Saturday, January 25, 2020

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية الفقرة الأولى .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية الفقرة الأولى .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية الفقرة الأولى .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
متن فصوص الحكم الشيخ الأكبر محمد ابن العربي الطائي الحاتمي 638 هـ :
19 - فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية
اعلم أن سر الحياة سرى في الماء فهو أصل العناصر والأركان، ولذلك جعل الله «من الماء كل شيء حي»: وما ثم شيء إلا وهو حي، فإنه ما من شيء إلا وهو يسبح بحمد الله ولكن لا نفقة تسبيحه إلا بكشف إلهي.
ولا يسبح إلا حي. فكل شيء حي. فكل شيء الماء أصله.
ألا ترى العرش كيف كان على الماء لأنه منه تكون فطفا عليه فهو يحفظه من تحته، كما أن الإنسان خلقه الله عبدا فتكبر على ربه وعلا عليه، فهو سبحانه مع هذا يحفظه من تحته بالنظر إلى علو هذا العبد الجاهل بنفسه، وهو قوله عليه السلام «لو دليتم بحبل لهبط على الله».
فأشار إلى نسبة التحت إليه كما أن نسبة الفوق إليه في قوله «يخافون ربهم من فوقهم»، «وهو القاهر فوق عباده». فله الفوق والتحت.
ولهذا ما ظهرت الجهات الست إلا بالإنسان، وهو على صورة الرحمن.
ولا مطعم إلا الله، وقد قال في حق طائفة «ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل»، ثم نكر وعم فقال «وما أنزل إليهم من ربهم»، فدخل في قوله «وما أنزل إليهم من ربهم» كل حكم منزل على لسان رسول أو ملهم، «لأكلوا من فوقهم» وهو المطعم من الفوقية التي نسبت إليه، «ومن تحت أرجلهم»، وهو المطعم من التحتية التي نسبها إلى نفسه على لسان رسوله المترجم عنه صلى الله عليه وسلم.
ولو لم يكن العرش على الماء ما انحفظ وجوده، فإنه بالحياة ينحفظ وجود الحي.
ألا ترى الحي إذا مات الموت العرفي تنحل أجزاء نظامه وتنعدم قواه عن ذلك النظم الخاص؟
قال تعالى لأيوب «اركض برجلك هذا مغتسل»، يعني ماء، «بارد» لما كان عليه من إفراط حرارة الألم، فسكنه الله ببرد الماء.
ولهذا كان الطب النقص من الزائد والزيادة في الناقص.
والمقصود طلب الاعتدال، ولا سبيل إليه إلا أنه يقاربه.
وإنما قلنا ولا سبيل إليه- أعني الاعتدال- من أجل أن الحقائق والشهود تعطي التكوين مع الأنفاس على الدوام، ولا يكون التكوين إلا عن ميل في الطبيعة يسمى انحرافا أو تعفينا وفي حق الحق إرادة وهي ميل إلى المراد الخاص دون غيره.
والاعتدال يؤذن بالسواء في الجميع، وهذا ليس بواقع، فلهذا منعنا من حكم الاعتدال.
وقد ورد في العلم الإلهي النبوي اتصاف الحق بالرضا والغضب، وبالصفات.
والرضا مزيل للغضب، والغضب مزيل للرضا عن المرضي عنه والاعتدال أن يتساوى الرضا والغضب، فما غضب الغاضب على من غضب عليه وهو عنه راض.
فقد اتصف بأحد الحكمين في حقه وهو ميل.
وما رضي الراضي عمن رضي عنه وهو غاضب عليه، فقد اتصف بأحد الحكمين في حقه وهو ميل.
وإنما قلنا هذا من أجل من يرى أن أهل النار لا يزال غضب الله عليهم دائما أبدا في زعمه .
فما لهم حكم الرضا من الله، فصح المقصود.
فإن كان كما قلنا مآل أهل النار إلى إزالة الآلام وإن سكنوا النار، فذلك رضا:
فزال الغضب لزوال الآلام إذا عين الألم عين الغضب إن فهمت.
فمن غضب فقد تأذى، فلا يسعى في انتقام المغضوب عليه بإيلامه إلا ليجد الغاضب الراحة بذلك، فينتقل الألم الذي كان عنده إلى المغضوب عليه.
والحق إذا أفردته عن العالم يتعالى علوا كبيرا عن هذه الصفة على هذا الحد.
وإذا كان الحق هوية العالم، فما ظهرت الأحكام كلها إلا منه وفيه، وهو قوله «وإليه يرجع الأمر كله» حقيقة وكشفا «فاعبده و توكل عليه» حجابا وسترا .
فليس في الإمكان أبدع من هذا العالم لأنه على صورة الرحمن، أوجده الله أي ظهر وجوده تعالى بظهور العالم كما ظهر الإنسان بوجود الصورة الطبيعية.
