Monday, April 13, 2020

السفر السابع والعشرون فص حكمة فردية في كلمة محمدية الفقرة الثانية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر السابع والعشرون فص حكمة فردية في كلمة محمدية الفقرة الثانية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر السابع والعشرون فص حكمة فردية في كلمة محمدية الفقرة الثانية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( كانت حكمته فردية لأنه أكمل موجود في هذا النوع الإنساني، ولهذا بدئ به الأمر وختم: فكان نبيا وآدم بين الماء و الطين، ثم كان بنشأته العنصرية خاتم النبيين.
وأول الأفراد الثلاثة، وما زاد على هذه الأولية من الأفراد فإنها عنها.
فكان عليه السلام أدل دليل على ربه، فإنه أوتي جوامع الكلم التي هي مسميات أسماء آدم، فأشبه الدليل في تثليثه، و الدليل دليل لنفسه.)

27   - فص حكمة فردية في كلمة محمدية
هذا فص الحكمة المحمدية ، ذكره بعد حكمة خالد بن سنان عليه السلام ، لأنه كان قريبا من زمانه ، ولأنه صلى اللّه عليه وسلم آخر الأنبياء وخاتم المرسلين ، فناسب أن يختم الكتاب كما بدىء بآدم عليه السلام ، ولأنه عليه السلام جامع لمشارب النبيين والمرسلين كلهم عليهم السلام ، فكان ذكره بعد تمام ذكرهم كالإجمال بعد التفصيل ، وكالفذلكة في الحساب الطويل .
(فص حكمة فردية) ، أي منسوبة إلى الفرد وهو الواحد الذي لا نظير له في كماله (في كلمة محمدية . )
إنما اختصت حكمة محمد صلى اللّه عليه وسلم بكونها فردية لانفراده صلى اللّه عليه وسلم بالفضيلة التامة والكرامة العامة والمرتبة السامية على الجميع ، والمزية التي من انتسب إليها بالمتابعة لا يضيع ، والشرف العالي في الدارين ، والقدر الرفيع الذي نصبت أعلامه في الخافقين ، ولقول المصنف قدس اللّه سره ولم يعلل حكمة غيرها إفرادا لها بالاعتناء والاهتمام بشأنها .

قال رضي الله عنه :  ( إنّما كانت حكمته فرديّة لأنّه أكمل موجود في هذا النّوع الإنسانيّ ، ولهذا بدئ به الأمر وختم ، فكان نبيّا وآدم بين الماء والطّين ، ثمّ كان بنشأته العنصريّة خاتم النبيّين .  وأوّل الأفراد الثّلاثة ، وما زاد على هذه الأوّليّة من الأفراد فإنّها عنها . فكان صلى اللّه عليه وسلم أدلّ دليل على ربّه ، فإنّه أوتي جوامع الكلم الّتي هي مسمّيات أسماء آدم . فأشبه الدّليل في تثليثه . والدّليل دليل لنفسه . )

قال رضي الله عنه :  (إنما كانت حكمته) ، أي محمد صلى اللّه عليه وسلم (فردية لأنه) عليه السلام أكمل موجود على الإطلاق (في هذا النوع الإنساني) بالاتفاق (ولهذا بدىء) ، أي بدأ اللّه (به) صلى اللّه عليه وسلم الأمر الإلهي فهو أوّل مخلوق من حيث كونه نورا كما ورد في حديث جابر الذي أخرجه عبد الرزاق في مسنده : يا رسول اللّه أخبرني عن أوّل شيء خلقه اللّه تعالى قبل الأشياء ، قال : « يا جابر إن اللّه خلق قبل الأشياء نور نبيك من نوره » إلى آخر الحديث الطويل (وختم) ، أي به الأمر أيضا صلى اللّه عليه وسلم فلا نبي بعده ولا رسول بعده إلى يوم القيامة (فكان) صلى اللّه عليه وسلم (نبيا وآدم بين الماء والطين) كما ورد في الحديث وفي رواية : " كنت نبيا وآدم بين الروح والجسد " . رواه الترمذي والطبراني عن ابن عباس .

وفي رواية : « كنت أوّل الناس في الخلق وآخرهم في البعث » رواه ابن سعد عن قتادة مرسلا و رواه الحاكم في المستدرك  و روى نحوه ابن أبي شيبة.
وفي رواية : « كنت أوّل النبيين في الخلق وآخرهم في البعث » رواه الحاكم في مستدركه ، يعني أنه صلى اللّه عليه وسلم كامل الخلقة شريف المقام والمرتبة من حين خلقه اللّه تعالى نورا إلى أن فصل مجمله ظهورا ، فخلق له القالب الآدمي ، واستعمله في ظهور صورته العظيمة ، ثم صفاه في مصافي قوالب الكاملين من الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام ، حتى أخرجه في هذا الوجود ، وأفاض به إناء المكارم والجود ، فكان في الآخر كما كان في الأوّل ، فهو الفرد الكامل الذي عليه المعول .

قال رضي الله عنه :  (ثم كان) صلى اللّه عليه وسلم (بنشأته) ، أي خلقته (العنصرية) ، أي المركبة من العناصر الأربعة : الماء والنار والتراب والهواء التي هي آخر الأصول المادية لخلق المولدات الأربعة الجمادية والنباتية والحيوانية والإنسانية .
قال رضي الله عنه :  (خاتم) بكسر التاء المثناة الفوقية وفتحها (النبيين) عليهم السلام كما قال تعالى :"ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَلكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ" [ الأحزاب:40 ].
(و) لأنه (أوّل الأفراد) جمع فرد (الثلاثة) التي قام بها كل شيء من محسوس أو معقول أو موهوم ، فإن كل شيء مما ذكر له عندنا روح نورانية ونفس برزخية وصورة ظلمانية ، فروح كل شيء في الملأ الأعلى العرش ، ونفسه في الحضرات الفلكية السماوية ، وصورته في العالم السفلي الأرضي ، وهي أفراد ثلاثة على هذا الترتيب :
روح وجسم ونفس ، قلم ولوح وكتابة ، آخرة وبرزخ ودنيا ، جنة وأعراف ونار ، ذات وصفات أو أسماء وأفعال ، فهو صلى اللّه عليه وسلم أوّل هذه الأفراد الثلاثة .

(وما زاد على هذه الأوّلية من الأفراد) وهما الفردان الباقيان (فإنه) ، أي ذلك الزائد ناشيء قال رضي الله عنه :  (عنها) ، أي عن تلك الأولية من الثلاثة :
فالجسم من النفس ، والنفس من الروح ، والكتابة من اللوح ، واللوح من القلم ، والدنيا من البرزخ ، والبرزخ من الآخرة ، والنار من الأعراف ، والأعراف من الجنة ، والأفعال من الصفات أو الأسماء ، والصفات أو الأسماء من الذات ، فرجعت الأفراد إلى الفرد الواحد ، ثم رجعت الآخرة إلى الجنة ، والجنة إلى القلم ، والقلم إلى الروح ، والروح إلى الذات ، فهو الذات الجامعة ، والحضرة النورانية اللامعة .

