Tuesday, August 6, 2019

07 - فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية للشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي

07 - فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية للشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي

07 - فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية للشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي

07 - فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية

أعلم أن مسمى اللَّه‏ أحديٌّ بالذات كلٌ بالأسماء. 
وكل موجود فما له من اللَّه إِلا ربه خاصة يستحيل أن يكون له الكل‏ . 
وأما الأحدية الإلهية فما لواحد فيها قدم، لأنه لا يقال لواحد منها شي‏ء
ولآخر منها شيء، لأنها لا تقبل التبعيض. فأحديته مجموع كله بالقوة . 
والسعيد من كان عند ربه مرضياً، وما ثَمَّ إِلا من هو مرضي عند ربه لأنه الذي يبقي عليه ربوبيته، فهو عنده مرضي فهو سعيد.
ولهذا قال سهل‏ إِن للربوبية سراً- وهو أنت: يخاطب‏ كل عين- لو ظهر  
«فلكل شخص اسم هو ربه‏ ‏    ....     ذلك الشخص جسم هو قلبه»
  لبطلت الربوبية . فأدخل عليه «لو» وهو حرف امتناع لامتناع‏ ، وهو لا يظهر فلا تبطل الربوبية لأنه‏ لا وجود لعين إِلا بربه. والعين موجودة دائماً فالربوبية لا تبطل دائماً.
 وكل مرضي محبوب، وكل ما يفعل المحبوب محبوب، فكله مرضي، لأنه لا فعل للعين،
بل الفعل لربها فيها فاطمأنت العين أن يضاف إِليها فعل، فكانت «راضية»
بما يظهر فيه وعنها من أفعال ربها، «مرضية» تلك الأفعال لأن كل فاعل وصانع راض
عن فعله وصنعته، فإِن وفَّى فعله وصنعته حقَّ ما عليه‏ «أَعْطى‏ كُلَّ شَيْ‏ءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى‏» أي بيَّنَ أنه أعطى كل شي‏ء خلقه، فلا يقبل النقص ولا الزيادة. 
فكان إِسماعيل‏ بعثوره على ما ذكرناه عند ربه مرضياً.
وكذا كل موجود عند ربه مرضي . 
ولا يلزم إِذا كان كل موجود عند ربه مرضياً على ما بيَّنَّاه أن يكون مرضياً
عند رب عبد آخر لأنه ما أخذ الربوبية إِلا من كلٍ لا من واحد.
فما تعين له من الكل إِلا ما يناسبه، فهو ربه. 
ولا يأخذه أحد من حيث أحديته. 
ولهذا منع أهل اللَّه التجلي في الأحدية ، فإِنك إِن نظرته به‏ فهو الناظر نفسه فما زال
ناظراً نفسه بنفسه، وإِن نظرته بك فزالت الأحدية بك، وإِن نظرته به وبك‏ فزالت
الأحدية أيضاً. 
لأن ضمير التاء في «نظرتَه» ما هو عين المنظور، فلا بد من وجود نسبة ما اقتضت
أمرين ناظر ومنظوراً، فزالت الأحدية وإِن كان لم ير إِلا نفسه بنفسه. 
ومعلوم أنه في هذا الوصف ناظر ومنظور. فالمرضي لا يصح أن يكون مرضياً مطلقا
إلا إِذا كان جميع ما يظهر به من‏ فعل الراضي فيه. فَفَضَل إِسماعيل غيرَه من الأعيان
بما نعته الحق به من كونه عند ربه مرضياً. 
وكذلك كل نفس مطمئنة قيل لها «ارْجِعِي إِلى‏ رَبِّكِ» فما أمرها أن ترجع إِلا إِلى ربها
الذي دعاها فعرفته‏ من الكل، «راضِيَةً مَرْضِيَّةً».
«فَادْخُلِي فِي عِبادِي» من حيث ما لهم هذا المقام. فالعباد المذكورون
هنا كل عبد عرف ربه تعالى واقتصر عليه ولم ينظر إِلى رب غيره
