Tuesday, November 5, 2019

السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة الأولى .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة الأولى .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة الأولى .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
متن فصوص الحكم الشيخ الأكبر محمد ابن العربي الطائي الحاتمي 638 هـ :

13 - فص حكمة ملكية في كلمة لوطية
قال الشيخ رضي الله عنه :  (الملك الشدة والمليك الشديد: يقال ملكت العجين إذا شددت عجينه.
قال قيس بن الحطيم يصف طعنة:
ملكت بها كفي فانهرت فتقها ... يرى قائم من دونها ما وراءها
أي شددت بها كفي يعني الطعنة. فهو قول الله تعالى عن لوط عليه السلام: «لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد».
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يرحم الله أخى لوطا: لقد كان يأوي إلى ركن شديد.
فنبه صلى الله عليه وسلم أنه كان مع الله من كونه شديدا.
والذي قصد لوط عليه السلام القبيلة بالركن الشديد: والمقاومة بقوله «لو أن لي بكم قوة» وهي الهمة هنا من البشر خاصة.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن ذلك الوقت يعني من الزمن الذي قال فيه عليه السلام «أو آوي إلى ركن شديد» ما بعث نبي بعد ذلك إلا في منعة من قومه، فكان يحميه قبيله كأبي طالب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقوله «لو أن لي بكم قوة» لكونه عليه السلام سمع الله تعالى يقول «الله الذي خلقكم من ضعف» بالأصالة، "ثم جعل من بعد ضعف قوة" فعرضت القوة بالجعل فهي قوة عرضية، «ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة» فالجعل تعلق بالشيبة، وأما الضعف فهو رجوع إلى أصل خلقه وهو قوله خلقكم من ضعف، فرده لما خلقه منه كما قال «يرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا».
فذكر أنه رد إلى الضعف الأول فحكم الشيخ حكم الطفل في الضعف.
وما بعث نبي إلا بعد تمام الأربعين وهو زمان أخذه في النقص والضعف.
فلهذا قال «لو أن لي بكم قوة» مع كون ذلك يطلب همة مؤثرة.
فإن قلت وما يمنعه من الهمة المؤثرة وهي موجودة في السالكين من الاتباع، والرسل أولى بها؟
قلنا صدقت: ولكن نقصك علم آخر، وذلك أن المعرفة لا تترك للهمة تصرفا.
فكلما علت معرفته نقص تصرفه بالهمة، وذلك لوجهين:
الوجه الواحد لتحققه بمقام العبودية ونظره إلى أصل خلقه الطبيعي،
والوجه الآخر أحدية المتصرف والمتصرف فيه: فلا يرى على من يرسل همته فيمنعه ذلك.
وفي هذا المشهد يرى أن المنازع له ما عدل عن حقيقته التي هو عليها في حال ثبوت عينه وحال عدمه.
فما ظهر في الوجود إلا ما كان له في حال العدم في الثبوت، فما تعدى حقيقته ولا أخل بطريقته. فتسمية ذلك نزاعا إنما هو أمر عرضي أظهره الحجاب الذي على أعين الناس كما قال الله فيهم «ولكن أكثر الناس لا يعلمون: يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون»: وهو من القلوب فإنه من قولهم «قلوبنا غلف».
أي في غلاف وهو الكن الذي ستره عن إدراك الأمر على ما هو عليه. فهذا وأمثاله يمنع العارف من التصرف في العالم .
قال الشيخ أبو عبد الله بن قايد للشيخ أبي السعود بن الشبل لم لا تتصرف؟
فقال أبو السعود تركت الحق يتصرف لي كما يشاء: يريد قوله تعالى آمرا «فاتخذه وكيلا» فالوكيل هو المتصرف ولا سيما وقد سمع الله تعالى يقول: «وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه».
فعلم أبو السعود والعارفون أن الأمر الذي بيده ليس له وأنه مستخلف فيه.
ثم قال له الحق هذا الأمر الذي استخلفتك فيه وملكتك إياه: اجعلني واتخذني وكيلا فيه، فامتثل أبو السعود أمر الله فاتخذه وكيلا.