فنحن صورته الظاهرة، وهويته روح هذه الصورة المدبرة لها.
فما كان التدبير إلا فيه كما لم يكن إلا منه.
فـ هو «الأول» بالمعنى «والآخر» بالصورة وهو «الظاهر» بتغير الأحكام والأحوال، «والباطن» بالتدبير، «وهو بكل شيء عليم» فهو على كل شيء شهيد، ليعلم عن شهود لا عن فكر.
فكذلك علم الأذواق لا عن فكر وهو العلم الصحيح وما عداه فحدس وتخمين ليس بعلم أصلا.
ثم كان لأيوب عليه السلام ذلك الماء شرابا لإزالة ألم العطش الذي هو من النصب والعذاب الذي مسه به الشيطان، أي البعد عن الحقائق أن يدركها على ما هي عليه فيكون بإدراكها في محل القرب.
فكل مشهود قريب من العين ولو كان بعيدا بالمسافة.
فإن البصر يتصل به من حيث شهوده ولولا ذلك لم يشهده، أو يتصل المشهود بالبصر كيف كان.  فهو قرب بين البصر والمبصر.
ولهذا كنى أيوب في المس، فأضافه إلى الشيطان مع قرب المس فقال البعيد مني قريب لحكمه في.
وقد علمت أن البعد والقرب أمران إضافيان، فهما نسبتان لا وجود لهما في العين مع ثبوت أحكامها في البعيد والقريب.
واعلم أن سر الله في أيوب الذي جعله عبرة لنا وكتابا مسطورا حاليا تقرؤه هذه الأمة المحمدية لتعلم ما فيه فتلحق بصاحبه تشريفا لها.
فأثنى الله عليه- أعني على أيوب- بالصبر مع دعائه في رفع الضر عنه.
فعلمنا أن العبد إذا دعا الله في كشف الضر عنه لا يقدح في صبره وأنه صابر وأنه نعم العبد كما قال تعالى «إنه أواب» أي رجاع إلى الله لا إلى الأسباب، والحق يفعل عند ذلك بالسبب لأن العبد يستند إليه، إذ الأسباب المزيلة لأمر ما كثيرة والمسبب واحد العين.
فرجوع العبد إلى الواحد العين المزيل بالسبب ذلك الألم أولى من الرجوع إلى سبب خاص ربما لا يوافق علم الله فيه، فيقول إن الله لم.
فعمل أيوب بحكمة الله إذ كان نبيا، لما علم أن الصبر الذي هو حبس النفس عن الشكوى عند الطائفة، وليس ذلك بحد للصبر عندنا.
وإنما حده حبس النفس عن الشكوى لغير الله لا إلى الله.
فحجب الطائفة نظرهم في أن الشاكي يقدح بالشكوى في الرضا بالقضاء، وليس كذلك، فإن الرضا بالقضاء لا تقدح فيه الشكوى إلى الله ولا إلى غيره، وإنما تقدح في الرضا بالمقضي.
ونحن ما خوطبنا بالرضا بالمقضي.
والضر هو المقضي ما هو عين القضاء.
وعلم أيوب أن في حبس النفس عن الشكوى إلى الله في رفع الضر مقاومة القهر الإلهي، وهو جهل بالشخص إذ ابتلاه الله بما تتألم منه نفسه، فلا يدعو الله في إزالة ذلك الأمر المؤلم، بل ينبغي له عند المحقق أن يتضرع ويسأل الله في إزالة ذلك عنه، فإن ذلك إزالة عن جناب الله عند العارف صاحب الكشف: فإن الله قد وصف نفسه بأنه يؤذي فقال «إن الذين يؤذون الله ورسوله».
وأي أذى أعظم من أن يبتليك ببلاء عند غفلتك عنه أو عن مقام إلهي لا تعلمه لترجع إليه بالشكوى فيرفعه عنك، فيصح الافتقار الذي هو حقيقتك، فيرتفع عن الحق الأذى بسؤالك إياه في رفعه عنك، إذ أنت صورته الظاهرة.
كما جاع بعض العارفين فبكى فقال له في ذلك من لا ذوق له في هذا الفن معاتبا له، فقال العارف «إنما جوعني لأبكي».
يقول إنما ابتلاني بالضر لأسأله في رفعه عني، وذلك لا يقدح في كوني صابرا.
فعلمنا أن الصبر إنما هو حبس النفس عن الشكوى لغير الله، وأعني بالغير وجها خاصا من وجوه الله.
وقد عين الله الحق وجها خاصا من وجوه الله وهو المسمى وجه الهوية فتدعوه من ذلك الوجه في رفع الضر لا من الوجوه الأخر المسماة أسبابا، وليست إلا هو من حيث تفصيل الأمر في نفسه.
فالعارف لا يحجبه سؤاله هوية الحق في رفع الضر عنه عن أن تكون جميع الأسباب عينه من حيثية خاصة.
وهذا لا يلزم طريقته إلا الأدباء من عباد الله الأمناء على أسرار الله، فإن لله أمناء لا يعرفهم إلا الله ويعرف بعضهم بعضا.
وقد نصحناك فاعمل وإياه سبحانه فاسأل.