مع أحدية العين: لا بد من ذلك‏ «وَ ادْخُلِي جَنَّتِي» التي بها سِتْري .
وليست جنتي سواك فأنت تسترني‏ بذاتك. 
فلا أُعْرَف إِلا بك كما أنك لا تكون إِلا بي. فمن عرفك عرفني وأنا لا أُعرف
فأنت لا تعرف. 
فإِذا دخلت جنته دخلت نفسك فتعرف نفسك معرفة أُخرى غير المعرفة التي
عرفتها حين عرفت ربك بمعرفتك إِياها. 
فتكون صاحب معرفتين‏ : معرفة به من حيث أنت، ومعرفة به بك من حيث
هو لا من حيث أنت .
فأنت عبد وأنت ربٌ‏    .... لمن له فيه أنت عبد
وأنت رب وأنت عبد‏    .... لمن له في الخطاب عهد
فكل عقد عليه شخص‏‏    .... يحله من سواه عقد
فرضي اللَّه عن عبيده، فهم مرضيون، ورضوا عنه فهو مرضي. فتقابلت
الحضرتان‏ تقابل الأمثال والأمثال أضداد لأن المثلين‏ لا يجتمعان إِذ لا يتميزان
وما ثم إِلا متميز فما ثم مثل، فما في‏ الوجود مثل، فما في‏ الوجود ضد،
فإِن الوجود حقيقة واحدة والشي‏ء لا يضاد نفسه.
فلم يبق إِلا الحق لم يبق كائن‏‏    .... فما ثم موصول وما ثم بائن‏
بذا جاء برهان العيان فما أرى‏‏    .... بعيني إِلا عينه إِذ أُعاين‏
«ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ‏ » أن يكونه‏ لعلمه بالتمييز. 
دلنا على ذلك جهل أعيان في الوجود بما أتى به عالم. فقد وقع التمييز بين العبيد،
فقد وقع التمييز بين الأرباب. 
ولو لم يقع التمييز لفُسِّر الاسم الواحد الإلهي من جميع وجوهه بما يفسر الآخر. 
والمعز لا يفسر بتفسير المذل إِلى مثل ذلك، لكنه هو من وجه الأحدية
كما تقول‏ في كل اسم إِنه دليل على الذات وعلى حقيقته من حيث هو. 
فالمسمى واحد: فالمعز هو المذل من حيث المسمى، والمعز ليس المذل من حيث نفسه
وحقيقته، فإِن المفهوم يختلف‏ في الفهم في كل واحد منهم:
فلا تنظر إِلى الحق‏‏    .... وتعريه عن الخلق‏
ولا تنظر إِلى الخلق‏‏    .... وتكسوه سوى الحق‏
ونزهّه وشبّهه‏‏    .... وقم في مقعد الصدق‏
وكن في الجمع إِن شئت‏‏    .... وإِن شئت ففي الفرق‏
تحزْ بالكل- إِن كل‏‏    .... تبدى- قصب السبق‏
فلا تفنى ولا تبقى‏‏    .... ولا تفني ولا تبقي‏
ولا يلقى عليك الوحي‏‏    .... في غير ولا تلقي
. الثناء بصدق الوعد لا بصدق الوعيد، والحضرة الإلهية تطلب الثناء المحمود
بالذات فيثني عليها بصدق الوعد لا بصدق الوعيد، بل بالتجاوز.
  «فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ»
 «رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ورَضُوا عَنْهُ ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ»  
لم يقل ووعيده، بل قال‏ «وَ نَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئاتِهِمْ» مع أنه توعد على ذلك.
 فأثنى على إِسماعيل بأنه كان صادق الوعد. 
وقد زال الإمكان في حق الحق لما فيه من طلب المرجح.
فلم يبق إِلا صادق الوعد وحده‏‏    .... وما لوعيد الحق عين تعَايَن‏
وإِن دخلوا دار الشقاء فإِنهم‏‏    .... على لذة فيها نعيم مباين‏
نعيمَ جنان الخلد فالأمر واحد‏    .... وبينهما عند التجلي تباين‏
يسمى عذاباً من عذوبة طعمه‏‏    .... وذاك له كالقشر والقشر صاين 
.
التسميات:
واتساب

No comments:

Post a Comment