Thursday, November 7, 2019

12- فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم علاء الدين أحمد المهائمي

12- فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم علاء الدين أحمد المهائمي

12- فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم علاء الدين أحمد المهائمي

كتاب خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي
الفص الشعيبي 
قال الشيخ رضي الله عنه : (اعلم أن القلب أعني قلب العارف بالله هو من رحمة الله، وهو أوسع منها، فإنه وسع الحق جل جلاله ورحمته لا تسعه:
هذا لسان العموم من باب الإشارة، فإن الحق راحم ليس بمرحوم فلا حكم للرحمة فيه.
وأما الإشارة من لسان الخصوص فإن الله وصف نفسه بالنفس وهو من التنفيس:
وأن الأسماء الإلهية عين المسمى وليس إلا هو، وأنها طالبة ما تعطيه من الحقائق وليس الحقائق التي تطلبها الأسماء إلا العالم. فالألوهية تطلب المألوه، و الربوبية تطلب المربوب ، وإلا فلا عين لها إلا به وجودا أو تقديرا. )
أي: ما يتزين به، ويكمل العلم اليقيني المتعلق بالقلب من حيث إنه مع وحدته واسع الظهور كل كثرة فيه، ظهر ذلك العلم بزينته وكماله في الحقيقة الجامعة المنسوبة إلى شعيب عليه السلام لتشعب دعوته الواحدة.
أي: تسوية الميزان بقوله: " أوفوا المكيال والميزان بالقسط ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين " [هود: 85].
إلى شعيب كثيرة في الاعتقادات والاختلاف والأعمال إذ لكل شيء منها میزان خاص يستقیم به إذا روعي، ويميل إلى طرفي الإفراط والتفريط إذ أخل به على ما سيشير الشيخ رحمه الله، وهي من أعمال القلب أو القوة المستمدة منه و مشابهة له في التوسط لتوه بين الروح والنفس.
فبين أولا سعته لما لا بتناهي من صور الكثرة حتى أنه أوسع من أصله ليتيسر تصور سعة الكثرة الحاصلة عن ضيق الوحدة في أوهام العامة.
فقال رضي الله عنه  : (اعلم أن القلب أي: قلب العارف بالله) إذ قلب غيره، وإن أحاط بالعلوم الرسمية العقلية والنقلية ضيق عن الأمور الغير المتناهية، والمقصود بیان سعته، وهو المسمى بالقلب في قوله تعالى: "لمن كان له قلب" [ق:37] (هو من رحمة الله) ضرورة أن الموجودات كلها من رحمته، ولكن (هو أوسع) في إيجاد الصور كلها (منها فإنه وسع الحق) أي: صورة في الذهن الذي له إيجاد الصور فيه.
(ورحمته لا تسعة) إذ لا تصوره في الخارج الذي لها إيجاد الصور فيه، ولا في الذهن الذي ليس لها إيجاد شيء منها فيه.
ولذا قال صلى الله عليه وسلم عن ربه: «ما وسعني أرضي، ولا سمائي، ولكن وسعني قلب عبدي المؤمن التقي النقي»، فكذا الكثرة أوسع من الوحدة فيما يتوهم.
ثم قال: (وهذا) أي: كون الرحمة لا تسع الحق والقلب بسعة؛ فهو أوسع منها (لسان العموم) أي: قول عامة الصوفية إذ أهل الظاهر لا يجترئون على القول بسعة القلب للحق؛ لأنها إما بالحلول المحال أو بالتمثيل، وهو باطل عندهم لقوله تعالى: "لیس كمثله شيء" [الشورى:11].
وقد ذهلوا عن حديث رؤية يوم القيامة في الصور المختلفة، وفي المنامات، وعن الفرق بين المثل والمثال (من باب الإشارة)، أي: مأخوذ من كلامهم بطريق الإشارة إذ لم يصرحوا بذلك.
وإنما قال عوام الصوفية بأن القلب أوسع من الرحمة لسعته بالحق دون الرحمة وإلا كان الحق مرحوما وهو باطل.
قال رضي الله عنه : (فإن الحق راحم وليس بمرحوم) بوجه من الوجوه، (فلا حكم للرحمة فيه) لا بإيجاده في الخارج ولا في الذهن، (وأما الإشارة) المأخوذة (من لسان الخصوص) أي كلام خواص الصوفية، فالرحمة أوسع من القلب أو مساوية له في السعة، وإن لم يصرحوا بذلك أيضا، فإن المفهوم من كلامهم أنه تعالى يرحم ذاته وأسماؤه بتصويرها في أعيان المكونات في الخارج.
فإن الله تعالى وصف نفسه على لسان نبيه الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى (بالنفس)، وهو قوله صلى الله عليه وسلم : «إني لأجد نفس الرحمن من قبل اليمن»..
وهو رحمة من المتنفس على نفسه بإخراج الهواء الحارة، وإدخال الباردة، كيف (وهو) مشتق (من التنفيس)؛ وذلك لأن الأسماء من حيث انتسابها إلى الأشياء تطلب ظهورها بصورها وآثارها فيها، وذلك الطلب فيها كالكرب، والظهور كالتنفس فكأنها مرحومة.
قال رضي الله عنه : (والأسماء الإلهية عين المسمى) الذي صدقت عليه، (وليس) المسمى (إلا هو)، أي: الذات فكأنها أيضا مرحومة، وكيف لا تكون الذات مرحومة؟ 
(وأنها طالبة ما تعطيه) الأسماء باعتبار تضمنها معانيها الخاصة من (الحقائق) التي انتسبت تلك الأسماء إليها، باعتبار معانيها الخاصة الموجودة في الذات بواسطة عينية تلك الأسماء لها، وكيف لا تكون مرحومة باعتبار ظهورها في تلك الحقائق؟ وليست صورها الظاهرة فيها قديمة مانعة من التأثير إذ
قال رضي الله عنه : (ليست الحقائق التي طلبتها الأسماء) احتراز عن الحقائق المطلوبة للذات من معاني الأسماء؛ فإنها قديمة غير قابلة للتأثير أصلا إلا العالم القابل للتأثيرات، فالصور الظاهرة فيها حادثة، وبظهورها تحصل مطالب الأسماء؛ فالرحمة عليه رحمة على الأسماء وعلى الذات باعتبار ظهورها فيه، وكيف لا تطلب الأسماء تلك الحقائق، ولا تتصور باعتبار تضمنها للنسب
المقتضية للمنتسبين إلا بها (فالألوهية تطلب المألوه) وإن ورد أن الله غني عن العالمين.
قال رضي الله عنه : (والربوبية تطلب المربرب وإلا) أي: وإن لم يوجد المألوه والمربوب حقيقة ولا تقديرا؛ (فلا عين لها) أي: لا تعين لهذه النسب أي: الألوهية والربوبية إلا (به وجودا أو تقديرا)، فإن الألوهية والربوبية بالفعل عند وجود المألوه والمربوب وبالقوة عند تقديره وإلا فلا تتصور أصلا.

قال الشيخ رضي الله عنه : ( والحق من حيث ذاته غني عن العالمين.
والربوبية ما لها هذا الحكم.
فبقي الأمر بين ما تطلبه الربوبية وبين ما تستحقه الذات من الغنى عن العالم.
وليست الربوبية على الحقيقة والاتصاف إلا عين هذه الذات.
فلما تعارض الأمر بحكم النسب ورد في الخبر ما وصف الحق به نفسه من الشفقة على عباده.
فأول ما نفس عن الربوبية بنفسه المنسوب إلى الرحمن بإيجاده العالم الذي تطلبه الربوبية بحقيقتها وجميع الأسماء الإلهية.
فيثبت من هذا الوجه أن رحمته وسعت كل شيء فوسعت الحق، فهي أوسع من القلب أو مساوية له في السعة.  هذا مضی ).

ثم أشار إلى الجواب عن قوله: "فإن الله غني عن العالمين " [آل عمران: 97] الدال على غني الذات والأسماء كيف والقديم ذاتا وصفة ليس محلا للحوادث، ولا حالا فيها.
فقال رضي الله عنه: (والحق من حيث ذاته) لا من حيث تضمنها لمعاني أسمائه المنتسبة إلى الأشياء، وكذا الأسماء من حيث انتسابها إلى الذات القديمة (غني عن العالمين) فلا کرب لها أصلا، فلا تكون مرحومة بهذا الاعتبار، ولكن (الربوبية) التي بها انتساب الأسماء إلى الأشياء.
وانتساب الذات إليها بواسطة تضمنها معاني الأسماء (ما لها هذا الحكم)، أي: الغني لاقتضاء النسبة المنتسبين، فلها ما يشبه الكرب بهذا الاعتبار، (فبقي الأمر) أي: أمر الرحمة في تعلقها بأسماء الحق وذاته مترددا (بين ما تطلبه الربوبية) من الظهور في الأشياء، ففيها ما يشبه الكرب.
فقال رضي الله عنه: (وبين ما تستحقه الذات) والأسماء باعتبار انتسابها إليها (من الغني عن العالم) الموجب لعدم الظهور فيه؛ فليس فيها ما يشبه الكرب، لكن كرب الربوبية لاحق بالذات؛ وذلك لأنها (ليست الربوبية على الحقيقة والاتصاف إلا عين هذه الذات)، إذا الربوبية نسبة، والنسب عدمية فلا تحقق إلا للذات المتضمنة للربوبية.
فقال رضي الله عنه: (فلما تعارض الأمر) أي: (الأمر) تعلق الرحمة بالذات والأسماء (بحكم النسب) أي: بحكم انتساب الذات إلى نفسها من حيث هي، وانتساب الأسماء إلى الذات، وبحكم انتساب الذات إلى الأشياء بتضمنها معاني الأسماء المنتسبة إلى الأشياء، وانتساب الأسماء إلى تلك الأشياء.
(ورد في الخبر ما وصف به الحق نفسه من الشفقة) المشعرة بما يشبه الكرب بطريق الإشارة لا التصريح (على عباده) صريحا، فلم يصرح بتعلقها في مكان المعارضة،
وصرح في مكان لا معارضة فيه، ولكن هذه الشفقة المشعرة بما يشبه الكرب لا تتعلق بالذات والأسماء بالنظر إلى العباد من حيث هم عباد .
بل من حيث هم مظاهر الأسماء والذات، باعتبار ما فيها من طلب الظهور بهم، لكن الربوبية سابقة في هذا الطلب على الذات والأسماء باعتبار انتسابها إلى الذات، ولكن الأسماء الإلهية باعتبار انتسابها إلى الأشياء كالربوبية في سبقها في هذا الطلب.
فقال رضي الله عنه: (فأول ما نفس عن الربوبية بنفسه المنسوب إلى الرحمن) الشامل الأسماء الربوبية، فنفس عما يشبه الكرب فيها (بإيجاده العالم الذي تطلبه الربوبية بحقيقتها) التي هي نسبة الأسماء والذات إلى الأشياء، وعن (جميع الأسماء الإلهية) التي هي كالربوبية باعتبار سبق انتسابها إلى الأشياء على انتساب الذات إليها بواسطة تضمنها معاني الأسماء.
فقال رضي الله عنه: (فثبت من هذا الوجه) أي: طلب الأسماء بأنفسها والذات بواسطتها للأشياء، وكونه كالكرب فيها (أن رحمته) بإيجاد العالم (وسعت كل شيء)، حتی وسعت الربوبية والأسماء الإلهية.
فهي أي: رحمة في (فوسعت الحق) باعتبار تضمنه معاني تلك الأسماء، ومعنى الربوبية؛ (في) أي: الرحمة في إيجاد صور الأشياء في الخارج (أوسع من القلب)؛ لأنها وسعت الحق والربوبية، ولكل ما في الخارج من الجزئيات، والقلب لا يتسع للجزئيات كلها في الذهن بقدر واجتماعها في الخارج (أو مساوية له في السعة)، إذ للقلب تصوير الكليات في الذهن، وليس ذلك للرحمة المصورة للأشياء في الخارج فقط.
ويمكن أن يقال في معنى المساواة: إن للرحمة أيضا تصوير الأمور في الذهن، وللقلب أيضا التصوير في الخارج فيما يخلقه العارف همته، (هذا) أي: بحيث أن القلب أوسع أم الرحمة أو هما متساويان (مضی) أي: تم وفي معناهما الوحدة والكثرة، إذ لكل كثرة باعتبار مجموعتها وحدة، والوحدة تظهر بكل وحدة للكثرة، مع أن الوحدة محملة والمحمل من حيث هو محمل أضيق من المفصل، فافهم، فإنه مزلة للقدم.

