السفر السابع والعشرون فص حكمة فردية في كلمة محمدية الفقرة الثلاثون .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر السابع والعشرون فص حكمة فردية في كلمة محمدية الفقرة الثلاثون .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

Monday, April 13, 2020

السفر السابع والعشرون فص حكمة فردية في كلمة محمدية الفقرة الثلاثون .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة الثلاثون :-
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( كان منه ذلك بطريق الامتنان، كانت المشاهدة بطريق الامتنان. فقال وجعلت قرة عيني في الصلاة.
وليس إلا مشاهدة المحبوب التي تقر بها عين المحب، من الاستقرار: فتستقر العين عند رؤيته فلا تنظر معه إلى شيء غيره في شيء و في غير شيء.
ولذلك نهي عن الالتفات في الصلاة، وأن الالتفات شيء يختلسه الشيطان من صلاة العبد فيحرمه مشاهدة محبوبه.
بل لو كان محبوب هذا الملتفت، ما التفت في صلاته إلى غير قبلته بوجهه.
والإنسان يعلم حاله في نفسه هل هو بهذه المثابة في هذه العبادة الخاصة أم لا، فإن «الإنسان على نفسه بصيرة و لو ألقى معاذيره».
فهو يعرف كذبه من صدقه في نفسه، لأن الشيء لا يجهل حاله فإن حاله له ذوقي. )

قال رضي الله عنه :  (  لمّا كان منه ذلك بطريق الامتنان ، كانت المشاهدة بطريق الامتنان . فقال : وجعلت قرّة عيني في الصّلاة . وليست قرّة عينه إلّا مشاهدة المحبوب الّتي تقرّ بها عين المحبّ ، من الاستقرار فتستقرّ العين عند رؤيته فلا تنظر معه إلى شيء غيره في شيء وفي غير شيء . ولذلك نهي عن الالتفات في الصّلاة ، فإن الالتفات شيء يختلسه الشّيطان من صلاة العبد فيحرمه مشاهدة محبوبه . بل لو كان محبوب هذا الملتفت ، ما التفت في صلاته إلى غير قبلته بوجهه . والإنسان يعلم حاله في نفسه هل هو بهذه المثابة في هذه العبادة الخاصّة أم لا ، فإنّ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ ( 14 ) وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ( 15 ) [ القيامة : 14 - 15 ] فهو يعرف كذبه من صدقه في نفسه ، لأنّ الشّيء لا يجهل حاله فإنّ حاله له ذوقيّ . )

قال رضي الله عنه :  (فلما كان منه) تعالى (ذلك) ، أي التجلي في الصلاة (بطريق الامتنان) على النبي صلى اللّه عليه وسلم كما قال تعالى :وَكانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً[ النساء : 113 ] . (كانت المشاهدة بطريق الامتنان فقال) صلى اللّه عليه وسلم عند ذلك : (« وجعلت قرة عيني في الصلاة ») من باب التحدث بالنعمة شكرا لها . قال تعالى :وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ( 11 ) [ الضحى : 11].

قال رضي الله عنه :  (وليست) قرة العين في الصلاة (إلا مشاهدة المحبوب) الحق سبحانه في الصلاة بحضور القلب (التي) نعت للمشاهدة (تقرّ بها) ، أي بالمشاهدة (عين المحبوب) له مشتق ذلك (من الاستقرار فتستقرّ العين) ، أي عين المحب (عند رؤيته) ، أي المحبوب (فلا ينظر) ، أي المحب بعينه أو بقلبه (معه) ، أي مع المحبوب (إلى شيء) آخر (غيره في) سبب (شيء) ، أي أمر ضروري داع إلى ذلك النظر (وفي غير شيء) أيضا ، أي من غير حاجة ولا غرض صحيح (ولذلك) ، أي لأجل ما ذكر (نهي) بالبناء للمفعول (عن الالتفات) بعينه أو بقلبه قال رضي الله عنه :  (في الصلاة) إلى شيء مطلقا (فإن الالتفات شيء يختلسه) ، أي يسرقه (الشيطان) بخفية من حيث لا يشعر به المصلي (من صلاة العبد) فتنقص صلاته .

والحديث في صحيح البخاري عن عائشة رضي اللّه عنها قالت : سألت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن الالتفات في الصلاة فقال : " هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد " .
وفي رواية الطبراني : « لا تلتفتوا في صلاتكم فإنه لا صلاة للملتفت » .

قال رضي الله عنه :  (فيحرمه) ، أي الشيطان يحرم العبد لذلك (مشاهدة محبوبه) الحق سبحانه (بل لو كان) الحق تعالى (محبوب هذا الملتفت ما التفت في صلاته إلى غير قبلته بوجهه) ، أي وجه صورته في الظاهر ووجه قلبه في الباطن ، فإن الكعبة قبلة الظاهر والحضرة الإلهية قبلة الباطن (والإنسان يعلم حاله) الذي هو عليه (في نفسه هل هو بهذه المثابة) ، أي المرتبة المذكورة في الحضور في صلاته وزوال الغفلة عن قلبه (في هذه العبادة الخاصة أم لا) ، أي ليس هو كذلك .

