Sunday, January 19, 2020

17 - فص حكمة وجودية في كلمة داودية .كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص الحكم الشيخ الأكبر للشيخ عبد الباقي مفتاح

17 - فص حكمة وجودية في كلمة داودية .كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص الحكم الشيخ الأكبر للشيخ عبد الباقي مفتاح

17 - فص حكمة وجودية في كلمة داودية .كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص الحكم الشيخ الأكبر للشيخ عبد الباقي مفتاح

كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح
المرتبة 17: لفص حكمة وجودية في كلمة داودية من الاسمين المبين والمتين وسماء القمر وحرف الدال ومنزلة الإكليل
 القابض هو الذي يجعل حدا معينا للمقبوض عليه . فبالقابض تتبين الحدود فتتميز المراتب إذ أن لكل مرتبة قيود تقبضها في حدودها لتتميز .
أي أن الاسم القابض يستلزم ظهور الاسم المبين الذي به تتبين حقائق الأشياء متميزة عن بعضها البعض ، كما يستلزم ظهور الاسم المتين لأن الإبانة من مظاهر المتانة ، ولا معنى للقبض بدون متانة أي أن لا بقاء للمقبوض في القبضة إن لم يكن القابض متينا .
فلهذا كان للمتين المرتبة 17 . وهو المتوجه على إيجاد السماء الدنيا وكوكبها القمر وفلكه وليلته ليلة الجمعة ونهار الاثنين وحرف الدال ومنزلة الإكليل .
وقطب هذه السماء آدم عليه السلام . .
وللسماء علاقة بالمتين إذ أنها سقف مرفوع يستلزم قوة ، قال تعالى :" وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ" ( الذاريات ، 147 ) ،
أي بقوة كقوله تعالى :" داوُدَ ذَا الْأَيْدِ " ( ص ، 17 ) أي صاحب القوة .
ولهذا فإن أنسب الأنبياء لهذه المرتبة هو داود عليه السلام صاحب الكلمة الوجودية .
 
كذلك فللقمر علاقة بالمبين والمتين لأن القرآن وصف القمر بأنه نور وأهم صفة للنور التبيين والمتانة إذ لا قاهر للظلمات إلا النور رغم لطافته ، وقد قرن الحق تعالى النور الحق بالمبين فقال في الآية 25 من سورة النور " :" وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ " وفي الآية 15 من المائدة :" قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ".
والمتين كما يعرفه الشيخ في حضرة المتانة من الباب 559 من الفتوحات - هو الثابت الذي لا تتغير عينه رغم تنوع صوره وتجلياته وآثاره فهو كالنور . . .
وعلاقة الثبات بداود تظهر في الرمزية الحرفية التي فصلها الشيخ في الباب 463 من الفتوحات خلال كلامه عن القطب الذي على قدم داود فيقول عنه : ( وماله علم يتقدم فيه على غيره إلا علم ثبوت المحبة الإلهية والكونية ولهذا كان في مقام التفرقة )
 . . . ( يقول هذا القطب أن الحب ما ثبت وكل حب يزول فليس بحب . . . إلخ )
وفي اسم داود كلمة : ( ود ) وهو ثبوت الحب ولهذا نجد في كتاب العبادلة عنوانا هو : ( عبد اللّه ابن داود بن عبد الودود ) . . .
ولمقامه في التفرقة صلة بالمبين إذ الإبانة تمييز وتفريق .
ولحاله في الحب والتفرقة خوطب بقوله تعالى : " تَتَّبِعِ الْهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ "( ص ، 26 )
 ومن الإبانة عن نعم اللّه الشكر ولهذا نجد في كتاب " العبادلة " عنوانا هو " عبد اللّه بن عبد الشكور ابن داود " لقوله تعالى :" اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً " ( سبأ ، 13 ) .
ولهذا تكلم الشيخ في هذا الفص عن الشكر والزيادة التي تنتج عنه . . . ومن المتين تكلم عن الشدة التي تميز بها داود وظهرت في آيات منها " وَشَدَدْنا مُلْكَهُ " ( ص ، 20 ) .
"وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ " ( سبأ ، 10 ) . " وَقَتَلَ داوُدُ جالُوتَ " ( البقرة ، 251 ) .
فقال الشيخ : ( وأعطاه القوة ونعته بها ) أي من اسمه المتين .
وأعطاه الحكمة وفصل الخطاب أي من اسمه المبين .
ثم المنة الكبرى والمكانة الزلفى التي خصه اللّه بها التنصيص على خلافته .
ولهذه المرتبة فلك القمر خليفة الشمس وروح آدم خليفة الحق تعالى .
وبين آدم وداود علاقات كثيرة جلها تستمد من الاسمين المبين المتين . فمن المبين خص كلاهما بكمال النطق وحسنه .
ولذلك جعل الشيخ في الباب 73 من الفتوحات داود قطب عالم الأنفاس من الأولياء أصحاب العدد الثابت ويعني بعالم الأنفاس عالم الحروف اللفظية . . .
وأول من تلفظ بها هو آدم عليه السلام قال تعالى : " الرَّحْمنُ ( 1 ) عَلَّمَ الْقُرْآنَ ( 2 ) خَلَقَ الْإِنْسانَ ( 3 ) عَلَّمَهُ الْبَيانَ " ( الرحمن ، 1 - 4 ) ، فلكون الإنسان خلق على صورة الرحمن كان نفسه الظاهر بالحروف مثلا كاملا لنفس الرحمن الظاهر بمراتب الوجود الثمانية والعشرين المناسبة لمنازل القمر ، لكل منزلة حرف . . .

