Monday, November 18, 2019

السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية الفقرة التاسعة .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية الفقرة التاسعة .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية الفقرة التاسعة .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي


موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة التاسعة :

جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (واعلم أنّ الولاية هي الفلك المحيط العامّ ، ولهذا لم تنقطع ، وله الإنباء العامّ . وأمّا نبوّة التّشريع والرّسالة فمنقطعة ، وفي محمّد صلى اللّه عليه وسلم قد انقطعت ، فلا نبيّ بعده مشرّعا أو مشرعا له ولا رسول وهو المشرّع .
وهذا الحديث قصم ظهور أولياء اللّه لأنّه يتضمّن انقطاع ذوق العبوديّة الكاملة التّامّة فلا ينطلق عليه اسمها الخاصّ بها فإنّ العبد يريد أن لا يشارك سيّده - وهو اللّه - في اسم ؛ واللّه لم يتسمّ بنبيّ ولا رسول ، وتسمّى بالوليّ واتّصف بهذا الاسم فقال :اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا[ البقرة : 258 ] وقال :وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ[ الشورى : 28 ] وهذا الاسم باق جار على عباد اللّه دنيا وآخرة . فلم يبق اسم يختصّ به العبد دون الحقّ بانقطاع النّبوّة والرّسالة .
إلّا أنّ اللّه لطيف بعباده فأبقى لهم النّبوّة العامّة الّتي لا تشريع فيها ، وأبقى لهم التّشريع في الاجتهاد في ثبوت الأحكام . وأبقى لهم الوراثة في التّشريع فقال : « العلماء ورثة الأنبياء » وما ثمّة ميراث في ذلك إلّا فيما اجتهدوا فيه من الأحكام فشرعوه . )
 
قال رضي الله عنه :  (واعلم أنّ الولاية هي الفلك المحيط العامّ ، ولهذا لم تنقطع ، وله الإنباء العامّ . وأمّا نبوّة التّشريع والرّسالة فمنقطعة ، وفي محمّد صلى اللّه عليه وسلم قد انقطعت ، فلا نبيّ بعده مشرّعا أو مشرعا له ولا رسول وهو المشرّع .وهذا الحديث قصم ظهور أولياء اللّه لأنّه يتضمّن انقطاع ذوق العبوديّة الكاملة التّامّة فلا ينطلق عليه اسمها الخاصّ بها فإنّ العبد يريد أن لا يشارك سيّده - وهو اللّه - في اسم ؛ واللّه لم يتسمّ بنبيّ ولا رسول ، وتسمّى بالوليّ واتّصف بهذا الاسم فقال :اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا[ البقرة : 258 ] وقال :وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ[ الشورى : 28 ] وهذا الاسم باق جار على عباد اللّه دنيا وآخرة . فلم يبق اسم يختصّ به العبد دون الحقّ بانقطاع النّبوّة والرّسالة . إلّا أنّ اللّه لطيف بعباده فأبقى لهم النّبوّة العامّة الّتي لا تشريع فيها ، وأبقى لهم التّشريع في الاجتهاد في ثبوت الأحكام . وأبقى لهم الوراثة في التّشريع فقال : « العلماء ورثة الأنبياء » وما ثمّة ميراث في ذلك إلّا فيما اجتهدوا فيه من الأحكام فشرعوه . )

قال رضي الله عنه :  (واعلم) يا أيها السالك (أن) دائرة (الولاية هي الفلك المحيط العام ) فهي شاملة للأنبياء والمرسلين عليهم السلام ، فإنهم أولياء كما أنهم أنبياء (ولهذا لم تنقطع) ، أي الولاية إلى يوم القيامة ، لأنها الميراث الذي تركته الأنبياء عليهم السلام من بعدهم ، فلم يورثوا درهما ولا دينارا وإنما ورثوا العلم وهو الولاية ، فمن أخذ به فقد أخذ بحظ أوفر (ولها) ، أي للولاية (الإنباء) ، أي الإخبار بطريق التجلي الإلهي على مقدار الاستعداد في الأمور كلها (العام) ذلك الإنباء في النبي وغيره .
قال رضي الله عنه :  (وأما نبوّة التشريع) للأحكام (والرسالة) من اللّه تعالى إلى الأمّة (فمنقطعة) لا تكون في كل زمان كنبوّة الولاية ، لأن نبوّة الولاية عامة ونبوّة التشريع والرسالة خاصة ، والعام يبقى ببقاء أفراده وهم باقون إلى يوم القيامة ، والخاص يذهب بذهاب أفراده .
(وفي) نبينا (محمد صلى اللّه عليه وسلم قد انقطعت) النبوة التي هي نبوة التشريع والرسالة (فلا نبي بعده) إلى يوم القيامة (يعني) نبيا (مشرعا) للأحكام على الاستقلال بشرع جديد (أو) نبيا قال رضي الله عنه :  (مشرعا له) ، أي محمد صلى اللّه عليه وسلم بأن يكون نبيا جاء مقررا لشريعة محمد عليه السلام كما كانت أنبياء بني إسرائيل يقررون شريعة موسى عليه السلام (ولا رسول) بعده أيضا (وهو) الرسول (المشرع) للأحكام الإلهية .
(وهذا الحديث) "رواه مسلم والبخاري وغيرهما"  في انقطاع نبوّة التشريع والرسالة (قصم) ، أي قطع (ظهور)

جمع ظهر (أولياء اللّه) تعالى ، لأنه ، أي الحادث المذكور (يتضمن انقطاع ذوق العبودية) للّه تعالى (الكاملة التامة) في مرتبتي العلم والعمل في الظاهر والباطن (فلا يطلق عليه السلام ) ، أي على الولي (اسمها) ، أي اسم العبودية (الخاص) ذلك الاسم (بها) ، أي بالعبودية بحيث إذا أطلقت تصرف إليه لأنه فردها الكامل (فإن العبد) المقبل على التحقق بالعبودية (يريد أن لا يشاركه سيده) تعالى (وهو اللّه) سبحانه (في اسم) من أسمائه لينفرد بالعبودية كما انفرد ربه بالربوبية .
قال رضي الله عنه :  (واللّه) تعالى (لم يتسم) في الكتاب ولا السنة (بنبي ولا رسول و) إنما (تسمى بالولي واتصف) سبحانه بهذا الاسم في الكتاب العزيز فقال "اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا" [ البقرة : 257 ] .
فولي وصف اللّه تعالى في المعنى وإن كان خبرا عنه في اللفظ (وقال) تعالى في مثل ذلك (وهو) أي اللّه تعالى : ("الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ") [ الشّورى : 28 ] أي المحمود ولايته (وهذا الاسم) أي الولي باق جار في الألسنة على عباد اللّه تعالى المتقين (دنيا وآخرة ).
قال تعالى "إِنْ أَوْلِياؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ" [ الأنفال  : 34] .
قال رضي الله عنه :  (فلم يبق اسم يختص به العبد) المؤمن المتقي (دون الحق) تعالى (بانقطاع النبوّة والرسالة) فإن النبي والرسول اسمان يختص بهما العبد دون الحق تعالى كما ذكر واسم الولي مشترك .
(إلا أن اللّه) تعالى (لطيف بعباده) المؤمنين كما قال سبحانه "اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبادِهِ" [ الشورى : 19 ] ، والضمير راجع إلى اللّه تعالى ، أي بعباد اللّه تعالى لا بعبد الدرهم ولا عبد الدينار ، فإنه لا يلطف به .
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : "تعس عبد الدرهم وتعس عبد الدينار ، وتعس عبد الخميصة وانتكس وإذا شيك فلا انتقش". أي إذا دخلت فيه شوكة لا خرجت منه بالمنقاش .
رواه الطبري والديلمي و البيهقي والبزار والمناوي وغيرهم.