متن نقش فصوص الحكم للشيخ الأكبر محمد ابن العربي الطائي الحاتمي 638 هـ :

19 - نقش فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية
لمّا لم يناقض الصبر الشكوى إلى الله ولا قاوم الإقتدار الإلهي لصبره .
وعُلم هذا منه . أعطاه الله أهله ومثلهم معهم .
وركض برجله عن أمر ربه . فأزال بتلك الركضة آلامه .
ونبع الماء الذي هو سر الحياة السارية في كل حي طبيعي . فمن ماءٍ خُلق . وبه يرى . فجعله رحمةً لهُ . وذكرى لنا وله .
ورفق به فيما نذره تعليماً لنا ليتميز في الموّفين بالنذر .
وجعلت الكفارة في أمة محمدٍ صلى الله عليه وسلم لسترهم عما يعرض لها من العقوبة في الحنث .
والكفارة عبادة . والأمر بها أمرٌ بالحنث . إذ رأى خيراً مما حلف عليه . فراعى الإيمان . وإن كان في معصية ذاكرٌ لله فيطلب العضو الذاكر نتيجة ذكره إياه .
وكونه في معصية أو طاعة حكم آخر لا يلزم الذاكر منه شيء .
الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص صدر الدين القونوي 673 هـ :
19 - فك ختم الفص الايوبى
1 / 19 -  اعلم ان في تسمية هذه الحكمة بالحكمة الغيبية سرين كبيرين أنبه عليهما ان شاء الله تعالى ، فالسر الأول منها : هو ان المحن والبلايا من حيث صورتها مؤلمة بالنسبة الى جميع الناس غير ملائمة لنفوسهم وطباعهم ولا يصبر عليها الا من قويت نسبته من العوالم الغيبية وجزم بحسن نتائجها وثمراتها المرضية ، لتصديقه الاخبارات الإلهية والنبوية ، او لاطلاعه على العوالم التي وراء الحس ، فيهون ذلك عليه الصبر على مضض المحن لما يعلمه او يرجوه من حسن العاقبة واجنائه ثمرات ما يقاسيه من المكاره ، و على كلا التقديرين فالنفع مغيب والعذاب مشهود حاضر .

2 / 19 - والسر الاخر هو ان الإنسان وان جزم عن ايمان محقق او عيان ، ان للصبر على المحن ثمرات مرضية ، فإنه لا يلزم من ذلك رجوع ما ذهب عنه بعينه فكيف ان يعاد اليه عين ما تلف ومثله معه في الدنيا ؟
وكلا السرين تضمنها حال ايوب عليه السلام .

