Tuesday, November 5, 2019

السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة الثالثة عشر .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة الثالثة عشر .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة الثالثة عشر .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله


الفقرة الثالثة عشرة :
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( كذلك ما قلنا لهم إلا ما أعطته ذاتنا أن نقول لهم، وذاتنا معلومة لنا بما هي عليه من أن نقول كذا ولا نقول كذا.
فما قلنا إلا ما علمنا أنا نقول، فلنا القول منا، ولهم الامتثال وعدم الامتثال مع السماع منهم
فالكل منا ومنهم ... والأخذ عنا وعنهم
إن لا يكونون منا ... فنحن لا شك منهم )
قال رضي الله عنه : ( كذلك ما قلنا لهم إلّا ما أعطته ذاتنا أن نقول لهم ؛ وذاتنا معلومة لنا بما هي عليه من أن نقول كذا ، ولا نقول كذا ، فما قلنا إلّا ما علمنا أنّا نقول فلنا القول منّا . ولهم الامتثال وعدم الامتثال مع السّماع منهم . فالكلّ منّا ومنهم  ....  والأخذ عنّا وعنهم  ... إن لا يكونوا منا  ..... فنحن لا شك منهم )

قال رضي الله عنه :  (كذلك ما قلنا لهم) من حيث التكاليف الشرعية (إلا ما أعطته ذاتنا) الإلهية الأزلية (أن نقول لهم) مما نحن عليه من الكمال الذاتي والجمال الذاتي .
فمن تبع أحكامه كمل وجمل على حسب استعداده ، فجذبناه إلينا لظهور بعض أوصافنا فيه بمقتضى استعداده .
بل جذبنا أو صافنا التي اتصف بلوائحها فانجذب معها إلينا ، ومن أعرض عن متابعة أحكامنا انقطع عنا (وذاتنا) الكمالية الجمالية المذكورة معلومة لنا ، أي مكشوفة عنها بعلمنا الأزلي (بما هي عليه أن نقول) لهم (كذا) من الأحكام ولا نقول كذا فالعلم الإلهي كاشف عن ذات اللّه تعالى وعن قولها أيضا .
قال رضي الله عنه :  (فما قلنا) لهم من الأحكام (إلا ما علمنا) منا (أنا نقول) لهم (فلنا القول) المنزل بالأحكام الشرعية في الأمر والنهي حاصل (منا) ، أي من حيث كمالنا وجمالنا وما يخالف ذلك (ولهم الامتثال وعدم الامتثال) بمقتضى ما هم عليه في أحوال أعيانهم الثابتة في عدمها الأصلي (مع السماع) لقولنا الحق وهو وصول الأحكام إليهم وإطلاعهم عليها لا قبل ذلك ، فإنه لا مؤاخذة كما قال سبحانه : " وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا" [ الإسراء : 15 ] ، فإن الرسول يبلغهم الأحكام فيحصل السماع فتقوم الحجة عليهم (منهم) ، أي حامل ذلك الامتثال وعدمه والسماع من جهتهم .
[ شعر ]
فالكل منا ومنهم ... والأخذ عنا وعنهم
إن لا يكونون منا ... فنحن لا شك منهم
(فالكل) ، أي أعيانهم وأحوالهم وأحكامهم التي هم مكلفون بها (منا) أصلها  وهي الأحكام (ومنهم) أصلها وهي الأعيان والأحوال (والأخذ) ، أي تناول ذلك الكل المذكور (عنا) للأحكام (وعنهم) للأعيان والأحوال .
(إن لا يكونوا) ، أي إذا لم يكونوا من حيث أعيانهم وأحوالهم الثابتة (منا) بمقتضى حكم التجلي الذاتي من حضرة الأحدية في حضرة الواحدية التي هي حضرة الصفات والأسماء الإلهية حتى ثبتت فيها تلك الأعيان والأحوال .