وهذا الفصل يطول بيانه ويتفرع على أصله أغصانه ، وصاحب الذوق تكفيه الإشارة ، والمحجوب الغافل لا يفهم ولا بألف عبارة (فكان) ، أي النبي عليه السلام أول دليل على معرفة ربه سبحانه بأقواله وأحواله فإنه عليه السلام أوتي ،
أي آتاه اللّه تعالى جوامع الكلم ، أي الكلمات الجوامع التي هي مسميات أسماء آدم عليه السلام ، فقد علم اللّه تعالى آدم الأسماء كلها ، يعني أسماء كل شيء ، وعلم محمدا صلى اللّه عليه وسلم مسميات تلك الأسماء ،
فكان آدم عليه السلام مظهر الأسماء ، ومحمد صلى اللّه عليه وسلم مظهر الذوات ، والأسماء داخلة في الذوات ، فآدم عليه السلام حافظ الأسماء على الذوات ،
ومحمد صلى اللّه عليه وسلم حافظ الذوات مع الأسماء واسم آدم من جملة الأسماء ، وذاته من جملة الذوات كما أن اسم محمد من جملة الأسماء ، وذاته من جملة الذوات ، فآدم عليه السلام أبو الأسماء ومحمد صلى اللّه عليه وسلم أبو الذوات ، والأسماء صور الكلمات والذوات معانيها ، والأسماء عالم الأجسام ، والذوات عالم الأرواح ، والأجسام من الأرواح ، والأرواح من نور محمد صلى اللّه عليه وسلم ، وهو من نور اللّه تعالى .

قال تعالى :"اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ"، وهذا هو الأصل مثل نوره ، أي الذي خلق اللّه تعالى منه كل شيء كما ورد في الحديث السابق ذكره وهو نور محمد صلى اللّه عليه وسلم كَمِشْكاةٍ هي آدم عليه السلام فِيها مِصْباحٌ هو روحانية محمد صلى اللّه عليه وسلم "الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ" [ النور : 35 ] هي روح العبد المؤمن .
قال اللّه تعالى :"إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً"[ مريم : 93 ] ، وفي الحديث القدسي : " ما وسعتني سماواتي ولا أرضي ووسعني قلب عبدي المؤمن ".
قال اللّه تعالى :" إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ" [ الكوثر : 1 ] ، وهو نهر في الجنة ، وهو الكثرة في الوحدة ، وهي جوامع الكلم التي قال تعالى عنها : " قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً" [ الكهف : 109 ] ، وقال تعالى : " وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللَّهِ[ لقمان : 27 ] وإن كان الأمر منقسما إلى قسمين .

كما قال تعالى :"مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ" [ إبراهيم : 24 ] ، ثم قال سبحانه : " وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ" [ إبراهيم : 26 ] وشبههما بالشجرة للتشاجر وكثرة التفريع واختلاف الجهات .
وقد قال تعالى :"وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ"[ هود118 - 119 ]
، أي للاختلاف أو للرحمة ، والاختلاف رحمة كما قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم :
" اختلاف أمتي رحمة " . رواه نصر المقدسي في كتاب الحجة .
وفي رواية : « اختلاف أصحابي رحمة » .أخرجه الديلمي في مسند الفردوس فهم أصحابه بالنور الذي خلقوا منه .  

قال رضي الله عنه :  (فأشبه) صلى اللّه عليه وسلم (الدليل) العقلي (في تثليثه) حيث هو مركب من أمرين وثالث مكرر بينهما محمول في الأوّل ، موضوع في الثاني
كما نقول: (العالم متغير) فالعالم أمر ومتغير أمر آخر حمل على الأوّل ثم تقول وكل متغير حادث ، فتكرر متغير وتجعله موضوعا وتحمل عليه قولك حادث وهو أمر آخر ، فتصدق النتيجة من هذا الدليل العقلي التام ، وهو الموضوع في الأوّل المحمول في الثاني ،
وذلك قولك : العالم حادث .
قال رضي الله عنه :  (والدليل دليل لنفسه) يدل عليها ويوضحها عند المستدل به كما أنه دليل لغيره .

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( كانت حكمته فردية لأنه أكمل موجود في هذا النوع الإنساني، ولهذا بدئ به الأمر وختم: فكان نبيا وآدم بين الماء و الطين، ثم كان بنشأته العنصرية خاتم النبيين.
وأول الأفراد الثلاثة، وما زاد على هذه الأولية من الأفراد فإنها عنها.
فكان عليه السلام أدل دليل على ربه، فإنه أوتي جوامع الكلم التي هي مسميات أسماء آدم، فأشبه الدليل في تثليثه، و الدليل دليل لنفسه.)

27 - فص حكمة فردية في كلمة محمدية
(إنما كانت حكمته فردية لأنه أكمل موجود في هذا النوع الانساني ) لكونه بمرتبة روحه جامعا بجميع الأسماء الإلهية وبمرتبة جسمه بجميع المراتب الكونية ( ولهذا ) أي ولأجل أنه أكمل موجود ( بدىء به الأمر ) أي أمر النبوة من حيث روحه وختم من حيث .

جسده العنصري ( فكان نبيا وآدم بين الماء والطين ) فنبوته أزلي ونبوة غيره من الأنبياء عليهم السلام حادثة فهم نبيون حين البعثة ( ثم كان ) النبي ( بنشأته العنصرية خاتم النبيين ) كما أنه عليه السلام بنشأته الروحانية أول النبيين فبه بدئ أمر النبوة وختم ( وأول الأفراد ) أي وأول ما يوجد من الفردية ( الثلاثة ) خبر لقوله وأول وهي الأحدية الذاتية والأحدية الصفاتية والحقيقة المحمدية ( وما زاد على هذه ) الفردية ( الأولية من الأفراد فإنه عنها ) أي صادر عن هذه الفردية الأولية .

قال رضي الله عنه :  ( فكان عليه السلام أدل دليل على ربه فإنه أوتي بجوامع الكلم التي هي مسميات أسماء آدم ) ومسميات أسماء آدم هي الحقائق التي تدل كل واحد منها على ربه فإذا أوتي الرسول بجوامعها كان دالا على ربه أدل دليل فكان الرسول من حيث نشأته الروحية مشتملا على الفردية الثلاثة الأولية ( فأشبه الدليل ) المنتج للمعاني ( في تثليثه والدليل دليل لنفسه ) على ربه لحديث النبي عليه السلام : « من عرف نفسه فقد عرف ربه » .

فكل نفس دليل لنفسه على ربه ولا يدل نفس شخص لنفس شخص آخر على رب ذلك الآخر لذلك قال النبي عليه السلام من عرف نفسه ولم يقل من عرف نفسا فظهر أن اللام في قوله والدليل للاستغراق أي كل واحد من أفراد الدليل دليل لنفسه على ربه لا للعهد كما زعم بعض الشارحين.

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( كانت حكمته فردية لأنه أكمل موجود في هذا النوع الإنساني، ولهذا بدئ به الأمر وختم: فكان نبيا وآدم بين الماء و الطين، ثم كان بنشأته العنصرية خاتم النبيين.
وأول الأفراد الثلاثة، وما زاد على هذه الأولية من الأفراد فإنها عنها.
فكان عليه السلام أدل دليل على ربه، فإنه أوتي جوامع الكلم التي هي مسميات أسماء آدم، فأشبه الدليل في تثليثه، و الدليل دليل لنفسه.)