3 / 19 -  وقد فتحت لك باب هذا المقام فلج فيه ان كنت من اهله ، انك ان ولجت فيه استشرفت على جملة من اسرار التكاليف واسرار العبادات الشاقة البدنية والنفسانية وفائدة التحريض عليها وسر المجازاة عليها في الآخرة ، وفي الدنيا دون الآخرة ، وفي الدنيا والآخرة معا وعرفت الفرق بين المواهب الإلهية الواردة ابتداء وليس لكسب فيها مدخل وبين ما تنتجه المكاسب في ظاهر الإنسان وباطنه وغير ذلك مما يتعلق بهذا الباب .

4 / 19 - ثم اعلم : ان البلاء والمحن التي تلحق بالأنبياء والأكابر من اهل الله ينقسم الى ثلاثة اقسام ، لكل قسم منها موجب وحكم وثمرة : فتارة يكون بالنسبة الى البعض مصاقيل لقلوبهم ومتممات لاستعداداتهم الوجودية المجعولة ، لتهيئوا بذلك الأمور لقبول ما يتم به لهم اذواق مقاماتهم التي حصلوها ولم يكمل لهم التحقيق بها ، فيكون تلبسهم بتلك المحن سببا لاستيفائهم ذوق مقامهم الناقص وترقيهم فيه الى ذروة سنامه الموجب الاطلاع على ما فيه ، فإنه من لم يتكلم على المقام - اى مقام كان - ولم يترجم عنه بطريق الحصر لاصوله والاستشراف على جملة ما فيه ، فإنه انما يتكلم على ذوقه من ذلك المقام ليس بحاكم عليه ومحيط به ، فافهم .

5 / 19 - وموجب القسم الثاني هو سبق علم الحق بان المقام الفلاني سيكون لزيد لا محالة ، مع علم الحق ايضا ان حصول ذلك المقام لمن قدر حصوله له لا بد وان يكون للكسب فيه مدخل ، فلا يتمحض الموهبة الذاتية فيه ، فان ساعد القدر الإلهي والتوفيق بارتكاب الأعمال التي هي شروط في حصول ذلك المقام ، كان ذلك ، وان لم يساعد القدر ولم يف العمر باستيفاء تلك المشترط ارتكابها للتحقق بذلك المقام ، أرسل الله المحن على صاحب المقام ورزقه الرضا بها والصبر عليها وحبس النفس فيه عن الشكوى الى غير الله والاستعانة في رفعها بسواه ، فكان ذلك كله عوضا عن تلك الأعمال المشترط فيها ذكرنا وقائمة مقامها ، فحصل للمقام المقدر حصوله عليها .

6 / 19 - فان الصبر والرضاء والإخلاص لله دون الالتجاء الى غيره وطلب المعونة من سواه - كلها اعمال باطنة يسرى حكمها في الأحوال الظاهرة - كالنية ونحوها - فاعلم ذلك وتدبر ما ذكرت لك تعرف كثيرا من اسرار محن ايوب عليه السلام وما ابتلى به وثمراته .

7 / 19  اما موجب القسم الثالث فهو سعة مرآة حقائق الأكابر المضاهية للحضرة الإلهية المترجم عنها بقوله تعالى : " وإِنْ من شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُه " [ الحجر / 21 ] فمن كانت مرآة حقيقته اوسع ، كان قبوله مما في الحضرة وحظه منها اوفر ، فكما ان حظهم مما يعطى السعادة ويثمر مزيد القرب من الحق سبحانه والاحتظاء بعطاياه الاختصاصية اوفر ، فكذلك قبول ما لا يلائم الطبع والمزاج العنصري الذي به تمت الجمعية وصحت المضاهاة المذكورة يكون اكثر .
فافهم هذا ، قد أوضحت لك اسرار المحن والبلايا المختصة بالاكابر محصورة الأقسام .

8 / 19 - واما الخصيصة بعموم المؤمنين : فهي وان كانت من بعض فروع القسم الأول ، لكن أخبرت الشريعة باحكامها وثمراتها ، فلا حاجة الى بسط القول في ذلك ، لا سيما بعد استيفاء بيان ما خفى من اسرار الحال الايوبى عليه السلام لمن تذكر ما ذكرنا.


