Monday, August 5, 2019

02 - فص حكمة نفثية في كلمة شيثية .كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص الحكم الشيخ الأكبر للشيخ عبد الباقي مفتاح

02 - فص حكمة نفثية في كلمة شيثية .كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص الحكم الشيخ الأكبر للشيخ عبد الباقي مفتاح

02 - فص حكمة نفثية في كلمة شيثية .كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص الحكم الشيخ الأكبر للشيخ عبد الباقي مفتاح

كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح

كل الأسماء الحسنى تؤول في أصلها إلى الباطن. وكلها بما فيها الباطن والظاهر منبعثة من عين الذات الواحدة. 
فجاء الاسم الباعث 
في المرتبة الثانية قبل الباطن، متوجها على إيجاد اللوح المحفوظ المنبعث من القلم الأعلى، ونافث الأرواح في الصور، وعلى إيجاد منزلة البطين من برج الحمل الناري الحار، والحرارة أصل الحياة في الأرواح، ومن بطين قلب الصدر يكون النفث للنفس النفسح فترتاح الروح ويتنفس الجسم، والباعث متوجه أيضا لإيجاد ثاني الحروف أي الهاء، وهي هاء الحرية التي منها تبعث الأسماء " هو الأول والآخر والظاهر" "هو الأول والأخر والظاهر والباطن " 3 سورة الحديد.  " قل هو الله أحد " 1 سورة الإخلاص. وعددها خمسة، وهو العدد الوحيد الحافظ لنفسه ولغيره فهي في أتم المناسبة مع اللوح المحفوظ.
وأنسب الأنبياء لهذه المرتبة الباعثة النافثة الحافظة 
هو شيث عليه السلام لأنه هو أول الكمل انبعاثا من آدم عليه السلام ، كاللوح أول الموجودات انبعاثا من القلم، وهو نافث علم المواهب والعطايا في الأرواح، كاللوح النافث الأرواح في الصور المسواة، وإمداد شبث کامداد اللوح محفوظان حافظان إلى يوم القيامة.
وقد أشار الشيخ إلى الاسم الباعت في هذا الفص كقوله: "والصنف الآخر بعثه على السؤال... لأنه يعلم الباعث وهو الحال...".
وبدأ الفص بذكر العطايا. فالعطايا الذاتية من الوجه الخاص للتجلي الإلهي هي مثل ما يأخذه اللوح من أمر الحق المباشر أو ما اختص به شيث عن آدم حسب استعداده.
والعطايا السببية هي مثل العلوم التي يأخذها الشرح من القلم أو ورثها شيت من آدم عليهما السلام. وحيث أنه من الوجه الخاص للوح يعلم القضاء والقدر فقد خصص الشيخ لهذه المسألة فقرة بدأها بقوله: (فالاستعداد أخفي سؤال... سابقة قضاء... الواقفون على سر القدر وهم على قسمين: منهم من يعلم ذلك محملا) 
إشارة إلى إجمال القلم النوني .
(ومنهم من يعلمه مفصلا) إشارة إلى تفصيل القلم في اللوح (وهذا انفصل عن المحقق من أهل الله صاحب الكشف والوجود). انتهي.
وكلامه على الاستعداد و تفاضل الأسماء مع أحدية عينها المنبعثة عنها مناسب الكون نسبة اللوح الذي هو النفس الكلية إلى كل صور العالم نسبة واحدة من غير تفاضل إلا أن الصور تقبل من ذلك بحسب استعداداتها الذاتية فيظهر بينها التفاضل. 
من كل هذا يتبين لماذا كانت حكمة هذا الفص نفثية للنسبة اللفظية والمعنوية بين: نفت، بعث، نفس.
يتكلم الشيخ على انبعاث النفس من العقل فيقول ما خلاصته:
"إن لله سبعين ألف حجاب من نور وظلمة لو كشفها لأحرقت سبحات وجهه ما أدرکه بصره من خلقه". وكان الله ولا شيء معه.
وقد سبق في علمه أن يكمل الوجود العرفاني بظهور آثار الأسماء الإلهية والنسب والإضافات لا أن يكمل هو بذلك تعالى عن ذلك علوا كبيرا، فهو الكامل على الإطلاق.