فكيف يبقى لمن يشهد هذا الأمر همة يتصرف بها، والهمة لا تفعل إلا بالجمعية التي لا متسع لصاحبها إلى غير ما اجتمع عليه؟
وهذه المعرفة تفرقه عن هذه الجمعية. فيظهر العارف التام المعرفة بغاية العجز والضعف.
قال بعض الأبدال للشيخ عبد الرزاق رضي الله عنه : قل للشيخ أبي مدين بعد السلام عليه يا أبا مدين لم لا يعتاص علينا شيء وأنت تعتاص عليك الأشياء: ونحن نرغب في مقامك وأنت لا ترغب في مقامنا؟
وكذلك كان مع كون أبي مدين رضي الله عنه كان عنده ذلك المقام وغيره: ونحن أتم في مقام الضعف والعجز منه.
ومع هذا قال له هذا البدل ما قال. وهذا من ذلك القبيل أيضا.
وقال صلى الله عليه وسلم في هذا المقام عن أمر الله له بذلك «ما أدري ما يفعل بي ولا بكم إن أتبع إلا ما يوحى إلي».
فالرسول بحكم ما يوحى إليه به ما عنده غير ذلك.
فإن أوحي إليه بالتصرف بجزم تصرف: وإن منع امتنع، وإن خير اختار ترك التصرف إلا أن يكون ناقص المعرفة.
قال أبو السعود لأصحابه المؤمنين به إن الله أعطاني التصرف منذ خمس عشرة سنة وتركناه تظرفا. هذا لسان إدلال.
وأما نحن فما تركناه تظرفا وهو تركه إيثارا وإنما تركناه لكمال المعرفة، فإن المعرفة لا تقتضيه بحكم الاختيار.
فمتى تصرف العارف بالهمة في العالم فعن أمر إلهي وجبر لا باختيار.
ولا نشك أن مقام الرسالة يطلب التصرف لقبول الرسالة التي جاء بها، فيظهر عليه ما يصدقه عند أمته وقومه ليظهر دين الله. والولي ليس كذلك.
ومع هذا فلا يطلبه الرسول في الظاهر لأن للرسول الشفقة على قومه، فلا يريد أن يبالغ في ظهور الحجة عليهم، فإن في ذلك هلاكهم:
فيبقي عليهم. وقد علم الرسول أيضا أن الأمر المعجز إذا ظهر للجماعة منهم من يؤمن عند ذلك ومنهم من يعرفه ويجحده ولا يظهر التصديق به ظلما وعلوا وحسدا، ومنهم من يلحق ذلك بالسحر والإيهام.
فلما رأت الرسل ذلك وأنه لا يؤمن إلا من أنار الله قلبه بنور الإيمان:
ومتى لم ينظر الشخص بذلك النور المسمى إيمانا فلا ينفع في حقه الأمر المعجز. فقصرت الهمم عن طلب الأمور المعجزة لما لم يعم أثرها في الناظرين ولا في قلوبهم كما قال في حق أكمل الرسل وأعلم الخلق وأصدقهم في الحال «إنك لا تهدي من أحببت "ولكن الله يهدي من يشاء".
ولو كان للهمة أثر ولا بد، لم يكن أحد أكمل من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أعلى ولا أقوى همة منه، وما أثرت في إسلام أبي طالب عمه، وفيه نزلت الآية التي ذكرناها:
ولذلك قال في الرسول إنه ما عليه إلا البلاغ، وقال «ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء» .
وزاد في سورة القصص «وهو أعلم بالمهتدين» أي بالذين أعطوه العلم بهدايتهم في حال عدمهم بأعيانهم الثابتة.
فأثبت أن العلم تابع للمعلوم. فمن كان مؤمنا في ثبوت عينه وحال عدمه ظهر بتلك الصورة في حال وجوده.
وقد علم الله ذلك منه أنه هكذا يكون، فلذلك قال «وهو أعلم بالمهتدين».
فلما قال مثل هذا قال أيضا «ما يبدل القول لدي» لأن قولي على حد علمي في خلقي، «وما أنا بظلام للعبيد» أي ما قدرت عليهم الكفر الذي يشقيهم ثم طلبتهم بما ليس في وسعهم أن يأتوا به.
بل ما عاملناهم إلا بحسب ما علمناهم، وما علمناهم إلا بما أعطونا من نفوسهم مما هم عليه، فإن كان ظلم فهم الظالمون.
ولذلك قال «ولكن كانوا أنفسهم يظلمون». فما ظلمهم الله. كذلك ما قلنا لهم إلا ما أعطته ذاتنا أن نقول لهم، وذاتنا معلومة لنا بما هي عليه من أن نقول كذا ولا نقول كذا.
فما قلنا إلا ما علمنا أنا نقول، فلنا القول منا، ولهم الامتثال وعدم الامتثال مع السماع منهم
فالكل منا ومنهم ... والأخذ عنا وعنهم
إن لا يكونون منا ... فنحن لا شك منهم
فتحقق يا ولي هذه الحكمة الملكية في الكلمة اللوطية فإنها لباب المعرفة
فقد بان لك السر ...  وقد اتضح الأمر
وقد أدرج في الشفع ... الذي قيل هو الوتر