(فنحن) من حيث حضرة الصفات والأسماء الإلهية التي تعينت من الذات الأحدية بسبب قيام الأعيان والأحوال الثابتة بها في أنفسها حال عدمها الأصلي (لا شك) أننا من الوجه المذكور (منهم) ، أي من تلك الأعيان والأحوال الثابتة ، وهو معنى قول تلميذ المصنف الشيخ صدر الدين القونوي رضي اللّه عنهما في كتابه النفحات في مبشرته التي رأى فيها شيخه رضي اللّه عنه آثار الأسماء من الأحكام والأحكام من الأحوال ، والأحوال تتعين من الذات بحسب الاستعداد أمر لا يعلل بشيء سواه ، يريد بآثار الأسماء الوجود المفاض على الأعيان الثابتة ، فإنه من أحكام الأحوال الإلهية التي هي الصفات والأسماء ، والأحوال الإلهية متعينة من الذات الإلهية بحسب الاستعداد الذي تقتضيه الأعيان الثابتة ، والاستعداد لا يعلل بعلة .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (كذلك ما قلنا لهم إلا ما أعطته ذاتنا أن نقول لهم، وذاتنا معلومة لنا بما هي عليه من أن نقول كذا ولا نقول كذا.
فما قلنا إلا ما علمنا أنا نقول، فلنا القول منا، ولهم الامتثال وعدم الامتثال مع السماع منهم
فالكل منا ومنهم ... والأخذ عنا وعنهم
إن لا يكونون منا ... فنحن لا شك منهم )
قال رضي الله عنه :  ( كذلك ما قلنا ) والمراد من القول التكاليف الشرعية أي ما أمرنا ( لهم إلا ما أعطته ذاتنا أن نقول لهم وذاتنا معلومة لنا بما هي عليه من أن نقول كذا و ) ومن أن ( لا نقول كذا ) فكما أعطى الحق لهم ما طلبت ذواتهم من الكفر أو الإيمان وغيره من الأحوال كذلك أعطى الحق لذاته تعالى ما اقتضت ذاته من القول كذا وعدم القول كذا.
قال رضي الله عنه :  ( فما قلنا إلا ما علمنا ) من ذاتنا ( أنا نقول قلنا القول منا ) أي الأمر التكليفي يدل على ذلك قوله : ( ولهم الامتثال وعدم الامتثال مع السماع منهم ) فإن عدم الامتثال لا يمكن في الأمر الإرادي.
(فالكل منا ومنهم ... والأخذ عنا وعنهم)
( فالكل ) أي القول والامتثال وعدم الامتثال ( منا ) أي من الحق من وجه.
قال رضي الله عنه :  ( ومنهم ) أي من العبيد من وجه ( والأخذ ) أي التعذيب بمن لم يمتثل الأمر التكليفي ( عنا ) أي عن الحق ( وعنهم ) أي عن العبيد فهم كانوا منا
( أن لم يكونوا منا فنحن لا شك نكون منهم )
تحقيقا للعبودية والربوبية فإذا إذا لم يكن الحق منهم على تقدير عدم كونهم من الحق لم يتحقق الربوبية والعبودية .
فكون الحق منهم محال بالضرورة فكانوا من الحق والحق ليس منهم وأما الأحوال التي بينهم وبين الحق فهي كلها منه ومنهم ويجوز أن يكون معناه فالكل أي إعطاء الكل منا ومنهم والأخذ أي أخذ الكل عنا وعنهم فكان الحق معطيا وآخذا والعبد معطيا وآخذا فهذا هو المعاملة بين الرب والعبد إن لم يكونوا يأخذون منا ما لم يعطونا أوّلا .
فنحن لا شك نأخذ عنهم ما لم أعطه قبله لهم وهو العلم فإن علمه بهم يأخذ عنهم ولم يعطه أوّلا ذلك العلم لهم لأن علمه تعالى تابع لمعلومه بخلاف العبد فإنه لا يمكن له أن يأخذ عن الحق ما لم يعطه للحق أوّلا إلا الوجود بل الوجود أيضا فائض عليهم من اللّه تعالى على حسب طلبهم ولاشتمال هذا الفص على المسائل الكلية اللطيفة أوصى بالتحقيق.

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (كذلك ما قلنا لهم إلا ما أعطته ذاتنا أن نقول لهم، وذاتنا معلومة لنا بما هي عليه من أن نقول كذا ولا نقول كذا.
فما قلنا إلا ما علمنا أنا نقول، فلنا القول منا، ولهم الامتثال وعدم الامتثال مع السماع منهم
فالكل منا ومنهم ... والأخذ عنا وعنهم
إن لا يكونون منا ... فنحن لا شك منهم )
قال رضي الله عنه :  كذلك ما قلنا لهم إلا ما أعطته ذاتنا أن نقول لهم، وذاتنا معلومة لنا بما هي عليه من أن نقول كذا ولا نقول كذا.  فما قلنا إلا ما علمنا أنا نقول، فلنا القول منا، ولهم الامتثال وعدم الامتثال مع السماع منهم  . فالكل منا ومنهم ... والأخذ عنا وعنهم . إن لا يكونون منا ... فنحن لا شك منهم )
النص واضح.