فتحلى الحق سبحانه بنفسه لنفسه بأنوار السبحات الوجهية من كونه عالما مريدا فظهرت الأرواح المهيمة من الحلال والجمال.
وذلك أن الله تعالى أحب أن يعرف ليجود على العالم بالعلم به عز وجل.
وعلم أنه تعالى لا يعلم من حيث هويته ولا من حيث يعلم نفسه وإنه لا يحصل من العلم به تعالى في العالم إلا أن يعلم العالم أنه لا يعلم، كما قال الصديق: العجز عن درك الإدراك إدراك.
فلما اتصف لنا بالمحبة. والمحبة حكم يوجب رحمة الموصوف بها بنفسه.
ولهذا يجد المتنفس راحة في نفسه. فيروز النفس من المتنفس عين رحمته بنفسه فما خرج منه تعالى إلا الرحمة التي وسعت كل شيء فانسحبت على جميع العالم إلى ما لا يتناهی، فأول صورة قبل نفس الرحمن صورة العماء فهو بخار رحماني هو عين الرحمة فكان الحق له كالقلب للإنسان كما أنه تعالى القلب الإنسان العارف المؤمن كالقلب للإنسان فهو قلب القلب كما أنه مالك الملك فما حواه غيره.
ثم إن جوهر ذلك العماء قبل صور الأرواح من الراحة والاسترواح إليها وهي الأرواح المهيمة فلم تعرف غير الجوهر الذي ظهرت فيه وبه وهو أصلها وهو باطن الحق وغيبه ظهر فظهر فيه وبه العالم، فإنه من المحال أن يظهر العالم، من حكم الباطن فلا بد من ظهور حق به يكون ظهور صور العالم فلم يكن غير العماء فهو الاسم الظاهر الرحمن فهامت في نفسها.
وخلق تعالى في الغيب المستور الذي لا يمكن كشفه لمخلوق العنصر الأعظم، وكان هذا الخلق دفعة واحدة من غير ترتيب عيني.
وما ثم روح يعرف أن ثم سواه لفنائه في الحق بالحق واستيلاء سلطان الجلال عليه، ثم إنه سبحانه أوجد دون هذه الأرواح بتجلي آخر من غير تلك المرتبة أرواحا متحيزة في أرض بيضاء، خلقهم عليها وهيمهم فيها بالتسبيح والتقديس لا يعرفون أن الله خلق سواهم، لاشتراكهم مع الأول في نور الهيمان وكل منهم على مقام من العلم بالله والحال.
وهذه الأرض خارجة عن عالم الطبيعة فهي لا تتحلل ولا تتبدل، وللإنسان في هذه الأرض مثال.
وله حظ فيهم وله في الأرواح الأول مثال آخر وهو في كل عالم له مثال.
ثم إن لذلك العنصر الأعظم المخزون في غيب الغيب التفاتة مخصوصة إلى عالم التدوين والتسطير ولا وجود لذلك العالم في العين فأوجد سبحانه عند تلك الالتفاتة العقل الأول.
والالتفاتة إنما كانت للحقيقة الإنسانية التي هي المقصود والغاية وعين الجمع والوجود. 
والعقل الأول وهو القلم الأعلى، هو واحد من تلك الأرواح المهيمة خص بتجلي خاص علمي
فانتقش فيه علم ما يكون إلى يوم القيامة مالا تعلمه الأرواح المهيمة .
فوجد في ذاته قوة امتاز ما عن سائر الأرواح فشاهدهم وهم لا يشاهدونه ولا يشهدونه ولا يشهد بعضهم بعضا فرأى نفسه مرکبا منه ومن القوة التي وجدها علم بما صدوره كيف كان وعلم أن في العلم حقائق معقولات من حيث أنه عقلها لما تميزت عنده فهي للحق معلومات وللعقل ولأنفسها معقولات. ورأى في جوهر العماء صورة الإنسان الكامل الذي هو للحق .
عزلة ظل الشخص من الشخص ورأى نفسه ناقصا عن تلك الدرجة وقد علم ما يتكون عنه من العالم إلى آخره في الدنيا.