قال الشيخ رضي الله عنه : (ثم لتعلم أن الحق تعالى كما ثبت في الصحيح يتحول في الصور عند التجلي، وأن الحق تعالى إذا وسعه القلب لا يسع معه غيره من المخلوقات فكأنه يملؤه.
ومعنى هذا أنه إذا نظر إلى الحق عند تجليه له لا يمكن أن ينظر معه إلى غيره.
وقلب العارف من السعة كما قال أبو يزيد البسطامي «لو أن العرش و ما حواه مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس به».
وقال الجنيد في هذا المعنى: إن المحدث إذا قرن بالقديم لم يبق له أثر، وقلب يسع القديم كيف يحس بالمحدث موجودا. )

ثم أشار إلى أن القلب مع غاية سعته هل تجتمع فيه التجليات المختلفة للحق أم لا؟
وهل يتسع معه للخلق أم لا؟ 
فقال: (ثم) أي: بعد معرفة اتساع القلب (لتعلم أن الحق تعالی کما ثبت في الصحيح يتحول في الصور عند التجلي) في القيامة، فيتجلى في صورة
تنكرها الخلق، ويقولون: نعوذ بالله منك لست ربنا، ثم يتجلى في صورة يعرفونها؛ فيقولون: أنت ربنا، ويسجدون له، هذا حاصل ما في صحيح مسلم.
فدل على أنه لا يتسع لجميع تجلياته كما لا يتسع للخلق مع الحق، (وأن الحق تعالی إذا وسعه القلب لا يسع معه غيره من المخلوقات)، ولو في حق الكامل الذي لا يحجبه الحق عن الخلق و بالعکس.
(فكأنه) أي: ما تجلى فيه من صورة الحق (يملؤه)، وإن كان في نفسه واسعا لا تنقاس جميع تجلياته ولا تنقاس صور الخلق معه، بحيث يمكنه الالتفات إلى ذلك في الجملة . 
وعلى هذا الوجه (معنى هذا) أي: عدم اتساعه للخلق مع الحق، (أنه إذا نظر) أي: التفت إلى الحق عند تجليه له لا يمكن أن ينظر معه إلى غيره من المخلوقات، وإن كانت صورهم منتقشة فيه؛ لأنه لبساطته وجد أن الفعل.
فلا يمكنه الالتفات إلى صورة للخلق مع الالتفات إلى غيرها من صور الخلق، وإن كان الكل منتقشا فيه، بحيث لا يحتاج في تحصيلها إلى تعمل وتذكر.
ولذلك قلنا: (قلب العارف من السعة) لصور الخلق والحق، (كما قال أبو يزيد البسطامي: لو أن العرش وما حواه) العرش من الكرسي إلى العرش (مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس به)، وهذا يدل على انتقاش الكل فيه مع أنه لا يمكنه الالتفات إليه مع التفاته إلى الحق.
ولذلك (قال الجنيد في هذا المعنى: إن المحدث إذا قرن مع القديم لم يبق له أثر)، كما لا يبقى لصور المسرح والكواكب أثر عند إشراق الشمس، ولفظ «قرن» دل على أنه منتقش، لكنه غير ملتفت إليه.
وبينه الشيخ رحمه الله بقوله: (وقلب يسع القديم) الذي لا يتناهى لا يضيق عن شيء، لكنه (كيف يحس بالمحدث موجودا) مع أن وجود المحدث ظل لوجود القديم ولا ظل مع إشراق الشمس بلا حجاب.
ولذلك ورد "حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه".
"" الحديث : قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"  إن الله عز وجل لا ينام، ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار، وعمل النهار قبل عمل الليل، حجابه النور - وفي رواية أبي بكر: النار - لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه» رواه مسلم و رواه ابن ماجة ومسند أحمد  ومسند أبي داود الطيالسي الأسماء والصفات البيهقي ومسند البزار وابن منده ، التوحيد لابن خزيمة والشريعة للآجري وغيرهم   ""
قال الشيخ رضي الله عنه : (وإذا كان الحق يتنوع تجليه في الصور فبالضرورة يتسع القلب ويضيق بحسب الصورة التي يقع فيها التجلي الإلهي، فإنه لا يفضل شيء عن صورة ما يقع فيها التجلي.
فإن القلب من العارف أو الإنسان الكامل بمنزلة محل فص الخاتم من الخاتم لا يفضل بل يكون على قدرة وشكله من الاستدارة إن كان الفص مستديرا أو من التربيع والتسديس والتثمين وغير ذلك من الأشكال إن كان الفص مربعا أو مسدسا أو مثمنا أو ما كان من الأشكال، فإن محله من الخاتم يكون مثله لا غير. )
ولما لم يتم هذا المعنى في منع رؤية صور الحق بعضها مع بعض أشار إلى منع اجتماعها؛ فقال: (وإذا كان الحق يتنوع تجليه في الصور) على ما ثبت في الصحيح، ولا حاجة إلى ذلك لو اتسع القلب لجميعها، (فبالضرورة يتسع القلب) عند تجلية في صورة غير متناهية أو بعيدة الأطراف جدا.
قال الشيخ رضي الله عنه :  (ويضيق) عند تجليه في غيرهما؛ فعلی هذا لا يكون معنى اتساع القلب لتجليات الحق اتساعه لجميعها مقابل على التعاقب، بل لا يبقى متسه في جميع الحالات إذ يكون (بحسب الصورة التي يقع فيها التجلي الإلهي).
وإن كان له اتساع انتقاش كثير من صور المخلوقات مع صورة الحق وبدونها (فإنة لا يفضل من القلب شيء عن صورة ما يقع فيها التجلي) الإلهي، وإن فضل الصورة مخلوق .
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فإن القلب من العارف) الذي يحجبه الحق عن الخلق (أو الإنسان الكامل) الذي لا يحجبه الحق عن الخلق (بمنزلة محل فص الخاتم من الخاتم لا يفضل) ذلك المحل عن مقدار الفص، والكامل لا يرى الخلق منفصلا عن الحق، بل يرى كل واحد كأنه في الأخر، مع أن له قوة التمييز بين المرتبتين.
بل يكون المحل (على قدره) أي: مقدرا الفص طولا وعرضا وعمقا، (وشكله من الاستدارة إن كان الفص مستديرا)، وشكله (من التربيع والتسديس والتثمين وغير ذلك من الأشكال، إن كان الفص مربعا أو مسدسا أو مثمنا أو ما كان من الأشكال، فإن محله من الخاتم يكون مثله) حين تعلقه به (لا غير)، وإن كان قلبه واسعا للجميع، وكذا بعد فصله عنه فكأنه متسع للجميع، في نفسه ضيق عند ذكر الواحد عما سواه.
ولذلك استوعب ذكر الأشكال؛ وذلك لأنه لا يمكن اجتماع صورتين لشخص واحد في مرآة واحدة إلا إذا ظهرت في المرأة مرآة أخرى حاملة لصورة أخرى لذلك الشخص، فكأنه مرآتان حينئذ والقلب مرأة واحدة أبدا بخلاف صور الأسماء المختلفة يمكن اجتماعها في المرأة الواحدة من حيث هي مرآة واحدة.
لكنها لا يمكن التفات إليها مع الحق لما ذكرنا، فكان كمحل الفص من الخاتم بالنسبة إلى الفص؛ لأنه لا مقدار له في نفسه لتجرده، فمقداره مقدار ما ظهر فيه.

قال الشيخ رضي الله عنه: (وهذا عكس ما يشير إليه الطائفة من أن الحق يتجلى على قدر استعداد العبد.
وهذا ليس كذلك، فإن العبد يظهر للحق على قدر الصورة التي يتجلى له فيها الحق.
وتحرير هذه المسألة أن لله تجليين.
تجلي غيب وتجلي شهادة، فمن تجلي الغيب يعطي الاستعداد الذي يكون عليه القلب، وهو التجلي الذاتي الذي الغيب حقيقته، وهو الهوية التي يستحقها بقوله عن نفسه «هو».
فلا يزال «هو» له دائما أبدا.)
قال الشيخ رضي الله عنه: (وهذا) المذكور الدال على أن المحل بقدر التجلي (عكس ما تشير إليه الطائفة من) التجلي بقدر المحل، إذ قالوا: (أن الحق يتجلى على قدر استعداد العبد) (وهذا) التجلي الذي يكون قلب العبد فيه على قدر التجلي (ليس كذلك، فإن العبد) في هذا التجلي (يظهر) قلبه موافقا (للحق على قدر الصورة التي تجلى له فيها الحق) . فيكون العبد تابعا للتجلي.
ولما لم يكن بد من التوفيق بين كلامهم الذي قال به أولا.
قال الشيخ رضي الله عنه : (وتحرير هذه المسألة) أي: مسألة أن التجلي بقدر المتجلي له، أو المتجلي له بقدر التجلي (أن الله تجليين) أي: نوعين من التجلي قال الشيخ رضي الله عنه :  (تجلي غيب) يفيد الوجود للأعيان الثابتة الحاصلة عن غيب الهوية، وهو يعم الكل، (وتجلي شهادة) يفيد الرؤية برفع الحجب عن القلب بعد تحققه في عالم الشهادة بالوجود، تخص بعض أهل القرب .
قال الشارح:" قال المحققون، ومنهم أبو طالب المكي وأتباعه إن الحق سبحانه وتعالى ما تجلى في صورة واحدة لشخص واحد مرتين، وإلا لتعدد الفيض ضرورة ظهوره ظهورين في مرآة واحدة في حالة واحدة.
والشيء الواحد لا يتعدد ظهوره في مرآة واحدة في حالة واحدة، ولا لشخصين أيضا في صورة واحدة، ولما كانت الممکنات متناهية على نهج الجواز، لكن عدم تناهيها واجب.
وذلك لأنه يجوز حينئذ أن يكون الشخص الثاني تكرار الشخص الأول، وهكذا بالنسبة إلى الممکنات، وما لم يظهر ليس بممكن أن يظهر بالنسبة إلى العلم القديم، فتكون الممکنات متناهية، لكن هذا الدليل إقناعي كما هو دأب المشايخ، وإذا كان كذلك فلابد من فارق بين التجليين من وجه، وأقله التعدد، أو وجوه باختلاف الذاتيات أو القوارض أو المجموع، وإذ امتنع التكرار بالنسبة إلى الممکنات بعضها إلى بعض.
بالنسبة إلى الحق ما يظهر منه أولي، فافهم هذا المقام؛ لتعلم أن التجليات غير متناهية وغير مشابهة بعضها البعض ، وأن الحق لا يشبه شيئا مما تجلى فيها، وتعلم اختلاف کشوف المشايخ، والله المرشد لك إلي معرفتها. 
قال الشيخ رضي الله عنه :   (فمن تجلي الغيب يعطي الاستعداد) أي: الوجود بقدر الاستعداد (الذي يكون عليه القلب) أي: عينه الثابتة قبل الوجود، (وهو) أي: الاستعداد للقلب (التجلي الذاتي) أي: بنور ذات القلب وحقيقته في علم الحق مع أحوال متميزة بكل منها عما عداها، وهذا التجلي لعين القلب هو (الذي الغيب) أي: غيب هوية الحق (حقیقته) أي: موجب ثبوته، فإن الأعيان الثابتة كانت شؤونا ذاتية في غيب الهوية، فلما تميزت بتلك الأحوال عن غيب تلك الهوية في العلم الإلهي صارت أعيانا لمرتبة للأشياء فتعين هوية الحق موجب ثبوت هويات الأعيان.
ولذلك قال وهو أي: التجلي الذاتي للأعيان (هو الهوية) أي: العين الأعيان الثابتة (التي يستحقها) كل عين (بقوله) أي: قول غیب هوية الحق مخبرا (عن نفسه هو) نحو:" قل هو الله أحد " [الإخلاص: 1] فإنه لما أوجب تميزه عن كل ما عداه أو جب تمیز كل ما عداه عنه، فأوجب تعين كل عين بأحوال مخصوصة كالعوارض المشخصة للأمور الخارجية، وتلك الأحوال استعدادات العين الموجود الخارجي والعوارض، ولما كان هوية كل عين هوية الحق، وهي دائمة أبدية.
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فلا يزال هو له) أي: التعين لكل عين (دائم أبدا)، وإن تبدلت عليه العوارض بحسب تعاقب مقتضيات تلك الأحوال التي هي الاستعدادات الموجبة لفيضان الوجود والعوارض بحسب السنة الإلهية.

