Monday, April 13, 2020

السفر السابع والعشرون فص حكمة فردية في كلمة محمدية الفقرة الخامسة والثلاثون  .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر السابع والعشرون فص حكمة فردية في كلمة محمدية الفقرة الخامسة والثلاثون .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر السابع والعشرون فص حكمة فردية في كلمة محمدية الفقرة الخامسة والثلاثون  .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة الخامسة والثلاثون :-
نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص الشيخ عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :

27 – شرح نقش فص حكمة فردية في كلمة محمدية 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( معجزته القرآن . والجمعية إعجاز على أمر واحد لما هو الإنسان عليه ).

إنّما خصّت الكلمة المحمّدية بالحكمة الفردية لأنّه صلّى الله عليه و سلم أوّل التعيّنات الذي تعيّن به الذات الأحدية قبل كل تعيّن تظهر به من التعيّنات الغير المتناهية. وهذه التعيّنات مترتّبة ترتّب الأجناس و الأنواع و الأصناف والأشخاص، مندرج بعضها تحت بعض. فهو يشمل جميع التعيّنات.
فهو واحد فرد في الوجود، لا نظير له، إذ لا تعيّن يساويه في المرتبة، و ليس فوقه إلّا الذات الأحدية المطلقة المنزّهة عن كلّ تعيّن وصفة و اسم و رسم و حدّ و نعت.
فله الفردية مطلقا. وأيضا أوّل ما حصل به الفردية إنّما هو بعينه الثابتة، لأنّ أوّل ما فاض بالفيض الأقدس من الأعيان هو عينه الثابتة.
فحصل بالذات الأحدية والمرتبة الإلهية وعينه الثابتة الفردية الأولى.
و توصيف هذه الحكمة ب «الكلية»، كما وقع في بعض نسخ الفصوص، لشمول التعيّن الأوّل- الذي هو حقيقته عليه السلام- كلّ التعيّنات.
اعلم أنّ الحقائق العلمية إن كانت معتبرة لا بأحوالها، تسمّى "حروفا غيبية"، و مع أحوالها، «كلمات غيبية»، والوجودية بلا أحوالها، "حروفا وجودية"، ومعها، «كلمات وجودية»، فالدالّة منهما على جملة مفيدة، "آية"، والبعض الجامع لتلك الجمل، «سورة»، ومجموع المقولات أو الموجودات باعتبار التفصيل، "فرقانا"، و باعتبار الجمع، «قرآنا».
ولجمعيتها في الإنسان الكامل سمّى نفسه أيضا «قرآنا»، وعبارتها الواردة عليه من الحق أيضا "قرآنا".

إذا عرفت هذا، فنقول، (معجزته) الدالّة على نبوّته صلّى الله عليه و سلم هي القرآن، الذي هو نفسه و حقيقته باعتبار جمعيتها الحقائق كلها، أو العبارة الدالّة على تلك الجمعية الواردة عليه صلّى الله عليه وسلم من الحق سبحانه.
وأيّا ما كان، فهو معجز، فانّه ليس لحقيقة من الحقائق هذه الجمعية، لأنّ الحقائق كلها داخلة تحت الحقيقة المحمّدية دخول الجزء تحت الكل، ولا لكتاب من الكتب الدلالة على تلك الجمعية، فانّ القرآن أحدية جمع جميع الكتب الإلهية.
وقد ورد عن النبي صلّى الله عليه وسلم أنّه قال، «أنزل الله مائة و أربع كتب من السماء.


قال الشيخ رضي الله عنه :  (من الحقائق المختلفة . كالقرآن بالآيات المختلفة بما هو كلام الله مطلقاً . وبما هو كلام الله . وحكاية الله . فمن كونه كلام الله مطلقاً هو معجز . وهو الجمعية .
وعلى هذا يكون جمعية الهمة : " وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ " [التكوير : 22] .
فما بخل بشيءٍ).

