Saturday, January 25, 2020

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية الفقرة السابعة .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية الفقرة السابعة .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية الفقرة السابعة .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإذا كان الحق هوية العالم، فما ظهرت الأحكام كلها إلا منه وفيه، وهو قوله «وإليه يرجع الأمر كله» حقيقة وكشفا «فاعبده وتوكل عليه» حجابا وسترا.
فليس في الإمكان أبدع من هذا العالم لأنه على صورة الرحمن، أوجده الله أي ظهر وجوده تعالى بظهور العالم كما ظهر الإنسان بوجود الصورة الطبيعية.  ).
 
قال رضي الله عنه :  ( وإذا كان الحقّ هويّة العالم ، فما ظهرت الأحكام كلّها إلّا منه وفيه. وهو قوله تعالى :"وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ" حقيقة و"كشفا فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ" [هود : 123] حجابا وسترا .  فليس في الإمكان أبدع من هذا العالم لأنّه على صورة الرّحمن . أوجده اللّه أي ظهر وجوده تعالى بظهور العالم كما ظهر الإنسان بوجود الصّورة الطّبيعيّة . )

قال رضي الله عنه :  (وإذا كان الحق) تعالى (هوية العالم) كله محسوسه ومعقوله وموهومه ، لأن الهوية ما به الشيء هو هو ، والعالم كله ليس هو هو إلا بالحق تعالى لا بشيء غيره أصلا ،
فالحق تعالى هوية العالم بهذا الاعتبار لصدق تعريفهم الهوية عليه ، ولأن الكل ثابت في علمه تعالى غير منفي عنه من غير وجود له أصلا فيه ، والوجود كله واحد مطلق قديم ظاهر على كل ما هو فيه مشرق عليه به من غير أن يحل فيه شيء من ذلك الذي فيه أصلا ،
ولا يحل هو في شيء منه أصلا ، إذ الكل معدوم والمعدوم لا يتصوّر فيه حلول أصلا لا منه في غيره ولا من غيره فيه .

ولا يضر الجاهلين الغافلين إلى رؤيتهم العالم موجودا بقيومية وجود اللّه تعالى عليه وظنهم ، إذ كلامنا عنه في تلك الحالة ، وإنه في حال وجوده باللّه تعالى حال في اللّه تعالى ، واللّه تعالى حال فيه ، وهو فهم قبيح جدا وقصور بليغ وتناقض فاحش ، إن عقلوا ما هم قائلون به من أنه تعالى قيوم على كل شيء ،
وإنما مرادنا من ذلك اعتبار العالم في نفسه مع قطع النظر عن وجود اللّه تعالى القيوم عليه ، فإنه كله حينئذ معدوم صرف بالإجماع منا ومن هؤلاء الجاهلين الغافلين ، ولا وجود حينئذ إلا وجود واحد قديم هو وجود اللّه تعالى المطلق المنزه عن كل شيء بالإجماع منا ومنهم ، وهذه وحدة الوجود التي قصدناها إذا أطلقناها ،
وهي مذهب العارفين المحققين قبلنا ، بل هي مذهب كل أحد من الناس لو عقل الكل وفهموا لمرادهم ، ولكن أهلها يناديهم مناديها من مكان قريب واستمع "يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ "[ ق : 41 ] يوم يسمعون الصيحة بالحق ذلك يوم الخروج ،
وغير أهلها إنما هم حولها يدندنون ويحومون عليها ، أولئك ينادون من مكان بعيد ، ولهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون .

قال رضي الله عنه :  (فما ظهرت الأحكام) الإلهية بإيجاد كل شيء معدوم صرف ثابت في الحضرة العلمية من غير وجود (كلها) ، أي جميع تلك الأحكام قال تعالى :وَاللَّهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ[ الرعد : 41 ] إلا فيه ، أي في الحق تعالى إذ لولا الوجود لما كان شيء أصلا ، والوجود كله للّه تعالى كما ذكرنا ، فالكل ظاهر فيه .

