Sunday, February 16, 2020

20 - فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية .كتاب شرح كلمات فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربى أ. محمود محمود الغراب

20 - فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية .كتاب شرح كلمات فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربى أ. محمود محمود الغراب

20 - فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية .كتاب شرح كلمات فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربى أ. محمود محمود الغراب

شرح أ. محمود محمود الغراب على كلمات فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي رضي الله عنه
هذه حكمة الأولية في الأسماء، فإن الله سماه يحيى أي يحيا به ذكر زكريا.
و«لم نجعل له من قبل سميا» "2" فجمع بين حصول الصفة التي فيمن غبر ممن ترك ولدا يحيا به ذكره وبين اسمه بذلك.
فسماه يحيى فكان اسمه يحيى كالعلم الذوقي، فإن آدم حيي ذكره بشيث ونوحا حيي ذكره بسام، وكذلك الأنبياء.
ولكن ما جمع الله لأحد قبل يحيى بين الاسم العلم منه وبين الصفة إلا لزكريا عناية منه إذ قال «فهب لي من لدنك وليا» فقدم الحق على ذكر ولده كما قدمت آسية ذكر الجار على الدار في قولها «عندك بيتا في الجنة» "3" 
فأكرمه الله بأن قضى حاجته
……………………………………...
1- المناسبة في تسمية الفص بحكمة جلالية في كلمة يحيوية 
أن الحق جل جلاله من أسمائه الأول وخص يحيى عليه السلام برتبة الأولية في هذا الاسم فإنه لم يجعل له من قبل سيا ، فكانت الأولية هي المناسبة . 
وقيل إن يحيى عليه السلام كان يغاب عليه الجلال ، كما أن عيسى عليه السلام كان يغلب عليه الجمال . 
ويذكر عن يحيى عليه السلام أنه كان في خديه أخدودان من كثرة البكاء فقد يناسب الجلال عیسی عليه السلام من هذه الناحية.

2 - «لم نجعل له من قبل سميا » الآية
خص الله تعالى يحيى بأن لم يجعل له سميا من قبل من أنبياء الله . 
وهو وإن كان في العالم يحيى كثيرا إلا أن له مرتبة الأولية في هذا الاسم . 
فتوحات ج 2 / 417 - ج 3 / 364 

3 - «رب ابني لي عندك بيتا في الجنة » الآية
شهد رسول الله صلى  لآسية امرأة فرعون بالكمال ، فقالت العارفة المشهود لها بالكمال «رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ، دار المال . 
فقدمت الحق على البيت . 
وقدمت الجار على الدار ، لما علمت أن الدار يصح بالجوار ، وهو الذي جرى به

ص 311

وسماه بصفته حتى يكون اسمه تذكارا لما طلب منه نبيه زكريا، لأنه عليه السلام آثر بقاء ذكر الله في عقبه إذ الولد سر أبيه، فقال «يرثني ويرث من آل يعقوب» وليس ثم موروث في حق هؤلاء إلا مقام ذكر الله والدعوة إليه.
ثم إنه بشره بما قدمه من سلامه عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا.
فجاء بصفة الحياة وهي اسمه وأعلم بسلامه عليه، وكلامه صدق فهو مقطوع به، وإن كان قول الروح «والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا» أكمل في الاتحاد، فهذا أكمل في الاتحاد والاعتقاد وأرفع للتأويلات.
فإن الذي انخرقت فيه العادة في حق عيسى إنما هو النطق، فقد تمكن عقله وتكمل في ذلك الزمان الذي أنطقه الله فيه.
ولا يلزم للمتمكن من النطق على أي حالة كان الصدق فيما به ينطق، بخلاف المشهود له كيحيى.
فسلام الحق على يحيى من هذا الوجه أرفع للالتباس الواقع في العناية الإلهية به من سلام عيسى على نفسه، "4" وإن كانت قرائن الأحوال تدل على قربه من الله في ذلك وصدقه،
………………………………..
المثل في قولهم « الجار قبل الدار » ولم تطلب مجاورة موسى ولا أحد من المخلوقين، بل قدمت الحق وطلبت جواره والعصمة من أيدي عداته 
فتوحات ج 3 / 11 ، 460 - ج 4 / 341 