فأودع علوم المائة في الأربع، وهي التورية والإنجيل والزبور والفرقان.
ثمّ أودع علوم هذه الأربع في القرآن. ثمّ أودع علوم القرآن في المفصّل من سوره.
ثمّ أودع علوم المفصّل في الفاتحة. فمن علم تفسير الفاتحة، علم تفسير جميع كتب الله المنزلة. ومن قرأها، كأنّما قرأ التورية والإنجيل والزبور والفرقان.  اورده السيوطي الدر المنثور

و لمّا كانت جمعية الهمّة من بعض بطون معنى القرآن- كما وقعت الإشارة إليه في الفص الموسوي- أراد رضى الله عنه أن ينبّه على أنّ تلك الجمعية أيضا إعجاز، فقال، (والجمعية اعجاز على أمر واحد) ، أي جمعية الهمّة على أمر واحد إعجاز، (لما هو الإنسان عليه من الحقائق المختلفة) و القوى المتعدّدة المتكثّرة الروحانية أو الجسمانية.

و لكل من تلك الحقائق و القوى اقتضاء خاصّ و حكم متعيّن يغاير أحكام ما عداه.
فالجمعية التي هي استهلاك تلك الكثرة في الوحدة أمر خارق لعادة الجمهور، فهو إعجاز.

والإنسان المتكثّر بحقائقها المختلفة (كالقرآن) المتكثّر (بالآيات المختلفة)، أي المنقسم، ( بما هو كلام الله‏ مطلقا)، أي من غير أن يكون حكاية عن كلام أحد حكاية لفظية، (و بما هو كلام الله) من حيث أنّه سبحانه تكلّم به، و لكنّه في الحقيقة ليس كلام الله، بل (حكاية الله) عن كلام متكلّم آخر. حكاية لفظية.


(فمن كونه)، أي فالقرآن من حيث كونه، (كلام الله مطلقا هو معجز)، لا من حيث أنّ بعضه كلام متكلّم آخر حكاه الله سبحانه بلفظه، فانّه ليس يلزم أن يثبت له الاعجاز من هذه الحيثية.
(وهو)، أي كون القرآن المتكثّر بآياتها المختلفة متّحدا في كونه كلام الله هو، (الجمعية)، التي تستلزم الاعجاز.
(و على هذا)، أي على طريق تلك الجمعية، يكون جمعية الهمة للإنسان بحقائقها المختلفة. فكما أنّ تلك الجمعية إعجاز، فكذلك جمعية الهمّة، لما عرفت.
قال تعالى، «وَ ما صاحِبُكُمْ»، يعنى محمّدا صلّى الله عليه و سلم، «بِمَجْنُونٍ»،


قال الشيخ رضي الله عنه :  ( مما هو لكم ولا " بِضَنِينٍ " . أي ما يتهم في أنه بخل بشيءٍ من الله هو لكم . الخوف مع الضلال قال : " مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى " [النجم : 2] . )

من «الجنون» بمعنى الستر، (أي ما ستر عنه شي‏ء)، إذ "لا يعزب عن علمه مثقال ذرّة في الأرض" و لا في السماء من حيث حقّيّته،
وإن كان يقول، «أنتم أعلم بأمور دنياكم» من حيث بشريته. رواه مسلم
وذلك لأنّ الحقيقة المحمّدية- التي هي صورة الاسم الجامع الإلهي- هي التي تربّ صور العالم كلها بالربّ الظاهر فيها الذي هو ربّ الأرباب.
فلا بدّ لها من الاتّصاف بالصفات الإلهية كلها من العلم الشامل و القدرة الكاملة و غيرهما، ليتصرّف بها في أعيان العالم على حسب استعداداتها، ولكنّ ذلك إنّما هو من جهة حقّيّتها، لا من جهة بشريتها، فانّها من تلك الجهة عبد مربوب محتاج إلى ربّها، كما نبّه سبحانه على هذه الجهة بقوله، قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى‏ إِلَيَّ، وعلى الجهة الأولى بقوله، وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَ لكِنَّ الله رَمى‏، فأسند رميه إلى الله.
والحاصل أنّ ربوبيته للعالم بالصفات الإلهية التي له من حيث مرتبته، وعجزه و مسكنته وجميع ما يلزمه من النقائص الامكانية من حيث بشريته، الحاصلة من التقيّد والتنزّل إلى العالم السفلى، ليحيط بظاهره بخواصّ العالم الظاهر وبباطنه بخواصّ العالم الباطن، فيصير مجمع البحرين ومظهر العالمين.

فنزوله أيضا كماله، كما أنّ عروجه إلى مقامه الأصلي كماله. فالنقائص أيضا كمالات باعتبار آخر يعرفها من تنوّر قلبه بالنور الإلهي.