قال رضي الله عنه :  (فإن الإنسان على نفسه بصيرة) ، أي يعرف نفسه أكثر من معرفة غيره به (ولو ألقى) ، أي هيأ وأعد للغير (معاذيره) ، أي أعذاره في كل حال من أحواله ، فإنه لا يغتر بما يظهر له من غيره في حقه فإن الغير لا يتكلم إلا بمقدار ما يعلم (فهو) ، أي الإنسان (يعرف كذبه) ، أي كذب نفسه في الصلاة وغيرها (من صدقه في نفسه) بذلك (لأن الشيء لا يجهل حاله) الذي هو فيه (فإن حاله) ، أي حال الشيء (له) ، أي للشيء (ذوقي) ، أي مكشوف له ذوقا فهو يحس بما هو فيه ما لا يحس منه غيره وقد يستولي عليه الجهل والغباوة فلا يعرف نفسه فيغتر بمدح الناس له فيهلك من حيث لا يشعر .

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( كان منه ذلك بطريق الامتنان، كانت المشاهدة بطريق الامتنان. فقال وجعلت قرة عيني في الصلاة.
وليس إلا مشاهدة المحبوب التي تقر بها عين المحب، من الاستقرار: فتستقر العين عند رؤيته فلا تنظر معه إلى شيء غيره في شيء و في غير شيء.
ولذلك نهي عن الالتفات في الصلاة، وأن الالتفات شيء يختلسه الشيطان من صلاة العبد فيحرمه مشاهدة محبوبه.
بل لو كان محبوب هذا الملتفت، ما التفت في صلاته إلى غير قبلته بوجهه.
والإنسان يعلم حاله في نفسه هل هو بهذه المثابة في هذه العبادة الخاصة أم لا، فإن «الإنسان على نفسه بصيرة و لو ألقى معاذيره».
فهو يعرف كذبه من صدقه في نفسه، لأن الشيء لا يجهل حاله فإن حاله له ذوقي. )

قال رضي الله عنه :  ( فلما كان منه ) أي من الحق ( ذلك ) التجلي ( بطريق الامتنان ) لا بطريق كسب العبد ( كانت المشاهدة ) التي تحصل للنبي عليه السلام من التجلي الامتناني ( بطريق الامتنان ) من اللّه ( فقال ) لأجل ذلك ( وجعلت قرّة عيني في الصلاة ) على البناء للمفعول ( وليس ) قرة العين ( إلا مشاهدة المحبوب التي تقرّ بها ) بهذه المشاهدة ( عين المحب ) والقرّة مأخوذة ( من الاستقرار فيستقر العين عند رؤيته ) أي رؤية المحبوب في شيء في التجلي الصفاتي وفي غير شيء في التجلي الذاتي فإنه بلا واسطة شيء وإن كان لا يخلو عن صورة ما لكن هذه الصورة التي تقع فيها تجلي الذاتي ليست من الأمور الموجودة في الخارج وإنما قلنا لا يخلو عن صورة ما لأن مشاهدة الحق لا يمكن مجردة عن المراد ( فلا ينظر ) المحب ( معه ) أي مع المحبوب ( إلى شيء غيره ) أي غير المحبوب ( في شيء ) كما في التجلي الصفاتي أي موجود في الخارج .

قال رضي الله عنه :  ( وفي غير شيء ) كما في التجلي الذاتي أي معدوم في الخارج يعني لا يجمع بينهما في النظر في شيء والمقصود أن النظر في المحبوب لا يسع منه غيره لاستقرار العين عند مشاهدة محبوبه فالرؤية والنظر تنازعا في شيء وغير شيء فاعملنا النظر وقدّرنا مفعول الرؤية كما عرفت

قال رضي الله عنه :  ( ولذلك ) أي ولأجل أن المحب لا ينظر مع محبوبه إلى شيء غيره ( نهى عن الالتفات في الصلاة فإن الالتفات ) في الصلاة إلى الغير ( شيء يختلسه الشيطان من صلاة العبد فيحرمه ) أي فيحرم الشيطان العبد عن ( مشاهدة محبوبه بل لو كان ) الحق ( محبوب هذا الملتفت في صلاته إلى غير قبلته بوجهه ) وإنما قال بوجهه ولم يقبل بعينه مع أن الالتفات للعين لا للوجه إشارة إلى أن الوجه حيث ما التفت إليه البصر فمن التفت بوجهه في الصلاة إلى غير قبلته فقد حرم عليه مشاهدة ربه والالتفات بالوجه يعم وجه القلب ووجه الصوري

قال رضي الله عنه :  ( والإنسان يعلم حاله في نفسه هل هو بهذه المثابة في هذه العبادة الخاصة أم لا ) أي هل يصلي صلاته على هذا الوجه المذكور أم لا ( فإن الإنسان على نفسه بصيرة لو ألقى معاذيره فهو يعرف كذبه من صدقه في نفسه ) والكذب كناية عن الصلاة التي يلتفت فيها إلى غير القبلة والصدق بخلافه ( لأن الشيء لا يجهل حاله فإن حاله له ذوقي).

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( كان منه ذلك بطريق الامتنان، كانت المشاهدة بطريق الامتنان. فقال وجعلت قرة عيني في الصلاة.
وليس إلا مشاهدة المحبوب التي تقر بها عين المحب، من الاستقرار: فتستقر العين عند رؤيته فلا تنظر معه إلى شيء غيره في شيء و في غير شيء.
ولذلك نهي عن الالتفات في الصلاة، وأن الالتفات شيء يختلسه الشيطان من صلاة العبد فيحرمه مشاهدة محبوبه.
بل لو كان محبوب هذا الملتفت، ما التفت في صلاته إلى غير قبلته بوجهه.
والإنسان يعلم حاله في نفسه هل هو بهذه المثابة في هذه العبادة الخاصة أم لا، فإن «الإنسان على نفسه بصيرة و لو ألقى معاذيره».
فهو يعرف كذبه من صدقه في نفسه، لأن الشيء لا يجهل حاله فإن حاله له ذوقي. )