ومنه سبحانه أيضا ، قال تعالى :قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ[ النساء : 78 ] وهو قوله سبحانه ("وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ" حقيقة )، أي في نفس الأمر وإن جهله الجاهلون وأنكره المنكرون وكشفا عند العارفين به المحققين (له "فَاعْبُدْهُ ") يا أيها السالك إليه بما صوّر لك في نفسك من الحول المخلوق والقوة المخلوقة ("وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ") [ هود : 123 ] ، أي فوّض أمرك إليه في ظاهرك وباطنك فلا تعتمد على حولك وقوتك حجابا ، أي في حال انحجابك عنه بشهود نفسك وسترا ، أي في وقت استتاره عنك بظهوره عليك على مقدار ما قبل ثبوت عينك في علمه القديم من تجلي وجوده وأنت لا تشعر لاشتغالك بك عنه .

قال رضي الله عنه :  (فليس في الإمكان) الاعتباري مما تراه العقول الفاضلة (أبدع من هذا العالم) المحسوس والمعقول والموهوم (لأنه) ، أي هذا (على صورة) مجموع صفات (الرحمن) عز وجل المستوي على العرش الذي هو مجموع العالم كله (أوجده) ، أي العالم اللّه تعالى (أي ظهر وجوده تعالى بظهور العالم) فهو يتبدل به في الصور المختلفة على حسب ما يريد سبحانه ، ويتحوّل في الحس والعقل إلى الأبد من غير أن يتغير تعالى عما هو عليه في الأزل (كما ظهر الإنسان) في الدنيا من حيث الروحانية اللطيفة الحاملة للمعاني الشريفة (بوجود الصورة الطبيعية) الآدمية الجسمانية المتركبة من العناصر الأربعة ، ثم يختفي الإنسان بموت هذه الصورة وزوال تركيبها واضمحلالها ، ثم يعود إليها في النشأة الآخرة ظاهرا بها إلى الأبد .

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإذا كان الحق هوية العالم، فما ظهرت الأحكام كلها إلا منه وفيه، وهو قوله «وإليه يرجع الأمر كله» حقيقة وكشفا «فاعبده وتوكل عليه» حجابا وسترا.
فليس في الإمكان أبدع من هذا العالم لأنه على صورة الرحمن، أوجده الله أي ظهر وجوده تعالى بظهور العالم كما ظهر الإنسان بوجود الصورة الطبيعية.  ).
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فإذا كان الحق هوية العالم ) أي إذا نظرته من حيث أسمائه وصفاته كان مرآة للعالم ( فما ظهرت الأحكام كلها إلا فيه ومنه ) مع أنه متعال منزه بالانفعال والتأثير بالأحكام كظهور أحكام الرائي في المرآة فإن صورة المتألم في المرآة لا تتألم به الرائي أو نقول إذ كان الحق هوية العالم ففي حق كل فرد من العالم هوية من الحق مختصة به يظهر جميع أحكامه في الهوية المختصة به وهو الحق الخلق وهو العبد فالمتألم هو الحق الخلق لا الحق الخالق فلا يستريح الخالق باستراحة المخلوق ،
ولا يتألم بتألمه فهوية العالم هو الحق المخلوق لا الحق الخالق فالإنسان من حيث تحققه بالصفات الإلهية من الحياة والقدرة والإرادة وغير ذلك يقال له حق ومن حيث إمكانه وتحققه بالصفات اللائقة بشأنه حق ومن حيث وجوبه الذاتي خالق  وموجد جرى اصطلاحهم على ذلك

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وهو ) أي ظهور الأحكام كلها في معنى قوله لاحتياجه إليه ( قوله وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ) في الظهور فيه كما إن الصورة في المرآة ترجع في الظهور إلى صاحبها ( حقيقة وكشفا ) أي يعلم هذا المعنى من هذا القول بالحقيقة والكشف فكل شيء يرجع إليه لاحتياجه إليه من كل الوجوه لا يرجع هو إلى شيء أصلا وهو المرجع والمآب فإذا كان الأمر في نفسه على ما قلناه فأنت عبد ضعيف ( فاعبده ) بما أمرك ( وتوكل عليه حجابا ) أي حياء من ربك ( وسترا ) أي وكن مستور الحال بين الناس بحفظ آداب الشريعة والطريقة ( فليس في ) عالم ( الإمكان ) وهو عالم الأول والآخر والظاهر والباطن ( أبدع من هذا العالم ) وهو العالم الظاهر الجامع جميع ما في العوالم .