متن نقش فصوص الحكم للشيخ الأكبر محمد ابن العربي الطائي الحاتمي 638 هـ :
13 – فص حكمة ملكية في كلمة لوطية:
قال الله تعالى " الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً " [الروم: 54].
فالضعف الأول بلا خلاف ضعف المزاج في العموم والخصوص.
والقوة التي بعد قوة المزاج. وينضاف إليه في الخصوص قوة الحال. والضعف الثاني ضعف المزاج وينضاف إليه في الخصوص ضعف المعرفة أي المعرفة بالله.
بضعفه حتى يلصقه بالتراب فلا يقدر على شيء فيصير في نفسه عند نفسه كالصغير الرضيع عند أمه ولذلك قال لوط: " أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ " [هود: 80]. يريد القبيلة.
ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " رحم الله لوطاً، كان يآوي إلى ركنٍ شديد ". يريد ضعف المعرفة.
فالركن الشديد هو الحق مدبره ومربيه.

الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص صدر الدين القونوي 673 هـ :
13 - فك ختم الفص اللوطي

1 / 13 - انما قرن الشيخ رضى الله عنه هذه الحكمة بالصفة الملكية مراعاة الامر الغالب على حال لوط عليه السلام وأمته.
وما عامل الحق به قومه من شدة العقوبة في مقابلة الشدة التي قاساها لوط عليه السلام منهم حتى نطق لسان حاله معهم بقوله تعالى: " لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ " [ هود / 80 ] .

2 / 13 - واعلم ان العقوبات الإلهية كلها مجازاة لا يقع منها شيء ابتداء ابدا .
ومجازاة الحق عبارة عن اظهار نتائج افعال العباد ، فإنه موجد على الإطلاق ، والأفعال الصادرة عن الخلق مواد نتائجها ، فالنتائج بحسب المواد .
فإذا كانت المواد متوفرة في القوة والكثرة كانت ظهور ثمراتها عظيمة وشريفة ، وإذا كانت اعنى المواد ضعيفة القوة ويسيرة: تأخر ظهور النتيجة واستهلكت في ضمن قوة أضدادها.
وهذا من سر ما أشرت اليه في سر العفو والمغفرة ومحو الحسنة السيئة وسر التبديل.
وقد تقدم بيان ذلك كله في شرح الأحاديث الإلهية، فالآيات الباقية من آثار المعاقبين سببه وفور قوى أرواحهم القبيحة المستلزمة لظهور ثمراتها الشديدة الباقية الأثر، فاعلم ذلك.
فهذا سر هذه الحكمة.
 