قال رضي الله عنه : ( كان منه ذلك بطريق الامتنان، كانت المشاهدة بطريق الامتنان. فقال وجعلت قرة عيني في الصلاة. وليس إلا مشاهدة المحبوب التي تقر بها عين المحب، من الاستقرار: فتستقر العين عند رؤيته فلا تنظر معه إلى شيء غيره في شيء و في غير شيء.
ولذلك نهي عن الالتفات في الصلاة، وأن الالتفات شيء يختلسه الشيطان من صلاة العبد فيحرمه مشاهدة محبوبه. بل لو كان محبوب هذا الملتفت، ما التفت في صلاته إلى غير قبلته بوجهه. والإنسان يعلم حاله في نفسه هل هو بهذه المثابة في هذه العبادة الخاصة أم لا، فإن «الإنسان على نفسه بصيرة و لو ألقى معاذيره». فهو يعرف كذبه من صدقه في نفسه، لأن الشيء لا يجهل حاله فإن حاله له ذوقي. )

واضح وباقي الفص ظاهر من كلام الشيخ، رضي الله عنه
  
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( كان منه ذلك بطريق الامتنان، كانت المشاهدة بطريق الامتنان. فقال وجعلت قرة عيني في الصلاة.
وليس إلا مشاهدة المحبوب التي تقر بها عين المحب، من الاستقرار: فتستقر العين عند رؤيته فلا تنظر معه إلى شيء غيره في شيء و في غير شيء.
ولذلك نهي عن الالتفات في الصلاة، وأن الالتفات شيء يختلسه الشيطان من صلاة العبد فيحرمه مشاهدة محبوبه.
بل لو كان محبوب هذا الملتفت، ما التفت في صلاته إلى غير قبلته بوجهه.
والإنسان يعلم حاله في نفسه هل هو بهذه المثابة في هذه العبادة الخاصة أم لا، فإن «الإنسان على نفسه بصيرة و لو ألقى معاذيره».
فهو يعرف كذبه من صدقه في نفسه، لأن الشيء لا يجهل حاله فإن حاله له ذوقي. )

قال رضي الله عنه : ( فلمّا كان ذلك منه بطريق الامتنان ، فقال : « وجعلت قرّة عيني في الصلاة » وليست إلَّا مشاهدة المحجوب ، التي تقرّ بها عين المحبّ - من الاستقرار - فيستقرّ العين عند رؤيته ، فلا تنظر معه إلى شيء غيره في شيء وفي غير شيء ) .
يعني  رضي الله عنه  : في شيء موجود ، فعلَّقت المشيّة بوجوده من قولهم : كل شيء بشيئيّته أي بمشيئته . و « غير شيء » ما لم يتعلَّق به المشيّة من النسب .
وقوله : « من الاستقرار » لطيفة ، وذلك أنّ العبد إنّما يكون قرير العين إذا شاهد عين حبيبه ، لقرار عينه بعين الحق حين المشاهدة ، فلا يشاهد سواه ، ويفنى هو عن نفسه وعن كل ما يسمّى سوى الحق في هذا الشهود ، وعلى هذا القرار يثبت .
وتقرّ بفتح القاف - إذا ابتهج برؤية ما يسرّه . وقرّ يقرّ - بكسر القاف - إذا ثبت ، وإنّما يقرّ عين المحبّ إذا ثبت لمشاهدته محبوبه ببقاء عين الحق وفناء عين العبد فيه عن حجابية تعيّن غيريته واتّحاد بقائه ببقاء الحق ، وهذا الشهود فوق اللقاء المنتظر الموعود ، لأنّ اللقاء يقتضي الاثنينيّة ، وهذا الشهود يقتضي أحدية العين ، فافهم .

قال رضي الله عنه  : ( ولذلك نهي عن الالتفات في الصلاة ، فإنّ الالتفات شيء يختلسه الشيطان من صلاة العبد ، فيحرمه مشاهدة محبوبه ، بل لو كان محبوب هذا الملتفت ، ما التفت إلى غير قبلته بوجهه ) .
يعني  رضي الله عنه  : إن وقع التفات بعينه في جهة القبلة من غير ليّ لوجهه إلى جهة غير القبلة ، فإنّ الحق قد يعفو عنه ، إذا هو في قبلته ولم يلتفت معرضا عن القبلة إلى غيرها .

قال رضي الله عنه  : ( والإنسان يعلم حاله في نفسه هل هو بهذه المثابة في هذه العبادة الخاصّة أم لا ؟ فإنّ "الإِنْسانُ عَلى نَفْسِه ِ بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَه ُ " فهو يعرف كذبه من صدقه في نفسه ، لأنّ الشيء لا يجهل حاله ، فإنّ حاله له ذوقيّ . )

يشير رضي الله عنه  إلى أنّ المصلَّي هو التابع للمجلي ، وهو عبارة عن كون التجلَّي بحسب المتجلَّى له ، فإنّ تعيّن الوجود الحق وظهوره في تجلَّيه إنّما يكون بحسب خصوص قابليّة المتجلَّى له ، كما أشار إليه الأستاذ بقوله : « لون الماء لون إنائه » يعني ليس للحق صورة معيّنة تسمّى ، فتميّزه عن صورة أخرى ، كالماء لا لون له ، ولكنّ لون  الماء  يتلوّن بحسب لون إنائه ، فإنّ الحق لذاته يقتضي القبول لكل نعت والظهور بكل وصف بحسب الواصف والحاكم والعالم به ، فإن كان العالم صاحب اعتقاد جزئي نسبي ، ظهر في معتقدة ، ومن لا حسبان له في علمه بالله ، بحسب عقد معيّن ولم يتقيّد في معرفته وشهوده بعقيدة معيّنه دون غيره ، بل يكون علمه ومعرفته بالله وشهوده له إحاطته بالجميع بحيث لا يشذّ عنه صورة إلا وعنده له وجه حقيقة ، وسع الحق وغمره بتجلَّيه وأنانيّته