قال رضي الله عنه :  ( لأنه على صورة الرحمن ) يتعلق بقوله ( أوجده اللّه تعالى ) أي وإنما كان هذا العالم أبدع من غيره من العوالم لأن اللّه أوجده على صورة الرحمن قوله ( أي ظهر وجوده تعالى بظهور العالم ) تفسير لقوله على صورة الرحمن أوجده اللّه أي وإنما كان أبدع لأنه ظهر وجود الحق بظهور العالم لا ببطونه وفيه دليل على أن علم الشريعة لكون ظهور وجود الحق بظهوره ظهورا تاما أبدع من العلم المسمى بالباطن فكان أبدع العلوم كلها ( كما ظهر ) حقيقة ( الإنسان ) وهي الروح الانساني ( بوجود الصورة الطبيعية ) وهي هذا الهيكل المحسوس

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإذا كان الحق هوية العالم، فما ظهرت الأحكام كلها إلا منه وفيه، وهو قوله «وإليه يرجع الأمر كله» حقيقة وكشفا «فاعبده وتوكل عليه» حجابا وسترا.
فليس في الإمكان أبدع من هذا العالم لأنه على صورة الرحمن، أوجده الله أي ظهر وجوده تعالى بظهور العالم كما ظهر الإنسان بوجود الصورة الطبيعية.  ).
 
قال رضي الله عنه :  ( وإذا كان الحق هوية العالم، فما ظهرت الأحكام كلها إلا منه وفيه، وهو قوله «وإليه يرجع الأمر كله» حقيقة وكشفا «فاعبده وتوكل عليه» حجابا وسترا. فليس في الإمكان أبدع من هذا العالم لأنه على صورة الرحمن، أوجده الله أي ظهر وجوده تعالى بظهور العالم كما ظهر الإنسان بوجود الصورة الطبيعية.  ).

ثم أشار أن الحق تعالى هو هوية العالم، قال: وإليه يرجع الأمر كله کشفا فاعبده وتوكل عليه سترا وهذا هو معنى قول صاحب المواقف عنه تعالى أنه قال رؤيتي لا تأمر ولا تنهى وغيبتي تأمر وتنهي.  
ثم قال كما قال الغزالي: (ليس في الإمكان أبدع من هذا العالم)، فإن أراد بقوله هذا العالم العرش والكرسي والأفلاك التسعة إلى نقطة مركز الأرض، 
فقوله: ليس في الإمكان أبدع من هذا العالم، هو قول موقوف في ذوقي . 
أما إن قال : ليس في الإمكان أبدع من العالم فيصدق، لأن العالم أكره "كثرة" غير متناهية وعوالمه غير متناهية وأنواع جزئياته غير متناهية فضلا عن جزئياته ، وهذا الفتح ما رأيت شيخنا، رضي الله عنه، ألم بذكره ولا يمكن سواه ولا حق ينافيه والباطل هو كل شيء نافاه والحق يقول الحق.
وأما أن السؤال من الله تعالى أن يرفع الضر فمشروع في الحجاب ولا يقدح السؤال في حقيقة وجود الصبره وأما في عالم الكشف فيمتنع السؤال. 

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإذا كان الحق هوية العالم، فما ظهرت الأحكام كلها إلا منه وفيه، وهو قوله «وإليه يرجع الأمر كله» حقيقة وكشفا «فاعبده وتوكل عليه» حجابا وسترا.
فليس في الإمكان أبدع من هذا العالم لأنه على صورة الرحمن، أوجده الله أي ظهر وجوده تعالى بظهور العالم كما ظهر الإنسان بوجود الصورة الطبيعية.  ).
 
قال رضي الله عنه :  ( وإذا كان الحق هويّة العالم، فما ظهرت الأحكام كلَّها إلَّا فيه ومنه، وهو قوله :"  وَإِلَيْه ِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّه ُ " حقيقة وكشفا " فَاعْبُدْه ُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْه ِ " حجابا وسترا ، فليس في الإمكان أبدع من هذا العالم ، لأنّه على صورة الرحمن ، أوجده الله ، أي ظهر وجوده بظهور العالم ، كما ظهر الإنسان بوجود الصورة الطبيعية)