ومن الاسم المبين أيضا كان لكل من آدم وداود مقام التفرقة ، حتى إن الشيخ رمز لاسم آدم في الباب 14 من الفتوحات باسم :
المفرق أي الذي منه تفرقت الذرية وبوجوده تبينت المراتب وتميزت درجات السعداء ودركات الأشقياء كما تبينت أسماء إلهية بآثارها التي لا ظهور لها إلا في الإنسان كاسمه تعالى : الجامع . . .
فبسريان نور الظهور في حضرات الأسماء تبينت مراتب الوجود في النفس الرحماني ، وبسريان القمر في دائرة الفلك تبينت المنازل الفلكية وبسريان الهواء عبر مخارج الحروف من نفس الإنسان تبينت الحروف . . .
ومن هذه التفرقة كانت حروف آدم وداود مفترقة .

وقد خصص الشيخ لرمزية حروفهما الباب 515 من الفتوحات
وقارن بينها وبين حروف محمد صلى اللّه عليه وسلم لاشتراكهم في الخلافة المنصوص عليها في القرآن فلآدم : "إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً " ( البقرة ، 30 ) " وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها "( البقرة ، 31 ) .
ولداود : " يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ " ( ص ، 26 ).
" وَآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطابِ " ( ص ، 20 ) .
ولمحمد صلى اللّه عليه وآله وسلم : " إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ " ( الفتح ، 10 ) ،" "وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى ( 3 ) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى" ( النجم ، 3 - 4 ) ،
وقوله صلى اللّه عليه وسلم :  أوتيت جوامع الكلم .
فانظر كيف قرن " شَدِيدُ الْقُوى " ( النجم ، 5 ) ، بالنطق لصلة المتين بالمبين . . .
ولا شك أن الخلافة تستلزم المتانة أي الشدة ولهذه الشدة التي ظهرت على داود كان اسمه الخاص به " عبد الملك " حسب ما ذكره الشيخ في الباب 270 من الفتوحات .
ومن المتين ظهر على لسان آدم ذكر :
لا حول ولا قوة إلا باللّه وهو الهجير الذي يستمد منه قلب كل خليفة لأنه قلب الأذكار
حسب ما ذكره الشيخ في الباب 466 .
وهو الذكر الذي علمه آدم للملائكة ليذكروه خلال الطواف بالكعبة .
ولأنه هو الذكر الذي علمه الملك من حملة العرش الأربعة الذي هو على صورة آدم ، علمه لبقية الحملة فأستطاعوا به حمل العرش حسب ما ذكره الشيخ في الباب 476 من الفتوحات.

وأما وصف حكمة هذا الفص بالوجودية فلعلاقة داود بالوجد والوجود .
فمن شدة وجده كان يسري حاله في ما يحيط به من أكوان فتسبح بتسبيحه الطير والجبال . . .
ثم إنه كما كملت مراتب الوجود بالإنسان فكذلك كملت مراتب الإنسان بالنطق والخلافة اللذين ظهر بهما على الكمال داود .
أي أنه بالكلمة الداودية تمت مراتب الوجود في الإنسان ، فحكمته وجودية .
والوجود فرقان لأن الخليفة لا يمكن له التصرف إلا في مقام التفرقة بخلاف الجمع الذي هو قرآن . . .
والمحمدي هو صاحب الجمع والوجود لتحققه بالقرآن والفرقان في عين العين
 وللخليفة المشيئة التي يسميها الشيخ أحيانا بالوجود . . .
لكل هذه الاعتبارات تكلم الشيخ في هذا الفص عن الشكر وعن حروف الأسماء وعن الشدة والحديد والدروع وعن الخلافة والهوى والمشيئة .

