Friday, January 31, 2020

السفر العشرون فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية الفقرة الثانية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر العشرون فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية الفقرة الثانية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر العشرون فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية الفقرة الثانية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي


موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( هذه حكمة الأولية في الأسماء، فإن الله سماه يحيى أي يحيا به ذكر زكريا.
و«لم نجعل له من قبل سميا» فجمع بين حصول الصفة التي فيمن غبر ممن ترك ولدا يحيا به ذكره وبين اسمه بذلك.
فسماه يحيى فكان اسمه يحيى كالعلم الذوقي، فإن آدم حيي ذكره بشيث ونوحا حيي ذكره بسام، وكذلك الأنبياء. عليهم السلام )   
20   - فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية
هذا فص الحكمة اليحيوية ، ذكره بعد حكمة أيوب عليه السلام ، لأن سر الحياة الذي في الماء كان من حكمة أيوب عليه السلام ، وبذلك الماء حيي ذكر زكريا بيحيى عليه السلام ، لأنه ماء أبيه فحياة ذكره به ، ومن هنا قولهم : الولد سر أبيه ، لأن في الماء سر الحياة ، وإن كان المني ليس بماء في العرف العام ، فإنه ماء عند أهل الخصوص ولكن سر مادة بدنية مازجة لتفتح فيه صورة أصلها .
قال تعالى :فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ مِمَّ خُلِقَ ( 5 ) خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ ( 6 ) يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ( 7 ) [ الطارق : 5 - 7 ] .
وفي الحديث قال عليه السلام : « الماء من الماء » .  رواه مسلم ورواه ابن حبان ورواه غيرهما .
(فص حكمة جلالية) ، أي منسوبة إلى الجلال وهو الهيبة الإلهية والقبض الرباني والعظمة الرحمانية (في كلمة يحيوية .)
إنما اختصت حكمة يحيى عليه السلام بكونها جلالية ، لأن الغالب عليه عليه السلام كان في حياته الجلال والقبض ، فكان كثير البكاء والحزن من هيبة اللّه تعالى وجلاله ، حتى قيل إنه كان إذا اجتمع بابن خالته عيسى ابن مريم عليه السلام يقول له لما يراه عليه من السرور والبسط كأنك آمن من مكر اللّه تعالى ، فيقول له عيسى عليه السلام لما يرى عليه من غلبة الحزن والقبض كأنك آيس من رحمة اللّه تعالى .
وقيل : إنه رأى مرة أمه توقد النار فبكى من خوف اللّه تعالى فقالت له : ما يبكيك وأنت صغير فقال : إني رأيتك توقدين الحطب الكبار بالصغار أو كما قال صلى اللّه عليه وسلم .

قال رضي الله عنه :  (هذه حكمة الأوّلية في الأسماء ، فإنّ اللّه سمّاه يحيى أي يحيا به ذكر زكريّا ولم يجعل له من قبل سميّا . فجمع بين حصول الصّفة الّتي فيمن غبر ممّن ترك ولدا يحيى به ذكره ، وبين اسمه بذلك فسمّاه يحيى فكان اسمه يحيى كالعلم الذّوقيّ .  فإنّ آدم حيّي ذكره بشيث ، ونوحا حيّي ذكره بسام ، وكذلك الأنبياء عليهم السلام)
قال رضي الله عنه :  (هذه) ، أي حكمة يحيى عليه السلام  (حكمة الأوّلية في الأسماء )، أي ظهور اسم جديد لم يكن ظاهرا من قبل لظهور مسمى جديد لم يكن من قبل موجودا فإن اللّه تعالى (سماه) ، أي يحيى عليه السلام باسم يحيى فهي تسمية اللّه تعالى له أوحى تعالى بها إلى أبيه زكريا عليه السلام وقد ابتدأ اللّه تعالى له التسمية بذلك كما ابتدأه في مقامه المخصوص فهي يحيى أي يحيا به ذكر أبيه زكريا عليه السلام بعد موته لأن بالولد يحيا ذكر الأب فيبقى مذكورا به بعد موته كما ورد في الحديث :
« إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية وعمل ينتفع به وولد صالح يدعو له » .
قال رضي الله عنه :  (ولم يجعل اللّه) تعالى له ، أي ليحيى عليه السلام (من قبل) ، أي قبل معنى ما ذكر من نداء زكريا عليه السلام نداء خفيا وكون امرأته عاقرا وطلبه الغلام من اللّه تعالى والبشارة له به وخلقه سميا أي أحدا يسمى بهذا الاسم (فجمع) اللّه تعالى لزكريا عليه السلام (بين) نعمتين عظيمتين (حصول الصفة) له (التي) كانت فيمن غبر ، أي مضى وتقدم من الأنبياء عليهم السلام وهي قوله (ممّن ترك) بعد موته (ولدا) من أولاده (يحيا به ذكره) بحيث كل من رآه وعرفه تذكر أباه أو ظهرت عليه أخلاق أبيه وكمالاته وعلومه فورثه في مقامه ، فإذا مات كان ذكره ، أي ما كان يتذكره من العلم حيا بحياة ابنه بعده (وبين اسمه بذلك) ،
أي يحيى عليه السلام باسم لم يسم به غيره قبله إشارة منه تعالى لفظية إلى حصول الصفة الأولى (فسماه) اللّه تعالى (يحيى) بصيغة الفعل المضارع (فكان اسمه) ، أي اسم زكريا عليه السلام يحيى فلا يموت اسمه بموته (كالعلم الذوقي) ،
أي الذي في ذوق صاحبه ، أي كشفه والتحقق به ، فإنه ذكر صاحبه الذي إذا مات وترك ابنا له فيه من صلبه أو تربيته وتأديبه يحيى ذكره بذلك الابن ، بخلاف العلم الخيالي الذي لا يتجاوز فهم صاحبه وخزانة خياله ، فإنه ليس بعلم بل هو ظن وحدس ، إذ لو كان علما لذاقه صاحبه وتحقق به في نفسه وأخذه عن كشفه لا عن درسه ،
ولكنه علم غيره نقله بفهمه وبيانه ولقلق فيه بلسانه ، فليس بذكر لصاحبه حتى يحيا بعده بابن صلبي أو غيره فإن آدم عليه السلام (حيي ذكره) ، أي صار حيا بعد موته بشيث ابنه الوارث له في العلوم الإلهية (و) أن (نوحا) عليه السلام كذلك حيي ذكره بعد موته بسام ابنه الوارث في العلوم الإلهية .

