم الإلهي ، ومن مفتاح ، وهو نوعان : ثوان هي الأسباب الروحانية والجسمانية ، وأول وهي الأعيان الثابتة ، فإنها مفاتيح الأول إذ لا يتصور سبق شيء عليها .
وإليه الإشارة بقوله : ( أعني : مفاتيح الغيب التي لا يعلمها إلا هو ) كما نص عليه في كتابه ، وإذ قد نص على ذلك .
قال رضي الله عنه  : ( فمن المحال أن يعلمه إلا هو ) من جهة مفاتيحها ، وإن كان ( قد يطلع اللّه من يشاء من عباده ) ، فاطلاعه على علمه ( على بعض الأمور من ذلك ) لا على كلها لعدم تناهيها ؛ فلا يسعها علم العبد المتناهي ، ومع ذلك فلا يكون ذلك الاطلاع من حيث مفاتيحها الأولية .

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فلما كان مطلب العزير على الطّريقة الخاصّة لذلك وقع العتب عليه كما ورد في الخبر ولو طلب الكشف الّذي ذكرناه ربّما كان لا يقع عتب في ذلك .
والدّليل على سذاجة قلبه قوله في بعض الوجوه "أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها"[ البقرة : 259 ] .
وأمّا عندنا فصورته عليه السّلام في قوله هذا كصورة إبراهيم عليه السّلام في قوله: "رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى" [ البقرة : 260 ] ويقتضي ذلك الجواب بالفعل الّذي أظهره الحقّ فيه في قوله تعالى: "فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ"
فقال له : "وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً " [ البقرة : 259]
فعاين كيف تنبت الأجسام معاينة تحقيق فأراه الكيفيّة .
فسأل عن القدر الّذي لا يدرك إلّا بالكشف للأشياء في حال ثبوتها في عدمها فما أعطي ذلك فإنّ ذلك من خصائص الإطّلاع الإلهي .
فمن المحال أن يعلمه إلّا هو فإنّها المفاتح الأول أعني مفاتح الغيب الّتي لا يعلمها إلّا هو وقد يطلع اللّه من شاء من عباده على بعض الأمور من ذلك . )

قال رضي الله عنه عما سأله عزير عليه السّلام:  ( فلما كان مطلب عزير على الطريقة الخاصّة ) النبويّة وشارع شريعتها ، المقصورة أمر استفاضتها على الوحي خاصة والإخبار عن الله ، ( لذلك ) لما طلب المعرفة المذكورة بهذا الطريق ( وقع العتب عليه - كما ورد في الخبر) :
" لئن لم تنته لأمحونّ اسمك من ديوان النبوّة " - ( فلو طلب الكشف الذي ذكرناه ) أنه هو الذي به يدرك الأمور - قديمها وحديثها - ( ربما ما كان يقع  عليه عتب في ذلك . والدليل على سذاجة قلبه قوله في بعض الوجوه  " أَنَّى يُحْيِي هذِه ِ الله بَعْدَ مَوْتِها " ) وهو الاستبعاد والشك ، على ما يفهم من لفظ " أنّى " .

قال الشيخ رضي الله عنه :  (وأمّا عندنا فصورته عليه السّلام في قوله هذا كصورة إبراهيم عليه السّلام في قوله " رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى " ) [ 2 / 260 ] .
فان ما قصد من الصورتين إنما هو إرادة كيفية إحياء الموتى ، ( ويقتضي ذلك الجواب بالفعل ) لا بالقول ، وذلك هو ( الذي أظهره الحقّ فيه في قوله  : "فَأَماتَه ُ الله مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَه ُ " ) [ 2 / 259 ] .
هذا ما يجاب به بلسان الفعل ، وأما بلسان القول ( فقال له : " وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً " ) [ 2 / 259 ( فعاين كيف تنبت الأجسام معاينة تحقيق ، فأراه الكيفية ) .
ثمّ إذ قد سأل عن عجائب أفعاله وبدائع مقدوراته وأجيب عنها فعلا وقولا وعيانا ، ( فسأل عن القدر ) أي مبدأ ذلك المقدور ، ومصدر ذلك الفعل ، وبيّن أن هذا السؤال مما يترتّب على إراءة تلك الكيفيّة العجيبة ، فيكون معطوفا على « فأراه » بدون تمحّ] .