قال الشيخ رضي الله عنه :  (فإذا حصل له أعني للقلب هذا الاستعداد، تجلى له التجلي الشهودي في الشهادة فرآه فظهر بصورة ما تجلى له كما ذكرناه.
فهو تعالى أعطاه الاستعداد بقوله «أعطى كل شي ء خلقه»، ثم رفع الحجاب بينه وبين عبده فرآه في صورة معتقده ، فهو عين اعتقاده. فلا يشهد القلب ولا العين أبدا إلا صورة معتقده في الحق.
فالحق الذي في المعتقد هو الذي وسع القلب صورته، وهو الذي يتجلى له فيعرفه.
فلا ترى العين إلا الحق الاعتقادي.
ولا خفاء بتنوع الاعتقادات: فمن قيده أنكره في غير ما قيده به، وأقر به فيما قيده به إذا تجلى.
ومن أطلقه عن التقييد لم ينكره وأقر به في كل صورة يتحول فيها ويعطيه من نفسه قدر صورة ما تجلى له إلى ما لا يتناهى، فإن صور التجلي ما لها نهاية تقف عندها.)

(فإذا حصل له) ولما توهم عود الضمير إلى كل عين مع أن التجلي الشهودي مخصوص (أعني للقلب)، فسره بقوله: أعني لما غلب (هذا الاستعداد) أي: مقتضاه من الوجود والعوارض التي فيها ما بعد التجلي الشهودي .
(تجلي له التجلي الشهودي) أي: المفيد شهود الحق برفع الحجب عن القلب، وذلك إما يتصور (في) عالم (الشهادة) أي: الوجود الخارجي الذي فيه الحجب، إذ رفع الشيء فرع ثبوته (فرآه القلب بانطباع صورة ما تجلى له فيه، فظهر) القلب المجرد في نفسه (بصورة ما تجلى له) المنطبعة فيه، فيكون بمقدار التجلي بخلاف التجلي الأول الكائن بمقدار استعداده.
كما قال (فهو تعالی أعطاه) في التجلي الأول (الاستعداد) أي: الوجود بقدر الاستعداد كما دل عليه (بقوله: "أعطى كل شيء خلقه")[طه: 40]  أي: قدر استحقاقه، فإن الخلق هو التقدير، ولفظ أعطى دل على أنه فعله اختيار أو أجرى مشيئته بذلك لا كما يقول الفلاسفة من أنه بطريق الوجوب؛ وذلك لأن العطاء إنما يحسن بقدر قابلية المعطي له واستحقاقه.
(ثم) في التجلي الثاني في حق من استحق (رفع الحجب) عن قلبه رفع الحجاب (بينه وبين عبده)، فليس فيه عطاء يفيد بمقدار قابلية المعطي له، بل هو رؤية شيء فيرى بمقداره فينطبع ذلك المقدار في المحل فيصير بقدره.
ولما لم يكن للحق تعالی مقدار في نفسه لعدم تناهيه بل في اعتقاد الرأي (فرآه في صورة معتقده) لا محالة، وإن كان قد يراه بصورة غير معتقدة أيضا، وليست تلك الصور صورة الحق المطلق، فليس بمرئي من حيث إطلاقه، (فهو) أي: المرئي (عين اعتقاده)
سواء كان صورة تنزيه أو تشبيه أو جامعة بينهما، والمرئي للقلب في الدنيا عند کشف الحجب هو المرئي للعين في الآخرة على سبيل الضرورة.
فلا يشهد القلب في الدنيا والأخرة (ولا العين أبدا) بطريق الضرورة (إلا صورة معتقده في الحق) إذ المرئي لا يخلو من صورة تنزيهه أو غيرها الحق المطلق غير مقيد بصورة، فهذا التجلي وإن لم يكن بمقدار قلب العبد وعينه فهو بمقدار اعتقاده.
فالحق (الذي في المعتقد هو الذي وسع القلب صورته)، فالقلب وإن صار واسعا في الغاية يضيق عما وراء معتقده مما هو أتم من معتقده في الكمال ما دام اعتقاده باقيا، (وهو) أي: الحق الذي وسع القلب صورته (هو الذي يتجلى له ) الرؤية بالعين في القيامة؛ لأن صفات القلب هي المتمثلة للعين يوم القيامة لا بد من ذلك، وإن جاز أن يتمثل له غيره أيضا مما هو أدنى من معتقده مع بقاء اعتقاده، فإذا تجلى له في صورة المعتقد (فيعرفه) أي: يقر به.
لأن كل متمثل لا بد وأن يكون صورة معتقد شخص، وإن أنكره الأخر؛ (فلا ترى العين إلآ الحق الاعتقادي) سواء كان في صورة اعتقاده أو اعتقاد غيره، فتختلف صوره التي يتجلى بها يوم القيامة بحسب اختلاف الاعتقادات؛ وذلك لأنه (ولا
خفاء في تنوع الاعتقادات) لتجويز البعض ظهوره بكل صورة بشرائط مخصوصة وقرائن دالة على أنه هو الظاهر فيها، فلا يلزم تصديق الشيطان والإنسان في دعوى الربوبية.
وكذا الملك إذا ادعاها لنفسه بإذن الله تعالى، ومنع البعض ظهوره في صورة التشبيه مطلقا، وبعضهم في الصور القاصرة، وبعضهم في صورة يمكن للغير إلى غير ذلك، ولا شك أنه يتجول في الصور على ما ورد في الصحيح.
(فمن قيده) في ظهوره بصورة معينة كالتنزيه (أنكره في غير ما قيده به وأقر به فيما قيده به) متعلق بما بعده من قوله: (إذا تجلی) مع دلالة القرائن على أن الظاهر فيها هو الحق، كما ظهر بموسى عليه السلام في النار والشجرة فيفوته فوائد التجلي.
وهو مثل ما حصل لموسى عليه السلام فقلبه لا يختلف حاله ضيقا وسعة بل يكون عند التجلي دائما بمقدار الصورة التي اعتقد ظهوره فيها.
(ومن أطلقه) في ظهوره (عن التقييد) بصورة دون أخرى (لم ينكره) في أي صورة ظهر إذا دلت القرائن على أنه هو الظاهر فيها، (وأقر له في كل صورة يتحول فيها)؛ لأنه لما كان منزها عن الظهور كلها في نفسه مع أن له الظهور، فله أن يظهر بأي صورة شاء.
(فيعطيه) هذا التجلي (من نفسه) أي: من عنده من غير أن يأخذ شيئا من التجلي له (قدر صورة ما يتجلى) له (فيها)، فيختلف قلبه ضيقا وسعة، وتحصل له تجليات أي: (إلى ما لا يتناهی)، فيستفيد من كل منها فائدة جديدة إلى غير النهاية بحسب تصور قلبه بصورة كل تجلي.
(فإن صور التجلي ما لها نهاية يقف) التجلي (عندها)، إذ لا ترجيح لصورة على أخرى في الظهور بها .
إذ لا يشترط الكمال في الصور لورود الحديث في الصور المنكرة، ولا ينكر إلا للقصور مع أنه لا نهاية للصور في أنفسها سيما إذا لم يشترط الكمال فيها.

قال الشيخ رضي الله عنه : (وكذلك العلم بالله ما له غاية في العارف يقف عندها، بل هو العارف في كل زمان يطلب الزيادة من العلم به.
«رب زدني علما» ، «رب زدني علما»، «رب زدني علما».
فالأمر لا يتناهى من الطرفين. هذا إذا قلت حق وخلق، فإذا نظرت في قوله : «كنت رجله التي  يسعى بها و يده التي يبطش بها و لسانه الذي يتكلم به» إلى غير ذلك من القوى، و محلها  الذي هو الأعضاء، لم تفرق فقلت الأمر حق كله أو خلق كله.
فهو خلق بنسبة وهو حق بنسبة والعين واحدة.
فعين صورة ما تجلى عين صورة من قبل ذلك التجلي، فهو المتجلي والمتجلي له.) 
(وكذلك) أي: مثل هذا التجلي الشهودي (العلم بالله ما له نهاية) باعتبار التفاصيل الواقعة (في) اعتقادات (العارفين)، ومعارفهم .
(يقف) علمهم واعتقادهم (عندها)، وإن وقفت معارف اهل النظر كلهم على حد مخصوص (بل هو): أي الذي لا يرى نهاية للعلم به هو( العارف)، فذلك يكون في كل زمان يطلب الزيادة في العلم .
بأن يقول: ("رب زدني علما") بتفاصيل الاعتقادات والمعارف، رب زدني علما بتكثير الأدلة على كل معتقد صحيح، رب زدني علما بكشف الحجب عن المعتقدات، فإنه يشبه العلم الحاصل بالحس، وهو من المعلوم عند الأشعري، وكيف لا؟ 
وقد سمع الله تعالى يقول لا علم الخلق به: "وقل رب زدني علما" [طه:114].
وقد أوجب علينا متابعته صلى الله عليه وسلم والمتكلم إنما يطلب زيادة في تحرير الأدلة وتكثيره ورفع الشبهات.
(فالأمر) أي: أمر المعارف والاعتقادات (لا يتناهي من الطرفين)، طرف الطالب في الاستزادة وطرف المطلوب منه في الإفاضة، (هذا) أي: القول بعدم تناهي الأمر من الطرفين إنما يتصور (إذا قلت) الظاهر في الصور (حق) إن كان ذو الصورة واجب (وخلق) إن كان ممكنا ففرقت بينهما.
(وإذا نظرت في قوله تعالى) في الحديث القدسي رواه البخاري ومسلم («كنت رجله التي يمشي بها، ويده التي يبطش بها، ولسانه الذي يتكلم به" إلى غير ذلك من القوى، ومحالها التي هي الأعضاء لم تفرق) بين الحق والخلق في الصور الظاهرة، فلا يكون عندك طرفان حتى تقول فلا يتناهى الأمر بينهما.
(فقلت الأمر) أي: أمر الظاهر (حق كله) إذ الظهور للوجود لا للأعيان، (أو خلق كله) إذ الظهور إنما هو بالصور والصور كلها حادثة، وليس هذا نفيا لأحد الطرفين
بالكلية، بل للفرق بينهما في نظر الكشف، كما لا فرق بين الخمر والزجاج في نظر الحس، لكن بينهما فرق في الواقع، (فهو خلق بنسبة) أي بالنظر إلى كونه بالصورة، (وهو حق بنسبة) وهو النظر إلى كونه الوجود، ولكن لا فرق بينهما في نظر الكشف إذ (العين) المشاهدة منهما واحدة، وهذه (واحدة) تظهر في التجلي الشهودي، (فعين صورة ما تجلى) من الحق في التجلي الشهودي (فعين صورة ما قبل) بكسر التاء (ذلك التجلي) من الحق.
وإن كانت الصورتان مختلفتين قبل هذا التجلي لكن اتحدا بعد التجلي؛ (فهو المتجلي والمتجلی له) في نظر الكشف، ومن هنا قال من قال: "أنا الحق" و"سبحاني ما أعظم شأني" .
"" أضاف المحقق : قال الإمام الجنيد: إن الرجل مستهلك في شهود الإجلال، فنطق بما استهلکه لذهوله في الحق عن رؤيته إياه فلم يشهد إلا الحق تعالی فنعته.
فنطق به ولم يكن من علم ما سواه ولا من التعبير عنه ضنا من الحق به.
ألم تسمعوا مجنون بني عامر لما سئل عن اسم نفسه؟ 
فقال: لیلی، فنطق بنفسه ولم يكن من شهوده إياه فيه.
وقيل له: من أنت؟ 
وقال الشيخ الشهاب السهروردي: وهكذا ينبغي أن يعتقد في الحلاج قوله أنا الحق. ""