قال رضي الله عنه :  (وكذلك الأنبياء عليهم السلام) كموسى عليه السلام حيي ذكره بعد موته بفتاه يوشع بن نون ، وكان رباه موسى عليه السلام ، وهي أن نبىء بعده ، وكداود عليه السلام أحيا اللّه تعالى ذكره بولده سليمان عليه السلام فعمر بيت المقدس ، ولم تستقم عمارته على يدي داود عليه السلام كما مر ذكره ، وكإبراهيم عليه السلام أحيا اللّه تعالى ذكره بابنيه إسماعيل وإسحاق .
ولهذا قال عليه السلام :الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعاءِ [ إبراهيم : 39 ] .
ويعقوب أحيا اللّه تعالى ذكره بيوسف عليه السلام ، ونبينا صلى اللّه عليه وسلم أحيا اللّه تعالى ذكره بعلي رضي اللّه عنه ، لأنه باب لمدينة العلم النبوي كما قال عليه السلام : « أنا مدينة العلم وعلى بابها ". رواه الحاكم في المستدرك والطبراني في المعجم الكبير وغيرهما
. وفي رواية : « وحلقتها معاوية » أخرجه الديلمي في مسند الفردوس  والعجلوني في كشف الخفاء
وورد أيضا : « إن اللّه جعل ذريتي في صلب علي بن أبي طالب » .رواه الطبراني في الكبير
 وورد : "كل بني أنثى تمات عصبتهم لأبيهم ما خلا ولد فاطمة فإني أنا عصبتهم وأنا أبوهم "
رواه الطبراني في الكبير و أبو يعلى في المسند .

 وإن كان أبو بكر وعمر رضي اللّه عنهما أفضل منه عندنا ، ولكن فضيلتهما من وجه آخر ، فإن ذكر النبي صلى اللّه عليه وسلم بعلوم الأذواق ما ظهر إلا بعلي وأولاده رضي اللّه عنهم ، فأحيا اللّه تعالى ذكره به لأنه رباه فهو ولده من التربية ، وتلقين الذكر في طرق الصوفية كلها راجع بالأسانيد إلى علي رضي اللّه عنه .