4 - السلام على عيسى ويحيى عليهما السلام *
هذا يخالف ما جاء في الفتوحات المكية ج 3 / ص 346 في إسراء الشيخ رضي الله عنه واجتماعه يحيى عليه السلام وسؤاله عن هذه المسألة حيث يقول : قلت الحمد لله الذي جمعكما في سماء واحدة ، أعني روح الله عیسی ویحیی علیهما السلام، حتى أسألكما عن مسألة واحدة فيقع الجواب بحضور كل واحد منكما ، فإنكما خصصتما بسلام الحق ، فقيل في عيسى إنه قال في المهد "والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا " .
وقيل في يحيى « وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا » 
فأخبر عیسی عن نفسه بسلام الحق عليه ، والحق أخبر بسلامه علی یحیی ، 
فأي مقام أنتم ؟ 
فقال ( يعني يحيى عليه السلام) لي ألست من أهل القرآن؟ 
قلت له بلى أنا من أهل القرآن ، فقال أنظر فيما جمع الحق بيني وبين ابن خالتي ، أليس قد قال الله فيه « ونبيا من الصالحين » فعيني في النكرة ؟ 
فقلت له نعم ، قال ألم يقل في عيسى ابن خالتي "إنه من الصالحين" ، كما قال عني فعينه في النكرة ؟

ص 312

إذ نطق في معرض الدلالة على براءة أمه في المهد. فهذا أحد الشاهدين، والشاهد الآخر
………………………………………...
ثم قال : إن عيسى هذا لما كان كلامه في المهد دلالة على براءة خالتي مما نسب إليها - لم يترجم عن الله إلا هو بنفسه ، فقال « والسلام علي » يعني من الله ، قلت له صدقت ، قلت ولكن سلم بالتعريف وسلام الحق عليك بالتنكير والتنكير أعم ، فقيل لي ما هو تعريف عين بل هو تعريف جنس . 
فلا فرق بينه بالألف واللام وبين عدم هماه فأنا وإياه في السلام على السواء ، وفي الصلاح كذلك
وجاء الصلاح لنا بالبشری في " وفي عيسى بالملائكة ، فقلت له أفدتني أفادك الله
وليس أدل على أن ما جاء في هذا الفص يخالف مذهب الشيخ الأكبر جملة وتفصيلا ويخالف القواعد التي أرساها في علمه وفي كتبه أن هذه المسألة تتعلق بذوق الأنبياء وفي ذلك يقول في الجزء الثاني ص 24 
- شرط أهل الطريق فيما يخبرون عنه من المقامات والأحوال أن يكون عن ذوق ولا ذوق لنا ولا لغيرنا ولا لمن ليس بنبي صاحب شريعة في نبوة التشريع ولا في الرسالة ، فكيف تتكلم في مقام لم نصل إليه ، وعلى حال لم نذقه ، لا أنا ولا غيري مسن بليس بنب ذي شريعة من الله ولا رسول ، حرام علينا الكلام فيه ، فما تتكلم إلا فيما لنا فيه ذوق ، فما عدا هذين المقامين فلنا الكلام فيه عن ذوق لأن الله ما حجره .

الجزء الثاني الصفحة 51 
- لا ذوق لأحد في ذوق الرسل ، لأن أذواق الرسل مخصوصة بالرسل ، وأذواق الأنبياء مخصوصة بالأنبياء، وأذواق الأولياء مخصوصة بالأولياء ، فبعض الرسل عنده الأذواق الثلاثة لأنه ولي ونبي ورسول ، حضرت في مجلس فيه جماعة من العارفين فسأل بعضهم بعضا ، من أي مقام سأل موسى الرؤية؟
فقال له الآخر « من مقام الشوق » 
فقلت له : لا تفعل أصل الطريق أنها نهايات الأولياء بدايات الأنبياء ، فلا ذوق للولي في حال من أحوال أنبياء التشريع ، فلا ذوق لهم فيه ، ومن أصولنا انا لا تتكلم إلا عن ذوق ، ونحن لسنا برسل ولا أنبياء شريعة ، فبأي شيء نعرف من أي مقام سأل موسى الرؤية ربه ؟. 
نعم لو سألها ولي أمكنك