يشير رضي الله عنه  إلى أنّ العبد بتعيّنه حجاب على الحق المتعيّن به وفيه ، فهو هوية العبد ، والعبد صورة إنّيّة ربّه وأنانيّته ، فـ " الإنّي " المقيّد العينيّ و "الأنا " يقيّدان "الهو " الغيبيّ العينيّ فـ « الهو » المطلق روح هذا « الأنا » و « الإنّي » المقيّدين المتعيّن وحصّة هذا « الإنّي » المقيّد من « الهوية » المطلقة روحه المدبّر لصورته ، فـ « إنّا » و « إنّي » و « نحن » و « أنا » و « أنت » و " أنتم " كنايات عن الحق المتعيّن في الصور والتعيّنات ، و « هو » كناية عنه في الغيب الذاتي ، وهو غيب الذات وما لا يعلم ولا يضاف من العين المطلقة تعالى ، والهويات المقيّدة بالأعيان المتعيّنة في الصور وبها باعتبار الأنيّات والإنيّات الوجودية الشهودية ، وبدون هذا الاعتبار ليست إلَّا هو هو ،
فنحن صور تفصيل الإنّية العظمى الإلهية وشخصيات أنانيتها من حيث ظاهرنا وجسمانيتنا وصورتنا ، ومن حيث الباطن والروحانية فصور تفصيل هويته الكبرى ، فنحن له ، وهو لنا ، وهو فينا نحن ، ونحن فيه هو ، فافهم.

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإذا كان الحق هوية العالم، فما ظهرت الأحكام كلها إلا منه وفيه، وهو قوله «وإليه يرجع الأمر كله» حقيقة وكشفا «فاعبده وتوكل عليه» حجابا وسترا.
فليس في الإمكان أبدع من هذا العالم لأنه على صورة الرحمن، أوجده الله أي ظهر وجوده تعالى بظهور العالم كما ظهر الإنسان بوجود الصورة الطبيعية.  ).
 
قال رضي الله عنه :  (وإذا كان الحق هوية العالم فما ظهرت الأحكام كلها إلا فيه ومنه ، وهو قوله :" وإِلَيْه يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّه "  حقيقة وكشفا " فَاعْبُدْه وتَوَكَّلْ عَلَيْه "  حجابا وسترا ، فليس في الإمكان أبدع من هذا العالم لأنه على صورة الرحمن أوجده الله : أي ظهر وجوده تعالى بظهور العالم كما ظهر الإنسان بوجود الصورة الطبيعية).

قد مر أن الحق عين كل شيء فإذا كان عين هوية العالم أي حقيقته فالأحكام الظاهرة في العالم ليست إلا في الله وهي من الله ،
وهو معنى قوله : " وإِلَيْه يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّه " حقيقة وكشفا فإنه تعالى باعتبار التجلي الذاتي الغيبي يسمى هو ، وذلك التجلي هو الصورة بصور أعيان العالم ، فكان هوية العالم وهوية كل جزء حجابه وستره ليتوكل عليه ، فإنه به موجود وهو الفاعل فيه لا فعل للحجاب ، والحجاب الذي هو العبد صورة أنية ربه والرب هويته ، وهو معنى قوله : فليس في الإمكان أبدع من هذا العالم ، لأن العبد صورة العالم والعالم صورة الرحمن ، ومعنى أوجده الله ،

"" أضاف بالي زادة : ( فإذا كان الحق هوية العالم ) أي إذا نظرته من حيث أسماؤه وصفاته كان مرآة للعالم ( فما ظهرت الأحكام كلها إلا فيه وبه ) مع أنه تعالى منزه عن الانفعال والتأثر بالأحكام ، كظهور أحكام الرائي في المرآة، فإن صورة المتألم في المرآة لا تتألم بما يتألم الرائي.
أو نقول ( إذا كان الحق هوية العالم ) ففي حق كل فرد من العالم هوية من الحق مختصة به ، يظهر جميع أحكامه في الهوية المختصة به ، وهو الحق الخلق وهو العبد ، فالمتألم هو الحق الخلق لا الحق الخالق ، فلا يستريح الحق الخالق باستراحة المخلوق ولا يتألم بتألمه ، فهوية العالم هو الحق المخلوق لا الحق الخالق ،
فالإنسان من حيث تحققه بالصفات الإلهية من الحياة والقدرة وغيرها يقال له حق ، ومن حيث إمكانه وتحققه بالصفات الكونية عبد وخلق ، والله من حيث تحققه بالصفات اللائقة بشأنه حق ، ومن حيث وجوبه الذاتي خالق وموجد ، فقد جرى اصطلاحهم على ذلك اهـ بالى زادة. ""

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإذا كان الحق هوية العالم، فما ظهرت الأحكام كلها إلا منه وفيه، وهو قوله «وإليه يرجع الأمر كله» حقيقة وكشفا «فاعبده وتوكل عليه» حجابا وسترا.
فليس في الإمكان أبدع من هذا العالم لأنه على صورة الرحمن، أوجده الله أي ظهر وجوده تعالى بظهور العالم كما ظهر الإنسان بوجود الصورة الطبيعية.  ).
 