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( هذه حكمة الأولية في الأسماء، فإن الله سماه يحيى أي يحيا به ذكر زكريا.
و«لم نجعل له من قبل سميا» فجمع بين حصول الصفة التي فيمن غبر ممن ترك ولدا يحيا به ذكره وبين اسمه بذلك.
فسماه يحيى فكان اسمه يحيى كالعلم الذوقي، فإن آدم حيي ذكره بشيث ونوحا حيي ذكره بسام، وكذلك الأنبياء. عليهم السلام ) 
20 - فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية
اعلم أن وجه اختصاص كل حكمة في كلمة مخصوصة هو التفاوت في الظهور والتنصيص لا غير فلما كان أثر جلال اللّه تعالى غالبا على يحيى عليه السلام وكان النص واردا في حقه على ذلك اختصت هذه الحكمة بكلمة يحيى عليه السلام ولما كانت الجلال المطلق أولية في الصفات أي في الجمال المطلق إذ الجلال الخفاء وهو يلي الذات والجمال الظهور وهو بعد الخفاء لا بعدية زمانية .
وإلى هذا المعنى أشار بقوله : ( كنت كنزا مخفيا ) وكانت ليحيى عليه السلام أولية في الأسماء صح لحكمة يحيى الأسماء الجلالية والأولية لذلك صرح بالجلالية بقوله حكمة جلالية وبقوله ( هذه ) أي الحكمة الجلالية ( حكمة الأولية في الأسماء فإن اللّه سماه ) أي هذا الشخص ( بيحيى ) .
فسره بقوله : ( أي يحيى به ذكر زكريا ) أعلاما لاعتبار الصفة في هذا الاسم في يحيى عليه السلام ( ولم يجعل له من قبل سميا ) أي لم يسم اللّه بهذا الاسم أحدا قبل يحيى عليه السلام ( فجمع ) اللّه ( بين حصول الصفة التي ) حاصلة ( فيمن عبر ) أي مضى ( ممن ترك ولدا يحيى به ذكره وبين اسمه بذلك ) أي بيحيى ( فسماه ) أي الولد ( فكان اسمه يحيى ) كعينه ( كالعلم الذوقي ) الذي يحيي به قلوب الموتى بالجهل وإنما قلنا ممن ترك ولدا يحيي به ذكر أبيه
قال رضي الله عنه :  ( فإن آدم حي ذكره بشيث ونوحا حي ذكره بسام وكذلك الأنبياء عليهم السلام).
وإنما كان هذا الجمع عناية من اللّه في حق زكريا عليه السلام ، ولم يفعل في غيره من الأنبياء عليهم السلام.

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( هذه حكمة الأولية في الأسماء، فإن الله سماه يحيى أي يحيا به ذكر زكريا.
و«لم نجعل له من قبل سميا» فجمع بين حصول الصفة التي فيمن غبر ممن ترك ولدا يحيا به ذكره وبين اسمه بذلك.
فسماه يحيى فكان اسمه يحيى كالعلم الذوقي، فإن آدم حيي ذكره بشيث ونوحا حيي ذكره بسام، وكذلك الأنبياء. عليهم السلام ).

قال رضي الله عنه :  ( هذه حكمة الأولية في الأسماء، فإن الله سماه يحيى أي يحيا به ذكر زكريا.و«لم نجعل له من قبل سميا» فجمع بين حصول الصفة التي فيمن غبر ممن ترك ولدا يحيا به ذكره وبين اسمه بذلك. فسماه يحيى فكان اسمه يحيى كالعلم الذوقي، فإن آدم حيي ذكره بشيث ونوحا حيي ذكره بسام، وكذلك الأنبياء. عليهم السلام )
قلت : قال رضي الله عنه، إنما سمي يحيى لما فيه من أحياء ذكر أبيه زکریا، فكانت لفظة واحدة تنبئ بالإحياء وبالتسمية
وذكررضي الله عنه المفاضلة بين يحيى وبين عيسى عليه السلام بما يتضح من نفس كلامه.

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( هذه حكمة الأولية في الأسماء، فإن الله سماه يحيى أي يحيا به ذكر زكريا.
و«لم نجعل له من قبل سميا» فجمع بين حصول الصفة التي فيمن غبر ممن ترك ولدا يحيا به ذكره وبين اسمه بذلك.
فسماه يحيى فكان اسمه يحيى كالعلم الذوقي، فإن آدم حيي ذكره بشيث ونوحا حيي ذكره بسام، وكذلك الأنبياء. عليهم السلام )
 20 -  فصّ حكمة جلالية في كلمة يحيوية
كان الغالب على أحوال يحيى عليه السّلام الجدّ والجهد والقبض والبكاء ، بكى من خشية الله حتى خدت الدموع في خدوده أخاديد ، وكان لا يضحك إلَّا ما شاء الله ،
وهذه الخلال من حضرة القهر والجلال ، وكان مقتضى حقيقة القيام بمظهرية حضرة الجلال وتجلَّياتها ، ثم قتل في سبيل الله ،
وقتل على دمه سبعون ألفا حتى سكن دمه من فورانه ، ومنبعث تعيّن نفسه ومستقرّها بعد المفارقة سماء الأحمر عند الجليل القهّار ، ولهذا وأمثاله أضيفت هذه الحكمة إلى كلمته .

