Monday, August 5, 2019

02 - فص حكمة نفثية في كلمة شيثيَّة للشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي

02 - فص حكمة نفثية في كلمة شيثيَّة للشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي

02 - فص حكمة نفثية في كلمة شيثيَّة للشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي

02 - فص حكمة نفثية في كلمة شيثيَّة

اعلم أن العطاي والمنح الظاهرة في الكون على أيدي العباد وعلى غير أيديهم على قسمين: منها ما يكون عطايا ذاتية وعطايا أسمائية وتتميز عند أهل الأذواق، كما أن منها ما يكون عن سؤال في معيَّن وعن سؤال غير معيّن. 
ومنها مألا يكون عن‏ سؤال سواء كانت الأعطية ذاتية وأسمائية. 
فالمعيَّن كمن يقول يا رب أعطني كذا فيعيِّن أمراً مألا يخطر له سواه وغير المعيّن كمن يقول أعطني ما تعلم فيه مصلحتي- من غير تعيين- لكل جزء من ذاتي من لطيف وكثيف. 
والسائلون صنفان، صنف بعثه على السؤال الاستعجال الطبيعي فإن الإنسان خلق عجولا. 
والصنف الآخر بعثه على السؤال لِمَا علم أنَّ ثَمَّ أموراً عند اللَّه قد سبق العلم بأنهألا تُنَال إِلا بعد السؤال‏ ، فيقول: فلعل‏ ما نسأله فيه‏ سبحانه يكون من هذا القبيل، فسؤاله احتياط لما هو الأمر عليه من الإمكان: وهو لا يعلم ما في علم اللَّه ولا ما يعطيه استعداده في القبول، لأنه من أغمض المعلومات الوقوف في كل زمانٍ فرد على استعداد الشخص في ذلك الزمان.
 ولو لا ما أعطاه الاستعدادُ السؤالَ ما سأل.
 فغاية أهل الحضور الذين لا يعلمون مثل هذا أن يعلموه في الزمان الذي يكونون‏ فيه، فإنهم لحضورهم يعلمون ما أعطاهم الحق في ذلك الزمان وأنهم ما قبلوه إِلا بالاستعداد.
وهم صنفان: صنف يعلمون مِنْ قبولهم استعدادَهم، وصنف يعلمون من استعدادهم ما يقبلونه. هذا أتَمُّ ما يكون في معرفة الاستعداد في هذا الصنف. ومن هذا الصنف من يسأل لا للاستعجال ولا للإِمكان، وإِنما يسأل امتثالًا لأمر اللَّه في قوله تعالى: «ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ». 
فهو العبد المحض، وليس لهذا الداعي همة متعلقة فيما سأل فيه من معيَّن وغير معين، وإِنما همته في امتثال أوامر سيِّده. فإِذا اقتضى الحال السؤال سأل عبودية و إِذا اقتضى التفويض والسكوت سكت فقد ابتُلِيَ أيوب عليه السلام وغيره وما سألوا رفع ما ابتلاهم اللَّه تعالى به، ثم اقتضى لهم الحال في زمان آخر أن يسألوا رفع ذلك فرفعه اللَّه عنهم.
والتعجيل بالمسئول‏ فيه‏ والإبطاء للقَدَرِ المعين له عند اللَّه.
 فإِذا وافق السؤالُ الوقتَ أسرع بالإجابة، وإِذا تأخر الوقت إِما في الدني وإِما إِلى الآخرة تأخرت الإجابة: أي المسئول فيه لا الإجابة التي هي لبَّيك من اللَّه فافهم هذا.
وأما القسم الثاني وهو قولنا: «و منها مألا يكون عن سؤال» فالذي لا يكون عن سؤال فإِنما أُريد بالسؤال التلفظ به، فإِنه في نفس الأمر لا بد من سؤال إِما باللفظ و بالحال وبالاستعداد. 
كما أنه لا يصح حمد مطلق قط إِلا في اللفظ، وأما في المعنى فلا بد أن يقيده الحال. فالذي يبعثك على حمد اللَّه هو المقيِّد لك باسمِ فِعْلٍ و باسم تنزيه. والاستعداد من العبد لا يشعر به صاحبه ويشعر بالحال لأنه يعلم الباعث وهو الحال. 
فالاستعداد أخفى سؤال . وإِنما يمنع هؤلاء من السؤال علمهم بأن اللَّه فيهم سابقة قضاء.