فعلم أنه لا بد أن يحصل له درجة الكمال التي للإنسان الكامل وإن لم يكن فيها مثله فإن الكمال في الإنسان الكامل بالفعل وهو في العقل الأول بالقوة.
وتحلى الحق للعقل فرأى لذاته ظلا.
فكان ذلك الظل المنبعث عن ذات العقل من نور ذلك التجلي و كثافة المحدث بالنظر إلى اللطيف الخبير نفسا وهو اللوح المحفوظ والطبيعة الذاتية مع ذلك كله وتسمى هناك حياة وعلما وإرادة وقولا كما تسمى في الأجسام حرارة وبرودة ويبوسة ورطوبة.
كما تسمي في الأركان نارا وهواء وماء وترابا كما تسمى في الحيوان سوداء وصفراء و بلغم ودما، والعين واحدة والحكم مختلف.
فاللوح هو أول موجود انبعاثي لما انبعث من الطلب القائم بالقلم لموضع يكتب فيه. ولم يكن في القوة العقلية الاستقلال بوجود هذا اللوح فتأيد بالاسم الباعث وبالوجه الخاص الذي انبعثت عنه هذه النفس - وهو قول الله لها: كن والعقل ثابت في مقام الفقر والذلة إلى باريه له نسب وإضافات ووجوه كثيرة لا يتكثر في ذاته بتعددها فياض بوجهين: فيض ذاتي وفيض إرادي .
فما هو في الذات مطلقا لا يتصف بالمنع، وما هو بالإرادة فإنه يوصف فيه بالمنع والعطاء.
وسماه الحق تعالى في القرآن حقا وقلما و روحا، وفي السنة عقلا وهو الخازن الحفيظ العليم الأمين على اللطائف الإنسانية التي من أجلها وجد.
علم نفسه فعلم مبدعه فعلم العالم فعلم الإنسان فهر العقل من هذا الوجه وهو القلم من حيث التدوين والتسطير وهو الروح من حيث التصرف وهو العرش المجيد من حيث الاستواء بالعلم والرحمة وهو الإمام المبين من حيث الإحصاء.
 و رقائقه التي تمتد إلى النقي إلى الهباء إلى الجسم إلى الأفلاك الثابتة إلى المركز إلى الأركان بالصعود إلى الأفلاك المتخيلة إلى الحركات إلى المولدات إلى الإنسان إلى انعقادها في العنصر الأعظم و بتواصلها .
هو حاصل ضرب: "360 * 360 * 360" رقيقة.
ولا يزال هذا العقل مترددا بين إقبال وإدبار يقبل على باريه مستفيدا فيتجلى له فيكشف في ذاته عن بعض ما هو عليه فيعلم من باريه قدر ما علم من نفسه.
وعلمه بذاته لا يتناهى فعلمه بربه لا يتناهى.
وطريقة علمه به التجليات وطريقة علمه بربه علمه به.
ويقبل على من دونه مفيدا هكذا أبدا لآباد في المزيد فهو الفقير الغني العزيز الذليل العبد السيد.
وليس فوق القلم موجود محدث يأخذ عنه يعبر عنه بالنون.
وإنما نونه التي هي الدواة عبارة عن علمه الإجمالي بلا تفصيل ولا يظهر له تفصيل إلا في اللوح.
وله 360 سنا من حيث هو فلم، و360 وجها ونسبة من حيث هو عقل، و360 لسانا من حيث ما هو روح مترجم عن الله.
ويستمد كل سن من 360 بحرا من أصناف العلوم، وهذه البحور هي إجمال الكلمات الإلهية التي لا تنفد.
فألقى منها في اللوح جميع ما عنده إلى غاية يوم القيامة مسطرا منظوما.
فكان مما ألقى إليه وما ضمه اللوح من الكلمات 269200 آية • أي حاصل جمع 
(x 360 ) 2 + ( 100x100 360) وهو ما يكون في الخلق من جهة ما تلقيه النفس في العالم عند الأسباب وأما ما يكون من الوجوه الخاصة الإلهية فذلك يحدث وقت وجوده لا علم لغير الله به.