قال رضي الله عنه  : " هذه الحكمية  الأوّلية في الأسماء ، فإنّ الله سمّاه يحيى أي يحيا به ذكر زكريّا " . « في أكثر النسخ : حكمة الأوّلية . والأولى الحكمة »
يعني : أنّه لمّا طلب زكريّا من ربّه وارثا يرثه ، حتى يحيا به ذكره ، فأجاب الله دعاءه بوارث له يرثه ، وسمّاه يحيى ، أي بيحيى يحيا ذكره من باب الإشارات .

قال رضي الله عنه  : ( ولم "لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّ"   ، فجمع بين حصول الصفة التي فيمن غبر ممّن ترك ولدا يحيا به ذكره وبين اسمه بذلك ، فسمّاه يحيى ، فكان اسمه يحيى كالعلم الذوقي ، فإنّ آدم حيي ذكره بشيث ، ونوحا حيي ذكره بسام ، وكذلك  الأنبياء ، عليهم السلام).

يشير رضي الله عنه  : إلى أنّ هذه الحكمة الجلالية تتضمّن حكمة الأوّلية في الأسماء ، والجمع بين العلمية والصفة ، على خلاف العادة والوضع والمفهوم خرقا للعادة ، اختصاصا إلهيا وتشريفا لزكريّا ويحيى ،
كما جمع الاسم « الله » بين العلمية والصفات الدالَّة على حقائق الأحدية الجمعية الإلهية الجامعة لجميع الأسماء الذاتية والصفاتية والفعلية ، على ما استقصينا بيانه في شرح الخطبة .
فلذلك جمع الله لزكريّا في اسم ولده الذي وهبه الله بين كونه اسما علما مع دلالته على أنّ ذكره به يحيا .

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( هذه حكمة الأولية في الأسماء، فإن الله سماه يحيى أي يحيا به ذكر زكريا.
و«لم نجعل له من قبل سميا» فجمع بين حصول الصفة التي فيمن غبر ممن ترك ولدا يحيا به ذكره وبين اسمه بذلك.
فسماه يحيى فكان اسمه يحيى كالعلم الذوقي، فإن آدم حيي ذكره بشيث ونوحا حيي ذكره بسام، وكذلك الأنبياء. عليهم السلام  )
20 - فص حكمة جلالية في كلمة يحياوية
إنما خصت الكلمة اليحيوية بالحكمة الجلالية ، لأن الغالب على حاله أحكام الجلال من القبض والخشية والحزن والبكاء والجد والجهد في العمل ، والهيبة والرقة والخشوع في القلب ، فمشربه من حضرة ذي الجلال فكان دائما تحت القهر ، وقد خدت الدموع في خده أخاديد من كثرة البكاء ، وكان لا يضحك إلا ما شاء الله ، وكل ذلك من مقتضيات حضرة الجلال والقيام بحقها ، ولذلك قتل في سبيل الله ، وقتل في دمه سبعون ألفا حتى سكن دمه من فورانه .
( هذه حكمة الأولية في الأسماء ، فإن الله سماه يحيى أي يحيى به ذكر زكريا ) الأولية :
صفة لشيء يكون بها أولا ، والأولية في الأسماء أن يكون أول اسم سمى به لقوله -   ( لَمْ نَجْعَلْ لَه من قَبْلُ سَمِيًّا )   -
وقد جمع الله فيه بين العلمية والوصفية على خلاف العادة ، لأنه لما طلب زكريا من ربه وارثا يرث النبوة والعلم منه ويحيى به ذكره أجاب دعاءه بخرق العادة إذ وهبه بين شيخ وعجوز خاص ، وسماه يحيى جمعا بين الوضع والمفهوم وهو أن يحيى به ذكره من باب الإشارة ولسانها تتمة في تسميته لخرق العادة بوجوده لأحد قبله بين التسمية والإشارة إلى الوصف ، عناية من الله بزكريا اختصاصا إلهيا وتشريفا ، كما ذكر في قوله ( فجمع بين حصول الصفة التي فيمن غبر ) أي مضى.

قال رضي الله عنه :  ( ممن ترك ولدا يحيى ذكره وبين اسمه بذلك فسماه يحيى فكان اسمه يحيى كالعلم الذوقي ، فإن آدم عليه السلام حيى ذكره بشيث ، ونوحا حيى ذكره بسام ، وكذلك الأنبياء عليهم السلام )
أي صادرا من عنده ومن أمره في قوله : " نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُه يَحْيى " .


مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( هذه حكمة الأولية في الأسماء، فإن الله سماه يحيى أي يحيا به ذكر زكريا.
و«لم نجعل له من قبل سميا» فجمع بين حصول الصفة التي فيمن غبر ممن ترك ولدا يحيا به ذكره وبين اسمه بذلك.
فسماه يحيى فكان اسمه يحيى كالعلم الذوقي، فإن آدم حيي ذكره بشيث ونوحا حيي ذكره بسام، وكذلك الأنبياء. عليهم السلام ) 
20 - فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية
قد مر أن ما يختص بالقهر من الصفات الإلهية والأسماء الربانية يسمى ب‍ ( الجلال ) ، وكل ما يختص باللطف والرحمة يسمى ب‍ ( الجمال ) .
والأول يعطى القبض والخشية والتقى والورع ، والثاني يعطى البسط والرجاء والأنس واللطف والرحمة .
فلما كان يحيى ، عليه السلام ، لا يزال منقبضا خاشعا من الله ، جاعلا الحزن والبكاء عادة بحيث صار أخاديد من دموعه في وجهه .
وقد أخبر عنه رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، أنه قال يحيى لعيسى ، عليه السلام ، معاتبا له حين ضحك : ( كأنك قد آمنت مكر الله وعذابه ) .
فأجابه عيسى عليه السلام : ( كأنك قد آيست من فضل الله ورحمته ) .
فأوحى الله إليهما : ( أن أحبكما إلى أحسنكما ظنا بي ) .
وكان عاقبة أمره أنه قتل ، فلا يزال فار دمه حتى قتل من الكفار سبعون ألفا ، قصاصا منه ، فسكن فورانه ، خصت الحكمة ( الجلالية ) بكلمته . " فلا يزال دمه فائرا حتى قتل من الكفار سبعون ألفا ".

"" أضاف الجامع :
" قيل: (كان يحيى عليه السلام الغالب عليه الحزن والقبض، وكان عيسى عليه السلام الغالب عليه الفرح والسرور والبسط فتحاكما في هذه الواقعة إلى حضرة رب العزة، فأوحى الله تعالى إليهما إن أقربكما إلي أحسنكما ظنا بي). " السفيري الشافعي المجالس الوعظية في شرح صحيح الإمام البخاري
" (وقيل: إن يحيى بن زكريا لقي عيسى عليه السلام. فقال يحيى: ما لي أراك لاهيا كأنك آمن؟ فقال له عيسى: ما لي أراك عابسا كأنك آيس؟ فقال: لا نبرح حتى ينزل علينا الوحي فأوحى الله إليهما أن أحبكما إلي أحسنكما ظنا بي، ويروى أن أحبكما إلي الطلق البسام.)  تنقيح القول الحثيث في شرح لباب الحديث للسيوطي . شرح محمد بن عمر النووي ".  ""

وأيضا ( الجلال ) يفنى الموجودات ليرجع إلى الأولية - كما قال : ( لمن الملك اليوم ؟ لله الواحد القهار ) . وهما من أسماء الجلال - وكان ليحيى أولية في الأسماء ، فاختص حكمته بها .

ولهذا السر افتتح الفص بقوله رضي الله عنه  : ( هذه حكمة الأولية في الأسماء ، فإن الله سماه " يحيى " أي ، يحيى به ذكر زكريا ، ولم يجعل له من قبل سميا . )
( الأول ) في الأكوان هو الذي لم يسبق عليه شئ من جنسه . فلما لم يكن ليحيى ، عليه السلام ، سميا قبله ، كان أول من سمى بهذا الاسم .
وما سمى الله ( يحيى ) بيحيى إلا ليحيى به ذكر أبيه ، وزكريا ، فإنه طلب من الله بقوله : ( فهب لي من لدنك وليا يرثني ويرث من آل يعقوب ، واجعله رب رضيا ) .
( فجمع بين حصول الصفة التي فيمن غبر ممن ترك ولدا يحيى به ذكره ، وبين اسمه بذلك . فسماه " يحيى " . ) . " غبر :أي مضى " .
ومعناه : أنه جمع بين الاسم والصفة التي بها يحيى ذكر من ترك ولدا من الغابرين ، إذ حيى به ذكر زكريا وسمى عينه بيحيى . ( فكان اسمه يحيى ) من ( الإحياء ) .
( كالعلم الذوقي . ) أي ، كما أن العلم الذوقي يحيى به النفوس الجاهلة .

قال رضي الله عنه :  ( فإن آدم حيى ذكره بشيث ، ونوحا حيى ذكره بسام ، وكذلك الأنبياء ، عليهم السلام .)
أي ، كل من الأنبياء حيى ذكرهم بأبنائهم ، لكن ما رزقهم الله تعالى من يحيى ذكرهم ويكون صفة الإحياء في اسمه وعلمه كما في يحيى .
فموهبة الحق له من يجمع بينهما ، عناية من الله في حقه .

