Tuesday, November 5, 2019

السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة السادسة .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة السادسة .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة السادسة .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي



 موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي  الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

13 - The Wisdom of Mastery in the Word of Lot

 الفقرة السادسة:
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فتسمية ذلك نزاعا إنما هو أمر عرضي أظهره الحجاب الذي على أعين الناس كما قال الله فيهم «ولكن أكثر الناس لا يعلمون: يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون»: وهو من القلوب فإنه من قولهم «قلوبنا غلف».
أي في غلاف وهو الكن الذي ستره عن إدراك الأمر على ما هو عليه. فهذا وأمثاله يمنع العارف من التصرف في العالم .
قال الشيخ أبو عبد الله بن قايد للشيخ أبي السعود بن الشبل لم لا تتصرف؟
فقال أبو السعود تركت الحق يتصرف لي كما يشاء: يريد قوله تعالى آمرا «فاتخذه وكيلا» فالوكيل هو المتصرف ولا سيما وقد سمع الله تعالى يقول: «وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه».
قال رضي الله عنه :  ( فتسمية ذلك نزاعا إنّما هو أمر عرضيّ أظهره الحجاب الّذي على أعين النّاس كما قال اللّه تعالى فيهم :" وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ( 7 )" [ الروم 6 - 7 ] وهو من المقلوب فإنّه من قولهم قُلُوبُنا غُلْفٌ [النساء : 155] أي في غلاف وهو الكنّ الّذي ستره عن إدراك الأمر على ما هو عليه .
فهذا وأمثاله يمنع العارف من التّصرّف في العالم .  قال الشّيخ أبو عبد اللّه بن قائد للشّيخ أبي السّعود بن الشّبل:  لم لا تتصرّف ؟  فقال أبو السّعود : تركت الحقّ يتصرّف لي كما يشاء : يريد قوله تعالى آمرا : "فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا" [ المزمل : 9 ] فالوكيل هو المتصرّف .  ولا سيّما وقد سمع اللّه يقول :" وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ "[ الحديد: 7]. فعلم أبو السّعود والعارفون أنّ الأمر الّذي بيده ليس له وأنّه مستخلف فيه) .
قال رضي الله عنه :  (فتسميته ذلك) الواقع منه (نزاعا) في أمر الدنيا والدين ، وتسميته ظلما للعارف أو أذية له أو غير ذلك (إنما هو) عند العارف في بصيرته (أمر عرض) للغافلين من الغفلة عما يشهده العارف (أظهره) ، أي أظهر ذلك الأمر (الحجاب الذي على أعين الناس) وهو شهودهم أنفسهم دون من هم قائمون به كما قال اللّه تعالى فيهم ، أي في حق المحجوبين من الناس ("وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ") [ الأعراف : 187 ] ، أي ما الأمر الإلهي على ما هو عليه في نفسه ثم قال تعالى :  ("يَعْلَمُونَ ظاهِراً") [ الروم : 7 ] ، أي ما هو الظاهر (مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا ) التي هم مفتونون بها (وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ) التي هي باطن ذلك الظاهر(هُمْ غافِلُونَ) لا ينتبهون لذلك (وهو) ، أي ذلك الحجاب الذي على أعين الناس أصله (من المقلوب) كما قال تعالى : " فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُور"ِ[ الحج : 46 ].
( فإنه) ، أي ذلك الحجاب (من قولهم : " قُلُوبُنا غُلْفٌ" [ البقرة : 88 ] ، أي في غلاف وهو) ، أي الغلاف (الكنّ الذي ستره) ، أي القلب (عن إدراك الأمر) الإلهي على ما هو عليه في نفسه .
قال رضي الله عنه :  (فهذا) الوجه المذكور (وأمثاله) من الوجوه أيضا إذ لا حصر للأسباب (يمنع العارف) باللّه تعالى مع كمال استعداده من التصرف في العالم ونفوذ همته وتأثيره بالتوجه فيما يريد (قال الشيخ) الإمام (أبو عبد اللّه بن قايد للشيخ) العارف الكامل (أبي السعود بن الشبلي) وكلاهما من تلامذة الشيخ عبد القادر الكيلاني رضي اللّه عنهم (لم لا تتصرف) بهمتك في المخلوقات (فقال له) الشيخ (أبو السعود) المذكور (تركت الحق) سبحانه (يتصرف لي كما يشاء) هو سبحانه فيما يشاء (يريد) أبو السعود بقوله ذلك (قوله تعالى) حال كونه (آمرا) نبيه الفرد الكامل صلى اللّه عليه وسلم الذي قيل فيه "ولَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ" [ الأحزاب : 21 ] (فاتخذه) ، أي ربك تعالى : ("وَكِيلًا") [ المزمل : 9 ] يتصرف عنك في جميع أمورك ظاهرا وباطنا .
قال رضي الله عنه :  (فالوكيل هو المتصرف) دون الموكل (ولا سيما) ، أي خصوصا (وقد سمع) ، أي أبو السعود المذكور (اللّه) تعالى يقول :  ("وَأَنْفِقُوا")  يا أيها الناس ("مِمَّا")، أي من الأمر الذي ("جَعَلَكُمْ") اللّه تعالى ("مُسْتَخْلَفِين") َبصيغة اسم المفعول عنه تعالى ("فِيهِ") [ الحديد : 7 ] من جميع الأمور والأحوال في الظاهر والباطن .