سرّ القدر من مفاتيح الغيب
ثمّ إن ذلك المسؤول لما كان من ( الذي لا يدرك إلا بالكشف للأشياء في حال ثبوتها في عدمها ) واستقرارها على مركز أصلها وقابليّتها ( فما أعطي ذلك ، فإن ذلك من خصائص الاطلاع الإلهي ) لما عرفت أن حقيقة القدر ومعرفته من الخصائص الذاتيّة ( فمن المحال أن يعلمه إلَّا هو ) .

ومما عرفت ظهر لك أنه أوّل ما بدء به سلسلة أمر الظهور والإظهار ، وانفتح فيه أبواب خزائن السؤال والعطاء ( فإنّها المفاتيح الأول ) - فالضمير عائد إلى القدر وتأنيثه باعتبار الخبر .
قال الشيخ رضي الله عنه :  (أعني مفاتيح الغيب التي لا يعلمها إلا هو ، وقد يطلع الله من شاء من عباده على بعض الأمور من ذلك  . (
ثمّ إن تعدّد الأسماء لمّا كان بحسب اختلاف الاعتبارات ، فإنما يطلق الأسماء حين يعتبر تلك الاعتبارات التي هي كالمبادئ ، وإليه أشار قائلا :

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فلما كان مطلب العزير على الطّريقة الخاصّة لذلك وقع العتب عليه كما ورد في الخبر ولو طلب الكشف الّذي ذكرناه ربّما كان لا يقع عتب في ذلك .
والدّليل على سذاجة قلبه قوله في بعض الوجوه "أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها"[البقرة: 259].
وأمّا عندنا فصورته عليه السّلام في قوله هذا كصورة إبراهيم عليه السّلام في قوله: "رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى" [ البقرة : 260 ] ويقتضي ذلك الجواب بالفعل الّذي أظهره الحقّ فيه في قوله تعالى: "فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ".
فقال له : "وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً " [ البقرة : 259]
فعاين كيف تنبت الأجسام معاينة تحقيق فأراه الكيفيّة .
فسأل عن القدر الّذي لا يدرك إلّا بالكشف للأشياء في حال ثبوتها في عدمها فما أعطي ذلك فإنّ ذلك من خصائص الإطّلاع الإلهي .
فمن المحال أن يعلمه إلّا هو فإنّها المفاتح الأول أعني مفاتح الغيب الّتي لا يعلمها إلّا هو وقد يطلع اللّه من شاء من عباده على بعض الأمور من ذلك . )

قال الشيخ رضي الله عنه :  (فلما كان مطلب العزير على الطّريقة الخاصّة لذلك وقع العتب عليه كما ورد في الخبر ولو طلب الكشف الّذي ذكرناه ربّما كان لا يقع عتب في ذلك .  والدّليل على سذاجة قلبه قوله في بعض الوجوه "أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها "[البقرة : 259]. وأمّا عندنا فصورته عليه السّلام في قوله هذا كصورة إبراهيم عليه السّلام في قوله :رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى[ البقرة : 260 ] ويقتضي ذلك الجواب بالفعل الّذي)

قال رضي الله عنه :  (ولما كان مطلب العزير ) ، أي طلب معرفته القدر ( على الطريقة الخاصة النبوية ) ، يعني الإخبار بطريق الوحي .
قال رضي الله عنه :  ( لذلك وقع العتب عليه كما ورد في الخبر ) لئن لم تنته لأمحون اسمك من ديوان النبوّة ، فإن طريق حصولها الكشف عن أعين البصائر والأبصار لا الطريقة الخاصة النبوّية التي هي الإخبار عن اللّه تعالى ( فلو طلب الكشف الذي ذكرناه ربما كان لا يقع عليه عتب في ذلك والدليل على سذاجة قلبه ) من النظر العقلي .
قال رضي الله عنه :  ( قوله في بعض الوجوه أنى يحيي هذه اللّه بعد موتها ) ، وإنما قال في بعض الوجوه للمفسرين فيه وجوها أحدها : أن القائل بهذا القول عزير عليه السلام وفي الوجوه الأخر غيره .
والأحسن أن يقال : المراد ببعض الوجوه ما ذهب إليه الظاهريون من أن سؤاله هذا إنما هو على سبيل الاستعجاب والاستغراب ، فإن النظر العقلي مما يرفع الاستغراب عن إحياء الموتى بعد موتها لكنه عليه السلام لم يلتفت إليه لأنه ليس من الطريقة الخاصة النبوية .