 فهم‏ قد هيَّئوا مَحَلّهم لقبول ما يرد منه وقد غابوا عن نفوسهم وأغراضهم‏ . 
ومن هؤلاء من يعلم أنّ علم اللَّه به في جميع أحواله هو ما كان عليه في حال ثبوت عينه قبل وجودها، ويعلم أن الحق لا يعطيه إِلا ما أعطاه عينه من العلم به وهو ما كان عليه في حال ثبوته، فيعلم‏ علم اللَّه به من أين حصل. 
وما ثَمَّ صنف من أهل اللَّه أعلى وأكشف من هذا الصنف، فهم الواقفون على سِرِّ القدر وهم على قسمين: منهم من يعلم ذلك مجملًا، ومنهم من يعلمه مُفَصَّلًا، والذي يعلمه مفصلًا أعلى وأتم من الذي يعلمه مجملًا، فإِنه يعلم ما في علم اللَّه فيه إِما بإِعْلام اللَّه إِياه بما أعطاه عينُه من العلم به، وإما أن يكشف له عن‏ عينه الثابتة وانتقالات الأحوال عليها إِلى‏ مألا يتناهى‏ وهو أعلى: فإِنه يكون في علمه بنفسه بمنزلة علم اللَّه به لأن الأخذ من معدن واحد إِلا أنه من جهة العبد عناية من اللَّه سبقت له هي من جملة أحوال عينه يعرفها صاحب هذا الكشف إِذا أطْلَعَه اللَّه على ذلك، أي أحوال عينه، فإِنه ليس في وسع المخلوق‏ إِذا أطْلَعَه اللَّه على أحوال عينه الثابتة التي تقع صورة الوجود عليها أن يطَّلع في هذه الحال على اطلاع الحق على هذه الأعيان الثابتة في حال عدمها لأنها نِسَب ذاتية لا صورة لها. 
فبهذا القدْر نقول إِن العناية الإلهية سبقت لهذا العبد بهذه‏ المساواة في إِفادة العلم. ومن هنا يقول اللَّه تعالى: «حَتَّى نَعْلَمَ» وهي كلمة محققة المعنى ما هي كما يتوهمه من ليس له هذا المشْرَب. 
وغاية المنزه أن يجعل‏ ذلك الحدوث في العلم للتعلق‏ ، وهو أعلى وجه يكون للمتكلم بعقْله في هذه المسألة، لو لا أنه أثبت العلم زائداً على الذات فجعل التعلق له لا للذات. وبهذا انفصل عن المحقق من أهل اللَّه صاحبِ الكشف والوجود .
ثم نرجع إِلى الأعطيات فنقول: إِن الأعطيات إِما ذاتية وأسمائية.
 فأما المِنَح و الهبات والعطايا الذاتية فلا تكون أبدألا عن تجل إِلهي.
 والتجلي من الذات لا يكون أبدألا بصورة استعداد المتجلَّي‏ له وغير ذلك لا يكون.
 فإِذن المتجلَّي له ما رأى سِوَى صورته في مرآة الحق، وما رأى الحق ولا يمكن أن يراه مع علمه أنه ما رأى صورته إِلا فيه: كالمرآة في الشاهد إِذا رأيت الصورة فيهألا تراها مع علمك أنك ما رأيت الصُّوَرَ وصورتك إِلا فيها. 
فأبرز اللَّه ذلك مثالًا نصبه لتجليه الذاتي‏
ليعلم المتجلَّى له أنه‏ ما رآه. وما ثَمَّ مثال أقرب ولا أشبَه بالرؤية والتجلي من هذا.
 وأجهد في نفسك عند ما ترى الصورة في المرآة أن ترى جرْم المرآة لا تراه أبداً البتة حتى إِن بعض من أدرك مثل هذا في صور المرايا ذهب إِلى أن الصورة المرئية بين بصر الرائي وبين المرآة. 
هذا أعظم ما قَدَرَ عليه من العلم، والأمر كما قلناه وذهبنا إِليه. 
وقد بينا هذا في الفتوحات المكية وإِذا ذقت هذا ذقت الغاية التي ليس فوقها غاية في حق المخلوق. 
فلا تطمع و لا تتعب نفسك في أن ترقى في‏ أعلى من هذا الدرج‏ فما هو ثَمَّ أصلًا، وما بعده إِلا العدم المحض. 