أهم الكلمات والمصطلحات التي وردت في فص حكمة ملكية في كلمة لوطية
لوط في اللغة : " نبي الله ، راج في قومه اللواط ، فأبادهم الله ".
وردت هذه اللفظة في القرآن الكريم ( 27 ) مرة بصيغتين مختلفتين ، منها قوله
تعالى :" ولما جاءت رسلنا لوطا سيء بهم وضاق بهم ذرعا وقال هذا يوم
عصيب ".
في الاصطلاح الصوفي
يقول الشيخ عبد الكريم الجيلي :
" لوط اسم شريف جليل القدر ، لأنه يعطي اللصوق بالحضرة الإلهية .
لهذا قال : " آوي إلى ركن شديد " فلاستناده إليه ولصوقه به في علم الله سمي : لوطا ".

في الحديث الشريف :
عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:  «لو جاءني الداعي الذي جاء إلى يوسف لأجبته، وقال له: ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن، ورحمة الله على لوط، إن كان ليأوي إلى ركن شديد، إذ قال لقومه: لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد فما بعث الله بعده من نبي إلا في ثروة من قومه». صحيح ابن حبان  ورواه البخاري ومسلم واحمد والنسائي وابن ماجة والبزار
قال أبو حاتم : «لأجبت الداعي»، لفظة إخبار عن شيء مرادها مدح من وقع عليه خطاب الخبر في الماضي .

مصطلح العلم تابع للمعلوم
يقول الشيخ ابن نور الدين الشيخ الكامل :
" المشيئة والإرادة نسبتان تابعتان للعلم ، والعلم تابع للمعلوم ، فلا يعلم إلا ما هو الأمر عليه ، فلا يشاء إلا ما هو الأمر عليه ، فلا يوجد الحق إلا ما أعطته الاستعدادات لا غير ، فلا يقع في الوجود إلا ما أعطته الأعيان ،والعين ما تعطي إلا مقتضى ذاتها ولا تقضي الذات شيئا ونقيضه".

قال الشيخ رضي الله عنه :  في الفتوحات الباب الثاني عشر وأربعمائة
والعلم تابع للمعلوم وما هو المعلوم تابع للعلم. فافهمه . وهذه مسألة عظيمة دقيقة ما في علمي أن أحد أنبه عليها إلا إن كان وما وصل إلينا . وما من أحد إذا تحققها يمكن له إنكارها .
وفرّق يا أخي بين كون الشيء موجود فيتقدم العلم وجوده ، وبين كونه على هذه الصور في حال عدمه الأزليّ له .
فهو مساوق للعلم الإلهيّ به ومتقدم عليه برتبته ، لأنه لذاته أعطاه العلم به فعلم ما ذكرناه فإنه ينفعك ويقويك في باب التسليم والتفويض للقضاء والقدر .
الذي قصاه حالك ولو لم يكن في هذه الكتاب إلا هذه المسألة لكانت كافية لكل صاحب نظر سديد وعقل سليم  .ولله يقول الحق وهو يهدي السبيل.

قال الشيخ رضي الله عنه :  في الفتوحات الباب الثالث عشر وأربعمائة
فإن قلت فهذا المخلوق على قبول الشر هو ممكن فلأي شيء لم يخلقه على قبول الخير فالكل منه قلنا قد قدمنا وبينا أن العلم تابع للمعلوم وما وجد الممكن إلا على الحال الذي كان عليه في حال عدمه من ثبوت وتغيير كان ما كان والحق ما علم إلا ما هو المعلوم عليه في حال عدمه الذي إذا ظهر في الوجود كان بتلك الحال .
فما طرأ على المعلوم شيء لم يتصف به في حال عدمه فما للعلم فيه أثر وما قلنا بالقدر إنه توقيت إلا لأنه من المقدار "وما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ " "وكُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ" فاعلم ذلك والله يَقُولُ الْحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ.