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فتسمية ذلك نزاعا إنما هو أمر عرضي أظهره الحجاب الذي على أعين الناس كما قال الله فيهم «ولكن أكثر الناس لا يعلمون: يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون»: وهو من القلوب فإنه من قولهم «قلوبنا غلف».
أي في غلاف وهو الكن الذي ستره عن إدراك الأمر على ما هو عليه. فهذا وأمثاله يمنع العارف من التصرف في العالم .
قال الشيخ أبو عبد الله بن قايد للشيخ أبي السعود بن الشبل لم لا تتصرف؟
فقال أبو السعود تركت الحق يتصرف لي كما يشاء: يريد قوله تعالى آمرا «فاتخذه وكيلا» فالوكيل هو المتصرف ولا سيما وقد سمع الله تعالى يقول: «وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه».
قال رضي الله عنه :  ( فتسمية ذلك نزاعا ) مطلقا وإنما قلنا : مطلقا فإن أهل اللّه يسمى نزاعا بحسب الأمر التكليفي ولا يسمى نزاعا بحسب الأمر الإرادي وأما أهل الحجاب فيسمون نزاعا مطلقا ( إنما هو ) عائد إلى التسمية باعتبار النزاع ( أمر عرضي أظهره الحجاب الذي على أعين الناس ) المانع للاطلاع على سر القدر فإنهم لعدم وقوفهم بسر القدر يزعمون أن الناس كلهم قابل للهداية واتباع الرسل عليهم السلام فيما جاءوا بهم وما يعلمون أن كلا موافق لطريقته التي عينت لهم في الأزل من عند اللّه بحسب اقتضاء عينهم الثابتة في العلم لذلك يسمون عدم اتباع الكفار نزاعا ومخالفة مطلقا فلو علموا ما علم أهل الكشف ما كانوا يسمونه نزاعا مطلقا بل يسمونه نزاعا من وجه واتباعا من وجه.
( كما قال اللّه تعالى فيهم ) أي في حق أهل الحجاب (" ووَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ") [ الأعراف : 187 ] . سر القدر
قال رضي الله عنه :   ( يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا )أي ما ظهر في نشأتهم الدنيوية ( وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ )أي عن النشأة الأخروية التي يظهر عندها سر القدر( هُمْ غافِلُونَ )وهم الذين قلوبهم في غلاف ( وهو ) الغافل ( من ) باب ( المقلوب فإنه ) أي الغافل مأخوذ ( من قولهم :"قُلُوبُنا غُلْفٌ" أي
في غلاف )
فقلب اللام والفاء بالقلب المكاني فكان أصل غافلون غافلون أي غالفون قلوبهم في غلاف الحجاب ( وهو ) أي الغلاف ( لكن الذي يستره ) أي يستر القلب ( عن إدراك الأمر على ما هو عليه ) وهذا الكن هو الذي ذكر الحق في قوله تعالى :" إِنَّا جَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً " [ الكهف : 57 ] . ( فهذا ) أي التحقيق بمقام العبودية والنظر إلى أصل الخلقة والاطلاع على أحدية التصرف والمتصرف فيه .
قال رضي الله عنه :  ( وأمثاله يمنع العارف من التصرف بالهمة في العالم ويدل عليه ما قال الشيخ أبو عبد اللّه محمد بن قائد للشيخ أبي السعود بن الشبلي لم لا تتصرف فقال أبو السعود تركت الحق يتصرف لي كما يشاء يريد قوله تعالى آمرا :فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا فالوكيل هو المتصرف )
فاتخذ أبو السعود الحق وكيلا يتصرف ( ولا سيما وقد سمع ) أبو السعود أن ( اللّه يقول وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه)  بالعلم الشهودي .

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فتسمية ذلك نزاعا إنما هو أمر عرضي أظهره الحجاب الذي على أعين الناس كما قال الله فيهم «ولكن أكثر الناس لا يعلمون: يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون»: وهو من القلوب فإنه من قولهم «قلوبنا غلف».
أي في غلاف وهو الكن الذي ستره عن إدراك الأمر على ما هو عليه. فهذا وأمثاله يمنع العارف من التصرف في العالم .
قال الشيخ أبو عبد الله بن قايد للشيخ أبي السعود بن الشبل لم لا تتصرف؟
فقال أبو السعود تركت الحق يتصرف لي كما يشاء: يريد قوله تعالى آمرا «فاتخذه وكيلا» فالوكيل هو المتصرف ولا سيما وقد سمع الله تعالى يقول: «وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه».
قال رضي الله عنه :  ( فتسمية ذلك نزاعا إنما هو أمر عرضي أظهره الحجاب الذي على أعين الناس كما قال الله فيهم «ولكن أكثر الناس لا يعلمون: يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون»: وهو من القلوب فإنه من قولهم «قلوبنا غلف». أي في غلاف وهو الكن الذي ستره عن إدراك الأمر على ما هو عليه. فهذا وأمثاله يمنع العارف من التصرف في العالم . قال الشيخ أبو عبد الله بن قايد للشيخ أبي السعود بن الشبل لم لا تتصرف؟ فقال أبو السعود تركت الحق يتصرف لي كما يشاء: يريد قوله تعالى آمرا «فاتخذه وكيلا» فالوكيل هو لمتصرف ولا سيما وقد سمع الله تعالى يقول: «وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه».
النص واضح .