قال رضي الله عنه :  ( كانت حكمته فردية لأنه أكمل موجود في هذا النوع الإنساني، ولهذا بدئ به الأمر وختم: فكان نبيا وآدم بين الماء و الطين، ثم كان بنشأته العنصرية خاتم النبيين. وأول الأفراد الثلاثة، وما زاد على هذه الأولية من الأفراد فإنها عنها. فكان عليه السلام أدل دليل على ربه، فإنه أوتي جوامع الكلم التي هي مسميات أسماء آدم، فأشبه الدليل في تثليثه، و الدليل دليل لنفسه.)
قلت: أراد بالفردية انفراده، علیه السلام، بالمقام المحمود.
قوله: أول الأفراد الثلاثة يعني أن الواحد وإن كان أصل العدد، فإنه ليس من العدد "، فإن التعدد ما يعقل إلا من الثاني فصاعدا، فالاثنان هما أول أزواج العدد وأول العدد کله أيضا، وأما الثلاثة فهي كما ذكر الشيخ، رضي الله عنه، أول أفراد العدد، وأما الخمسة والسبعة وسائر الأفراد فهي ناشئة بعد رتبة الاثنين، فكأنه، رضي الله عنه، أشار إلى أن محمدا صلى الله عليه وسلم، هو الفرد الأول فأشبه الثلاثة، فكأن قائلا قال له: فلم لا أشبه الواحد فإنه أصل ومحمد، عليه السلام، أصل؟
فأجاب: بأنه، عليه السلام، هو الدليل على ربه، عز وجل، ومن شأن الدليل أن يكون مثلث الكيان يعني مقدمتين ونتيجة، فهو ثلاثة أركان أو ثلاثة حدود وهو الأصغر والأوسط والأكبر.

قال: وإنما حبب إليه من الدنيا ثلاث، لأن حقيقة التثليث موجودة بالذات فيه.
قال: وقدم النساء، اشارة إلى ظهور حواء من آدم، عليه السلام، من ضلعه فهي جزء من آدم فقدمت فقدم النساء من أجل ذلك.
  
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( كانت حكمته فردية لأنه أكمل موجود في هذا النوع الإنساني، ولهذا بدئ به الأمر وختم: فكان نبيا وآدم بين الماء و الطين، ثم كان بنشأته العنصرية خاتم النبيين.
وأول الأفراد الثلاثة، وما زاد على هذه الأولية من الأفراد فإنها عنها.
فكان عليه السلام أدل دليل على ربه، فإنه أوتي جوامع الكلم التي هي مسميات أسماء آدم، فأشبه الدليل في تثليثه، و الدليل دليل لنفسه.)

 27 -  فصّ حكمة فردية في كلمة محمّدية صلَّى الله عليه وآله وسلَّم
قال العبد : قد قدّمنا في شرح فهرس الفصّ ، علَّة استناد هذه الحكمة الكليّة الفردية إلى الكلمة الكاملة الإلهية ، وسيرد في متن الفصّ وشرحه ما فيه بلاغ ، ولكنّا نومئ إلى أوّلية المرتبة الفردية ، فإنّ للفردية مراتب ظهور ، وهي في كل مرتبة علَّة للإنتاج وسبب للإثمار .
"" جاء الوارد في هذه الحكمة بعبارتين دالَّتين على حقيقة واحدة :
إحداهما : حكمة كلَّية لكونها أحدية جمع جميع الحكم الجمعية الكلَّية المتعيّنة في كلّ كلّ منها كلَّية فهي كلّ كلّ منها .
والثانية : حكمة فردية لأسرار وحقائق يكشف لك عن أصولها وفصولها في شرح حكمته صلَّى الله عليه وسلَّم . ""
فنقول والله المؤيّد بأيد أيّدة لعبده المؤيّد بها ثمّ بما من عنده - :
قد علمت فيما تقدّم :
أنّ أوّل المراتب الذاتية الإطلاق واللاتعيّن ، وهو غيب غيب ذات الذات الإلهية .
والمرتبة الثانية التعيّن الأوّل الذاتي الأحدي الجمعي الذي به تعيّنت العين لعينها ، وتحقّقت الحقيقة الذاتية لذاتها وحقيقتها التي هي عين الذاتية ، وتسمّى حقيقة الحقائق الكبرى عندنا ، ولهذا التعيّن الأوّل الأحدية من وجه ، والوترية من وجه ، والشفعية من وجه .
أمّا شفعيته فلأنّه شفع مرتبة الغيب الذاتي الإطلاقي بتعيّنه وتميّزه عن اللاتعين .
وأمّا وتريّته فلأنّه امتاز بنفس التعيّن عن اللاتعين الذي نسبته إلى العين كنسبة التعيّن سواء ، فإنّ العين المتعيّنة بالتعيّن الأوّل من حيث هي هي اللامتعيّنة في اللاتعين والإطلاق ، بل التعين واللا تعين نسبتان لها ذاتيتان ، ليست إحداهما أولى من الأخرى ،
ومع كونها عينهما فهي مطلقة عن الجمع بينهما والإطلاق عنهما ، ولكنّ المتعيّن الأوّل بالتعين الأوّل لمّا امتاز بنفس التعين عن اللاتعين وليس ثمّة من يشفع أحديته ،
إذ هو أحدية جمع جميع التعينات المعنوية المرتبية للحقائق ، بقي وترا وهو أوّل مرتبة الوتريّة ، إذ ليس في مرتبة اللاتعين والإطلاق حكم ولا اسم ولا رسم ولا نعت ولا وصف ولا علم ، فلا شفع ولا وتر ولا واحد ولا فرد ولا غير ذلك .

وأمّا أحديّته فلكون هذا التعين عين المتعيّن ، لا زائد عليه إلَّا في تعقّلنا ، فإنّه تعيّن الذات بذاتية الذات ، فلا اثنينية ولا كثرة ، فلها الأحديّة ، فالأحدية والوترية والشفعية مستندها إلى هذا التعين الأوّل الذاتي العيني ، وللعين الجمع بين التعين واللا تعين ، والقيد والإطلاق ، وللتعين الأوّل الجمع بين الشفعية والوترية والأحدية ، كما مرّ .
فظهرت في مجموع هذه المراتب الثلاث الفردية الأولى ، وكذلك للتعيّن الأوّل وللعين ، فتعيّنت الحقيقة البرزخية الجمعية بين الإطلاق والتعيّن ، وبين التعيّن والمتعيّن ، وبين الشفعية والوترية ، بمعنى أنّ هذه الحقيقة البرزخية ، لها الجمع ولها الفصل بين الطرفين ، وهي عين الطرفين في هذه المراتب كلَّها .