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( كذلك ما قلنا لهم إلا ما أعطته ذاتنا أن نقول لهم، وذاتنا معلومة لنا بما هي عليه من أن نقول كذا ولا نقول كذا.
فما قلنا إلا ما علمنا أنا نقول، فلنا القول منا، ولهم الامتثال وعدم الامتثال مع السماع منهم
فالكل منا ومنهم ... والأخذ عنا وعنهم
إن لا يكونون منا ... فنحن لا شك منهم )
قال رضي الله عنه :  (كلذلك ما قلنا لهم إلَّا ما أعطته ذاتنا أن نقول لهم ، وذاتنا معلومة لنا بما هي عليه من أن نقول كذا ، و لا نقول كذا. فما قلنا إلَّا ما علمنا أنّا نقول ، فلنا القول منّا ، ولهم الامتثال وعدم الامتثال مع السماع منهم . قال كلّ منّا ومنهم  ..... والأخذ عنّا وعنهم . إن لا يكونون منّا  .... فنحن لا شكّ منهم  )
قال العبد : يشير رضي الله عنه : بكلّ ذلك إلى أنّ كمال المعرفة والعلم بحقائق الأمور يوجب كمال الأدب مع الله تعالى وعدم التصدّي والظهور بالتصرّف والتأثير بالهمّة.
 فإنّ العالم المحقّق يعلم أنّ الأمور الكائنة في الوجود لا تكون إلَّا بموجب ما كانت عليه في العلم الأزلي، ولا يجري في العالم إلَّا ما جرى في علم الله أزلا بجريانه ، فتنزّهت الهمم العالية العالمة بهذا عن تعليق الهمّة بما لا يكون .
إذ الواقع ما علموا أنّ يقع ، فلا فائدة في تعليق الهمّة ، وغير الواقع لا يقع بتعليق الهمّة به ، ولا يقع إلَّا ممّن يكون ناقص المعرفة ، كما أشار إليه من قبل ، فتحقّق أنّ الأمر بين فاعل عالم بما في قوّة القابل وبين قابل لا يقبل إلَّا ما في استعداده الذاتي غير المجعول .
فكان الأمر كما أشار منّا ومنهم ، منّا من حيث حضرة الجمع الأسمائي ، ومنهم من حيث الأعيان المظهرة بالوجود الحقّ حقائق الأسماء بقابلياتهم واستعداداتهم الخصوصية الذاتية ، وأخذه العلم الحقيقي منّا ، فإنّا نعطي منه من يشاء ما نشاء .
هذا ظاهر ما في هذا الشطر ، والذي فوق هذا أنّ العلم مأخوذ من المعلوم ، والمعلوم نحن ، فإنّا إنّما نعلم أنفسنا منّا ، إذ لا معلوم إلَّا نحن ، فالأخذ منّا ، وذلك العلم من الله متعلَّق أوّلا بنفسه ، ثمّ بالعالم الذي هو مظاهر حقائق نفسه ، وهذا معنى عاد في هذا الشطر .
وأمّا الشطر الآخر وهو أن يكون الأخذ عنهم ، أي عن حقائق العالم وأعيانه - فهذا ظاهر ، فإنّ العلم بالعالم إنّما يؤخذ من أعيان العالم وحقائقه ، وأنّهم أي المعلومات من أعيان العالم إن لم يكونوا منّا من كوننا أعيانهم بلا تبعيض ، ولم يكونوا من حقائقهم مجعولين بجعل منّا ، فنحن معاشر الأسماء لا شكّ ، نكون منهم ، فإنّهم يعيّنون الوجود ويسمّون الحق بأسمائه ، فنحن من حيث حضرة الجمع الأسمائي منهم .

ومعنى آخر أن يكونوا بموجبنا وحسبنا مطلقا ، وليس في وسعهم ذلك ، لكون كلّ عين عين مخصوصا بخصوص ، ولكنّا لسعتنا لا شكّ نكون بموجب ما منهم عليهم ممّا يوجب عليهم ، فنكون بحسبهم .