قال رضي الله عنه : (فأبقى) سبحانه (لهم النبوّة العامة) وهي مقام الولاية (التي لا تشريع فيها) ، أي تبيين الأحكام الإلهية للمكلفين بها (وأبقى لهم) سبحانه ، أي لعباده (التشريع في) رتبة (الاجتهاد) الذي للمجتهدين (في ثبوت الأحكام) الشرعية (وأبقى لهم) سبحانه (الوراثة) عن الأنبياء عليهم السلام (في التشريع) باستنباط الأحكام الشرعية الفرعية عن أدلتها الأصلية (فقال) ، أي اللّه تعالى على لسان نبيه عليه السلام ، لأنه لا ينطق عن الهوى ، أي "إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى" [ النجم : 4 ] .
والوحي قول اللّه تعالى (العلماء) باللّه تعالى عن كشف وشهود وعيان وربما يلتحق بهم أصحاب الدليل والبرهان من بعض الوجوه في بعض الأحيان (ورثة) جمع وارث (الأنبياء) المتقدمين عليهم السلام وذلك في وصف العلم الإلهي اللدني الذي هو الولاية .
وقال صلى اللّه عليه وسلم : « العلماء مصابيح الأرض وخلفاء الأنبياء وورثتي وورثة الأنبياء ». اوره السيوطي في الجامع الكبير والصغير والمتقي الهندي القزويني في التدوين .
وقال " ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا" [ فاطر : 32 ] الآية .
قال رضي الله عنه : (وما ثم) ، أي هناك في العلماء (ميراث في ذلك) ، أي في العلم النبوي (إلا فيما اجتهدوا فيه من الأحكام) الشرعية الأصلية والفرعية في الاعتقاد وفي العمل بالكشف عن ذلك في الكتاب والسنة (فشرعوه) للأمة المحمدية شريعة نبيهم ، فيأتي كل ولي وارث كامل بالفهم الجديد لا بالشرع الجديد ، كما يأتي المجتهد بالمذهب الجديد لا الدين الجديد ، والمشارب تختلف بالأذواق والحق واحد في عين الكل ، والكل طرق إليه ولا خطأ في الفهم الجديد عند الولي الوارث لقوله تعالى: " قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً" [ الكهف : 109 ] .
ففهوم كلمات الرب لا تنحصر على الأبد ، ولهذا ورد في الحديث أنه يقال للمؤمن في الجنة حيث يقرأ القرآن : " اقرأ وارق ".
لأنه كلما قرأ فهم فهما جديدا فيرقى به مرتبة في الشهود لم يكن عليها والكل صواب ، لأنه معنى الكلمات الإلهية بخلاف مذهب المجتهد في العمل الظاهر فإنه يخطئ ويصيب كما قال صلى اللّه عليه وسلم : " من اجتهد فأصاب فله أجران ومن اجتهد فأخطأ فله أجر واحد " .
 وسبب الخطأ من المجتهد استعمال عقله فيما اجتهد فيه من الدليل الشرعي ، والعقل قاصر فتارة يصيب بمعونة إلهية ، وتارة يخطئ فتنة له من اللّه تعالى ، وهو مثاب على كل حال ، لأنه ما استعمل عقله في هواه وإنما استعمله في أصول شرعه المأمور باتباعه .
وسبب عدم خطأ الولي الوارث في فهمه أصلا لأنه ما استعمل عقله في ذلك الفهم ، وإنما فرغ المحل بعد طهارته من الأغيار وتنظيفه منها وتطييبه بالأذكار الإلهية والحضور التام ، وقعد ينتظر ما يفيض عليه من كرم ربه من علوم الإلهام ، فهو مصيب على كل حال ويسمى مجتهدا ، وإنما يسمى عالما باللّه وعارفا .

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (واعلم أنّ الولاية هي الفلك المحيط العامّ ، ولهذا لم تنقطع ، وله الإنباء العامّ . وأمّا نبوّة التّشريع والرّسالة فمنقطعة ، وفي محمّد صلى اللّه عليه وسلم قد انقطعت ، فلا نبيّ بعده مشرّعا أو مشرعا له ولا رسول وهو المشرّع .
وهذا الحديث قصم ظهور أولياء اللّه لأنّه يتضمّن انقطاع ذوق العبوديّة الكاملة التّامّة فلا ينطلق عليه اسمها الخاصّ بها فإنّ العبد يريد أن لا يشارك سيّده - وهو اللّه - في اسم ؛ واللّه لم يتسمّ بنبيّ ولا رسول ، وتسمّى بالوليّ واتّصف بهذا الاسم فقال :اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا[ البقرة : 258 ] وقال :وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ[ الشورى : 28 ] وهذا الاسم باق جار على عباد اللّه دنيا وآخرة . فلم يبق اسم يختصّ به العبد دون الحقّ بانقطاع النّبوّة والرّسالة .
إلّا أنّ اللّه لطيف بعباده فأبقى لهم النّبوّة العامّة الّتي لا تشريع فيها ، وأبقى لهم التّشريع في الاجتهاد في ثبوت الأحكام . وأبقى لهم الوراثة في التّشريع فقال : « العلماء ورثة الأنبياء » وما ثمّة ميراث في ذلك إلّا فيما اجتهدوا فيه من الأحكام فشرعوه . )
 
( واعلم أن الولاية ) أي حقيقة الولاية ( وهي الفلك المحيط العام ) الكلي الشامل على النبوة والرسالة.
 ( ولهذا ) أي ولأجل إحاطتها وعمومها ( لم تنقطع ولها الأنبياء العام وأما نبوة التشريع والرسالة فمنقطعة ، وفي محمد عليه السلام قد انقطعت فلا نبي بعده مشرّعا ) على صيغة اسم الفاعل أي لا داخلا تحت شريعته .
فإن عيسى عليه السلام نبي يجيء داخلا تحت شريعته ( أو مشرّعا له ) أي داخلا تحت شريعة نبي مشرّع وتابعا لشريعته كأنبياء نبي إسرائيل عليهم السلام فإنهم على شريعة موسى عليه السلام ( ولا رسول ) عطف على فلا نبي عليه السلام ( وهو ) أي والحال أن ذلك الرسول عليه السلام هو ( المشرع وهذا الحديث ) وهو قوله عليه السلام لا نبي بعدي ( قصم ) أي قطع ( ظهور أولياء اللّه ) بالأنباء عن المعارف الإلهية كما ظهر الأنبياء عليهم السلام بها من جهة ولايتهم ( لأنه ) أي لأن هذا الحديث ( يتضمن انقطاع ذوق العبودية الكاملة التامة ) لأن هذا الذوق لا يكون إلا في الرسول والنبي عليه السلام.