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ
:
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( هذه حكمة الأولية في الأسماء، فإن الله سماه يحيى أي يحيا به ذكر زكريا.
و«لم نجعل له من قبل سميا» فجمع بين حصول الصفة التي فيمن غبر ممن ترك ولدا يحيا به ذكره وبين اسمه بذلك.
فسماه يحيى فكان اسمه يحيى كالعلم الذوقي، فإن آدم حيي ذكره بشيث ونوحا حيي ذكره بسام، وكذلك الأنبياء. عليهم السلام )
الفص اليحيوي
20 - فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية
أي : ما يتزين به ، ويكمل العلم اليقيني المتعلق بأول أسماء اللّه تعالى ، المتضمن للدلالة على جلال الذات ، المندرج فيه سائر الأسماء والصفات ظهر بزينته وكماله في الحقيقة الجامعة المنسوبة إلى يحيى عليه السّلام ، إذ أعطى أسماء لم يسم به من قبله كاسم اللّه الذي هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا[ مريم : 65 ] ، ويتضمن ما فيه من الصفة تضمن اسم اللّه لسائر الأسماء التي معانيها .

قال رضي الله عنه :  (هذه حكمة الأوّليّة في الأسماء ، فإنّ اللّه سمّاه يحيى أي : يحيا به ذكر زكريّا ، ولم يجعل له من قبل سميّا ، فجمع بين حصول الصّفة الّتي فيمن غبر ممّن ترك ولدا يحيى به ذكره ، وبين اسمه بذلك فسمّاه يحيى فكان اسمه يحيى كالعلم الذّوقيّ ، فإنّ آدم حيّي ذكره بشيث ، ونوحا حيّي ذكره بسام ، وكذلك الأنبياء)

وإليه الإشارة بقوله  : ( هذه حكمة الأوّليّة في الأسماء ) أي : الحكمة الجلالية
"" أضاف المحقق :
التجلي الصفاتي : يعنون به تجريد القوى والصفات عن نسبتها إلى الخلق بإضافتها إلى الحق ، وذلك لأن العبد عندما يتحقق بالفقر الحقيقي الذي ستعرفه ،
وهو عبارة عن انتفاء الملك شهودا ؛ فإن قلبه حينئذ يصير قبلة للتجلي الصفاتي ، بحيث يصير هذا القلب التقي النقي مرآة ومجلي للتجلي الوحداني الصفاتي الشامل حكمه لجميع القوى والمدارك ( لطائف الإعلام ص 173 ) . ""

حكمة الأولية التي ليست لغير اللّه تعالى إذ له القدم الذاتي ، وله بذلك الاعتبار اسم مختص به شامل على سائر الأسماء شمول الأولية على معلولاتها ظهور هذه الأولية في اسم يحيى ، وجعله متضمنا للمعنى الذي يحيى عليه السّلام علته ،
( فإن اللّه سماه يحيى ) حيث قال لزكريا عليه السّلام :إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيى[ مريم : 7 ] ، وإنما تولى الحق تسميته لمناسبته اسم اللّه تعالى من حيث شموله على ما فيه من الصفة ، ومن حيث تضمنه معنى الأولية

أي : ( يحيى به ذكر زكريا ) ، فهذا ما فيه من الصفة المعلولة له " لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا "[ مريم : 7 ] ، فهذا ما فيه من الأولية والحق ، وإن ظهر فيمن يقدمه بأول الصفات أو بأول الأسماء ، فلم يجمع لأحد قبله بينهما ، فلم يعم في حقّه أولية الأسماء من حيث تضمنها لما دونها من معلولاتها .

( فجمع ) في حقه ( بين حصول الصفة التي فيمن عبر ) ، وهي صفة الإحياء لذكر الآباء ( ممن ترك ولدا ) كاملا ( يحيي به ذكره ) ؛ ليكون كدلالة الصفة على الذات ،
( وبيّن اسمه بذلك ) للتنصيص على أن المقصود من اتحاده إحياء ذكر أبيه ، ( فسماه يحيى ) أسماء تدل على المقصود من مسماه ، ( فكان اسمه يحيى كالعلم الذوقي ) يقتضيه الذوق ، ولا يحتاج فيه إلى الوضع والتسمية ، ففي ذلك مزيد عناية وتنصيص لا يوجد في حق من لم يجمع له بين الاسم والصفة ،
( فإن آدم حيي ذكره بشيث ونوح عليه السّلام حيي ذكره بسام ، وكذلك الأنبياء ) عليهم السلام حيا ذكرهم بأولادهم المعنويين والحسيين إذا انضم فيهم إلى الحسي المعنوي ،