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( كذلك ما قلنا لهم إلا ما أعطته ذاتنا أن نقول لهم، وذاتنا معلومة لنا بما هي عليه من أن نقول كذا ولا نقول كذا.
فما قلنا إلا ما علمنا أنا نقول، فلنا القول منا، ولهم الامتثال وعدم الامتثال مع السماع منهم
فالكل منا ومنهم ... والأخذ عنا وعنهم
إن لا يكونون منا ... فنحن لا شك منهم )

قال رضي الله عنه :  كذلك ما قلنا لهم إلا ما أعطته ذاتنا أن نقول لهم، وذاتنا معلومة لنا بما هي عليه من أن نقول كذا ولا نقول كذا.  فما قلنا إلا ما علمنا أنا نقول، فلنا القول منا، ولهم الامتثال وعدم الامتثال مع السماع منهم . فالكل منا ومنهم ... والأخذ عنا وعنهم . إن لا يكونون منا ... فنحن لا شك منهم )

حاصلة أن كمال المعرفة والعلم بحقائق الأمور يقتضي حفظ الأدب مع الله تعالى وعدم الظهور بالتصرف وإرسال الهمة على شيء ، فإن العارف المحقق يعلم أنه لا يظهر في الوجود إلا ما كان في العلم الأزلي .
وما كان في العلم أن يقع لا بد أن يقع ، وما كان فيه أن لا يقع فمحال أن يقع .
فالأمر بين فاعل عالم بما في قوة القابل .
والقابل لا يقبل إلا ما في استعداده الذاتي الغير المجعول ، فعلى أي شيء يرسل الهمة .
وأي فائدة في إرسالها ؟
فإن المعلوم وقوعه أو لا وقوعه لا يتغير بهمته ، ولا يتأخر عن وقته المقدر فيه ولا يتقدم عليه ، والقابل لا يقبل إلا ما علم الفاعل أن يقبله ، والفاعل لا يفعل إلا ما يقتضي قبوله .
فإن الأعيان مقتضية بما تجرى عليها حالة الوجود من الأزل إلى الأبد والفاعل العالم لا يعلم منها إلا ذلك. والنسب الأسمائية مؤثرة فيها بمقتضى العلم والقبول .
فلذلك قال : ما قلنا لهم إلا ما أعطته ذاتنا أن نقول لهم ، فإن الأعيان عين الذات الأحدية المتجلية بصورها وذاتنا معلومة لنا بما هي عليه من أن نقول كذا ولا نقول كذا .
لأن علمه بذاته علمه بالأعيان كلها .
فقوله للأعيان بالكون على ما هي عليه مقتضى علمه ، والامتثال وعدم الامتثال مع سماع القول منهم مبنى على ما فيها وعلم منها أزلا :
( فالكل منا ومنهم  ...  والأخذ عنا وعنهم )
منا من حيث حضرتنا الأسمائية ، ومنهم من حيث الأعيان الظاهرة بالوجود الحق المظهرة لحقائق الأسماء على قابلياتها واستعداداتها الذاتية ، وأخذ العلم الحقيقي عنا ، فإنا نعطى من فضلنا ما نشاء من نشاء ، كما قال : " ذلِكَ فَضْلُ الله يُؤْتِيه من يَشاءُ " .
وعنهم : أي العلم مأخوذ من الأعيان المعلومة وهي نحن ، فإن العلم منه أولا بذاته ثم بالأعيان التي هي مظهر حقائق ذاته .
"" أضافة بالي زادة :  ( والكل منا ومنهم ) أي القول والامتثال وعدم الامتثال من الحق من وجه ، ومن العبد من وجه ( والأخذ ) أي التعذيب لمن لم يمتثل الأمر التكليفي عن الحق وعن العبيد ، فهم كانوا منا اهـ بالي زادة ""

والعلم بالأعيان ليس إلا علمه بذاته إذ لا معلوم إلا هو:
( وإن لم يكونوا منا  ...  فنحن لا شك منهم )
كان مع اسمها مقدرة بعد إن ، كما في قولهم : إن خيرا فخير ، والاسم ضمير الشأن أو ضمير الأعيان : أي إن كان الأمر والشأن لا تكون الأعيان منا سر الأسماء بأن ظهرت منا ولمقتضانا فنحن لا شك منهم ومن حقائقهم ، فإن الأسماء بسبب الذات أي حقائق الأعيان فلا يتحقق إلا بها ، وإن كان الأعيان لا يكونون في الوجود منا وعلى صورنا وبحسبنا ، فنحن لا شك منهم ومن حقائقهم وبحسبهم ، فإن الأعيان يسمون بأسماء الحق كان مع اسمها مقدرة بعد إن ، كما في قولهم : إن خيرا فخير