فإذا انقطعت الرسالة والنبوة بعد محمد صلى اللّه عليه وسلم انقطع هذا الذوق فإذا انقطعت العبودية الكاملة ( فلا ينطلق عليها ) أي على العبودية الكاملة .
( اسمها الخاص بها ) وهو النبوة والرسالة وإنما لم يظهر أولياء اللّه بانقطاع العبودية الكاملة ( فإن العبد ) الوليّ ( يريد أن لا يشارك سيده ) في اتصافه بالاسم الولي لعلمه أن الاتصاف ليس من مقتضى ذاته بل يحصل له عند فنائه في الحق بل يريد أن يظهر بمقتضى ذاته وهو العبادة .
فانقطع عن الظهور بالولاية ( وهو اللّه في اسم ) يتعلق بلا يشارك ( واللّه لم يتسم بنبي ولا رسول عليه السلام ويسمى بالولي واتصف بهذا الاسم فقال تعالى : " اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا"
وقال تعالى :" وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ " وهذا الاسم باق جار على عباد اللّه دنيا وآخرة فلم يبق اسم يختص به العبد دون الحق بانقطاع النبوة والرسالة ) فلم يبق اسم مختص ظهر به العبد بالولاية وهي واجبة الظهور لمصالح العباد في الدين والدنيا إلى انقراض الزمان .
فأظهرها اللّه تعالى لطفا وعناية بعباده بإبقائه لهم النبوة العامة فظهر بها الولاية كما ظهر بالنبوة والرسالة .
وإليه أشار بقوله : ( إلا أن اللّه لطف بعباده فأبقى لهم النبوة العامة التي لا تشريع فيها ) وهي الأنباء أي الأخبار عن المعارف الإلهية فالأولياء وارثون بواطنهم أي جهة ولايتهم يظهرون أحكام ولايتهم من المعارف والحقائق الإلهية يرشدون الأمة إلى اللّه ويفيضون عليهم المعارف الإلهية بقدر نصيبهم منها فإبقاء النبوة العامة ليس إلا لظهور الولاية الخاصة للنبوة عن الأولياء وارثة.
 ( وأبقى لهم التشريع في الاجتهاد في ثبوت الأحكام وأبقى لهم الوراثة في التشريع فقال العلماء ورثة الأنبياء وما ثمة ميراث في ذلك إلا فيما اجتهدوا فيه من الأحكام فشرعوه ) أي فشرعوا ما اجتهدوا من الأحكام الشرعية فالأئمة الأربعة وغيرهم من المجتهدين وارثون ظواهرهم أي نبوتهم الخاصة بهم لا يرثون ولايتهم الخاصة كما لا يرث ظواهرهم من يرث بواطنهم فلا يجتمع الوراثتان في شخص واحد ولذلك لا يصح نصب المفتي من الأولياء الوارثين لعدم اجتهادهم في ثبوت الأحكام الشرعية فالمجتهدون كلهم أولياء بالولاية العامة لا الولاية بالوراثة ولذلك لم يظهروا بالولاية أي بالأنباء عن الحقائق الإلهية بل ظهروا بالإخبار عن الأحكام الاجتهادية فالمراد بإظهار الولاية الولاية بالوراثة لكونه سببا لإرشاد الخلق وانتفاعه.

وأما الولاية للمؤمنين فلا يظهر أبدا عن صاحبها فلا ينتفع عنه غيره كما في الأئمة الأربعة فإن ولايتهم العامة مستورة مخفية بوارثتهم في التشريع في الاجتهاد والمجتهد لا يتكلم بكلام خارج عن التشريع بل كل كلامه داخل تحت التشريع في الاجتهاد.
كما أن الولي الوارث لا يتكلم بكلام داخل تحت التشريع في الاجتهاد بل كل كلامه خارج عن الأحكام الاجتهادية وهو الأنباء عن الحقائق الإلهية والأنبياء لكونهم جامعين بين الولاية والرسالة يتكلمون بكليهما .

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (واعلم أنّ الولاية هي الفلك المحيط العامّ ، ولهذا لم تنقطع ، وله الإنباء العامّ . وأمّا نبوّة التّشريع والرّسالة فمنقطعة ، وفي محمّد صلى اللّه عليه وسلم قد انقطعت ، فلا نبيّ بعده مشرّعا أو مشرعا له ولا رسول وهو المشرّع .
وهذا الحديث قصم ظهور أولياء اللّه لأنّه يتضمّن انقطاع ذوق العبوديّة الكاملة التّامّة فلا ينطلق عليه اسمها الخاصّ بها فإنّ العبد يريد أن لا يشارك سيّده - وهو اللّه - في اسم ؛ واللّه لم يتسمّ بنبيّ ولا رسول ، وتسمّى بالوليّ واتّصف بهذا الاسم فقال :اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا[ البقرة : 258 ] وقال :وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ[ الشورى : 28 ] وهذا الاسم باق جار على عباد اللّه دنيا وآخرة . فلم يبق اسم يختصّ به العبد دون الحقّ بانقطاع النّبوّة والرّسالة .
إلّا أنّ اللّه لطيف بعباده فأبقى لهم النّبوّة العامّة الّتي لا تشريع فيها ، وأبقى لهم التّشريع في الاجتهاد في ثبوت الأحكام . وأبقى لهم الوراثة في التّشريع فقال : « العلماء ورثة الأنبياء » وما ثمّة ميراث في ذلك إلّا فيما اجتهدوا فيه من الأحكام فشرعوه . )
 
قال رضي الله عنه :  (واعلم أنّ الولاية هي الفلك المحيط العامّ ، ولهذا لم تنقطع ، وله الإنباء العامّ . وأمّا نبوّة التّشريع والرّسالة فمنقطعة ، وفي محمّد صلى اللّه عليه وسلم قد انقطعت ، فلا نبيّ بعده مشرّعا أو مشرعا له ولا رسول وهو المشرّع .وهذا الحديث قصم ظهور أولياء اللّه لأنّه يتضمّن انقطاع ذوق العبوديّة الكاملة التّامّة فلا ينطلق عليه اسمها الخاصّ بها فإنّ العبد يريد أن لا يشارك سيّده - وهو اللّه - في اسم ؛ واللّه لم يتسمّ بنبيّ ولا رسول ، وتسمّى بالوليّ واتّصف بهذا الاسم فقال :اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا[ البقرة : 258 ] وقال :وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ[ الشورى : 28 ] وهذا الاسم باق جار على عباد اللّه دنيا وآخرة . فلم يبق اسم يختصّ به العبد دون الحقّ بانقطاع النّبوّة والرّسالة . إلّا أنّ اللّه لطيف بعباده فأبقى لهم النّبوّة العامّة الّتي لا تشريع فيها ، وأبقى لهم التّشريع في الاجتهاد في ثبوت الأحكام . وأبقى لهم الوراثة في التّشريع فقال : « العلماء ورثة الأنبياء » وما ثمّة ميراث في ذلك إلّا فيما اجتهدوا فيه من الأحكام فشرعوه . )
المعني ظاهر.

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (واعلم أنّ الولاية هي الفلك المحيط العامّ ، ولهذا لم تنقطع ، وله الإنباء العامّ . وأمّا نبوّة التّشريع والرّسالة فمنقطعة ، وفي محمّد صلى اللّه عليه وسلم قد انقطعت ، فلا نبيّ بعده مشرّعا أو مشرعا له ولا رسول وهو المشرّع .
وهذا الحديث قصم ظهور أولياء اللّه لأنّه يتضمّن انقطاع ذوق العبوديّة الكاملة التّامّة فلا ينطلق عليه اسمها الخاصّ بها فإنّ العبد يريد أن لا يشارك سيّده - وهو اللّه - في اسم ؛ واللّه لم يتسمّ بنبيّ ولا رسول ، وتسمّى بالوليّ واتّصف بهذا الاسم فقال :اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا[ البقرة : 258 ] وقال :وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ[ الشورى : 28 ] وهذا الاسم باق جار على عباد اللّه دنيا وآخرة . فلم يبق اسم يختصّ به العبد دون الحقّ بانقطاع النّبوّة والرّسالة .
إلّا أنّ اللّه لطيف بعباده فأبقى لهم النّبوّة العامّة الّتي لا تشريع فيها ، وأبقى لهم التّشريع في الاجتهاد في ثبوت الأحكام . وأبقى لهم الوراثة في التّشريع فقال : « العلماء ورثة الأنبياء » وما ثمّة ميراث في ذلك إلّا فيما اجتهدوا فيه من الأحكام فشرعوه . )

قال رضي الله عنه :  واعلم : أنّ الولاية هي الفلك المحيط العامّ ، ولهذا لم تنقطع ، ولها الإنباء العامّ ، وأمّا نبوّة التشريع والرسالة فمنقطعة ، وفي محمّد صلى الله عليه وسلم قد انقطعت ، فلا نبيّ بعده - يعني مشرّعا أو مشرّعا له - ولا رسول وهو المشرّع . وهذا الحديث قصم ظهور أولياء الله ، لأنّه يتضمّن انقطاع ذوق العبودة الكاملة التامّة ، فلا يطلق عليها اسمها الخاصّ بها .
فإنّ العبد يريد أن لا يشارك سيّده - وهو الله - في اسم ، والله لم يتسمّ بنبيّ ولا برسول ، وتسمّى بالوليّ واتّصف بهذا الاسم ، فقال : " الله وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا " وقال : " وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ " وهذا الاسم باق جار على عباد الله دنيا وآخرة ، فلم يبق اسم يختصّ به العبد دون الحق بانقطاع النبوّة والرسالة ) .