يقول الشيخ ابن نور الدين الشيخ الكامل  في المشيئة والإرادة بالنسبة إلى العلم :
" المشيئة والإرادة نسبتان تابعتان للعلم ، والعلم تابع للمعلوم ، فلا يعلم إلا ما هو الأمر عليه ، فلا يشاء إلا ما هو الأمر عليه ، فلا يوجد الحق إلا ما أعطته الاستعدادات لا غير ، فلا يقع في الوجود إلا ما أعطته الأعيان ، والعين ما تعطي إلا مقتضى ذاتها ولا تقضي الذات شيئا ونقيضه.

قال الشيخ رضي الله عنه  عن عين سر القدر واتباع العلم للمعلوم  في الفتوحات الباب الثامن والثلاثون وخمسمائة:
" فتنبه واعتبر " وقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً " فمن ازداد علما ازداد حكما .
فانظر فيما أمرت به أو نهيت عنه من حيث إنك محل لوجود عين ما أمرت به أو نهيت عنه .
من حيث إنك محل لوجود عين ما أمرت به ،  فمتعلق الأمر عند صاحب هذا النظر أن يهيئ محله بالانتظار .
فإذا جاء الأمر الإلهي الذي يأتي بالتكوين بلا واسطة فينظر أثره في قلبه أولا فإن وجد الإباية قد تكونت في قلبه فيعلم أنه مخذول وأن خذلانه منه لأنه على هذه الصورة في حضرة ثبوت عينه .
التي أعطت العلم لله به . وإن وجد غير ذلك وهو القبول
فكذلك أيضا فينظر في العضو الذي تعلق به ذلك الأمر المشروع أن يتكون فيه من أذن أو عين أو يد أو رجل أو لسان أو بطن أو فرج .
فإنا قد فرغنا من القلب بوجود الإباية أو القبول فلا نزال نراقب حكم العلم فينا من الحق حتى نعلم ما كنا فيه فإنه لا يحكم فينا إلا بنا كما قلنا
أيها العذب التجني والجنا   .....   أيها البدر سناء وسنا
نحن حكمناك في أنفسنا   .....   فاحكم إن شئت علينا أو لنا
فإذا تحكم فينا إنما   .....   عين ما تحكمه فينا بنا
ومن كان هذا حاله في مراقبته وإن وقع منه خلاف ما أمر به فإنه لا يضره ولا ينقصه عند الله إفضالا من الله لا تحكما عليه عز وجل .
فإن المراد قد حصل الذي يعطي السعادة وهو المراقبة لله في تكوينه .
وهذا ذوق لا يمكن أن يعلم قدره إلا من كان حاله .
وهذا هو عين سر القدر لمن فهمه وكم منع الناس من كشفه لما يطرأ على النفوس الضعيفة الايمان من ذلك فليس سر القدر الذي يخفى عن العالم عينه إلا اتباع العلم المعلوم فلا شيء أبين منه ولا أقرب مع هذا البعد .
فمن كان هذا حاله فقد فاز بدرجة الاستقامة وبها أمر فإنه أمر بالمراقبة
فيتبع الحكم ما يكون   .....   والصعب من ذلكم يهون " أهـ.


مصطلح الهمة
في اللغة  الهمة : 1. ما هم به من أمر ليفعل . 2. عزم قوي  .
في القرآن الكريم وردت الهمة على اختلاف مشتقاتها ، منها قوله تعالى : " يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمت الله عليكم إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم فكف أيديهم عنكم " .

في الاصطلاح الصوفي
يقول الإمام علي بن أبي طالب :
" قدر الرجل على قدر همته " .

يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي :
الهمة : خاطر حق لا تردد فيه  .
ويقول : " الهمة يطلقها القوم : بأزاء تجريد القلب للمنى ، وبأزاء أول صدق المريد ، وبأزاء جمع الهمم بصفاء الإلهام ، هذا عند أهل الغربة " .

و يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي :
" التأثير بالهمة لا يعول عليه ، إلا أن صحبه بسم الله الذي هو بمنزلة كن منه " .

 و يقول الشيخ : " همة التنبيه : هي تيقظ القلب لما تعطيه حقيقة الإنسان مما يتعلق به التمني كان محالا أو ممكنا ، فهي تجرد القلب للمنى " .