كلمات و مصطلحات وردت في فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية

مصطلح أيوب
في اللغة أيوب أحد أنبياء بني إسرائيل اشتهر بصبره على فقد أهله وماله وما أصابه من أمراض  

في الاصطلاح الصوفي
يقول الإمام القشيري:
" أيوب : لكثرة إيابه إلى الله في جميع أحواله في السراء والضراء ، والشدة والرخاء ".

يقول الدكتور يوسف زيدان:
" أيوب عليه السلام : يشير  إلى الوله والمحبة " .

يقول الشيخ عبد الغني النابلسي في أنواع خلوات الأنبياء:
" كانت خلوة أيوب في البلاء .
وكانت خلوة إبراهيم في النار .
وكانت خلوة موسى في التابوت في اليم أولا ، ثم بالاعتزال والصيام .
وكانت خلوة يونس وكمال رياضته في بطن الحوت " .

يقول الشريف الجرجاني :
" الصبر هو ترك الشكوى من ألم البلوى لغير اللّه لا إلى اللّه لأن اللّه تعالى اثنى على أيوب، عليه السلام بالصبر بقوله إنا وجدناه صابرا، مع دعائه في دفع الضر عنه،
بقوله :"وأيوب إذ نادى ربه انّى مسنّى الضر وأنت ارحم الراحمين"،
فعلمنا ان العبد إذا دعى اللّه تعالى في كشف الضر عنه لا يقدح في صبره،
ولئلا يكون كالمقاومة مع اللّه تعالى ودعوى التحمل بمشاقة،
قال اللّه تعالى "ولقد اخذناهم بالعذاب فما استكانوا لر بهم وما يتضرعون"،
فان الرضا بالقضاء لا يقدح فيه الشكوى إلى اللّه ولا إلى غيره وانما يقدح بالرضا في المقضى، ونحن ما خوطبنا بالرضا بالمقضي والضرّ هو المقضي به، وهو مقتضى عين العبد سواء رضي به أو لم يرضى.
كما قال صلى اللّه عليه وسلم : "من وجد خيرا فليحمد اللّه ومن وجد غير ذلك فلا يلومنّ الا نفسه" ، وانما لزم الرضاء بالقضاء لأن العبد لا بد ان يرضى بحكم سيده "

يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي :
" اعلم إن ترك الترك إمساك ، والزهد ترك ، وترك الزهد : ترك الترك ، فهو عين رجوعك إلى ما زهدت فيه ، لأن العلم الحق ردك إليه والحال يطلبه ، فما له حقيقة في باطن الأمر ، لكن له حكم في الظاهر ، فيصح هذا القدر منه وبقى ، هل يقع الإمساك الذي هو ترك الزهد عن رغبة في الممسوك أو لا عن رغبة فاختلفت أحوال الناس فيه ...
فمن أمسك لا عن رغبة ، فهو زاهد أمين على إمساك حقوق الغير حتى يؤديها إلى أربابها في الأوقات المقدرة المقررة . "

يقول الشيخ أبو علي الدقاق :
" حقيقة الصبر : هو الخروج من البلاء على حسب الدخول فيه مثل أيوب عليه السلام قال في آخر بلائه : " مسني الضر وأنت أرحم الراحمين" .
فحفظ أدب الخطاب حيث عرض بقوله : "وأنت أرحم الراحمين " ولم يصرح بقوله ارحمني ".

ويقول الإمام القشيري :
" ليس الصبر ألا تذكر البلاء لفظا ونطقا ، بل هو ألا تعترض بقلبك على قضائه وقدره ، وإن ذكرت حالك له ، ورفعت قصتك إليه بلفظ لك ،
ودليل ذلك أن أيوب عليه السلام قال : " أني مسني الشيطان بنصب وعذاب " ،
وقال : " أني مسني الضر " ، ومع هذا كله لما كان راضيا بقلبه ، غير مغير ظنه قال الله تعالى في حقه : " إنا وجدناه صابرا " .