وهذه البرزخية برزخية الحقيقة الإنسانية الأحدية الجمعية الأزلية الأبديّة المحمدية التي هي الأحدية الجمعية الكمالية الذاتية الأولى ، ولها جمع الجمع الأوّل ، وصورته في أوّل المرتبة النبويّة الإنسانية البشرية آدم عليه السّلام ، وفي آخر المرتبة النبويّة الكمالية الجمعية الختمية محمّد صلَّى الله عليه وسلَّم وله أحدية جمع جمع الحقائق الإلهية والحقائق الكمالية الإنسانية ، ولهذه الحقيقة المحمدية المشار إليها الفردية الأولى ، ومنها تفرّعت الفرديات في جميع المراتب المعنويّة والروحانية والإلهية والكونية وغيرها ، فأسند الشيخ  رضي الله عنه  هذه الحكمة للكلمة الكاملة المحمدية ، فافهم .

قال رضي الله عنه  : ( إنّما كانت حكمته فردية ، لأنّه أكمل موجود في هذا النوع الإنساني ، ولهذا بدىء به الأمر وختم ، فكان نبيّا وآدم بين الماء والطين ، ثم كان بنشأته العنصرية خاتم النبيّين وأوّل الأفراد " الثلاثة" .).

يشير رضي الله عنه  إلى أنّ الفردية له من كونه أكمل النوع الإنساني الكمالي ، لأنّ الفردية مخصوصة كما ذكرنا بالإنسان الكامل ، ولا أكمل من محمّد صلَّى الله عليه وسلَّم فله الفردية الحقيقية الغيبيّة العينية المشار إليها من حيث حقيقته ومعنويته.

أوّلا في عالم المعاني ، ثمّ بنشأته الروحانية كان نبيّا مبعوثا إلى كافّة الأرواح النبوية ،
ثمّ بنشأته العنصرية كان خاتم النبيين ، فحصلت الفرديّة الأولى ، وله الفردية الجامعة بين البدء والفاتح ، والختام الواضح ، ونبوّة روحانيته بالكمال الراجح ،
وثمّ سر آخر :
وهو أنّ الفردية جامعة بين الشفع الأوّل الذي هو اثنان والوتر الأوّل لأنّ أوّل الأفراد « الثلاثة » ، وهي تجمع بين الاثنين والواحد ، وبالجمع تحصل فرديته ، فهو أعني الثلاثة الفردية من الأعداد - الأوّل ، وليس هذا للأحدية ولا للواحد ولا للاثنين ، فافهم .

فإن قلت : الاثنان يجمع بين الأحدية والاثنيّنية .
قلنا : ليس له الفردية كما لأوّل الأفراد .
قال رضي الله عنه  : ( وما زاد على هذه الأوّلية من الأفراد فإنّه عنها ، فكان عليه السّلام أدلّ دليل على ربّه ، فإنّه أوتي جوامع الكلم التي هي مسمّيات أسماء آدم ) .
يعني  رضي الله عنه  : مسمّيات الأسماء التي علَّمها الله آدم والكلمات الإلهية ، وإن كانت لا تنفد ، فإنّها لا تتناهى ، وهي أعيان الممكنات ، لكنّها تنحصر في أمّهات ثلاث :
الأولى : هي الحقائق والأعيان الفعلية المؤثّرة الوجوبية الإلهية .
والثانية : الحقائق الانفعالية الكيانية المربوبية الإمكانية .
والثالثة : الحقائق الجمعية الكمالية الإنسانية .
والكلّ أمّهات الشؤون الذاتية ، وللحقيقة العينيّة الذاتية الإحاطة والإطلاق ، فهذه الكلم هي الكلم التي أوتيها محمّد صلَّى الله عليه وسلَّم فجمعها ببرزخيته المذكورة .
قال رضي الله عنه  :  ( فأشبه الدليل في تثليثه ) .

يشير رضي الله عنه : إلى التثليث المذكور في أوّل الفصّ المحمدي الصالحي فتذكَّر ، وهذا التثليث يتضمّن التربيع - كما ذكرنا - فإنّ الدليل وإن كان مثلَّث الكيان ، فإنّه مربّع الكيفية ، وقد ذكر ، فلا نعيد ، فاذكر .
قال رضي الله عنه  : ( والدليل دليل لنفسه ) أي دلالته ذاتية له وهي أيضا ثلاثية ، إذ لا بدّ من دليل ومدلول ودلالة .

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( كانت حكمته فردية لأنه أكمل موجود في هذا النوع الإنساني، ولهذا بدئ به الأمر وختم: فكان نبيا وآدم بين الماء و الطين، ثم كان بنشأته العنصرية خاتم النبيين.
وأول الأفراد الثلاثة، وما زاد على هذه الأولية من الأفراد فإنها عنها.
فكان عليه السلام أدل دليل على ربه، فإنه أوتي جوامع الكلم التي هي مسميات أسماء آدم، فأشبه الدليل في تثليثه، و الدليل دليل لنفسه.)

 27 - فص حكمة فردية في كلمة محمدية

إنما خصت الكلمة المحمدية بالحكمة الفردية ، لأنه صلى الله عليه وسلم أول التعينات الذي تعين به الذات الأحدية قبل كل تعين فظهر به من التعينات الغير المتناهية ، وقد سبق أن التعينات مرتبة ترتب الأجناس والأنواع والأصناف والأشخاص مندرج بعضها تحت بعض ، فهو يشمل جميع التعينات ، فهو واحد فرد في الوجود لا نظير له إذ لا يتعين من يساويه في المرتبة ليس فوقه إلا الذات الأحدية المطلقة المتنزهة عن كل تعين وصفة واسم ورسم وحد ونعت فله الفردية مطلقا ، ولشموله كل تعين سماه الشيخ أيضا لمعنى هذا الفص:
فص الحكمة الكلية ، ولا فرق بينهما إلا بالاعتبار ، فإن هذا التعين بالنسبة إلى سائر التعينات كلى الكليات ، وقد مر في الفص الموسوي أن الأنبياء لهم التعينات الكلية ، وقد يتناول حتى التعينات الشخصية ، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام في حديث القيامة « إنه يجيء النبي ومعه الرهط والنبي ومعه الرجلان والنبي ومعه الرجل الواحد والنبي وليس معه أحد » فله الجمعية المطلقة ، ولذلك جاء في حقه وحق أمته 
"وكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ ويَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً " وجاء أيضا "وما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ " ،  "وما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ " .
ولا شك أن الحق تعالى له إلى كل تعين نسبة مخصوصة تلك النسبة مع الذات اسم من أسماء الله تعالى يرتبط به هذا الشخص المتعين باللَّه تعالى يربيه به ، فمن هذا يعلم أن الاسم الأعظم لا يكون إلا مع نبينا محمد صلى الله عليه وسلم دون غيره من الأنبياء ، ومن فرديته يعلم سر قوله : « كنت نبيا وآدم بين الماء والطين » وكونه خاتم النبيين وأول الأولين وآخر الآخرين ومن كليته وجمعيته سر قوله :
« أوتيت جوامع الكلم » وكونه أفضل الأنبياء فإنهم في التصاعد وسعة الاستعداد والمرتبة ينتهون إلى التعين الأول ولا يبلغونه ، وسر اختصاصه بالشفاعة إلى غير ذلك من خصائصه .
(وإنما كانت حكمته فردية لأنه أكمل موجود في هذا النوع الإنسانى فلهذا بدىء الأمر به وختم فكان نبيا وآدم بين الماء والطين ، ثم كان بنشأته العنصرية خاتم النبيين ) علل الشيخ فرديته بكونه أكمل أفراد النوع الإنسانى ، لأن الأكمل جامع للأحد والشفع والوتر ، أما الأحد فلأن هذا التعين عين الذات الأحدية أعنى عين المتعين لا زائد عليه إلا في التعقل ، فإنه تعين بعلمه بذاته فلا يكثر إلا بالاعتبار ،
ولا شك أن هذا الاعتبار شفع الأحدية فجعلها الواحدية وهي الوترية التي هي بالتثليث ( وأول الأفراد الثلاثة ) فتحقق أن أول التثليث الاعتباري إنما هو بالعلم والعالم والمعلوم ، ومظهره في الوجود هو هذا الأكمل بجامع الأحدية والشفعية والوترية : أي الواحدية التي هي الذات والصفة والاسم ، وتسمى باصطلاحهم : حقيقة الحقائق الكبرى ، والبرزخ الجامع ، وآدم الحقيقي ، والعين الواحدة .
"" أضاف بالي زاده :-
وأوله الإفراد : أي أول ما يوجد من الفردية الثلاثة : وهي الأحدية الذاتية ، والأحدية الصفاتية ، والحقيقة المحمدية . أهـ بالى زاده  ""