 كما قال رضي الله عنه  :
عقد الخلائق في الإله عقائدا ....  وأنا شهدت جميع ما اعتقدوا
فذلك هو العارف العالم الذي لا لون له يخرج الماء إلى ذلك اللون ويكسبه ما ليس له إلَّا فيه لا في نفسه ، وفي قوله رحمة الله عليه دلالة على أنّ سائله لم يكنّ إلَّا صاحب عقد معيّن ، فأجابه الجنيد بجواب كلَّي يفيد الكلّ معرفة بالمعرفة بالله ، فرقاه إلى ما فوق معتقده ، فإنّ من كان على ما ذكرنا لا لون له ، فيظهر الحق بحسبه ، كما هو تعالى في نفسه ، ولقد أشرت إلى هذا المقام بأبيات وردت عقيب شهود كلَّي وفناء حقيقي ، اتّفق في عشر ذي الحجّة ، خلوت بالحق في بيت الخلوة الذي للجنيد عليه السّلام بمحروسة « دار السلام » ، وهي كثيرة منها في المقام ،

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( كان منه ذلك بطريق الامتنان، كانت المشاهدة بطريق الامتنان. فقال وجعلت قرة عيني في الصلاة.
وليس إلا مشاهدة المحبوب التي تقر بها عين المحب، من الاستقرار: فتستقر العين عند رؤيته فلا تنظر معه إلى شيء غيره في شيء و في غير شيء.
ولذلك نهي عن الالتفات في الصلاة، وأن الالتفات شيء يختلسه الشيطان من صلاة العبد فيحرمه مشاهدة محبوبه.
بل لو كان محبوب هذا الملتفت، ما التفت في صلاته إلى غير قبلته بوجهه.
والإنسان يعلم حاله في نفسه هل هو بهذه المثابة في هذه العبادة الخاصة أم لا، فإن «الإنسان على نفسه بصيرة و لو ألقى معاذيره».
فهو يعرف كذبه من صدقه في نفسه، لأن الشيء لا يجهل حاله فإن حاله له ذوقي. )

قال رضي الله عنه : ( فلما كان منه ذلك بطريق الامتنان كانت المشاهدة بطريق الامتنان ، فقال « جعلت قرة عيني في الصلاة » وليس إلا مشاهدة المحبوب التي تقر بها عين المحب من الاستقرار فتستقر العين عند رؤيته فلا ينظر معه إلى شيء غيره في شيء وفي غير شيء ).

 يعنى في شيء موجود تعلقت المشيئة بوجوده من قولهم ، كل شيء بمشيئة الله تعالى أي بمشيئته وغير شيء ما تتعلق به المشيئة من الأعيان والنسب والتجليات ، وإنما أخذ القرة من الاستقرار : أي القرار ، لأن من شاهد حبيبه استقرت عينه : أي ثبتت وقرت من القرار فلا تلتفت إلى غيره ، ولهذا يقال : قرير العين بمعنى المسرور ، فإن كل مسرور فسروره إنما هو بوصول مطلوبه فلا بد تولى غيره ،

وقيل : من القر أي البرد ، لأن السرور تبرد عينه والمغموم تسخن عينه ، لأن برودتها إنما يكون بسكونها وقرارها بالنظر إلى ما يسره وسخونها لحركتها واضطرابها في طلب ما يسره فهو لما ذكر تعليل الحركة بالخوف ، وفي الأصل معللة بالحب لكن المحجوب عند السبب القريب ، وأهل الكشف يذهبون إلى الأصل بخرق الحجب ، فالعبد إنما يكون قرير العين إذا شاهد عين حبيبه لقرار عينه بوجه الحق فلا يشاهد سواه ، ويفنى عن نفسه وعن كل ما يسمى سوى الحق في هذا الشهود فتقر عينه وتثبت ،
وإنما يقال : قرت عينه تقر بفتح القاف إذا ابتهج برؤية ما يسره ، وقرير بكسر القاف إذا ثبت الفرق ، وهذا الشهود فوق اللقاء منتظر الموعود لأن اللقاء يقتضي الإثنينية وهذا يقتضي أحدية العين والله الأحد ، وأما تغيير النظم عن الأسلوب الطبيعي ، ولم يعطف الثالث وسلك طريقة أسلوب الحكيم وهو صلى الله عليه وسلم أفصح العرب ، تنبيهات على أن الثالث أعظم من الباقيين وهو المقصود بالقصد الأول ، فإن أجل المطلوب شهود المحبوب .
"" أضاف بالي زاده :-
لأنه لو لم يذكر الحق هذه الصفة عن نفسه بأن يقول الرسول : جعلت أنا قرة عينك في الصلاة ، ولم يذكر الحق بلسان نبيه لأمر الرسول بالصلاة على غير تجل منه ، أي من الحق للرسول  .أهـ بالى زاده

عن وجود العبد أي لا تظهر هذه الصلاة منه إلا بعد وجود العبد كما تتأخر رحمته عن شفاعة الشافعين في الآخرة  .أهـ بالى زاده  ""

قال رضي الله عنه :  ( ولذلك نهى عن الالتفات في الصلاة ، فإن الالتفات شيء يختلسه الشيطان من صلاة العبد فيحرمه مشاهدة محبوبه ، بل لو كان الحق محبوب هذا الملتفت ما التفت في صلاته إلى غير قبلته بوجهه )
البتة : يعنى لما كانت القبلة في الحقيقة وجه المحبوب ، والمحبوب ينبغي أن يتجليه في سمت قبلته لم يجز الالتفات في الصلاة إلى غير قبلته ، فإن وقع منه الالتفات في جهة القبلة من غير توجهه إلى جهة غير القبلة ، فإن الحق قد يعفو عنه لأنه في قبلته .