"" أضافة بالي زادة :  ( إن لم يكونوا منا فنحن لا شك منهم ) تحقيقا للعبودية والربوبية ، فإنه إذا لم يكن الحق منهم على تقدير عدم كونهم من الحق لم تتحقق الربوبية والعبودية ، فكون الحق منهم محال بالضرورة فكانوا من الحق والحق ليس منهم أو معناه فالكل أي إعطاء الكلّ منا ومنهم : والأخذ أي أخذ الكل عنا وعنهم ، فكان الحق معطيا وآخذا والعبد كذلك ، فهذه هي المعاملة بين الرب والعبد إن لم يكونوا يأخذون منا ما لم يعطونا قبله فنحن لا شك نأخذ عنهم ما أعطاه لهم قبله وهو العلم ، فإن علمه بهم يأخذ عنهم ولم يعط قبل ذلك العلم لهم ، لأن علمه تعالى تابع لمعلومه ، بخلاف العبد فإنه لا يمكن له أن يأخذ عن الحق ما لم يعطه الحق قبله إلا الوجود ، بل الوجود عليهم من الحق على حسب طلبهم اهـ  بالى  زادة . ""
والاسم ضمير الشأن أو ضمير الأعيان : أي إن كان الأمر والشأن لا تكون الأعيان منا سر الأسماء بأن ظهرت منا ولمقتضانا فنحن لا شك منهم ومن حقائقهم .
فإن الأسماء بسبب الذات أي حقائق الأعيان فلا يتحقق إلا بها .
وإن كان الأعيان لا يكونون في الوجود منا وعلى صورنا وبحسبنا .
فنحن لا شك منهم ومن حقائقهم وبحسبهم ، فإن الأعيان يسمون بأسماء الحق .