فهو مرآتك في رؤيتك نفسك، وأنت مرآته في رؤيته‏ أسماءه وظهور أحكامه وليست سوى عينه. 
فاختلط الأمر وانبهم: فمنا من جهل في علمه فقال: «و العجز عن درك الإدراك إِدراك، ومنا من علم فلم يقل مثل هذ وهو أعلى القول، بل أعطاه العلمُ السكوتَ، ما أعطاه العجز.
 وهذا هو أعلى عالمٍ باللَّه. 
و ليس هذا العلم إِلا لخاتم الرسل وخاتم الأولياء، وما يراه أحد من الأنبياء و الرسل إِلا من مشكاة الرسول الخاتم، ولا يراه أحد من الأولياء إِلا من مشكاة الولي‏ الخاتم، حتى أن الرسل لا يرونه- متى رأوه- إِلا من مشكاة خاتم الأولياء: فإِن الرسالة والنبوة- أعني نبوة التشريع، ورسالته- تنقطعان، والولاية لا تنقطع أبداً.
 فالمرسلون، من كونهم أولياء، لا يرون ما ذكرناه إِلا من مشكاة خاتم الأولياء ، فكيف من دونهم من الأولياء؟ 
وإِن كان خاتم الأولياء تابعاً في الحكم لما جاء به خاتم الرسل من التشريع، فذلك لا يقدح في مقامه ولا يناقض ما ذهبنا إِليه، فإِنه من وجه يكون أنزل كما أنه من وجه يكون أعلى. 
وقد ظهر في ظاهر شرعنا ما يؤيد ما ذهبنا إِليه في فضل عمر في أسارى بدر بالحكم‏ فيهم، وفي تأبير النخل. 
فما يلزم الكامل أن يكون له التقدم في كل شي‏ء وفي كل مرتبة، وإِنما نظرُ الرجال إِلى التقدم في رتبة العلم باللَّه: هنالك مطلبهم. 
و أما حوادث الأكوان فلا تعلق لخواطرهم بها، فتحقق ما ذكرناه. ولمَّا مثّل النبي صلى اللَّه عليه وسلم النبوة بالحائط من اللَّبِن وقد كَمُلَ سوى موضع لبنَة، فكان صلى اللَّه عليه وسلم تلك اللبنة. غير أنه صلى اللَّه عليه وسلم لا يراها كما قال لبِنَةً واحدةً. 
وأما خاتم الأولياء فلا بد له من هذه الرؤيا، فيرى ما مثله به رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، ويرى في الحائط موضع لبنَتين‏ ، واللّبِنُ من ذهب وفضة. فيرى اللبنتين اللتين‏ تنقص الحائط عنهم وتكمل بهما، لبنة ذهب ولبنة فضة. 
فلا بد أن يرى نفسه تنطبع في موضع تينك اللبنتين، فيكون خاتم الأولياء تينك اللبنتين. 
فيكمل الحائط. 
والسبب الموجِب لكونه رآها لبنتين أنه تابع لشرع خاتم الرسل في الظاهر وهو موضع اللبنة الفضة ، وهو ظاهره وما يتبعه فيه من الأحكام، كما هو آخذ عن‏ اللَّه في السر ما هو بالصورة الظاهرة متبع فيه، لأنه يرى الأمر عَلَى ما هو عليه، فلا بد أن يراه هكذ وهو موضع اللبنة الذهبية في الباطن، فإِنه أخذ من المعدن الذي يأخذ منه الملك الذي يوحي‏ به إِلى الرسول. 
فإِن فهمت ما أشرت به فقد حصل لك العلم النافع بكل شي‏ء . 
فكل نبي من لدن آدم إِلى آخر نبي ما منهم أحد يأخذ إِلا من مشكاة خاتم النبيين، و إِن تأخر وجود طينته، فإِنه بحقيقته موجود، وهو قوله صلى اللَّه عليه وسلم: «كنت نبي و آدم بين الماء والطين». 
وغيره من الأنبياء ما كان نبياً إِلا حين بُعِثَ.
وكذلك خاتم الأولياء كان ولي وآدم بين الماء والطين، وغيره من الأولياء ما كان وليألا بعد تحصيله شرائط الولاية من الأخلاق الإلهية في الاتصاف بها من كون اللَّه تعالى تسمّى «بالولي الحميد ». 
فخاتم الرسل من حيث ولايته، نسبته‏ مع الخاتم للولاية نسبة الأنبياء والرسل معه، فإِنه الولي الرسول النبي.