يقول الشيخ أحمد الكمشخانوي النقشبندي :
" قيل : إنما قال الله تعالى في حق أيوب عليه السلام : " إنا وجدناه صابرا " .
ولم يقل صبورا ، والصبور أبلغ في معنى الصبر من الصابر .
لأنه لم يكن في جميع أحواله في حالة الصبر ، بل كان في بعض أحواله يتلذذ بالبلاء ويستعد به ، فلم يكن في تلك الحال صابرا لأن الصبر لا يكون إلا مع المشقة والكراهة " .

يقول الشيخ عبد العزيز الدباغ :
" الضر الذي مس أيوب عليه السلام هو الإلتفات إلى غيره تعالى ، وهو أعظم ضر عند العارفين ".
مصطلحات : الوجه الإلهي  - وجه الهوية  - الوجه الخاص

يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي :
" العارفون فإنهم عرفوا أن لله وجها خاصا في كل موجود ، فهم لا ينظرون أبدا إلى شيء من حيث أسبابه ، وإنما ينظرون فيه من الوجه الذي لهم من الحق ، فينظر بعين حق ، فلا يخطئ أبدا ".

و يقول ابن العربي الطائي الحاتمي :
" إنما سمي النزول من الملائكة إلينا عروجا ، والعروج إنما هو لطالب العلو ، لأن لله في كل موجود تجليا ووجها خاصا به يحفظه  ولما كان للحق سبحانه صفة العلو على الإطلاق ، سواء تجلى في السفل أو العلو ، فالعلو له .

يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي في الوجه الالهي:
" العارفون عرفوا أن لله وجها خاصا في كل موجود ، فهم لا ينظرون أبدا إلى شيء من حيث أسبابه ، وإنما ينظرون فيه من الوجه الذي لهم من الحق ، فينظر بعين حق فلا يخطئ أبدا".

وانما سمي النزول من الملائكة الينا عروجا، والعروج انما هو لطالب العلو، لان للّه في كل موجود تجليا ووجها خاصا به يحفظه. . . ولما كان للحق سبحانه صفة العلو على الاطلاق، سواء تجلى في السفل أو العلو، فالعلو له.
ان للّه تعالى في كل موجود وجها خاصا، يلقي اليه "إلى الموجود" منه "من الوجه الخاص" ما يشاء، مما لا يكون لغيره من الوجوه، ومن ذلك الوجه: يفتقر كل موجود اليه. . . " (ف 2/ 423).

في المعجم الصوفي الحكمة في حدود الكلمة د. سعاد الحكيم (ص: 1141)
5 - الوجه الخاصغيب، سر الهي ". . . وهذا النوع من الغيب لا يكون الا من الوجه الخاص، لا يعلم ملك ولا غيره الا الرسول خاصة. . . " (ف 4/ 128).

". . . فالنية في الاعمال لا تكون من العبد، الا من: الوجه الخاص " لأنها حتى يبقى بالسر الإلهي الذي هو الوجه الخاص الذي من اللّه اليه، فإذا بقي وحده رفع عنه حجاب السر فيبقى معه تعالى. . . " (ف 3/ 343).

الوجه الخاص: نكرة استعمل ابن العربي عبارة " الوجه الخاص " نكرة للإشارة إلى تعيين الألوهية، بوجه من وجوهها اي اسم من أسمائها في مقابل الاسم اللّه "له جمعية الوجوه - لا يتقيد".
يقول: " فعلمنا ان الصبر انما هو: حبس النفس عن الشكوى لغير اللّه،
وأعني بالغير: وجها خاصا من وجوه اللّه، وقد عينّ اللّه الحق وجها خاصا من وجوه اللّه وهو المسمى: وجه الهوية، فتدعوه من ذلك الوجه في رفع الضر لا من الوجوه الأخر المسماة أسبابا. . . " (الفصوص 1/ 175).

يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي عن وجه الهوية:
وجه الهوية : هو وجه خاص من وجوه الله  .


وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ (19) سورة البقرة
إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (120) آل عمران
وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا (108) سورة النساء
 وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطًا (126) سورة النساء
وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (47) سورة الأنفال
إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (92) سورة هود
أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ (54) سورة فصلت
وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ (20) سورة البروج

  .
واتساب

No comments:

Post a Comment