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( كذلك ما قلنا لهم إلا ما أعطته ذاتنا أن نقول لهم، وذاتنا معلومة لنا بما هي عليه من أن نقول كذا ولا نقول كذا.
فما قلنا إلا ما علمنا أنا نقول، فلنا القول منا، ولهم الامتثال وعدم الامتثال مع السماع منهم
فالكل منا ومنهم ... والأخذ عنا وعنهم
إن لا يكونون منا ... فنحن لا شك منهم )
قال رضي الله عنه :  ( كذلك ما قلنا لهم إلا ما أعطته ذاتنا أن نقول لهم ، وذاتنا معلومة لنا بما هي عليه من أن نقول كذا ، ولا نقول كذا . فما قلنا إلا بما علمنا أنا نقول ، فلنا القول منا ، ولهم الامتثال وعدم الامتثال مع السماع منهم . ) ألفاظه ظاهرة .
والمقصود بيان سر ( القدر ) . وقد مر في المقدمات أن الله يعلم ذاته وأسمائه  وصفاته بذاته ، ويعلم الأعيان التي هي صور الأسماء بعين ما يعلم ذاته ، فكما لا يعلم من ذاته وأسمائه وصفاته إلا ما تعطيه الذات والأسماء والصفات مما هي عليها ، كذلك لا يعلم من الأعيان إلا ما تعطيه الأعيان واستعداداتها مما هي عليها ، فعلمه تعالى تابع للمعلوم من هذا الوجه ، وإن كان المعلوم تابعا للعلم من وجه آخر .
فمن كانت عينه مؤمنة حال ثبوتها وحال كونها موصوفة بالعدم بالنسبة إلى الخارج ، فهو يظهر مؤمنا عند سماع أمر الله بقوله : ( كن ) . ومن كان كافرا أو عاصيا أو منافقا ، فهو يظهر في الوجود العيني بتلك الصفة . فالحق ما يعاملهم إلا بما يقتضى أعيانهم باستعداداتها وقبولها : إن خيرا ، فخير ، وإن شرا ، فشرا . فمن وجد خيرا ، فليحمد الله ، ومن
وجد دون ذلك ، فلا يلومن إلا نفسه – " فما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون " .
ولما تكلم من طرف القابل ، تكلم من طرف الفاعل بقوله : ( كذلك ما قلنا لهم . . . ) أي ، ما أمرناهم إلا ما يقتضيه ذاتنا وأسماؤنا ، فمنا القول والأمر ، ومنهم السماع والامتثال .
ولما كان الأمر من الله على قسمين :
قسم لا يمكن أن لا يمتثل له شئ من الأعيان.
وقسم يمكن أن لا يمتثل له بعض الأعيان.
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولهم الامتثال وعدم الامتثال مع السماع منهم . ) أما الأول ، فهو الأمر الذي به توجد الأعيان ، وهو قول : ( كن ) .
إذ عدم الامتثال فيه محال ، لأن أعيان الممكنات كلها طالبة للوجود العيني من الحضرة الإلهية ، فلا يمكن أن لا يمتثل له شئ منها .
وأما الثاني ، فهو الأمر بالإيمان والهداية وتوابعهما ، فإن من لا تكون عينه قابلة له أو للوازمه ، لا يمكن أن يمتثل له .
قال الشيخ رضي الله عنه : 
(فالكل منا ومنهم  .....  والأخذ عنا وعنهم )
أي ، فكلما يحصل من التجليات والأحوال العارضة على الموجودات ، منا بحسب الفاعلية ، ومنهم بحسب القابلية ، وتلك التجليات والأحوال بحسب أخذ العلم عن ذاتنا مما هي عليها من الأسماء والصفات ، وعن ذواتهم ، لأن ذواتهم حال كونها في العدم ، منتقشة بجميع ما يطرأ عليها من الأزل إلى الأبد ، فالأخذ عنا بالإيجاد والإظهار ، والأخذ عنهم بالاتصاف والقبول .
أو فالكل منا بحسب القابلية وإعطاء أعياننا للحق ما يفيض علينا من التجليات والأحوال ، ومنهم ، أي ومن الأسماء الأسماء الإلهية ، بحسب الفاعلية .
والأخذ عنا ، أي ، يأخذ الحق عنا ما تعطيه ذواتنا . وعنهم ، أي ، يأخذ عن أسمائه ما تعطيه الأسماء من الإيجاد والقدرة وغيرها .
وهذا أنسب للبيت الثاني وهو قوله رضي الله عنه   :
( إن لا يكونون منا   .....   فنحن لا شك منهم)
) أي ، إن كانت الأسماء بحيث لا يكونون منا ، فوجودنا لا شك حاصل منهم ، أي ، من تلك الأسماء ، سواء كان الوجود علميا أو عينيا . ف‍ ( كان ) مع اسمها مقدرة بعد ( إن ) .
كقولهم : إن خيرا ، فخير
.
فعلى المعنى الأول من البيت الأول ، معناه : إن لم يكن وجود الأعيان من الأسماء ، فوجود الأسماء لا شك منهم ، أي من الأعيان ، فيلزم انقلاب الرب مربوبا ، والمربوب ربا ، وكون الأعيان موجودة بأنفسها علما وعينا ، لأنها إذا كانت علة الأسماء ، كانت متقدمة عليها بالذات ، والذات الإلهية من حيث هي هي غنية عن العالمين .
فبقى أن توجد الأعيان بأنفسها من غير طلب الأسماء إياها ، ويلزم انخرام قواعد التوحيد
.

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( كذلك ما قلنا لهم إلا ما أعطته ذاتنا أن نقول لهم، وذاتنا معلومة لنا بما هي عليه من أن نقول كذا ولا نقول كذا.
فما قلنا إلا ما علمنا أنا نقول، فلنا القول منا، ولهم الامتثال وعدم الامتثال مع السماع منهم
فالكل منا ومنهم ... والأخذ عنا وعنهم
إن لا يكونون منا ... فنحن لا شك منهم )
قال رضي الله عنه :  ( كذلك ما قلنا لهم إلّا ما أعطته ذاتنا أن نقول لهم ؛ وذاتنا معلومة لنا بما هي عليه من أن نقول كذا ، ولا نقول كذا ، فما قلنا إلّا ما علمنا أنّا نقول فلنا القول منّا ، ولهم الامتثال وعدم الامتثال مع السّماع منهم .
فالكلّ منّا ومنهم  .....  والأخذ عنّا وعنهم
إن لا يكونوا منا  ..... فنحن لا شكّ منهم )
وأما الثاني فهو المشار إليه بقوله : ( كذلك ) أي كما لم تظلمهم فيما ذكرنا باعتبار كونه مقتضى أعيانهم لم نظلمهم باعتبار قولنا التكويني والتكليفي من حيث كونه مقتضى ذاتيا أيضا ، لأننا ( ما قلنا لهم ) في التكوين والتكليف ( إلا ما أعطته ) أي اقتضته ( ذاتنا ) من حيث الربوبية ( أن نقول لهم ) ، وهو أيضا تابع لعلمنا بذاتنا ومقتضياتها إذ ( ذاتنا معلومة لنا من ) حيث اقتضاؤها باعتبار الربوبية .

