Tuesday, August 6, 2019

20 - فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية للشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي

20 - فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية للشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي

20 - فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية للشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي

20 - فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية

هذه حكمة الأولية في الأسماء، فإن اللَّه سماه يحيى أي يحيا به ذكر زكريا.
و «لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا» فجمع بين حصول الصفة التي فيمن غَبَرَ ممن ترك ولداً يحيا به ذكرُه وبين اسمه بذلك. 
فسماه يحيى فكان اسمه يحيى كالعلم الذوقي، فإن آدم حيي ذكره بشيث ونوحاً حيي ذكره بسام، وكذلك الأنبياء.
ولكن ما جمع اللَّه لأحد قبل يحيى بين الاسم العَلم منه وبين الصفة إلا لزكريا عناية منه إذ قال‏ «فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا» فقدم الحقَّ على ذكر ولده كما قدمت آسية ذكر الجار على الدار في قولها «عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ» فأكرمه اللَّه بأن قضى حاجته وسماه بصفته حتى يكون اسمه تذكاراً لما طلب منه نبيه زكريا، لأنه عليه السلام آثر بقاء ذكر اللَّه في عَقِبِه إذ الولد سر أبيه، فقال‏ «يَرِثُنِي ويَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ» وليس ثَمَّ موروث في حق هؤلاء إلا مقام ذكر اللَّه والدعوة إليه.
ثم إنه بشره بما قدمه من سلامه عليه يوم‏ ولد ويوم يموت ويوم يبعث حياً.
فجاء بصفة الحياة وهي اسمه وأعلم بسلامه عليه، و كلامُهُ صدق فهو مقطوع به، وإن كان قول الروح‏ 
«وَ السَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ ويَوْمَ أَمُوتُ ويَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا» أكمل في الاتحاد، فهذا أكمل في الاتحاد والاعتقاد وأرفع للتأويلات .
فإن الذي انخرقت‏ فيه‏ العادة في حق عيسى إنما هو النطق، فقد تمكن عقله وتكمل في ذلك الزمان الذي أنطقه اللَّه فيه.
ولا يلزم للمتمكن من النطق- على أي حالة كان- الصدقُ فيما به ينطق، بخلاف‏ المشهود له كيحيى.
فسلام الحق على يحيى من هذا الوجه أرفع للالتباس الواقع في العناية الإلهية به من سلام عيسى على نفسه، وإن كانت قرائن الأحوال تدل على قربه‏ من اللَّه في ذلك وصدقه، إذ نطق في معرض الدلالة على براءة أمه في المهد.
فهذا أحد الشاهدين، والشاهد الآخر هو الجذع اليابس فسقط رطباً جنيًّا من غير فحل ولا تذكير، كما ولدت مريم عيسى من غير فحل ولا ذكر ولا جماع عرفي معتاد، لو قال نبي آيتي ومعجزتي أن ينطق هذا الحائط، فنطق الحائط وقال في نطقه تكذب ما أنت رسول اللَّه، لصحت الآية وثبت بها أنه رسول اللَّه، ولم يلتفت إلى ما نطق به الحائط.
فلما دخل هذا الاحتمال في كلام عيسى بإشارة أمه إليه وهو في المهد، كان‏ سلام اللَّه على يحيى أرفع من هذا الوجه‏ .
فموضع الدلالة أنه عبد اللَّه من أجل ما قيل فيه إنه ابن اللَّه- وفرغت الدلالة بمجرد النطق- وأنه عبد اللَّه عند الطائفة الاخرى القائلة بالنبوة.
وبقي ما زاد في حكم الاحتمال في النظر العقلي حتى ظهر في المستقبل صدقه في جميع ما أخبر به في المهد فتحقق ما أشرنا إليه.
.
التسميات:
واتساب

No comments:

Post a Comment