قال الشيخ رضي الله عنه: ( فانظر ما أعجب أمر الله من حيث هويته، ومن حيث نسبته إلى العالم في حقائق أسمائه الحسنى.
فمن ثم وما ثمه ... وعين ثم هو ثمه
فمن قد عمه خصه ... ومن قد خصه عمه
فما عين سوى عين ... فنور عينه ظلمه
فمن يغفل عن هذا ... يجد في نفسه غمه
وما يعرف ما قلنا ... سوى عبد له همه
«إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب» لتقلبه في أنواع الصور والصفات ولم يقل لمن كان له عقل، فإن العقل قيد فيحصر الأمر في نعت واحد والحقيقة تأبى الحصر في نفس الأمر.
فما هو ذكرى لمن كان له عقل وهم أصحاب الاعتقادات الذين يكفر بعضهم ببعض ويلعن بعضهم بعضا وما لهم من ناصرين.
فإن إله المعتقد ما له حكم في إله المعتقد الآخر: فصاحب الاعتقاد يذب عنه أي عن الأمر الذي اعتقده في إلهه وينصره، وذلك في اعتقاده لا ينصره، )
قال رضي الله عنه : (فانظر) ما أعظم (ما أعجب أمر الله) في التجلي الشهودي حيث صار الواحد متجليا (من حيث هويته) ومتجلی له (ومن حيث نسبته إلى العالم)، والحيثيتان (في حقن الأسماء الحسنى).
فإنها من جهة وجوها باعتبار عينيتها للذات متجلية ومن حيث إمک۔ متجلي لها، والذات من حيث أنها غنية عن العالمين لا تكون متجلية ولا متجلي لها فيه فافهم، فإنه مزلة للقدم.
ثم زاد تعجبنا؛ فقال: (فمن ثم وما ثمة) أي: هل في هذا التجلي الحق للتجلي أن الخلق المتجلي له، وهل فيه الوجود أو الصورة؟ 
وكيف تفرق (وعين ثم هو شمه) أي والحال أن العين الواحدة الموجودة في المتجلي والوجود هي الموجود في المتجلي - والصورة وتذكير الضمير العابد إلى العين لكونها بمعنى الشيني.
ثم بالغ فقال: (فمن قد عمه خصه، ومن قد خصه عمه) .
أي: وجعل الوجود أعر صورة خاصة، والصورة الخاصة وجودا عاما، وإذا كان المتجلي نفس المتجلي له والوجود نفس الصورة مع التقابل بینهما، (فما عين سوى عين) وإن كان بين الصورتين تقابل (فنور عينه ظلمة)، وإن كانت ضده صورة، وإذا كان كذلك فلا ظلمة في حق المكاشف، وإنما هي في حق الغافل.
قال رضي الله عنه : (فمن يغفل عن هذا يجد في نفسه غمه) من وجد أن الظلمة بخلاف الكاشف، فإنه مستريح بكل حال، ولهذا يقولون: الحمد لله على كل حال، ويرون في ک شيء كماله، فيتلذذون به.
ثم قال في بيان هذا المستريح: (ولا يعرف ما قلنا) من كون الكل عبنا واحد. 
فيري في كل شيء محبوبه الذي يتلذذ به (سوى عبد له همه) بترقي بها، من الخلق إلى الخالق، ومن النقائص إلى الكمالات، ومن الآلام إلى اللذات، وذلك برؤيته عينا واحدة تجلت في صور غير متناهية.
ثم قال: ("إن في ذلك") أي: فيما ذكرنا من كون الكل عينا واحد متجلية في صور غير متناهية يتجلى الغريب ("لذكرى") بذكره، أنه كذلك في التجلي الشهودي ("لمن كان له قلب" [ق:37]) يعرف بقلبه في تجلياته لتجرده عن الصور(لتقلبه) أي : التقلب قلبه من حيث تجرده الموجب كونه كالمرأة (في أنواع الصور والصفات) المكتسبة من تلك الصور قبل التجلي الشهودي.
فعلم أن الحق يتقلب كذلك، ولا يعرفه العقل، وإن كان مجردا أيضا، ولذلك (لم يقل لمن كان له عقل، فإن العقل قيد) فلا يمكنه التقلب، فلذلك (ينحصر الأمر) أي: أمر الحق (في نعت واحد) كالتنزيه؛ لأنه يرى منع الجمع بين المتقابلين، بل يفيد كل شيء بأحدهما.
(فما هو) أي: المذكور من لا تناهی التجليات الغيبية (ذكرى) في لا تناهي التجليات الشهودية، قال رضي الله عنه : (لمن كان له عقل) مجرد عن الكشف، إذ يخص الحق، إما في التنزيه
المحض أو في التشبيه، ولا يرى الجمع بينهما، ولذلك قال: (وهم أصحاب الاعتقادات) الجزئية من أهل النظر (الذين يكفر بعضهم بعضا)، وإن كانوا جميعا أهل القبلة، وإن لم يكفروا، فلا أقل من أن (يلعن بعضهم بعضا) على البدعة ("وما لهم من ناصرين ") [آل عمران: 22] من الأدلة القاطعة لموجب الكفر واللعن لاختصاصهما بالمخفي من كل وجه.
وهو الكافر والمبتدع مصیب من وجه كما أشار إليه الإمام حجة الإسلام الغزالي بقصة الفيل الملموس لجماعة من العميان، وقد رويت في آخر فص هود، وكيف يكون له ناصر في رفع خصمه؟ 
وهو إما ينزل من الله لقوله تعالى: "وما النصر إلا من عند الله " [آل عمران: 126] وهو الاسم الجامع، ورب هذا المعتقد ليس بالاسم الجامع.
قال رضي الله عنه : (فإن إله المعتقد) أي: الاسم الإلهي الذي يعتقده شخص (ما له حكم في رفع (إله المعتقد الآخر)، أي: الاسم الذي يعتقده الآخر، إذ لذلك الإله من حيث ثبوته حجة مثبتة له بفيضها على معتقده، (فصاحب الاعتقاد يذب) ما يورد خصمه في دفعه (عنه).
ولما توهم عوده إلى الاعتقاد وهو مخل؛ لأن إلهه لا يقصد بما يفيضه من الحجة الذب عن اعتقاد معتقده من حيث هو اعتقاده، بل يقصد الذب عن نفسه، فسره بقوله: (أي: عن الأمر الذي اعتقده في إلهه وينصره)، أي: وينصر ذلك الأمر صاحب اعتقاده، (وذلك الذي في اعتقاده) أي: اعتقاد المنازع الأخر (لا ينصره)، أي: المنازع فیما يورده في دفع هذا الإله بحيث يجعله حجة قاطعة في الدفع، إذ لا حكم لإله في إله هذا الأخر.

