Saturday, February 22, 2020

23 - فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية .كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر شرح الشيخ عفيف الدين سليمان التلمساني

23 - فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية .كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر شرح الشيخ عفيف الدين سليمان التلمساني

23 - فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية .كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر شرح الشيخ عفيف الدين سليمان التلمساني

شرح الشيخ عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي
إذ شاء الإله يريد رزقا ... له فالكون أجمعه غذاء
وإن شاء الإله يريد رزقا ... لنا فهو الغذاء كما يشاء
مشيئته إرادته فقولوا ... بها قد شاءها فهي المشاء
يريد زيادة و يريد نقصا ... وليس مشاءه إلا المشاء
فهذا الفرق بينهما فحقق ... ومن وجه فعينهما سواء
قال تعالى «ولقد آتينا لقمان الحكمة: ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا».
فلقمان بالنص ذو الخير الكثير بشهادة الله تعالى له بذلك.
والحكمة قد تكون متلفظا بها و مسكوتا عنها مثل قول لقمان لابنه «يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأت بها الله».
فهذه حكمة منطوق بها، و هي أن جعل الله هو الآتي بها، وقرر ذلك الله في كتابه، ولم يرد هذا القول على قائله.
وأما الحكمة المسكوت عنها و علمت بقرينة الحال، فكونه سكت عن المؤتى إليه بتلك الحبة، فما ذكره، و ما قال لابنه يأت بها الله إليك ولا إلى غيرك.
فأرسل الإتيان عاما وجعل المؤتى به في السموات إن كان أو في الأرض تنبيها لينظر الناظر في قوله «و هو الله في السماوات و في الأرض».
فنبه لقمان بما تكلم و بما سكت عنه أن الحق عين كل معلوم، لأن المعلوم أعم من الشيء فهو أنكر النكرات .
ثم تمم الحكمة واستوفاها لتكون النشأة كاملة فيها فقال "إن الله لطيف" فمن لطفه ولطافته أنه في الشيء المسمى كذا المحدود بكذا عين ذلك الشيء، حتى لا يقال فيه إلا ما يدل عليه اسمه بالتواطؤ والاصطلاح.
فيقال هذا سماء ورض و صخرة وشجر وحيوان و ملك ورزق وطعام.
والعين واحدة من كل شيء و فيه.
كما تقول الأشاعرة إن العالم كله متماثل بالجوهر: فهو جوهر واحد، فهو عين قولنا العين واحدة.
ثم قالت ويختلف بالأعراض، وهو قولنا ويختلف ويتكثر بالصور والنسب حتى يتميز فيقال هذا ليس هذا من حيث صورته أو عرضه أو مزاجه كيف شئت فقل.
وهذا عين هذا من حيث جوهره، ولهذا  يؤخذ عين الجوهر في كل حد صورة و مزاج: فنقول نحن إنه ليس سوى الحق، ويظن المتكلم أن مسمى الجوهر وإن كان حقا، ما هو عين الحق الذي يطلقه أهل الكشف والتجلي.
فهذا حكمة كونه لطيفا.
ثم نعت فقال «خبيرا» أي عالما عن اختبار وهو قوله «ولنبلونكم حتى نعلم» وهذا هو علم الأذواق.
فجعل الحق نفسه مع علمه بما هو الأمر عليه مستفيدا علما.
ولا نقدر على إنكار ما نص الحق عليه في حق نفسه: ففرق تعالى ما بين علم الذوق والعلم المطلق، فعلم الذوق مقيد بالقوى.
وقد قال عن نفسه إنه عين قوى عبده في قوله «كنت سمعه»، وهو قوة من قوى العبد، «وبصره» وهو قوة من قوى العبد، «ولسانه» وهو عضو من أعضاء العبد، «ورجله ويده».
فما اقتصر في التعريف على القوى فحسب حتى ذكر الأعضاء: وليس العبد بغير لهذه الأعضاء والقوى.
فعين مسمى العبد هو الحق، لا عين العبد هو السيد، فإن النسب متميزة لذاتها، و ليس المنسوب إليه متميزا، فإنه ليس ثم سوى عينه في جميع النسب.
فهو عين واحدة ذات نسب وإضافات وصفات.
فمن تمام حكمة لقمان في تعليمه ابنه ما جاء به في هذه الآية من هذين الاسمين الإلهيين «لطيفا خبيرا»، سمى بهما الله تعالى.
فلو جعل ذلك في الكون وهو الوجود فقال «كان» لكان أتم في الحكمة و أبلغ.
فحكى الله قول لقمان على المعنى كما قال: لم يزد عليه شيئا وإن كان قوله إن الله لطيف خبير من قول الله لما علم الله من لقمان أنه لو نطق متمما لتمم بهذا.
وأما قوله «إن تك مثقال حبة من خردل» لمن هي له غذاء، وليس إلا الذرة المذكورة في قوله «فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره».
فهي أصغر متغذ و الحبة من الخردل أصغر غذاء.
و لو كان ثم أصغر لجاء به كما جاء بقوله تعالى «إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها».
ثم لما علم أنه ثم ما هو أصغر من البعوضة قال «فما فوقها» يعني في الصغر.
وهذا قول الله و التي في «الزلزلة» قول الله أيضا.
فاعلم ذلك فنحن نعلم أن الله تعالى ما اقتصر على وزن الذرة وثم ما هو أصغر منها، فإنه جاء بذلك على المبالغة والله أعلم.
وأما تصغيره اسم ابنه فتصغير رحمة: و لهذا أوصاه بما فيه سعادته إذا عمل بذلك.
وأما حكمة وصيته في نهيه إياه أن لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم ، والمظلوم المقام حيث نعته بالانقسام وهو عين واحدة، فإنه لا يشرك معه إلا عينه وهذا غاية الجهل.
وسبب ذلك أن الشخص الذي لا معرفة له بالأمر على ما هو عليه، ولا بحقيقة الشيء إذا اختلفت عليه الصور في العين الواحدة، وهو لا يعرف أن ذلك الاختلاف في عين واحدة، جعل الصورة مشاركة للأخرى في ذلك المقام فجعل لكل صورة جزءا من ذلك المقام.
ومعلوم في الشريك أن الأمر الذي يخصه مما وقعت فيه المشاركة ليس عين الآخر الذي شاركه، إذ هو للآخر ».
فإذن ما ثم شريك على الحقيقة، فإن كل واحد على حظه مما قيل فيه إن بينهما مشاركة فيه.
وسبب ذلك الشركة المشاعة، وإن كانت مشاعة فإن التصريف من أحدهما يزيل الإشاعة.
«قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن» هذا روح المسألة.