قال رضي الله عنه :  ( والإنسان يعلم حاله في نفسه ، هل هو بهذه المثابة في هذه العبادة الخاصة أم لا ، فإن الإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره فهو يعرف كذبه من صدقه في نفسه لأن الإنسان لا يجهل حاله فإن حاله ذوقي )


مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( كان منه ذلك بطريق الامتنان، كانت المشاهدة بطريق الامتنان. فقال وجعلت قرة عيني في الصلاة.
وليس إلا مشاهدة المحبوب التي تقر بها عين المحب، من الاستقرار: فتستقر العين عند رؤيته فلا تنظر معه إلى شيء غيره في شيء و في غير شيء.
ولذلك نهي عن الالتفات في الصلاة، وأن الالتفات شيء يختلسه الشيطان من صلاة العبد فيحرمه مشاهدة محبوبه.
بل لو كان محبوب هذا الملتفت، ما التفت في صلاته إلى غير قبلته بوجهه.
والإنسان يعلم حاله في نفسه هل هو بهذه المثابة في هذه العبادة الخاصة أم لا، فإن «الإنسان على نفسه بصيرة و لو ألقى معاذيره».
فهو يعرف كذبه من صدقه في نفسه، لأن الشيء لا يجهل حاله فإن حاله له ذوقي. )

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فلما كان منه ذلك بطريق الامتنان ، كانت المشاهدة بطريق الامتنان . فقال :"وجعلت قرة عيني في الصلاة ".) أي ، فلما حصل ذلك التجلي من الله لنبيه على طريق الامتنان عليه ، كانت المشاهدة من جانب النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أيضا بطريق الامتنان من الله ، إذ لولا توفيقه لتلك المشاهدة ، ما كانت حاصلة .

فلذلك قال رضي الله عنه  : ( جعلت ) على المبنى للمفعول ، ولم يقل : جعلت . على المبنى للفاعل .
( ليس ) قرة عينه ( إلا مشاهدة المحبوب التي تقربها عين المحب من الاستقرار ، فيستقر العين عند رؤيته ، فلا ينظر معه إلى شئ غيره ) قوله : ( تقر ) بفتح ( القاف ) وبكسرها  والأول للسرور ، والثاني للقرار .

وقوله  رضي الله عنه  : ( من الاستقرار ) أي ، مأخوذة من الاستقرار ، لأن عين المحب الطالب إذا رأت محبوبه ومطلوبه ، تستقر ولا تلتفت إلى غيره ، ويكون صاحبه مسرورا قرير العين .
ولو كانت ( القرة ) من ( القر ) بمعنى ( البرد ) ، كانت أيضا دليلة على المسرة ، فإن عين المسرور تبرد لقرار باطنه فيما وجده ، وعين المغموم تسخن لاضطراب باطنه وحصول الحركة فيه إلى رفع ما يجده .

وقوله رضي الله عنه  : ( في شئ وغير شئ . ) متعلق ب‍ ( الرؤية ) . أي تستقر عين المحب عند رؤية محبوبه في صورة من صور المجالي ، كما تجلى لموسى ، عليه السلام ، في صورة النار ، ولنبينا صلى الله عليه وسلم ، في صورة أمرد - كما جاء في الخبر الصحيح .
وفي غير صورة ، كالتجلي الذاتي الذي لا يرى المتجلى له فيه شيئا إلا صورته لا غير . كما مر في الفص الثاني . فلا يتوهم أنه متعلق بقوله : ( فلا ينظر ) .
ويجوز أن يكون متعلقا بقوله : ( فلا ينظر ) . أي ، فلا ينظر معه في شئ موجود تعلقت المشية بوجوده ، وغير شئ أي ، فيما لم يتعلق بوجوده المشية من الأعيان والنسب إلى شئ غيره ، أي ، إلى جهة الغيرية . وفيه نظر

قال الشيخ رضي الله عنه :  (ولذلك نهى عن الالتفات في الصلاة ، وأن الالتفات شئ يختلسه الشيطان من صلاة العبد فيحرمه) الشيطان ، أو الالتفات ( مشاهدة محبوبه . ) سواء كان الالتفات قلبيا ، أو حسيا .

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( بل لو كان محبوب هذا الملتفت ، ما التفت في صلاته إلى غير قبلته بوجهه . )
بل لو كان الحق محبوب هذا الملتفت إلى الغير وكان هو محبا له ، ما التفت في صلاته إلى غيره ، لأن وجه المحبوب مشاهده في قبلته ، فالإعراض عنه حرام .
واعلم ، أن الالتفات قد يكون بالوجه ، وقد يكون بالعين والوجه إلى القبلة . ولما كان الإعراض بالوجه أشد كراهة ، قال : ( بوجهه ) ، ولم يقل : بعينه .