يشير رضي الله عنه:  إلى أنّ رجال الكمال من أهل الله لا يفتخرون بما هو عرضيّ لهم من الربوبية وأسماء الربّ ، ولا يظهرون بها ، وإنّما يظهرون بالذاتيات وهي العبودية ، ويقتضي كمال التحقّق بالعبودية أن لا يشاركوا الحق في اسم كالوليّ .
وأن يظهروا ويتسمّوا باسم يخصّهم من حيث العبودية المحضة ، وليس ذلك إلَّا النبيّ والرسول ، ولم يتسمّ الله بهما ، فلمّا انقطعت النبوّة والرسالة ، لم يبق لهم منهما اسم يتسمّون به ، فانقصم ظهور استظهارهم لأجل ذلك ، وهذا سرّ عزيز المنال ، لم يعثر عليه قبله ، ومن قبله قالوا بغيره .
قال رضي الله عنه : ( إلَّا أنّ الله لطف بعباده ، فأبقى لهم النبوّة العامّة التي لا تشريع فيها ، وأبقى لهم التشريع في الاجتهاد في ثبوت الأحكام ، وأبقى لهم الوراثة . فقال : « العلماء ورثة الأنبياء » وما ثمّ ميراث في ذلك إلَّا فيما اجتهدوا فيه من الأحكام فشرّعوه)

قال العبد : يشير رضي الله عنه إلى حقيقتي النبوّة والولاية ، وقد وقع في ذلك خبط عظيم بين العوامّ من حيث جهلهم بهذه الحقائق .
فلو عرفوا حقائق المراتب على ما هي عليها في نفسها وفي علم الله تعالى ، لعلموا الأمر على ما هو عليه ، وقد استقصينا القول في بيان هذه الحقائق وتوابعها ولوازمها في كتاب « النبوّة والولاية » لنا ، وفي كتاب « الختمية » أيضا .
ولقد سبق في الفصّ الشيثي ما فيه مقنع ، وقد يزيد في هذا المقام في الحواشي ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها ، وفيما أجمل الشيخ جمل تفاصيل نذكرها وفيه غنية ، وهو أوضح ، والله الموفّق .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (واعلم أنّ الولاية هي الفلك المحيط العامّ ، ولهذا لم تنقطع ، وله الإنباء العامّ . وأمّا نبوّة التّشريع والرّسالة فمنقطعة ، وفي محمّد صلى اللّه عليه وسلم قد انقطعت ، فلا نبيّ بعده مشرّعا أو مشرعا له ولا رسول وهو المشرّع .
وهذا الحديث قصم ظهور أولياء اللّه لأنّه يتضمّن انقطاع ذوق العبوديّة الكاملة التّامّة فلا ينطلق عليه اسمها الخاصّ بها فإنّ العبد يريد أن لا يشارك سيّده - وهو اللّه - في اسم ؛ واللّه لم يتسمّ بنبيّ ولا رسول ، وتسمّى بالوليّ واتّصف بهذا الاسم فقال :اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا[ البقرة : 258 ] وقال :وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ[ الشورى : 28 ] وهذا الاسم باق جار على عباد اللّه دنيا وآخرة . فلم يبق اسم يختصّ به العبد دون الحقّ بانقطاع النّبوّة والرّسالة .
إلّا أنّ اللّه لطيف بعباده فأبقى لهم النّبوّة العامّة الّتي لا تشريع فيها ، وأبقى لهم التّشريع في الاجتهاد في ثبوت الأحكام . وأبقى لهم الوراثة في التّشريع فقال : « العلماء ورثة الأنبياء » وما ثمّة ميراث في ذلك إلّا فيما اجتهدوا فيه من الأحكام فشرعوه . )

قال رضي الله عنه :  (واعلم أن الولاية هي الفلك المحيط العالم ولهذا لم تنقطع ولها الإنباء العام ، وأما نبوة التشريع والرسالة فمنقطعة ، وفي محمد عليه الصلاة والسلام قد انقطعت فلا نبي بعده ، يعنى مشرعا أو مشرعا له ولا رسول وهو المشرع ، وهذا الحديث قصم ظهور أولياء الله لأنه يتضمن انقطاع ذوق العبودية الكاملة التامة فلا ينطلق عليها اسمها الخاص بها ، فإن العبد يريد أن لا يشارك سيده وهو الله في اسم والله لم يتسم بنبي ولا رسول ، وتسمى بالولي واتصف بهذا الاسم فقال: " الله وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا " ، وقال " وهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ " )

الولاية هو الفناء في الله والله هو المحيط بالكل و " كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَه " يقتضي إحاطته بالكل وعدم انقطاع الولاية لأن الكل به موجود بنفسه فاني هالك ، ولهذه الولاية الإنباء العام أي التعريض الإلهي .
وإخبار كل مستعد طالب بخصائص التوحيد الذاتي والأسمائى لكل عارف باللَّه ، والباقي ظاهر إلى قوله:  وهذا الحديث قصم ، لأن الرجال الكمل يتحققون أن أسماء الرب لهم عارضة ، إنما أطلقت عليهم من حيث فناؤهم في الله تعالى ، وإن ما يختص بهم إنما هو صفات العبودية وأسماؤها ، والهمم العالية سموا إلى الذاتيات الخاصة الكاملة ، ولا أتم في خصائص العبودية ولا أكمل من النبي والرسول .
فإنهما من أشرف خواص العبودية وأفضلها ، إذ الرب لا يسمى بها ويسمى بالولي .

قال رضي الله عنه :  ( وهذا الاسم ) أي الولي ( باقي جاري على عباد الله دنيا وآخرة ، فلم يبق اسم يختص به العبد دون الحق بانقطاع النبوة والرسالة إلا أن الله لطيف بعباده فأبقى لهم النبوة العامة التي لا تشريع فيها ).
أي الإنباء عن الله تعالى بصفاته وأسمائه وأفعاله وكل ما يقرب به العبد إليه .

قال رضي الله عنه :  ( وأبقى لهم التشريع في الاجتهاد في ثبوت الأحكام وأبقى لهم الوراثة في الشرائع ، فقال عليه الصلاة والسلام « العلماء ورثة الأنبياء » وما ثم ميراث في ذلك إلا فيما اجتهدوا فيه من الأحكام فشرعوه )  
كبيان التخلق بأخلاق الله ، وبيان قرب النوافل وقرب الفرائض ومقام التوكل والرضا والتسليم والتوحيد والتفريد والفناء والجمع والفرق وأمثال ذلك:

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (واعلم أنّ الولاية هي الفلك المحيط العامّ ، ولهذا لم تنقطع ، وله الإنباء العامّ . وأمّا نبوّة التّشريع والرّسالة فمنقطعة ، وفي محمّد صلى اللّه عليه وسلم قد انقطعت ، فلا نبيّ بعده مشرّعا أو مشرعا له ولا رسول وهو المشرّع .
وهذا الحديث قصم ظهور أولياء اللّه لأنّه يتضمّن انقطاع ذوق العبوديّة الكاملة التّامّة فلا ينطلق عليه اسمها الخاصّ بها فإنّ العبد يريد أن لا يشارك سيّده - وهو اللّه - في اسم ؛ واللّه لم يتسمّ بنبيّ ولا رسول ، وتسمّى بالوليّ واتّصف بهذا الاسم فقال :اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا[ البقرة : 258 ] وقال :وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ[ الشورى : 28 ] وهذا الاسم باق جار على عباد اللّه دنيا وآخرة . فلم يبق اسم يختصّ به العبد دون الحقّ بانقطاع النّبوّة والرّسالة .
إلّا أنّ اللّه لطيف بعباده فأبقى لهم النّبوّة العامّة الّتي لا تشريع فيها ، وأبقى لهم التّشريع في الاجتهاد في ثبوت الأحكام . وأبقى لهم الوراثة في التّشريع فقال : « العلماء ورثة الأنبياء » وما ثمّة ميراث في ذلك إلّا فيما اجتهدوا فيه من الأحكام فشرعوه . )
 
قال رضي الله عنه :  ( وهذا الحديث قصم ظهور أولياء الله ، لأنه يتضمن انقطاع ذوق العبودية الكاملة التامة ،  فلا ينطلق عليه اسمها الخاص بها ، فإن العبد يريد أن لا يشارك  سيده ، وهو الله في اسم . والله لم يتسم بنبي ولا رسول ، وتسمى ب‍الولى واتصف بهذا الاسم فقال : " الله ولى الذين آمنوا " . وقال : " هو الولي الحميد " . وهذا الاسم باق جار على عباد الله ، دنيى وآخرة . فلم يبق اسم يختص به العبد دون الحق بانقطاع النبوة والرسالة . ) .