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( هذه حكمة الأولية في الأسماء، فإن الله سماه يحيى أي يحيا به ذكر زكريا.
و«لم نجعل له من قبل سميا» فجمع بين حصول الصفة التي فيمن غبر ممن ترك ولدا يحيا به ذكره وبين اسمه بذلك.
فسماه يحيى فكان اسمه يحيى كالعلم الذوقي، فإن آدم حيي ذكره بشيث ونوحا حيي ذكره بسام، وكذلك الأنبياء. عليهم السلام  ) 
20 - فصّ حكمة جلالية في كلمة يحيوية
وجه تسمية الفصّ
ووجه اختصاص هذه الكلمة بحكمتها هو أنّ من شأن الجلال القهر لما يقال له الغير والسوي ، ونفي ما يشعر بالثنويّة مطلقا ، واثبات الوحدة الإطلاقيّة قطعا على ما هو مقتضى التعيّنات الجلائيّة ، ولذلك يستلزم الأوليّة والخفاء وإذ كان في يحيى أيضا هذه الوحدة حتى لا تغاير بين اسمه وصفته وصورته ومعناه وبه صار مظهرا للأوليّة بأن لم يكن سميّا قبله اختص بحكمته .

وأيضا فإنّ في تلويحه الكلامي ما يدلّ على أنّه تمام الصور الإظهاريّة الإشعاريّة التي بها بعث الخاتم الآخر ، فذلك أيضا من أدلَّة أوليّته وجلاله .
وإلى ذلك الاختصاص أشار بقوله :

وجه تسمية يحيى عليه السّلام
( هذه الحكمة ) الجلاليّة هي ( الأولية في الأسماء فإنّ الله سمّاه يحيى ) مطابقا لما عليه في المعنى ، متّحدا به وإليه أشار بقوله : ( أي يحيى به ذكر زكريّا ، ولم يجعل له من قبل سميّا ) ، فبين اسمه العلم ووصفه وفعله اتّحاد في لفظ « يحيى » فإنّه فعله أولا - إذ هو صيغة الفعل - وهو وصفه واسمه والشيخ أدرج الفعل في الصفة
ولذلك قال : ( فجمع بين حصول الصفة - التي فيمن غبر ممن ترك ولدا يحيى به ذكره - وبين اسمه ، بذلك ) اللفظ الدالّ على حصول الإحياء بذكره ، ( فسمّاه يحيى ) ، ففي لفظ « الحصول » تنبيه إلى مرتبة الفعل أيضا .

فرق العلوم الاستدلاليّة والذوقيّة
ثمّ إن العلوم أيضا لها ثلاث مراتب :
1 - ذات وهو المعلوم الحاصل في العالم ،
2 - ووصف يثبته وهو الدليل ، فإنّ الأوصاف هي الدليل المثبت للأعيان .
3 - وفعل : وهو ما يترتب عليه من الالتذاذ به ، وهو لم يفارق حصول الصفة التي هو الدليل ، فلذلك عبّره به .
ثمّ العلوم الاستدلاليّة تفارق أوصافها الذوات منها فإنّ الدليل منها علوم أخر غير المدلول مادّة وصورة .
وأمّا العلوم الذوقيّة فمنطوية على دليله ، وهو متّحد بالمعلوم منها ، مندرج فيه .
ولذلك ترى العالم يلتذّ به أكثر مما يلتذّ البرهانيّات ، ومن ثمّة تختصّ باسم « الذوقيات » ( فكان اسمه يحيى ) من حيث اشتماله على وصفه ومعناه ( كالعلم الذوقي ) المندرج فيه وصفه ومعناه ، يعني دليله .

 إحياء ذكر زكريّا بيحيي عليه السّلام
وإنما قال رضي الله عنه : « يحيى به ذكر زكريّا » ( فإنّ آدم حيّي ذكره بشيث ، ونوحا حيّي ذكره بسام - وكذلك الأنبياء -)
أي من يحيى ويحتمل أن يرجع إلى « الله » أي الحاصل منه ، والأوّل أظهر ، وبين الصفة إلا لزكريّا ، عناية منه حيث جعل اسمه وعلمه ما يظهر به أوصافه ومعناه .
ثمّ إن هذه العناية وإن كان في حقّ يحيى بحسب الظاهر ، ولكن لما كان مسؤول زكريّا ، وقد أجيب وأعطي له من خزانة الوهب مراده على أتمّ وجه وأكمل ظهور - كان في حق زكريّا أيضا نعمة وعناية .