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فتسمية ذلك نزاعا إنما هو أمر عرضي أظهره الحجاب الذي على أعين الناس كما قال الله فيهم «ولكن أكثر الناس لا يعلمون: يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون»: وهو من القلوب فإنه من قولهم «قلوبنا غلف».
أي في غلاف وهو الكن الذي ستره عن إدراك الأمر على ما هو عليه. فهذا وأمثاله يمنع العارف من التصرف في العالم .
قال الشيخ أبو عبد الله بن قايد للشيخ أبي السعود بن الشبل لم لا تتصرف؟
فقال أبو السعود تركت الحق يتصرف لي كما يشاء: يريد قوله تعالى آمرا «فاتخذه وكيلا» فالوكيل هو المتصرف ولا سيما وقد سمع الله تعالى يقول: «وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه».
قال رضي الله عنه : (فتسميته لذلك نزاعا إنّما هو أمر عرضي أظهره الحجاب على أعين الناس . كما قال الله تعالى عنهم :  " وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ . يَعْلَمُونَ ظاهِراً من الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ عَنِ الآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ" . وهو من المقلوب ، فإنّه من قولهم : " قُلُوبُنا غُلْفٌ " ي في غلاف ، وهو الكنّ الذي ستره عن إدراك الأمر على ما هو عليه . فهذا وأمثاله يمنع العارف من التصرّف في العالم .)
قال العبد : هذا ظاهر جليّ ، ولكن هاهنا بحث لطيف دقيق ، لعمر الله فيه تحقيق ، وهو أنّ شهود أحدية التصرّف والمتصرّف والمتصرّف فيه ، كما يوجب التوقّف عن التصرّف ، فكذلك يقتضي بالتصرّف ، فإنّ التصرّف من حيث وقع وممّن كان ، فليس إلَّا للحق ، فلو تصرّف العارف بأحدية عين المتصرّف والمتصرّف فيه بكلّ ما تصرّف في الأكوان .
فليس ذلك التصرّف إلَّا للحق ومن الحق ، ولا سيّما وأحدية العين توجب أن يكون لحقيقة العبد كلّ ما لحقيقة الربّ من التصرّف والتأثير ، وإلَّا يلزم أن يكون ناقص الاستعداد والقابلية في المظهرية الكاملة الجامعة الكليّة الإلهية ، حيث لم يتحقّق بكمال ظهور الربوبية والإلهية بالتأثير والتصرّف من حقيقته ، والحقيقة الكمالية الإنسانية الإلهية ، لها كلّ ما للحق من الحقائق ، وكلّ ما للعبد من العبدانية الإمكانية الكيانية أيضا كذلك على الوجه الأكمل ، ولها أيضا الجمع وأحدية الجمع وغيرها .

وإنّما منع العارف الكامل عن التصرّف ما ذكرنا أوّلا من وجوب ظهور العبد بعبدانيته تحقيقا ، وردّ أمانة الربوبية العرضية إلى الله تأدّبا .
فإنّ ذلك له تعالى بالفعل ، وللعبد الظهور بالعبودية ، وأتى بالفعل ، وذلك بالقوّة ، وعرضيّ ، فإنّ ظهور التصرّف عن هذا العبد الكامل فليس ذلك بتسلَّط الهمّة ، بل تجلَّى من عين الحقيقة من غير إخلال بمقام العبودية ، ولكنّ التصدّي لذلك والظهور به خلاف التحقيق .

والموجب لتوقّف العبد الكامل العارف عن التصدّي للتصرّف والتسخير بإرسال الهمّة وتسليطها هو أنّ الكامل مستفرغ بكليّته لله وشهوده من حيث إطلاقه الحقيقي الذاتي ، فلا التفات له إلى تسليط الهمّة الكلَّية إلى الكوائن الجزئية بالتوجّه الكلَّي وجمع الخاطر ، فلا يجتمع الإنسان في نفسه لهمّته إلَّا للتوجّه الأحدي الجمعي الكمالي إلى الله الواحد الأحد ، وأن تتقيّد الهمّة المطلقة عن كل قيد ، المتعلَّقة أبدا بالذات المطلقة بمثل ذلك ، كما أشار إليه - رضي الله عنه - بقوله : « فأمثاله » فافهم .
ولكن للحق ظهور بجميع التصرّفات الإلهية والتأثيرات الربّانية ، من عين العبد الكامل من غير تقييد منه بذلك ولا إرسال همّة ولا تسليط نفس ، وهو مشهود موجود ، ولله الحمد ، فتحقّق يا أخي بكلّ هذه الحقائق ، فإنّها غاية في المعرفة بالله " وَالله يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ ".

قال رضي الله عنه : ( قال الشيخ أبو عبد الله محمد بن قائد للشيخ أبي السعود بن الشبل : لم لا تتصرّف ؟ فقال أبو السعود : تركت الحق يتصرّف لي كما يشاء . يريد قوله تعالى آمرا : " فَاتَّخِذْه ُ وَكِيلًا " ، فالوكيل هو المتصرّف ولا سيّما وقد سمع الله يقول : " وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيه ِ" فعلم أبو السعود والعارفون أنّ الأمر الذي بيده ليس له ،وأنّه مستخلف فيه.)
قال العبد : نقصان معرفة المتصرّف المخيّر قد يكون من حيث عدم العلم بأنّ حقيقة الفعل والتأثير والتصرّف من خصوص الحضرة اللاهوتية ، وأنّها ذاتية لحقيقة الله ، عرضية في العبد ، وأنّ الوقوف مع العبودية للعبد أولى ، لكون العبودة ذاتية له ، وأنّ الظهور بالذاتيات أعلى وأشرف من الظهور بالربوبية العرضية .

وقد يكون من حيث عدم التأدّب مع المرتبة الإلهية ، وأنّ استخلاف الله فيما خلَّف فيه ، واتّخاذه وكيلا كلَّيا أعلى مقام المعرفة والتحقيق ، ولهذا كمل الرسل والورثة بحكم ما يوحى إليهم ، فإن أوحي إليهم بالتصرّف ، كانوا مأمورين بذلك ، فتصرّفوا كتصرّفهم في قومهم بالهلاك والنجاة . وإن أوحي إليهم بالامتناع تأدّبوا ووقفوا أدبا .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فتسمية ذلك نزاعا إنما هو أمر عرضي أظهره الحجاب الذي على أعين الناس كما قال الله فيهم «ولكن أكثر الناس لا يعلمون: يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون»: وهو من القلوب فإنه من قولهم «قلوبنا غلف».
أي في غلاف وهو الكن الذي ستره عن إدراك الأمر على ما هو عليه. فهذا وأمثاله يمنع العارف من التصرف في العالم .
قال الشيخ أبو عبد الله بن قايد للشيخ أبي السعود بن الشبل لم لا تتصرف؟
فقال أبو السعود تركت الحق يتصرف لي كما يشاء: يريد قوله تعالى آمرا «فاتخذه وكيلا» فالوكيل هو المتصرف ولا سيما وقد سمع الله تعالى يقول: «وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه».