قال الشيخ رضي الله عنه : ( فلهذا لا يكون له أثر في اعتقاد المنازع له.
وكذا المنازع ما له نصرة من إلهه الذي في اعتقاده، فما لهم من ناصرين،
فنفى الحق النصرة عن آلهة الاعتقادات على انفراد كل معتقد على حدته، والمنصور المجموع، والناصر المجموع. فالحق عند العارف هو المعروف الذي لا ينكر.
فأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة.
فلهذا قال «لمن كان له قلب» فعلم تقلب الحق في الصور بتقليبه في الأشكال.
فمن نفسه عرف نفسه، وليست نفسه بغير لهوية الحق، ولا شيء من الكون مما هو كائن ويكون بغير لهوية الحق، بل هو عين الهوية.
فهو العارف والعالم والمقر في هذه الصورة، وهو الذي لا عارف ولا عالم، وهو المنكر في هذه الصورة الأخرى.
هذا حظ من عرف الحق من التجلي والشهود في عين الجمع، فهو قوله «لمن كان له قلب» يتنوع في تقليبه. 
قال الشيخ رضي الله عنه :  (ولهذا) أي: ولعدم حكم إله معتقد في إله المعتقد الآخر (لا يكون) له أي: لا له معتقده (أثر في اعتقاد المنازع) بإثبات نفسه فيه منفردا، ولا ينفي معتقده، (وكذا المنازع  ما له نصرة من إلهه الذي في اعتقاده) يؤثر بها في إثبات نفسه منفردا في اعتقاد الأول، ولا في دفع معتقده، (فما لهم) أي للمعتقدين (من ناصرين) على خصومهم بإثبات معتقداتهم في اعتقاد الخصوم، ولا بنفي اعتقادات الخصوم.
ولذلك لا يرى مبتدعا يرجع عن بدعته، وإنما يرجع الكافر عن كفره، (فنفى الحق النصرة عن آلهة الاعتقادات)، وإن كانت تفيض على أربابها ما يقوي اعتقاداتهم فيها. لكن لا يسمى نصرا ما لم يؤثر في الغير، وهم لا يؤثرون بها في اعتقاد خصومهم.
بحيث يكون (لكل معتقد) حجة قاطعة على إثبات معتقداتهم في اعتقاد أنفسهم؛ فمن اعترف بجميع تلك الوجوه نصره الله، ويجامع على خصمه في قلبه، وإن دفعه عن قلبه لتوهمة الكفر فيه نصره لنفسه، (فالمنصور المجموع والناصر المجموع) إذ له حكم في كل معتقد.
ولذلك يمكن للعارف إلزام كل معتقد ما هو الحق في الواقع في القلب، وإن دفعه عنه، وأنكر عليه بلسانه وكفره، "إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا" [غافر : 51]، وهم أهل المعرفة المؤمنون بجميع ما ورد به الشرع من التنزيه والتشبيه، فالجمع بينهما باعتبار الظهور بهما؛ (فالحق عند العارف هو المعروف الذي لا ينكر) لو ورد الشرع به، فقد ورد بجميع الوجود، واعترفوا بالجميع وعرفوه عن شهود، (فأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة)، وهم محققو الصوفية لكمال إيمانهم وعرفانهم، فهم يرونه في جميع تلك الوجوه من غير إنكار، فيفوزون بفوائد التجليات الغير المتناهية.
(وهذا) أي: ولوجود أهل المعروف في الدنيا (قال: "لمن كان له قلب") [ق: 37] قد تقلب في أشكال مختلفة مع وحدته وتجرده عنها، (فعلم تقلب الحق في الصور) عند تجليه مع تجرده عن الصور، ووحدته (بتقلبه في الأشكال)؛ لأن معرفته منوطة بمعرفة النفس، والمراد به القلب على ما هو مصطلح الحكماء سمو القلب بالنفس الناطقة، لكنه لا يعرف الحق من حيث هو ذاته، وإنما يعرفه من حيث هو متجلي في قلبه، وقلبه متصور بصورته.
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فمن نفسه) إنما (عرف نفسه)، ولكن يقال: إنه عرف الحق؛ لأنه (ليست نفسه) التي عرفها بتجلی الحق فيها التجلي الشهودي (بغير هوية الحق) أي: لعينه فيها بالصورة المعينة، وليس له بهذا القدر دعوى الإلهية لنفسه إذ لا شيء من الكون مما هو كائن في الماضي وانقطع، ويكون في المستقبل، وليس الآن بغير هوية الحق.
أي: لتعينه في ذلك بصورة مخصوصة في التجلي الغيبي أيضا، ولا يتصور ذلك إذ لا مألوه حينئذ بعموم التجلي الغيبي، كل دائم الوجود ومتقطعه أولا وآخرا.
وإذا كان كل ما في الكون (عين هويته) الظاهرة فيهم؛ فلا بد من القول بظهوره في صور مختلفة في التجلي الغيبي، وينقاس على التجلي الشهودي.
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فهو العارف) بالشهود (في هذه الصورة) الكاملة التي طابقت بحسب الإمكان ذا الصورة (وهو الذي لا عارف، ولا عالم، وهو المنكر) لتجليه في الصور المختلفة إذا تجلى (في هذه الصورة الأخرى) القاصرة، وإنما يتجلى فيها بظهوره في الصور مع نزاهته عنها في نفسه، والظهور يقتضي الإقرار والنزاهة الإنكار، ولا يكفر صاحب الإنكار؛ لأنه ناظر إلى النزاهة، ولا صاحب الإقرار لأنه ناظر إلى الظهور.
وإنما لم يقل: ولا مقر؛ لأنه أعم من المنکر الذي هو أدنى، والمقصود ثباته لا ثبات المتوسط، فلذا لم يقل: وهو الذي ليس كذلك لصدقه على المتوسط الذي فيه شيء من ذلك دون شيء.
(وهذا) أي: معرفة تقلب الحق في الصور المختلفة في التجليين (حظ من عرف الحق من التجلي) الشهودي، وليس وذلك من التجلي الواحد إلا عند الشهود في عين الجمع) وهو رؤية الكل عن هوية الحق، أي: تعیناته بالصور المختلفة، فهذا الشهود كالجنس المحيط بالأنواع المختلفة، فيختص بالقلب.
 (فهو) ما دل عليه قوله تعالى: "لمن كان له, قلب" [ق:37])؛ لأنه في قابلية الصور الجنس في قبول الفصول المنوعة (يتنوع في تقليبه) الصور على نفسه.
"" أضاف المحقق : قال الشيخ روزبهان: وقال بعضهم: للقلوب مراتب، فقلوب في قبضة الحق مأسورة وبكشفه مسرورة، وقلوب المحبين إليه والهة، فقلوب طائرة بالشوق إليه، وقلوب هاجت بالشغف هيمائا، أو قلوب اعتقدت فيه الأمال، وقلوب إلى ربها ناظرة، وقلوب تبكي من الفراق وشدة الاشتياق.
وقلوب ضاقت في دار الفناء وسمت إلى دار البقاء، وقلوب خاطبها في سرها، فزال عنها مرارة الأوجاع.
وقلوب سارت إليه بهمتها، وقلوب صعدت إليه بعزائم صدقها، وقلوب تقدمت بخدمته في الخلوات، وقلوب مرت في الهدايات، وابتغت من الله العناية، وقلوب شربت بكأس الوداد فاستوحشت من جميع العباد.
وقلوب ساقت في الطريق إليه، وقلوب انقطعت بالكلية إليه، فهذه مراتب القلوب في السلوك والقصد فهو متبع قصده.  ""
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وأما أهل الإيمان وهم المقلدة الذين قلدوا الأنبياء والرسل فيما أخبروا به عن الحق، لا من قلد أصحاب الأفكار والمتأولين الأخبار الواردة بحملها على أدلتهم العقلية، فهؤلاء الذين قلدوا الرسل صلوات الله عليهم وسلامه هم المرادون بقوله تعالى «أو ألقى السمع» لما وردت به الأخبار الإلهية على ألسنة الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، وهو يعني هذا الذي ألقى السمع شهيد ينبه على حضرة الخيال واستعمالها، وهو قوله عليه السلام في الإحسان «أن تعبد الله كأنك تراه»، والله في قبلة المصلي، فلذلك هو شهيد.
ومن قلد صاحب نظر فكري وتقيد به فليس هو الذي ألقى السمع، فإن هذا الذي ألقى السمع لا بد أن يكون شهيدا لما ذكرناه.
ومتى لم يكن شهيدا لما ذكرناه فما هو المراد بهذه الآية. 
فهؤلاء هم الذين قال الله فيهم «إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا» والرسل لا يتبرءون من أتباعهم الذين اتبعوهم. 
فحقق يا ولي ما ذكرته لك في هذه الحكمة القلبية.
وأما اختصاصها بشعيب، لما فيها من التشعب، أي شعبها لا تنحصر، لأن كل اعتقاد شعبة فهي شعب كلها، أعني الاعتقادات )
ثم أشار إلى بيان من "أو ألقى الشمع وهو شهيد" .
فقال: (وأما أهل الإيمان) بطريق الصوفية؛ فهم المرادون بقوله: "أو ألقي السمع"، حذف الخبر بقرينة ما بعده (وهم المقلدة) لقصورهم عن بلوغ حد المشاهدة ولم يقتصروا، وأعلى تقليد الصوفية على خلاف الشرع، بل هم (الذين قلدوا الأنبياء والرسل عليهم السلام) الذين قولهم أقوى من دلائل أرباب النظر؛ لأن لهم دلائل عقلية نافية عن شوائب الوهم والخيال مؤيدة بالمعجزات، ودلائل أرباب النظر ليست كذلك.
فلذا قال: (لا من قلد أصحاب الأفكار) المتعارضة وإن كانوا من المتباركين الأخيار مع أن ظواهرها قريبة لتأويلات أهل الكشف مؤيدة بالدلائل أيضا، نافية عن شوائب الأوهام والخيالات، (بحملها على) مقتضى (أدلتهم العقلية)، وإن كانت لا تخلو عن شوائب الأوهام والخيالات، فيئولون حديث التحول في الصور بظهور الملك بإذن الله ببعض تلك الصور من غير حاجة إلى ذلك، إذ التنزيه في الذات لا ينافي الظهور بالصور المختلفة، كما أنا نعلم أن جبريل ليس على صورة دحية في نفسه، وقد ظهر بها في بعض الأوقات.
(فهؤلاء الذين قلدوا الرسل عليهم السلام) في أقوالهم الصوفية؛ فلم يتأولوا حديث التحول في الصور يوم القيامة وآيات التشبيه، وإخباره بالتأويلات البعيدة عن ظواهرها (هم المرادون بقوله تعالى :"أو ألقى السمع") من يغر بتأويل بعيد (لما وردت به الأخبار الإلهية على ألسنة الرسل عليهم السلام) سواء رفعوها إلى الله تعالى إذ لا يلقون إلى العوام الذين لا يطلعون على التأويلات البعيدة ما يضلونهم به عن الحق الضلال البعيد.
ثم أشار إلى أن معنى قوله صلى الله عليه وسلم : "وهو شهيد" هو استحضار الحق بصورة متخيلة، وهو ولما توهم رجوعه إلى صاحب القلب لكونه المشاهد بالحقيقة، وهو مخل لورود النص في حق ملقي السمع، (وهو) مقلد ليس بصاحب مشاهدة حقيقية.
فسره بقوله: (يعني هذا الذي ألقى السمع شهید)، لم يرد به المشاهدة الحقيقة لاختصاصها بصاحب القلب، بل (ينبه على) مشاهدة (حضرة الخيال)، وهي استحضارها للحق بصورة متخيلة، وعلى (استعمالها) أي: طلب العمل من هذه الحضرة أي: جواز ذلك لئلا يعجز العامي عن استحضار معبوده في العبادة، مع أنه لا بد منه لكن بشرط ألا يتقيد بها بل يقول لها هي بالله، ويلتزم ذكر ليس كمثله شيء باعتبار ذاته وصفاته في نفس الأمر لنا تقليد الرسل وإلا معوذ منه.
(وهو) أي: الدليل على جواز استعمال هذه الحضرة (قوله صلى الله عليه وسلم في الإحسان) الذي هو من أعلى درجات أهل الإيمان بالتقليد المذكور ("أن تعبد الله كأنك تراه") رواه البخاري ومسلم.
إذ قوله: "كأنك" تدل على التمثيل الذي لا يكون بدون التخيل، وكذلك قوله الة لمن اتصف بالصلاة إلى القبلة، (والله في قبلة المصلي)، وليس في القبلة إلا بحسب التحيل وإلا فهو منزه عن الجهات.
(فلذلك) أي: فلجواز التخيل بالشرط المذكور (هو) أي: التحيل (شهید) أي: نازل منزلة من شاهد الحق بقلبه عند تجليه الشهود كما يشير إليه قوله: كأنك تراه وجعله إحسانا.
ثم أشار إلى أن مقلد أرباب النظر العقلي لا يكون ما في السمع، وإن كان من تقلد به قد قبل الأخبار الإلهية بالتأويلات البعيدة عن ظواهرها.
فقال رضي الله عنه : (ومن قلد صاحب نظر فكري) كالفلاسفة وسائر المتكلمين المانعين من الشهود التخيلي، ومن الظهور في الصور المختلفة، (وتقيد به) فيه أشار إلى أن من لا يتقيد لا يخرج من تقليد الأنبياء.
(فليس هو الذي) أريد بقوله: أو ألقى السمع، وإن كان (ألقى السمع) إلى الأخبار الإلهية بالتأويلات المذكورة.
فقال رضي الله عنه : (فإن هذا الذي ألقى السمع لا بد وأن يكون شهيدا لما ذكرناه) من الصورة المتخيلة بالشرط المذكور؛ وذلك لأن قوله: "وهو شهيد" وقع حالا وهو قيد، فدل بطريق المفهوم أن من (لم يكن شهيدا لما ذكرناه)، وإن كان حاضر القلب في زعمه مع الحق، ولكنه لا يتأتی بدون المشاهدة الحقيقية أو التخيلية.
فقال رضي الله عنه : (فما هو المراد بهذه الآية؟)، وإن كان المطلق داخلا في المقيد لكن القيد مانع من دخول ما ليس بمقيد بذلك القيد فيه، فتقليدهم فاسد خارج عن تقليد الأنبياء.
(فهؤلاء) المقلدون لأرباب النظر العقلي (هم الذين قال الله تعالى فيهم: "إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا) [البقرة: 166]؛ لأن الاتباع ينحصر في اتباع الأنبياء واتباع أرباب النظر العقلي إذ لا يتبع من له أدنی عقل غيرهما.
ولكن (الرسل لا يتبرأون من أتباعهم الذين اتبعوهم ) على ما جاءوا به لا الذين اتبعوهم في زعمهم بتأويلات أهل النظر؛ فإنهم متبعوا أهل النظر لا غير.
وإذ علمت أن فيما ذكرت في الحكمة القلبية متابعة الأنبياء الموجبة للنجاة، بل للفوز بالدرجات، وفي خلافه متابعة العقلاء المتبرين عن اتباعهم هلاكهم، وهلاك أتباعهم جميعا.