وخاتم الأولياء الولي الوارث الآخذ عن الأصل المشاهد للمراتب. 
وهو حسنة من حسنات خاتم المرسل محمد صلى اللَّه عليه وسلم مقدَّمِ الجماعة وسيد ولد آدم في فتح باب الشفاعة. 
فعيّن حالًا خاصاً ما عمم. وفي هذا الحال الخاص تقدم على الأسماء الإلهية ، فإِن الرحمن ما شفع‏ عند المنتقم في أهل البلاء إِلا بعد شفاعة الشافعين. ففاز محمد صلى اللَّه عليه و سلم بالسيادة في هذا المقام الخاص. 
فمن فهم المراتب والمقامات لم يعسر عليه قبول مثل هذا الكلام.
وأما المنح الأسمائية: فاعلم‏ أن مَنْحَ اللَّه تعالى خلقه رحمةٌ منه بهم، وهي كلها من الأسماء. 
فإِما رحمة خالصة كالطيِّب من الرزق اللذيذ في الدنيا الخالص يوم القيامة، ويعطى ذلك الاسمُ الرحمنُ. 
فهو عطاء رحماني. وإِما رحمة ممتزجة كشرب الدواء الكرِهِ الذي يعقب شربه الراحةُ، وهو عطاء إِلهي، فإِن العطاء الإلهي لا يتمكن إِطلاق عطائه منه من غير أن يكون على يدي سادن من سدنة الأسماء.
 فتارة يعطي اللَّه العبد على يدي الرحمن فيَخْلُصُ العطاء من الشوب الذي‏ لا يلائم الطبع في الوقت ولا يُنِيلُ الغرض وما أشبه ذلك. وتارة يعطي اللَّه‏ على يدي الواسع فيعم، وعلى‏ يدي الحكيم فينظر في الأصلح في الوقت، وعلى يدي الوهاب‏ ، فيعطي ليُنْعِمَ لا يكون مع الواهب‏ تكليف المعطَى له بعوض على ذلك من شكر وعمل، وعلى يدي‏ الجبار فينظر في الموطن وما يستحقه، وعلى يدي‏ الغفار فينظر المحل وما هو عليه. 
فإِن كان على حال يستحق العقوبة فيستره عنها، و على حال لا يستحق العقوبة فيستره عن حال يستحق العقوبة فيسمى معصوم ومعتنى به و محفوظ وغير ذلك مما شاكل هذا النوع.
 والمعطي هو اللَّه من حيث ما هو خازن لما عنده في خزائنه.
فما يخرجه‏ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ‏ على يدي اسم خاص بذلك الأمر.
 «ف أَعْطى‏ كُلَّ شَيْ‏ءٍ خَلْقَهُ‏» على يدي العدل وإِخوانه‏ 
. وأسماء اللَّه لا تتناهى لأنها تعْلَم بما يكون عنها- وما يكون عنها غير متناهٍ- وإِن كانت ترجع إِلى أصول متناهية هي أمهات الأسماء وحضرات الأسماء . 
و على الحقيقة فما ثَمَّ إلا حقيقة واحدة تقبل جميع هذه النِّسَبِ والإضافات التي يكنَّى عنها بالأسماء الإلهية. 
والحقيقة تعطي أن يكون لكل اسم يظهر، إِلى مألا يتناهى، حقيقة يتميز بها عن اسم آخر، تلك‏ الحقيقة التي بها يتميز هي الاسم‏ عينه لا ما يقع فيه الاشتراك، كما أن الأعطيات تتميز كل أعطية عن غيرها بشخصيتها، و إِن كانت من أصل واحد، فمعلوم أن هذه ما هي هذه الأخرى، وسبب ذلك تميُّز الأسماء. 
فما في الحضرة الإلهية لاتساعها شي‏ء يتكرر أصلًا . 
هذا هو الحق الذي يعوَّل عليه. وهذا العلم كان علم شيث عليه السلام، وروحه هو الممد لكل من يتكلم في‏ مثل هذا من الأرواح ما عدا روحَ الخاتم‏ فإِنه لا يأتيه المادة إِلا من اللَّه لا من روح من الأرواح، بل من روحه تكون المادة لجميع الأرواح، وإِن كان لا يَعْقلُ ذلك من نفسه في زمان تركيب جسده العنصري. 