( أن نقول ) في أحد الأمرين أو كليهما ( كذا ولا  نقول كذا ) في الآخر أو كليهما ، ( فما قلنا ) في الأمرين ( إلا ما علمنا أنّا نقول ) ، فلا يمكن تغييره لكونه تابعا للعلم الأزلي ، ولا ظلم فيما يتعين فيه أحد الأمرين بالضرورة على أنه ليس الأمر أن أي : التكوين والتكليف منا بطريق المباشرة .
( فلنا القول ) التكويني والتكليفي ( ولهم الامتثال ) الجازم في التكويني ، وغير الجازم في التكليفي ، ( وعدم الامتثال ) في بعض الأقوال التكليفية ، فالمباشرة لهم والظلم منوط بالمباشرة دون القول المجرد . "" عدم الإمتثال :  إن كان الأمر أمرا إيجابيّا اقتضت أعيانهم امتثاله "".

وإن كان ( مع السماع منهم ) القاهر المقتدر ، ( فالكل منّا ) التكوين والتكليف ، وتقديرهما منا باعتبار القول والعلم والحكم ، ( ومنهم ) باعتبار اقتضاء الأعيان والامتثال وعدمه ، ( والأخذ عنا ) باعتبار مخالفة القول التكليفي والتكويني ، واقتضاء الربوبية الظهور بالقهر على بعض المظاهر ، (وعنهم ) باعتبار اقتضاء أعيانهم ، وعدم امتثالهم الأمر التكليفي ، هذا كله على تقدير التمييز في الظاهر بين الحق والخلق .
ثم قال : ( إلا يكونوا ) بإثبات النون للضرورة ( منا ) في ظهور أعيانهم على تقدير أن لها الظهور بتميز ظهور كل عين من ظهور الأخرى ، بما اختصت به من العوارض والأحوال .
( فنحن لا شكّ ) في الظهور الوجودي ( منهم ) ، إذ لا يتميز ظهورنا عن ظهورهم بالوجود ، إذ لا تميز في الوجود باعتبار ظهوره .
فالإثم واللذة على الصور الوجودية لا على الأعيان ، فلا ظلم عليهم من حيثهم ،.

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( كذلك ما قلنا لهم إلا ما أعطته ذاتنا أن نقول لهم، وذاتنا معلومة لنا بما هي عليه من أن نقول كذا ولا نقول كذا.
فما قلنا إلا ما علمنا أنا نقول، فلنا القول منا، ولهم الامتثال وعدم الامتثال مع السماع منهم
فالكل منا ومنهم ... والأخذ عنا وعنهم
إن لا يكونون منا ... فنحن لا شك منهم )

قال رضي الله عنه :  (أن نقول لهم وذاتنا معلومة لنا بما هي عليه من أن نقول كذا ) ويظهر ما يقتضي ذلك ويستأهله ( ولا نقول كذا ) ويخفى ما يقتضي البطون والستر .
فعلم أنّ تلك الخصوصيّات والأحكام ما لا يظهره الكلام بالإفصاح عنه والقول بها، بل القول إنّما نزل بإخفائه والكفّ عنه، كالمحرّمات والمناهي في الأفعال (فما قلنا إلَّا ما علمنا أن نقول) ويظهر بالأمر بإصداره، والحثّ على إيجاده واختلاقه كالواجبات (قلنا القول منا، ولهم الامتثال) - ممن له طرف الظهور وتعلَّق رقيقة نسبته الأصليّة به - (وعدم الامتثال) ممن له الطرف المقابل له (مع السماع منهم) .
فعلم أنّ لأمر الظهور والإظهار لا بدّ من الطرفين : طرف الحقّ من حيث كثرته الأسمائيّة الكاشفة عن أمر تمام الإظهار بالقول ، وطرف العبد من حيث الأعيان المتكثّرة بحسب تلك الأسماء التي منها يظهر بالوجود الكوني.
 قال رضي الله عنه :  ( فالكلّ منّا ومنهم   .....  والأخذ عنّا وعنهم) و ( إن ) كان بعض الأعيان من غير المتمثّلين الذين يظهرون ما لا يصدر القول به وبإظهاره ( لم يكونون  منّا ) ضرورة أنّ الصادر منّا هو الكلام القولي ، وهم من حيث ظهورهم بتلك الصور الغير المقولة ما هم منّا ، ولكن لما كان ذلك فيهم لغلبة حكم الوحدة الذاتيّة ، الساترة على حقيقتهم ، كما أشير إليه ، ( فنحن لا شك منهم ) لأنّ الكل من ظرف الذات ووحدتها .