قال الشيخ رضي الله عنه :  (فحقق يا وليي) أي: بالغ یا من يريد الولاية النفسية في تحقيق (ما ذكرته لك في الحكمة القلبية) من تنوع تجليات الحق، مع وحدته ونزاهته عن الصور، لتفوز بفوائد تلك التجليات من النجاة عن تقوي المتبوعين، والوقوع في دركات أهل الحجاب، ومن نیل الدرجات التي نالها الأنبياء ثم الأولياء بمتابعتهم تلك التجليات؛ فافهم، فإنه مزلة للقدم.
ثم قال الشيخ رضي الله عنه : (وأما اختصاصها بشعيب) مع أنه ليس في دعوته بحيث تقلبات القلب بحسب التجليات؛ فهو (لما فيها من التشعيب) أي: من اعتبار شعب كثيرة مع وحدته . 
فأشبهت دعوة شعيب إذ كانت کاسمه ذات شعب كثيرة؛ لأن قوله: "أوفوا المكيال والميزان بالقسط" [هود: 85] بتأول اعتدالات كل شيء وحدوده، إذ لكل شيء من الاعتقادات والأخلاق والأعمال میزان من اعتداله ومكيال في حده وأجلها الأمور الاعتقادية التي أصل الدعوة موضوعة لأجلها هي من أعمال القلب خاصة ومشبهة به في التشعب.
فلذا قال الشيخ رضي الله عنه : (أي: شعبها لا تنحصر) وإن كان أصلها راجعا إلى اعتقاد التوحيد الكلي، وهو أمر واحد ذو شعب كثيرة.
(لأن كل اعتقاد) من الاعتقادات التفصيلية (شعبة) من شعب اعتقاد التوحيد الكلي، ولا بد لكل شخص من اعتقاد تفصيلي؛ (فهي) بحسب تعلقها بالأشخاص (شعب كلها)، وإن كان الأصل واحدا كليا.
ولما توهم عود الضمير إلى الحكمة القلبية، وهو مخل، إذ هي كلية ذات شعب لا نفس الشعب، فسره بقوله: (أعني الاعتقادات)، ولما كانت الاعتقادات صفات القلب، ولا بد لها من التمثل عند کشف حجاب البدن.

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فإذا انكشف الغطاء انكشف لكل أحد بحسب معتقده، وقد ينكشف بخلاف معتقده في الحكم، وهو قوله «وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون».
فأكثرها في الحكم كالمعتزلي يعتقد في الله نفوذ الوعيد في العاصي إذا مات على غير توبة.
فإذا مات وكان مرحوما عند الله قد سبقت له عناية بأنه لا يعاقب، وجد الله 

غفورا رحيما، فبدا له من الله ما لم يكن يحتسبه، وأما في الهوية، فإن بعض العباد يجزم في اعتقاده غفورا رحيما، فبدا له من الله ما لم يكن يحتسبه.
وأما في الهوية فإن بعض العباد يجزم في اعتقاده أن الله كذا وكذا، فإذا انكشف الغطاء رأى صورة معتقده وهي حق فاعتقدها.
وانحلت العقدة فزال الاعتقاد وعاد علما بالمشاهدة.
وبعد احتداد البصر لا يرجع كليل النظر، فيبدو لبعض العبيد باختلاف التجلي في الصور عند الرؤية خلاف معتقده لأنه لا يتكرر، فيصدق عليه في الهوية «وبدا لهم من الله» في هويته «ما لم يكونوا يحتسبون» فيها قبل كشف الغطاء.
وقد ذكرنا صورة الترقي بعد الموت في المعارف الإلهية في كتاب التجليات لنا عند ذكرنا من اجتمعنا به من الطائفة في الكشف وما أفدناهم في هذه المسألة بما لم يكن عندهم.

قال الشيخ رضي الله عنه :  (فإذا انكشف الغطاء انكشف لكل أحد بحسب معتقده) لا محالة ما دام الاعتقاد باقيا، وإن جاز مع بقائه أن ينكشف فيما هو أدنى من معتقده، ولكن هذا بحب الهوية أي: التعين بالصور الذي يجوز التلبس بكل منها، لا بحسب الحكم الذي هو وجداني في نفسه.
ولذلك قال الشيخ رضي الله عنه :  (وقد يكشف بخلاف معتقده في الحكم) المتعلق بالتكليف، أو الجزاء؛ لأن اعتقاده غير مطابق للواقع بوجه من الوجوه بخلافه في الهوية.
أي: التعين بالصور.
(وهو) أي: الدليل عليه (قوله: "وبدا هم من الله ما لم يكونوا يحتسبون" [الزمر:47] فأكثرها)، أي: أكثر الانكشافات على اختلاف الاعتقاد مع بقائه إنما هو (في الحكم)، وإن وقع نادرا في الهوية بصورة أدني مما في الاعتقاد مع بقائه، فلذلك يقع فيه الإنكار، وهذا (كالمعتزلي يعتقد في الله) أي: في حكمه (نفوذ الوعيد في العاصي) إذ يجب عنده تعذيبه على الكبائر (إذا مات على غير توبة)، بل تخليه في النار، (فإذا مات) ذلك المعتزلي، (وكان مرحوما عند الله)؛ لأنه قد سبقت له عناية من الله بسبب بقاء إيمانه أو بأعماله الصالحة الماحية بأنوارها ظلمة الكبيرة.
قال الشيخ رضي الله عنه :  (بأنه لا يعاقبه) الله أصلا أو بالتخليد (وجد الله غفورا رحيما) ابتداء وانتهاء، (فبدا له من الله، ما لم يكن يحتسبه) من عفوه ورحمته على أهل الكبيرة ابتداء وانتهاء، إذ كان يخصبها بالتائب، وبصاحب الصغيرة.
"" أضاف المحقق : فإن المعتزلي يعتقد في الله نفوذ الوعيد في العاصي إذا مات على غير توبة، فإذا مات وكان مرحوما عند الله تعالى قد سبقت له عناية بأنه لا يعاقب وجد الله غفورا رحيما فبدا له من الله ما لم يكن يحتسبه. ""
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وأما في الهوية) الإلهية أي: تعينه بالصور؛ فلا يظهر له فيها ما لم يكن يحتسبه مما هو أكمل من معتقده إلا بعد زوال الاعتقاد لحصول الرؤية في صورة الاعتقاد، (فإن بعض العباد يجزم في اعتقاده)، قید به إذ لا يكون اعتقادا بدونه، فإن سلم فلا تكون هيئته راسخة في قلبه، بحيث يجب تمثلها عند کشف الغطاء بصورة تناسبها (أن الله كذا وكذا ) في ذاته وصفاته.
(فإذا انكشف الغطاء)؛ لأنه يحتسب (صورة معتقده) ابتداء أو انتهاء، وكيف لا؟ 
(وهي) أي: صورة معتقده (حق) تعدد الحقيقة في التعينات الإلهية بخلاف الحكم، فإن الحق فيه واحد لا غير.
(فاعتقدها) أي: صحة عقيدته بحيث يبقى بعد کشف الغطاء بخلاف الفاسدة في الحكم، فإنها تزول عند الربح قبل تمام کشف الغطاء، فلذا يبقى الكافر محجوبا عند کشف
الغطاء، وإن رأى الحق أولا على خلاف معتقده بحيث يصير أعمى بغلبة نور ما يرى منه . ولكن إذا رآه في تلك الصورة؛ (انحلت العقدة ) عن القلب، (فزال الاعتقاد) أي: اتصاف القلب بتلك الهيئة.
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وعاد) صار (علما بالمشاهدة)، فليس من صفات القلب بحيث يتصور القلب به؛ بل ينطبع في الحواس فیدرکه القلب بواسطتها، ولا يعود الاعتقاد الموجب للتمثيل بصورته بعده؛ لأنه (بعد احتداد البصر) الموجب لانطباع الصورة المحسوسة فيه (لا يرجع كليل النظر) المانع من انطباعه فيه؛ لأنه ليس على خلاف معتقده
حتى يغلبه نوره فيوجب عماه، فلا يفتقر إلى الاعتقاد الموجب للتمثيل بحسبه.
قال الشيخ رضي الله عنه : (فيبدو لبعض العبيد) ممن له استعداد الترقي (باختلاف التجلي) عند زوال المانع منه، وهو الاعتقاد الموجب لتعين الصورة بحسبه (خلاف معتقده عند رؤيته) في صورة الاعتقاد. 
وإنما يختلف التجلي؛ (لأنه لا يتكرر) أصلا، وعدم تكرره إما يظهر في الصور الغير المتشابهة، فوجب مقتضى ذلك عند ارتفاع المانع وهو الاعتقاد الموجب لتشابه الصور.
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فيصدق عليه) أي: على ذلك العبد (في ) شأن (الهوية) أي: التعين الإلهي بالصور، ("وبدا لهم من الله" [الزمر:4]، في هويته "ما لم يكونوا يتحتسبون" فيها قبل کشف الغطاء) قيد بذلك.
ليشير إلى أنهم لو لم يكن لهم عقيدة خاصة قبل ذلك؛ لم تبد لهم ما لم يكونوا يحتسبون؛ لأنهم لما كانوا مؤمنين غير مقيدين بعقيدة فلا بد أن تكون عقيدتهم مطلقة.
فكانوا يحتسبون ظهوره في أي صورة شاءوا، كان كل ما ظهر لهم من صورة كانوا يحتسبون ظهوره فيها، وهذا في ظهور الصورة.
ثانيا: أكمل مما في الاعتقاد بالترقي في المعارف الإلهية، وإلا فقد يظهر للمعتقد في أدنى من معتقده ليتكرر.
قال الشيخ رضي الله عنه :  (قد ذكرنا صورة الترقي بعد الموت في المعارف الإلهية في کتاب «التجليات» لنا عند ذكرنا بعض من اجتمعنا به من الطائفة في الكشف) أي: في وقت کشف أرواحهم في تلك التجليات التي كانوا فيها، وذكرنا فيه .
(ما أفدناهم في هذه المسألة مما لم يكن عندهم)، فذكر ما جرى بينه وبين الحلاج في تجلي العلة، وبين ذي النون المصري في تجلي سريان التوحيد، وبين الجنيد في تجلي التوحيد.
وبين يوسف بن الحسين في تجلي ذي التوحيد.
وبين ابن عطاء في تجلي من تجليات المعرفة.
 وبين سهل بن عبد الله التستري في تجلي نور الغيب.
وبين المرتعش في تجلي من تجليات التوحيد.وأفاد هؤلاء ما لم يكن عندهم.
وذكر ما جرى بينه وبين علي بن أبي طالب في تجلي النور الأحمر.
وبين أبي بكر الصديق في تجلي النور الأبيض خلف سرادق الغيب.
وبين عمر في تجلي النور الأخضر خلف سرادق الحق.
واستعاذ من هؤلاء ولم أورد تفصيل ذلك التطويل.
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ومن أعجب الأمور أنه في الترقي دائما ولا يشعر بذلك للطافة الحجاب ورقته وتشابه الصور  مثل قوله تعالى «وأتوا به متشابها».
وليس هو الواحد عين الآخر فإن الشبيهين عند العارف أنهما شبيهان، غيران ، و صاحب التحقيق يرى الكثرة في الواحد كما يعلم أن مدلول الأسماء الإلهية، و إن اختلفت حقائقها و كثرت، أنها عين واحدة.
فهذه كثرة معقولة في واحد العين.
فتكون في التجلي كثرة مشهودة في عين واحدة، كما أن الهيولى تؤخذ في حد كل صورة، وهي مع كثرة الصور واختلافها ترجع في الحقيقة إلى جوهر واحد هو هيولاها.
فمن عرف نفسه بهذه المعرفة فقد عرف ربه فإنه على صورته خلقه، بل هو عين هويته وحقيقته.
ولهذا ما عثر أحد من العلماء على معرفة النفس وحقيقتها إلا الإلهيون من الرسل والصوفية.
وأما أصحاب النظر وأرباب الفكر من القدماء والمتكلمين في كلامهم في النفس وماهيتها، فما منهم من عثر على حقيقتها، ولا يعطيها النظر الفكري أبدا. 