قال رضي الله عنه :  (وإذا كان الحق هوية العالم فما ظهرت الأحكام كلها إلا فيه ومنه ) .

أي ، الغاضب والمنتقم إنما يغضب وينتقم ليجد الراحة بذلك الانتقام ، وينتقل الألم الذي كان عنده إلى المغضوب عليه .
والحق تعالى من حيث ذاته وانفراده عن العالم غنى عن العالمين ، متعال عن هذه الصفة علوا كبيرا .
ومن حيث إن هوية العالم عين هوية الحق ، فما ظهر أحكام الرضا والغضب كلها إلا من الحق وفي الحق .
فإن خطر ببالك أن هذا الكلام مبنى على أن الغضب والانتقام المنسوب إليه تعالى كالغضب والانتقام المنسوب إلينا ، وأما إذا كان بمعنى آخر فلا يكون كذلك .

فعليك أن تتأمل في قوله ، صلى الله عليه وسلم : " إن الله خلق آدم على صورته " ليندفع ذلك الوهم .

قال رضي الله عنه :  (وهو قوله : "وإليه يرجع الأمر كله " . حقيقة وكشفا " فاعبده وتوكل عليه " حجابا وسترا . ) أي ، قولنا : ( فما ظهرت الأحكام إلا فيه ومنه ) .

وهو معنى قوله تعالى : " وإليه يرجع الأمر كله " . أي ، مآل الأمور ، حسنها وقبيحها ، نعيمها وجحيمها ، كلها يرجع إليه تعالى حقيقة وكشفا ، كما قال تعالى : "قل كل من عند الله " .
فإذا كان الأمر كذلك ، فاعبده بما أمرك به وما استطعت عليه ، وتوكل على الله حال كونه محجوبا مستورا عن نظرك .
أو حال كونك في الحجاب والستر عن الله . والمعنى واحد .

قال رضي الله عنه :  ( فليس في الإمكان أبدع من هذا العالم ، لأنه على صورة الرحمن. ).
أي ، فإذا كان هويته تعالى هوية العالم ، ويرجع جميع ما في العالم من الأمور إليه تعالى ، فليس في الإمكان أبدع وأحسن من نظام هذا العالم ، لأنه مخلوق على صورة الرحمن .

وإنما جعل العالم مخلوقا على صورة الرحمن ، لأنه تفصيل ما تجمعه الحقيقة الإنسانية المخلوقة على صورة الرحمن ( أوجده الله ، أي ، ظهر وجوده تعالى بظهور العالم ، كما ظهر الإنسان بوجود الصورة الطبيعية . ) أي ، أوجد الحق العالم .

ثم ، لما كان وجود العالم مستدعيا لوجود الحق - لأنه محدث ولا بد له من محدث أحدثه وهو الحق سبحانه - فسر ( أوجده الله ) تعالى بقوله : ( أي ظهر ) .
وذلك لأن الحق غيب العالم وباطنه ، فظهر بالعالم ، كما أن الحقيقة الإنسانية غيب هذه الصورة الطبيعية ، فظهرت بها .

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ
:
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإذا كان الحق هوية العالم، فما ظهرت الأحكام كلها إلا منه وفيه، وهو قوله «وإليه يرجع الأمر كله» حقيقة وكشفا «فاعبده وتوكل عليه» حجابا وسترا.
فليس في الإمكان أبدع من هذا العالم لأنه على صورة الرحمن، أوجده الله أي ظهر وجوده تعالى بظهور العالم كما ظهر الإنسان بوجود الصورة الطبيعية.  ).
 