ص 313

هو الجذع اليابس فسقط رطبا جنيا من غير فحل ولا تذكير، كما ولدت مريم عيسى من غير فحل ولا ذكر ولا جماع عرفي معتاد، "5"
لو قال نبي آيتي ومعجزتي أن
…………………………………………...
الجواب ، فإن الإمكان أن يكون لك ذلك الذوق ، وقد علمنا من باب الذوق أن ذوق مقام الرسل لغير الرسل ممنوع ، فالتحق وجوده بالمحال العقلي .
الجزء الثاني الصفحة 85 - ذوق الأنبياء لا يعلمه سواهم . .
الجزء الرابع الصفحة 70 - الرسل صلوات الله عليهم أجمعين لا سبيل لنا إلى الكلام على منازلهم ، فإن كلامنا عن ذوق ، ولا ذوق لنا في مقاماتهم عليهم السلام .
وإنما أذواقنا في الوراثة خاصة ، فلا يتكلم في الرسل إلا رسول ، ولا في الأنبياء إلا نبي أو رسول ، ولا في الوارثين إلا رسول أو نبي أو ولي أو من منهم . 
هذا هو الأدب الإلهي.
فإن قلت هذا الذي جاء في هذا الفص من باب النظر الفكري والعقلي. 
قلنا إن هذا الكتاب مبني على علوم الأذواق والكشف، والشيخ يذكر في الفص السابق أن علم الأذواق لا عن فكر وهو العلم الصحيح وما عداه فحدس وتخمين ليس بعلم أصلا.

5 - الشهود على براءة مريم عليها السلام
جاء هذا النص في كتاب النجاة عن حجب الاشتباه حيث يقول: وقام الشاهد الأول بهز الجزع للمناسبة الموجودة فإن النخل لا ينتج إلا بتذكير.،
 فلما هزت الجذع اليابس أتج من غير تذكير للحين، كما فعل الله بعيسى عليه السلام . 
وأما الشاهد الثاني فهو نطق عيسي في المهد، شاهد ثان على أهل الجحد.
ويقول في الفتوحات ج 2 / 417 - ج 4 / 166 
فكان ذلك شهادة مبرئة لمريم عليها السلام بما سقط من الثمر في هزها جذع النخلة اليابس ، ونطق ابنها في المهد بأنه عبد الله وهما شاهدان عدلان عند الله ، إذ أكثر الشرع في الحكومة بشاهدين عدلين ، ولا أعدل من هذين .