أي ، قوله ، صلى الله عليه وسلم : ( لا نبي بعدي ) . قصم ظهور أولياء الله ، لأن الكاملين المحققين بالفقر التام والعبادة الكاملة التامة لا يختارون المشاركة في اسم من أسماء الله ، لعلمهم بأن الاتصاف بالأسماء الإلهية ليست مقتضى ذواتهم ، لكونه بالنسبة إليهم عرضيا يحصل لهم عند فنائهم في الحق ، بل يريدون أن يظهروا بمقتضى ذواتهم ، وهو العبادة .
كما قال الشيخ رضي الله عنه  : ( لا تدعني إلا ب‍ " يا عبدها ". فإنه أشرف أسمائي ) .

"" أضاف الجامع : قال الشيخ رضي الله عنه عن نعت المحب بأنه مجهول الأسماء
في الفتوحات الباب الثامن والسبعون ومائة في معرفة مقام المحبة
قال الشاعر : لا تدعني إلا بيا عبدها ..... فإنه أشرف أسمائي
فهذا مثل قولهم فيه إنه مخلوع النعوت فالعبودية له ذاتية فما له اسم معين سوى ما يسميه به محبوبه . فبأي اسم سماه ودعاه به أجابه ولباه .
فإذا قيل للمحب ما اسمك يقول سل المحبوب فما سماني به فهو اسمي لا اسم لي أنا المجهول الذي لا يعرف والنكرة التي لا تتعرف المحب الله لا اسم له يدل على ذاته .
وإنما المألوه الذي هو محبوبه نظر إلى ما له فيه من أثر فسماه بآثاره فقبل الحق ما سماه به .
فقال المألوه يا الله قال الله له لبيك
قال المربوب يا رب قال له الرب لبيك
قال المخلوق له يا خالق قال الخالق لبيك
قال المرزوق يا رزاق قال الرزاق لبيك
قال الضعيف يا قوي قال القوي أجبتك.أهـ ""  .

والنبي والرسول مختصان بالعباد ، لأن الله تعالى لم يتسم بهما . ولا يجوز إطلاق هذين الاسمين عليه "سبحانه" ، بخلاف الاسم ( الولي ) ، فإنه اسم من أسماء الله .
كما قال : " الله ولى الذين آمنوا " .  وقال : " هو الولي الحميد " .
وهذا الاسم ، أي ( الولي ) ، باق وجار ، أي ، مطلق على عباد الله تعالى دنيى وآخرة .
وفي قوله : ( وهذا الحديث قصم ظهور أولياء الله ) وتعليله بانقطاع ذوق العبودية الكاملة ، سر يطلع عليه من أمعن النظر فيه ، وتذكر قوله ،
عليه السلام : ( أنا والساعة كهاتين ) . وتحقق بأسرار القيامة وظهور الحق بفناء الخلق وعبوديتهم   .

قال رضي الله عنه :  ( إلا أن الله لطيف بعباده ، فأبقى لهم النبوة العامة التي لا تشريع فيها ، وأبقى لهم التشريع في الاجتهاد في ثبوت الأحكام ، وأبقى لهم الوراثة في التشريع . فقال : " العلماء ورثة الأنبياء " . وما ثمة ميراث في ذلك إلا فيما اجتهدوا فيه من الأحكام ، فشرعوه .)

تقدير الكلام : وأما نبوة التشريع والرسالة فمنقطعة ، إلا النبوة العامة التي هي الإنباء عن المعارف والحقائق الإلهية من غير تشريع ، فإنها غير منقطعة
.
أبقاها الله لعباده لطفا عليهم وعناية ورحمة في حقهم . وأبقى لهم من التشريع أيضا نصيبا ، لكن بحسب اجتهادهم ، لا آخذا من الله بلا واسطة أو بواسطة الملك ، فإنه مخصوص بالأنبياء ، لأن المسائل الاجتهادية والأحكام الظنية نوع  من التشريع ، حاصل من المجتهدين فيه ، وجعلهم من الورثة للأنبياء ، كما قال صلى الله عليه وسلم : ( العلماء ورثة الأنبياء ) . وليس لهم ميراث من أموال الدنيا ، كما قال : "نحن معاشر الأنبياء لا نرث ولا نورث " فميراثهم الأموال الأخراوية.
فالأولياء العارفون وارثون للأنبياء في المعارف والحقائق ، والعلماء المجتهدون وارثون للأنبياء في التشريع بالاجتهاد .
فالأولياء ورثة بواطنهم ، والعلماء ورثة ظواهرهم ، والأولياء العلماء ورثة مقام جمعهم .
ولا تجتمع هذه النبوة العامة والتشريع الموروث في شخص واحد ، لذلك ما اجتهد ولى من الأولياء في حكم من أحكام الشرع ، حتى خاتم الأولياء أيضا يتبع الشريعة في الظاهر .
وجعله للمذاهب مذهبا واحدا ليس تشريعا منه ، لأنه يحكم على ما يشاهد في نفس الأمر متابعا لما حكم به خاتم الأنبياء .
والأئمة الأربعة أولياء بالولاية العامة الشاملة حتى للمؤمنين ، لا الخاصة فلا يرد
.


خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ
:
قال الشيخ رضي الله عنه :  (واعلم أنّ الولاية هي الفلك المحيط العامّ ، ولهذا لم تنقطع ، وله الإنباء العامّ . وأمّا نبوّة التّشريع والرّسالة فمنقطعة ، وفي محمّد صلى اللّه عليه وسلم قد انقطعت ، فلا نبيّ بعده مشرّعا أو مشرعا له ولا رسول وهو المشرّع .
وهذا الحديث قصم ظهور أولياء اللّه لأنّه يتضمّن انقطاع ذوق العبوديّة الكاملة التّامّة فلا ينطلق عليه اسمها الخاصّ بها فإنّ العبد يريد أن لا يشارك سيّده - وهو اللّه - في اسم ؛ واللّه لم يتسمّ بنبيّ ولا رسول ، وتسمّى بالوليّ واتّصف بهذا الاسم فقال :اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا[ البقرة : 258 ] وقال :وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ[ الشورى : 28 ] وهذا الاسم باق جار على عباد اللّه دنيا وآخرة . فلم يبق اسم يختصّ به العبد دون الحقّ بانقطاع النّبوّة والرّسالة .
إلّا أنّ اللّه لطيف بعباده فأبقى لهم النّبوّة العامّة الّتي لا تشريع فيها ، وأبقى لهم التّشريع في الاجتهاد في ثبوت الأحكام . وأبقى لهم الوراثة في التّشريع فقال : « العلماء ورثة الأنبياء » وما ثمّة ميراث في ذلك إلّا فيما اجتهدوا فيه من الأحكام فشرعوه . )
 