ثم أشار إلى أن الترقي في المعارف الإلهية ليس بطريق الكسب المحتاج إلى الآلات حتى ينقطع بالموت، بل بطريق الوهب، وامتناع تكرر المتجلي يمنع بقائه زمانين؛ بل غايته أنها تجليات متشابهة في الظاهر وبعضها أرفع من بعض؛ فقال: (ومن أعجب الأمر) أي: أمر التجلي الشهودي (أنه في الترقي دائما) حال اختلافه واتفاقه ضرورة أن كل تجلي ترق من أدنى إلى أعلى إذ إلى الأدنى يكون حجبا، وإلى المساوي منعا للفضل الإلهي مع وجوب تحققه في التجلي الشهودي؛ ولكنه قد (لا يشعر بذلك للطافة الحجاب) الكائن أو" المرتفع .
ثانيا، وليست هذه اللطافة بمعنى أنه لطف بالمتجلی له؛ لئلا تحرقه سبحات وجه المتجلي؛ بل بمعنی (رقته)؛ لأنه لم يرتفع بذلك المعني.
(وتشابه الصور) أي: الصور التجليات بحيث لا يعرف أن الثاني غير الأول؛ فهذا التشابه في صور التجليات (مثل) التشابه في ثمار الجنة التي مبدؤها هذه التجليات، وهو المذكور في (قوله تعالى: "وآتوا ببيع مشيها " [البقرة:25]، وليس هو)
أي: المتشابه (الواحد) بدل من هو (عين الآخر)، وإن توهم عينيته، فكذا في التجلي (فإن الشبيهين عند العارف)، وإن اتحدا بحسب العين (من حيث إنهما شبيهان غیران) لامتناع تشبيه الشيء بنفسه ولا ينافي هذا مذهبه في التوحيد.
إذ (صاحب التحقيق) لا ينفي الكثرة بالكلية كصاحب الغناء؛ بل (يرى الكثرة في الواحد) 
""أضاف المحقق :  قد يعني بجمع الجمع شهود الوحدة في الكثرة، وشهود الكثرة في الوحدة، وهذا يسمى بالفرق الثاني.""
 فله أن يرى هذه التجليات المتعددة في التجلي الواحد بحسب الصورة في بداهة النظر، (كما) يرى كثرة الإيمان في الحق الواحد إذ (يعلم أن مدلول الأسماء الإلهية) من حيث دلالتها على الذات.
(وإن اختلفت) باعتبار آخر (حقائقها) أي: معانيها التي بها تحققها من حيث هي أسماء، (وكثرت) تلك الحقائق حتى وجب تکثر الأسماء المعنوية مع وحدة الذات (أنها). أي: مدلولها أنث الضمير باعتبار أن المراد بالمدلول الذات .
(عين واحدة متضمنة لهذه الحقائق المتعددة المختلفة؛ فهذه) أي: كثرة الأسماء في الذات الواحدة (كثرة معقولة في واحد العين)، والكثرة المشهودة مثل المعقولة، (فتكون في التجلي كثرة مشهودة في عين واحدة)، وليس هذا مجرد قياس للأمور المشهودة على الأمور المعقولة؛ بل له نظر في الأمور المشهودة أيضا.
(كما أن الهيولى ) أي: الجنس (تؤخذ في حد كل صورة) أي: ماهية تصورت بالفصول المميزة أي: قوام الماهية بالجنس والفصل.
""اضاف المحقق :  فائدة: قال سيدنا الشعراني: أن الحق لما أحب الظهور من ذاته لذاته بمقتضى ذاته قسم صفات ذاته قسمين من غير تعدد في العين.
فسمي أحد القسمين بالواجب والقديم والرب والفاعل.
وسمی القسم الثاني بالممكن والمحدث والعبد والمنفعل.
فأول ما ظهر من ذلك القسم الثاني محل حكمي سماه بالهيولى والقبولي.""
(وهي) أي: الهيولى مع كثرة الصور التي أخذت الهيولى في حدودها (واختلافها؛ ترجع في الحقيقة)، وإن تعددت بالأنواع (إلى جوهر واحد وهو هيوها) أي: والحال أنه هيولى الجميع فضلا عن حال كونها قبل ذلك، مع أن الصور أيضا جواهر.
فإذا تصور ذلك للجوهر الواحد بالنسبة إلى جواهر أخر؛ ففي الصور الفرضية أو القلبية أولى، هذا على القول بجوهريتها لكونها جزئي الجواهر، وعلى القول بكون الصورة عرضا؛ فهو عين النظر.
(فـ "من عرف نفسه" بهذه المعرفة) أي: أنها هيولى الصور («فقد عرف ربه»). رواه أبو نعيم في الحلية 
 بأنه هيولى التجليات، (فإنه) أي: الرب (على صورته) الكلية الجامعة بين التنزيه والتشبيه (خلقه) أي: النفس يعني القلب؛ (بل هو) أي: النفس عند التجلي الشهودي (عين هويته وحقيقته) أي: عين تعين الحق منه بالصورة وتحققه فيه إذ لا يجتمع صورتان متماثلتان فيه، ولا بد من تمثل القلب بما يتجلى فيه كالمرأة.
(ولهذا) أي: ولأجل أن النفس مخلوقة على صورة الحق الجامعة بين التنزيه والتشبيه؛ بل عين هويته وحقيقته (ما عثر أحد من) الطوائف على حد النفس وحقيقتها (إلا) الغرقة (الإلهيون) أي: المطلعون على الصورة الإلهية الجامعة، وعلى تجلياته الشهود به (من الرسل والأكابر من الصوفية) لاختصاصهم بالإطلاع المذكور.
وأما أصحاب النظر في المعقولات المحضة، (وأرباب الفكر) الجامعين بين المعقولات والأدلة النقلية (من القدماء) أي: الفلاسفة القابلين بتنزيه الحق والنفس، المانعين من تصورهما بصورة، (والمتكلمين) القابلين بجسميتها من ظواهر النصوص.
فهم في كلامهم في حد (النفس) وحقيقتها (فما منهم من عثر على حقيقتها) الجامعة، كيف (ولا يعطيه النظر الفكري) لمنعه من الجمع بين المتقابلين (أبدا)، حتى منعوا في المجردات التصور بصورة لاختصاصها عندهم بالماديات.

قال الشيخ رضي الله عنه : (فمن طلب العلم بها من طريق النظر الفكري فقد استسمن ذا ورم ونفخ في غير ضرم.
لا جرم أنهم من «الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا».
فمن طلب الأمر من غير طريقه فما ظفر بتحقيقه، وما أحسن ما قال الله تعالى في حق العالم وتبدله مع الأنفاس.
«في خلق جديد» في عين واحدة، فقال في حق طائفة، بل أكثر العالم، «بل هم في لبس من خلق جديد». فلا يعرفون تجديد الأمر مع الأنفاس.
لكن قد عثرت عليه الأشاعرة في بعض الموجودات وهي الأعراض، وعثرت عليه الحسبانية  في العالم كله.
وجهلهم أهل النظر بأجمعهم.
ولكن أخطأ الفريقان: أما خطأ الحسبانية فبكونهم ما عثروا مع قولهم بالتبدل في العالم بأسره على أحدية عين الجوهر الذي قبل هذه الصورة ولا يوجد إلا بها كما لا تعقل إلا به.
فلو قالوا بذلك فازوا بدرجة التحقيق في الأمر.