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :قال الشيخ رضي الله عنه :  ( هذه حكمة الأولية في الأسماء، فإن الله سماه يحيى أي يحيا به ذكر زكريا.
و«لم نجعل له من قبل سميا» فجمع بين حصول الصفة التي فيمن غبر ممن ترك ولدا يحيا به ذكره وبين اسمه بذلك.
فسماه يحيى فكان اسمه يحيى كالعلم الذوقي، فإن آدم حيي ذكره بشيث ونوحا حيي ذكره بسام، وكذلك الأنبياء. عليهم السلام )الفص اليحيوي
20 - فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية
قال الشيخ رضي الله عنه :  (هذه حكمة الأوّليّة في الأسماء ، فإنّ اللّه سمّاه يحيى أي يحيا به ذكر زكريّا ولم يجعل له من قبل سميّا .
فجمع بين حصول الصّفة الّتي فيمن غبر ممّن ترك ولدا يحيى به ذكره ، وبين اسمه).

فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية
اعلم أن الصفات تنقسم بنحو من القسمة إلى قسمين صفات ذاتية وصفات جلالية ، والصفات الذاتية كالحياة والعلم وغيرهما الصفات الحالية كالغضب والرضا والقبض والبسط ونحو ذلك ، وهذه الصفة الحالية في اصطلاح أهل طريق اللّه يرجع إلى ثلاثة أصول:
أحدها ، مقام الجلال ،
والآخر مقام الجمال ،
والآخر مقام الكمال ،
فلمقام الجلال الهيبة والقبض والخشية والورع والتقى ونحو ذلك ،
ولمقام الجمال الرجاء والبسط واللطف والرحمة والنعيم والإحسان ونحو ذلك ،
ولمقام الكمال الحيطة والجمال والجلال وتوابعهما من الأحوال والجمع بين ذلك تفاوضا ،

فقال يحيى لعيسى كالمعاتب له لبسطه كأنك قد أمنت مكر اللّه وعذابه .
وقال له عيسى عليه السلام : كأنك آيست من فضل اللّه ورحمته فأوحى إليهما أن أحبكما إلي أحسنكما ظنا بي ،
ولما كان من شأن الجلال القهر لما يقال له الغير والسوى ونفي ما يشعر بالثبوتية ، وذلك يستلزم الأولية وعدم المسبوقية بالغير ، وسرى المعنى في يحيى الذي هو مظهر صفة الجلال بعدم مسبوقيته بالغير في هذا الاسم .

أشار رضي اللّه عنه إلى ذلك المعنى بقوله : ( هذه ) ، أي الحكمة الجلالية ( حكمة الأولية في الأسماء ) ، يعني هذه الحكمة الجلالية التي تقتضي في الجناب الإلهي عدم المسبوقية بالغير في الوجود هي بعينها الحكمة التي تقتضي في يحيى الذي هو مظهر صفات الجلال الأولية وعدم مسبوقيته بالغير فيه ( فإن اللّه سماه يحيى أي يحيى به ذكر زكريا ولم يجعل له من قبل سميا ) فلم يكن في هذا الاسم مسبوقا بالغير ( فجمع ) اللّه ( بين ) الدلالة على ( حصول الصفة التي ) هي كائنة ( فيمن غبر ) ، أي مضى ( ممن ترك ) بيان لمن غبر أي فيمن مضى وترك ( ولدا يحيى به ذكره وبين اسمه ) ، أي الولد والمراد بجمعها أن في انفهام حصول صفة حياة الذكر في ذكرنا لا يحتاج إلى غير اسم يحيى ، فإنه باعتبار وضعه المعنى المنقول عنه يدل على حصول هذه الصفة لزكريا ، وباعتبار وضعه للمعنى المنقول إليه على ولده وحصول هذه الجمعية إنما هو

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( بذلك فسمّاه يحيى فكان اسمه يحيى كالعلم الذّوقيّ . فإنّ آدم حيّي ذكره بشيث ، ونوحا حيّي ذكره بسام ، وكذلك الأنبياء ).

 ( بذلك ) المذكور من التسمية فالباء في بذلك متعلق بجمع .
وذلك إشارة إلى التسمية المفهومة من سماه بيحيى ( فسماه يحيى فكان اسمه يحيى ) من حيث انفهام حصول صفة حياة الذكر في زكريا منه من غير حاجة إلى أمر آخر ( كالعلم الذوقي ) فكما أن انفهام حصول هذه الصفة لا يحتاج إلى أمر غير اسم يحيى كذلك العلم الذوقي لا يحتاج سوى المعلوم المذوق ، بخلاف العلوم الاستدلالية المحتاجة في حصولها إلى الدلائل والبراهين ، وما فعل سبحانه ذلك إلا بزكريا عليه السلام ( فإن آدم حيي ذكره بشيث عليهما السلام ونوحا حيي ذكره بسام وكذلك الأنبياء ) الباقون .
.
واتساب

No comments:

Post a Comment