ص 314

ينطق هذا الحائط، فنطق الحائط وقال في نطقه تكذب ما أنت رسول الله، لصحت الآية وثبت بها أنه رسول الله، ولم يلتفت إلى ما نطق به الحائط. "6"
فلما دخل هذا الاحتمال في
……………………………….
6 - نطق الجماد على طريق الإعجاز *
لما كان الله تعالى هو الكبير بما نصبه المشركون من الآلهة لهذا قال الخليل في معرض الحجة على قومه، مع اعتقاده الصحيح أن الله هو الذي كسر الأصنام المتخذة آلهة حتى جعلها جذاذة مع دعوى عابديها بقولهم «ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى» فاعترفوا أن ثم إلها كبيرة اكبر من هؤلاء، ونسبوا الكبر لله تعالى على آلهتهم، فقال إبراهيم عليه السلام «بل فعله كبيرهم» فجاء بلفظ الكبير، لأنهم قائلون بكبرياء الحق على آلهتهم التي اتخذوها، فهذا الذي قاله إبراهيم عليه السلام صحيح في عقد إبراهيم عليه السلام، 
وإنما أخطأ المشركون حيث لم يفهموا عن إبراهيم ما أراد بقوله «بل فعله كبيرهم» فكان قصد إبراهيم عليه السلام بكبيرهم الله تعالى وإقامة الحجة عليهم، 
وهو موجود في الاعتقادين، وكونهم آلهة ذلك على زعمهم، والوقف عليه حسن تام، وابتدأ إبراهيم بقوله «هذا» إشارة ابتداء وخبره محذوف يدل عليه قوله «بل فعله كبيرهم» أو «هذا قولي» فالخبر محذوف يدل عليه مساق القصة «فاسألوهم إن كانوا ينطقون» إقامة الحجة عليهم منهم، فهم يخبرونكم، ولو نطقت الأصنام في ذلك الوقت. 
لاعترفوا بأنهم عبيد، وأن الله هو الكبير العلي العظيم، ولنسبت الفعل إلى الله لا إلى إبراهيم، فإنه مقرر أن الجماد والنبات والحيوان قد فطرهم الله على معرفته و تستبيحه بحمده، فلا يرون فاعلا إلا الله، ومن كان هذا فطرته كيف ينسب الفعل لغير الله ؟ 
فكان إبراهيم على بينة من ربه في الأصنام أنهم لو نطقوالأضافوا الفعل إلى الله، لأنه ما قال لهم سلوهم إلا في معرض الدلالة ، سواء نطقوا أو سكتوا ، فإن لم ينطقوا يقول لهم «لم تعبدون ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنكم من الله شيئا » ولا عن نفسه، ولو نطقوا لقالوا إن الله قطعنا قطعة ، لا يتمكن في الدلالة أن تقول الأصنام غير هذا ، فإنها لو قالت

ص 315

كلام عيسى بإشارة أمه إليه وهو في المهد، كان سلام الله على يحيى أرفع من هذا الوجه. "7"
فموضع الدلالة أنه عبد الله من أجل ما قيل فيه إنه ابن الله وفرغت الدلالة بمجرد النطق  "8" وأنه عبد الله عند الطائفة الاخرى القائلة بالنبوة.
وبقي ما زاد في حكم الاحتمال في النظر العقلي "9" حتى ظهر في المستقبل صدقه في جميع ما أخبر به في المهد فتحقق ما أشرنا إليه.
…………………………………...
الصنم الكبير فعل ذلك بنا لكذبت، ويكون تقريرا من الله بكفرهم.
وردا على ابراهيم عليه السلام، فإن الكبير ما قطعهم جذاذا، ولو قالوا في إبراهيم إنه قطعنا لصدقوا في الإضافة إلى إبراهيم، ولا تلزم الدلالة بنطقهم على وحدانية الله ، 
فيقال الكبير، فيبطل کون إبراهيم قصد الدلالة، فلم تقع ولم يصدق.
الفتوحات ج 1 / 243 - ج 3 / 350 - ج 4 / 323

7 -  راجع هامش 4

8 - نطق عیسی علیه السلام في المهد . 
نطق عليه السلام في المهد بالإقرار والجحد، وبدء عليه السلام في نطقه بالعبودية، فقال لقومه في براءة أمه ، لما علم من نور النبوة التي في استعداده أنه لابد أن يقال فيه إنه ابن الله ، فقال عن نفسه إخبارا بحاله مع الله « إني عبد الله » فبدأ في أول تعريفه وشهادته في الحال الذي لا ينطق مثله في العادة ، فما أنا ابن لأحد فأمي طاهرة بتول ، ولست بابن لله ، كما أنه لا يقبل الصاحبة لا يقبل الولد. ولكني عبد الله مثلكم.
الفتوحات ج 2 / 387 - ج 4 / 116

9 - أي قوله عليه السلام «أتاني الكتاب وجعلني نبيا. وجعلني مباركا ۰» الآية، هذا هو ما دخله الاحتمال في النظر العقلي وظهر صدقه عليه السلام في حينه.

ص 316 
 .
واتساب

No comments:

Post a Comment