قال رضي الله عنه :  (فتسمية ذلك نزاعا إنما هو أمر عرضى أظهره الحجاب الذي على أعين الناس . كما قال الله تعالى : " ولكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ - يَعْلَمُونَ ظاهِراً من الْحَياةِ الدُّنْيا وهُمْ عَنِ الآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ ").
 يعنى أن العارف في هذه الشهود وهو شهود أحدية العين مطلع على سر القدر يرى أن المنازع على صراط ربه ما عدل على علم الله منه وعما اقتضاه علمه في حال ثبوتها ، فليس هو نزاع في الحقيقة بل هو فيما يفعله كهذا العارف فيما يفعله ، والحجاب الحاجب للناس عن اطلاعهم على حقيقة الأمر اقتضى أن يسمى ذلك نزاعا لما بينهما من الخلاف .
"" أضافة بالي زادة :  (فتسمية ذلك نزاعا ) مطلقا ، وإنما قلنا مطلقا لأن أهل الله سموه نزاعا بحسب الأمر التكليفي ، ولا يسمى نزاعا بحسب الأمر الإرادى ، وأما أهل الحجاب فيسمون نزاعا مطلقا .اهـ بالي زادة. ""

قال رضي الله عنه :  ( وهو من المقلوب ، فإنه من قولهم : " قُلُوبُنا غُلْفٌ "  أي في غلاف وهو الكنّ الذي يستره عن إدراك الأمر على ما هو عليه ، فهذا وأمثاله يمنع العارف من التصرف في العالم ) .
وهو أي كونه نزاعا من باب المقلوب الذي قلبه أصحاب الحجاب من حقيقته لأنه وفاق لما كان عليه عينه في حال الثبوت ، ولكن لما كانت قلوبهم في أكنة عما عليه الأمر في نفسه حسبوا أن الحق الثابت في نفس الأمر خلافه فسموه بالنسبة إليه نزاعا وليس به في نفس الأمر .
فلما كان العارف يرى ذلك وفاقا لما في علم الله ولما في عينه منعه من التصرف في العالم بدفعه وقهره وإهلاكه .

"" أضافة بالي زادة :  ( أظهره الحجاب ) المانع للاطلاع على سر القدر ويزعمون أن الناس كلهم قابل الهداية واتباع الرسل ، وما علموا أن كلا موافق لطريقه في الأزل باقتضاء أعيانهم الثابتة في العلم ، لذلك يسمون عدم الطاعة في الظاهر نزاعا ومخالفة مطلقا ، ولو علموا الأمر لسموا نزاعا من وجه واتباعا من وجه فقلب اللام والفاء بالقلب المكان ، فكان أصل غافلون غالفون أي غالفون قلوبهم في غلاف الحجاب ، وهو الكن الذي يستره أي يستر القلب ، لقوله تعالى : "وجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً " - ( فهذا ) أي التحقق بمقام العبودية والنظر إلى أصل الخلقة والاطلاع على أحدية المتصرف والمتصرف فيه وأمثاله ( يمنع العارف من التصرف ) بالهمة ( في العالم ) اهـ بالى . ""

 قال رضي الله عنه :  (قال الشيخ أبو عبد الله بن القائد للشيخ أبى السعود بن الشبلي : لم لا تتصرف ؟  فقال أبو السعود : تركت الحق يتصرف لي كما يشاء . يريد قوله تعالى آمرا : " فَاتَّخِذْه وَكِيلًا " - فالوكيل هو المتصرف ولا سيما وقد سمع أن الله يقول : " وأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيه " .)
هذا كله غنى عن الشرح .