وختم الفص بتليين النار للحديد وفي هذا إشارتان :
الأولى : علاقة هذه السماء القمرية ذات النفس الداودي والروح الآدمي وبيان الحروف وشدة المتين ، علاقتها بالسماء الخامسة حيث روح هارون عليه السلام صاحب الفصاحة من الاسم المبين كما وصفه أخوه موسى عليه السلام :و " َأَخِي هارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِساناً " ( القصص ، 34 ) ، وسماؤه بكوكبها الأحمر لها طبع النار ومعدن الحديد وهي سماء الحرب والجهاد  .
وكان داود مجاهدا صانعا للحديد حتى سماه الشيخ في الباب 14 من الفتوحات بالصانع . . . ويسمي الشيخ سماء هارون أحيانا بسماء الخلافة لأن هارون كان خليفة موسى عليه السلام.

الثانية : في ذكر الشيخ للنار في آخر هذا الفص وللاسمين المنتقم الرحيم ، تمهيد للدخول في الفص 18 الموالي الموافق لمرتبة النار في فص يونس عليه السلام .

وهذه هي عادة الشيخ اللطيفة في التمهيد آخر كل باب للباب الموالي لإظهار الارتباط الوثيق والتسلسل المحكم البديع لمراتب الوجود .
وأما حرف هذه المرتبة فهو الدال الذي هو بداية ونهاية داود وقلب آدم .

وهو حرف الثبات والشدة لاستمداده من الاسم المتين وله عدد الثبات أي الأربعة التي بها قيام كل نشأة . . .
فالدال من الحروف المجهورة الشديدة المنفتحة المنسفلة ، وهو من حروف اسم الذات المقدسة لعدم اتصاله بالحروف . . .
وله منزلة الإكليل التي ثلثها الأول في برج الميزان الهوائي وثلثاها الباقيان لبرج العقرب المائي فالغالب عليها الرطوبة كسماء القمر . . .
ومعنى الإكليل التاج أو ما يوضع على الرأس فهو مناسب لمعنى الرئاسة والخلافة . . .

ولعلاقة الدال بالتربيع ذكر الشيخ في الفصل 27 من الباب 198 المناسب لهذه المرتبة أنه خلال تقييده رأى واقعة مدارها حول العدد أربعة .

فالرؤية وقعت في الليلة الرابعة من شهر ربيع الآخر ليلة الأربعاء عام 627 هـ - أي خلال كتابته للفصوص - فرأى ظاهر الهوية وباطنها في بساط نور في طبقات أربع من حيث شكلها وفي طبقات أربع من حيث روحها . . .

وفي هذا الفصل بين علاقة الحروف المقطعة في أوائل السور بمنازل القمر وكيفية العمل بها كما بين علاقة الحروف اللفظية بملائكتها ومراتبها الوجودية ،
وفصل مكانة الآدمي في الوجود وأن الخليفة هو الكلمة الجامعة وله من القوة بحيث أنه ينظر في النظرة الواحدة إلى الحضرتين الإلهية والكونية فيتلقى من الحق ويلقي إلى الخلق كما يتلقى القمر النور من الشمس ليلقيه على الأرض .


17 - سورة فص داود عليه السلام
سورة هذا الفص هي " الماعون " التي مدارها حول أوصاف المكذب بالدين فبدأ الفص بذكر الوهب والجزاء ، والجزاء بعد الحساب من معاني كلمة الدين .
ولهذا بدأ الشيخ الباب 277 في الفتوحات وهو منزل سورة الماعون بقوله : " . . . إن العلم بالجزاء عن نور الإيمان لا عن نور العقل . . . " .
وجل الفص مداره حول الخلافة والرسالة والاجتهاد وكلها تابعة للقيام بالدين . . .
ومن معاني كلمة " الدين الانقياد" ، فذكر انقياد الخلق لحكم الخليفة ، وعدم انقياد اليهود لعيسى عليه السلام .

وتكلم عن الشكور لأن جزاء الشكر الزيادة ، والجزاء هو الدين والقيام بالدين من الشكر كما قال صلى اللّه عليه وسلم لما تورمت قدماه من قيام الليل : " أفلا أكون عبدا شكورا " .

ويقال : " الصلاة عماد الدين وبرهانه الزكاة وروحه الإخلاص " وهذه هي الأعمال الظاهرة في سورة الماعون حيث إن فيها ذما للسهو عن الصلاة والبخل والرياء المناقضين للشكر وقد خاطب الحق تعالى آل داود بقوله :" اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ "( سبأ ، 13 ) .

ولعلاقة داود بالحكمة الوجودية نجد الشيخ يقرن سورة الدين - أي الماعون - بالعون وبالوجود فيقول في ديوانه : "
 من روح سورة الدين :
إن القبول للاقتدار معين .....  فيعان في حكم النهى ويعين
فالأمر ما بيني وبين مقسمي  ....  فهو المعين وإنني لمعين
الحق حق فالوجود وجوده  .....  وأنا الأمين وما لدي أمين
دفع اليتيم محرم في شرعنا  .....  والشرع جانبه إليه يلين
فالأولياء بالنسبة للمريدين وعامة الناس أمرهم كله غرابا.
.
واتساب

No comments:

Post a Comment