"ولا بضنين"، من «الضنّ» وهو البخل أي ليس‏  صاحبكم صلّى الله عليه و سلم ببخيل،
(فما بخل بشي‏ء مما هو لكم) ، أي بشي‏ء يكون من جملة ما ينبغي لكم و يقتضيه استعداداتكم.
(و لا بظنين)، من "الظنّ" بمعنى التهمة، كما وقع في بعض القراآت، (أي ما يتهم في أنه بخل بشي‏ء ) حاصل لديه (من) عند (الله هو لكم)، لأنّه صلّى الله عليه و سلم بربوبيته المذكورة أعطى كل ذى حق حقّه و أفاض عليه جميع ما احتاج إليه و استحقّه.

ثمّ إنّه (لما كان الخوف) لا يتحقّق إلّا (مع الضلال)، الذي هو الحيرة- فانّ الخوف عبارة عن انسلاخ القلب عن طمأنينة الأمن لتوقّع مكروه ممكن الحصول، و لا شكّ أنّ توقّع المكروه من غير جزم به حيرة و تردّد- فحيث أراد الله تعالى نفى الخوف عنه صلّى الله عليه و سلم، حكم بنفي الضلال عنه، كما (قال سبحانه، «ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَ ما غَوى‏» [النجم : 2].

و لكن ينبغي أن تعلم أنّ للضلال ثلاث مراتب: بداية و وسط و نهاية. و الضلال المنفي عنه صلّى الله عليه و سلم هو ما عدا المرتبة الأخيرة، فإنّ المرتبة الأخيرة هي مقامه صلّى الله عليه و سلم الذي طلب المزيد فيه بقوله، «ربّ زدني فيك تحيّرا»، كما أشار إليه رضى الله عنه بقوله،
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( أي ما خاف في حيرته لأنه من علم أن الغاية في الحق هي الحيرة فقد اهتدى فهو صاحب هدىً وبيانٍ في إثبات الحيرة .)
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين وسلم .

(أي ما خاف في حيرته)، التي هي المرتبة الأخيرة التي يتمنّاها الكمّل ولا يتعدّونها أبد الآباد.
وإنّما لم يخف صلّى الله عليه وسلم في هذه المرتبة  (لأنه)، أي لأنّ الشأن أنّه صلّى الله عليه و سلم علم أنّ الغاية القصوى في معرفة الحق هي الحيرة، و(من علم أن الغاية القصوى في) معرفة (الحق سبحانه هي الحيرة، فقد اهتدى) في حيرته إلى أنّها هي الغاية. و من اهتدى في حيرته إلى ذلك، (فهو صاحب هدى و بيان في اثبات الحيرة). و إنّها هي الغاية، فكيف يخاف فيها.
اعلم أنّ المرتبة الأولى من الضلال تختصّ بحيرة أهل البدايات من جمهور الناس، و حكم الثانية يظهر في المتوسّطين من أهل الكشف و الحجاب، و حكم الثالثة مختصّ بأكابر المحقّقين.

أمّا سبب  الحيرة الأولى العامّة، فهو كون الإنسان فقيرا طالبا بالذات، فلا يمرّ عليه نفس يخلو فيه من الطلب.
وذلك الطلب متعلّقه في نفس الأمر الكمال الذي هو غاية الطالب.
والغايات تتعيّن بالهمم و المقاصد و المناسبات الداعية الجاذبة. فما لم يتعيّن للإنسان وجهة يرجّحها أو مذهب أو اعتقاد يتقيّد به، بقي حائرا قلقا.
وأوّل مزيل لهذه الحيرة تعيّن المطلب المرجّح، ثمّ معرفة الطريق الموصل، ثمّ السبب المحصّل، ثمّ ما يمكن الاستعانة به في تحصيل الغرض، ثمّ معرفة العوائق و كيفية إزالتها. فإذا تعيّنت هذه الأمور، تزول هذه الحيرة.

ثمّ إنّ حال الإنسان بعد أن يتعيّن له وجهة، و يرجّح أمرا ما يراه الغاية، على ضربين: إمّا يستوعبه ذلك الأمر بحيث لا يبقى فيه فضلة يطلب بها المزيد، كما هو حال أهل الاعتقادات والنحل غالبا، أو يبقى فيه فضلة من صحو، فتراه مع ركونه إلى حال معيّن وأمر مخصوص يفحص أحيانا و يتلمّح، عساه يجد ما هو أتمّ ممّا أدرك. فان وجد ما أقلقه ونبّهه، انتقل إلى دائرة المرتبة الثانية.