 و يقول الشيخ : " همة الحقيقة : هي جمع الهمم بصفاء الإلهام ، فتلك همم الشيوخ الأكابر من أهل الله الذين جمعوا هممهم على الحق ، وصيروها واحدة لأحدية المتعلق ، هربا من الكثرة وطلبا لتوحيد الكثرة " .

و يقول الشيخ  : "همة الإرادة : وهي أول صدق المريد ، فهي همة جمعية لا يقوم لها شيء".

يقول الشيخ كمال الدين القاشاني:
" ممد الهمم : هو اسم من أسماء النبي سمي بذلك : لأنه هو الواسطة في إمداد الحق سبحانه وتعالى بالهداية لمن يشاء من عباده " .

يقول الإمام القشيري:
" الهمة : هي تنزيه القصد عما له ضد أو ند .
الهمة : سمو الأفكار إلى علو الأقدار .
الهمة : ترقي الأسرار عن مساكنة الأغيار .
الهمة : شرف الطلب ، والأنفة من كل أرب .
الهمة : الإسراع إلى المعالي والنزاع إلى شرف المعاني " .

يقول الشيخ عبد الحق بن سبعين :
 " الهمة : هي تعظيم خاص ، يعطي من نفسه مشارا ما بالنظر اليه ، يملك كل شيء ويقدر عليه " .
ويقول الشيخ  : " الهمة : هي باب الأدب " .

يقول الشيخ محمد بن وفا الشاذلي:
" الهمة : هي ملكة في النفس يمنعها التقاعد دون حصول المقصود " .
يقول الشيخ ابن عباد الرندي:
" الهمة : حالة للقلب ، وهي إرادة وغلبة انبعاث إلى نيل مقصود ما ، وتكون عالية إن تعلقت بمعالي الأمور ، وسافلة إن تعلقت بأدانيها " .
يقول الشريف الجرجاني:
" الهمة : هي توجه القلب وقصده بجميع قواه الروحانية إلى جانب الحق ، لحصول الكمال له أو لغيره " .

يقول الشيخ أحمد زروق:
" الهمة : قوة انبعاث في النفس إلى مقصود ما تعلو بعلوه ، وتسفل باستفاله " .

يقول الشيخ بالي أفندي:
" الهمة ... هي القوة الروحانية المؤثرة في النفوس لا القوة الجسمانية ، فإن القوة الروحانية أقوى تأثيرا من القوة الجسمانية " .

يقول الشيخ أحمد بن عجيبة:
" الهمة : قوة انبعاث القلب في طلب الشيء والاهتمام به ، فإن كان ذلك الأمر رفيعا كمعرفة الله وطلب رضاه سميت : همة عالية ، وإن كان أمرا خسيسا كطلب الدنيا وحظوظها سميت : همة دنية " .

يقول الشيخ عبد القادر الجزائري:
" الهمة ... اصطلاحا هي الباعث الطلبي المنبعث من النفوس والأرواح لمطالب كمالية ومقاصد غائية " .

يقول الشيخ داود الطائي :
" الهمة إنها مقسومة على النفس والروح والقلب والسر .
فأما سبيل النفس إلى الهمة : حسن الصيانة على بساط التجريد .
وأما سبيل الروح إلى الهمة : حسن الطريقة على بساط التفريد .
وأما سبيل القلب إلى الهمة : حسن الفتوة على بساط التصديق .
وأما سبيل السر إلى الهمة : حسن المروة على بساط التحقيق " .

يقول الشيخ عبد الكريم الجيلي في محتد الهمة:
" الهمة في محتدها الأول ومشهدها الأفضل : لا تعلق لها إلا بالجناب الإلهي ، لأنها نسخة ذلك الكتاب المكنون ، ومفتاح ذلك السر المصون المخزون . فلا التفات لها إلى سواه ، ولا تشوق لها إلى ما عداه " .