فهو من حيث حقيقته ورتبته عالم بذلك كله بعينه، من حيث ما هو جاهل به من جهة تركيبه العنصري.
فهو العالم الجاهل، فيقبل الاتصاف بالأضداد كما قَبِلَ الأصلُ الاتصاف بذلك، كالجليل والجميل‏ ، وكالظاهر والباطن والأول والآخِر وهو عينه ليس‏ غير. 
فيعلَم لا يعلم، ويدري لا يدري، ويشهد لا يشهد.
وبهذا العلم سمي شيث لأن معناه هبة اللَّه. فبيده مفتاح العطايا على اختلاف أصنافه ونِسَبِهَا، فإِن اللَّه وهبه لآدم أول ما وهبه: وما وهبه إِلا منه لأن الولد سرُّ أبيه. فمنه خرج و إِليه عاد. 
فما أتاه غريب لمن عقل عن اللَّه. وكل عطاء في الكون على هذا المجرى.
فما في أحد من اللَّه شي‏ء، وما في أحد من سوى نفسه شي‏ء وإِن تنوعت عليه الصور. 
وما كل أحد يعرف هذا، وأَنَّ الأمر على ذلك، إِلا آحاد من أهل اللَّه. 
فإِذا رأيت من يعرف ذلك فاعتمد عليه فذلك هو عين صفاء خلاصة خاصة الخاصة من عموم أهل اللَّه تعالى. فأي صاحب كشف شاهد صورة تلقِي إِليه ما لم يكن عنده من المعارف وتمنحه‏ ما لم يكن قبل ذلك في يده، فتلك الصورة عينه لا غيره. 
فمن شجرة نفسه جنى ثمرة علمه، كالصورة الظاهرة منه في مقابلة الجسم الصقيل ليس غيرَه، إِلا أن المحل والحضرة التي رأى فيها صورة نفسه تلقى إِليه تنقلب‏ من وجه بحقيقة تلك الحضرة، كما يظهر الكبير في المرآة الصغيرة صغير والمستطيلة مستطيلًا، والمتحركة متحركاً.
 وقد تعطيه‏ انتكاس صورته من حضرة خاصة، وقد تعطيه عينَ‏ ما يظهر منها فتقابل اليمينُ منها اليمينَ من الرائي، وقد يقابل اليمينَ اليسارَ وهو الغالب في المرايا بمنزلة العادة في العموم: وبخرق العادة يقابل اليمينُ اليمينَ ويَظهر الانتكاس. 
وهذا كله من أعطيات حقيقة الحضرة المتجلَّى فيها التي أنزلناها منزلة المرايا. 
فمن عرف استعداده عرف قبوله، وما كل من عرف قبوله يعرف استعداده إِلا بعد القبول، وإِن كان يعرفه مجملًا. 
إِلا أن بعض أهل النظر من أصحاب العقول الضعيفة يرون أن اللَّه، لَمَّا ثبت عندهم أنه فعَّال لما يشاء، جوزوا على اللَّه تعالى ما يناقص الحكمة وما هو الأمر عليه في نفسه.
ولهذا عدل بعض النظار إِلى نفي الإمكان وإِثبات الوجوب‏ بالذات وبالغير. 
والمحقق يثبت الإمكان ويعرف حضرته، والممكنَ ما هو الممكن ومن أين هو ممكن وهو بعينه واجب بالغير، ومن أين صح عليه اسم الغير الذي اقتضى له الوجوب. 
ولا يعلم هذا التفصيل إِلا العلماء باللَّه خاصة.
وعلى قدم شيث‏ يكون آخر مولود يولد من هذا النوع الإنساني . 
وهو حامل أسراره، وليس بعده ولد في هذا النوع. فهو خاتم الأولاد. 
وتولد معه أخت له فتخرج قبله ويخرج بعدها يكون‏ رأسه عند رجليها. 
ويكون مولده بالصين ولغته لغة أهل‏ بلده.
 ويسري العقم في الرجال والنساء فيكثر النكاح من غير ولادة ويدعوهم إِلى اللَّه فلا يجاب. 
فإِذا قبضه اللَّه تعالى وقبض مؤمني زمانه بقي من بقي مثل البهائم لا يحِلُّون حلالً ولا يحرمون حراماً، يتصرفون بحكم الطبيعة شهوة مجردة عن العقل والشرع فعليهم تقوم الساعة. 
.

التسميات:
واتساب

No comments:

Post a Comment