قال رضي الله عنه :  ( وما زاد على هذه الأولية من الأفراد فإنه عنها ، فكان صلى الله عليه وسلم أدل دليل على ربه ، فإنه أوتى جوامع الكلم التي هي مسميات أسماء آدم )
يعنى مسميات الأسماء التي علمها الله آدم ، والكلمات الإلهية وإن كانت لا تنفد فإنها لا تتناهى لكنها تنحصر مع لا تناهيها في أمهات ثلاث ،
أولها : الحقائق والأعيان الفعلية الوجوبية الإلهية.
والثانية : الحقائق الانفعالية الكونية المربوبية .
والثالثة : الحقائق الجمعية الكمالية الإنسانية ، والكل أمها الشؤون الذاتية والحقيقة العينية الذاتية الإحاطية ، فهذه الكلمة جوامع الكلم التي أوتيها محمد صلى الله عليه وسلم فجمعها بالبرزخية المذكورة ( فأشبه الدليل في تثليثه ) يعنى ما ذكر في الفص الصالحي من تثليث الدليل ( والدليل دليل لنفسه ) أي دلالته ذاتية له ، ولهذا كان عليه الصلاة والسلام مظهر الاسم الهادي ، والحقيقة هو الهادي وهي المهدى فهو دليل لنفسه على نفسه .

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( كانت حكمته فردية لأنه أكمل موجود في هذا النوع الإنساني، ولهذا بدئ به الأمر وختم: فكان نبيا وآدم بين الماء و الطين، ثم كان بنشأته العنصرية خاتم النبيين.  وأول الأفراد الثلاثة، وما زاد على هذه الأولية من الأفراد فإنها عنها.
فكان عليه السلام أدل دليل على ربه، فإنه أوتي جوامع الكلم التي هي مسميات أسماء آدم، فأشبه الدليل في تثليثه، و الدليل دليل لنفسه.)

27 - فص حكمة فردية في كلمة محمدية
وفي بعض نسخ الشيخ : ( فص حكمة كلية ) . إنما كانت حكمته ( فردية ) لانفراده بمقام الجمعية الإلهية الذي ما فوقه إلا مرتبة الذات الأحدية ، لأنه مظهر الاسم ( الله ) ، وهو الاسم الأعظم الجامع للأسماء والنعوت كلها .
ويؤيده تسمية الشيخ لهذه الحكمة بالحكمة ( الكلية ) ، لأنه جامع لجميع الكليات والجزئيات .
لا كمال للأسماء إلا وذلك تحت كماله ولا مظهر إلا وهو ظاهر بكلمته .
وأيضا ، أول ما حصل به الفردية إنما هو بعينه الثابتة ، لأن أول ما فاض بالفيض الأقدس من الأعيان هو عينه الثابتة ، وأول ما وجد بالفيض المقدس في الخارج من الأكوان روحه المقدس .
كما قال رضي الله عنه  : ( أول ما خلق الله نوري ) .

فحصل بالذات الأحدية والمرتبة الإلهية وعينه الثابتة الفردية الأولى ولذلك قال رضي الله عنه :

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( إنما كانت حكمته فردية لأنه أكمل موجود في هذا النوع الإنساني ، ولهذا بدئ به الأمر وختم : فكان نبيا وآدم بين الماء والطين . ثم ، كان بنشأته العنصرية خاتم النبيين . ) وإنما كان أكمل موجود في هذا النوع الإنساني ، لأن الأنبياء ، صلوات الله عليهم أجمعين ، أكمل هذا النوع ، وكل منهم مظهر لاسم كلي ، وجميع الكليات داخل تحت الاسم الإلهي الذي هو مظهره ، فهو أكمل أفراد هذا النوع .

ولكونه أكمل الأفراد ، بدئ به أمر الوجود بإيجاد روحه أولا ، وختم به أمر الرسالة آخرا بل هو الذي ظهر بالصورة الآدمية في المبدئية ، وهو الذي يظهر بالصورة الخاتمية للنوع . ويفهم هذا السر من يفهم سر الختمية فلنكتف بالتعريض عن التصريح . والله هو الولي الحميد .

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأول الأفراد الثلاثة ، وما زاد على هذه الأولية ) أي ، على هذه الفردية الأولية التي هي الثلاثة ( من الأفراد فإنه عنها . ) وهذه الثلاثة المشار إليها في الوجود هي الذات الأحدية ، والمرتبة الإلهية ، والحقيقة الروحانية المحمدية المسماة ب‍ ( العقل الأول ) .
وما زاد عليها هو صادر منها . كما هو مقرر أيضا عند أصحاب النظر أن أول ما وجد هو العقل الأول .

قال الشيخ رضي الله عنه :  (فكان ، عليه السلام ، أدل دليل على ربه ، فإنه أوتى جوامع الكلم التي هي مسميات أسماء "آدم " ) أي ، وإذا كان الروح المحمدي ، صلى الله عليه وسلم ، أكمل هذا النوع ، كان أدل دليل على ربه ، لأن الرب لا يظهر إلا بمربوبه ومظهره ، وكمالات الذات بأجمعها إنما يظهر بوجوده ، لأنه أوتى جوامع الكلم التي هي أمهات الحقائق الإلهية والكونية الجامعة لجزئياتها .
وهي المراد بمسميات أسماء آدم ، فهو أدل دليل على الاسم الأعظم الإلهي ( فأشبه الدليل في تثليثه . )
أي ، صار مشابها للدليل في كونه مشتملا على التثليث . وهو الأصغر ، والأكبر ، والحد الأوسط . (والدليل دليل لنفسه ) اللام  للعهد .
أي ، هذا الدليل الذي هو الروح المحمدي هو دليل على نفسه في الحقيقة ، ليس بينه وبين ربه امتياز إلا بالاعتبار والتعين ، فلا غير ليكون الدليل دليلا له .
 