والوجه الآخر ما أشار إليه بقوله :
( وأما عندنا ) ، أي وأما في الوجود الذي عندنا معاشر أهل الكشف ( فصورته عليه السلام في قوله : هذا كصورة إبراهيم عليه السلام في ) قوله : (رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى) [ البقرة : 260 ] .
أي ليس قوله هذا كقول إبراهيم عليه السلام بمعنى الاستغراب والاستعجاب ، فإن المتحقق بمقام النبوّة والولاية لا يستبعد من اللّه القادر الموجد المحيي المميت المعيد أن يحيي الأموات ويعيدهم مرة أخرى.
بل طلب عليه السلام أن يريه الحق كيفية إحياء الموتى ليكون في ذلك صاحب  شهود لا صاحب نظر واستدلال ، ولا أهل خبر واستخبار ( ويقتضي ذلك ) ، أي السؤال على هذا الوجه ( الجواب بالفعل ) لا بالقول وذلك الفعل هو الفعل الذي.

قال رضي الله عنه :  ( أظهره الحقّ فيه في قوله تعالى : " فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ فقال له :وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً "[ البقرة : 259 ] فعاين كيف تنبت الأجسام معاينة تحقيق فأراه الكيفيّة.  فسأل عن القدر الّذي لا يدرك إلّا بالكشف للأشياء في حال ثبوتها في عدمها فما أعطي ذلك فإنّ ذلك من خصائص الإطّلاع الإلهي .  فمن المحال أن يعلمه إلّا هو فإنّها المفاتح الأول أعني مفاتح الغيب الّتي لا يعلمها إلّا هو وقد يطلع اللّه من شاء من عباده على بعض الأمور من ذلك .)

قال رضي الله عنه :  ( أظهره الحق سبحانه فيه ) ببعثه منطويا هذا الفعل من حيث الدلالة عليه ( في قوله :فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُفقال له :وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً فعاين كيف تنبت الأجسام معاينة تحقيق فأراه الكيفية ) ، أي كيفية إحياء الموتى .
( فسأله ) عطف على أراه ، أي فسأل بلسان الحال بعد ما سأل عن كيفية إحياء الموتى بلسان القول وأجيب بالفعل ( عن القدر الذي ) هو مبدأ هذه الأفعال العجيبة المعلومة له حين بعثه ونشر عظام حماره وكساه لحما ، بأن كوشف بالأعيان الثابتة وكيفية افتتاح وجود المقدروات عنها وإدراكها إدراك ذوق ووجدان .

فالمسؤول بهذا السؤال مجموع أمره ( لا يدرك ) هذا المجموع ( إلا بالكشف للأشياء في حال ثبوتها في عدمها ) وافتتاح الوجود عنها ( فما أعطي ) عزير عليه السلام ( ذلك ) المجموع ( فإن ذلك من خصائص الاطلاع الإلهي ) كما يظهر وجهه فيما بعد ( فمن المحال أن يعلمه إلا هو فإنها ) ، أي الأشياء في حال ثبوتها في عدمها .
قال رضي الله عنه :  ( المفاتيح الأول ) بالنسبة إلى الموجودات العينية فإن المفاتيح الأول مطلقا أنها هي الشؤون الذاتية التي تكون الأشياء في حال ثبوتها في العدم صورها (أعني مفاتيح الغيب التي لا يعلمها) من حيث إنها مفاتيح علم ذوق ووجدان (إلا هو وقد يطلع اللّه من يشاء من عباده على بعض الأمور من ذلك) المذكور ، بأن يكاشف ببعض الأعيان الثابتة في العلم وجريان أحواله عليه تفصيلا .

ولكن لا يدرك كيفية افتتاح الوجود عنها بالذوق والوجدان أصلا . ولما كان السؤال الثاني ناشئا عن السؤال الأول لازما له كانت الآية الدالة على الأول بالمطابقة كالدال على الثاني بالالتزام ، فالعتب الواقع عليه إنما هو باعتبار المعنى الثاني كما صرح به فيما بعد .
ولما أشار آنفا إلى أن الاطلاع على الأشياء حين ثبوتها في العلم وافتتاح الوجود عنها من خصائص الاطلاع الإلهي وأراد أن يوضحه غاية الإيضاح.
  
واتساب

No comments:

Post a Comment