قلت : قال رضي الله عنه: إذ شاء الإله يريد رزقا له فالكون أجمعه غذاء
يعني: إذا شاء الحق تعالى أن يريد الرزق لنفسه وهو وجود صرف فما رزقه إلا الأكوان،
ويعني بالأكوان الذوات وهي التي تسميها هو الأعيان الثابتة
والغذاء استعارة لتناول الوجود تلك الذوات بمعنى أنه يظهرها، أي يظهر بأحكامها وهو تعالى قد شاء هذه الإرادة أي أنه يريد هذا المعنى.

وإن شاء الإله يريد رزقا       …..     لنا فهو الغذاء كما يشاء
يعني: وإن شاء أن يبدو منه إرادة أن يكون الرزق للأكوان كان هو لها غذاء فبه يغتذي وهو غذاؤها، وذلك أنه نسبة افتقار الأعيان الثابتة في فقرها إلى الوجود الإلهي، ليكون به موجودة كافتقار الجياع إلى الزاد ولا زاد من غير الحق إذ لا سواه.

 مشيئته إرادته فقولوا       ……        بها قد شاءها فهي المشاء
واعلم أن هذا البيت جواب عن سؤال مقدر تقريره: ما هذه المشيئة المتعلقة بالإرادة؟ فقال: هما سواء فلا فرق أن تقول: أراد أن يشاء الرزق أو تقول: شاء أن يريد الرزق. 

يريد زيادة ويريد نقصا      …..      وليس مشاءه إلا المشاء
يعني بإرادة الزيادة، الإظهار الإيجادي ويريد بإرادة النقص، الإخفاء الإعدامي. والمشاء، بضم الميم، هو المراد، أعني المفعول، وأما المشاء الثاني، وهو المفتوح الميم، فهو مصدر شاء يشاء ويجوز أن يريد بالمشاء، بفتح الميم ، جمع مشيئة مثل تمرة وتمر وقمحة وقمح وهي أسماء جموع يتميز فيه المفرد عن الجمع بإثبات التاء. 

فهذا الفرق بينهما فحقق    ……      ومن وجه فعينهما سواء
يعني هذا الفرق بين الإرادة والمشيئة وهذا المعنى ما يتعلق به كثير فائدة.
قوله: ولقد آتينا لقمان الحكمة فإذن قد أوتي خيرا كثيرا لقوله تعالى:"ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا"[البقرة: 269] .
وقد بين الحكمة المنطوق بها ، والحكمة المسكوت عنها، 
وبين بعد ذلك أن المؤتي به من السماء أو من الأرض إنما هو الحق تعالى، 
فهو إذن الغذاء لنا كما ذكر ونحن الغذاء له كما شرح، 
وبين سبب القول بذلك بالنص من قوله: "وهو الله في السماوات وفي الأرض "  [الأنعام: 3].
 قال: لأن الحق تعالی عين كل معلوم، ثم بین عموم المعلوم

وخصوص الشيء وهذه المسألة مذكورة في كتب الكلام، ثم بين کونه تعالی لطيفا خبيرا في مقتضي تمام الآية، 
ثم ذكر معنى التوحيد وهو قوله : والعين واحدة من كل شيء وفيه.


ثم ذكر بعد ذلك حكمة وصية لقمان لابنه في قوله لا تشرك بالله وذكر، رضي الله عنه أن ما هناك شرك أصلا وعلى تقدير الإشاعة بين الشريكين، فإن تصرف أحد الشريكين تميز نصيبه فترفع الإشاعة؟ 
قال: وإنما أوهم الشرك توهم أن الصور تتشارك في المقام الواحد وما علموا أن العين الواحدة لا يتكثر بتكثر صورها، فهذه حكمة هذه المسألة.
 .
التسميات:
واتساب

No comments:

Post a Comment