قال رضي الله عنه :  ( واعلم أنّ الولاية هي الفلك المحيط العامّ ، ولهذا لم تنقطع ، وله الإنباء العامّ ، وأمّا نبوّة التّشريع والرّسالة فمنقطعة ، وفي محمّد صلّى اللّه عليه وسلّم قد انقطعت ، فلا نبيّ بعده مشرّعا أو مشرّعا له ولا رسول وهو المشرّع ، وهذا الحديث قصم ظهور أولياء اللّه ؛ لأنّه يتضمّن انقطاع ذوق العبوديّة الكاملة التّامّة ، فلا ينطلق عليه اسمها الخاصّ بها ؛ فإنّ العبد يريد ألا يشارك سيّده وهو اللّه في اسم ؛ واللّه لم يتسمّ بنبيّ ولا رسول ، وتسمّى بالوليّ واتّصف بهذا الاسم ؛ فقال :"اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا"[ البقرة : 257 ] ، وقال :"وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ"[ الشورى : 28 ] ، وهذا الاسم باق جار على عباد اللّه دنيا وآخرة .  فلم يبق اسم يختصّ به العبد دون الحقّ بانقطاع النّبوّة والرّسالة ، إلّا أنّ اللّه لطيف بعباده ، فأبقى لهم النّبوّة العامّة الّتي لا تشريع فيها ، وأبقى لهم التّشريع في الاجتهاد في ثبوت الأحكام ، وأبقى لهم الوراثة في التّشريع ؛ فقال : « العلماء ورثة الأنبياء » ،وما ثمّة ميراث في ذلك إلّا فيما اجتهدوا فيه من الأحكام فشرعوه .)

وقدّم لبيان ذلك مقدمة ؛ فقال : ( واعلم أن الولاية هي الفلك المحيط ) بالكمالات ( العامة ) للموجودات الكاملة ، حتى أن كل مؤمن ولى من وجه ، وإن لم يسم بذلك عرفا لدنو رتبة في ذلك إن كان من العوام ، وكذا كل نبي ورسول وولي ، وإن لم يسم بذلك لعدم ظهوره به في العموم ، واللّه تعالى قد يسمى بذلك ؛ ( ولهذا ) أي : ولإحاطتها بالكمالات ( لا تنقطع ) لعدم تناهي الكمالات ، وانقطاع ما لا نهاية له محال ولعمومها الأنبياء الأولياء ( لها الإنباء العام ) للأنبياء الأولياء عن حقائق الموجودات ، وإن اختص بعضهم ببعض الحقائق  والمراتب كالرسل.

قال رضي الله عنه : ( أما نبوة التشريع ) التي بها أنباء الأحكام العلمية ، ( والرسالة ) تبلغها إلى العامة ، ( فمنقطعة ) بجوار انقطاع بعض أفراد غير المتناهي ، وإن لم يكن انقطاعه بكليته ، وقد وقع ذلك في حقّ الأنبياء - عليهم السّلام - فكيف ( وفي حق محمد صلّى اللّه عليه وسلّم ) مع عدم تناهي كمالاته ، ( فقد انقطعت ) له هذه الرتبة الخاصة.
وإن زادت مراتب قوية من ربه ، (فلا نبي بعده مشرعا ) أي : أتيا بشرع خاص ، ( ومشرعا له ) أي : مجعولا شرع من تقدمه شرعا له يتكلم في تأويله بالوحي بحيث يكون تأويله حجة بخلاف تأويل المجتهد ، ولو وليّا من العامة ، فربما لا يكاشفون بأسرار الشريعة ، وإن كوشفوا فلا يكون كشفهم حجة على غير .

ولهذا اختلفت الصحابة مع أن بعضهم أولياء ( ولا رسول ، وهو المشرع ) ، فهو أخص من النبي ، وإن كان أخص من الولي ، ( وهذا الحديث ) أي : شأن انقطاع النبوة التشريعية والرسالة ( قصم ) أي : كسر ( ظهور أولياء اللّه ) التي بها قوة ولايتهم ، وهي كمال العبودية.
قال رضي الله عنه :  ( لأنه يتضمن انقطاع ذوق العبودية الكاملة ) حقيقة ، ومعنى العامة صورة ولفظا ، ( فلا ينطلق عليه ) أي : على الولي ( اسمها ) بالحقيقة ؛ لاختصاص الاسم المطلق بالمسمى الكامل ، وكمال الولي في عبوديته التي هي أصله ، وكمال كل شيء فيما يتميز به عما عداه لا فيما يشاركه .

قال رضي الله عنه : ( فإن العبد يريد ) أي : يقتضي حاله ( ألا يشارك ) سيده ، وهو أي : ( سيده هو اللّه في اسم ) ، وإن شاركه في اسم آخر ليتميز به عنه ، كما أن سيده اختص باسم هو اللّه لا يشاركه العبد فيه قال تعالى :"هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا"[ مريم : 65 ] .
والمراد اسم يدل على كمال المعنى ، وتمام الصورة ، وإلا فلفظ العبد مختص بالعبد ، فذلك الاسم إما الرسول أو النبي أو الولي ، لكن الأخير غير مختص بالعبد الأولان يختصان به ؛ وذلك لأن ( اللّه تعالى لم يتسم بنبي ، ولا رسول ، ويسمى بالولي ) إذ ذكر في أسمائه ، واتصف بهذا الاسم في كتابه ، فقال :"اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا" [ البقرة : 257] .
بالإضافة ، وقال أيضا بدون الإضافة :"وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ" [ الشورى : 28 ] .

ثم رجع إلى المقصود من بقاء الاسم غير المخصوص مع عدم بقاء الاسم المخصوص.
فقال رضي الله عنه  : ( وهذا الاسم ) أي : الولي ( باق ) يعني ( جار ) لفظا فيه إشارة أنه لا غيره بلفظ العارف والمصلي والمزكي والصائم ، فإن العارف في المعنى قريب من العالم ، فهو كالباقي في حق اللّه ، وإن لم يجر عليه ، والألفاظ الباقية كالجارية عليه لفظا ، وإن لم تبق في حقّه معنى ، كما في قوله تعالى : "هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ" [ الأحزاب : 43].
وقوله : "وَلا يُزَكِّيهِمْ" ، فإنه يدل على أنه يزكي غيرهم ، وقوله :" وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ " [ الأنعام : 14 ] ، فإنه يقرب من معنى الصائم ( على عباد اللّه ) الأنبياء الأولياء ( دنيا وأخرى ) قبل دخول الجنة والنار وبعدها .
وقد شاركهم فيه مولاهم ، ( ولم يبق اسم يختص به العبد دون الحق بانقطاع النبوة والرسالة ) بعد دخول الجنة أو النار على ما يأتي بالكلية ، وكذا بموت الأنبياء والرسل الذين بعثوا في الدنيا ، فلم يبق في حقهم وحق الأولياء من أمتهم اسم يدل على العبودية الكاملة التامة ، فانقطع ذوقها فقصم ذلك ظهورهم ( إلا أن اللّه لطيف بعباده ) الأولياء التابعين للأنبياء ترك لهم نصيبا من هذا الاسم جبرا لخواطرهم.
قال رضي الله عنه  : ( فأبقى لهم النبوة العامة ) الأنبياء الأولياء ، وهي الإنباء عن اللّه تعالى ، وعن حقائق الموجودات ( التي لا تشريع فيها ) ، وهو اسم خاص العباد باق فيهم معنى ، وإن لم يجر عليهم لفظا ، وهذا في حق الأولياء وأيضا ( أبقى لهم التشريع ) من غير إنباء عن اللّه ( في الاجتهاد في ثبوت الأحكام ) غير المنصوصة في حق المجتهدين من العلماء ، وأيضا ( أبقى لهم الوراثة في التشريع ) ، وهذا في حق جملة العلماء .

قال رضي الله عنه  : ( فقال : العلماء ورثة الأنبياء ) والوراثة في الأحكام المنصوصة ظاهر ( وما ثمة ) أي : في المسائل غير المنصوصة ميراث ( في ذلك ) أي : نبوة التشريع ( إلا فيما اجتهدوا فيه من الأحكام ، فشرعوه ) أي : في جعلهم تلك الأحكام لاحقة بالأحكام المنصوصة باجتهادهم ، فإن المجتهد إذا ظن الحكم وجب عليه الفتوى والعمل به عليه ؛ فعلم مما ذكرنا أن الأنبياء جامعون بين النبوة التشريعية والرسالة والولاية .