وحاله في المرتبة الثانية كحاله فيما تقدّم من أنّه لا يخلو إمّا أن يكون في كلّ ما يحصل له مطمئنّا فاترا عن طلب المزيد، أو قد بقيت فيه فضلة تمنعه من الاستقرار، وسيّما إذا رأى المتوسّطين: قد تفرّقوا شيعا، وكل منهم يرى أنّه المصيب ومن وافقه و أنّ الغير في ضلالة.

ويرى مأخذ كل طائفة و متمسّكها، فلا يجده يقوم على ساق.
ويرى الاحتمال متطرّقا و النقوض واردة، فانّه يحار و لا يدرى أيّ المعتقدات أصوب في نفس الأمر.
فلا يزال حائرا حتّى يغلب عليه آخر الأمر حكم مقام ما من المقامات التي يستند إليه بعض أهل العقائد، فينجذب إليه و يطمئنّ، أو يفتّق له بالعناية أو بها وبصدقه في طلبه وجدّه في عزيمته وبذله المجهود الحجاب، فيصير من أهل الكشف.

و حاله في أوّل هذا المقام كحاله فيما سبق من أنّه إذا سمع المخاطبات العلية و عاين المشاهدات السنية و رأى حسن معاملة الحق معه و ما فاز به ممّا فات أكثر العالمين، هل يستعبده بعض ذلك أو كلّه، أو يبقى فيه بقية من غلّة الطلب.
فينظر في قوله تعالى:" وَ ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ الله إِلَّا وَحْياً أَوْ من وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ". [الشورى : 51]

وفي‏ أمثاله من الإشارات الربّانية والتنبيهات النبوية، فيتنبّه إلى أنّ كلّ ما اتّصل بالحجاب أو تعيّن بالواسطة، فللحجاب و الواسطة فيه حكم، لا محالة، فلم يبق على طهارته الأصلية.
فيتطرّق إليه الاحتمال، و سيّما إذا عرف سرّ الحال و المقام الذي هو فيه و الوصف الغالب عليه، و أنّ لكلّ ممّا ذكر أثرا فيما يبدو له و يصل إليه.
فلا يطمئنّ، و لا تبقى له في حضرة الحقّ من جهة معيّنة و اعتبار مخصوص رغبة، و يتعدّى مراتب الأسماء و الصفات و ما ينضاف إليها من الأحكام و الآثار و التجليّات.

فلم يتعيّن له الحقّ سبحانه في جهة معنوية أو محسوسة من حيث الظاهر أو الباطن بحسب العلوم والمدارك والعقائد والمشاهد والأخبار والأوصاف، لشعوره بعزّة الحقّ سبحانه وعدم انحصاره في كل ذلك أو في شي‏ء منه، ولعدم امتلائه ووقوف همّته عند غاية من الغايات التي وقف فيها أهل المواقف وإن كانوا على حق ووقفوا بالحق له فيه بل أدرك بالفطرة الأصلية دون تردّد أنّ له مستندا في وجوده، وأقبل عليه بأجلّ ما فيه، بل بكليته،

وجعل حضوره في توجّهه إليه سبحانه على نحو ما يعلم سبحانه نفسه في نفسه بنفسه، لا على نحو ما يعلم نفسه في غيره، أو يعلمه غيره، ولا بحسب علومه الموهوبة أو المكتسبة.

وهذه الحالة أوّل أحوال أهل الحيرة الأخيرة التي يتمنّاها الأكابر ولا يتعدّونها، بل يرتقون فيها أبد الآباد دنيا وبرزخا وآخرة.
ليست لهم وجهة معيّنة في الظاهر أو الباطن، لأنّه لم يتعيّن للحق عندهم رتبة يتقيّد بها في بواطنهم و ظواهرهم، فيتميّز عن مطلوب آخر.
بل قد أشهدهم إحاطته بهم من جميع جهاتهم الخفية والجلية وتجلّى لهم فيهم، لا في شي‏ء ولا جهة ولا اسم ولا مرتبة.
فحصلوا من شهوده في بيداء التيه، فكانت حيرتهم منه وبه وفيه.
وليكن هذا آخر ما أريد إيراده في هذا الكتاب و الله هو المرجع وإليه المآب.
 .
الفقرة الخامسة والثلاثون على منتدي إتقوا الله ويعلمكم الله
واتساب

No comments:

Post a Comment