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فتسمية ذلك نزاعا إنما هو أمر عرضي أظهره الحجاب الذي على أعين الناس كما قال الله فيهم «ولكن أكثر الناس لا يعلمون: يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون»: وهو من القلوب فإنه من قولهم «قلوبنا غلف».
أي في غلاف وهو الكن الذي ستره عن إدراك الأمر على ما هو عليه. فهذا وأمثاله يمنع العارف من التصرف في العالم .
قال الشيخ أبو عبد الله بن قايد للشيخ أبي السعود بن الشبل لم لا تتصرف؟
فقال أبو السعود تركت الحق يتصرف لي كما يشاء: يريد قوله تعالى آمرا «فاتخذه وكيلا» فالوكيل هو المتصرف ولا سيما وقد سمع الله تعالى يقول: «وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه».)
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فتسمية ذلك نزاعا ) أي ، ب‍ ( النزاع ) . ( إنما هو أمر عرضي ، أظهره الحجاب الذي على أعين الناس ، كما قال الله تعالى فيهم : " ولكن أكثر الناس لا يعلمون،  يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون " . )
ضمير ( إنما هو ) عائد إلى ( التسمية ) . ذكره باعتبار ( القول ) ، أو تغليبا للخبر . ومعناه : فتسمية ما عليه المنازع من الطريق الخاص به ( نزاعا ) ، إنما هو أمر عرضي ، حصل
للمحجوبين بواسطة الحجاب الذي على أعينهم من سر القدر . فإنهم يتوقعون من جميع الخلائق الاهتداء والرشد لما جاء به الأنبياء ، عليه السلام ، وما يعلمون أن كل عين لا تقبل إلا ما يعطيه الاسم الحاكم عليه من الله ، وكل موافق لطريقه .
ولو كانوا يعلمون ذلك ، ما كانوا يسمونه منازعا مطلقا ، بل موافقا .
لذلك قال تعالى في حقهم : " ولكن أكثر الناس لا يعلمون " . أي ، سر القدر .
" يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون " .  أي ، يعلمون ما ظهر لهم من النشأة الدنياوية ، وهم عن النشأة الأخراوية التي عندها يظهر سر القدر ، غافلون
.
واعلم ، أن ما زعم المحجوب ، أيضا حق واقع . فإن للأسماء مقتضيات متوافقة ومتخالفة : 
الأول ، ك‍ ( الرحيم ) و ( الكريم )
والثاني ، ك‍ ( الرحيم ) و ( المنتقم )
فإذا اعتبر مقتضى كل اسم بحسبه ، أو بحسب الاسم الموافق له ، كانت عينه موافقة لطريقها ، كما مر من أن كل واحد من الأعيان على طريق مستقيم وهو عند ربه مرضى .
وإذا اعتبر بحسب اسم آخر مخالف له ، كانت عينه مخالفة ، فالتخالف والتضاد بين الأسماء والأعيان واقع .
والأنبياء ، عليه السلام ، أمروا بالدعوة ، علموا سر القدر ، أو لم يعلموا لمقاصد :
أحدها ، تميز أهل الدارين .
وثانيها ، إيصال كل بكمال ما يقتضى حقيقته .
وثالثها ، الحجة لهم وعليهم ، إذ الأنبياء ، عليه السلام ، حجج الله على خلقه .
كما قال تعالى : " وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا "
فتسمية المحجوب أو النبي أو الولي أو المكاشف لسر القدر ، ذلك ( نزاعا ) إنما هو بالنسبة إلى عدم قبوله الأمر الإلهي التكليفي ، ومنازعه ما يعطى حقيقته من الضلال لما تعطى حقيقة النبي من الهداية ، فوقع النزاع .
وإنما كان عرضيا ، لأنه بالنظر إلى الغير لا إلى ذاته
.
( وهو من المقلوب ، فإنه من قولهم : " قلوبنا غلف " . أي ، في غلاف ) ( هو ) يجوز أن يكون عائدا إلى ( النزاع ) المذكور .
أي ، النزاع المذكور ، مقلوب بالقلب المعنوي قلبه أهل الحجاب ، لكون قلوبهم في أكنة ، فإنه وفاق في نفس الأمر ، ولا يعلم الحق منه إلا كذلك ، وما يعطيه ربه الحاكم عليه إلا ذلك ، كما يعطى رب المحجوبين الوفاق نزاعا هذا وجه .
والأولى منه أن يكون الضمير عائدا إلى قوله : ( غافلون ) . أي ، ( الغافل ) مقلوب من ( الغلف ) ، فإنه من ( غفل ) ، المغلوب من غلف .
ويؤكده قوله
: ( فإنه من قولهم : " قلوبنا غلف . . " ) . أي ، مأخوذ من ( الغلف ) . وهذا أيضا تقرير سبب تسميتهم للوفاق نزاعا .
قال تعالى - حاكيا عن الكفار - وقالوا
: ( قلوبنا غلف ) . ( بل لعنهم الله بكفرهم ، فقليلا ما يؤمنون ) . أي ، قلوبنا في غلاف ، أي ، في حجاب . إذ لا شك أن الغافل إنما يغفل عن الشئ بواسطة الحجاب الذي يطرأ على قلبه . فالغافلون عن الآخرة هم الذين قلوبهم في غلاف وحجاب .
( وهو ( الكن ) الذي ستره عن إدراك الأمر على ما هو عليه . ) وهو ، أي الغلاف ، هو ( الكن ) المذكور في قوله تعالى : " إنا جعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه ، وفي آذانهم وقرا " . فهو الذي ستر القلب وحجبه عن إدراك الحقائق على ما هي عليه .
ولما كان قوله : ( وهو من المقلوب . ) اعتراضا وقع في أثناء تقريره :
أن المعرفة تمنع العارف من التصرف ، قال : ( فهذا ) أي ، هذا الذي ذكرناه .
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأمثاله يمنع العارف من التصرف في العالم . قال الشيخ أبو عبد الله بن قائد للشيخ أبى السعود بن الشبلي : لم لا تتصرف ؟ )
فقال أبو السعود : تركت الحق يتصرف لي كما يشاء . ويريد قوله تعالى آمرا : " فاتخذه وكيلا " . ف‍ ( الوكيل ) هو المتصرف . ولا سيما وقد سمع ) أي ، سمع أبو السعود .
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( أن الله يقول : " وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه ")