يقول الشيخ عبد الكريم الجيلي في علامات استقامة الهمة:
" لاستقامة الهمة علامتان :
العلامة الأولى : حالية ، وهو قطع اليقين بحصول الأمر المطلوب على التعيين .
العلامة الثانية : فعلية ، وهي أن تكون حركات صاحبها وسكناته جميعها مما يصلح لذلك الأمر الذي يقصده بهمته ، فإن لم يكن كذلك لا يسمى صاحب همة ، بل هو صاحب آمال كاذبة وأماني خائبة " .

يقول الشيخ الجنيد البغدادي شبخ الطائفة :
" ليس في الدارين شيء أعظم وأعلى من همة العارف ومروته ، لأنها ربانية فردانية صمدانية روحانية ديمومية علوية قدسية ، بل هي لحظة برقية ، ولمعة وقتية ووديعة سرية ،التي منه بدت وإليه تعود ،فلا يدرك كمالها وشرفها غير الله".

يقول الغوث الأعظم عبد القادر الكيلاني :
" يا غلام كن موسوي الهمة ، لا تقنع بدون : " أرني " " .

يقول الشيخ أبو الحسن الشاذلي حقيقة الهمة وكمالها:
" حقيقة الهمة : هي تعلق القلب بالشيء المهتم به ، وكمالها اتصال القلب بالكلية بالانفصال عن كل شيء سواه " .

ويقول الشيخ محمد بن وفا الشاذلي :
" حقيقة الهمة : القيام في كل شيء على قدم الإقدام إلى مبلغ الغاية فيه " .

يقول الشيخ ابن عطاء الله السكندري :
" سوابق الهمم لا تخرق أسوار الأقدار " .

يقول الشيخ داود بن باخلا :
" ما من وقت جديد إلا وينزل فيه مدد جديد ، يتلقاه أصحاب الهمم العوال من المريدين " .
يقول الشيخ عبد العزيز الدباغ:
" همة الشيخ الكامل : هي نور إيمانه بالله ـ عز وجل ـ ، وبه يربي المريد ويرقيه من حالة إلى حالة ، فإن كانت محبة المريد للشيخ من نور إيمانه أمده الشيخ حضر أو غاب ، بل ولو مات ومرت عليه آلاف من السنين ، ومن هنا كان أولياء كل قرن يستمدون من نور إيمان النبي ويربيهم ويرقيهم " .

يقول الشيخ ابن عباد الرندي:
" الهمم السوابق : هي قوى النفس التي تنفعل بها بعض الموجودات بإذن الله تعالى ، وتسميها الصوفية ( همة ) ... وهذه الهمم السابقة لا تنفعل الأشياء عنها إلا بالقضاء والقدر ... وهذه الهمم قد تكون للأولياء كرامات ، وقد تكون لغيرهم استدراجا ومكرا ، كما تكون للعائن والساحر " .

يقول الشيخ أحمد زروق:
" الهمم السوابق : وهي قوى النفس الفاعلة في الوجود بلا توقف ، كما يكون من العاين  عن خبثه ، ومن الساحر عن عقده ونفثه ، ومن المريض عن تجريد قوى نفسه ، ومن الولي عن تحققه في يقينه ، إذ لا يتوقف الانفعال في كل عن حركته ، وذلك بقضاء الله وقدره " .