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ
:
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( كانت حكمته فردية لأنه أكمل موجود في هذا النوع الإنساني، ولهذا بدئ به الأمر وختم: فكان نبيا وآدم بين الماء و الطين، ثم كان بنشأته العنصرية خاتم النبيين. وأول الأفراد الثلاثة، وما زاد على هذه الأولية من الأفراد فإنها عنها.
فكان عليه السلام أدل دليل على ربه، فإنه أوتي جوامع الكلم التي هي مسميات أسماء آدم، فأشبه الدليل في تثليثه، و الدليل دليل لنفسه.)

الفصّ المحمدي
27 - فص حكمة فردية في كلمة محمدية
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( إنّما كانت حكمته فرديّة لأنّه أكمل موجود في هذا النّوع الإنسانيّ ، ولهذا بدأ به الأمر وختم ، فكان نبيّا وآدم بين الماء والطّين ، ثمّ كان بنشأته العنصريّة خاتم النبيّين ، وأوّل الأفراد الثّلاثة ، وما زاد على هذه الأوّليّة من الأفراد فإنّها عنها ، فكان صلّى اللّه عليه وسلّم أدلّ دليل على ربّه ، فإنّه أوتي جوامع الكلم الّتي هي مسمّيات أسماء آدم فأشبه الدّليل في تثليثه ، والدّليل دليل لنفسه ) .
أي : ما يتزين به ، ويكمل العلم اليقيني المتعلق بجميع الكمالات التي أولها الفردية الأولى ، ظهر ذلك العلم بزينته وكماله في الحقيقة الجامعة المنسوبة إلى سيد الكائنات محمد المصطفى صلّى اللّه عليه وسلّم وعلى آله وسلم ؛ لكونه أجمع لكمالات الأولين والآخرين من الرسل والأنبياء والملائكة والأولياء ؛ فلذلك وقع في بعض النسخ حكمة كلية ؛
"" أضاف المحقق :
(إنما اختصت الكلمة المحمدية بالحكمة الفردية ؛ لأنه صلّى اللّه عليه وسلّم أول التعينات الذي تعين به الذات الأحدية قبل كل تعين فظهر به من التعينات الغير المتناهية ، وقد سبق أن التعينات مرتبة ترتيب الأجناس والأنواع والأصناف والأشخاص مندرج بعضها تحت بعض ؛ فهو يشمل جميع التعينات . ) القاشاني ""

وإليه الإشارة بقوله : ( إنما كانت حكمته ) ، أي : العلم المختص به ( فردية ) ؛ لأنها جمعية ، وأولها الفردية الأولى ، وإنما كانت حكمته جمعية ؛ ( لأنه أكمل موجود في هذا النوع الإنساني ) الذي هو أكمل أنواع الموجودات ، فهو في أقصى مراتب جمع الكمالات ؛
( ولهذا ) أي : ولكونه في أقصى مراتب جمع الكمالات ، وهي مطلوبة بالذات ، ( بدئ به الأمر ) ، أي : أمر الكمالات الإنسانية من النبوة والولاية النبوية والرسالة ( وختم ) به ؛ لأنه لما كان مطلوبا بالذات كان صلة غائية ، ومن شأنها التقدم في الذهن ، والتأخر في الخارج ،
( فكان ) باعتبار روحه الجامع للكمالات ( نبيّا ) ، واكتفي بذكره عن ذكر اللازم وهو الولاية ، ولم يذكر الرسالة ؛ لأنها باعتبار انتسابها إلى المبعوث إليهم تتوقف عليهم ، ( وآدم بين الماء والطين ) ، أي : لا ماء ولا طينا ، فإن المتوسط من الأمرين لا يكون عين أحدهما ؛ وذلك لأن نبوته ذاتية ككمالاته بخلاف كمالات غيره ، فتوقفت نبوته على شرائط .

( ثم ) أي : بعد كونه نبيّا ، وآدم بين الماء والطين ، ( كانت نشأته العنصرية ) التي بها آخريته ( خاتم النبيين ) قبل الوحي وبعد ، لكن إنما اشتهرت نبوته عند الوحي ؛ ولذلك لم  تعتبر العامة ما قبل ذلك ، فحصلت الجمعية بين أولية النبوة وآخريتها ، وهي مرتبة ثالثة ، ( وأول الأفراد ) أي : الأعداد المفردة ، وهي التي لا تنقسم بالمتساويين ( الثلاثة ) ، فكانت حكمته فردية ، وجمعيته وإن زادت على هذه الفردية الثلاثية ، فهي الأصل ؛
لأن ( ما زاد على هذه الفردية الأولية من الأفراد ) أي : الآحاد فإنه ناشز عنها ، فإنه لولا الجمعية لم ينضم فرد إلى آخر ، وقد ناسب بهذه الفردية فردية الحق في جمعه بين الذات والصفات والأسماء ، وقد زاد عنها الأفعال ، ( فكان أدل دليل على ربه ) لظهوره بجميع ذلك فيه ، والدليل عليه جمعية كلمته ؛ لأنها عن كمال العلم ، وهو بمشاهدة المعلومات بمرآة الحق الموجبة لكمال تجليه ، ( فإنه « أوتي جوامع الكلم")، رواه ابن حبان

كما ورد به الخبر ، وهي جامعة الأسماء آدم التي فضل بها الملائكة ؛ لدلالتها على الحقائق ( التي هي مسميات أسماء آدم ) ، لكنه عليه السّلام علمها بالألفاظ المتفرقة ، ونبينا عليه السّلام علمها بالألفاظ الجامعة لكمال جمعيته ، ولما كان أدل دليل على ربه باعتبار هذه الفردية ، ( فأشبه الدليل ) النظري ( في تثليثه ) من تركبه من أصغر وأوسط وأكبر ، أو من ملزوم ولازم واستثناء ، أو من متعاندين واستثناء ، أو من أصل وفرع وجامع ، أو من كلي وأكثر جريانه وحكمها .
( والدليل دليل لنفسه ) ؛ لأنه عبارة عن المركب من أقوال متى سلمت لزم عنها لذاتها قول آخر ، فكانت نبوته التي عن هذه الدلالة أيضا لنفسه ، وكذا الولاية إلا أنها لما كانت لخاتم الأولياء في الظاهر نسبت إليه ، وجعلت كأنها ذاتية له مع أنها دون رسالة الرسل التي هي دون ثبوتهم التي هي دون ولايتهم .

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( كانت حكمته فردية لأنه أكمل موجود في هذا النوع الإنساني، ولهذا بدئ به الأمر وختم: فكان نبيا وآدم بين الماء و الطين، ثم كان بنشأته العنصرية خاتم النبيين.
وأول الأفراد الثلاثة، وما زاد على هذه الأولية من الأفراد فإنها عنها.
فكان عليه السلام أدل دليل على ربه، فإنه أوتي جوامع الكلم التي هي مسميات أسماء آدم، فأشبه الدليل في تثليثه، و الدليل دليل لنفسه.)