قال رضي الله عنه :  ( وإذا كان الحقّ هويّة العالم ، فما ظهرت الأحكام كلّها إلّا منه وفيه ، وهو قوله تعالى : وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ حقيقة وكشفا فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ [ هود : 123 ] حجابا وسترا ، فليس في الإمكان أبدع من هذا العالم لأنّه على صورة الرّحمن ، أوجده اللّه أي : ظهر وجوده تعالى بظهور العالم كما ظهر الإنسان بوجود الصّورة الطّبيعيّة ).

قال رضي الله عنه :  ( وإذا كان الحق ) بإشراق نور وجوده على حقائق العالم ( هوية العالم ) أي : كونه ، ( فأظهرت الأحكام ) كالغضب بالمعنى الحقيقي والانتقام واللطف والإنعام ( إلا ) فيه أي : في صور ظهوره .
( ومنه ) أي : من ظهوره بصفة القهر والحلال أو اللطف والجمال أو غير ذلك ، وهو أي : دليل ظهور الأحكام ( فيه ) ، ومنه قوله :(وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ [هود : 123] حقيقة وكشفا)،

وإن رجع بعضه إلى غيره حجابا وسترا ، فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ عبادة وتوكلا يرجعان إليك حجابا وسترا ، وهما من أفعاله في صور ظهوره في مرآتك ؛ فهو الموجد لهما ،
وإن كان لك كسبهما تكون صورته التي هي مجليهما منطبعة في مرآتك حديث فيها بنظره إليها ، وإن لم يكن صورة في ذاته ؛ ولذلك لا يسمى عابدا متوكلا إذ لا يتصف بهما في ذاته ،
بل في ظهوره بصورة ليست له في ذاته ، وهي لك حجابا وسترا ، وإذا كان الكل راجعا إلى الحق بكونهم صور أسمائه ، وكون أحكامهم ظاهرة فيه ومنه ، ولا كمال وراء كماله ،

قال رضي الله عنه :  ( فليس في الإمكان أبدع ) أي : أكمل ( من هذا العالم ) ، وإن كان مشتملا على النقائض والشرور ؛ ( لأنه على صورة الرحمن ) ، وهو الاسم المفيض للوجود العام الشامل على سائر الأسماء المفيضة إذا ( وجده اللّه ) بإشراق نوره على أعيانه ، وهو نور واحد قبل كل عين منه ما يسعها ولا نقصان ، ولا شر في إشراقه ، وإنما هما من أعيان العالم ، ولا يمكن تبديلهما لامتناع قلب الحقائق ؛
ولكون إيجاده على صور أسماء الحق صح فيه أن يقال : ( أي : ظهر وجوده تعالى بظهور العالم ) ؛ لأن الوجود العام الشامل على صور الأسماء صورة وجود الحق الشامل على أسمائه صارت في المرايا محسوسة بعد ما كانت في ذاته معقولة .

وهذا الظهور للحق بهذه الصورة مع تنزهه عنها ( كما ظهر الإنسان ) ، أي : روحه مع تنزيهه عن الصورة المحسوسة في ذاته ( بوجود الصورة الطبيعية ) لبدنه ظهر فيها بالتدبير ، وسائر ما فيه من المعاني تصورت فيه بالصور المحسوسة كالسمع والبصر وغير ذلك ، وإذا كان العالم للحق بمنزلة الصورة الطبيعية لنا ،

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإذا كان الحق هوية العالم، فما ظهرت الأحكام كلها إلا منه وفيه، وهو قوله «وإليه يرجع الأمر كله» حقيقة وكشفا «فاعبده وتوكل عليه» حجابا وسترا.
فليس في الإمكان أبدع من هذا العالم لأنه على صورة الرحمن، أوجده الله أي ظهر وجوده تعالى بظهور العالم كما ظهر الإنسان بوجود الصورة الطبيعية.  ).
 
قال رضي الله عنه : (وإذا كان الحقّ هويّة العالم فما ظهرت الأحكام كلها إلا فيه ومنه)
فلا يكون الغضب والانتقام إلا له ، (وهو قوله : “وَإِلَيْه ِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّه ُ“ [ 11 / 123 ] حقيقة وكشفا ) .

وينبغي أن يعلم هاهنا أنّ العلم له مدرجتان في العالم عند إنفاذ حكمه فيه - يعني إظهار المعلوم - إحداهما تبيّنه في نفس العالم وتيقّنه وتحقّقه فيها ، ويلزمه إظهار المعلوم للعالم فقط .