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ
:
 قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فتسمية ذلك نزاعا إنما هو أمر عرضي أظهره الحجاب الذي على أعين الناس كما قال الله فيهم «ولكن أكثر الناس لا يعلمون: يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون»: وهو من القلوب فإنه من قولهم «قلوبنا غلف».
أي في غلاف وهو الكن الذي ستره عن إدراك الأمر على ما هو عليه. فهذا وأمثاله يمنع العارف من التصرف في العالم .
قال الشيخ أبو عبد الله بن قايد للشيخ أبي السعود بن الشبل لم لا تتصرف؟
فقال أبو السعود تركت الحق يتصرف لي كما يشاء: يريد قوله تعالى آمرا «فاتخذه وكيلا» فالوكيل هو المتصرف ولا سيما وقد سمع الله تعالى يقول: «وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه». )
قال رضي الله عنه :  (فتسمية ذلك نزاعا إنّما هو أمر عرضيّ أظهره الحجاب الّذي على أعين النّاس كما قال اللّه تعالى فيهم :وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَيَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ [ الروم7:، 6 ] وهو من المقلوب فإنّه من قولهمقُلُوبُنا غُلْفٌ [النساء: 155] أي في غلاف وهو الكنّ الّذي ستره عن إدراك الأمر على ما هو عليه ، فهذا وأمثاله يمنع العارف من التّصرّف في العالم ) .
فلا ( فتسمية ) العارف ( ذلك نزاعا ) حتى يتصرف بالهمة إلى ترك النزاع ، لكون نظره إلى الحقائق دون العوارض ، فتسمية ذلك من العامة نزاعا ( أمر عرضي ) بالنظر إلى ما يعرض لهم من الأعراض ، والنظر إلى العوارض مانع عن رؤية الحقائق ؛ لأنه ( أظهره الحجاب الذي على أعين الناس ) من العامة وإن بلغ بعضهم بعض طبقات المعرفة بخلاف أهل المعرفة الكاملة .
( كما قال تعالى :وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ [ الروم : 6 ] ) وهم غير كمّل أهل المعرفة ( لا يَعْلَمُونَ ) الحقائق المكشوفة الخاصة أهل المعرفة في الدنيا ، وللكل في الآخرة وإن كانوا( يَعْلَمُونَ ظاهِراً [ الروم : 7 ] ) من دقائق حقائق الأشياء وخواصها لكونه ( مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا ) ،أي : مما يتم به أمر المعاش ، فإنه أمر ظاهر ، وإن احتاجوا فيه إلى تدقيق النظر بالنسبة إلى ما يظهر لأهل الآخرة من غوامض الحقائق ، وكيف يظهر للأكثر ذلك " وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ " لعدم التفاتهم إليها لكونها غيبا عليهم ، فصارت غفلتهم حجابا لهم عنها ،.
وكان لفظ الغفلة ( هو من القلوب ) من الغفلة التي هي الحجاب ، ( فإنه ) أي قوله "غافِلُونَ" كأنه مأخوذ بطريق القلب ( من قولهم قُلُوبُنا غُلْفٌ [ النساء : 155 ]

أي : في غلاف ) كأنها عين الغلاف ، وكيف لا يكون غلفا بمعنى في غلاف ، وهو أي الغلاف ( هو الكن ) المذكور في قولهم :قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ[ فصلت : 5 ] وكيف يكون الغلاف حجابا ، وهو بمعنى الكن ( الذي ستره ) أي : القلب وحجبه ( عن إدراك الأمر على ما هو عليه ) ، وإن أدرك بعض خواصه الدقيقة ، فمثل هذا المحجوب وأن صار عارفا ببعض الأمور يسميه نزاعا بالنظر إلى ما يعرض له من الأعراض ، فيتصرف بالهمة لرفع ذلك النزاع ، ولا يتأتى ذلك في العارف الكامل .
( وهذا وأمثاله يمنع العارف ) الكامل ( من التصرف ) بالهمة المؤثرة ( في العالم ) ، وإن وجدت فيه هذه الهمة بحيث يمكنه التصرف بها في جميع العالم .

قال رضي الله عنه :  ( قال الشّيخ أبو عبد اللّه بن قائد للشّيخ أبي السّعود بن الشّبل : لم لا تتصرّف ؟  فقال أبو السّعود: تركت الحقّ يتصرّف لي كما يشاء. يريد قوله تعالى آمرا: "فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا" [ المزمل : 9 ] فالوكيل هو المتصرّف ، ولا سيّما وقد سمع اللّه يقول :وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ[ الحديد : 7 ])

ثم أورد مثالا لقوله وأمثاله فقال : ( قال الشيخ أبو عبد اللّه بن قائد للشيخ أبي السعود بن الشبل)
"" أضاف المحقق :  الشيخ أبو عبد اللّه بن قائد : عرف بابن قائد من قرية تسمى آونة من أعمال بغداد ، كان ذا معان تضاعف مددها ورتبة علا في أفق السلوك فرقدها .
وتربية نفذ سهمها في الأمصار ومواعظ لها في القلوب إجلال وإكبار ، وهو من أصحاب الإمام عبد القادر الجيلاني رضي اللّه عنه .
قال الشيخ ابن العربي رضي اللّه عنه : وكان ابن القائد هذا يقول فيه عبد القادر رضي اللّه عنه : معربد الحضرة ، وكان يشهد له العارف عبد القادر - الحاكم في هذه الطريقة المرجوع إليه في الرجال
- : أنه من المفردين ، وهم رجال خارجون عن دائرة القطب والخضر عليه السّلام منهم ونظيرهم من الملائكة الأرواح المهيمة في جلال اللّه وهم الكروبيون معتكفون في حضرة الحق سبحانه لا يعرفون سواه ، ليس لهم بذواتهم علم عند نفوسهم ، لهم مقام بين الصديقية والنبوة الشرعية . قال : هو مقام جليل جهله أكثر الناس من أهل طريقنا كأبي حامد رضي اللّه عنه وأمثاله فإن ذوقه عزيز . [ الكواكب الدرية 442 ] .
فهو من أتباع الشيخ عبد القادر الكيلاني قال عنه ابن العربي الطائي الحاتمي: حال الصدق يناقض مقامه ومقامه أعلى من حاله في الخصوص وحاله أشهد وأعلى في العموم.
وقال عنه السهروردي: كان أبو السعود من أرباب الأحول السنية والواقفين مع فعل الله في حاله تاركا الأختيار، سبق كثير من المتقدمين في تحقيق ترك الاختيار، شاهدنا منه أحوالا صحيحة عن قوة وتمكين.
ومن كراماته إنه قال: كنت بشاطئ دجلة بغداد فخطر في نفسي هل لله عباد يعبدونه في الماء فما تم الخاطر إلا بالنهر قد أنفلق عن رجل فسلم علي وقال:
نعم يا أبا السعود لله عبادا يعبدون في الماء وأنا منهم أنا رجل من تكريت خرجت منها لأنه بعد كذا كذا يوما يقع كذا كذا فيها فذكر أمور تحدث ثم غاب فما أنقضت خمسة عشر يوما حتى وقع ذلك.
الشيخ أبي السعود بن الشبل : العارف الأفخم والصوفي الأعظم ، إمام كملت باللّه أدواته ، وصفت في مشاهد الحق ذاته ، وعرفت العارف الأفخم والصوفي الأعظم ، إمام كملت باللّه أدواته ، وصفت في مشاهد الحق ذاته ، وعرفت
 في مسالك العرفان خلواته وجلواته ، أجل أتباع الشيخ العارف باللّه عبد القادر الجيلاني رضي اللّه عنه الذي قال في حقه العارف ابن عربي رضي اللّه عنه : إنه أعلى مقاما من شيخه - كما سيجيء عنه في ترجمته - وقال في موضع آخر من الفتوحات : كان إمام وقته في الطريق . [ الكواكب 404 ]  "".
 : ثم ( لم تتصرف ) أي : بالهمة المؤثرة أو بغيرها مع أنك أعطيت التصرف كما يأتي التصريح به .
( فقال أبو السعود : تركت الحق يتصرف لي ) وكيلا عني لكمال علمه ، وقدرته ، ورعايته مصالح من وكله بحسب سنته ، وإن لم يجب عليه بل ( كما يشاء ) ، فإن لم يكن شيء من ذلك ، فلابدّ من امتثال أمره ، ( يريد قوله تعالى أمرا ) لنبيه عليه السّلام مع كونه أعلم الخلق وأقواهم وكمال حاله الموجب وهب التصرف له ( " فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا " [ المزمل : 9 ] فإني أولى بذلك مع أنه يجب على متابعته صلّى اللّه عليه وسلّم ).
""  أضاف المحقق :  وذكر الشيخ اليافعي في خلاصة المفاخر : جاءوا جماعة من المشايخ عند شيخنا محيي الدين عبد القادر رضي اللّه عنه بمدرسته فقال : ليطلب كل واحد منكم حاجته أعطيها له .
فقال الشيخ أبو السعود : أريد ترك الاختيار. وقال الشيخ ابن قائد : أريد القوة على المجاهدة. ""