27 - فصّ حكمة فرديّة في كلمة محمديّة

 تسمية الفصّ وبيان خصوصيّات الفرد
اعلم إنّ الفرد هو العدد الجامع بين الواحد والكثير ، فأحديّته أحديّة جمع من تلك الكثرة المنطوي عليها ذلك العدد ، انطواء منبئا عن التفصيل والتمييز ، فإنّ الزوج منه وإن كان له الجمعيّة المذكورة ، ولكن الغالب فيه حكم الوحدة الوجوديّة والإجمال ، والفرد منه هو الغالب فيه ، الظاهر عليه حكم الكثرة العلمية والتفصيل العددي .
فإنّك قد عرفت في المقدّمة أنّ العدد هو الكاشف عن الحقائق بصورها الظاهرة سمعا وبصرا ، كشفا ختميّا منبئا عن التفصيل كنهه وهو المعبّر عنه بإراءة الأشياء كما هي - على ما هو مؤدّى دعائه في قوله : « أرنا الأشياء كما
هي » - فالفرد الذي له الوحدة الحقيقيّة الجامعة والأحديّة الذاتيّة الكاشفة هو الصالح لأن يوصف ويتبيّن به الحكمة التي في الكلمة الختميّة المحمديّة ، على ما يلوّحك على ذلك ما نبّهت عليه عند الكلام على فهرست الكتاب ونضد فصوصه .

وجه اختصاص الحكمة الفردية بالخاتم صلَّى الله عليه وآله
وأيضا الفرد في أصل اللغة هو الذي لا يختلط به غيره ، فهو أخصّ من الواحد ، فإنّه الواحد الخاصّ الذي له الإحاطة الكلَّية ، بحيث لا يمكن أن يختلط به ما هو غيره من أحديّة جمعيّته الذاتيّة ، فالحكمة التي تتّصف بالفرديّة هو الذي لأكمل الموجودات ،
وإليه أشار بقوله : ( إنما كانت حكمته فرديّة لأنّه أكمل موجود في هذا النوع الإنساني ) الذي هو أكمل الأنواع ، فإنّ الكمال بحسب الجمعيّة الأسمائيّة ، فكلّ ما هو أجمع آثارا وأحكاما للأسماء فهو أقرب إلى الذات وأكمل وبيّن أنّ الجمعيّة التي في الإنسان ليست لغيره من الأنواع وكذلك شخص الخاتم منه ، فإنّ نسبته إلى غيره من الأشخاص كنسبة نوعه إلى الأنواع ، كما عرفت تحقيقه في المقدّمة ، فهو لجمعيّته الكماليّة أكمل الموجودات وأقربها نسبة إلى الذات .

( ولهذا بدء به الأمر وختم ) فإنّك قد عرفت في غير موضع من هذا الكتاب أنّ الآخر لا بدّ وأن يكون عين الأول بالذات ووجه تحقيقه هاهنا وتطبيقه على ما نحن فيه ، أنّ الخاتم بحقيقته التي هي البرزخ الجامع بين الواحد والأحد ، يظهر به سائر الموجودات بخصائصها وتعيّناتها ، وكأنّك قد اطَّلعت على ذلك مرارا وبيّن أنّ النبيّ إنّما هو مظهر للأشياء بخصوصيّاتها وأحكامها.

خاتم وآدم
( فكان ) الخاتم ( نبيّا ) مظهرا للأشياء على ما هي عليه ، آتيا بجوامع مسمّياتها ، ( وآدم ) حينئذ في تفرقة الأسماء ، ما تمّ مزاجه الجمعيّ بعد ، بل إنّما ظهرت منه نسبة ( بين الماء ) الذي هو صورة معلوميّته في حضرة العلم ، الذي عبّر عن ظاهره بالإمكان ، ( والطين ) الذي هو صورة عنصريّته الأصليّة ، وقابليّته الذاتيّة ، التي صورتها الوجود المعبّر عن ظاهره بالوجوب .
فآدم بين قاب قوسي الوجوب والإمكان ، وخاتم بنقطة النطق الإنبائي أقرب وأدنى من أن يسع فيه التمايز والتقابل ، وبذلك القرب تمكَّن أن يكون في كنه البطون منبئا عن غاية الظهور والإظهار .
هذا بأحد الاعتبارين منه . فأما بالآخر منها فيكون فيه كاشفا عن تمام الشعور والإشعار .
والأول مقتضى خصوص النبوّة والثاني خصوص الولاية ومن ثمّة قيل :
إنّ خاتم الولاية يقول : "كنت وليّا وآدم بين الماء والطين " - كما صرّح به صاحب المحبوب - وفي لفظ المصنف إشعار بهذا التفصيل ، حيث أورد الخاتم بإطلاقه .
( ثمّ ) إذا استعدّت الطينة العنصريّة الآدميّة بكمال الامتزاج الوحداني الاعتدالي لأن يظهر فيها تلك الحقيقة ، ظهرت بها ، و ( كان بنشأته العنصريّة خاتم النبيّين ) فالنبوّة له في الطرفين ، أولا وآخرا ، وما بينهما مما ينطوي تحت برزخيّة الجامعة من الحقائق الأسمائيّة الدالة هو آدم ، الذي هو مصدر صارت تسعة ، وهي منتهى الأفراد ،

وحصولها إنّما هي عنها عند دورانها بنفسها على نفسها ، وهي منطوية على ما دونه من الأفراد ( فظهر أنّ ) الثلاثة بين الأفراد والأعداد لها الأكمليّة الختميّة باستجماعها صورتي بدء الكثرة التفصيليّة وختمها وبيّن أنّ هذه الأكمليّة للثلاثة إنّما هي من وصف أوليتها المستتبعة للآخريّة ، ولذلك أشار إليه في عبارته حيث قال : « وما زاد على هذه الأوليّة » علم أنّ الثلاثة - من الأفراد والأعداد الدالَّة على الحقائق بخصائصها - هو أوضح دليل على الواحد الحقيقي ، الذي هو الأول والآخر .

كان الخاتم صلَّى الله عليه وآله أول دليل على ربّه
( فكان - عليه الصلاة والسلام - أدلّ دليل على ربّه ) ، فتبيّن وجه اختصاص الكلمة بحكمتها .
وأمّا بيان أنّه صلَّى الله عليه وسلَّم أدل دليل على ربه : ( فإنّه أوتي ) جوامع الكلم ، المعربة عن الإجمال والتفصيل ، الكاشفة عن التنزيه في عين التشبيه ولذلك تراه قد أعرب عن أحديّة الجمع في عين التفرقة التي من أفعاله وأقواله ، وأظهر كنه بواطن الكلّ في ظواهر الكلم ،

وهو المشار إليه بقوله : ( جوامع الكلم التي هي مسمّيات أسماء آدم ) فإنّه إنّما ظهر بصور الكلم عند تعليم الأسماء التي لها ظاهرا ، وخاتم إنّما ظهر بحقائقها وخصوصيّاتها الكماليّة التي لسائر الأنواع والأشخاص ، ظهورا وإظهارا ، شعورا وإشعارا ، فهو الآتي بجوامع خصوصيّات الكلم بالإنباء عن خصوصيات مراتب الكمّل منها ، وذلك هو المشار إليه بمسمّيات أسماء آدم ، أي الأسماء الذي تفرّد آدم بتعليمها فالكلم هاهنا على عرفه المعروف من مطلع الكتاب .