وهذا جميع ما حصله العقل من النفس الرحماني من حيث ما کلمه به ربه.
ولتلك الآيات سور تجمعها هي عشر سور على عدد المقولات المعلومة عند الحكماء وقد سبق ذكرها في نص إسحاق.
وللإنسان الكامل عشر نيابات عن الحق تعالى مناسبة للمقولات العشرة (تنظر تفاصيلها في الباب 360 من الفتوحات المتعلق بسورة النور).
وكما تعددت أسماء العقل الأول، 
كذلك تعددت أسماء النفس الكلية فهي العرش العظيم والورقاء و الزمردة الخضراء والمشار إليه بـ (كل شيء) .
قال تعالى: "وكتبنا له في الألواح من كل شي " 145 سورة الأعراف.
وهر اللوح المحفوظ ... وأعطاها الله قوتين: علمية وعملية 
بالعملية تظهر أعيان الصور 
وبالعلمية تعلم المقادير والأوزان 
ومن الوجه الخاص يكون القضاء والقدر.
ثم صرف العقل وجهه إلى العماء فرأى ما بقي منه لم يظهر فيه صورة وقد أبصر ما ظهرت فيه الصور منه قد أنار بالصور.
وما بقي دون صورة رآه ظلمة خالصة ورأى أنه قابل للصور والاستنارة، فأعلم أن ذلك لا يكون إلا بالتحامك بظلك وصورة التلقي الإلهي للعقل تحمل رحماني عن محبة من المتجلي و المتجلى له.
فعمه التجلي الإلهي كما تعم لذة الجماع نفس الناكح حين تغيبه عن ما سواها.
فلما عمه نور التحلي رجع ظله إليه واتحد به فكان نكاحا معنويا صدر عنه العرش. واستوى الحق عليه بالاسم الرحمن.
فلا أقرب من الرحمة إلى الخلق لأن ما ثم أقرب إليهم من وجودهم ووجودهم رحمة بلا شك .
ومن هذا المقام جعل الله بين الزوجين المودة والرحمة فقال:"وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21) " سورة الروم.
قول الشيخ في هذا الفص: (وهذا العلم كان علم شيث عليه السلام وروحه هو الممد لكل من يتكلم في مثل هذا من الأرواح ما عدا روح الخاتم فإنه لا تأتيه المادة إلا من الله لا من روح من الأرواح بل من روحه تكون المادة لجميع الأرواح)
أي: لأن شيث بالنسبة إلى الأرواح بمثابة اللوح لما تحته من المراتب من حيث الإمداد هذا العلم. وأما الخاتم كالقلم الأعلى لا يتلقى إلا من الله وبحمد الجميع حسب استعداداتهم.
ولهذا خصص الشيخ في هذا الفص فقرة حول الختمية لأنه بمراتب اللوح والقلم والإنسان تكمل دائرة الوجود وتختم دورة الظهور.
 وصرح الشيخ بأنه هو خاتم الأولياء المحمدي حيث ذكر أن الخاتم لا بد أن يرى نفسه على هيئة لبنتي فضة وذهب في حائط الكعبة.
وقد ذكر في الفتوحات "باب 65" أنه رأى هذه الرؤيا رآها بمكة سنة 599 هـ. أي 
28 سنة قبل ظهور الفصوص.
هذا و الأختام عند الشيخ الأكبر
 أربعة كلها لها علاقة بختام العالم قرب يوم القيامة برجوع النفوس الجزئية للنفس الكلية التي ابتدأ منها النفخ قال تعالى: "كما بدأكم تعودون " 29 سورة الأعراف. ولهذا كانت خاتمة الزمان على قدم خاتم الأولاد الذي هو على قدم شبث الذي له فص مرتبة النفس الكلية حسب ما ذكر في ختام هذا الفص.
وقد صرح الشيخ هذا المعنى في "الباب 64 ج الأول ص 311" من الفتوحات حيث يقول: (عين موت الإنسان هو قيامته ... وأن الحشر جمع النفوس الجزئية إلى النفس الكلية. هذا كله أقول به). وذلك لأن للأختام وظيفة الحفظ الدائمة المستمرة إلى غاية يوم القيامة، أو نهاية الدنيا، كاللوح المحفوظ.