[ سرّ عنوان هذه المباحث في هذا الفصّ ]
ثمّ إنّك قد عرفت أنّ تمام الأمر في هذين الطرفين - أعني الوجود الكوني العيني ، والقول الكلامي السمعي وكلاهما صورة ظهور المعلومات - فهما صورتان متطابقتان ، وكان وجه اختصاص هذه النكتة بالحكمة الملكيّة لاشتراك اسم الملك والكلم في تمام المادّة ، فلذلك كشفت عن الصورة الكلاميّة وما ينطوى عليه .

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( كذلك ما قلنا لهم إلا ما أعطته ذاتنا أن نقول لهم، وذاتنا معلومة لنا بما هي عليه من أن نقول كذا ولا نقول كذا.
فما قلنا إلا ما علمنا أنا نقول، فلنا القول منا، ولهم الامتثال وعدم الامتثال مع السماع منهم
فالكل منا ومنهم ... والأخذ عنا وعنهم
إن لا يكونون منا ... فنحن لا شك منهم )

قال رضي الله عنه : ( كذلك ما قلنا لهم ) ، أي أمرناهم بهذا القول : كن ( إلا ما أعطته ذاتنا أن نقول لهم ) ، أي نأمرهم بهذا القول ( وذاتنا معلومة بما هي عليه من أن نقول كذا ولا نقول كذا فما قلنا إلا ما علمناه أنا نقول فلنا القول منّا ) بكلمة كن ( ولهم الامتثال ) قطعا إن كان القول أمرا إيجاديا أو إيجابيا واقتضت أعيانهم امتثاله ( وعدم الامتثال ) إن كان الأمر أمرا إيجابيا اقتضت أعيانهم امتثاله ( مع السماع ) ، أي مع وقوع سماع قولنا.
قال رضي الله عنه :  ( منهم . . فالكل منا ومنهم . . والأخذ عنا وعنهم ) يحتمل أن يكون هذا الكلام من لسان الأسماء الإلهية وهو الظاهر نظرا إلى الكلام السابق .
ويحتمل أن يكون من لسان الأعيان الثابتة فعلى الأول معناه أن كل ما دخل في الوجود منا أي من حضرات الأسماء بالفعل والتأثير منهم .
أي من الأعيان الثابتة باعتبار القول والتأثر والأخذ ، أي أخذهم الوجود عنا وأخذنا العلم بهم عنهم ، وعلى الثاني معناه أن الكل منا .
أي من الأعيان الثابتة المتأثر ومنهم أي من الأسماء الإلهية المؤثرة وأخذهم العلم بنا عنا وأخذنا الوجود عنهم.

قال رضي الله عنه :  ( إن لا يكونون منا ) تقدير الكلام إن كان الأعيان الثابتة أو الأسماء الإلهية لا يكونون منا لمكان النون في يكونون ، وفي بعض النسخ إن لم يكونوا ولا حاجة حينئذ إلى هذا التقدير ، فعلى الاحتمال الأول معناه إن لم تكن الأعيان الثابتة ظاهرة عنا في عرصة الوجود الكوني باعتبار أنها ما شمت رائحة الوجود فنحن أي الأسماء الإلهية ظاهرون فيها منهم لأنهم مجالينا ومظاهرنا باعتبار ظهور عكوسهم وظلالهم في مرآة ظاهر الوجود الحق ، وعلى الثاني معناه إن لم تكن الأسماء الإلهية وكيف تكون منا وهي المؤثرات في وجودنا ( فنحن بلا شك منهم ) لهذا المعنى بعينه .
.

العودة إلى الفهرس
السفر الثالث عشر الفقرة الثالثة عشر على منتدي إتقوا الله ويعلمكم الله 
واتساب

No comments:

Post a Comment