وإذا اتخذ الحق وكيلا ؛ ( فالوكيل هو المتصرف ) لامتناع اجتماع العلتين على معلول واحد ، فإن لم يكن فعل العبد علة فلا أقل من مشابهته إياها وكيف يكون للعبد التصرف ولا ملك له في التصرف فيه إلا بإذن المالك واستخلافه ، وإليه الإشارة بقوله : ( ولا سيما وقد سمع اللّه تعالى يقول :وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ [ الحديد : 7 ]

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فتسمية ذلك نزاعا إنما هو أمر عرضي أظهره الحجاب الذي على أعين الناس كما قال الله فيهم «ولكن أكثر الناس لا يعلمون: يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون»: وهو من القلوب فإنه من قولهم «قلوبنا غلف».
أي في غلاف وهو الكن الذي ستره عن إدراك الأمر على ما هو عليه. فهذا وأمثاله يمنع العارف من التصرف في العالم .
قال الشيخ أبو عبد الله بن قايد للشيخ أبي السعود بن الشبل لم لا تتصرف؟
فقال أبو السعود تركت الحق يتصرف لي كما يشاء: يريد قوله تعالى آمرا «فاتخذه وكيلا» فالوكيل هو المتصرف ولا سيما وقد سمع الله تعالى يقول: «وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه». )
قال رضي الله عنه :  ( فتسمية ذلك نزاعا إنّما هو أمر عرضى أظهره الحجاب الذي على أعين الناس ) ومداركهم الجزئيّة ، التي إنّما يدرك الأمور بالغواشي الخارجيّة والعوارض النسبيّة ، التي هي ذات التقابل والتعاند ضرورة ، ذاهلين عن المقاصد الكلَّية والأصول الجمليّة التي جمعت الكل تحت إحاطته آخرا ( كما قال الله تعالى فيهم : " وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ .  يَعْلَمُونَ ظاهِراً من الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ عَنِ الآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ " ) [ 30 / 7 - 6 ] .
"" أضاف المحقق : قال القيصري : " أي الغلاف هو الكنّ المذكور في قوله تعالى :" إِنَّا جَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوه ُ وَفي آذانِهِمْ وَقْراً " [ 18 / 57 ] فهو الذي ستر القلب وحجبه من إدراك الحقائق على ما هي عليه
" . ""

قال رضي الله عنه :  ( وهو ) - أي النزاع - على ما تصوّروه ( من المقلوب ، فإنّه ) وفاق في الحقيقة ، وهم قلَّبوه ، أو الغفلة التي لهم من باب المقلوب ، فإنّه ( من قوله :
" قُلُوبُنا غُلْفٌ"   [ 2 / 88 ] فإنّ « غفل » قلب « غلف » ( أي في غلاف ، وهو الكنّ الذي ستره عن إدراك الأمر على ما هو عليه ) .
( فهذا وأمثاله يمنع العارف من التصرّف في العالم ) .محاورة عارفين حول التصرّف بالهمّة
(قال الشيخ أبو عبد الله بن قائد للشيخ أبى السعود بن الشبل : لم لا تتصرّف » ؟ فقال أبو السعود : " تركت الحقّ يتصرّف بي  كما يشاء " .
"" أضاف المحقق : الشيخ أبو عبد الله بن قائد و الشيخ أبى السعود بن الشبل من أصحاب الشيخ عبد القادر الجيلاني القطب الشهير ومؤسس الطريقة القادرية . ""

(يريد قوله تعالى آمرا : " فَاتَّخِذْه ُ وَكِيلًا " [ 73 / 9 ] فالوكيل هو المتصرّف ، ولا سيّما
وقد سمع الله يقول : " وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيه ِ ") [ 57 / 7 ] .
ثمّ قال له الحقّ : " هذا الأمر الذي استخلفتك فيه وملَّكتك إيّاه ، اجعلني واتّخذنى وكيلا فيه " فامتثل أبو السعود أمر الله واتّخذه وكيلا ، فكيف يبقى لمن يشهد مثل هذا الأمر همّة يتصرّف بها ؟ ! والهمّة لا يفعل إلَّا بالجمعيّة التي لا متّسع لصاحبها إلى غير ما اجتمع عليه واهتمّ به ممّا يوجده أو يبقيه أو يعدمه.