وفي هذا المعنى يقول الشيخ في إحدى قصائد كتابه "عنقاء مغرب في ختم الولاية وشمس المغرب":
فمن شرف النبي على الوجود     ….     ختام الأولياء من العقود
من البيت الرفيع وساكنيه      ….     من الجنس المعظم في الوجود
وتبين الحقائق في ذراها     ….      وفضل الله فيه من الشهود
لوان البيت يبقى دون ختم     ….      لجاء اللص يفتك بالوليد
فحقق يا أخي نظرا إلى من     ….      حمي بين الولاية من بعيد 
والترتيب الزمني للأختام الأربعة هو كالتالي: 
أولهم سيدنا محمد خاتم المرسلين صلى الله عليه وعلى آله وسلم، والآخرون من حسناته. ثم خاتم الولاية المحمدية وصرح الشيخ الأكبر بأنه هو في العديد من نصوصه تصريحا وتلويحا. ثم في آخر الزمان خاتم الأقطاب الاثني عشر الذين عليهم مدار العالم وهو المسمى بشمس البيت أي الإمام المهدي من آل بيت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقد خصص الشيخ له الباب 366 من الفتوحات وهو منزل سورة الكهف وعنوانه: "في معرفة منزل وزراء المهدي الظاهر في آخر الزمان الذي بشر به رسول الله وهو من أهل البيت المطهر" .
وذكره أيضا في الباب 463 بدون أن يصرح به وقال عنه أنه على قدم نوح عليه السلام و سورته (یس) وهو أكمل الأقطاب حكما لجمعه بين الخلافتين الظاهرة والباطنة ولو كان ثم قطب على قدم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم  لكان هذا القطب.
وأما الختم الرابع فهو عيسى عليه حين يزل في آخر الزمان يختم الله به الولاية العامة وخصص الشيخ له الباب "557" وهو الباب الذي ختم به أبواب هجرات الأقطاب من الفصل السادس في الفتوحات.
والخامس والأخير هو الذي ذكره الشيخ في آخر هذا الفص الشيثي حيث يقول: (وعلی قدم شيث يكون آخر مولود يولد من هذا النوع الإنساني. وهو حامل أسراره، وليس بعده ولد في هذا النوع. فهو خاتم الأولاد. وتولد معه أخت له فتخرج قبله ويخرج بعدها فيكون رأسه عند رجليها. ويكون مولده بالصين. ولغته لغة أهل بلده. ويسري العقم في الرجال والنساء فيكثر النكاح من غير ولادة. ويدعوهم إلى الله فلا يجاب. فإذا قبضه الله تعالى وقبض مومني زمانه بقي من بقي مثل البهائم لا يحلون حلالا ولا يحرمون حراما، يتصرفون بحكم الطبيعة شهر
محردة عن العقل والشرع فعليهم تقوم الساعة) .
كلام الشيخ في هذه الفقرة يذكر بحال عیسی عليه السلام عندما ينزل في آخر الزمان.
فشيث وعيسى عليهما السلام يشتركان في النفث الروحاني اللوحي من النفس الرحماني بالكلمات اللفظية وإمداد المواهب والعطايا وحفظ الولاية في مقام القرية الذي كان شيث فاتحا لها بعد آدم عليه السلام و عیسی خاتمها عند نزوله في آخر الزمان.
وعيسى هو أخر مولود من هذا النوع الإنساني من أنواع الولادة فآدم خلق من غير ذكر وأنثى، وحواء خلقت من ذكر هو آدم، وأبناؤهما خلقوا من ذكر وأنثى، وأخيرا عیسی خلق من أنثى بنفخ جبريل عليه السلام.
وحواء أم شيث هي أيضا أخت له لأن أباهما آدم وانبعاثهما منه يناسب انبعاث قوتي اللوح من القلم.
فحواء تناسب القوة العملية للنفس الكلية إذ منهما تظهر أعيان الصور، وشيث يناسب القوة العلمية للوح إذ منهما نعلم المقادير والأوزان وتوهب العطايا. وكذلك عيسى ومريم.