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( والإنسان يعلم حاله في نفسه هل هو بهذه المثابة في هذه العبادة الخاصة ، أم لا . فإن "الإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره" فهو يعرف كذبه من صدقه في نفسه ، لأن الشئ لا يجهل حاله ، فإن حال له ذوقي . ) أي ، وجداني .
 
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ
:
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( كان منه ذلك بطريق الامتنان، كانت المشاهدة بطريق الامتنان. فقال وجعلت قرة عيني في الصلاة.
وليس إلا مشاهدة المحبوب التي تقر بها عين المحب، من الاستقرار: فتستقر العين عند رؤيته فلا تنظر معه إلى شيء غيره في شيء و في غير شيء.
ولذلك نهي عن الالتفات في الصلاة، وأن الالتفات شيء يختلسه الشيطان من صلاة العبد فيحرمه مشاهدة محبوبه.
بل لو كان محبوب هذا الملتفت، ما التفت في صلاته إلى غير قبلته بوجهه.
والإنسان يعلم حاله في نفسه هل هو بهذه المثابة في هذه العبادة الخاصة أم لا، فإن «الإنسان على نفسه بصيرة و لو ألقى معاذيره».
فهو يعرف كذبه من صدقه في نفسه، لأن الشيء لا يجهل حاله فإن حاله له ذوقي. )

قال رضي الله عنه : ( فلمّا كان منه ذلك بطريق الامتنان ، كانت المشاهدة بطريق الامتنان ؛ فقال : « وجعلت قرّة عيني في الصّلاة » ، وليست قرّة عينه إلّا مشاهدة المحبوب الّتي تقرّ بها عين المحبّ ، من الاستقرار فتستقرّ العين عند رؤيته فلا تنظر معه إلى شيء غيره في شيء وفي غير شيء ) .

وإليه الإشارة بقوله : ( فلما كان منه ) ، أي : من الحق ( ذلك ) التجلي ( بطريق الامتنان ) ، إذ لا فعل للعبد فيه أصلا ( كانت المشاهدة ) من حيث لزومها له ( بطريق الامتنان ) ، وإن كانت من فعل العبد ، وكذا لازمها التي هي القرة .
( فقال : « وجعلت قرة عيني في الصلاة »  ) ، وإذا كانت من المشاهدة في الصلاة ، فليس موجبها ( إلا مشاهدة المحبوب التي تقر بها عين المحب ) .
""أضاف المحقق :
القرة إما من المقر يعني البرد فتكون قرة عينه كناية عن المسرة ؛ فإن عين المسرور تبرد لقرار باطنه وعين المهموم تسخن لاضطراب باطنه ، وإما من القرار فيكون المراد بقرة العين ما تستقر عليه العين . عبد الرحمن الجامي ""
 فإن القرة ( من الاستقرار ) ، واستقرار عين المحب برؤية المحبوب لانتهاء طلبها لمرئي آخر عند رؤيته ، ( فتستقر العين عند رؤيته ) عن طلب مرئي آخر ، بل يخاف أن يشارك رؤيته رؤية المحبوب ، ففوته التلذذ بالمحبوب بقدر ما انصرف عن رؤيته إلى الغير ، ( فلا ينظر معه إلى شيء غيره ) سواء رأى المحبوب ( في شيء وفي غير شيء ) ، وهي الرؤية في غير المظاهر كما في الآخرة ، فلا تشغله رؤية الشيء عند رؤية المحبوب فيه ، إذ لا يراه أصلا .

قال رضي الله عنه :  ( ولذلك نهي عن الالتفات في الصّلاة ، فإن الالتفات شيء يحتلسه الشّيطان من صلاة العبد فيحرمه مشاهدة محبوبه ، بل لو كان محبوب هذا الملتفت ، ما التفت في صلاته إلى غير قبلته بوجهه ، والإنسان يعلم حاله في نفسه هل هو بهذه المثابة في هذه العبادة الخاصّة أم لا ، فإنّ "الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ . وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ" [ القيامة:14-15 ]. فهو يعرف كذبه من صدقه في نفسه ، لأنّ الشّيء لا يجهل حاله ؛ فإنّ حاله له ذوقيّ ) .

( ولذلك ) أي : ولكون عين المحب لا ينظر عند رؤية المحبوب إلى شيء آخر ( نهى عن الالتفات ) الموجب لرؤية الغير ( في الصلاة ) التي فيها مشاهدة المحبوب ، كيف وهو مانع
عن مشاهدة المحبوب ،

( فإن الالتفات شيء يختلسه ) ، أي : يختلس بسببه ( الشيطان ) المشاهدة ( من صلاة العبد ، فيحرمه مشاهدة محبوبه ، بل ) يسلب عنه محبته ، إذ ( لو كان محبوب هذا المتلفت ) ( في صلاته ) الموجبة لمشاهدته ( إلى غير قبلته ) التي يشاهد فيها محبوبه على ما أشار إليه الحديث السابق ( بوجهه ) الذي به مشاهدته ، والمقصود من هذا النهي : النهي عن الالتفات إلى غير الحق سواء تخيله في جهة القبلة أم لا ، فيجب الانتهاء عنه ، فيجب على العبد صرف نفسه بالكلية إلى الحق بحيث لا يلتفت إلى غيره ( في هذه العبادة الخاصة ) التي يضيع هو بالكلية بتضييعها عن تضييع التوجه الكلي إلى الحق فيها ( أم لا ، فإنالْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ) [ القيامة : 14 ، 15 ] .