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فتسمية ذلك نزاعا إنما هو أمر عرضي أظهره الحجاب الذي على أعين الناس كما قال الله فيهم «ولكن أكثر الناس لا يعلمون: يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون»: وهو من القلوب فإنه من قولهم «قلوبنا غلف».
أي في غلاف وهو الكن الذي ستره عن إدراك الأمر على ما هو عليه. فهذا وأمثاله يمنع العارف من التصرف في العالم .
قال الشيخ أبو عبد الله بن قايد للشيخ أبي السعود بن الشبل لم لا تتصرف؟
فقال أبو السعود تركت الحق يتصرف لي كما يشاء: يريد قوله تعالى آمرا «فاتخذه وكيلا» فالوكيل هو المتصرف ولا سيما وقد سمع الله تعالى يقول: «وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه». )

قال رضي الله عنه :  (فتسمية ذلك نزاعا إنّما هو أمر عرضيّ أظهره الحجاب الّذي على أعين النّاس كما قال اللّه تعالى فيهم :"وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ لدُّنْيا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ"[الروم 6 - 7 ] .  وهو من المقلوب فإنّه من قولهم" قُلُوبُنا غُلْفٌ" [ النساء : 155 ] أي في غلاف وهو الكنّ الّذي ستره عن إدراك الأمر على ما هو عليه السلام.
فهذا وأمثاله يمنع العارف من التّصرّف في العالم.  قال الشّيخ أبو عبد اللّه بن قائد للشّيخ أبي السّعود بن الشّبل : لم لا تتصرّف ؟ فقال أبو السّعود : تركت الحقّ يتصرّف لي كما يشاء : يريد قوله تعالى آمرا :فَاتَّخِذْهُ)
 
قال رضي الله عنه :  (فتسمية ذلك ) ، أي ذلك الأمر الظاهر على المنازع من المخالفة المسمى ( نزاعا إنما هو أمر عرضي ) نسبي تعرض أحوال المنازع بقياسها إلى أحوال العارف ، فإن حقيقة كل منهما وعينه الثابتة تقتضي ما تخالف مقتضى حقيقة الأمر باعتبار الاسم الحاكم عليه .
فهذه المخالفة الواقعة منهما من غير اختيار تسمى نزاعا وهما فيها في عين الوفاق باعتبار امتثالهما أمر الأسماء الحاكمة عليها .

فالنزاع بينهما إنما ( أظهره الحجاب الذي على أعين الناس ) من رؤية سر القدر فيتوهمون أن كل واحد منهما في صدد المخالفة مع الآخر ( كما قال اللّه تعالى فيهم ) ، أي في شأن المحجوبين عن سر القدر ( ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) ، أي سر القدر ("يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا") ، أي ما ظهر لهم في النشأة الدنيوية ("وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ") [ الروم : 7 ] .
أي وهم عن النشأة الأخروية التي عندها يظهر سر القدر غافلون ، ثم أراد أن ينبه على أن سبب هذه الغفلة هو الحجاب الذي وقع على قلوبهم.
فقال : ( وهو ) ، أي غافلون ( من المقلوب ) ، أي من الألفاظ التي قلب فيها بعض الحروف إلى مكان بعض آخر كاللام والفاء ههنا ( فإنه ) ، أي غافلون مأخوذ ( "من قولهم :قُلُوبُنا غُلْفٌ " [ البقرة : 88 ] ، أي في غلاف ) ، أي في حجاب إذ لا شك أن الغافل إنما يغفل عن شيء بواسطة حجاب يحول بينهما فالغافلون عن الآخرة هم الذين قلوبهم في غلاف ( وهو ) ، أي الغلاف ( الكنّ الذي ستره ) ، أي القلب ( عن إدراك الأمر على ما هو عليه ) قال تعالى : "إنا جعلناعَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ" [ الأنعام : 25 ] ، أي الحجب المانعة للقلب عن إدراك الحقائق على ما هي عليه .

( فهذا ) الذي ذكرنا من الوجوه الثلاثة ( وأمثاله يمنع العارف من التصرف في العالم بالهمة ) ومن جملة أمثاله امتثاله لأمر الحق حيث قال :" فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا " [ المزمل : 9 ] كما تومىء إليه في هذه الحكاية .
( قال الشيخ أبو عبد اللّه محمد بن قائد للشيخ أبي السعود بن الشّبل ) وهما من كبار أصحاب الشيخ محيي الدين عبد القادر الكيلاني قدس اللّه أرواحهم ولا حرمنا من بركاتهم ( لم لا تتصرف فقال أبو السعود : تركت الحق يتصرف لي كما يشاء ، يريد قوله تعالى آمرا :" فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا" فالوكيل هو المتصرف . ولا سيما وقد سمع ) أبو السعود ( اللّه يقول :" وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ " [ الحديد : 7 ]

قال رضي الله عنه :  (وَكِيلًا [ المزمل : 9 ] فالوكيل هو المتصرّف . ولا سيّما وقد سمع اللّه يقول :وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ [ الحديد : 7 ] ) النص واضح.
.
العودة إلى الفهرس
واتساب

No comments:

Post a Comment