فحيث أنه ليس لعيسى أب بشري فكان عمران جده لأمه هو أب له ولأمه فهي کالأخت له خرجت قبله ورأسه عند رجليها لبره بها .وهو القائل: " وبرا بوالدتي " 32 سورة مريم .
وذكر الشيخ السريان العقم في الرجال والنساء في آخر الزمان إشارة إلى غاية إعداد القوتين العلمية والعملية من اللوح عند قيام الساعة .
وذكر الشيخ للصين کمولد هذا الخاتم يشير إلى علاقة متميزة بين الملة الصينية الأولى وشيث ذكرناها في مفاتيح الفصوص.
ووجود الصين في أقصى الشرق يناسب ظهور عيسى في زمن أقصى دورة الملك قبل ظهور الرسول الخاتم صلى الله عليه وسلم
وظهوره في آخر الزمان خاتما للولاية العامة (يلاحظ أن عدد كلمة: صين هو نفس عدد كلمة: عيسى وهو 150 بحساب الجمل المشرقي الكبير، و15 بالصغير).
وقوله: (فإذا قبضه الله تعالى وقبض مؤمن زمانه بقي من بقي مثل البهائم...) مناسب للأحاديث النبوية التي نصف عيسى في آخر الزمان الحديث الطويل الذي رواه الشيخ في باب منزل المهدي من الفتوحات (فتوحات الجزء الثالث ص 331) وفي آخره يتكلم عن عيسى والمومنين بعد قتل الدجال وياجوج وماجوج وختمه بقوله: (فبينما هم كذلك إذ بعث الله ريحا فقبضت روح كل مؤمن ويبقى سائر الناس يتهارجون كما يتهارج الحمر فعليهم تقوم الساعة).
لكن القول بأن خاتم الأولاد الشيثي هو عيسى عليه السلام يرفضه بعض شارحي الفصوص كبالي أفندي الذي يقول: ومن قال إن هذا الولد هو عيسى عليه السلام فقد أخطأ في الظاهر والباطن.
وقد تكلمنا في كتاب (مفاتیح فصوص الحكم) على الظل الظلماني للإمداد الشيثي واستمراريته عبر تاريخ أجبال البشرية في الولاية الشيطانية التي خانها الأمور المسيخ الدجال الذي يقتله المسيح عليه السلام في آخر الزمان.
وفي القرآن الكريم وردت كلمة: (النفاثات في سورة الفلق متعلقة بالسحر والنفوس الشيطانية أي الجانب الظلماني الأسفل للحكمة النفثية. و للشيخ کلام نفيس حول أنوار وشرور عالم التركيب الخلقي الأسفل في الباب 271 من الفتوحات وهو لمنزل سورة الفلق.
وأشرنا إلى. علاقة الإمدادين النوراني و الظلماني برمزية حرف النون بشطريه العلوي الغيبي والسفلي المشهود المتقلب بين ليل ونهار والممتزج نوره بالظلمات. وحيث أن عدد النون هو 50 -وهو يشير إلى حفظ الإمداد - فمجموع عددي شطري دائرة النون الكلية هو 100 وعنه يقول الشيخ في كتابه: (الميم والواو والنون): (فالنون مائة لمائة اسم إلهي لمائة درجة جنائية نعيمية إن كان سعيدا، لمائة حجاب إلهي لمائة درك ناري عقابي إن كان شقيا).
وكما ابتدأ إمداد العطايا والهبات ووراثة الخلافة الآدمية من شيث كذلك انتهت بولي على قدمه.
فناسبت بداية انبعاث الأنفاس الرحمانية في الحضرات الإنسانية غايتها لأن سريان ذلك النفس عبر أنفاس الكمل من الأمة المحمدية هو نفس رجوع وعروج إلى الأصل عندما انتهى إلى غايته في الإنسان الأكمل سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم بعد سريانه عبر حضرات الأنبياء السابقين.
وقد أعطى القاشاني تأويلا لهذه الفقرة حول خاتم الأولاد وهو أن آخر مولود من النوع الإنسان يعني النفس الناطقة أو القلب .