بأنه من الدقائق التي فاتته ، وأن حضور نفسه ليس من مقدوراته ، ( فهو يعرف كذبه من صدقه ) ، إذا كانا في نفسه ؛ ( لأن الشيء لا يجهل حاله ) ، وإن دقّ فإن ( حاله له ذوقي ) ، والذوقي في الضروري ، وإن صعب بيانه ، وهذه المشاهدة كانت من مجالسه المصلي مع الحق لاجتماعهما على الصلاة التي انقسمت بينهما .

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( كان منه ذلك بطريق الامتنان، كانت المشاهدة بطريق الامتنان. فقال وجعلت قرة عيني في الصلاة.
وليس إلا مشاهدة المحبوب التي تقر بها عين المحب، من الاستقرار: فتستقر العين عند رؤيته فلا تنظر معه إلى شيء غيره في شيء و في غير شيء.
ولذلك نهي عن الالتفات في الصلاة، وأن الالتفات شيء يختلسه الشيطان من صلاة العبد فيحرمه مشاهدة محبوبه.
بل لو كان محبوب هذا الملتفت، ما التفت في صلاته إلى غير قبلته بوجهه.
والإنسان يعلم حاله في نفسه هل هو بهذه المثابة في هذه العبادة الخاصة أم لا، فإن «الإنسان على نفسه بصيرة و لو ألقى معاذيره».
فهو يعرف كذبه من صدقه في نفسه، لأن الشيء لا يجهل حاله فإن حاله له ذوقي. )

قال رضي الله عنه :  ( له ، فلما كان منه ذلك ) التجلَّي ( بطريق الامتنان كانت المشاهدة ) - المعبّر عنها بقرّة العين - ( بطريق الامتنان ، فقال : « وجعلت قرّة عيني في الصلاة » )
وما قال : " جعلت " ، ليدلّ أنّ المشاهدة مجعولة بطريق الامتنان في حقّه ، وإن كانت الصلاة من موضوعات النبيّ ومجعولاته ، لأنّ النبيّ من حيث أنّه نبيّ جعلها .

قال رضي الله عنه :  ( وليس ) تلك القرّة ( إلا مشاهدة المحبوب التي تقرّ بها عين المحبّ - من الاستقرار - فتستقرّ العين عند رؤيته ) استقرار تمكَّن ، وأصل ذلك من القرّ ، وهو البرد ، لأن البرد يقتضي السكون ، كما أنّ الحرارة تقتضي الحركة ، ومنه قوله تعالى : " هَبْ لَنا من أَزْواجِنا وَذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ " وهي ما يسكَّن به العين ، فلا يطمح إلى غيره وكذلك فيما نحن فيه .

الملتفت إلى غير الحقّ في الصلاة لا صلاة له
قال رضي الله عنه :  ( فلا ينظر معه إلى شيء غيره في شيء ، وفي غير شيء ) - أي سواء كان في مظهر موجود مما يتعلَّق به المشيئة ، أو في غير ذلك من النسب الاعتباريّة الكونيّة .

وبالجملة فالغير في صلاة المشاهدة غير منظور مع المحبوب في مظهر عينيّ تشبيهيّ ، أو في غيره من المواطن الغيبيّة التنزيهيّة ، فإنّ النظر إنّما يقع في الكلّ على المحبوب فقط ، ( ولذلك نهى عن الالتفات في الصلاة ، فإنّ الالتفات شيء يختلسه الشيطان ) - الذي هو مادّة البعد والتفرقة ( من صلاة العبد ، فيحرمه مشاهدة محبوبه ) في صلاة المناجاة والمناداة مع الحقّ .

فإنّ المحبوب - بما هو محبوب - لا يمكن أن ينحرف عنه نظر التفات المحبّ ، فإذا التفت العبد إلى غير الحقّ في صلاته لا يكون الحقّ محبوب هذا العبد الملتفت ضرورة ( بل لو كان محبوب هذا الملتفت ما التفت في صلاته ) الكاشفة عن النسبة الجمعيّة الاتحاديّة ( إلى غير قبلته ) بوجهة قلبه المعبّر عنها ( بوجهه ) .

قال رضي الله عنه :  ( والإنسان ) وإن يظهر حاله عند الناس على أحسن وضع وأتمّ نظم ، ولم يزل يلقى معاذيره فيما ظهر لديهم من الذنوب ، ولكن ( يعلم حاله في نفسه :
هل هو بهذه المثابة في هذه العبادة الخاصّة ) الجامعة لفنون العبادات وصنوف أركانها جملة - من الصوم الذي هو الإمساك ، والزكاة التي هي عبارة عن التطهير والحجّ الذي هو توجّه القبلة ، والجهاد الذي هو القيام بمخالفة الهوى والشيطان فيما يأمران به
وذلك هو المعبّر عنه في الشريعة بالجهاد الأكبر وبيّن أنّ كلّ أحد يعرف من نفسه عندما خلَّي وإيّاها أنّ له من هذه الصورة الجامعة حظَّ الجمعيّة الكماليّة .

قال رضي الله عنه :  ( أم لا ؟ فإنّ " الإِنْسانُ عَلى نَفْسِه ِ بَصِيرَةٌ . وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَه ُ " فهو يعرف كذبه من صدقه في نفسه ، لأنّ الشيء لا يجهل حاله ) بناء على الأصل الممهّد : " إنّ العلم يلازم الوجود ، ولا يفارقه أصلا " .
فكل شيء له علم بحسب مدارج دركه ومداركه المختصّة به ، ولذلك يجهل الآخر عن وجه ظهور العلم فيه وإظهاره منه ، كما نصّ عليه قوله تعالى : " وَإِنْ من شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِه ِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ".