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (واعلم أنّ الولاية هي الفلك المحيط العامّ ، ولهذا لم تنقطع ، وله الإنباء العامّ . وأمّا نبوّة التّشريع والرّسالة فمنقطعة ، وفي محمّد صلى اللّه عليه وسلم قد انقطعت ، فلا نبيّ بعده مشرّعا أو مشرعا له ولا رسول وهو المشرّع .
وهذا الحديث قصم ظهور أولياء اللّه لأنّه يتضمّن انقطاع ذوق العبوديّة الكاملة التّامّة فلا ينطلق عليه اسمها الخاصّ بها فإنّ العبد يريد أن لا يشارك سيّده - وهو اللّه - في اسم ؛ واللّه لم يتسمّ بنبيّ ولا رسول ، وتسمّى بالوليّ واتّصف بهذا الاسم فقال :اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا[ البقرة : 258 ] وقال :وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ[ الشورى : 28 ] وهذا الاسم باق جار على عباد اللّه دنيا وآخرة . فلم يبق اسم يختصّ به العبد دون الحقّ بانقطاع النّبوّة والرّسالة .
إلّا أنّ اللّه لطيف بعباده فأبقى لهم النّبوّة العامّة الّتي لا تشريع فيها ، وأبقى لهم التّشريع في الاجتهاد في ثبوت الأحكام . وأبقى لهم الوراثة في التّشريع فقال : « العلماء ورثة الأنبياء » وما ثمّة ميراث في ذلك إلّا فيما اجتهدوا فيه من الأحكام فشرعوه . )
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( واعلم أنّ الولاية ) لما لها من غلبة حكم البطون والأصالة الذاتيّة ( هي الفلك المحيط ) بسائر ما في الظاهر من الصور ، ( العامّ ) نسبتها إلى الكل ، عموم نسبة المحيط إلى محاطه ، ( ولهذا لم تنقطع ) ضرورة أن دوران الأفلاك وسائر الحركات الدورية لا ينقطع ، انقطاع الحركة المستقيمة التي للمحاط - ( ولها الإنباء العامّ ) إلى المكلفين - أرباب الأحكام - وإلى المحقّقين من ذوي الإيقان ، ضرورة أن نسبة إحاطته على الكلّ سواء .
قال رضي الله عنه :  ( وأمّا نبوّة التشريع ورسالته منقطعة ) فإنّ أفلاكها ليست لها الإحاطة التامّة ، ( وفي محمد صلَّى الله عليه وسلَّم قد انقطعت ، فلا نبيّ بعده - يعني مشرّعا ، أو مشرّعا له ولا رسول ، وهو المشرّع ) .
ثمّ إنّ الولاية التي هي حكم البطون والإطلاق لا اختصاص لها بالعبد ، بل هي ذاتيّة للحقّ ، موهوبة للعبد ، وأما النبوّة لما كانت أحكام الصور والقيد ، هي ذاتيّة للعبد ، وهي درجة كماله وذروة عروجه إلى أوج ما أمكن له من مراقي جلاله ولهذا قال : ( وهذا الحديث قصم ظهور أولياء الله ، لأنه يتضمّن انقطاع ذوق العبوديّة الكاملة التامّة ) .
فإنّ كمال كل حقيقة وتمامه إنما هو بإظهار ما له من خصوصيّاته المميّزة له عن غيره . والنبوّة هي التي تختصّ بالعبد ، وفصله المميّز له عن الحقّ ، فعند انقطاعها لا يمكن ظهوره بها ، ( فلا ينطلق عليها اسمها الخاصّ بها ) وذلك يوجب كتمان أمر العبد وخفائه ، وإن أطلق عليها الأسماء المشتركة بينه وبين الحق ( فإنّ العبد يريد أن لا يشارك سيّده - وهو الله - في اسم ) إظهارا لكماله الخاص به ، وإنفاذا لأمر سلطانه .
قال الشيخ رضي الله عنه :  (والله لم يتسمّ بنبيّ ولا رسول ، وتسمّى بالوليّ . واتّصف بهذا الاسم فقال : " الله وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا " [ 2 / 257 ] وقال : " وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ " [ 42 / 28 ] وهذا الاسم ) الوليّ ( باق ، جار على عباد الله دنيا وآخرة ) .

وهذا له مثال يستفهم منه مغزاه :
وهو أن الشجرة ما لم يظهر عن أكمام نظام أجزائها حكم الثمرة ، يكون الظاهر على العالمين أمر أجزائها الصورية فقط ، كالأوراق والأغصان والأزهار ، ولذلك تراهم يقنعون عنها حينئذ برؤية ألوانها واستشمام نسائمها وروائحها ، منتظرين بدوّ الثمرة في تلك الصورة الحاملة لها ، مترقّبين لذلك كل الترقّب ، حتى فتقت الأكمام عن ثمارها وحكم الزمان بإبرازها وإظهارها.

ويومئذ تنعزل تلك الصورة عن إمرة قبولها ونفوذ سلطانها ولا يقنع العالمون بالاحتظاء عن صورتها ، بل يجنون ثمارها بأيادي الاستعدادات ويملكونها ويغتذون منها ويتّحدون بها .
فعلم أن أمر تلك الثمرة باق ظاهرا وباطنا ما ينقطع حكمها أبدا ، دون الصورة الحاملة لها .

الباقي من أمر النبوة العامّة
قال رضي الله عنه :  (فلم يبق اسم يختصّ به العبد دون الحقّ ، بانقطاع النبوّة والرسالة ، إلَّا أن الله لطيف بعباده ، فأبقى لهم النبوّة العامة ) ، أعني الإنباء عن الله تعالى بصفاته وأسمائه وأفعاله وأحكامها وخواصّها من الحكم النظرية (التي لا تشريع فيها ، وأبقى لهم التشريع في الاجتهاد في ثبوت الأحكام ، وأبقى لهم الوراثة في التشريع ، فقال: « العلماء ورثة الأنبياء » ) وقد اعتبر العلماء هاهنا على العرف المعروف للعامّة حيث خصّص الوراثة بالتشريع وما عمّها لها وللإنباء .
ويمكن أن يقال : الميراث إنما يطلق على ما تخلَّف عن الميّت مما اختصّ به ملكا له دون غيره ، وإذ كان الإنباء ليس كذلك ما أدخله فيه وإليه أشار بقوله : ( وما ثمّ ميراث في ذلك إلا فيما اجتهدوا فيه فشرّعوه) فإن الأنباء الحكميّة والحقائق الإلهية لا يطلق عليها الميراث ، حيث أنّ صاحبها وخاتمها بعد ما مات عنها .

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (واعلم أنّ الولاية هي الفلك المحيط العامّ ، ولهذا لم تنقطع ، وله الإنباء العامّ . وأمّا نبوّة التّشريع والرّسالة فمنقطعة ، وفي محمّد صلى اللّه عليه وسلم قد انقطعت ، فلا نبيّ بعده مشرّعا أو مشرعا له ولا رسول وهو المشرّع .
وهذا الحديث قصم ظهور أولياء اللّه لأنّه يتضمّن انقطاع ذوق العبوديّة الكاملة التّامّة فلا ينطلق عليه اسمها الخاصّ بها فإنّ العبد يريد أن لا يشارك سيّده - وهو اللّه - في اسم ؛ واللّه لم يتسمّ بنبيّ ولا رسول ، وتسمّى بالوليّ واتّصف بهذا الاسم فقال :اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا[ البقرة : 258 ] وقال :وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ[ الشورى : 28 ] وهذا الاسم باق جار على عباد اللّه دنيا وآخرة . فلم يبق اسم يختصّ به العبد دون الحقّ بانقطاع النّبوّة والرّسالة .
إلّا أنّ اللّه لطيف بعباده فأبقى لهم النّبوّة العامّة الّتي لا تشريع فيها ، وأبقى لهم التّشريع في الاجتهاد في ثبوت الأحكام . وأبقى لهم الوراثة في التّشريع فقال : « العلماء ورثة الأنبياء » وما ثمّة ميراث في ذلك إلّا فيما اجتهدوا فيه من الأحكام فشرعوه . )

قال رضي الله عنه : ( واعلم أنّ الولاية هي الفلك المحيط العامّ ، ولهذا لم تنقطع ، وله الإنباء العامّ .)