والأخرى هي مبدأ تبيّنه مع ذلك التيقّن وكشفه ، ويلزمه الإظهار للعالم ولمن يقربه في النسبة ممن يفهم عرفه ووجوه تخاطبه . ثمّ إنّه إذ قد وقع في عبارته ما هو مبدأ لهذين المرتبتين ،

حيث قال : « ما ظهرت الأحكام كلها إلا فيه ومنه » أي متحقّقة فيه ، وظاهرة منه أفصح عنهما في مرتبة العلم والعين ، بجميع الأحوال التابعة لهما ، تبيينا لكليّة حكمته وتعميما لخصائص ذوقه ، فإنّ ذلك هو المستتبع لانتظام قوانين التوحيد وتطبيق لطائف جمال الإجمال منه بدقائق جلائل التفصيل وإلى المرتبتين الأخريين
أشار بقوله : (" فَاعْبُدْه ُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْه ِ") أي فاعبده تحقّقا ، وتوكَّل عليه كشفا وتبيينا ، حتى تكون العبادة ( حجابا و ) التوكَّل ( سترا ) فقد طابق بهذا التحقيق الإجمال بالتفصيل علما وعينا وحالا .

ظهور الحقّ بظهور العالم
ثمّ إنّه إذا كان العالم هذا - مع أنّ الحقّ عين هويّته - يكون محلا للأحكام المتقابلة ، والكلّ منه وفيه .

ولهذا قال : ( وليس في الإمكان أبدع من هذا العالم ، لأنّه على صورة الرحمن أوجده الله ) وهو شامل لجميع الأسماء ، فله أحديّة الجمع الوجوديّة فكلّ شيء على صورته له وجود الحقّ ، وبه ظهوره .

ولهذا قال : ( أي ظهر وجوده تعالى بظهور العالم ) فإنّه ظهر بالعالم أحكام سائر الأسماء جمعا وفرادى ( كما ظهر الإنسان بوجود الصورة الطبيعيّة ) فإنّه ما لم توجد هذه الصورة لم تكن لأوصاف الإنسان وأحكامه أثر .

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإذا كان الحق هوية العالم، فما ظهرت الأحكام كلها إلا منه وفيه، وهو قوله «وإليه يرجع الأمر كله» حقيقة وكشفا «فاعبده وتوكل عليه» حجابا وسترا.
فليس في الإمكان أبدع من هذا العالم لأنه على صورة الرحمن، أوجده الله أي ظهر وجوده تعالى بظهور العالم كما ظهر الإنسان بوجود الصورة الطبيعية.  ).
قال رضي الله عنه :  ( وإذا كان الحق هوية العالم، فما ظهرت الأحكام كلها إلا منه وفيه، وهو قوله «وإليه يرجع الأمر كله» حقيقة وكشفا «فاعبده وتوكل عليه» حجابا وسترا. فليس في الإمكان أبدع من هذا العالم لأنه على صورة الرحمن، أوجده الله أي ظهر وجوده تعالى بظهور العالم كما ظهر الإنسان بوجود الصورة الطبيعية.  ).
قال رضي الله عنه :  ( وإذا كان الحق هوية العالم فما ظهرت الأحكام كلها إلا فيه ) ، باعتبار أنه محل لظهورها ( ومنه ) باعتبار أنه مبدأ لها فلا عليك إذا أسندتها إليه تعالى ( و ) ما يدل على ما ذكرناه من عدم ظهور الأحكام إلا فيه ومنه ( هو قوله : وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ) ، أي أمر الوجود ذاتا وصفة وفعلا ( كله حقيقة وكشفا ) ولا تمتنع من عبودته بانكشاف هذه الحقيقة عليك ( فاعبده وتوكل عليه حجابا وسترا ) ،

أي من حيث أن حجاب العبودية بينك وبينه مسدول ، وهو به عنك مستور . وإذا كان هويته تعالى هوية العالم وترجع جميع أمور العالم إليه ( فليس في الإمكان أبدع من هذا العالم ، لأنه ) تفصيل ما تجمعه الحقيقة الإنسانية وهي مخلوقة .

قال رضي الله عنه :  ( على صورة الرحمن أوجده اللّه تعالى ، أي أظهر وجوده تعالى بظهور العالم كما الصّورة الطّبيعيّة ) . العنصرية
 .
واتساب

No comments:

Post a Comment