مصطلح الركن الشديد
في اللغة  ركن : 1. أحد جوانب الشيء .   2. جزء من أجزاء حقيقة الشيء .
3. ما يتقوى به من ملك وجند وقوم ".
وردت هذه اللفظة في القرآن الكريم (4) مرات بصيغ مختلفة ، منها قوله تعالى : " قال لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد ".
في الاصطلاح الصوفي
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي:
" الركن الشديد : هو الحق ".
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي عن الإيواء إلى الركن الشديد:
" قوله : " يرحم الله أخي لوطا لقد كان يأوي إلى ركن شديد "،
يعني : بذلك إيواءه إلى الله ، فآوى إلى من يفعل ما يريد ولا اختيار في إرادته ولا رجوع عن علمه ، فآوى إلى من لا تبديل لديه ...
فلا ركن أشد من ركنك وما نفعك .
وإنما قلنا إنك أشد الأركان من كون القضاء ما جرى عليك إلا بما كسبت يداك ، وهو ما أعطته
قدرتك ، فأضاف الفعل إليك ... وإنما تعددت الأركان : من أجل الحجب التي أرسلها الحق بينك وبين الأصل.
وكون الأمر جعله مثل البيت على أربعة أركان :
ركن العلم ،
وركن القول وهو قوله عز وجل  : " هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق ".
وركن المشيئة .
وركن الأصل .
وهو أنت وهو الركن الأول من البيت والثلاثة الأركان توابع .
فمن الناس : من أستند في حاله إلى علم الله فيه .
ومنهم : من استند إلى مشيئته .
ومنهم : من أستند إلى ما كتب الله عليه .
وصاحب الذوق من يرى جميع ما ذكرناه ووقف مع نفسه .
وقال : أنا الركن الذي مرجع الكل إليه ، فهو الأول الذي أنبنى من هذا البيت ".

مصطلح الجعل
في اللغة " جعل الله الشيء : خلقه .
جعل يفعل كذا : بدأ أو شرع يفعله وهو من أفعال الشروع ".
وردت هذه اللفظة في القرآن الكريم ( 345 ) مرة ، منها قوله تعالى : "وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة ".
في الاصطلاح الصوفي
يقول الشيخ إسماعيل حقي البروسوي:
" الجعل : هو الإنشاء والإبداء ، كالخلق خلا أن ذلك مختص بالإنشاء التكويني ، وفيه معنى التقدير والتسوية ، وهذا عام " .
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي:
" الإله الحق: هو الذي لا يكون بالاتخاذ والجعل، إذ ألوهيته محققة في نفس الأمر ".
تقول الدكتورة سعاد الحكيم :
" الله عز وجل عند ابن العربي الطائي الحاتمي: هو اسم علم ذاتي لمرتبة الألوهية الجامعة لحقائق الأسماء كلها، فهو الاسم الكامل المحيط الجامع لجميع الأسماء - المتقابلة وغير المتقابلة - فما ثم من يقبل الأضداد في وصفه إلا الله ".
ويقول " الله سبحانه عنده : هو الإله الحق ، المطلق ، المجهول ، الذي لا يكون بالاتخاذ والجعل فلا تضبطه الحدود ، في مقابل الإله المخلوق أو المجعول ، إله المعتقد الذي تحده العقائد وتنسحب عليه عملية التنزيه".
يقول الشيخ نجم الدين الكبرى في تأويل قوله تعالى : " إني جاعل في الأرض خليفة ":
" قال جاعل وما قال خالق لمعنيين :
أحدهما : أن الجاعلية أعم من الخالقية ، فإن الجاعلية هي الخالقية ، وشيء آخر وهو أن يخلقه موصوفا بصفة الخلافة ...
والثاني : أن للجعلية اختصاصا بعالم الأمور ، وهو للملكوت ، وهو ضد عالم الخلق ، لأنه هو عالم الأجسام والمحسوسات كما قال تعالى : " ألا له الخلق والأمر ".
أي : الملك والملكوت ، فإنه تعالى حيث ذكر ما هو مخصوص بعالم الأمر ذكره بالجعلية لامتياز الأمر عن الخلق .
كما قال تعالى : "الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور" ، فالسموات والأرض لما كانتا من الأجسام المحسوسات ذكرهما بالخلقية ، والظلمات والنور لما كانتا من الملكوتيات غير المحسوسات ذكرهما بالجعلية .
فكذلك لما أخبر الله تعالى عن آدم بما يتعلق بجسمانيته ذكره بالخلقية .
كما قال : "إني خالق بشرا من طين "، ولما أخبر عما يتعلق بروحانيته ذكره بالجعلية.
وقال : " إني جاعل في الأرض خليفة " .
واتساب

No comments:

Post a Comment