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( واعلم أن الولاية ) التي هي عبارة عن الفناء في الحق سبحانه والبقاء به ( هي الفلك ) ، أي المعنى الكلي ( المحيط ) بكل نبي وولي ورسول ( العام ) لكلتا النشأتين :
الدنيوية والأخروية الشامل لجميع أحيائها ( ولهذا ) ، أي لإحاطتها وعمومها ( لم تنقطع ) في هذه النشأة أصلا بأن تكون هذه النشأة باقية وهي منقطعة فإن عند انقطاعها عن هذه النشأة ينتقل الأمر إلى الآخرة ( ولها ) ، أي للولاية ( الإنباء العام ) الذي يتحقق مع النبوة وبدونها لأن الولي هو الذي فني في الحق سبحانه ، عند هذا الفناء يطلع على المعارف والحقائق بشيء عنها عند بقائه باللّه .

قال الشيخ رضي الله عنه :  (وأمّا نبوّة التّشريع والرّسالة فمنقطعة ، وفي محمّد صلى اللّه عليه وسلم قد انقطعت ، فلا نبيّ بعده مشرّعا أو مشرّعا له ولا رسول وهو المشرّع .  وهذا الحديث قصم ظهور أولياء اللّه لأنّه يتضمّن انقطاع ذوق العبوديّة الكاملة التّامّة فلا ينطلق عليه اسمها الخاصّ بها فإنّ العبد يريد أن لا يشارك سيّده - وهو اللّه - في اسم ؛ واللّه لم يتسمّ بنبيّ ولا رسول ، وتسمّى بالوليّ واتّصف بهذا الاسم فقال :"اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا" [ البقرة : 258 ] وقال :وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ[ الشورى : 28 ] وهذا)

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما نبوة التشريع ) التي هي خصوص مرتبة من الإنباء العام ( والرسالة ) التي هي خصوص مرتبة في النبوّة ( فمنقطعة ) ، أي كل واحدةمنهما منقطعة في هذه النشأة لا تستوعب جميع أحيانها فلا يبعث رسول ولا نبي آخر ولا يتعدى إلى النشأة الأخرى أيضا ، فلا يبعث فيها الأنبياء المشرعون كل واحد من النبوة والرسالة ( وفي ) نبينا ( محمد صلى اللّه عليه وسلم قد انقطعت ) كما قال صلى اللّه عليه وسلم : « لا نبي بعدي »  . رواه البخاري ومسلم

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فلا نبي بعده مشرعا ) ، أي آتيا بالأحكام الشرعية من غير متابعة لنبي آخر قبله كموسى وعيسى ومحمد عليهم الصلاة والسلام ( أو مشرعا له ) ، أي متبعا لما شرعه النبي صلى اللّه عليه وسلم المتقدم كأنبياء بني إسرائيل إذ كلهم كانوا داعين إلى شريعة موسى عليه السلام ( ولا رسول وهو ) ، أي الرسول هو ( المشرع ) ، أي الآتي بشريعة من غير تبعية لنبي آخر.
 
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وهذا الحديث ) المنبىء عن انقطاع النبوة بعد نبينا صلى اللّه عليه وسلم ( قصم ظهور أولياء اللّه ) الظاهرين في هذه الأمة ( لأنه ) ، أي ذلك الحديث ( يتضمن ) ويستدعي ( انقطاع ذوق العبودية الكاملة التامة ) التي لا يشوبها ربوبية فإنه لا يكون هذا الذوق إلا في مقام النبوّة بانقطاعها ينقطع ( فلا ينطلق عليه ) ، أي على الولي ( اسمها ) ، أي اسم العبودية ( الخاص بها ) الغير المنطلق على اللّه سبحانه وذلك يوجب قسم ظهورهم.

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فإن العبد ) المترقي في درجات الولاية ( يريد أن ) يذوق العبودية الكاملة ( لا يشارك سيده وهو اللّه سبحانه ) في هذا المقام ( في اسم ) فيكون عبدا محضا ( واللّه لم يتسم ) في مرتبة الجمع ( بنبي ولا رسول ويسمى بالولي واتصف بهذا الاسم ) ، فيشارك العبد فيه فلا يكون من الأسماء الخاصة بالعبد .
واستدل على تسميته سبحانه بهذا الاسم بقوله : ( فقال تعالى :" اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا" [ البقرة : 257 ] وقال تعالى ) أيضا (وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ) [ الشورى : 28 ] ، فهو للّه سبحانه بالأصالة كسائر الأسماء ولعبيده تحققا خلقا أو تعلقا .

قال رضي الله عنه :  (الاسم باق جار على عباد اللّه دنيا وآخرة . فلم يبق اسم يختصّ به العبد دون الحقّ بانقطاع النّبوّة والرّسالة
.  إلّا أنّ اللّه لطيف بعباده فأبقى لهم النّبوّة العامّة الّتي لا تشريع فيها ، وأبقى لهم التّشريع في الاجتهاد في ثبوت الأحكام . وأبقى لهم الوراثة في التّشريع فقال :  « العلماء ورثة الأنبياء » وما ثمّة ميراث في ذلك إلّا فيما اجتهدوا فيه من الأحكام فشرعوه .)

قال رضي الله عنه :  ( وهذا الاسم باق جار على عباد اللّه دنيا وآخرة ) ، فهو مشترك بين الحق سبحانه وبين عبيده (فلم يبق ) للعبد ( اسم يختص به العبد ) بحسب مرتبته الكمالية بحيث يطلق عليه ( دون الحق بانقطاع النبوة والرسالة ) فإنهما إذا انقطعتا لم يتسم العبد بالنبي والرسول فلا يكون له اسم خاص به ، ولما ذكر رضي اللّه عنه أن النبوّة التشريعية قد انقطعت بعد نبينا صلى اللّه عليه وسلم أراد أن ينبه أن المنقطعة ما يكون بغير اجتهاد وما يكون بالاجتهاد يدوم بدوام هذه النشأة ، وإن انقطعت في النشأة الأخروية .

فقال رضي الله عنه  : ( إلا أن اللّه سبحانه لطف بعباده فأبقى لهم النبوة العامة ، التي ) هي الإنباء عن المعارف والأحكام الإلهية ( لا تشريع فيها ) من غير اجتهاد ( وأبقى لهم ) ، أي لعباده ( التشريع ) الواقع ( في ضمن الاجتهاد في ثبوت الأحكام وأبقى لهم الوراثة في التشريع فقال ) على لسان نبيه صلى اللّه عليه وسلم ( « العلماء ورثة الأنبياء »  وما ثم ميراث في ذلك ) التشريع ( إلا فيما اجتهدوا فيه من الأحكام فشرعوه ) . رواه أبو داود ورواه الترمذي ورواه غيرهما .

أي إلا في الأحكام اجتهدوا فيها واستنبطوها من مأخذها من الكتاب والسنة فشرعوها بطريق الاجتهاد ( فإذا رأيت النبي يتكلم بكلام خارج عن التشريع ) ، كقوله عليه السلام : « لو دليتم بحبل لهبط على اللّه » . رواه الترمذي

وكحديث قرب النوافل وقرب الفرائض وغير ذلك مما يتعلق بكشف الحقائق الإلهية والأسرار الربانية ( فمن حيث هو ولي عارف ) . رواه الترمذي
أي فذلك النبي من حيث هو ولي وعارف باللّه معرفة ذوق وشهود يتكلم به لا من حيث هو نبي ورسول ، فالولاية جهة حقانية والنبوة جهة خلقية .
  
واتساب

No comments:

Post a Comment