وهو مظهر النفس الكلية في كل إنسان وأخته المولودة معه هي النفس الحيوانية التي تظهر في النشأة قبل النفس الناطقة فهي تخرج للظهور قبل القلب.
والصين حيث يولدان هي آخر مراتب الوجود أي عين الإنسان وآخر ما يظهر في نشأته النفس الحيوانية ثم الناطقة.
فإذا كان رأسه عند رجلي أخته أي إذا تغلبت حيوانية الإنسان على قلبه فإن أهل زمانه لا يستجيبون لدعوته، أي أن بقية قوى النفس والجوارح لا تنقاد للحق.
فإذا قبض الله ذلك الولد ومؤمن زمانه أي إذا كان حكم القلب وقوى الروح حکما مقبوضا أي ضعيفا لا أثر له فلا يبقى في الإنسان إلا حكم الطبيعة الحيوانية بقواها الفاعلة والمنفعلة المناكحة والعقيمة لأنها لا تستطيع أن تلد أمرا فيه الروح لخلوها من مدد الروح.
وخاتم الأولاد مع أخته هما صورة إنسانية للتوأمين في كل مراتب الوجود أي لزوجية الفعل والانفعال والمنفعلة لها القبلية لأن بوجودها يكون الفاعل فاعلا فرأسه عند رجليها.
فمن هذه التوائم فلكا البروج والمنازل وفلكا الكرسي والعرش، ومرتبتا الهباء والطبيعة.
وصفتا العلم والعمل في النفس، ومقاما اللوح والقلم وهما كخاتم الأولاد وأخته آخر ما يظهر من المخلوقات صعودا .
لأنهما الأولان نزولا في النفس الرحماني كحرفي الماء والهمزة في النفس الإنسان المتولدین في أقصى مخارج الحروف كاللوح والقلم في أقصى مراتب الوجود کالصين في أقصى الشرق...
وأهل ذلك الملكوت الأعلى هم الأرواح المهيمة تحت فعل تجليات الأسماء الإلهية وهم لا يستجيبون لدعوة داع لعدم شعورهم به وبغيره.
وانفعالهم لتلك التجليات انفعال عقيم فلا ينبعث منهم أي مولود بخلاف العقل الأول، لفنائهم تحت سلطان جلال العظمة.
فالمهيمون تحت تصريف حكم الطبيعة العمائية الأسمائية.
مقامهم بجرد عن حكم العقل و شرع اللوح.
وعليهم تقوم الساعة إذ لا زمان هناك وما فوقهم إلا ظهور الحق تعالى لذاته بذاته في ذاته.
وقد تكلم الشيخ في الباب 11 من الفتوحات عن التوائم المتولدة من النكاح الساري في جميع الذراري فقال ما خلاصته: (كل موثر آب. وكل مؤثر فيه أم وكل نسبة بينهما معينة نکاح.
وكل نتيجة ابنه فأول الآباء العلوية الساري هو الاسم الجامع الأعظم الذي تتبعه جميع الأسماء. وأول الأمهات شيئية المعدوم الممكن. وأول نکاح القصد بالأمر. وأول ابن موجود عين تلك الشيئية المذكورة لقوله تعالى: "إنما قولنا لشيء إذا أردته أن تقول له كن فيكون"40 سورة النحل.
وأول ظاهر من الأبناء العقل الأول وكان مؤثرا فيه بما أحدث الله فيه من انبعاث اللوح المحفوظ عنه كانبعاث حواء من آدم في عالم الأجرام.
فكان بين اللوح والقلم نکاح معنوي معقول وأثر حسي مشهود ومن هنا كان العمل بالحروف الرقمية عندنا وكان ما أودع اللوح من الأثر مثل الماء الدافق الحاصل في رحم الأنثى، وما ظهر من تلك الكتابة من المعاني المودعة في تلك الحروف .
بمنزلة أرواح الأولاد المودعة في أجسامهم.
وكان مما أوجد الله في اللوح صفتان :
صفة علم فاعلة وصفة عمل منفعلة ما تظهر صور العالم.
وكان مما ألقى القلم في اللوح الطبيعة والهباء.