ثمّ إنّ جامعيّة الكلم على ما ظهر إنّما يتمّ باحتياز الأسماء ومسمّياتها ، والجمعيّة التي هي عبارة عن خصوصيّة كلّ منها بمسمّاه ، ومن هاهنا قال : ( فأشبه الدليل ) أيضا ( في تثليثه ) الذي له في النشأة البدئيّة والختميّة والبرزخية الآدميّة ، كما وقفت عليه .

ثم يمكن أن يقال هاهنا : « إذا كان صلَّى الله عليه وسلَّم جامعا بين بدء الوجود وختم الإظهار وما بينهما من الجمعيّة الآدميّة ، فأين المدلول الذي هو دليل عليه » ؟
أشار إلى دفعه بلسان الإجمال قائلا: ( والدليل دليل لنفسه ) لا مجال للتفرقة والتفصيل ، النافيين للجمع والإجمال عند الفحص عما عليه الحقيقة الختميّة ، كما عرفت تحقيقه مرارا .

ثمّ هاهنا تلويحا حكميّا ، وهو أنّ أحديّة الجمع التي هي خصوصيّة الكمال الختميّ كما عرفت تقتضي التثليث لذاتها ، وذلك لأنّ الجمع إنّما يتحقّق بالاثنين ، وأحديّته هو الثالث الذي يثّلثه .
ومن هاهنا ترى « الختم » هو صورة « الجيم » بعينه ، غير أنّه ظهر فيه ما بطن في الجيم من النقط الثلاث التي هي صورة أحديّة الجمع - فلا تغفل .
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( كانت حكمته فردية لأنه أكمل موجود في هذا النوع الإنساني، ولهذا بدئ به الأمر وختم: فكان نبيا وآدم بين الماء و الطين، ثم كان بنشأته العنصرية خاتم النبيين.
وأول الأفراد الثلاثة، وما زاد على هذه الأولية من الأفراد فإنها عنها.
فكان عليه السلام أدل دليل على ربه، فإنه أوتي جوامع الكلم التي هي مسميات أسماء آدم، فأشبه الدليل في تثليثه، و الدليل دليل لنفسه.)  
الفصّ المحمدي
27 - فص حكمة فردية في كلمة محمدية
قال رضي الله عنه :  ( إنّما كانت حكمته فرديّة لأنّه أكمل موجود في هذا النّوع الإنسانيّ ، ولهذا بدئ به الأمر وختم ، فكان نبيّا وآدم بين الماء والطّين ، ثمّ كان بنشأته العنصريّة خاتم النبيّين . وأوّل الأفراد الثّلاثة ، وما زاد على هذه الأوّليّة من الأفراد فإنّها عنها .)

فص حكمة فردية في كلمة محمدية
لا حاجة لنا أن نشتغل ببيان جهة توصيف الحكمة المنسوبة إلى كلمته صلى اللّه عليه وسلم بالفردية ، لأن الشيخ رضي اللّه عنه كفي مؤنة هذا الشغل عنا فقال : ( إنما كانت حكمته فردية ) لتفرده بالأكملية ( لأنه أكمل موجود في هذا النوع الإنساني ) ، فإن الكاملين في هذا النوع هم الأنبياء صلوات اللّه عليهم أجمعين وكل منهم مظهر لاسم كلي وجميع الأسماء الكلية داخلة تحت الاسم اللّه الذي هو مظهره فهو أكمل هؤلاء الكاملين ( ولهذا ) ، أي لكونه أكمل النبيين ( بدىء به الأمر ) ، أي أمر النبوة ( وختم ) به ما بدئ به بحسب روحانيته ( وكان نبيا وآدم بين الماء والطين ) « 1 » ، رواه الحاكم في المستدرك والطبراني في الكبير وابن أبي شيبة في مصنفه
أي بين الروح والجسد وقيل : بين الصورة العلمية التي هي عينه الثابتة وبين صورته العنصرية ( ثم كان بنشأته العنصرية خاتم النبيين ) ثم يشير رضي اللّه عنه إلى وجه آخر في توصيف حكمته صلى اللّه عليه وسلم بالفردية فنقول :
( وأول الأفراد ) ، أي الأفراد العددية ( الثلاثة ) ، فإن الواحد ليس عددا ( وما زاد على هذه الأولية ) ، أي على هذه الثلاثة التي لها الأولية ( من الأفراد فإنه ) ، أي ما زاد عليها فهو متفرع ( عنها ) ، فإن الخمسة متفرعة عنها بإضافة جزأين منها إلى نفسها والسبعة من الخمسة المتفرعة عنها بإضافة جزأين منها إلى نفسها والتسعة بضرب الثلاثة في نفسها وهكذا إلى ما لا نهاية لها ، وكذلك نبينا صلى اللّه عليه وسلم من حيث روحه وجسمه وحقيقته الكلية الجامعة لهما أول الأفراد الوجودية وسائر الأفراد متفرعة عنها إذ الكل أجزاء وتفاصيل له

قال رضي الله عنه :  (فكان صلى اللّه عليه وسلم أدلّ دليل على ربّه ، فإنّه أوتي جوامع الكلم الّتي هي مسمّيات أسماء آدم . فأشبه الدّليل في تثليثه . والدّليل دليل لنفسه . )

 ( فكان عليه السلام ) مع فرديته الأولية التي هي الثلاثة ( أدل دليل على ربه ، فإنه أوتي جوامع الكلم التي هي ) أمهات الحقائق الإلهية والكونية الجامعة لجزئياتها كما هي ( مسميات أسماء آدم ) ، أي الأسماء التي علمها آدم ، أي أودعها في الحقيقة النوعية الإنسانية فهو أول دليل على ربه ، فإن كل دليل يكون غيره فهو جزء من أجزائه ( فأشبه ) صلى اللّه عليه وسلم ( الدليل في ) دلالته ( تثليثه ) أما دلالته وتثليثه صلى اللّه عليه وسلم فقد عرفتهما ، وأما الدليل فدلالته على مدلوله ، وأما تثليثه فباعتبار الأصغر والأكبر والحد الأوسط ، فهو صلى اللّه عليه وسلم فرد آخر فقوي فيه معنى الفردية ؛ فلذلك وصف حكمته بالفردية ، ولما شبه صلى اللّه عليه وسلم بالدليل فرّع على هذا التشبيه أمرا آخر فقال : ( والدليل ) ، أي دليل كان فإنما هو ( دليل لنفسه ) ، أي دلالته على مدلوله ذاتية لا يحتاج فيها إلى ما سواه ، وكذلك دلالته صلى اللّه عليه وسلم ذاتية لا احتياج له فيها إلى غيرها بخلاف سائر الموجودات ، فإنه لا يجيء منها شيء من غير استمداد منه ، ثم فرع رضي اللّه عنه على فرديته صلى اللّه عليه وسلم أمرا آخر
.
واتساب

No comments:

Post a Comment