قال الشيخ رضي الله عنه :  (فمن طلب العلم بها) أي: بحقيقة النفس (من طريق النظر الفكري، فقد) غلط غلطا شبيها بالصواب كمن (استسمن ذا ورم) إذ الدليل العقلي، وإن استوعب التقسيمات فلا يخلوا عن نقص أو مناقضة أو معارضة غالبا أي: أورام ويظن أنها سمن؛ بل أفحش منه وهو كمن (نفخ في غير ضرم)، إذ يظن أنه بتدقيق النظر يحصل اليقين وترتفع الشبهات، ولا يحصل ولا ترتفع إلا بنور البصيرة التي هي بمنزلة النار في المصباح، (لا جرم أنهم من "من الذين ضل سعيهم")  [الكهف:14] .
في ترتيب المقدمات، وتكثيرها، وتحريرها، وتقرير الشبهات وحلها في الحياة الدنيا قبل الوصول إلى كشف الغطاء، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا بتحرير المقدمات وتکثيرها، وإيراد الشبهات ورفعها، وتدقيق النظر في ذلك، نعم إنما يقع ذلك فيما يدرك بالعقل، ولا يتوقف على الكشف.
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فمن طلب الأمر من غير طريقه) كطلب الألوان باللمس، ولذة الجماع بالقياس على لذة السكر (فما ظفر بتحقيقه)، ولا طريق إلى معرفة النفس سوى الكشف.
لقوله تعالى: "وما أوتيتم من العلم إلا قليلا" [الإسراء: 85]، عقيب السؤال عن الروح وكأنه
أراد العلم الحاصل عن النظر، فإن اليقين فيه قليل؛ فافهم، فإنه مزلة للقدم.
ثم أشار إلى أن تبدل الصور لا يختص بالرب والنفس وسائر المحردات؛ بل يعم الأجسام والأعراض، فقال: (وما أحسن ما قال الله تعالى في حق) جميع (العالم) الذي يرى أجسامه، و بعض أعراضها مستقرة، والكل في تبدله مع (تبدله مع الأنفاس) أي: الآيات فتكون كل صورة من صوره ("لفي خلق جديد") مع كونه (في عين واحدة).
 كما يقال : زيد شابا هو زيد طفلا وشيكا، ولونه اليوم هو لونه أمس وغدا، (فقال: في حق طائفة) بالقصد الأول وهم منكرو البعث.
من أجل أن الأمر الجديد كيف يكون عين ما فني (بل أكثر العالم) بطريق الإشارة؛ لقولهم: تبقى الأجسام وبعض الأعراض .
قال الشيخ رضي الله عنه :  ("بل هم في لبس من خلق جديد" [ق:15]، فلا يعرفون تجديد الأمر) أي: فيض الوجود عليها (مع الأنفاس) إذ الأصل في الممکنات العدم، فلو انقطع عنها الفيض لحظة؛ عادت إلى أصلها؛ لكن التبس عليهم الأمر لعدم تخلل زمان العدم بين الفيضين فلم يغيروا عليه.
قال الشيخ رضي الله عنه :  (ولكن قد عثرت عليه الأشاعرة) أصحاب أبي الحسن الأشعري أول من قرر دلائل السنة بعد غلبة البدعة (في بعض الموجودات، وهي الأعراض)، فمنعوا بقائها زمانين، وجعلوا بقاء ما يتوهم بقاؤه بتجدد الأمثال.
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وعثرت عليه الحسبانية) أي: السفسطائية (في العالم كله)، حيث جعلوا لكل صورا خیالية، فكأنها عندهم أعراض قائمة بالخيال.
فلو قالوا: بتبدل الأعراض لزمهم القول بتبدل الكل، (وجهلهم أصحاب النظر بأجمعهم) لإنكارهم ما يجزم القول العقل بثبوته من الضروريات والمحسوسات، ولا يتشكك فيها بالتشکیکات.
قال الشيخ رضي الله عنه :  (ولكن أخطأ الفريقان: أما خطأ الحسبانية) قدمهم في الخطأ وآخرهم في الإصابة (فبكونهم ما عثروا مع قولهم بالتبدل) أي: مع ما لزمهم من القول بتبدل الصور (في العالم بأسره على أحدية عين الجوهر الذي قبل هذه الصور) المعقولة أي: المتخيلة، وجعلهم إياها قائمة بالخيال لا يفيدهم.
إذ (لا يوجد) تلك الصور الخيالية، وذلك الخيال الذي وهموا قيامهما به (إلا بها) أي: بتلك العين الواحدة.
لأن الكل ممكن لا وجود له في نفسه، وإنما هو من إشراق نور الوجود الحق عليه، (كما لا تعقل) العين الواحدة (إلا به) أي: بالعالم إذ لا بد أولا من الاستدلال بالعالم عليه كما مر.
فلو قالوا أي: الحسبانية (بذلك) أي: بكون الكل صورا خيالية قائمة بالعين الواحدة (فازوا بدرجة التحقيق)، إذ هو مذهب الصوفية بعينه، ولا يلزمهم إنكار ما يجزم العقل بثبوته بالضرورة؛ لأنهم يقولون بثبوتها، لكن لا بأنفسها بل بالعين الواحدة.
ولا يتأتى ذلك للحسبانية فغرقوا في هوة الضلال بإنكارهم العين الواحدة فصاروا أخس الطوائف وأجهلهم.
قال الشيخ رضي الله عنه : وأما الأشاعرة فما علموا أن العالم كله مجموع أعراض فهو يتبدل في كل زمان إذ العرض لا يبقى زمانين.
ويظهر ذلك في الحدود للأشياء، فإنهم إذا حدوا الشيء تبين في حدهم كونه الأعراض، وأن هذه الأعراض المذكورة في حده عين هذا الجوهر وحقيقته القائم بنفسه.
ومن حيث هو عرض لا يقوم بنفسه.
فقد جاء من مجموع ما لا يقوم بنفسه من يقوم بنفسه كالتحيز في حد الجوهر القائم بنفسه الذاتي وقبوله للأعراض حد له ذاتي.
ولا شك أن القبول عرض إذ لا يكون إلا في قابل لأنه لا يقوم بنفسه: وهو ذاتي للجوهر.
والتحيز عرض لا يكون إلا في متحيز، فلا يقوم بنفسه.
وليس التحيز عرض لا يكون إلا في متحيز، فلا يقوم بنفسه.
وليس التحيز والقبول بأمر زائد على عين الجوهر المحدود لأن الحدود الذاتية هي عين المحدود و هويته.
 فقد صار ما لا يبقى زمانين ، يبقى زمانين ، وأزمنة وعاد ما لا يقوم بنفسه يقوم بنفسه.
ولا يشعرون لما هم عليه، وهؤلاء هم في لبس من خلق جديد. 

قال الشيخ رضي الله عنه :  (وأما الأشاعرة) فإنهم وإن أصابوا في القول بعدم بقاء الأعراض (فما علموا أن العالم) جواهره أيضا (مجموع أعراض) من حيث هي قائمة بالعين الواحدة، وإن لم تكن حالة فيها إذ لا وجود له من نفسه.
(فهو) أي: العالم بجواهره وأعراضه (يتبدل في كل زمان) على مقتضى قولهم في العرض، إذ العرض لا يبقى زمانين) فما حصل منه أولی بذلك.
(ويظهر ذلك) أي: كون جواهر العالم من الأعراض في الحدود التي ذكروها (للأشياء) التي جعلوها قائمة بأنفسها؛ فهي من الجواهر عندهم.

قال الشيخ رضي الله عنه :  (فإنهم إذ حدوا الشيء تبين في حدهم تلك الأعراض)، فإنهم يذكرون فيها الجنس والفضل، ولا بد عندهم من أحد الأمرين، أما كون الجنس عرضا عاما للفصل، أو كون الفصل خاصة للجنس، وإلا لم يقم أحدهما بالآخر؛ لامتناع قيام الجوهر بالجوهر عندهم.
فلا يتركب منهما ماهية، إذ يكونان كحجر بجنب إنسان، وتبين أن هذه الأعراض المذكورة في حده عين هذا الشيء الذي هو (الجوهر) أي: ليس بزائد عليه، وهو تناقض إذ (حقيقته) أي:
حقيقة الجوهر هو (القائم بنفسه)، وقد أخذ في حقيقته أي: حقيقة الجوهر هو القائم بنفسه، وقد أخذ في حقيقته أمران أحدهما عرض لا محالة عندهم، وهو (من حيث هو عرض لا يقوم بنفسه)؛ فقالوا: بقيامه بنفسه من حيث هو جزء ما يقوم بنفسه.

قال الشيخ رضي الله عنه :  (فقد جاء من مجموع ما لا يقوم بنفسه)، وما يقوم بنفسه (من يقوم بنفسه) على زعمهم؛ فإن قالوا: ليس شيء من الجنس والفصل بعرض؛ بل هما جوهران يقوم أحدهما بالآخر كما تقوم الفلاسفة في الهيولى، والصورة الجسمية، والنوعية.
فقد حدوا نفس الجوهر بما هو عرض إذ حدوه تارة بأنه القائم بنفسه، وفسروا القيام بنفسه بالاستقلال في التحيز، وتارة بأنه القابل للأعراض.
وإليه الإشارة بقوله: (كالتحيز في حد الجوهر القائم بنفسه)، إذ فسر القيام بنفسه بالاستقلال في التحيز فالتحيز جزء مفهوم المتحيز (الذاتي) للجوهر على هذا القول، وأيضا (قبوله للأعراض حد له ذاتی) عندهم .
"" أضاف المحقق :
قال الشارح قال أكثر أهل النظر: إن الوجود صار متعددا بالذوات ،أنه صار متقيدا بهذه المظاهر بعد إطلاقه، ولا يعلمون أن ذلك أثر في صورة المنطبع لا في حقيقته، والصورة عرض وكثرة الأعراض وتغيراتها لا يستلزم كثرة الذات وتغيرها، على أن الصورة ليست للذات بل لظهورها في هذه المرايا عرضت لما لا ذات له سوى ذات من انطبعت الصورة في هذه المرايا بمقابلته وإلى ذلك أشار بما.""
ثم أشار إلى وجه التناقض في ذلك؛ فقال رضي الله عنه  : (ولا شك أن القبول) للأعراض ولغيرها (عرض إذ لا يكون إلا في محل قابلي)؛ لأنه علم بالضرورة (لأنه يقوم بنفسه وهو) أي: القبول (ذاتي للجوهر) عند من حده به ضرورة أن القابل ذاتي، والقبول جزء مفهومه وجزء الجزء جزء. مع أن الجوهر قائم بنفسه.
وهكذا التحيز الذي أخذه بعضهم في حد الجوهر بأنه القائم بنفسه باعتبار تفسيره القيام بالاستقلال في (التحيز عرض)؛ لأنه (لا يكون إلا في متحيز فلا يقوم بنفسه) فكيف جعلوهما ذاتيين للجوهر.
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وليس التحيز والقبول) على تقدير كونهما ذاتيين للجوهر (بأمر زائد على عين الجوهر المحدود) بأحدهما، كيف (والحدود الذاتية هي عين المحدود) مفهوما وإن اختلفا إجمالا وتفصيلا.
وعين (هويته) صدقا فكيف يكون أجزاؤها زائدة على نفس المحدود (فقد) عاد أي: (صار ما لا يبقى زمانين) من الأعراض جوهرا (يبقي زمانين وأزمنة).
وأيضا (عاد) أي: صار (ما لا يقوم بنفسه يقوم بنفسه) فهو تناقض من وجهين، وإذا كان كذلك قال الشيخ رضي الله عنه :  (ولا يشعرون) في تحديدهم الجواهر وإبقائها (لما هم عليه) من التناقض في جعلها عين الأعراض التي لا تنفي ولا تقوم بذاتها، (وهؤلاء) لجعلهم الأعراض غير باقية مع أخذها في حد الجوهر وحدود الأشياء التي هي جواهر باقية قائمة بأنفسها عندهم
قال الشيخ رضي الله عنه :  ("بل هم في لبس من خلق جديد") مع دعوتهم الفطانة فيكون جهلهم مركبا، فلا عبرة بلبس غيرهم في مقابلتهم، ولما كان الكلام معهم على طريقة أهل النظر مبنيا على مقدمات جدلية، إذ لو جعلوا أحد الجوهر رسما لم يلزمهم شيء مما ألزمهم.
قال الشيخ رضي الله عنه : (وأما أهل الكشف فإنهم يرون أن الله يتجلى في كل نفس ولا يكرر التجلي، و يرون أيضا شهودا أن كل تجل يعطي خلقا جديدا و يذهب بخلق.
فذهابه هو عين الفناء عند التجلي و البقاء لما يعطيه التجلي الآخر فافهم.)
أشار إلى ما هو التحقيق فقال: (وأما أهل الكشف فإنهم) قالوا بتجدد ما في العالم من الجواهر والأعراض إذ لا وجود لهم من ذواتهم، وإنما هو من إشراق نور وجود الحق عليهم وهو متجدد عليهم وإن كان ثابتا في نفسه من الأزل إلى الأبد.
إذ (يرون أن الله تعالى يتجلى في كل نفس) على كل موجود حق لو غاب عنه لحظة عاد إلى عدمه الأصلي؛ لعدم علة وجوده وهو التجلي الإلهي عليه (ولا يتكرر التجلي) إظهار الغاية سعته بحيث لا يتناهی (ویرون أيضا شهودا)، وإن لم يطلع بعضهم على برهان نظري .
(أن كل تجل) غيبيا أو شهودیا (يعطي خلقا جديدا)، إذ تجدد العلة الشخصية يقتضي تجدد معلول شخصی
(ويذهب بخلق) كان عند التجلي الأول؛ لأنه إن كان معلول مثل الأول، فالمثلان لا يجتمعان وإلا كان بينهما تقابل على أن ذهاب العلة الشخصية يقتضي ذهاب معلولها الشخصي (فذهابه هو الفناء) لما كان حاصلا (عند التجلي) الأخر؛ لأنه إنما بقي لذهاب الأول الذي كان يماثله أو يقابله لما ذكرنا.
(فالبقاء) هاهنا بمعنی عدم تخلل زمان العدم بين زماني وجود مقتضي التجليين إذا كانا مثلين، وأما البقاء بمعني استمرار الوجود الواحد؛ فإنما يتصور عندنا في حق العين الواحدة التي هي ذات الحق تعالی؛ زفافهم) فقد عثرت فيه الأكابر أهل النظر القدم.
ولما فرغ عن بيان الحكمة القلبية الباحثة عن تقلب الحق في التجليات المختلفة التي تو جب بعضها شدة في التأثير بها والتأثير؛ عقبها بالحكمة الملكية المشعرة بتلك للشدة؛ فقال: فص حكمة ملكية في كلمة لوطية.
 .
واتساب

No comments:

Post a Comment