فكان أول أم ولدت توأمين فأول ما ألفت الطبيعة ثم تبعتها بالهباء.
فأنكح الطبيعة الهباء فولد بينهما صورة الجسم الكلي وهو أول جسم ظهر.
ثم نزل التوالد في العالم إلى التراب على ترتیب مخصوص ذكرناه في كتابنا (عقلة المستوفر).
وفي ذكر الشيخ للطبيعة في ختام هذا الفص تمهيد لفص نوح الموالي الذي له مرتبة الطبيعة. 
2 - سورة فص شيث عليه السلام
موضوع هذا الفص هو العطايا والمنح الربانية والهبات الإلهية ومعنى "شيث" هبة الله.
والكلمات الأكثر تكرارا في الفص مشتقة من العطاء والمواهب، هذا العطاء بجده في سورة 
"الضحى" . "وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3) وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى (4) وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى (5)  " فهذه كلها منح وبشائر تلاها بأعظمها " ولسوف يعطيك رئك فترضى ".
ثم عدد مواهبه له فقال : " أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى (6) وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى (7) وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى (8)" .
فسورة هذا الفص هي: سورة "الضحی".
وتكلم الشيخ في أوائل الفص عن السؤال والمسؤول من الآية 10 : "وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ (10) ". وأعظم المواهب في مقامات الولاية والرسالة مقام الختمية.
ولهذا تكلم الشيخ طويلا في هذه الفص عن الختمية من الآية الحالمة لها:"وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (11)  ".
فتحدث عن اختصاصه بالختمية المحمدية التي أنعم ربه ها عليه كما أنعم على سيدنا محمد بختمية الرسالة.
فمرتبة خانم الولاية مرتبة الصدر في فلك الولاية المحيط، كما أن شيث له مرتبة الصدر في الملة الآدمية و كالضحى الذي هو صدر النهار ...
وقد جعل الشيخ عنوان الفقرة التابعة لسورة الضحى" في الباب "559 - فتوحات : "يبدي الأسرار صدر النهار " لأن الصدر كما عرفه في الباب 211 "المخصوص بسورة "الضحى" هو أنه في المرتبة الثانية من كل صورة سواء كانت الصورة جنسية أو نوعية أو شخصية".
وجعل الشيخ هذا الباب "211 فتوحات " تحت عنوان: "منزل صدر الزمان وهو الفلك الرابع".
أي فلك الشمس القطبي المناسب لمقام خاتم الأولياء الذي يبدي الأسرار وله الرتبة الثانية بعد خاتم الرسل، و لشيث الرتبة الثانية بعد آدم عليهم السلام، فمقامه كمقام الشمس عند إشراقها لا شروقها.
علاقة هذا الفص بسابقه الفص الآدمي :
علاقة فصي آدم و شيث تظهر في مسألة العطايا ومسألة الختمية ومسألة الصدر :
فأعظم العطايا هي التي منحها الله لآدم الخليفة وذريته، فبه ختمت المراتب.
فعطاء الختمية في فص شيث من
 "الضحى" أورده الشيخ في وسط نص آدم حين قال: (فهو من العالم کفص الخاتم من الخاتم... كما يحفظ الختم الخزائن... فكان ختما على خزانة الأخرة ختما أبديا).
وإذا كان شيث هو صدر ملة آدم، وله صدر النهار من سورة الضحى"، فآدم هو صدر الدنيا حسب ما ذكره الشيخ في الباب "291 فتوحات"
فقال: (وصدر النهار إشراق الشمس لا شروقها... وصدر الدنيا وجود آدم)، وصدر العالم اللوح لأنه الثاني بعد القلم.
وفي فص شیث يشير الشيخ إلى أن علاقته بفص آدم هي كعلاقة اللوح بالقلم فيقول: (لأن الولد سر أبيه فما أتاه غريب لمن عقل عن الله). 
وأول من عقل عن الله تعالى العقل الأول أو قلم سورة العلق، وهو أول مظاهر المخاطب في سورة الضحى بـ 
"ولسوف يعطيك ربك فترضى"  صلى الله عليه وآله وسلم.
.
واتساب

No comments:

Post a Comment