وبيّن أنّ مدرجة الذوق من كلّ شيء هي جهة خصوصيّته التي له إلى أصله ، ولذلك يرتبط به اليقين ، وإليه أشار بقوله : ( فإنّ حاله له ذوقي )

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( كان منه ذلك بطريق الامتنان، كانت المشاهدة بطريق الامتنان. فقال وجعلت قرة عيني في الصلاة.
وليس إلا مشاهدة المحبوب التي تقر بها عين المحب، من الاستقرار: فتستقر العين عند رؤيته فلا تنظر معه إلى شيء غيره في شيء و في غير شيء.
ولذلك نهي عن الالتفات في الصلاة، وأن الالتفات شيء يختلسه الشيطان من صلاة العبد فيحرمه مشاهدة محبوبه.
بل لو كان محبوب هذا الملتفت، ما التفت في صلاته إلى غير قبلته بوجهه.
والإنسان يعلم حاله في نفسه هل هو بهذه المثابة في هذه العبادة الخاصة أم لا، فإن «الإنسان على نفسه بصيرة و لو ألقى معاذيره».
فهو يعرف كذبه من صدقه في نفسه، لأن الشيء لا يجهل حاله فإن حاله له ذوقي. )

قال رضي الله عنه :  ( فلمّا كان منه ذلك بطريق الامتنان ، كانت المشاهدة بطريق الامتنان . فقال : وجعلت قرّة عيني في الصّلاة . وليست قرّة عينه إلّا مشاهدة المحبوب الّتي تقرّ بها عين المحبّ ، من الاستقرار ).

( كان منه ذلك ) ، أي ذكره للعبد بالتجلي ( بطريق الامتنان كانت المشاهدة ) ، المترتبة عليه أيضا ( بطريق الامتنان فقال : وجعلت قرة عيني في الصلاة )
من غير أن يكون لنفسه دخل في هذا الجعل سوى استعداده الراجع إلى الفيض الأقدس ( وليس ) ، أي قرة العين ( إلا مشاهدة المحبوب التي تقر بها عين المحب ) ، والقرة إما من المقر يعني البرد فتكون قرة عينه كناية عن المسرة فإن عين المسرور تبرد لقرار باطنه وعين المهموم تسخن لاضطراب باطنه .
وإما من القرار فيكون المراد بقرة العين ما تستقر عليه العين .

ولما كان المشهور أن قرة العين مأخوذة من القر بمعنى البرد كما ذكرنا أراد رضي اللّه عنه أن يشير إلى جواز أخذها من القرار فإنه أنسب بالمقام وألطف فقال : ( من الاستقرار)

قال رضي الله عنه :  ( فتستقرّ العين عند رؤيته فلا تنظر معه إلى شيء غيره في شيء وفي غير شيء .  ولذلك نهي عن الالتفات في الصّلاة ، فإن الالتفات شيء يختلسه الشّيطان من صلاة العبد فيحرمه مشاهدة محبوبه . بل لو كان محبوب هذا الملتفت ، ما التفت في صلاته إلى غير قبلته بوجهه . والإنسان يعلم حاله في نفسه هل هو بهذه المثابة في هذه العبادة الخاصّة أم لا ، فإنّ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ ( 14 ) وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ( 15 ) [ القيامة : 14 - 15 ] فهو يعرف كذبه من صدقه في نفسه ، لأنّ الشّيء لا يجهل حاله فإنّ حاله له ذوقيّ . )


(فتستقر العين عند رؤيته فلا تنظر معه إلى شيء غيره ) ، سواء كانت تلك الرؤية ( في شيء ) من المجالي الصورية كما تجلى لموسى عليه السلام في صورة النار ولنبينا صلى اللّه عليه وسلم في صورة شاب أمرد ( وفي غير شيء ) من تلك المجالي كما في التجليات الذاتية الذوقية المعنوية .

(ولذلك نهى عن الالتفات في الصلاة فإن الالتفات شيء يختلسه الشيطان من صلاة العبد فيحرمه ) الشيطان ( مشاهدة محبوبه ) في زمان الالتفات ( بل لو كان ) الحق ( محبوب هذا ) المصلي ( الملتفت ) على صيغة اسم الفاعل ( ما التفت ) في صلاته ( إلى غير قبلته بوجهه ) الباء متعلقة بالالتفات أي ما التفت بوجهه ولا صرفه إلى غير قبلته التي هي مشاهدة محبوبه إذ ليس من شأن المحب أن يصرف نظره عن مشاهدة محبوبه عند تيسرها .

( والإنسان ) وإن لم يزل يظهر حاله عند الناس على أحسن وجه ويلقى معاذيره فيما يظهر لديهم من النقائص لكنه ( يعلم حاله في نفسه هل هو بهذه المثابة في هذه العبادة الخاصة أم لا ؟ فإن الإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره فهو يعرف كذبه من صدقه في نفسه ) ، عندما يظهر حاله إلى الناس

( لأن الشيء ) ، أي شيء كان ( لا يجهل حاله فإن حاله له ذوقي ) ، أي إدراك حاله له ذوقي وجداني لا حاجة فيه إلى أمر خارج عنه فكيف يفارقه ، وهذا التعميم بناء على أن العلم لازم للوجود ، فكل ما اتصف بالوجود اتصف بالعلم لكن بحسب استعداده.
.
الفقرة الثلاثون على منتدي إتقوا الله ويعلمكم الله
واتساب

No comments:

Post a Comment